أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان دغش - نهاريّة سليمان دغش















المزيد.....



نهاريّة سليمان دغش


سليمان دغش

الحوار المتمدن-العدد: 1638 - 2006 / 8 / 10 - 03:44
المحور: الادب والفن
    


قصيدة

إهداء :
إليهِ
يسكنُ فيَّ
يحيا فيَّ
يرحلُ فيَّ
إليَّ ...
هذهِ النهاريّة .....



إشارة :

هذِهِ نَهاريَّتي

أعَلِّقها على جُدران النَهار
ليحفظها الزّمان
ويحفظها المكان
فما الزّمان إلاَّ حقيقة المكان
وَما المكان إلاَّ جَوهَر الزّمان

سليمان

وحدي كقدّيس على طرف البحيرة

وَحْدِي
كقدّيس ٍعَلى طَرَفِ البُحَيْرَةِ
نِصْفُ قلبِي يَرْتوي بالمَاءِ
والنصْفُ ارتوَى دَمْعَ العَنادِل ِ
وَهْيَ تنتَظِرُ البشارَةَ
ربَّما تأتي الإشارَةُ ذاتَ يَوْم ٍ
في بَريدِ الغَيْم ِ والمَطَر ِ المُسافِر ِ
بَيْنَ نافذتَيْن ِ
حائِرَتيْن ِ
نِصْفُ القلبِ بينَهُما
وَحَبْلُ الدَمْع ِ بينَهُما
وَليْلُ العَنْدَليبْ ..

وَحْدِي
كقدِّيسٍ عَلى طَرَف ِالبُحَيْرَة ِ
ههُنا مَرَّ المَسيحُ
مَشى قليلاً فَوْقَ سَطْح ِالماءِ
قالَ كلامَهُ السّحْريَّ
عَنْ مَاء ِالمَحَبَّة ِ
والسَّلام ِالآدَمِيِّ
هُنَا أقامَ عَشاءَهُ السِّريَّ
قُدّاساً لأجْنِحَةِ الفَراشاتِ الجَميلةِ
وَهْيَ تصْعَدُ مِنْ أصَابِعِهِ
إلى أبَدِيَّةِ المَلَكوتِ
قالَ : أنا الشّفيعُ
أنا الوَديعُ
أنا الرّبيعُ
أنا يَسُوعُ
فَعلّقوهُ على الصّليبْ ...

وَحْدِي ...
وَوَحْدَكِ يا بُحَيْرَتنا الأسيرَة َ
يُغلِقُ التّاريخُ غُرْفَتهُ
وَشُرْفَتهُ عَليْنا
والفَراشاتُ التي ٱلتقَطتْكِ في الكَمِيرا الخفيّةِ
وَهْيَ تعْبُرُ زُرْقة َالمِرآةِ
آخِرَ مَرَّةٍ
كَتبَتْ رَسَائِلهَا عَلى وَرَق ِالغَمَام ِ
وَأوْدَعَتهَا لِليَمَام ِ
وََوَدَّعَتكِ
فأسْقَطتْ أقراطَ زينَتِها
وَلَهْفَتَها
عَلى كَتِفِ الحَبيبْ ...

وَحْدي
وَوَحْدَكِ
بَيْنَنا بَحْرٌ مِنَ الزّيتونِ
عُمْرُهُ ألْفُ عامٍ
كانَ يَشْرَبُ مِنْ مَدامِعِنا
وَمِنْ دَمِنا
فَأقْسَمَ أنْ يَظَلَّ
وَانْ يُظَلِّلَنا برمْشِ العَيْن ِ
كَي نَبْقى وَتَبْقى ههُنا عَيْنايَ فِي عَيْنَيْكِ
عَيْنٌ تَحْرُسُ الذِّكْرى بدَمْعَتِها
وَأُخرى تَحْرُسُ الزّيتَ المُقدَّسَ
فِي جرار ٍ نِصْفُها عَبَقُ الجَليل ِ
وَنِصْفُها تَوْقُ الفَراشَةِ لاشْتِعال ِ الماءِ
في حَمّام ِ طيبْ

مَرَّ النّهارُ عَليْكِ
مَرَّ عَلى المَغار ِ
وَكانَ طَيْفُكِ في مَرايا الإنْتِظار ِ
مُهيّأً للعشقِ
في وَهَجِِ الأوارِِ
سَألتُ طيْفَكِ :
ما الذي يَجْري هُنا
وَهُناكَ في وَضَحِ النّهارِ
هَتَفْت ِ بي :
لا تَبْتَعِدْ عَنِّي
فَجاوَبَكِ ٱنكِساري...

لمْ أكُنْ حَيَّاً كَما أرْجو
وَلا مَيْتاً كَما شاؤوا
وَبَيْنَ البَيْن ِ كُنْتُ أعُدُّ ناري
كانَ مَوْجُ البَحْر ِ مَشْبوهاً
كَزَوْبَعَةِ الخَريفِ تَهُبُّ عاريَة ً
فَحَطَّ عَلى شَواطِئِنا الغَريبُ
لِيَسْرقَ القَبَسَ المُقَدَّسَ مِنْ يَدَيَّ
ويُطفِىءَ القِنْديلَ في دميَ المسافرِ
فَوْقَ سَرج ِ الرّيح ِ
والفَرَس العَصِيِّ على الرُّكوبْ

