أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مهند البراك - مسائل في -التفكير- و-التفكير الجديد-















المزيد.....


مسائل في -التفكير- و-التفكير الجديد-


مهند البراك

الحوار المتمدن-العدد: 1638 - 2006 / 8 / 10 - 10:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


فيما كان التفكير البشري يتحدد بالأنتماء للأرض وللعائلة وبهموم عيش آمن، وفق حدود المفاهيم والنزعات الأولى. تطوّرت التأملات والأفكار بضغوط الحاجات والطموح البشري نحو الأحسن والأعلى في ظل مفاهيم متنوعة، متفاوتة ومتناقضة عن معاني مفهوم " الأحسن "، وترابطت وثيقاً بدرجات المعارف وحدود التصورات والهموم والأحلام وماهية وسائل المعرفة . . وتطورات تتابعت من روايات واساطير الأولين المحكية والمنقولة شفاهاً وطقوساً وحركات واصوات، الى تطورات سببها ظهور الكتابة المجيد ! الكتابة التي غيّرت المعارف البشرية واثرتها بحِكَم ونتائج جهود وخِبَرْ الأقدمين.
من جهة اخرى، ازدادت الحاجة الى تناقل خِبَر المجاميع البشرية والى تبادلها، الأمر الذي ادىّ الى تفاعلها وتلاقحها، امام ضغوط احدثتها ضرورات توفير مستلزمات مواجهة التحديات التي احدثتها التغييرات الحياتية نتيجة لعوامل متعددة، منها ؛ عوامل ومخاطر الطبيعة، النمو الكثير التنوّع للحاجات والطموح والمنطق والعقائد والعواطف والأحاسيس، وتزايد المجاميع البشرية عددياً وتنوع مراكزها وبالتالي تصادم بعضها مع البعض الآخر، او تناسبها وتصاهرها، او تحالفها للوقوف امام تحالف الخصوم اوالمنافسين من اجل الفوز بنتائج احسن، في تفاعل كثير التنوّع بين الفكر والترجمة والحكمة ومفاهيم القوّة وصراعات قوى ونزعات الخير والشر، التي يعرّفها الكثيرون بكونها الصراعات بين مصالح وتطلعات الغالبية الواسعة، وبين انانية وضيق افق اقلية متنفذة تكوّنت لأسباب وعوامل كثيرة، اضافة الى صراعات الحب والكراهية، وتنوّع المعتقدات التي احتاجها البشر.
وفيما احتاج الأنسان لحكمة العقلاء ورأي الأكثر تجربة ومعرفة، احتاج الحِكَم والأساطير التي روَت وخلّدت مناقب السابقين، في الأقدام والبحث عن كنه ومعاني الحياة، والتي صارت بتوالف مكوناتها تدعو الى الحاجة لمن يحكم ويقود الجموع الى شواطئ النجاح ونحو العيش الأفضل والأمان في ظل تصورات الأنسان عن الحياة والموت وبالتالي عن الخلود والفناء وبعد ان خلّدت مناقب الرواد والخالدين، التي رسمت سمات وملامح القادة المرتجين لتحقيق تلك الآمال، في عملية لم تنقطع عن الحركة واعمال الفكروالتنوّع، وبالتالي عن التعايش والتوافق والتصادم .
وعلى ذلك قدّم التأريخ نماذج لاعدّ لها لأنواع واشكال الحُكُم، و التي تناولت اشكال بناء الدول والمجتمعات، التي بدورها ارتبطت وثيقاً بماهية تلك المجتمعات وماهية حاجاتها وهواجسها وماهية ومعاني افراحها واحزانها وامزجتها وماهية طموحاتها للتغلب على آلامها ومعاناتها على مرّ الحقب التاريخية، عبّر عنه قسم من خبرائها بأن " لكل زمان دولة ورجال " . .
في اختصار لواقع يفيد ان المجتمعات والدول وطرق بنائها خاضع او لابدّ ان يجيب ويستجيب لما تطرحه وتتطلّبه الحاجات والطموحات البشرية الأساسية التي لم تكف عن التزايد والتنوّع على توالي الأزمنة والمراحل التاريخية المتعاقبة، و ان تكون رائدة او من الرواد لأستكشاف وبناء الجديد القادر على تلبية الحاجات والآمال المستجدة واطلاق طاقات المجتمع المادية والفكرية والروحية نحو فضاءات اوسع واعلى، الأمر الذي تطلّب انماطاً فكرية وانماط منطق تناسب مع تطورات المراحل التاريخية وعمل على فتح الآفاق لها .
