|
المقاومة اللبنانية وتفكيك الشخصية الصهيونية
أحمد الخميسي
الحوار المتمدن-العدد: 1641 - 2006 / 8 / 13 - 10:18
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
بداية أقول إنني لا أثق ، ولم أثق يوما واحدا ، فيما يسمى قوى الديمقراطية والسلام في إسرائيل . فقد ساهمت تلك القوى كلها ومازالت تساهم في الاحتلال والتوسع ، وهي كغيرها تتحمل مسئولية عمليات الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني منذ نصف القرن ، ومسئولية كل عدوان تم . وكن شعوري الثابت أنه من المستحيل لشخص أن يحتل أرضا ، ثم يجلس على كرسي فوقها ، ويبدأ بالسفسطة حول مشروعه الديمقراطي واعتراضه على تفاصيل هنا وأخرى هناك ، بينما هو طرف في الجريمة ، يبارك استمرارها كل يوم ، ويغذي أسس وجودها . ومع ذلك ، لم أكن يوما ضد أي مسعى جزئي تبذله تلك القوى لتغيير بعض تفاصيل في صورة الشخصية الصهيونية العدوانية . وقد لاحظ الكثيرون مع استمرار المقاومة اللبنانية البطلة في عملياتها وصمودها تزايد عدد المظاهرات الإسرائيلية التي تحتج على الحرب الدائرة . فقد قام الإسرائيليون بمظاهرة في 17 يوليو ، شارك فيها أكثر من ألف شخص ، وفي 27 يوليو خرج نحو خمسة آلاف متظاهر إسرائيلي إلي شوارع تل أبيب ، وفي 28 تجمعت مظاهرة كبرى أمام مقر السفارة الأمريكية في تل أبيب ، وفي اليوم التالي سار نحو ألفي وخمسمائة شخص في مظاهرة احتجاجا على الحرب ، وفي 5 أغسطس تجمعت مظاهرة أخرى كبرى احتجاجا على الحرب . وقد ردد المتظاهرون خلال ذلك شعارات واحدة تقريبا بدءا من : " كفى لهوس الحرب ، فليس ثمة حل عسكري " ، وانتهاء بشعار : " سنتنصر المقاومة ولن ينتصر جورج بوش وأولمرت " . الأطراف المشاركة في تلك الأشكال الاحتجاجية هي حركة " كتلة السلام " ، و" الجبهة الديمقراطية للسلام " ، و " حركة تعايش " ، و حركة " يوجد حد " ، و" فوضويون ضد الجدار العازل " ، و " الحزب الديمقراطي العربي " في إسرائيل . وشهدت وسائل الإعلام الإسرائيلية حالة مشابهة ، فقد أخذت غالبية الصحف الإسرائيلية تنشر المقالات المعارضة للحرب على لبنان ، ونشرت صحيفة " هارتس " افتتاحيتين تعارض فيهما الحرب ، وتعتبرها " مغامرة غير محسوبة " ! أما الصحفي والنجم التلفزيوني الإسرائيلي الشهير أمنون ليفي فقد كتب في صحيفة " يديعوت أحرونوت " يقول : " لماذا لم توافق حكومتنا على البحث في اقتراح رئيس الحكومة اللبنانية ؟ وقبل ذلك في قتراح رئيس الحكومة الفلسطينية ؟ ، خاصة أن الجواب الوحيد الواضح لدي حكومتنا هو أن الحرب ستنتهي بوقف إطلاق النار ، فمتى يحين وقت إطلاق النار من جديد ؟ " السؤال الآن هو : لماذا لم نشهد مراجعة الإسرائيليين لأنفسهم في الأسابيع الثلاثة التي مرت قبل حرب لبنان ، حينما كانت إسرائيل تقصف غزة بشكل وحشي ومستمر دون رحمة ليل نهار ؟! . ما هو الفارق بين الحالتين ؟ وما الذي يجعل الإنسان يشهد الجريمة مرة ويلزم الصمت ، ثم يتحرك عندما تقع الجريمة ذاتها للمرة الثانية في مكان آخر ؟ . الفارق الوحيد هو وضع المقاومة اللبنانية الأفضل والأكثر كفاءة فقط لا غير . هذا لأن الضمير ويا للغرابة لا يصحو إلا مع قوة ومقاومة الطرف الآخر . الضمير – ما لم يكن قد تمت تربيته جيدا – ميال إلي الكسل ، وإلي تجاهل الأصوات الخافتة والأنين ، والشكوى والتوسل . والضمير هنا لا يبحث عن العدالة ، إنه يبحث عن قوة العدالة لكي يصحو . إن استمرار المقاومة في توجيه ضرباتها بهذه القوة والتوفيق إلي إسرائيل ، وضعت المجتمع الإسرائيلي في دائرة الخطر ومن ثم أجبرته على مراجعة نفسه ، وعلى تخيل أوضاع الطرف الآخر ، والمقاومة اللبنانية بصمودها وبطولتها تساعد على تفكيك الشخصية الصهيونية العدوانية ، ونزع الأوهام عنها لدي أصحابها . ودفعهم لكي يستيقظوا من أحلام الغزو السهل والاحتلال المجاني . لقد أنزلت المقاومة اللبنانية الشخصية الإسرائيلية إلي ارض الواقع ، هناك حيث يمكن مراجعة النفس . كانت للكاتب العظيم هانز كريستيان أندرسن حكاية جميلة عن أميرة اشترطت على عشاقها أن يأتي كل منهم إليها حاملا هدية عجيبة ليفوز صاحب الهدية الأفضل بالزواج منها . وبعد أن عرض عليها الكثيرون هداياهم العجيبة من عصفور متكلم، إلي مرآة سحرية ، تقدم الأخير منهم نحو الأميرة ضاحكا وانتزعها من مقعدها وحملها بالقوة على ذراعيه وانصرف . أراد الكاتب العظيم أن يقول إن القوة هي أعظم المعجزات ، وهو ما فعلته وتفعله المقاومة اللبنانية على مرأى من العالم .
#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لن نغفر ولن ننسى
-
المقاومة اللبنانية وفلاسفة الهزيمة
-
الليل طويل والطيارات مش نايمة
-
لم يبق في غزة سوى الهواء
-
نبيل الهلالي . سحابة العدل
-
انطفاء أحمد عبد الله .. قمر على جيل السبعينات
-
جينا لندن ترصد أدق الرغبات
-
ساندوا الشاعرة الفلسطينية سارة رشاد
-
سولجينتسين يواجه الحصار الأمريكي
-
شلنات وبرايز
-
لا للتمييز ضد البهائيين المصريين .. نعم لحرية الاعتقاد
-
البهائية والنزعة السحرية
-
ما الذي يريده الشعب المصري ؟
-
تبني مطالب الأقباط .. هو الطريق للخروج من الأزمة
-
الآداب السلطانية . نص متجدد
-
أطوار بهجت .. من الشعر إلي الحرب
-
حكاية هند والفيشاوي
-
الأزمة الدانمركية بين الدين والسياسة
-
ميشيل باشليه واليسار الجديد
-
رحيل فؤاد قاعود .. موال الرفض والحرية
المزيد.....
-
انتشر بسرعة عبر نظام التهوية.. لحظة إنقاذ كلاب من منتجع للحي
...
-
بيان للجيش الإسرائيلي عن تقارير تنفيذه إعدامات ميدانية واكتش
...
-
المغرب.. شخص يهدد بحرق جسده بعد تسلقه عمودا كهربائيا
-
أبو عبيدة: إسرائيل تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل
...
-
16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة
...
-
الأسد يصدر قانونا بشأن وزارة الإعلام السورية
-
هل ترسم الصواريخ الإيرانية ومسيرات الرد الإسرائيلي قواعد اشت
...
-
استقالة حاليفا.. كرة ثلج تتدحرج في الجيش الإسرائيلي
-
تساؤلات بشأن عمل جهاز الخدمة السرية.. ماذا سيحدث لو تم سجن ت
...
-
بعد تقارير عن نقله.. قطر تعلن موقفها من بقاء مكتب حماس في ال
...
المزيد.....
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
-
عالم داعش خفايا واسرار
/ ياسر جاسم قاسم
المزيد.....
|