أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - حسن الهويدي - تدمر في الذاكرة ...في الطريق الى تدمر...مشاهد من التعذيب في سجون التحقيق(8)














المزيد.....

تدمر في الذاكرة ...في الطريق الى تدمر...مشاهد من التعذيب في سجون التحقيق(8)


حسن الهويدي

الحوار المتمدن-العدد: 1636 - 2006 / 8 / 8 - 07:09
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


توقفت الحافلات التي تقلنا عن المسير وتوقف هدير محركاتها، وبدأت أصوات تهنئهم بالوصول بالسلامة.
أما بالنسبة لي فقد بدأت الرحلة مع انتهاء مرحلة السجن الأولى التي مررت بها بفرع المخابرات العسكرية
ولم اعد أتذكر الجحيم الذي مررت به، وانا اتنقل من محقق إلى آخر، بل وإني نسيت معظم الألم والتعذيب، وأنا الآن اجلس في الحافلة انتظر أمر النزول، النزول الى عالم مجهول آخر قد يكون اصعب وأشد مما كنت فيه.
أبو هارون لم يعد يهددني بالاغتصاب وصعق الكهرباء الذي أذاب أطراف أصابع يدي وعضوي الذكري الذي بدأ يتماثل للشفاء مع بقية أجزاء جسدي، فظهري الذي حرثتة الكرابيج اصبح كما قطعة من الخشب.
فجأة ارتعش جسدي وتعطلت كل حواسي على صوت مرعب مخيف فيه نبرة الموت والدم ... انزلوا يا اخوات الشرموطة ...هنا نهايتكم، نهاية كل خائن وعميل، عملاء.. الموت بانتظاركم، نزلت من الحافلة ومعي ثلاثة من السجناء معصوبي الأعين ومقيدي الأرجل واليدين مع بعضنا بعض، ضربات الكرابيج ترافقها صيحات الذين نزلوا من قبلنا ، كنت انتظر الأوامر كي أتوجه إلى الصوت الذي اسمعه ولا أرى صاحبه، ما ان وطئت قدامي الارض حتى تلقيت ضربت قوية على الرأس تلتها ضربات أخرى أكثر واشد قوة مما جعلني لا اعلم ما أنا فاعل، يدي ورجلي مقيدتين ولا استطيع ان احمي رأسي الذي يصدع من شدة الألم ولا استطيع الهرب، اخذنا نجر بعضنا بعض لا ادري لأي جهة بينما ترافقنا الضربات المبرحة والأصوات التي تشتم أمهاتنا وأخواتنا وينعتوهن بأقذع ما يمكن أن يسمعه بشر، هكذا الى ان نزل الجميع ، وساقونا الى امتار قليلة وامرونا بالجلوس. طنين في اذني يتصاعد ورائحة الدم الذي يسيل من انفي على خدي يحسسها بحرارة العذاب، هذا كان مصير الجميع الكل تعرض للضرب والتعذيب وكثر هم من فقدوا وعيهم نتيجة الضرب المبرح على الرأس منهم من كان يستخدم العصي للضرب والبعض الآخر كابلات فولاذية والبعض الآخر سلاسل معدنية، بقينا هكذا لوقت طويل. بعدها طلب احدهم عدنا وكان عددنا حوالي 58 سجينا ...هؤلاء كلهم تهمة واحدة ...رد احدهم نعم سيدي (يمين مشبوه) فكوا عن أعينهم وأرجلهم وأدخلوهم إلى تحت ...حاضر سيدي ...واقفا ياعرصات وقفنا وفكوا عنا الأشياء التي كانت تقيد أرجلنا وأعيننا وتركوا أيدينا مقيدة، توجه السجناء الذين هم في المقدمة نحو أحد العناصر يرتدي الزي المدني بينما الآخرون الذين يحيطون المكان مدججين بالعصي والكرابيج الغليضة ، وبعض العناصر يحمل السلاح وجعبة من المخازن مصوبين فوهة بنادقهم نحونا ولكنهم يبعدون عنا عدة أمتار
سرقت ناظري من حولي إلى من كان معي قبل الصعود إلى الحافلات وجدت منهم البعض ، منهم من تورم رأسه نتيجة الضرب ومنهم لا يزال يسيل الدم من انفه، والبعض الاخر وجهه متورم.
الموت أصبح اقرب لنا من العين وجفنها وكم أتمناه واشتهيه في تلك اللحظات، قدمي تسير ببطء نحو مدخل ضيق يحاط بعناصر على جنباته، وسرعان ما ثاروا علينا بصرخاتهم وضرباتهم مما جعلنا نتدافع نحو المدخل الذي يليه درج مباشرة نحو الأسفل، نتيجة التعذيب والضرب تدافعنا عند المدخل ، سقط العديد تدعسه أقدام المرعوبين من الضربات المميته، فجأة وجدنا أنفسنا أمام باب معدني تلفه قضبان طولانية من المعدن على شكل شبك، وقفنا أمامه بينما كانت مجموعة كبيرة من العناصر بداخل الشبك يحملون بأيدهم العدة والعتاد، ارجعوا الى الوراء يا اخوات الشرموطة تدافعنا الى الوراء ولكن لضيق المكان لم نستطع واصحبنا بين نار الشبك الذي ننتظر ان يفتح لنا، وضربات العناصر الذي هم من خلفنا، كثُر صراخنا يرافقه صدى المكان .
من شدة الضرب تدافعنا من زاوية الى اخرى ، حتى نتيح مجالا أمام الشبك لفتحه، رغم ضيق المكان اتسع بنا فتح الباب وأمرونا بالدخول وبدأنا ندخل وأرشدونا إلى زنزانة جماعية مجاورة لها باب من الشبك المعدني كبير وواسع
....رد احدهم قائلا الكل يجلس ووجهه باتجاه (الحيط يا اولاد البعنوصة)؟؟؟ مصطلح جديد من الألفاظ لم اسمع به من قبل.
جلست بل كان حظي جيدا انني في الصف الاول وهذا يجعلني اسلم من الضرب والجلد قلتها في سريرتي ولكن سرعان ما تلاشت تلك الفرحة عندما تلقيت ضربة قوية على رأسي .
أنت يابن الشكلة تعا لهون. لم أتحرك متاظاهرا بأني لم اسمعه.. وتلتها ضربة ثانية. وقال شو ابتعرف انو ما أحكي معك وقاف يا صرصور وقفت وأمرني بالخروج من الصف، خرجت، لا تكاد قدماي تحملاني، وصلت الى الجانب الاخر ، جرني احدهم بسرعة الى خارج الزنزانة وامرني ان اغمض عيني وارفع رأسي وسرعان ما تلقيت صفعة على وجهي وبعدها لكمة قوية ولم استطع ان أغمض عيني حتى ينتهي من التعذيب بل فتحتها من شدة رهبة المنظر والخوف رجعت وأغمضتها، ثم فتحتها ثانية وشاهدت من حولي أكثر من خمسة عشر عنصرا من عناصر الأمن قادمين نحوي منهم من يركض ومنهم من يلوح بعصاه وآخرين بكرابيج .
أين المفر مما انا فيه ،نزلت الصاعقة على جسدي، وانهالوا علي بضربات لا تحتمل قوية ومؤلمة لدرجة الجنون وكنت اتطلع حولي وبقع الدم على ارض المكان بينما كنت انزف ولا ادري من أين مكان النزف وانا في تلك الحالة مددت يدي المقيدة الى رأسي لم استطع وقعت على الأرض بعدها ... لا أدري ربما فقدت كامل وعيي.
استيقظت بعدها وجدت نفسي ممد بالأرض لا أقوى على الحركة، خدي ملتقص بها، وبركة من الدم المتجمد بعض الشيء، تحسست جسدي ومددت يدي على وجهي ووجدت الذي بدا أنه متورم، بينما أصوات من مكان آخر فالبعض مازال تحت التعذيب...
أصوات القائمين على المكان مجهولة ، اسمائهم مجهولة، وأشكالهم مجهولة،
حقا انه مكان مجهول ومعزول عن العالم، انه لا يشبه فرع المخابرات الذي كنا فيه، رغم انه تم عزلنا هنالك ومنعنا من الاتصال مع احد وخاصة مع بعضنا بعض حتى نهاية التحقيق...



