أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فاخر السلطان - مناخ التعددية عبر التاريخ














المزيد.....

مناخ التعددية عبر التاريخ


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 1647 - 2006 / 8 / 19 - 12:12
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


المرور عبر التاريخ من شأنه أن ينزع الشك من قلوب البعض الذين ما لبثوا أن شككوا في الكثير من المفاهيم والموضوعات، واشترطوا عودتها للتاريخ من أجل قبولها. فمن شأن هذا المرور أن يكون ضمانة لتأكيد فطرية المفهوم وأصالته الإنسانية عبر التاريخ، كما انه يثري الموضوع بتلك التجارب الناصعة والجبارة.
لذلك تعتبر التعددية ظاهرة قديمة قِدم التاريخ. وكما قلنا في وقت سابق، هي ظاهرة أزلية يعود تاريخها إلى ميلاد الكائن البشري على وجه الأرض.
فظاهرة العنف التي جاءت في قصة ولدي آدم (قابيل وهابيل) تعبّر أصدق تعبير عن ظاهرة إلغاء الآخر رغم أن الذي مارس اللاعنف قد خسر في النهاية. ولكننا نتساءل هل خسر بحق؟
فمجرد إخفاء هابيل لآثار الجريمة بعد قتله قابيل، أصيب بنوبة من تكبيت الضمير والندم على ما فعل. فالندم هو أول الطرق إلى التوبة، والتوبة هي استيقاظ للضمير، واستيقاظ الضمير هو إحياء أفكار الذي مات.
ففي الوقت الذي مات الأول، كان ذلك هو السبب في إحياء ضمير الثاني وتبنيه لأفكار الذي مات (أفكار اللاعنف واحترام الآخر المختلف). فالأول دفن بالثرى وعاد الجسد إلى مصدره الترابي، ولكن الفكر الذي حمله انخلع من الزمان والمكان والجسد الترابي ليدخل إلى عالم المطلق والخلود.
فللرأي الآخر كامل الحرية في التعبير عن آرائه وأفكاره وتصوراته العقيدية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها دون ممارسة أي عنف أو إلغاء تجاهه. فليس لأحد كائنا من كان أن يفرض رأيه على الآخر.
ويقول لنا التاريخ أن الخليفة الرابع علي بن أبي طالب أعطى مخالفيه أثناء خلافته ثلاثة حقوق: 1- حق الكلام. 2- حق الفيء. 3- حق التردد. أي بيّن لهم أولا حق إبداء الرأي من غير المواجهة بالقوة واستخدام العنف، ثم ثانيا حق الفيء وما لهم على الدولة من رواتب وغنائم وصدقات، وأخيرا حق التردد على المساجد والتي كانت حينئذ مراكز للحكم.
كما يؤكد التاريخ أن الخليفة الرابع لم يرفع السلاح بوجه معارضيه ومخالفيه، ولم يقاتلهم إلا حين تجاوزوا حرية الكلمة والرأي إلى فرض الكلمة والرأي بقوة السلاح والعنف. فالخوارج خالفوه ثم كفروه، فلم يفعل لهم شيئا، وعندما انتقلوا إل الخطوة التالية وهي رفع السلاح واستباحة الدماء قاتلهم.
فـ"الجهاد" استخدمه علي بن أبي طالب لرفع الظلم من أجل إقامة العدل، العدل المتمثل حينئذ بحرية العقيدة والسماح للطرف الديني الآخر المختلف بالبقاء، بل بالمحافظة عليه وحمايته، من أجل التعبير عن رأيه حتى وإن كان معارضا في العقيدة أو في السياسة.
وفي أوروبا القرن الثامن عشر برز مفهوم التعددية بشكل لافت أمام مفهوم "الحق المطلق" الذي تبنته ودافعت عنه المؤسسة الدينية (الكنسية). وكانت الغلبة في النهاية لمفهوم التعددية الذي هزم الأصولية الدينية الكاثوليكية المتحجرة التي أعطت الملوك الحق الإلهي الذي لا يناقش ولا يمس، وبالتالي كانت الشرعية اللاهوتية للملوك مطلقة. وعندما كان يعترض عليها أحد فإنه كان يعتبر زنديقا أو منحرفا وخائنا للإيمان والسلطان، وبالتالي فمصيره الإعدام أو النفي في أحسن الأحوال.
