أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعيد علم الدين - السنيورة يبكي ونصرالله يُمَنِّنْ















المزيد.....

السنيورة يبكي ونصرالله يُمَنِّنْ


سعيد علم الدين

الحوار المتمدن-العدد: 1639 - 2006 / 8 / 11 - 04:35
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


البكاء ليس للرجال كانت تقولها المرحومة جدتي حلوم عندما كانت الدموع تنهمر من عيني أحد أعمامي أو أحد أحفادها الشباب ويبكي لأمر ما. كانت تنظر إليه جازرة وكأنه لا يزال طفلا بحاجة إلى التقريع على قيامه بعمل شنيع. كنت أعجب لتصرفها الحازم هذا وأعتبره في صغر سني قمة في الحكمة والصواب وإنهاض الهمم. وهكذا كانت ربما من خلال تجارب دهرها تحاول زرع نبتة الشدة والقسوة فينا، وهي في النهاية بحاجة إلى رجال أشداء للذود عن حياض العشيرة من الأشرار.
والشر كما كانت تنبهنا دائما إليه: هو آفة تحيط بنا من كل الجهات وصفة ملازمة من صفات البشر وموجود أيضا في الآلهة على اختلاف أنواعها وطبيعة الدول وله في كل زاوية من هذه المعمورة أنصار، يصفقون للحاكم الشرير الإله الغرير فيزهو بنفسه كالطاووس ويختال. خاصة إذا كان طاغية لا يفقه لغة الحوار ولا يفهم إلا لغة الدم والاغتيال. وتقول جدتي بأنه لا يمكن مكافحة الشرير بالليونة والتودد والاستجداء وإنما بإظهار القوة الرادعة والعين الحمراء وإنزال أشد العقاب به ليكن عبرة لغيره من فصيلة الذئاب.
لكن ماذا عندما تبكي الرجال؟ هل هذا يعبر عن ضعفها وليونتها أم عن قوة عاطفتها وصدقها! وإذا كانت جدتي على حق بنظرتها السليمة لمكافحة الشر كآفة سرطانية باغية لا بد من استئصالها من أساسها، فهل هي أيضا على حق بالنسبة لبكاء الرجال؟ أم أنها كانت تمارس التفرقة بين الجنسين دون قصد. فالمرأة في عرفها يحق لها البكاء كما تشاء أما الرجل فيجب أن يحافظ على رباطة الجأش ويكظم الغيظ ويخنق العَبَرات!
هل هذا صحيح؟ لا أعتقد. فالرجل هو إنسان قبل أن يكون رجلا وهو في هذا الصدد كالمرأة يحمل نفس العواطف والمشاعر والقلب. وكم من النساء من هن أقسى وأصلب من الرجال بكثير كرئيسة الوزارة البريطانية السابقة مارغريت تاتشر الملقبة بالمرأة الفولاذية. والتي انتصرت في حرب الفولكلاند على جنرالات الأرجنتين وشرذمتهم شر مشرذم.
وهل هناك من هو أصلب من الفولاذ؟ نعم إنه الإنسان الحساس الرقيق الذي يبكي بحرقة وألم دون خجل أمام مصاب عظيم جلل، كالرئيس السنيورة المسؤول الذي يرى شعبه مشردا في البلاد، ومدنه وقراه تقصف بنيران الأعداء، والعائلات عن بكرة أبيها تباد، وأشلاء الأطفال مبعثرة على الطرقات، ووطنه مقطع الأوصال، مستباح بأيدي أشرار ليس لهم ذمم وأخلاق، مغلوب على أمره، متروك في مستنقع من الأقدار، وهو أي السنيورة رئيس الحكومة عاجز أن ينتشله من هذه الأوحال أو يفعل له ما يريد أن يفعله لو كان صاحب القرار. هذا القرار هو بيد الأوصياء سوريا وإيران وأداتهم السيد حسن نصر الله. ما يؤكد على أن حزب الله أداة سورية بوجه لبناني ما نقلته السياسة الكويتية 06.8.10 عن مصادر مطلعة قولها" وأن القضاء على هذا الحزب وبسرعة وتجريده من السلاح, سيدفع النظام السوري إلى المطالبة بالجولان". فسوريا تعتبر حزب الله أداتها الضاربة في لبنان وكأنها ما زالت فيه ولهذا فهى نست أرضها المحتلة منذ احتلالها للبنان عام 76 وهي لم تكن أبدا مرتاحة للانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني عام 2000. لمعرفتها بمطالبة اللبنانيون برحيلها وتطبيق الطائف.
ظهر اليوم على الملأ وبعد خطاب نصر الله بأن قرار الحرب والسلم وإرسال الجيش هو قرار سوري إيراني. والآن بعد أن دمر الوطن وشرد الشعب يريد حسن نصر الله تمنيننا بموافقته على إرسال الجيش إلى الجنوب. وكل التبريرات التي تحدث عنها لمعارضته إرسال الجيش قبل تدمير لبنان لا يمكن أن تقنع حتى السذج. فهل يجب أولا تكسير لبنان كما هدد بشار الأسد لكي يوافق الشيخ نصر الله على بسط سيادة الدولة وسلطتها الشرعية على كامل أراضيها. وماذا عن أنفاق القيادة العامة السورية في الناعمة؟ هل سيوافق نصر الله على إغلاقها وبسط سلطة الدولة عليها؟ وماذا عن قبضايات فتح الانتفاضة السورية في احتلالهم للأرض اللبنانية؟ هل سيوافق نصر الله على بسط سلطة الدولة عليهم وتسليم أسلحتهم للدولة المسلوبة القرار أو طردهم إلى سوريا ليولوا الأدبار؟
