أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبيدو - السينما في الجزائر - 7















المزيد.....


السينما في الجزائر - 7


محمد عبيدو

الحوار المتمدن-العدد: 1641 - 2006 / 8 / 13 - 10:18
المحور: الادب والفن
    


ووضع المخرج الجزائري المقيم بفرنسا محمود زموري إصبعه على جرح مزمن يؤرق السلطات في الجزائر كما في فرنسا، من خلال فيلم جديد بعنوان «زبدةومرغرين» يروي فصولا من معاناة الجالية الجزائرية المغتربة وصعوبة اندماجها في المجتمع الفرنسي. وركز على تعايش الثقافتين المشرقية والغربية .
وسلط الضوء خاصة على الجيل الثالث من المغتربين الذي يعاني الأمرين فهو غير قادر على الحفاظ على أصالته بفعل المحيط وفي نفس الوقت لم يتمكن من التحول إلى جزء من المجتمع الفرنسي الذي شب وترعرع فيه.. جيل في حيرة من أمره يبدو تائها وغارقا ومختلا.
الفيلم وبالرغم من نبشه في الذاكرة وفي الماضي الأليم في معظم الأحيان، يدور في إطار كوميدي بسيط. وتتمحور القصة حول شاب من أصل جزائري ولد بفرنسا متشبث بجذوره يعيش في وسط عائلي متمسك جدا بالتقاليد الجزائرية هذا الشاب كان أول المناصرين الذين اجتاحوا ميدان «ستاد دو فرانس» عقب هزيمة المنتخب الجزائري أمام نظيره الفرنسي في مباراة ودية قبل مدة.
هذه المباراة التي أصبحت شهيرة ليس بأداء اللاعبين ولا بنتيجتها ولكن باجتياح مئات من الشباب من أصل جزائري ولدوا بفرنسا ومعظمهم لا يعرف بلده الأصلي إلا من خلال التلفزيون، تابعها ملايين من الجزائريين المغتربين والفرنسيين على السواء، لكنها لم تكتمل لأن الحكم قرر إيقافها بعد دخول هؤلاء الشباب إلى أرضية الميدان على إثر تسجيل الفرنسيين الهدف الرابع في الشباك الجزائري.
لقد كانت تلك الهزيمة قاسية على الشاب البطل المحوري للفيلم واعتبرها إهانة وعارا لطخ سمعة الجزائريين، وهذا الذي دفعه إلى اقتحام الميدان ومنع مواصلة اللقاء. وانطلاقا من هذا الحدث الواقعي الذي سيبقى راسخا في الأذهان لمدة طويلة نسج محمود زموري قصته ليعبر عن التمزق الذي يعيشه الشباب الجزائري المقسمين بين مسقط رأسهم فرنسا والجزائر وطنهم الأصلي الممجد.
وحاول المخرج أن يقرأ حدث اقتحام الشباب من أصل جزائري الملعب بعين أخرى غير ما نشر في الصحف وما تداولته باقي وسائل الإعلام.. ويعطي صورة أخرى عن حدث أساء الناس فهمه. ويرى أن هذا الوضع غير الطبيعي هو الذي يبرر اجتياحهم «ستاد دو فرانس». ولم يكن بوسعهم فعل شيء آخر بعدما تلقى الفريق الجزائري أربعة أهداف أمام فريق يفوقه من جميع الجوانب.
ولم يسلم بعد ذلك من الشتائم أي لاعب فرنسي بمن فيهم زين الدين زيدان جزائري الأصل مثلهم. وفي خضم الحملة الإعلامية الكبيرة التي أعقبت المباراة الودية اعتقلت الشرطة الفرنسية الشاب المناصر وحكمت علية بغرامة مالية ثقيلة وسنة سجنا مع وقف التنفيذ. ويصور المخرج التفاف الأسرة حول ابنها ولم تجد حلا لمواجهة هذه الظروف الصعبة غير بيع قطعة أرض ورثتها الجدة عن أهلها في الجزائر.
فيلم «زبدة ومرغرين» الذي صور في كل من فرنسا والجزائر تم تمويله في إطار تظاهرات «سنة الجزائر بفرنسا» عام 2003. كما ساهمت في تمويله القناتان الفرنسيتان «تي في 5» و«فرانس3»
أما أداء الأدوار فأسندت لممثلين قديرين منهم العربي زكال وفطيمة حليلو ورشدي زام واليمين بن حمدي. ويجدر الذكر أن عنوان الفيلم «زبدة ومرغرين» مستمد من قاموس خاص بألفاظ المهاجرين الجزائريين، حيث تعني «الزبدة» الشباب الجزائري المولود بفرنسا وتعني «مرغرين» الشباب الجزائري المولود بالجزائر.