مِن أيِّ بَحْرٍ جاءَ مَوْجُ النّارِ
كانَ البَحْرُ جاري ...
كَيْفَ يا بَحْرُ انقَلَبتَ عَلَيَّ .. وَيْحَكَ
واستَبَحْتَ حُدودَ داري
لَمْ يَعُدْ في الماءِ مُتَّسَعٌ لِنَورَسِكَ الحَزينِ
فَكُنْ جَديراً باحْتِضاري
واتْرُكِ الأبواب مشرَعَةً إلَيْكَ
لَرُبّما طالَ انتِظارُكَ في انتِظاري
وانْتَظرني عِندَ بابِ الشَمسِ قُربَكَ
لا تَقُلْ للشّمسِ لا تَتأخَّري في النّومِ
إنَّ الشّمسَ تَحتَرِمُ المواعيدَ الدَقيقَةَ
والحَقيقَةَ
بَينَ شباَّكِ النّهارِ
وَبَينَ مِشْكاةِ الغُروبْ

وَحْدِي ...
وَوَحْدَكِ ههُنا
لا خَيْلَ يُورِدُهَا صَلاحُ الدّين ِماءَكِ
فِي صَهيلِ الرّوح
بَيْنَ المَاء ِوَالصّحْراءِ
مَا الصّحْراءُ ؟
رَمْلٌ تَحْتَهُ رَمْلٌ
وَتحْتَ الرَّمْل ِرَمْلٌ
تحتَهُ نفْط ٌ
وَفَوْقَ النّفطِ قَحْطٌ
والنّخيلُ ٱلشّاهِدُ الأزَلِيُّ وَالأبَدِيُّ
أنَّ عَباءَة َالبَدَويِّ
أوْسَعُ مِنْ جَزيرَتِهِ
وأضْيقُ مِنْ غريزَتِهِ
وأنَّ الشّمْسَ رَهْنُ بَنانِهِ العَرَبيِّ
فِي الأفُق ِالقريبْ ...

وَحْدي وَوَحْدَكِ ههُنا
لا وَرْدَ يَزأرُ فِي ثنايا الرّيح ِقُرْبَكِ
رَيْثما تَلِدُ القصيدَةُ روحَهَا في ريحِهَا
والنّيلُ يَبْعُدُ عَنكِ أكْثرَ مِن ضَفائِرِهِ
يُمَشِّطُها الصّعيدُ عَلى أصَابعِهِ الطّويلةِ
وهْوَ يَعْزِفُ لَحنَهُ الأزَلِيَّ في نايِ السَواقي
وَالفُراتُ أدارَ ظَهْرَهُ وَٱكْتفَى
بعَويلِهِ فِي زَحْفِ هُولاكو الجَديدِ
وَوَحْدَهُ الأرْدُنُّ مَشطوراً إلى نِصْفَيْن ِ
يَحْلِبُ مَاعِزاً فِي غَيْمَةِ المَنفَى
وَيَرْكُضُ نَحْوَ مَائِكِ حَافِيَ القدَمَيْن ِ
أخْشى أنْ يَمُوتَ النّهرُ
أوْ يَتساقَطَ الصَفْصَافُ حَوْلَ النّهرِ
لا نَهْرٌ بلا صَفْصَافِهِ يَجْري
وَلا الصَفْصَافُ يأنَسُ دُونَ مَاءِ النَهْر ِ
فَلتُكْمِلْ مَشيئَتَهَا الطّبيعَة ُ
مثلما تهوى الطّبيعةُ
حَوْلَ مَائِكِ
لا ترُدِّي المَاءَ عَنْ خِلخال ِسَاقِكِ
إنَّ نِصْفَ المَاءِ دَمْعُ أحبَّةٍ رَحَلُوا
وَنِصْفَ المَاءِ
وَشْوَشَة ُالقلوبِ الى القُلوبْ ...

ألجسْرُ هَمْزَة ُوَصْلِنَا الأوُلى
وَفَاصِلة ٌتشُدُّ الرّوحَ
فِي مَعْنَى حِكايَتِنا
تَعَوَّدْنَا أنِينَ الجِسْر ِ
تحْتَ رَذاذِ غَيْمَتِنَا بوَجْهِ الرّيح ِ
مُذْ غَنَّتْ لنَا فَيْرُوزُ
لمْ نَكْتبْ قَصِيدَتنَا الأخِيرَةَ بَعْدُ
قُلنَا : للخَرير ِروايَة ٌأخْرَى
سَيَكْتُبُهَا لنا النَهْرُ الفَقيرُ
بدَمْعَةِ الذِّكْرَى
عَبَرْنَا الجسْرَ نَمْتحِنُ الإذاعَة،َ
جِرْسَهَا
أوْ رِجْسَهَا العَرَبيَّ
مَنْ مَنَحَ الجُسُورَ وِشَاحَهَا الدّمَويَّ
بَيْنَ الضّفّتينِ
وَسَلمَّّ َالعُصْفُورَ مِفْتاحَ التّمَردّ
مِنْ هَزيم ِالرّعْدِ فِي دَمِنَا
الذِي لفَحَتهُ سَاريَة ُالصّهيل ِ
عَلى شِراع ِالسّندبادِ
وَحَمَّلتهُ سُلالة ُالأضْدادِ
فِي الصّحْراءِ وِزْرَتهَا
وَمَنْ خَدَشَ الرّخَامَ عَلى شِغَافِ الرُوح ِ
لمْ تعُدِ الفَراشَة ُمِنْ وُضوءِ الشَمْس ِالاّ
كَيْ تُعلّقَ فِي مَرايَا المَاءِ
لألأهَا
وَلؤْلؤَهَا
وَجَانِحَهَا اللّعُوبْ