ومن هنا فماذا يبقى للسنيورة سوى الدموع والآهات للتعبير عن وضع مأساوي معقد صعب لا يعبر عنه بالكلمات. ولا أعتقد أن جدتي كانت على صواب. وذكرتني قسوتها كجدة وأم برقة السنيورة كمسؤول وأب.
وأصبحت رجلا وأعترف أني بكيت في مواقف فرضت الدمعة نفسها علي ولا أخجل من ذلك أبدا. وكما هو معروف فمن الصخر الصلب يتفجر أحيانا الماء العذب.
يحق للرجال أن تبكي يا جدتي؟ نعم يحق للرجال أن تبكي. وبكيت بمرارة وانهمرت دموعي بغزارة أمام التلفاز بعيدا عن الوطن آلاف الكيلومترات يوم تشييع جنازة الشهيد الرئيس رفيق الحريري الذي اغتالوه الأشرار ليقتلوا الأمل عند الأحرار، فانقلب سحرهم عليهم وما زالوا يتخبطون بجريرة إجرامهم والمحكمة الدولية ستوصل الكذاب لباب الدار، وستلاحقهم ولن ينفعهم إشعال الحروب بالواسطة في العراق ولبنان وفلسطين لكي تعم الفوضى التي يحلمون بها ليل نهار. وبكيت بفرحة وأمل في الرابع عشر من مارس /آذار وأنا أرى ملايين اللبنانيين موحدين بعلمهم وقد هبوا من كل المناطق والمدن والقرى رغم الطوابير الخامسة والعملاء، هبوا هبة امرأة/رجل واحد إلى ساحة الحرية البيروتية تجللهم الأرزة الخضراء ليشاركوا في عرس وطني خالد يليق بقائد الاستقلال والكرامة وشهيد السيادة والقرار اللبناني الحر رفيق الحريري. وبكى السنيورة على قبر رفيقه أكثر من مرة وبالأخص بعد تعيينه رئيسا للحكومة. فالسنيورة وبعكس الكثيرين جدا من كبار السياسة في لبنان وأقزامها: هو إنسان رقيق، مهذب، خلوق، محب، مثقف، واع جدا لخطواته، عقلاني، عاطفي، مناور قوي لا يتراجع عن أهدافه، ذكي ومستقل وسيد نفسه ومنسجم مع شعبه وأبناء وطنه حتى الاستشهاد في سبيلهم.
ولقد أثبت ذلك من خلال مواقفه السياسة الوطنية والعربية والعالمية العديدة وخاصة في مواجهته للأشرار. أثبت أنه حاكما ممتازا، وسياسيا مرنا، ورجلا لبقا، صلب المراس عنيدا في الحق لا يخاف لومة لائم، قوي العزيمة أمام الصعاب لا يهاب، يعبر عن مواقفه بطريقة تأخذ بالألباب كلمة ودمعة.
ودمعة السنيورة المراقة من أجل شعب لبنان هي كالجمرة التي لا تحرق إلا مكانها ومن هنا تأتي دموعه حرقات ولوعات على شعبه المعذب المشرد المنتهَك من الشقيق قبل العدو، وتألما على ما حل ببلده المستباح أمام عينيه من مصاب مأساوي جلل تعجز الكلمات مهما جاشت بالعاطفة عن وصفه. فتدفقت عفوية ممزوجة بالكلمات التي تهدجت واختنقت عباراتها في حلقه فاختنقنا جميعا وبكينا ولذعت حروفها أجسادنا فاكتوينا. إنه بكاء الألم المر أملا بنهوض جسد الوطن المدمى من تحت الركام مصهورا بحقيقة اللبناني العاطفي الرقيق . إنها حقيقة بكاء ابن صيدون على ما حل بصور، وابنة طرابلس على ما حل ببعلبك، وابن جبيل على ما حل ببنت جبيل، وابنة زحلة على ما حل بالنبطية، وابن بيروت على ما حل بضاحيتها من دمار وموت. إنها الحقيقة الوطنية الصلبة أن شعب لبنان الطيب كان وسيبقى حرا سيدا ديمقراطيا مستقلا عربيا طموحا وسيخرج بهامته أقوى من تحت ركام حروب الآخرين على أرضه. وظهر بوضوح من خلال تدخلات ووصايات وزيري خارجية سوريا وإيران بأن الحرب الدائرة اليوم في لبنان هي حربهم ضد إسرائيل. ولبنان لا ناقة لحكومته ولا جمل لبرلمانه في حرب مدمرة فرضها عليه حزب الله، من خلال رفضه تطبيق الطائف بحذافيره ونشره الجيش اللبناني على الحدود وتسليم سلاحه للدولة التي يشارك فيها بنواب ووزراء وموظفين وخدمات.
مهما تكن نتيجة الحرب فلا أدري بأي عين سيقابل الشيخ حسن نصر الله أم فقدت أعز ما تملك، وأب خسر كل ما جنته يداه طوال عمره، وطفل تيتم وفتاة بلا مأوى.
ومن همنا تصبح الكلمة السياسية طاهرة وصادقة وبريئة ومخلصة وقريبة جدا من القلب عندما تخنقها العبارة متجلية بأعظم معاني الحب والتفاني. أنها المشاعر الحقيقة المتوقدة في قلب هذا السنيورة الفذ كالجمرة تحرق مكانها.
دموع السنيورة البريئة كانت رسائل سياسية وجدانية صادقة عفوية غير مقصودة إلى أبناء الوطن المنكوب والإخوة العرب والعالم أجمع، لتعبر بصفاء عن معاناة شعب لا تريد أن تنتهي، ومأساة بلد منكوب يكتوي بنار الحروب التي تفرض عليه ظلما من وقت لأخر. وإلى متى سيتحمل شعب لبنان آفات الآخرين ومشاريعهم المدمرة ومؤامراتهم؟
وتبقى دمعة الرئيس فؤاد السنيورة أشرف وأنبل وأنقى من كل من يدعي الوطنية والعروبة والمقاومة ورفض العدوان الإسرائيلي ودعم القضية الفلسطينية وكل القضايا العربية الأخرى



