أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زاغروس آمدي - (7) تأريض الإسلام















المزيد.....



(7) تأريض الإسلام


زاغروس آمدي
(Zagros Amedie)


الحوار المتمدن-العدد: 1633 - 2006 / 8 / 5 - 10:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


● الإسلام إذن غير موجود اليوم على الأرض، والمسلمون غير موجودين، وإن كان الكثيرون منهم يحبون أن يكونوا مسلمين، ولكن يجب أن نصارحهم بالحقيقة المرة ـ وإن كانت مؤلمة ـ أنهم ليسوا مسلمين، هم إذن كفار ومشركون، ويجب أن يدخلوا في الإسلام من جديد، على أساس جديد.

● من أقوال الداعية والمفكر الإسلامي: سيد قطب (1906 ـ 1966)

توزع المسلمين بين الإرتداد والكفر والفسق والعصيان والإيمان ـ الإرتداد المستتر عن الدين عند المجتمعات الإسلامية
يُعتبر سيد قطب من المفكرين الإسلاميين القلائل الذين تمكنوا من سبر الحالة الإسلامية بعمق وتشخيصها تشخيصاً دقيقاً ومؤلما،ً بوضع إصبعه على مكمن الداء والألم الملتهب في الجسد الإسلامي، ونراه في مؤلفاته العديدة يركز دائماً وبشكل واضح وغير ملتبس على أمر من أهم الأمور إيلاماً لنفوس المسلمين، وهو مصارحتهم ومجاهرتهم بتركهم لدينهم وخروجهم عن حاكمية الله. ودعَّم رأيه هذا بكثير من الآيات القرآنية المحكمة التي لايمكن تأويلها وتقويلها غير ماتنص عليه. وبناءً عليه لم يتردد الداعية والمفكر سيد قطب أبداً في تكفير المسلمين ، وقد انبرى له العديد من المهتمين بالشأن الإسلامي، ممن لم يتحملوا الصدمة في كشف هذه العورة الصارخة من قبل سيد قطب ،لكنهم فشلوا في دحض آرائه التكفيرية، لهشاشة وضعف حججهم وتأويلاتهم وبعدهم عن جوهر الإسلام القائم على الخضوع لحاكمية الله من جهة، ولقوة وإحكام حجج وبراهين سيد قطب المؤيدة بالآيات المحكمات من "القرآن العظيم". والدليل على ذلك أن كتب سيد قطب ماتزال تتداول أكثر من أية كتب إسلامية أخرى وتحتل مكانة خاصة في قلوب الشباب المسلم، هذه الكتب التي تشكل منهلاً أساسياً للإسلام الأصولي أو السلفي أو الإحيائي. ومما يلي سأورد بعض المقاطع لسيد قطب التي تتحدث عن هذا الموضوع:

" وجود الأمة المسلمة يعتبر قد انقطع منذ قرون كثيرة، فالأمة المسلمة ليست " أرضا " كـان يعـيش فيها الإسـلام . وليست " قوما " كان أجدادهم في عصر من عصور التاريخ يعيشون بالنظام الإسلامي، إنما " الأمة المسلمة " جماعة من البشر تنبثق حياتهم وتصوراتهم وأوضاعهم وأنظمتهم وقيمهم وموازينهم كلها من المنهج الإسلامي ، وهذه الأمة ـ بهذه المواصفات ـ قد انقطع وجودها منذ انقطاع الحكم بشريعة الله من فوق ظهر الأرض جميعا، فقد غابت الأمة المسلمة عن " الوجود " وعن " الشهود " دهراً طويلاً . وقد تولت قيادة البشرية أفكار أخرى وأمم أخرى ، وتصورات أخرى وأوضاع أخرى فترة طويلة. إن العالم يعيش اليوم كله في " جاهلية " من ناحية الأصل الذي تنبثق منه مقومات الحياة وأنظمتـها . جاهلية لا تخفف منها شيئا هذه التيسيرات المادية الهائلة ، وهذا الإبداع المادي الفائق. هذه الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله في الأرض وعلى أخص خصائص الألوهية ، وهي الحاكمية ، إنها تسند الحاكمية إلى البشر ، فتجعل بعضهم لبعض أربابا ، لا في الصورة البدائية الساذجة التي عرفتها الجاهلية الأولى ، ولكن في صورة ادعاء حق وضع التصورات والقيم ، والشرائع والقوانين، والأنظمة والأوضاع ، بمعزل عن منهج الله للحياة ، وفيما لم يأذن به الله.[1] "