وَحْدِي هُنَا
وَحْدِي هُنَاكَ
وَوَحْدنَا فِي الرّيح ِ
وَالأيَّامُ تعْبُرُنَا
وَتمْضِي نَحْوَ شُرْفَتِهَا الجَديدَة
ِ كَيْ تُطِلَّ عَلى أجِنْدَتِهَا
وَتتْرُكَنَا عَلى حَبْل ِالغَسيل ِ
لِكَيْ نُجَفِّفَ جُرْحَنَا
وَنَجِفَّ مِثلَ اليَاسَمينَةِ فِي مَشَابكِ شَعْرِهَا
فَتهُزَّنَا الذِكْرَى
وَللذكْرَى أجِنْدَتُهَا التِي قدْ تكْسِرُ الإيقاعَ
فِي مَعْزُوفَةِ النّسْيان ِ والمَوْتِ البَطِيءِ
عَلى أنِين ِالناي ِفِي الجرْح ِالمُسَافِر ِ
نَحْوَ مَاءِ الرّوحِ فيك
وَتشعِلَ الكِبريتَ فِي الوَتر ِالكَئيبْ

لا أنتِ مَيِّتَةٌ
وَلا أنا مَيِّتٌ
حَيَّان نَحنُ وماؤنا حَيٌّ
هُنا وَهُناكَ
في عِرْزالِ فِكْرَتِنا
وَفي شَلاّلِ ثَورَتِنا
لَنا قَمَرٌ على الشُرُفاتِ يَسألُ عَن مخدّتهِ
على خَدِّ الوُرودِ المَنزِلِيَّةِ
كَيْ يَنامَ عَلى القَطيفَةِ في وِسادَتِها
وَشَمسٌ في مَرايا الحُلْمِ
تَرمي شالَها الفِضّيَّ في دَمِنا
فَمَن وَهَبَ الفَراشَةَ وَمضَةَ الكبريتِ
فاشتَعَلتْ ظَهيرَتنا هُنا وَهُناكَ
إنَّ هُنا هُناكَ
ولا هُناكَ سِوى هُنا
وأنا هُنا وَهُناكَ أنتِ أنا
لتُكملَ صورَتي
وأُتِمَّ سورَتَكَ الأخيرَةَ في كِتابِ البَحرِ
يَوْمَ تَزُفُّنا للبَحرِ نَرجِسَةُ الضُّحى
وتَزُفُّنا للأَرضِ
زنبَقَةٌ بِدَمِّ العَندَليبْ

فِي كُلِّ صُبْح ٍتلتقِي عَيْنايَ فِيكِ
كَأنَّمَا عَيْنَايَ تخْتطِفَان ِلوْنَكِ زُرْقة ً
فاسْتشرِقي فِي زُرْقةِ العَيْنَيْنِ ظِلَّك
كُلُّ شَيءٍ أزْرَقٌ مَا بَيْنَنَا
الأفْقُ أزْرَقُ
والسَّمَا زَرْقاءُ مِثلُكِ
وَاليَمَامُ
وَبزّةُ الشُّرُطِيِّ ،
نُوُنُ البَحْر ِ
نابُ الدَهْر ِ
دَمْعُ النَهْر ِ
وَالأحْلامُ
وَالأوْهَامُ
وَالأيَّامُ
والرُؤيَا هُنَا زَرْقاءُ مِثلُ المَوْتِ
أزْرَقَ مِنْ كَثافتِهِ عَلى العَلم ِالغَريبْ ...

مَنْ نَفَّرَ البَجَعَ الأليفَ
عَلى ضِفافِ المَاءِ حَوْلَكِ
أيُّ عَاصِفَةٍ رَمَتْ سِرْوالهَا الفَضْفاضَ
فِي عَيْنَيْكِ
فَاختلَّ التّوازُنُ فِي جَناح ِالرّوح ِ
وٱنكَسَرَ المَدَى
فِي شَهْقةِ الدّورِيِّ مَا بَيْنَ النَخِيل ِ
يُراودُ الأفُقَ العَلِيَّ
وَبَيْنَ ناصِيَةِ النّدَى
لكِ يَغْزلُ القمَرُ الحَزينُ
قميصَ نَوْمِكِ بُرْتقاليًّا
عَلى نَوْل ِالمَسَاءِ القرْمُزيِّ
أكُلّمَا غَسَلتْ عَلى مِرآةِ مَائِكِ
نَجْمَةٌ فُستانَهَا
ٱرْتعَدَتْ مَفاصِلُكِ الطّريَّة ُ
وٱرتعدْتُ أنا بقربكِ
مثلَ عصفورٍ على وتر الكمنجةِ
صَارَ لوْنُ المَاءِ أقرَبَ للضِّيَاءِ
وَصَارَ وَجْهُكِ فِي السَّماءِ
مَنَارَة ًللعَائِدينَ عَلى حُدُودِ المَوْتِ
بَيْنَ المَاءِ وَالصّحْراءِ
هَلْ رَمَتِ البُحَيْرَة ُشَالَها الكُحْلِيَّ
يَوْمَ وَدَاعِنا فِي الرّيح ِ
فَانْكَسَرَتْ لهَا أرْواحُنَا
مَا الرّوُحُ الاّ مَوْجَة ٌ
فَرَدَتْ ضَفَاِئرَ شَعْرِهَا الغَجَريِّ
فَوْقَ المَاء ِ
فٱسْتعْصَتْ ضَفَائِرُهَا كَعَاصِفَةٍ
عَلى البَحْر ِالرّتيبْ

لِلرّيح ِصَهْوَتُها عَلى بَحْر ِالجَليل ِ
وَلِي هُنَا سِجَّادَة ٌزَرْقاءُ
تغْتسِلُ الكَواكِبُ حَوْلَ سُرَّتِهَا
وَهذا البَدْرُ يَسْهَرُ فِي سَمَاءِ المَاء ِليْلتَهُ
يُصلّي الفَجْرَ باِلعَرَبيَّةِ الفُصْحَى
وَيَمْضِي نَحْوَ بَابِ الشّمسِ
يُوقِظُهَا عَلى عَجَلٍ
فَتخْلعُ بُرْقُعَ الليْل ِالطّويل ِ
عَلى وِسَادَةِ نَوْمِهَا
وَتطِلُّ عَاريَة ً
فَيُشْعِلُهَا
وَيُشْعِلُنا
وَيُشْعِلُكِ
اللّهيبْ ...