وعام 2002 انتج الفيلم الروائي " الجارة " للمخرج الغوتي بن ددوش وعن تجربة عمله في" الجارة " يقول بن ددوش: لقد عايشت لأكثر من 65 عاماً كفاح ونهضة السينما الجزائرية، ولن أرضي بأن يموت هذا الكائن الذي غذيناه بأرواحنا -وأقصد هنا السينما- وأنا وزملائي لن نركع ولن نخضع للواقع القهري؛ بل سنستمر في مواصلة العطاء تحت كل الظروف ولقد تحديت بتجربة جديدة هذا الواقع المرير عبر إخراجي لفيلم (الجارة) الذي أخذ مني جهد ثلاث سنوات متواصلة، وفي هذا الفيلم الذي يواجه مشكلة التوزيع بعد أن ذاق مرارة ظروف الإنتاج الصعبة؛ أحاول مخاطبة الشعب الجزائري وإعادته لنفسه وأننا نعيش حياة واحدة وما يصيب أحدنا من سوء فإنه يصيب المجتمع كله، وعن قصة فيلمه الجديد يقول بن ددوش: إنها تعالج قصة شابة تنتقل للسكن مع والدتها في أحد الأحياء الشعبية، حيث تلفت الأنظار إليها في ذلك الحي وينبهر بجمالها الشباب ويحاولون التقرب منها، وفي بيت مجاور لبيت هذه الشابة تتفاعل قصة أخري لزوجة تحب زوجها إلى حد الجنون بينما تجذب الشابة الجارة انتباهه ويحاول أن يقيم معها علاقة عاطفية وتستمر الشابة في إبعاده عنها دون جدوي؛ فلقد وقع في حبها وأهمل زوجته المخلصة وهنا يخلق صراع اجتماعي وإنساني يولد فيما بعد فكرة لهذه الجارة لجمع الزوج بزوجته بدافع منها للحفاظ على رباطهما المقدس وعدم تدمير حياتهما الزوجية وأرادت من خلال فكرتها أن تعطي درساً لهذا الزوج في الوفاء ونبذ الخيانة، وكان لها ما أرادت حين هيأت لهذا الزوج موعداً عاطفياً كان من المفترض أن يجمعهما معاً؛ ويفاجأ الزوج بأن زوجته هي التي تكون في انتظاره بدل الجارة الشابة التي أنقذت الاثنين بذلك من الضياع، وأردت أن أقول للجميع من خلال الفيلم بإننا نفرح ونحب ونعشق رغم دوامة العنف التي لن تمنع الحياة مهما طالت؛ وإنه قد ظلَ لدي الشعب الجزائري قطعة من السماء الزرقاء وكمية من الأحلام
وصاغ المخرج سعيد ولد خليفة النص الروائي للكاتب أمين الزاوي " اغفاءة الميموزا " 2003 في فيلم أراد له عنوان " شاي آنيا " ويروي يوميات مهدي وهو شاعر جزائري لاجيء في احدى مصالح الدفن لمدينة الجزائر , ومسكون بخوف قديم رافقه طيلة العشرية السوداء التي مرت بالجزائر .. وفي علاقته بالآخر يسترجع بمشقة الرغبة في الحياة•

وعام 2003 انتج الفيلم التسجيلي"المرأة شَجاعة"، سيناريو احمد راشدي واخراج امين راشدي، وهو سيرة ذاتية تتتبع الحياة العاصفة للويزا اغيل احريز، وهي مناضلة ورمز من رموز استقلال الجزائر انقذها من الموت شخص لا تعرفه، فبحثت عنه 40 عاماً لتُعبر له عن شكرها، وعندما وصلت الى مكانه عام 2000 علمت انه توفي عام 1997. وظهر الفيلم في عدد من المشاهد التي تعبر عن المقاومة الجزائرية والتعذيب الذي لاقاه آلاف المسجونين وشهادات عدد من السجناء والمناضلين توضح ان هذه السيدة سجنت في 14 سجناً بين الجزائر وفرنسا خلال خمسة اعوام وقبل استقلال الجزائر عام 1962.