وأشار سيد قطب إلى إرتداد البشرية بمن فيهم المسلمون عن دينهم إلى عبادة غير الله وفي مقدمتهم أولئك المؤذنون على مآذن الجوامع والمساجد فيقول:

"فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان، ونكصت عن لا إله إلا الله، وإن ظل فريق منها يردد على المآذن لا إله إلا الله دون أن يدرك مدلولها ودون أن يعني هذا المدلول وهو يرددها. البشرية بجملتها بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات لا إله إلا الله بلا مدلول، ولا واقع، وهؤلاء أثقل إثماً وأشد عذاباً يوم القيامة، لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد من بعد ما تبين لهم الهدى، ومن بعد أن كانوا في دين الله[2]."

ثم يستمر سيد قطب في تعرية ورثة التركة المسلمين، فبعد أن يفضح إرتداد المسلمين ومؤذينهم،يصل به الأمر إلى إعتبار مساجد المسلمين "معابد جاهلية" فيقول عند ذكره للآية: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ".يونس 87. مايلي:

" وهنا يرشدنا الله إلى أمور منها:

ـ اعتزال الجاهلية بِنَتَنِها وفسادها وشرِّها ـ ما أمكن في ذلك ـ وتجمع العصبة المؤمنة الخيِّرة النظيفة على نفسها , لتطهرها وتزكيها , وتدربها وتنظمها , حتى يأتي وعد اللّه لها.

ـ اعتزال "معابد الجاهلية"، واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد تحس فيها بالانعزال عن المجتمع الجاهلي، وتزاول فيها عبادتها لربها على نهج صحيح، وتزاول بالعبادة ذاتها نوعاً من التنظيم في جو العبادة الطهور[3]."

ويكشف لنا سيد قطب عن حقيقة لايجهر بها المسلمون وهي رغبتهم في التستر عن التنصل من الدين وحمله الثقيل وتبني أفكار ومناهج إنسانية أقرب إلى روح العصر، فيقول في ذلك:

"إنهم يريدون منه أن يغير طبيعته ومنهجه وتاريخه ليشابه أنظمة بشرية، ومناهج بشرية. ويحاولون أن يستعجلوه عن طريقه وخطواته ليلبي رغبات وقتية في نفوسهم، إنما تنشئها الهزيمة الداخلية في أرواحهم تجاه أنظمة بشرية صغيرة[4]."

عندما يأتي سيد قطب لتفسير آية الجزية أو السيف: "قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ." التوبة 29. يراها مناسبة ملائمة لصب جام غضبه على ورثة الإسلام المتخاذلين والمرتدين إلى الجاهلية، فيكاشف المسلمين ويصارحهم بالحقيقة المرة التي طالما لم يرغب المسلمين الإقرار بها، وهي أن لاوجود لا للإسلام ولا للمسلمين اليوم وأن التميّع قد أصاب دينهم وأن كثيراً من دعاة المسلمين ـ الذين وصفهم بالسذج في مواضع كثيرة في كتابه "في ظلال القرآن" ـ اليوم يسترون شرك وكفر المسلمين وبذلك ينالون من الإسلام، ويعتبرهم أخطر على الإسلام من أعداء الإسلام لإيهامهم الناس وخداعهم وعدم مواجهتهم بحقيقتهم الجاهلية وإرتدادهم عما جاء في القرآن، ويطالبهم بمكاشفة المسلمين بحقيقة أمرهم وتركهم لدينهم، فيقول:

"إنها قضية تعتبر اليوم "تاريخية" وليست "واقعية".. إن المسلمين اليوم لا يجاهدون!.. ذلك أن المسلمين اليوم لا يوجدون!.. إن قضية "وجود" الإسلام ووجود المسلمين هي التي تحتاج اليوم إلى علاج. "ومن النص القرآني الواضح الدلالة، ومن تفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فصل الخطاب، ثم من مفهومات المفسرين الأوائل والمتأخرين تخلص لنا حقائق في العقائد والدين ذات أهمية، نشير إليها هنا بغاية الاختصار:

ـ أن العبادة هي الاتباع في الشرائع، بنص القرآن وتفسير الرسول، فاليهود والنصارى لم يتخذوا الأحبار والرهبان أربابا، بمعنى الاعتقاد بألوهيتهم، أو تقديم الشعائر التعبدية إليهم، ومع هذا حكم الله سبحانه عليهم بالشرك في هذه الآية،:اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ." التوبة 31. وبالكفر في آية تالية في السياق؛ لمجرد أنهم تلقوا منهم الشرائع فأطاعوها واتبعوها.

ـ أن النص القرآني يسوي في الوصف بالشرك واتخاذ الأرباب من دون الله بين اليهود الذين قبلوا التشريع من أحبارهم وأطاعوه واتبعوه، والنصارى الذين قالوا بألوهية المسيح اعتقادا، وقدموا إليه الشعائر في العبادة. فهذه كتلك سواء في اعتبار فاعلها مشركا بالله، الشرك الذي يخرجه من عداد المؤمنين ويدخله في عداد الكافرين.

ـ أن الشرك بالله يتحقق بمجرد إعطاء حق التشريع لغير الله من عباده؛ ولو لم يصحبه شرك في الاعتقاد بألوهيته؛ ولا تقديم الشعائر التعبدية له.. كما هو واضح من الفقرة السابقة.. ولكنا إنما نزيدها هنا بيانا! وهذه الحقائق وإن كان المقصود الأول بها في السياق هو مواجهة الملابسات التي كانت قائمة في المجتمع المسلم يومذاك من التردد والتهيب للمعركة مع الروم، وجلاء شبهة أنهم مؤمنون بالله لأنهم أهل كتاب.. هي كذلك حقائق مطلقة تفيدنا في تقرير "حقيقة الدين" عامة.

ـ إن دين الحق الذي لا يقبل الله من الناس كلهم دينا غيره هو "الإسلام".. والإسلام لا يقوم إلا باتباع الله وحده في الشريعة ـ بعد الاعتقاد بألوهيته وحده وتقديم الشعائر التعبدية له وحده ـ فإذا اتبع الناس شريعة غير شريعة الله صح فيهم ما صح في اليهود والنصارى من أنهم مشركون لا يؤمنون بالله ـ مهما كانت دعواهم في لإيمان ـ لأن هذا الوصف يلحقهم بمجرد اتباعهم لتشريع العباد لهم من دون الله، بغير إنكار منهم يثبت منه أنهم لا يتبعون إلا عن إكراه واقع بهم، لا طاقة لهم بدفعه، وأنهم لا يقرون هذا الافتئات على الله.

ـ إن مصطلح "الدين" قد انحسر في نفوس الناس اليوم، حتى باتوا يحسبونه عقيدة في الضمير، وشعائر تعبدية تقام! وهذا ما كان عليه اليهود الذين يقرر هذا النص المحكم، ويقرر تفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم لم يكونوا يؤمنون بالله، وأنهم أشركوا به، وأنهم خالفوا عن أمره بألا يعبدوا إلا إلها واحدا، وأنهم اتخذوا أحبارهم أربابا من دون الله.

ـ إن المعنى الأول للدين هو الدينونة "أي الخضوع والاستسلام والاتباع"، وهذا يتجلى في اتباع الشرائع كما يتجلى في تقديم الشعائر. والأمر جد لا يقبل هذا التميع في اعتبار من يتبعون شرائع غير الله ـ دون إنكار منهم يثبتون به عدم الرضا عن الافتئات على سلطان الله ـ مؤمنين بالله، مسلمين لمجرد أنهم يعتقدون بألوهية الله سبحانه ويقدمون له وحده الشعائر. وهذا التميع هو أخطر ما يعانيه هذا الدين في هذه الحقبة من التاريخ، وهو أفتك الأسلحة التي يحارب بها أعداؤه؛ الذين يحرصون على تثبيت لافتة "الإسلام" على أوضاع، وعلى أشخاص، يقرر الله سبحانه في أمثالهم أنهم مشركون لا يدينون دين الحق، وأنهم يتخذون أربابا من دون الله.