وفيما شَخَصَت أمام الدولة ورجالها والحاكمين ضرورة ان يقدّموا لشعوبهم افضلَ مما مضى ، افضلاً يتفق مع ماقدّمه الأفراد وبذلوا وضحوّا من اجله، افضلاً يلبي او يتفق مع تلبية حاجاتهم المتجددة، اثبتت مسيرة تراكم الخِبَر البشرية ان الحكم والدولة ومن اجل ان يستمرا ويقويا، لابدّ لهما من الحصول على تاييد الشعب وبالذات فئاته وطبقاته الفاعلة والمنتجة والواعدة بالفعل والأنتاج مهما تعقّد خط المسيرة. واثبتت ان جزل الوعود والسير باسلوب التطمين، دون ان تحسّ وان تعيش اوسع الأوساط الأجتماعية، تحسّناً جديّاً في حياتها وخروجاً او بدء خروج من محنها وآلامها، اثبتت انه يجعل من الوعود لافائدة منها لكسب المجموع للسير ومواجهة التحديات معاً.
اما اذا اتّبعت الجهات الحاكمة او الهيئات الشعبية (المفوّضة من الشعب)، الخديعة ان صحّ التعبير وسحر الكلام او التسويغ غير المقترن بالواقع الجاري، بعيداً عن منطق ذلك العصر وتفكيره المتجدد، لصياغة الوجهة او المطالب والحقوق . . يصبح الأمر عندئذ كارثياً، وتصل المسيرة الى طريق مسدود او الى الفوضى خاصة عندما لاتمتلك الهيئات الشعبية ناصية فكر ومنطق ذلك العصر حتى وان حُلّت بعض المطالب . . او الى انتكاس مرير وعودة الى ماضٍ قد يكون امرّ من الواقع المعني ذاته، بدرجة تحددها ماهية ذلك الواقع الفعلي القائم . . كالذي جرى اثر مراوحة ثم ركود اقوى التحولات الأقتصادية الأجتماعية في التجربة التاريخية، التي كان آخرها ما حصل وادى الى انهيار التجربة الأشتراكية الكبرى وانفراط عقد الأتحاد السوفيتي وتشكّل دوله الكثيرة التنوع والتفاوت.
من ناحية اخرى، احتاج الأنسان ومنذ القدم فكراً وادوات اجتماعية ( مجالس، جمعيات،وبالتالي نقابات واحزاب وغيرها) كوسيلة لتحقيق اهدافه سواءاً في الحقوق او في التحرر من اسر واقع مضى او واقع آني مرير يعيشه، للأنتقال الى واقع جديد افضل، كما جرى منذ مجتمعات الرق وثورات العبيد وظهور المصلحين والأديان مروراً ببناء الأقطاعيات واشادة الدول الأقطاعية . . الى ظهور واقع عالمي جديد احدثته تغييرات ذات ابعاد عالمية، كما حصل بعد انتصارالثورة الفرنسية الكبرى والثورة الصناعية في انكلترة، اضافة الى ماحققته الثورة الأمريكية . .
التي ادّت رغم تعقّد المسارات وتعرّجها الى تطورات هائلة في الأقتصاد والفكر والعلوم والثقافة، وفي القانون والدستور ومفهوم الدولة، ثمّ في عدم الأكتفاء بالآلة لزيادة الأنتاج الذي دفع الى تطوير الآلة والتكنيك، الأمر الذي طرح قضية فائض الأنتاج الذي اخذ يبحث القائمون عليه عن الأسواق لتصريفه والذي ادىّ الى حركة استكشافات المجاهيل والى انشاء المصارف لتنظيم ومراكمة الثروات وتشغيلها . . التي فيما كان قد نودي الى زيادتها لأجل الرفاه العام، الاّ ان ذلك لم يتم وادى الى ظهور تناقضات اجتماعية جديدة سببها الخلل في توزيع الثروات وبسبب الميل البشري الفطري ( بداية على الأقل) للأستحواذ باسهل الطرق، كما يرى فريق ويعارضه آخر ويفسّره ثالث بكونه اكثر تعقيداً.