كمْ مرّةٍ سَتزُفّني عَيناكِ للذِّكرى
ويَحمِلُني الحنينُ إلى نَخيلِ الحُلْمِ حولكِ
لمْ يَعُدْ في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لِحُلْمٍ آخرٍ
حطَّت مِظَلَّتُنا على السّفحِ القَريبِ لعَلّنا
لا نَفقِدُ الرؤيا على غَبَشِ المرايا
سَوفَ نَحرسُ حُلْمَنا المائيَّ
إنَّ الحُلْمَ بوصَلةُ النّدى
فإذا افتَرَقنا والطّريقُ غمامَةٌ ما بيننا
والريحُ تُسلمنا لِنايِ الياسَمينِ
يَدُلُّنا حُلُمٌ إليكِ
كما يَدُل فراشَةً للروضِ شالٌ
طارَ عَن كَتِفِ الحَديقَةِ
كُلّما اقتَرَبَ الحَبيبُ مِنَ الحَبيبْ

للرّيح ِصَهْوتُها عَلى بَحْرِ الجَليل ِ
وَللعَصَافير ِالشَّريدَةِ أنْ تمُدَّ جَنَاحَ صَبْوَتِهَا
عَلى وَترَيْن ِشَرْقِيَّيْن ِ
فِي عُودِ القصِيدَةِ
كَيْ يَظلَّ العَزْفُ مُنْفَردًا
عَلى وَترَيْن ِمَنْسِيَّيْن ِ
فِي إيقاعِنَا العَرَبيِّ
هَلْ تلِدُ الفَراشَةُ نُورَهَا مِنْ نَارِهَا ؟
أمْ أنَّ نارًا تضْبطُ الإيقاعَ
فِي ألقِ الفَراشَةِ
حِينَ تُحْرقُ ذاتهَا
فِي ذاتِهَا
وَتُعِدُّ صَحْوَتهَا الأخِيرَة َ
لحْظَة َالمِيلادِ
فِي شَفَق ِالمَغيبْ ....

كُنَّا هُنَا
نَصْطَادُ كَالأطفَال ِ أجْنِحَة َالبَراءَةِ
فِي فَراشِ الحُلْم ِ
لمْ نَعْرفْ،
وَتِلكَ خَطيئةُ الأطفالِ
أنَّ الحُلْمَ أبْعَدُ مِنْ أصَابعِنا الّتِي ٱحْترَقتْ
عَلى أفُقيْنِ :
أحْمَرَ مِنْ بَنَفْسَجِ دَمِّنا القانِي
وَأسْوَدَ مِثل كُحْلٍ ذوَّبَتهُ غَمَامَة ُالمَنْفَى
وَذَوَّبَهُ عَلى الجِسْر النّحيبْ...

كُنَّا نُداعِبُ نَادِلاتِ المَوْج ِ
نُلقِي شَالهُنَّ عَلى رمَال ِالعُمْر ِ
يُؤْنِسُنَا خَريرُ الشَالِ
وَالخِلخَالُ
لمْ نُدْركْ
وَتِلكَ خَطِيئة ٌ أخْرَى
بأنَّ البَحْرَ غَرْبَ الروحِ مَحْمومٌ وَمَشْحُونٌ
وَأنَّ الرّيحَ فِي الوَعْدِ الخُرافَيّ المُؤلّهِ
سَوْفَ تكْسِرُ دَرْفَة َالشُبَّاكِ
فِي مَقْصُورَةِ الرّؤْيَا
ٱلّتي كادَتْ تحَلِّقُ فِي سَمَاءِ الرّوُح ِ
مِثلَ حَمَامَةٍ بَيْضَاءَ
يَأخُذُهَا الهَديلُ إلى
مَرايا النّرْجس ِ الذّهَبيِّ
فِي الأفُق ِالرّحيبْ

كُنَّا
وَكانَ الماءُ سَيِّدَنا
فَسَلَّمْناهُ مَوْجَ الرّوح ِ في رُؤيا السّحابَةِ
لمْ نَكُنْ نَدْري
بأنَّ الرّيحَ تُخفي سِرَّها
خَلفَ الأراجيح ِ الخَفيفَةِ
إذ يُغازِلُها النّدى
يا ريحُ كَيْفَ كَسَرْتِني
وَكَسَرْتِ فيَّ الماءَ
تِلكَ خَطيئَتي يا ريحُ
فٱنحسري قليلاً عن جناحِ نَوارِسي
لا شَيءَ غَيْرَ ٱلماءِ يُشْبِهُني
فَأيْنَ أفُضُّ ثوْبَ خَطيئتي
يا ماءُ فٱغْسِلْني لأشْفى
مِثلَ أيّوبَ النّبيِّ
على يَدَيْكَ
وَرُدَّني لِلماءِ تِلكَ حَقيقَتي الأولى هُناكَ
وَفُضَّ عَنْ جَسَدِ الخَطيئةِ
ما تَقَدَّمَ
أوْ تَأخّرَ
مِنْ ذنوبْ