ـ وإذا كان أعداء هذا الدين يحرصون على تثبيت لافتة الإسلام على تلك الأوضاع وهؤلاء الأشخاص؛ فواجب حماة هذا الدين أن ينزعوا هذه اللافتات الخادعة؛ وأن يكشفوا ما تحتها من شرك وكفر واتخاذ أرباب من دون الله. والسذج ممن يدعون أنفسهم مسلمين يخدعون في هذه اللافتة.. ومن هؤلاء السذج كثير من الدعاة إلى الإسلام في الأرض! فيتحرجون من إنزالها عن الجاهلية القائمة تحتها، ويتحرجون من وصف هذه الأوضاع بصفتها الحقيقية التي تحجبها هذه اللافتة الخادعة.. صفة الشرك والكفر الصريحة.. ويتحرجون من وصف الناس الراضين بهذه الأوضاع بصفتهم الحقيقية كذلك! وكل هذا يحول دون الانطلاق الحقيقي الكامل لمواجهة هذه الجاهلية مواجهة صريحة؛ لا تحرج فيها ولا تأثم من وصفها بصفتها الحقيقية الواقعة. بذلك تقوم تلك اللافتة بعملية تخدير خطرة لحركات البعث الإسلامي؛ كما تقوم حاجزا دون الوعي الحقيقي، ودون الانطلاق الحقيقي لمواجهة جاهلية القرن العشرين التي تتصدى لسحق الجذور الباقية لهذا الدين.

ـ هؤلاء السذج ـ من الدعاة إلى الإسلام ـ أخطر في نظري على حركات البعث الإسلامي من أعداء هذا الدين الواعين، الذين يرفعون لافتة الإسلام على الأوضاع والحركات والاتجاهات والأفكار والقيم والتقاليد التي يقيمونها ويكفلونها لتسحق لهم هذا الدين! إن هذا الدين يغلب دائما عندما يصل الوعي بحقيقته وحقيقة الجاهلية إلى درجة معينة في نفوس العصبة المؤمنة ـ في أي زمان وفي أي مكان ـ والخطر الحقيقي على هذا الدين ليس كامنا في أن يكون له أعداء أقوياء واعون مدربون؛ بقدر ما يكون في أن يكون له أصدقاء سذج مخدوعون، يتحرجون في غير تحرج؛ ويقبلون أن يتترس أعداؤهم بلافتة خادعة من الإسلام؛ بينما هم يرمون الإسلام من وراء هذه اللافتة الخادعة! إن الواجب الأول للدعاة إلى هذا الدين في الأرض أن ينزلوا تلك اللافتات الخادعة المرفوعة على الأوضاع الجاهلية، والتي تحمي هذه الأوضاع المقامة لسحق جذور هذا الدين في الأرض جميعا! وإن نقطة البدء في أية حركة إسلامية هي: تعرية الجاهلية من ردائها الزائف، وإظهارها على حقيقتها.. شركا وكفرا.. ووصف الناس بالوصف الذي يمثل واقعهم؛ كيما تواجههم الحركة الإسلامية بالطلاقة الكاملة.. بل كيما ينتبه هؤلاء الناس أنفسهم إلى حقيقة ما انتهى إليه حالهم، وهي الحقيقة التي انتهى إليها حال أهل الكتاب كما يقررها الحكيم الخبير[5]."