#حسن_الهويدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تدمر في الذاكرة ..في الطريق الى تدمر ..مشاهد من التعذيب في س ...
- تدمر في الذاكرة ..في الطريق إلى تدمر..مشاهد من التعذيب في سج ...
- تدمر في الذاكرة.. في الطريق إلى تدمر... مشاهد من التعذيب في ...
- تدمر في الذاكرة في الطريق إلى تدمر
- تدمر في الذاكرة في الطريق إلى تدمر.. تدمر في الذاكرة في الطر ...
- الطريق الى تدمر...مشاهد من التعذيب في سجون التحقيق2:
- تدمر في الذاكرة ..الطريق إلى تدمر مشاهد من التعذيب في سجون ا ...
- الطريق الى تدمر...مشاهد من التعذيب في سجون التحقيق
- تدمر في الذاكرة12في الطريق الى تدمرشهادات عن التعذيب1
- تدمر في الذاكرة -10- (ضحايا تشابه الأسماء)
- تدمر في الذاكرة (9) محاكم استثنائية
- الإعلام السوري طنة ورنة ومدارات:
- في مؤتمره القادم هل يعتذر حزب البعث للشعب السوري
- تدمر في الذاكرة8 ليلةمن2000يوم وليلة
- تدمرفي الذاكرة(6): شبح عون المخيف 1989
- تدمر في الذاكرة(5) طبابة متميزة
- تدمر في الذاكرة(4) طبابة متميزة
- تدمر في الذاكرة (4): الثمن الباهظ
- تدمر في الذاكرة3...حمامات الدم الساخن
- العيد في سجن تدمر


المزيد.....




- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - حسن الهويدي - تدمر في الذاكرة ...في الطريق الى تدمر...مشاهد من التعذيب في سجون التحقيق(8)