لليْل ِ فَلسَفَة ُالهُدوءِ عَلى الطّبيعَةَ
حينَ يَأخُذنَا النّعَاسُ
إلى فَنَاءِ الذّكْرَيَاتِ
وَللصَّبَاح ِ ضَجيجُهُ اليَومِيُّ
فِي الأشْياءِ حَوْلَكِ
لمْ نُفَكّرْ بالخَطيئةِ
يَوْمَ حَط َّعَلى شَواطِئِنَا الغُرابُ
وَلمْ نَقلْ للمَاءِ حَوْلَ قميصِكِ المُبْتلِّ
وَيْحَكَ!
لا تحَمِّلْنَا دُوارَ البَحْر ِ
فِي قلق ِالنّبوءَةِ بالشّراع ِالدّنْيَويِّ
أكَانَ يَلزَمُ كلُّ هذا المَوْتِ
وَالصَّمْتُ المُتلفَزُ
فِي قزازِ الصّوْتِ
حَوْلَ المَشْهَدِ الدّمَويِّ
حَتى يَرْتوي يَأجُوجُ والمَأجُوجُ
مِنْ دَمِنَا الشَهِيِّ
كَأنَّ قابيلَ ٱنتشَى بدِمَاءِ هابيلَ القتيلِ
فَلمْ يُخَبِّئْ فِي أدِيم ِالأرْضِ سوْءتَهُ
كَمَا فَعَلَ الغُرابُ
وَمَا الغُرابُ
سِوى دَليلِ أوْ رَقيبْ

هَا نَحْنُ يَملَؤُنَا الوُضوحُ
نُحَاولُ التّحْليقَ فِي الرّؤيَا القدِيمَةِ

لمْ نُفَرِّطْ بانْتِسَابِ الرّوح ِ للجَسَدِ القميصِ
وَلمْ نُبَدِّلْ سُورَة َ التنْزيلِ
فِي التأويلِ
وَحَّدَنَا الدّليلُ
وَوَحَّدَتنَا آيَة ُالكُرْسِيِّ
فِي الحِسّيِّ
فَاصْعَدْ أيُّهَا المَنْسِيُّ
بَيْنَ المَاءِ والصّحْراءِ
نَخْلَتكَ الفَصيحَة َ فِي مَهَبِّ الرّيح ِ
لا مَطرٌ عَلى الصّحْراءِ يَسْقطُ
غَيْرُ دَمِّكَ
فَانْطلِقْ كَالرّمْح ِ فِي دَمِهَا
وَخُذ ْ يَدَهَا
إلى غَدِهَا
هِيَ الصّحْراءُ تنْثرُ فيكَ عَنْدَمَها
وَأنْجُمَهَا
تعَلِّقُهَا عَلى عُنُق ِ القصيدَةِ
حِينَ تمْنَحُكَ الفَراشَة ُ
سِرَّهَا
وَسَريرَهَا
وَتهُبُّ فِي دَمِكَ ٱسْتِعَارَتُهَا الخَفِيَّة ُ
كَيْ تفُكَّ الرّمْزَ فِي لغَةِ القصيدَةِ
وَهْيَ تُخْفِي فِي عَبَاءَتِهَا الجَدِيدَةِ
ظِلَّ سُرَّتِهَا ..
وَمُنْحَدَرَ الحَليبْ ...

قُلنَا مَدائِحَنَا لِوَجْهِ البَحْرِ
عَلّقنا القوافِي
مِثلَ أقْراطٍ عَلى عُنُق ِالكَواكِبِ
وَٱحْترَقنَا فِي الوُضُوح ِ
فَخَبَّأتنَا الرّيحُ تحْتَ جَنَاحِهَا ..
ٱنكسرَ الجَنَاحُ
عَلى جَبينِ الشّمْسِ
قُلنَا:
لِلهُبوطِ ضَرُورَة ٌحِينًا
لِنَمْتحِنَ التوازُنَ بَيْنَ حَمْحَمَةِ الخُيولِ
عَلى عَجَاج ِ نَشِيدِنَا الوَطَنِيِّ
إذْ يَطْفو عَلى دَمِنَا
وَبَيْنَ تَساقط الشُّهُبِ الوَليدَةِ
فِي مَسَارِ نُجُومِنَا الحَتمِيِّ
نَحْوَ مَدارِهَا وَفَضَائِهَا القدُسِيِّ
مِنْ غَسَقٍ
الى ألقٍ
سَمَاويِّ المَسَالِكِ
وَالمَنَاسِكِ وَالدّروبْ