ومرّ عصر انهارت فيه امبراطوريات اقطاعية وابوية سواء بالحرب مع الدول الصناعية الأكثر تطوّراً كما حدث مع الدولة العثمانية، او انهارت فيه من الداخل لعدم تطمينها الحاجات كما حدث في روسيا القيصرية اثر انتصار ثورة اكتوبر 1917 التي قادها الحزب البلشفي الذي سمي بـ (حزب من طراز جديد)(1) ، الذي استطاع بطراز بنائه ونشاطه، مواجهة قضية اسقاط القيصرية ونجح باسقاطها فعلاً، وشرع ببناء جديد لم تستطع قوى الرأسمال ان تؤده في حينه رغم انواع الحروب والحصارات والفتن، حتى صار ملهما للشعوب الفقيرة في الشرق في كفاحها من اجل حريّتها وحقوقها البشرية في انهاء الأضطهاد القومي والديني والعرقي . . بعد ان تحررت الشعوب الرازحة تحت وطأة حكم الدولة الأقطاعية ـ الرأسمالية القيصرية الكبيرة العائشة والممتدة في قلب وتخوم العالم النابض بالحياة والأشعاع في تلك المرحلة .
الأمر الذي اضطر قوى الرأسمال الى ان تصغي للطاقات الجديدة التي لم تنفك عن التصاعد والنمو تحت نداءات الجديد، وقادها الى التعامل والتعاطي معها كمحصلة لتفكير جديد آنذاك غطىّ فترات متعددة كثيرة التعقيد، ادىّ الى قيام واقع جديد في العالم، واقع تعايش قطبين اساسيين في حالة تناقض حددته وحدة فرضتها حاجات امن وسلام العالم. والذي ادى الى ان يعيش العالم بقطبين أساسيين والى ان تصطف وبدرجات كثيرة التنوّع بقية الأقطاب والأقاليم والدول والكيانات الفاعلة والمموله والمجهزة للتطور والرفاه وللمنتجات في الحياة والرفاه، على جانبي تناقضات ذينك القطبين، وانتج نمطاً بل انماطاً من التفكير تناسبت مع متطلبات وآفاق مسيرة تلك المرحلة .
وفتحت مسيرة احتاجت الجديد واحتاجت العلوم والمعارف والتطوير والتحديث، سواءاً للوقوف امام المخاطر المهددة لقطبيها، سواء كان من الطبيعة او من القطب المقابل . . الأمر الذي دفع الى زيادة الجهود لتعزيز قدرة كل قطب للوقوف ولمواجهة القطب الدولي الثاني وايقافه عند حدود جرى صياغة قسم منها في اتفاقات وعهود، وبقي آخر مفتوحاً .
بل واحتاج القطبان الأساسيان والأقطاب والدول المحيطة بهما حاجة ماسّة الى تحسين اواعادة صياغة مفاهيم او مفهوم الحلم البشري في السعادة وفي مفهوم الرمز . . الذي تطلّب سباقاً وتنافساً كثيفاً بل وصراعاً مريراً قادته ونظّمته مئات وآلاف معاهد الفكر والسياسة والأدب والفن، اضافة الى خنادق القتال والثورات والأنتفاضات . . طوال القرن الماضي، اسفر عن نشوء وصعود وتخلّف وتقدّم وجمود برامج ومشاريع ثم تقدم وعودة وارتداد، امام تحديات الحياة والطبيعة الكلاسيكية منها او المستجدة التي اخذت بالظهور على ارضية ذلك الواقع . . فيما اخذت الأستفسارات تزداد عن ماهية وحدود دور الأنسان كعنصر اساسي في حياة الكون، ولكونه العنصر الأساسي الفاعل بالطبيعة والمغيّر لها لتلبية آماله وحاجاته المتجددة (2).
وكان ان بدأ العالم يصحى بطلائع من قطبيه الأساسيين، وظهر بان تفكيره الذي كان يبنى على اساس " ان الأنسان عابر، اما البشرية فخالدة " ، بدأ يظهر بكونه قاصراً امام مخاطر صار يمكن تلمسها وقياسها، اخذت تفيد بأن " ليس الأنسان لوحده يموت وانما البشرية يمكن ان تموت ايضاً " اي ان الموت صار يلازم البشرية ( مجتمعات البشر) جمعاء، الأمر الذي اخذ يدفع الفكر السياسي والمفاهيم المعاصرة الى ان تأخذ ذلك بنظر الأعتبار . . اعتبار ان البشر( البشرية) في الواقع مهددون بالموت ان لم يتصرّفوا بشكل مسؤول، واخذ يتطلّب فهماً جديداً لمغزى الحياة ولكيفية تقدير الماديين وتقدير قسم من المثاليين لها وتفسير ظواهرها! لأن الأمر يقرر مصيرهم معاً !