#سعيد_علم_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لبنان ليس سوريا ولا إسرائيليا يا سيد حسن نصر الله
- خمسمئة يوم مرت، والجريمة لن تمر دون عقاب
- لا تَحْزَنَّ أيها الكويتيات!
- ضرورية العلمانية بالنسبة للدولة الحديثة
- العلمانية والديمقراطية وجهان لميدالية ذهبية واحدة
- الأوطانُ تُنْهِضُها الهامات وليس التهديد والعنتريات أيها الع ...
- الصوت أمانة شراؤه وبيعه خيانة
- أيها اللبنانيون البسوا ما يفصل لكم حزب الله وأنتم الناجون!
- إلى أين يريد حزب الله أخذ لبنان ؟
- فتح الانتفاضة، انتفاضة على من ؟
- ثورةُ الأَشجارُ
- الإرهاب أصبح ماركة عربية إسلامية مسجلة
- عندما حاولَ الدَّجاجُ الْطيران
- الأمير الكبير وكسرى الصغير
- ولقد شبع اللبنانيون من لحود حتى التخمة القاتلة
- الواقعُ العربي الواقفُ كعامود الخيمةِ فوق الرؤوس
- - يا سامعين الصوت-
- ولا شيءٌ على الجبينِ مكتوب!
- هل سنتعرف قريبا على كوبونات بشار ؟


المزيد.....




- روسيا تعلن احتجاز نائب وزير الدفاع تيمور ايفانوف وتكشف السبب ...
- مظهر أبو عبيدة وما قاله عن ضربة إيران لإسرائيل بآخر فيديو يث ...
- -نوفوستي-: عميلة الأمن الأوكراني زارت بريطانيا قبيل تفجير سي ...
- إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا ...
- ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟
- هدية أردنية -رفيعة- لأمير الكويت
- واشنطن تفرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الث ...
- شقيقة الزعيم الكوري الشمالي تنتقد التدريبات المشتركة بين كور ...
- الصين تدعو الولايات المتحدة إلى وقف تسليح تايوان
- هل يؤثر الفيتو الأميركي على مساعي إسبانيا للاعتراف بفلسطين؟ ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعيد علم الدين - السنيورة يبكي ونصرالله يُمَنِّنْ