للرّوح ِ صَفْوتُها عَلى مِرآةِ مَائِكِ
حِينَ يَصْفو المَاءُ
تكْفِي نَظْرَة ٌمِنِّي إليْكِ
لِتسْتردَّ الرّوحُ نَشْوَتَهَا
وَشَهوَتَهَا
وَتُبحرَ فِي مِياهِ النّاصِريِّ
تقيمُ قدَّاسَ الحَقيقةِ
ثمَّ تمْضِي
سِرْبَ أسْمَاكٍ مُلوَّنَةٍ
إلى أبَدِيَّةٍ زَرْقاءَ
خَبَّأْنا لدَيْكِ أسَاورَ الذِّكْرَى
وَخَاتمَ عِشْقِنَا العَالِي
وَلمْ نَرْكَبْ جَنَاحَ الرّيح ِ
إلاّ كَيْ نَمُرَّ عَلى حَريركِ
أوْ نُطِلَّّ عَلى صَهيلِ نَخيلِنَا العَرَبيِّ
يَأخُذُنَا الصّهيلُ الى سَمَاءِ الحُلْمِ
إنَّ الحُلْمَ أجْمَلُ مِنْ حَقيقتِنَا
وَأبْعَدُ مِنْ حَقيقتِهِ
فَكَمْ حُلُمًا سيرمي في فضاءِ الرّوحِ
سهمًا طائشَ الرّؤيا
وَيَترُكُنَا كَعَاصِفَةٍ
عَلى وَشَكِ الهُبوبْ
الرّوحُ تخْتصِرُ المَسَافَة َ بَيْنَنَا
قلْنا لأجْنِحَةِ الطّيورِ
تعَوَّّدِي التّحْليقَ
إنَّّ بلادَنَا ٱبْتعَدَتْ كَأغنِيَةِ الرّعَاةِ
عَلى تِلال ِالرّيح ِ
لمْ يَزَلِ الرّعَاةُ عَلى بَسَاطَتِهِمْ
يَعُدّونَ الكَواكِبَ حَوْلَ قِنْدِيلِ الثّريّا
فِي سَمَاءِ الانْتِظار ِ
وَيَحْلُمُونَ
لرُبّما سَقطَ النّهَارُ
عَلى مَرايَا الحُلْمِ
فٱنكَسَرَ الرّعَاة ُ
وَحَوّمَ الدّوريُّ حَوْلَ نَوافِذِ البَيْتِ العَتِيقِ
هُنَيْهَتيْنِ
وَخَرَّ مُحْترقًا كَنَجْمٍ
مَسَّهُ القِرْميدُ
فِي شَفَقِ الغُرُوبْ

لمْ نَعْترفْ إلاّ لِمَائِكِ بالشّفَاعَةِ
مُنْذُ أنْ سَارَ المَسيحُ
عَلى مِيَاهِكِ
سَلَّّمَ الكُهّانَ مِفْتاحَ الحَقيقةِ
لمْ يُصَدِّقْ وَعْدَهُ الكُهّانُ
فٱجْترَحَ المَعَاجزَ .. كَذَّّبُوهُ
وَكَمْ نَبيًّا كَذَّّبَ الكُهَّانُ قبْلَكَ
يَا يَسُوعُ النّاصريُّ
فَخُذ ْصَليبَكَ مَرّةً أخْرَى عَليْكَ
فإنّ أوُرُشَليمَ حَافِيَة ٌ
عَلى آلآمِ دَرْبِكَ
مَسّها بَرْقٌ سَمَاوِيّ، فَطَارَتْ
كَالفَراشَةِ شَدّهَا ألقُ القنَادِيلِ المُضِيئةِ
خَلفَ شُبّاكِ القِيَامَةِ
فٱستردّتْ نُورَهَا
مِنْ نَارِهَا
وَتقمّصتْكَ....
وَكَمْ حَبيبًا قدْ تقمّصهُ الحَبيبْ

وَحْدِي هُنا
وَحْدِي هُناكَ
أنا هُنا
وأنا هُناكَ
أنا أنا
وأنا الصّدَى
ضَاقَ المَدَى
وَالرّوحُ ضَاقتْ فِي عَبَائتِهَا
وَضَاقَ البَحْرُ فِي قلقِ النّوارسِ
حَوْلَ شُبَّاكِ النّدَى
لا شَيءَ فِي بَالِ النّوارسِ
غَيْرُ بَابِ البَحْرِ
ضَاقَ البَحْرُ
ضَاقَ النّهْرُ
ضَاقَ الفَجْرُ
ضَاقَ العُمْرُ
ضَاقَ الشِّعْرُ
ضَاقَ البَدْرُ
ضَاقَ الجسْرُ
حَرْفُ الرّاءِ فِي ٱسْمِكِ ضَاقَ
وٱكْتمَلَ الصّدَى
مَا بَيْنَ نَافِذَةٍ تُطِلُّ عَلى حِكَايَتِنَا
وَنَافِذَةٍ تُطِلُّ عَلى السّدَى
وَتَعُدُّ أسْرابَ السّنُونُو
وَهْيَ تسْقُطُ مِنْ سَمَاءِ الحُلْمِ مَيّتةً
على درب الجَنُوبْ

للرّوح ِ صَحْوَتُهَا هُنَا
وَهُنَاكَ نِصْفٌ آخَرٌ للرّوح ِ
تكْفِي غَيْمَة ٌمِنْ حُزْنِهَا العَالي
لكَيْ تتسَاقطَ الأمْطارُ فِي الجَسَدَيْن ِ
تكْفِي نِصْفُ أغْنِيَةٍ هُنَا
أوْ نِصْفُ أغْنِيَةٍ هُنَاكَ
لِتسْتردّ الرّوحُ وحْدَتَهَا
وَقدْرَتهَا عَلى التّحْليقِ
فِي زَمَنَيْنِ مُخْتلِفَيْنِ:
مَاضٍ حاضِرٍ فِي السّنديانِ
وَحَاضِرٍ مَاضٍ الى النِّسْيَانِ
فِي غَدِنَا السَّليبْ ..