وصارت فكرة ان الأرض وكل مافيها من ثروات لايمكن ان تفنى وانما هي شئ " سرمدي لا ينتهي او ينفق" لم تعد قادرة على التحقق، بعد ان اخذت الوقائع تثبت وجود " خطورة نضوب الثروات " بل و " خطورة الزوال " ، حيث يرى العلماء انه اضافة الى مخاطر استخدام الأسلحة النووية او تخزينها (كما حصل في كارثة تشيرنوبل) فان الصناعة اذا استمرت في تطورها على نفس معدلات تلويث الطبيعة ، سنصل جميعاً الى ما لاتحمد عقباه، في ظروف يعبّر فيها فريق متزايد من الفلاسفة والجيوفيزياويين عن ان زماننا الحالي صار يعجّ بتغييرات جسيمة، تتأتى من ان الأنسان اصبح يتفاعل مع الطبيعة باشكال ووتائر لاتشابه تعامله السابق معها كـ " أم " وبالتالي اخذت علاقة الوئام بين البشر و الطبيعة، تصل الى مراحل عدوانية كارثية . . (3)
الأمر الذي اخذ يتسبب بردود افعال من الطبيعة بسبب اختلال توازناتها التي اخذت تزداد بروزاً في حياة البشر، بحدوث كوارث طبيعية تسببت باضرار بشرية لايمكن اغفالها، وبالتالي اخذت تحدث تغييرات في الحياة والفكر تدعو الى " تفكير جديد " . . ككارثة " تسونامي " في جنوب آسيا الشرقي، واعصار " كاترينا " في ولاية " نيواورليانز" الأميركية بشكل اساسي، اضافة الى البراكين الهائلة المهددة في اليونان وايطاليا وفي اميركا اللاتينية . . على سبيل المثال لاالحصر .
حتى صارت فكرة احتمال فناء اقوام او مجاميع بشرية فكرة ليست خيالية في حسابات التفكير الجديد، وبدأ التفكير بذلك ينعكس بشكل مباشر عنيف ويؤثّر في المصالح والعلاقات بين مختلف الدول ومختلف الشعوب بعضها مع بعض، واخذ يجري حسابه سواء كان علناً او سراً ، ومهما كان شكل التعبير عنه . . بل واخذ يكون سبباً مباشراً في اشتعال الحروب والصراعات التي تجري بين مختلف المصالح والتطلعات والحقوق.
من ناحية اخرى، ومنذ اواخر القرن العشرين اخذت الثورة التكنيكية العلمية والمعلوماتية تاخذ طابعاً عاصفاً، اخذ يتجسّد بظهور تشكيلات اقتصادية اجتماعية فكرية، تختلف اختلافاً هائلاً عماّ في السابق . . في الشكل والمحتوى والكم، واصبح لها شأناً اخذ يؤثر بشكل عميق على حياة ومصير الشعوب وتفاصيل بنيتها الأجتماعية الأقتصادية، وعلى حالة العلاقات الدولية سواءاً بين الدول العظمى، او بين الدول الغنية والفقيرة والنامية والبطيئة التطوّر .
وفيما تُُطرح بشكل ملح ضرورة دراسة واستيعاب المتغيّرات الراهنة ولتحديد وجهة السلوك المجدي سواء كان للحكم اوللمعارضة، الذي يجري التعبير عنه بـ " التفكير الجديد " . . ترى اوساط متزايدة من الماركسيين والماديين، ضرورة اتخاذ موقفٍ جديدٍ ازاء الفلسفات غير الماركسية ، لأجل التطوير الخلاّق للمنهج المادي الديالكتيكي خلافاً للماضي الذي اغلق الباب امام تلك الفلسفات غير الماركسية وامام التفاعل معها.