ويقول المخرج راشدي: "الفيلم كتب بعد محاولات كثيرة مع "لويزا" لتتكلم بعدما كتمت سر تعذيبها طوال 40 عاماً، وكانت تؤكد انها ادت واجبها ولا داعي للحديث عما عانته على يد المستعمر الفرنسي، لكننا أقنعناها بحق الجيل الحالي في التعرف على بطولاتها، وبدأ تصوير الفيلم بإرادتها في أن تشكر الفرنسي الذي انقذها وانتهى بشبه محاكمة للجنرال الفرنسي اوساريس الذي أقرّ اخيراً بممارسة التعذيب".
ويتناول فيلم «شوشو» للمخرج مرزاق علواش المنتج عام 2003 موضوعاً حساساً وجريئاً في آن يرتبط كما هو الشأن بالنسبة لأعمال اخرى أنجزها في السنوات الماضية بالعلاقة بين ضفتي المتوسط، وجاء في مزيج من الكوميديا والدراما الاجتماعية. ولعب دور البطولة فيه الممثل الفرنسي ذو الأصل المغربي « جاد المالح» الذي يجسد دور شاب مخنث يحلم بالحياة في الغرب.‏
وتنطلق الأحداث بوصول «شوشو» القادم من احدى دول المغرب العربي الى باريس متنكراً في زي تقليدي من أمريكا اللاتينية، فيلجأ أولاً الى كنيسة لاستعطاف الراهب والجمعيات الخيرية كلاجىء هرب من بطش ديكتاتور تشيلي الجنرال بينوشي. ورغم الطابع الكاريكاتوري للشخصية المنتحلة فإن «شوشو» يحظى بعطف ومحبة كبيرين من الأب «ليون» الراهب الذي يجسد دوره الممثل الفرنسي «كلود براسور» فيأويه في الكنيسة ويجد له عملاً لدى طبيبة /محللة نفسانية/، وبعد أن استلطف تلك الطبيبة يبوح لها بسره وحقيقة ميوله فتسمح له بأن يتحول الى امرأة أثناء عمله بعيادتها. وتشاء الصدف أن يلتقي «شوشو» بصديق مغاربي في حي «كليشي» الشهير بقلب باريس، وهو مخنث أيضاً ويرافقه الى ملهى «ببلي» أين يشتغل قريبه «حميد» الذي تحول إلى «فاليسا» كمغنٍ دائم. وتمكن «شوشو» بعد هذه السهرة من الحصول على منصب عمل كنادلة في الملهى ويقع في حبها «سنتليسلاس» الذي يؤدي دوره الممثل والمخرج الفرنسي «آلان شابا».‏
لكن أيام السعادة هذه لم تدم طويلاً وما لبثت أن صارت جحيماً بعدما اكتشف مفتش الشرطة «جريجوري» أمره وعلم أن النادلة رجل من المغرب العربي يقيم بفرنسا بطريقة غير شرعية.‏
لقد كان الفيلم قصة انسانية مثيرة قريبة من الجمهور. ونجح الثنائي علواش وجاد المالح اللذان يشتركان في كتابة السيناريو في تقديم عمل كوميدي راق بعيد عن التهريج كما مررا رسائل لها علاقة بالواقع في المغرب العربي عموماً وفي الجزائر على وجه الخصوص خاصة ما تعلق باللهث وراء الهجرة من جهة وصعوبة الاندماج في المجتمع الفرنسي وهي المفارقة التي حيرت المحللين منذ مدة طويلة.‏
وحين سئل مرزاق علواش عن سرّ نجاح الفيلم لم يعطِ الموضوع أهمية كبيرة بل أثنى على الممثلين الكبار الذين شاركوا فيه ومنهم كلود براسور وآلان شابا والمغربي رشدي زام بالإضافة الى الحضور المتميز للممثل جاد المالح الذي سبق وأن تعامل مع علواش في فيلم «سلاما يا ابن العم».‏