لم يترك سيد قطب مناسبة إلا ولفت الأنظار إلى قضية ردة المسلمين إلى الجاهلية، حتى إن بعض إخوانه كانوا يستشيرونه في جواز الأكل من ذبيحة المسلمين المرتدين أو جواز الزواج منهم أو معاشرتهم، وفي كتابه "العدالة الإجتماعية في الإسلام" عاد وطرح هذا الموضوع بصراحة وبيان وجرأة أكثر، ويرى أن الجهر بهذه القضية أمر ضروري لابد منه في سبيل الدعوة إلى الإسلام، ومحاولة استئناف حياة إسلامية، وهذه بعض الفقرات الهامة التي تتناول هذا الموضوع:

"نحن ندعو إلى استئناف حياة إسلامية، في مجتمع إسلامي، تحكمه العقيدة الإسلامية والتصور الإسلام كما تحكمه الشريعة الإسلامية والنظام الإسلامي.

ونحن نعلم أن الحياة الإسلامية ـ على هذا النحو ـ قد توقفت منذ فترة طويلة في جميع أنحاء الأرض، وأن "وجود" الإسلام ذاته من ثم قد توقف كذلك!.

ونحن نجهر بهذه الحقيقة الأخيرة ـ على الرغم مما قد تحدثه من صدمة وذعر وخيبة أمل للكثيرين ممن لا يزالون يحبون أن يكونوا "مسلمين" ـ ونجهر بها على هذا النحو في الوقت الذي ندعو فيه إلى استئناف حياة إسلامية، في مجتمع إسلامي، تحكمه العقيدة الإسلامية والتصور الإسلامي كما تحكمه الشريعة الإسلامية والنظام الإسلامي.

ولا نرى أن في رؤية تلك الحقيقة والجهر بها كذلك ما يدعو إلى خيبة الأمل، أو اليأس من هذه الدعوة ومن هذه المحاولة. على العكس نرى أن الجهر بهذه الحقيقة المؤلمة ـ حقيقة أن الحياة الإسلامية قد توقفت منذ فترة طويلة في جميع أنحاء الأرض، وأن "وجود" الإسلام ذاته من ثم قد توقف كذلك ـ نرى أن الجهر بهذه الحقيقة ضرورة من ضرورات الدعوة إلى الإسلام، ومحاولة استئناف حياة إسلامية.. ضرورة لا مفر منها."[6].



وفي لفتة زكية ومهمة،لاينسى سيد قطب أن يتطرق إلى خطورة موضوعه، ويذكر أنه يعي تماماً لخطورة المسألة في الحكم على مئات الملايين المسلمين بالردة والكفر والجاهلية،من خلال تفسيره لآيات القرآن، لذلك يحيل الأمر إلى النص الديني ويأتي ببعض الآيات المحكمات التي لاتقبل التأويل أو التفسير بأكثر من وجه،باطنها يدل على ظاهرها وظاهرها يدل على باطنها، وبأن الله هو الوحيد المخول بهذا الأمر من خلال ماأنزله، فيضيف قائلاً:

"ونحن لا نحدد مدلول "الدين" ولا مفهوم "الإسلام" على هذا النحو من عند أنفسنا. ففي مثل هذا الأمر الخطير الذي يترتب عليه تقرير مفهوم لدين الله؛ كما يترتب عليه الحكم بتوقف "وجود" الإسلام في الأرض اليوم؛ وإعادة النظر في دعوى مئات الملايين من الناس أنهم "مسلمون".. في مثل هذا الأمر لا يجوز أن يفتي الإنسان فيما يقصم الظهر في الدنيا والآخرة جميعا.

إنما الذي يحدد مدلول "الدين" على هذا النحو، ومفهوم "الإسلام" هو الله سبحانه إله هذا الدين ورب هذا الإسلام.. وذلك في نصوص قاطعة لا سبيل إلى تأويلها ولا الاحتيال عليها:

"إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ" يوسف: 40.

"وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ". المائدة: 49.

"وَمَن لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ". المائدة: 45.

"فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا". النساء:65.

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً". النساء:59.

وكلها تقرر حقيقة واحدة؛ أنه لا إسلام.. لا إيمان بغير الإقرار بالحاكمية لله وحده؛ والرجوع إليه فيما يقع عليه التنازع مما لم يرد به نص، إذ لا رأي مع النص ولا نزاع، والحكم بما أنزل دون سواه في كل شئون الحياة، والرضا بهذا الحكم رضا قلبي بعد الاستسلام له عمليا.. وأن هذا هو "الدين القيم".. وهذا هو "الإسلام" الذي أراده الله من الناس.