سَقَطَ الحِصانُ عَنِ الصَّهيلِ السّرْمَدِيِّ
سَقَطْتُ عَنْ سَرْجِ الحِصانِ على دَمي
فَدَمي الحِصانُ
ولا حِصانَ سِوى دَمي
ودَمي النّهارُ
دَمي القَرارُ
دَمي المَنارُ
دَمي الجِدارُ
دَمي المُحاصَرُ والحِصارُ
دَمي الأمَامُ
دَمِي الإمامُ
دَمِي الحُسامُ
دَمِي الحَمامُ
دَمِي الحِمامُ
دَمِي الكَليمُ
دَمِي الكَلامُ
دَمِي السّليمُ
دَمِي السّلامُ
دَمِي الوَعيدُ
دَمِي الوُعودُ
دَمِي الوَريدُ
دَمِي الوُرودُ
دَمِي الوَحيدُ
دَمِي الحُدودُ
دَمِي المَكانُ
دَمِي الزّمانُ
دَمِي الأمينُ
دَمِي الأمانُ
دَمِي الكَمينُ
دَمِي الكَمانُ
دَمِي المآذِنُ والأذانُ
دَمِي الكِتابُ
دَمِي الكَتوبُ
دَمِي الحِسابُ
دَمِي الحَسيبُ
دَمِي الهِلالُ
دَمِي الصّليبُ
دَمِي السّؤالُ
دَمِي الإجابَة ُوالمُجيبْ

وحدي هنا
لا ريحَ تسْرجُ مُهْرَةً للفَتحِ
لا مَطَرٌ
وَلا قمَرٌ عَلى الصّحْراءِ
يَفْضَحُ عُرْيَهَا اللّيليَّ
لا رُمْحٌ يَغُزُّ الشّمْسَ فَوْقَ جَبينِهَا
كَيْ يَسْتفِزَّ النّارَ
فِي مِحْرابهَا الأزَلِيِّ
وَيْحَكَ أيّها البَدَويُّ
كَانَ المَاءُ بُوصَلة ًلِرُوحِكَ
فِي هَجير ِالرَمْلِ
فٱتّبع ِ النّدَى
يُوصِلْكَ مَاءَ النّبْعِ
وَٱتبَّع ِالمَدَى
لا حَدَّ أبْعَدُ مِنْ حُدُودِ الرّوح ِ
كَيْفَ تتيهُ فِي الصّحْراء ِ
وَالصّحْراءُ مُهْرَتُكَ العَصِيَّة ُ
هُزَّهَا بيَدَيْكَ حَتّى تسْتجيبْ

لِلرّوح ِ صَحْوَتُها
وَلِلصّحْراءِ أنْ ترْمِي عَبَاءَتهَا عَلى كَتِفَيَّ
أحْمِلُهَا عَلى شَغَفٍ فَترْمينِي
وَأسْكُنُهَا فَتطْرُدُنِي
وَتسْكُنُنِي
وَأعْشَقُهَا فَتذْبَحُنِي
ألُوذ ُبمَاءِ زَمْزَمَ
كَيْ أصَالِحَهَا عَلى عَجَلٍ
فَتشْرَبَ مِنْ دَمِي رَمَقيْنِ
كَيْ تحْيَا عَلى رَمَقٍ وَتحْيينِي
فَكَمْ مِنْ هِجْرَةٍ تحْتاجُ فِيَّ الرّوحُ
كَيْ يَسْتكْمِلَ الاسْراءُ وَالمِعْراجُ
فِي جَسَدِي حَفَاوَتَهُ
وَكَيْ تتيَقّنَ الصّحْراءُ
أنَّ رسَالتِي ٱكْتمَلتْ
أعَلِّقُها عَلى بابِ النّهارِ
وَأنّ ضوءَ الفَجْرِ بَيْنَ أصَابعِي الخَضْراءِ
يُوشِكُ أنْ يَذُوبْ
قَمَرٌ عَلى الصّحْراء ِيَذرفُ دَمْعَهُ
وَيَنَامُ عِنْدَ البَحْرِ
مِثلَ فَراشَةٍ صَفْراءَ
يُكْمِلُ حُلْمَهُ بالمَاءِ
إنَّ المَاءَ مُفْتَتحُ القصيدَةِ
حينَ ترْمِي شَالَهَا الشّفّافَ
فِي رُؤيَا النّدى
وَتطيرُ مِثلَ حَمَامَةٍ بَيْضَاءَ
بَيْنَ المَاءِ وَالصَحْراءِ
يَتّسِعُ المَدَى
وَيَطُولُ
مِرْسَالُ اليَمَامَةِ فِي الصّدَى
مَا بَيْنَ نَافِذَتيْنِ ناطِرَتيْنِ
ظِلَّ أحِبَّةٍ ترَكُوا هُنَا أرْواحَهُمْ
حَوْلَ النّوافِذِ وَالشّبَابيكِ العَتيقةِ
سِرْبَ دُوريٍّ
عَلى طَللٍ يَلُوبْ

لمْ يَحْتمِلْ شُبَّاكُنَا البَحْريُّ ليْلَ الأُرجوانِ
فَمَرّتِ الرّيحُ الغَريبَة ُ
بَيْنَ أضْلاعِ المُثلّثِ
ضَاقتِ الرّئة ُالصّغيرَةُ
ضَاقَ ضِلعُ البَحْرِ منْ حَيْفَا الى يَافَا القديمَةِ
ضَاقَ خَصْرُ السّاحِلِ السُّوريِّ
صَدَّقنَا وَعيدَ الرّعْدِ
خَارجَ يَاسَمين الرّوح ِ
قالُوا: عَائدُونَ غَدًا
وَمَا عَادُوا،
فَليْسَ غَدٌ لِنَاظِرهِ كَمَا يَبْدو قَريبْ

هَلْ كَانَ يُوسُفُ مُدْركًا
لِمَكيدَةِ الذِّئبِ البَريءِ
فَراحَ يَخْتبرُ المَنَامَ
عَلى بَيَادِرِ صَحْوهِ القُدُسِيِّ
لمْ تسْجُدْ لِطلعَتِهِ الكَواكِبُ
حينَمَا ألقتهُ فِي الجُبِّ السّحيقِ
لِكَيْ يَموتَ
وتبتليه
بذنبِ ردّتها السّفيهِ
وَعاوَدَتْ أدْراجَهَا بقميصِهِ المُبْتلِّ
بالدَّم ِ شَاهِدًا
يَا يُوسُفُ الصّدِّيقُ فٱشْهَدْ
إنَّ ذئْبَ البَرِّ لمْ يَقتلْكَ
وَٱخْرُجْ مِنْ ظَلامِ الجُبِّ حَيّا
مثلَ وحيِ الماءِ في الصّحراءِ، هيّا
وَٱقتربْ مِنَّا لِنَسْجُدَ عِنْدَ ظِلِّكَ
إنَّ نَجْمَكَ لا يَغيبْ