الأمر الذي الحق ضرراً ليس بالفلسفة الماركسية فحسب وانما بالثقافة الفلسفية بشكل عام . وترى ضرورة مواكبة التطورات العاصفة في العلوم والمعارف التي تضغط بشدّة على الفكر البشري وعلى معتقداته، والأنفتاح على الفلسفات التي تتناول قضايا واقعية ملتهبة معاصرة تتراكم وتؤدي بتراكمها الى تغييرات نوعية، في سبيل الأستفادة الواقعية منها، وبناء وسائل مواجهة اخطارها واضرارها . . مذكرّين بأن قضية " حماية البيئة " (4) على سبيل المثال، القضية التي صارت تلعب دوراً مصيرياً في العالم الصناعي بشكل خاص (5) وصارت تدخل كعامل هام في تقرير قضية الحرب والسلام ! لم تطرح في الماركسية !!
وتؤكد تلك الأوساط على ان معرفة وادراك الواقع لايعني الأستسلام له، في الوقت الذي تفترض فيه المادية الديالكتيكية موقف النقد للواقع، وتؤكد على ان التفكير الفلسفي يجب ان يتصف بالنظرة المعمّقة وبالحرية والأبداع، وان يربط الفلسفة بالحياة . بعد ان سادت فلسفة دوغماتية، شكّلت فلسفة مراحل الركود التي كانت تستخدم لتفسير الواقع الأشتراكي الذي كان قائماً، وتدعم وتبرر نظرية وممارسة الجمود في مجالات المجتمع، حيث لم يلعب الديالكتيك في زمن الركود دوره المطلوب، بل استخدم لتغطية التناقضات في سياق الحياة الأجتماعية، ولعب دوراً كالغطاء المعيق المانع . . وتدعو الى ( ضرورة التفكير بمسؤولية في ان الوقت حان لأحياء الجوهر الحقيقي للفلسفة الماركسية وللديالكتيك خاصة، واحياء جوهرها الذي يتلخص في النقد العلمي . . )(6).
لقد كشف الأنهيار المأساوي المؤلم لأحد القطبين ـ الذي لاتزال اوساط لاتصدّقه ـ، وتسارع القطب الآخر لأعلان قطبيته الوحيدة الجديدة وهيمنته، كشف عمق ومدى التحوّلات التي تعصف بالعالم التي اسفرت عن العولمة، وكشف سرعة تفاعل مكونات العالم وسهولة تحول النزاعات المحلية والأقليمية الى ازمات عالمية وصراعات دولية عملاقة . . يشكّل الواقع الأكثر مأساوية الذي تمر به بلادنا العراق المثال الحي على حقيقة نضوب الثروات الطبيعية في العالم .
الأمر الذي يطرح ان الواقع الجديد ـ الدولي والأقليمي والوطني ـ يتطلب تفكيراً جديداً، منطقاً جديداً، وادوات اجتماعية سياسية وتعاطي جديد، من خلال الفحص الجاد لمواقع الخلل ودراسة سبل معالجتها والمباشرة به، التطوير الجاد للأدوات القديمة وليس رفضها والغائها بالكامل ان استمرت في الفعل والعطاء في الواقع القائم، والتي يمكن باصلاحها تحقيق نتائج افضل من جهة، ودعم المواليد الجديدة بآلياتها الشابة ان كانت جادة وواقعية وموجودة في ساحة النضال ومثمرة وتحقق الجماهير بها مكتسبات على طريق الحكم الوطني البرلماني الفدرالي ذي السيادة، من جهة اخرى .
في ظروف البلاد المتسمة بضياع القيم، النزعة البراغماتية، اللعب على الجمهور، صعود عهد المعاهدات السريّة، تعقد السياسة بين السياسة المعلنة والسياسة السرية والحقائق المخفية غير المعلنة،
جهل وركوع وتركيع، وضياع اوساط واسعة في الرفض وفي رفع الـ لاءات المحلية، التي توظفها وتتمحور عليها قوى اقليمية وعظمى في مسارح العالم العليا والأقوى . . التي تسببت وتتسبب بها عوامل كثيرة التنوع، والتي ستستمر لمراحل غير قصيرة تالية، بتقدير اوسع الأوساط ذات الخبرة . .