كما أثنى على التقنيات الراقية التي وفرها المنتج الفرنسي كريستيان فيشنر والتوزيع الجيد الذي قامت به الشركة الأمريكية «وارنر بروس» التي يتعامل معها علواش للمرة الأولى في مشواره السينمائي.. لقد استقطب الفيلم خلال عرضه بفرنسا جمهوراً أوروبياً كبيراً ربما لجرأته في تناول موضوع يطرح للمرة الأولى بهذه الصيغة ولأنه أتى بجديد واضح ووظف جملة من العوامل النفسية والاجتماعية توظيفاً ذكياً، لكنه جلب أيضاً اهتمام الجالية المقيمة بفرنسا المنحدرة من أصول المغرب العربي لمقاربته لإشكاليات تعيشها شرائح عديدة منها.‏
وقد رأى النقاد أن فيلم «شوشو» الموجه بالدرجة الأولى للمشاهد الفرنسي والذي يحقق حتى الآن نجاحاً منقطع النظير من الوجهة التجارية يشكل منعطفاً كبيراً في حياة مرزاق علواش السينمائية، ويؤكد أن صاحب «باب الواد سيتي» و«الجزائر بيروت» وغيرها من العناوين الكبيرة غير وجهته المتلزمة الى أعمال تجارية ولم يعد ذلك المخرج المهموم بقضايا الوطن الأم الجزائر.•‏
‏ المخرج عبد الكريم بهلول اختار سنوات ما بعد تحرير بلاده، وماحملته من تغيّرات عاصفة، مناخاً لفيلمه "اغتيال الشمس" 2003 وهو مأخوذ عن واقعة حقيقية، جرت احداثها في الجزائر في بداية السبعينيات بطلها هو الشاعر والكاتب الجزائري فرنسي الاصل "جاك سيناك" الذي ولد في الجزائر لأب مولود ايضاً في الجزائر، وان كانت اصوله فرنسية.. وكان "جاك سيناك" واحداً من رجال المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي. وبعد الاستقلال في سنة 2691 رفض "جاك سيناك" مغادرة الجزائر ، واستقر به المقام بها.. ليقدم برنامجاً اذاعياً متميّزاً عن الشعر والشعراء اسمه "اشعار على كل الجبهات" كان يقرأ فيه رسائل شعرية ترد اليه من انحاء البلاد.. وقد اثر "جاك سيناك" في الحركة الادبية والثقافية والفنية في كل انحاء البلاد، كما كان مثلاً اعلى للشباب وأنموذجاً للمثقف الواعي، وقد جمعت الظروف والصدف بينه وبين "حميد" الفتى ذي التسعة عشر ربيعاً، والذي يهوى كتابة الشعر والمسرحيات.. و"بلقاسم" صديقه الذي كان يهوى التمثيل.. وذلك عندما التقيا به للمرة الاولى في اول مهرجان مسرحي في الجزائر... وقد استبعدت السلطات المسرحية لاسباب سياسية ...وان كانت الحجة بأنها ناطقة باللغة الفرنسية.. ولم يخفف من معاناة مجموعة الشبان الصغار سوى انحياز "جان سيناك" لهم... وتتوالى الاحداث باغتيال "جان" بعد ان طُرد من عمله.. واتهام"حميد" بمقتله.. وامام المتغيرات الجديدة في الجزائر يصبح هدف بلقاسم السفر بعيداً والهروب من بلاده. وفي مشهد من اروع واجمل المشاهد السينمائية يستقل "بلقاسم" العبارة مغادراً الجزائر، وهو يقسم الا يعود اليها مرةً اخرى بعد ان ذاق فيها هو وصاحبه الاذى... وان كان الاخير قرر الا يهرب وان يعود الى بلدته الصغيرة بين الجبال والوديان.. بينما "ناتالي" صديقة سيناك الممثلة تنهمر دموعها حزناً على فراق هذا البلد الذي أحبته واختارته وطناً لها.. وان كانت قد ادركت الآن انه يسير على حافة الهاوية، ومسكينة اوطاننا عندما يحاولون اغتيال الشمس فيها.. تعمد بهلول اضفاء طابع شعري لإيقاع فيلمه، ليوصل به المناخ النفسي للفيلم، وبمعونة مصور متميّز اخذنا الى عمق المشكلة دون حواجز، عل الرغم من دراماتيكية، إنه فيلم آخاذ، حتى بمسحته الفرنسية رؤية وتقنية.