على سبيل المثال، كان زعيم المذهب الكاثوليكي في فرنسا "بوتسويه" هو منظر الأرثوذوكسية الإطلاقية أو المعصومية الكاملة، حيث كان يرى أن الأرثوذوكسية الدينية والأرثوذوكسية السياسية متداخلتين مع بعضهما البعض بشكل وثيق لا ينفصم. ففي رأيه أن هناك حقيقة واحدة مطلقة هي حقيقة النظام الملكي الفرنسي الذي يمثل الله على الأرض.
فملك فرنسا ليس مسؤولا أمام أي شخص كان، وإنما فقط أمام الله، وكان دائما يردّد: الدولة هي أنا، فرنسا هي أنا، أنا ظل الله على الأرض.
أما في انجلترا من نفس القرن فإنه لم يكن فيها مذهب ديني واحد يفرض حقيقته بشكل مطلق على الجميع، وإنما كانت توجد ثلاثة مذاهب أساسية وهي: المذهب الكاثوليكي الذي ظل مخلصا لروما والذي كان كالفرنسيين يؤمن بمعصومية البابا وبالحق الإلهي للملوك. والمذهب الثاني والأهم هو المذهب الأنغليكاني الذي جسد الكنيسة القومية الانكليزية ودعا إلى التفاف الأمة حول الكنيسة والملك، وهو يمثل تسوية وسطى بين الكاثوليكية والبروتستانتية وإن كان أقرب إلى البروتستانتية. وأما المذهب الثالث والأخير فهو الكالفيني البروتستانتي بشكل كامل. وهو يمثل نوعا من الديموقراطية الدينية.
وتعود خصوصية الوضع الإنكليزي إلى أن أيا من هذه المذاهب الثلاثة لم يستطع أن يهيمن كليا ويحذف المذهبين الآخرين رغم انتصار الكنسية الإنغليكانية في نهاية المطاف، ولكن بقى هناك كاثوليك في انكلترا. وأما في ما يخص الكالفينيين المعتبرين زنادقة من قِبل روما فقد ظلوا عديدين وأقوياء في الحياة القومية الإنكليزية.
إذن المناخ الديني السياسي في انكلترا كان مطبوعا بالتعددية على عكس فرنسا، وهذه التعددية العقائدية أو الدينية هي التي منعت انتصار روح الأرثوذوكسية المتعصبة.
يقول الفيلسوف الفرنسي فولتير في إحدى رسائله الفلسفية: "لو لم يكن في انكلترا إلا دين واحد لخشينا عليها من الاستبداد. ولو لم يكن فيها إلا اثنان لمزقا بعضهما البعض إربا. ولكن فيها ثلاثين دينا وهي تعيش في بحبوحة وسعادة وسلام".



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى يتوقف نبض الحياة المتحرك
- كعادتهم خلطوا الحابل السياسي بالنابل الديني
- مكاسب وخسائر طهران
- الإكراه الديني يعادي الإيمان
- استبداد المدرسة الفقهية
- اخوان الكويت.. ومعركة رئاسة البرلمان
- خسارة السيد المعمم
- جدل الانتحار في غوانتانامو
- إهداء إلى المحزونين على الذباح
- نضال الكويتية
- الفهم الديني.. ومسوغات التكفير والإلغاء
- الإنسان.. محور غائب في الفهم الديني
- لماذا ترفض واشنطن رسالة نجاد؟
- اختلاف الفهم الديني.. وتهم البدعة والزندقة
- الفهم الديني غير المقدس.. ضرورة اجتماعية
- تصريحات مبارك.. في أي اتجاه تصب؟
- في حوار واشنطن مع الإسلاميين
- أفغانستان تتغير
- بين تعريف الحقيقة الدينية والتحقيق فيها
- هل الحقيقة الدينية واضحة؟


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فاخر السلطان - مناخ التعددية عبر التاريخ