ومن اجل تعقيل العواطف والأحلام، بعد فداحة الخسائر المتنوعة ومن اجل تشكيل احلام ورؤى
منطقية فاعلة جديدة تستطيع ان تساقط الأوهام والأحتكام الى الغيبيات، من اجل تحويل طاقة انساننا العراقي بالوان طيفه القومي والفكري والديني والطوائفي، الى قدرات فاعلة من اجل النجاح في النضال ضد الحروب ومخاطر الأسلحة النووية، ومن اجل الأصلاح والتقدم الأجتماعي والأقتصادي ، الثقافي والحضاري، وضد الفقر والمرض والأيدز والمخدرات والأدمان . .
ومن اجل النجاح في تحقيق خطوات على طريق فصل الدين عن الدولة، صيانة للدين نفسه، الذي يتعرّض الى مخاطر التحريف وبسبب اذكاء مخاطر الطائفية المدمّرة على يد التكفيرين من اجل غاياتهم، الأمر الذي يشوّه معاني العقائد السمحاء التي تدعو الى التسامح والى خير البشر وخير الفقير، وعلى اساس " الدين لله والوطن للجميع " !

6 / 7 / 2006 ، مهند البراك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. ان نجاح الحزب اللينيني من طراز جديد في تحقيق اهدافه ونجاح ثورته التي هزّت العالم، هو الذي ادى الى شهرته وبالتالي الى تبني العديد من القوى والأحزاب لنظرية وآلية بنائه ونشاطه من اجل ان تستطيع ان تحقق اهدافها، سواء كانت احزاب عمالية او قومية تحررية او اسلامية متنوعة . . في عالمنا الشرقي .
2. سواء كان في اقامة السدود الهائلة اوانشاء البحيرات والقنوات وتغيير مجاري الأنهار الكبيرة وتكوين مستودعات الماء العملاقة لأحياء الأرض ولغيرها، او في الحفر العميق للوصول الى مصادر الطاقة والذهب والماس . . والى التجارب النووية في باطن الأرض وفي اعماق المحيطات واستكشاف وغزو الفضاء والشروع في برامج حرب النجوم . . وغيرها .
3. كما حصل في العراق من تصحّر وجفاف وهلاك مئات اصناف الأسماك والنباتات والكائنات المائية والطيور وتسمم المياه وتلف مساحات واسعة من اخصب الأراضي الزراعية في العقدين الأخيرين من تسعينات القرن الماضي ، بسبب استخدام دكتاتورية صدام للأسلحة الكيمياوية في كوردستان والأهوار، تجفيف الأهوار، حرق مساحات واسعة من حقول وآبار ومنشآت النفط، اثر اعلانها الحرب على الجارتين ايران والكويت . .
4. التي اصبحت مطروحة بشكل ملموس حقيقي وجاد في البداية من قبل " نادي روما " . . بعد ان التقى مائة عالم ورجل علم من العالم الرأسمالي مطلع السبعينات، لمناقشة واستخلاص نتائج من بحوث متنوعة في العصر الحديث ومنها قضية البيئة والظروف البيئوية الحاصلة بتأثير نشاط الأنسان، وقضية بحوث الطاقة ، والذي استمر ويستمر ببحث الوضع الذي يتكوّن على الأرض، ويصدّر عدة مؤلفات دورية . . وقد نشأت قضية حماية الطبيعة كنهج سياسي، وسط حركة الخضر في المانيا الأتحادية وثبتت وتوسّعت حتى شملت اعداد متزايدة من الأحزاب والحركات في بلدان العالم . . اضافة الى قضايا اخرى تعود بتفاصيلها لغيرها من الفلسفات غير الماركسية، كـ " قضية الأنسان " التي تُعالج في عدد من الفلسفات الغربية .
5. دخلت قضية البيئة في الدول الصناعية بشكل متسارع، في الأنظمة الصناعية والزراعية والطبية والأقتصادية والعسكرية وفي انظمة البحث العلمي، ودخلت حيّز التنفيذ في برامج وسياسات الأحزاب، سياسة تحديد العمالة، تصدير رأس المال، سياسات الطاقة، تصدير معامل الصناعات الملوثة للبيئة الى خارجها او فرضها على عدد من الدول . ودخلت في النظام الضريبي والمعيشي والبناء . . وغيرها الكثير، حتى صار المواطن العادي يدفع ضرائب متصاعدة ملحوظة تضغط على المداخيل بشكل واضح
6. راجع " البيان الشيوعي " ، " تطوير الفكر الفلسفي " ، " اين نظرتنا الجديدة " ، " موقفنا الجديد من الفلسفة " . . المسجلة في حقل " مراجع " .