فيلم "اغترابات" 2003 يحكي الفيلم اغترابات للمخرج مالك بن اسماعيل المعاناة النفسية في الجزائر، إذ يواجه الاطباء النفسيون في الجزائر يومياً امراض المجتمع خلال ممارستهم لعملهم، اكثر من الفئات المهنية الاخرى، فهم اول من يلاحظ الاعراض ، واول من يحاول شفاء المرضى، وفهم اسباب "الشرخ"... ولكنهم كغيرهم ليس بأيديهم الحل لشفاء المجتمع.. لا يحاول هذا الفيلم ان يعالج الاحداث الحالية في الجزائر، وانما يحاول تسليط الاضواء على ما يحركها سرا،ً ويؤدي الى ازماتها.. يهدي المخرج فيلمه هذا الى والده، احد مؤسسي الطب النفسي في الجزائر.وفي فيلم "جزائر أشباحي" 2003 مابين ربيع 8991 وربيع 9991 يزور المخرج جان - بيير ليدو مدناً فرنسية كثيرة، لعرض افلامه والحديث عن وطنه، ويلتقي خلال تنقلاته شخصيات مختلفة تشاركه الآراء حول التاريخ الجزائري - الفرنسي خلال نصف القرن المنصرم، وكل شخصية بحد ذاتها شاهد على جرح لم يلتئم بعد، وشبح يحاول تناسي الماضي، وشظية من جزائر وهمية عليهم جميعاً اعادة تجميعها لايجاد هوية جديدة لأنفسهم. وصوّر فيلم "حرب دون صور" انتاج عام 2003للمخرج الجزائري محمد سوداني بعد اجتياح الجيش الاسرائيلي لمخيم اللاجئين في جنين وتدميره سنة 2002 ويصوّر الفيلم عنف الاحداث، والمخيم المدمّر، ويحاول ان يجمع الشهادات الحية لسكان المخيم، وهم بعد تحت وطأة صدمة هجوم الجيش الاسرائيلي عليهم، كما يحاول ان يكون وثيقةً حية عن معاناة ويأس شعب مقموع.
من اجمل الافلام التي خرجت للعرض عام 2003، فيلم " منافي " للفرنسي من اصل غجري جزائري توني غاتليف ( من مواليد الجزائر في 10 سبتمبر 1948 ) الذي حصل علي جائزة الاخراج في مهرجان " كان " 57، والذي كرس مخرجه بافلامه مثل فيلم " لاتشو دروم " و" موندو " و" انا ابن بجعة " لما يمكن ان نطلق عليه ب"سينما الغجر"،التي تحكي في افلامها عن حياتهم وعذاباتهم وغربتهم وبؤسهم في فرنسا وكل وطن، وتحيلك افلامه عند مشاهدتها الي افلام المخرج اليوغوسلافي الراحل غوري يوزائيفتش صاحب " قابلت غجرا سعداء" الذي اسس بفيلمه ذاك لهذا " النوع " في المشهد السينمائي العالمي وعن جدارة، وقدم من خلال افلامه، قدم نقيضا للصورة النمطية الغرائبية التي كانت هوليوود تروج لها بشأنهم في افلامها، وتصورهم علي انهم لصوص وقطاع طرق مجرمين ومشبوهين، كما نلاحظ ايضا امتدادات لاسلوبه السينمائي عند الصربي أمير كوستوريكا الذي اتحفنا في مهرجان " كان " 57 برائعة جديدة من روائعه السينمائية، ونعني بها فيلمه الاثير " الحياة معجزة " ونذكر له " زمن الغجر " وغيره من افلام ناقشت مشاكلهم،وينضم توني غاتليف بافلامه الي " سينما الغجر" هذه ان صح التعبير،وكان فيلمه " لاتشو دروم " عام 1993 اطلق شهرته في العالم، كأحد أبرزالمخرجين المتخصصين في هذا النوع..