وَحْدِي هُنَا
وَالأنْبيَاءُ تقاسَمُوا جَسَدي المُقدّسَ
وٱسْتراحُوا فِي سَماء ِالأقْحُوانِ
أكَانَ يَكْفي الإمْتِحَانُ الدّنيويُّ
لِكَيْ تُسَلّمَنَا السّمَاءُ هُنَا مَفاتيحَ القيامَةِ
يَا مُحَمَّدُ!
فٱهْدِنَا ذاتَ السّراطِ لِنَسْتقيمَ
وَرُدّنا للمَاءِ نَكْتشِفِ السّرابَ

عَلى مَرايَا الرَمْلِ
إنَّ جيَادَنَا أجْسَادُنا
وَالرّوحُ سَرْجٌ سَابحٌ فِي الرّيح ِ
تجْمَحُ نَحْوَ مُطْلقِهَا
كَمِثلِ فَراشَةٍ فِي الضّوء ِ
تُحْرقُ ذاتهَا فِي ذاتِهَا الأولَى
وَتفْنَى كَيْ تُجَدِّدَ ذاتهَا
مِنْ ذاتِهَا
وَتضِيءَ فِي الجَسَدِ الخَضُوبْ

ها نحْنُ يَفْضَحُنَا الوُضُوحُ
نَهَارُنَا مِنْ ناَرِنَا
وَالنّارُ أصْلُ النّورِ
فِي الأحْيَاءِ
تَكْفي بَرْقَة ٌ فِي الرّوح ِ
حَتَّى تَبْدَأ الرّيحُ العَصِيَّة ُفي دَمِي
إعْصَارَهَا
لا الرّيحُ تأخُذُنِي إليكِ ... إليَّ
لا الرّمْحُ المُسَافِرُ فِيَّ
مُنْذ ُ ولادَتِي الأولى على سَرْجِ الحِصَانِ
سَألْتُ فِيَّ الرّوحَ
يَوْمَ وَهَبْتُهَا جَسَدِي النّديَّ
لِتَسْتَريحَ ..
أكَانَ سَيْفِي
مِلءَ كَفِّي
يَوْمَ فاجَأنِي هُنَا التّنّينُ
وَيْحَكَ أيُّهَا التّنّينُ
لا تَقْرَبْ حُدُودَ الخَضْرِ !
كانَ الخَضْرُ مُنْهَمِكًا بتهذيب الفراشاتِ
الّتي حَطَّتْ عَلى كَتِفَيْهِ
فٱخْضَرَّتْ جَوانِحُهَا
فَحاذِرْ أيُّها التّنّينُ صَحْوَتَهُ
وَرَعْداً أحْمَراً لا رَيْبَ فيهِ
أعَدَّهُ الدّمُ
مِلءَ أوْردَتِي
وَشِرْيانِي
السّكوبْ

سَلّمْتُ رُوحِي للرّياحِ
فَسَلَّّمَتني الرّيحُ خَاتمَ سِرِّهَا
وَٱسْتدْرَجَتْ جَسَدِي الى عَليَاء ِ نَخْلتِهَا
ٱتّكَأْتُ عَلى جَنَاحِ الرّوحِ
فِي جَسَدِي
لعَلَّّ الرّوحَ تحْمِلُني
إلى أبَدِي
إلى بَلدِي
فَمَا جََسَدِي
سِوَى بَلدِي
وَمَا بَلدِي سِوَى جَسَدِي الأخيرِ
أرُدُّهُ ليردَّها
وَترُدُّهُ لترُدَّني
تِرْبَانِ نَحْنُ وَمِنْ ترابٍ واحِدٍ
يَا رُوحُ يَا تِرْبَ التّرابِ الآدَمِيِّ
ترَيّثي
وٱسْتبْدِلِي مَا شِئتِ مِنْ أثوابِ آدَمَ
إنّ آدَمَ مِنْ ثرَى
وإلى الثّرَى
مَاذا يَهمُّ الرّوحَ انْ عَاد الحَبيبُ
مِنَ الحَبيبِ
إلى الحَبيبْ

وَحْدِي كَقِدِّيس ٍ عَلى طَرَفِ البُحَيْرَةِ
نِصْفُ قلبي يَرْتوي بالمَاءِ مِنْكِ
وَنِصْفُهُ يَرْوي العَنَادِلَ
وَهْيَ تنْتظِرُ البشَارَة َ
رُبَّمَا تأتي الإشَارَة ُذاتَ يَوْمٍ
فِي بَريدِ الغَيْمِ وَالمَطرِ المُسَافِرِ
بَيْنَ نافِذتيْن ِحَائِرَتيْن ِ
نِصْفُ القلبِ بَيْنَهُمَا
وَحَبْلُ الدَّمْع ِبَيْنَهُمَا
وَبَيْنَهُمَا البشَارَةُ
وَالإشَارَة ُ
وَالغَمَامَة ُ
وَاليَمَامَة ُ
وَالقِيَامَة ُ
والصليبْ



#سليمان_دغش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدّمة لانعتاق الجسد
- ظلّ الماء
- الإمام


المزيد.....




- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان دغش - نهاريّة سليمان دغش