مراجع :
ـ " مستقبلنا الطبيعي " / اور كومون فيوجر/ 1989 ، نخبة من علماء الأمم المتحدة، عن الأنكليزية . .
ـ " اللجنة العالمية للتنمية والطبيعة" ، التقارير الدورية / برئاسة غرو هارلم برونتلاند رئيس وزراء
النرويج الأسبق .
ـ برتراند راسل، رسائل ومقالات ضد مخاطر الحروب واسلحة الدمار .
ـ " البيان الشيوعي " ماركس / انجلس
ـ " رأس المال " كارل ماركس . . الفصل 5 ، الفصل الأخير من المجلد الأول .
ـ " سياسة الدبلوماسية" مذكرات وزير الخارجية الأميركية الأسبق جيمس بيكر . 1999 ، الناشر
بالعربية، مكتبة مدبولي ـ القاهرة
ـ " الحقيقة المحرّمة "، جين ـ شارلز بريزارد/ غيلاومي داسكوي، زيورخ 2002 .
ـ " فخ العولمة " ، هانس بيترمارتن / هارالد شومان 1996 ، دار روفولت ـ المانيا .
ـ وثائق " تطوير الفكر الفلسفي " ، الحزب الشيوعي الأيطالي، 2001 .
ـ " اين نظرتنا الجديدة ؟ " نويس دويتشلاند " ، غ. غيزي / صيف 2000 ، عن الألمانية .
ـ سلسلة " موقفنا الجديد من الفلسفة " تالانوف، بوبوف / 1990 عن الروسية .




#مهند_البراك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأجتياح وشريعة الغاب لايحققان الاّ الدمار والطائفية !
- الديمقراطية، قِيَمْ وآليات !
- العراق والصراع الطائفي المدمّر ! 2 من 2
- العراق والصراع الطائفي المدمّر1 من2 !
- صدام . . تلويح بتفاهم ام بتأهيل ام . . ؟ 2 من 2
- صدام . . تلويح بتفاهم ام بتأهيل ام . . ؟ 1 من 2
- ماذا تعني العودة الى فزاعة الخطر الشيوعي ؟
- القضية الوطنية والصراعات الدولية والأقليمية
- المجد لقوات بيشمه ركة كوردستان ! 2 من 2
- المجد لقوات بيشمه ركة كوردستان ! 1 من 2
- الآن . . ماذا يعني سحب ترشيح الجعفري ؟!
- المحاكمة ودفاع الدكتاتور الديماغوجي ! 2 من 2
- المحاكمة ودفاع الدكتاتور الديماغوجي ! 1 من 2
- - اثنان وسبعون عاما من اجل القضية الوطنية، والمخاطر الجديدة-
- الأزمة الراهنة !
- الرسوم المخلة والدلالات ! 2 من 2
- الرسوم المخلة والدلالات ! 1 من 2
- التوافق والديمقراطية ونزعة الأحتكار ! 2 من 2
- التوافق والديمقراطية ونزعة الأحتكار ! 1 من 2
- لماذا حكومة وحدة وطنية وكيف ؟! 2 من 2


المزيد.....




- حاول اختطافه من والدته فجاءه الرد سريعًا من والد الطفل.. كام ...
- تصرف إنساني لرئيس الإمارات مع سيدة تونسية يثير تفاعلا (فيديو ...
- مياه الفلتر المنزلي ومياه الصنبور، أيهما أفضل؟
- عدد من أهالي القطاع يصطفون للحصول على الخبز من مخبز أعيد افت ...
- انتخابات الهند.. قلق العلمانيين والمسلمين من -دولة ثيوقراطية ...
- طبيبة أسنان يمنية زارعة بسمة على شفاه أطفال مهمشين
- صورة جديدة لـ-الأمير النائم- تثير تفاعلا
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 50 مسيرة أوكرانية فوق 8 مقاطعات
- مسؤول أمني عراقي: الهجوم على قاعدة كالسو تم بقصف صاروخي وليس ...
- واشنطن تتوصل إلى اتفاق مع نيامي لسحب قواتها من النيجر


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مهند البراك - مسائل في -التفكير- و-التفكير الجديد-