يحكي غاتليف في فيلمه" منافي " عن شاب يدعي زانو، يلعب دوره الممثل الفرنسي رومان دوريس، وهو زانو ابن اسرة فرنسية كانت تعيش في الجزائر ثم غادرتها بعد الاستقلال عام 1962، كما يحكي عن علاقته بصديقته نعيمة ابنة احد المهاجرين الجزائرين الي فرنسا، وتلعب دورها بتميز آسر الممثلة المغربية لبني ازبال ويبدا الفيلم بلقطة داخل غرفة من غرف بنايات الضواحي الفرنسية الكئيبة، حيث نتعرف علي زانو وهو يستمع الي اسطوانة موسيقية بايقاعات صاخبة ثم يجرع آخرشفطة من زجاجة شراب، وتظهر نعيمة تحت تاثير الشراب وهي مازالت تتقلب في الفراش بعد ان مارسا الحب سويا، ومن شباك الغرفة يطوح زانو بزجاجة الشراب، التي تهبط من حالق وتتهشم علي الارض ويكون لارتطامها بالارض صوت مدوي، ثم يسحب زانو نعيمة من الفراش ويهبطا سويا الي الشارع العام وبعد ان يدفنا مسدسا داخل لفافة في حفرة بجوار جدار كبيرملاصق للبناية، يحملا بعض امتعتهما وينطلقا سويا علي الطريق، في رحلتهما من فرنسا الي الجزائر بطريقة الاوتوستوب، لاستكشاف الأرض التي وهبتهما الحياة، واضطرت أسرتيهما لمغادرتها منذ عقود مضت،ارض الجزائر، وخلال تلك الرحلة التي يقطعانها سويا لعبور تلك الطرق العالية المخصصة للسيارات، ومروا بجنوب فرنسا، ثم الاندلس في اسبانيا، وعبور المتوسط الي المغرب، والتسلل منه عبر الحدود الي الجزائر العاصمة، تتكشف لنا وقائع الهجرة العربية، ونتعرف علي اوضاع المهاجرين الجزائرين في الجنوب الفرنسي الذين يحلمون بالسفر الي باريس العاصمة، ونتعرف علي نماذج انسانية رائعة في الطريق، والظروف التي اجبرتها علي مغادرة الوطن، ومن خلال مصاحبة زانو ونعيمة في رحلتهما، تتكشف لنا شخصيتهما، وحيرتهما وعذاباتهما، ونتعرف الي تلك المنافي التي نحملها جميعا داخلنا،تحت جلودنا، حين تلفظننا اوطاننا الاصلية، ونحرم فيها من العيش الكريم، فنصبح غرباء في كل مكان، ونتعاطف في الفيلم مع شخصية نعيمة، فهي لاتعرف من هي نعيمة، انهاليست فرنسية تماما وليست عربية تماما، وتبحث في الفيلم عن ذات وهوية، وتردد " أنا دائما غريبة وسأكون دائما غريبة في كل مكان " ويقول توني غاتليف ان فيلمه لم يعتمد علي صياغة لفكرة ولم يكن تجسيدا، لمفهوم ما، بل نبع من اشتياق محموم لاعادة النظر والتحديق في جروحه المفتوحة، والعودة الي وطنه الجزائر من خلال رحلة تصوير الفيلم، بعد مضي اكثر من 43 عاما علي هجرته الي فرنسا، ومغادرته مرتع طفولته، وكان عليه ان يقطع 4500 ميلا علي سكة العودة، بوسائل السفر المختلفة من مركبات وبواخر وسيارات او سيرا علي الاقدام، وهو علي يقين من ان هؤلاء الذين تركونا، يعودون دوما الينا، وسوف نلتقيهم علي سكة الحياة، كما كانت شخصية زانو في الفيلم الذي يروح حين يصل الي شقة اسرته في الماضي وتسكنها عائلة جزائرية الآن في الجزائر، يروح يتذكر ذكرياته مع جده، معادلا موضوعيا لشخصية توني غاتليف، واراد من خلالها ومن خلال حديث زانو عن ذكرياته مع جده، ان يقدم تحية الي ذلك المدرس الذي حمل جهاز العرض الي الفصل ذات يوم في الجزائر وراح يعرض عليهم افلام شابلن وجون فورد وجان فيجو ويدلف بهؤلاء الصغارفي الفصل، ومن ضمنهم توني غاتليف، يدلف بهم الي عوالم السينما السحرية التي تقربنا اكثر من انسانيتنا..
فصل من كتاب
" السينما في المغرب العربي



#محمد_عبيدو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السينما في الجزائر - 6
- السينما في الجزائر - 5
- السينما في الجزائر- 4
- السينما في الجزائر- 3
- السينما في الجزائر- 2
- السينما في الجزائر - البدايات
- صورة سينمائية اجنبية مختلفة وعادلة للصراع مع الهمجية الاسرائ ...
- السينما التسجيلية-...بحث في الواقع والحقيقة. والتزام بقضايا ...
- ذاكرة الرماد
- ملهم السينما الألمانية - فاسبندر
- دزيغا فيرتوف
- إيليا كازان
- العربي والفلسطيني والإسرائيلي على شاشات التسعينيات
- حبق روحك
- غوص جريء في مناطق محظورة عبر افلام قصيرة وتسجيلية مصرية
- أحلام
- محمود مرسي آخر عمالقة السينما العربية
- السينما في تونس- 4
- السينما في تونس- 3
- السينما في تونس- 2


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبيدو - السينما في الجزائر - 7