وحين نستعرض وجه الأرض كله اليوم ـ على ضوء هذا التقرير الإلهي لمفهوم الدين والإسلام ـ نرى لهذا الدين "وجودا". إن هذا الوجود قد توقف منذ أن تخلت آخر مجموعة من المسلمين عن إفراد الله سبحانه بالحاكمية في حياة البشر، وذلك يوم أن تخلت عن الحكم بشريعته وحدها في كل شئون الحياة.

ويجب أن نقرر هذه الحقيقة الأليمة، وأن نجهر بها، وألا نخشى خيبة الأمل التي تحدثها في قلوب الكثيرين الذين يحبون أن يكونوا "مسلمين". فهؤلاء من حقهم أن يستيقنوا: كيف يكونون مسلمين.

إن أعداء هذا الدين بذلوا طوال قرون كثيرة وما يزالون يبذلون جهودا ضخمة ماكرة خبيثة، ليستغلوا إشفاق الكثيرين الذين يحبون أن يكونوا مسلمين، من وقع هذه الحقيقة المريرة، ومن مواجهتها في النور! وتحرجهم كذلك من إعلان أن "وجود" هذا الدين قد توقف، منذ أن تخلت آخر مجموعة مسلمة في الأرض عن تحكيم شريعة الله في أمرها كله؛ فتخلت بذلك عن إفراد الله سبحانه بالحاكمية أو بالألوهية، فهذه مرادفة لتلك، أو لازمة لها لا تتخلف.

هؤلاء الأعداء الماكرون الخبثاء يستغلون ذلك الإشفاق وهذا التحرج لتخدير مشاعر الكثيرين في الأرض، الذين يحبون أن يكونوا "مسلمين" وإيهامهم أنهم ما يزالون "مسلمين" فعلا! وأن "الإسلام بخير"! وأن الناس يمكن أن يكونوا "مسلمين" دون أن تحكمهم شريعة هذا الدين، بل دون أن يعتقدوا أن الحاكمية لله وحده، من ادعاها لنفسه فقد ادعى الألوهية، وكفر، وخرج من هذا الدين.

وكذلك ينبغي أن نجهر نحن بالحقيقة المقابلة التي قد يشفق منها الكثيرون ممن يحبون أن يكونوا مسلمين، وممن يتحرجون أن يعلنوا أن وجود هذا الدين قد توقف.. لنبطل مفعول "المخدر" الخبيث الذي يخدر به أعداء هذا الدين محبي هذا الدين!!.

الإسلام إذن غير موجود اليوم على الأرض، والمسلمون غير موجودين، وإن كان الكثيرون منهم يحبون أن يكونوا مسلمين، ولكن يجب أن نصارحهم بالحقيقة المرة ـ وإن كانت مؤلمة ـ أنهم ليسوا مسلمين، هم إذن كفار ومشركون، ويجب أن يدخلوا في الإسلام من جديد، على أساس جديد."[7]



ويواصل المفكر الإسلامي سيد قطب تعريته لحقيقة المجتمعات الإسلامية، التي يتغاضى عنها كثير من رجال الدين والفكر، فيقول:

"إن المجتمع الجاهلي هو كل مجتمع غير المجتمع المسلم ، وإذا أردنا التحديد الموضوعي قلنا : إنه هو كل مجتمع لا يخلص عبوديته لله وحده .. متمثلة هذه العبودية في التصور الاعتقادي ، وفي الشعائر التعبدية ، وفي الشرائع القانونية .. وبهذا التعريف الموضوعي تدخل في إطار " المجتمع الجاهلي."[8]

وبناءً على هذا يقرر سيد قطب أن: " جميع المجتمعات القائمة اليوم في الأرض فعلا هي مجتمعات جاهلية." ثم يذكر هذه المجتمعات مضيفاً إليها المجتمعات الإسلامية قائلاً:

" تدخل فيه المجتمعات الشيوعية وتدخل فيه المجتمعات الوثنية ، وهي ما تزال قائمة في الهند واليابان والفلبين وأفريقية ،وتدخل فيه المجتمعات اليهودية والنصرانية في أرجاء الأرض جميعا، وأخيرا يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها " مسلمة.""[9]

ثم يلخص سيد قطب موقفه بتجهيل أو تكفير المجتمعات الإسلامية في جملتين قائلاً:

"إن موقف الإسلام من هذه المجتمعات الجاهلية كلها يتحدد في عبارة واحدة: إنه يرفض الاعتراف بإسلامية هذه المجتمعات كلها وشرعيتها في اعتباره."

ثم يضيف سيد قطب معللاً سبب هذه المجتمعات الجاهلية قائلاً:

"إن الإسلام لا ينظر إلى العنوانات واللافتات والشارات التي تحملها هذه المجتمعات على اختلافها ، إنها كلها تلتقي في حقيقة واحدة ، وهي أن الحياة فيها لا تقوم على العبودية الكاملة لله وحده . وهي من ثم تلتقي مع سائر المجتمعات الأخرى في صفة واحدة .. صفة " الجاهلية.""[10]

ثم يبيّن سيد قطب طريق العودة إلى الإسلام للمجتمعات الإسلامية المرتدة عن الإسلام في قوله:

" أنه لا نجاة للعصبة المسلمة في كل الأرض من أن يقع عليها العذاب، إلا بأن تنفصل عقيديا وشعوريا ومنهج حياة عن أهل الجاهلية من قومها، حتى يأذن الله بقيام دار إسلام تعتصم بها وإلا تشعر شعورا كاملا بأنها هي الأمة المسلمة وأن ما حولها ومن حولها ممن لم يدخلوا فيما دخلت، في جاهلية."[11]

وفي سياق حديث سيد قطب عن الحركات الإسلامية وفي مواضع عدة من كتاباته يتهم المسلمين غير الصالحين وهم الأغلبية الساحقة من المسلمين بالشرك والإجرام لخضوعهم للطواغيد والعلمانيين، ويصارح بصعوبة خلاصهم من الغي فيقول:

"إن سفور الكفر والشر والإجرام ضروري لوضوح الإيمان والخير والصلاح . واستبانة سبيل المجرمين هدف من أهداف التفصيل الرباني للآيات . ذلك أن أي غبش أو شبهة في موقف المجرمين وفي سبيلهم ترتد غبشا وشبهة في موقف المؤمنين وفي سبيلهم . فهما صفحتان متقابلتان , وطريقان مفترقتان .ولا بد من وضوح الألوان والخطوط.

ومن هنا يجب أن تبدأ كل حركة إسلامية بتحديد سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين . يجب إن تبدأ من تعريف سبيل المؤمنين وتعريف سبيل المجرمين ; ووضع العنوان المميز للمؤمنين . والعنوان المميز للمجرمين , في عالم الواقع لا في عالم النظريات . فيعرف أصحاب الدعوة الإسلامية والحركة الإسلامية من هم المؤمنون ممن حولهم ومن هم المجرمون . بعد تحديد سبيل المؤمنين ومنهجهم وعلامتهم , وتحديد سبيل المجرمين ومنهجهم وعلامتهم . بحيث لا يختلط السبيلان ولا يتشابه العنوانان , ولا تلتبس الملامح والسمات بين المؤمنين والمجرمين.

وهذا أشق ما تواجهه حركات الإسلام الحقيقية في هذه الأوطان مع هؤلاء الأقوام !

أشق ما تعانيه هذه الحركات هو الغبش والغموض واللبس الذي أحاط بمدلول لا إله إلا الله , ومدلول الإسلام في جانب ; وبمدلول الشرك وبمدلول الجاهلية في الجانب الآخر.

أشق ما تعانيه هذه الحركات هو عدم استبانة طريق المسلمين الصالحين، وطريق المشركين المجرمين، واختلاط الشارات والعناوين، والتباس الأسماء والصفات، والتيه الذي لا تتحدد فيه مفارق الطريق." ويعرف أعداء الحركات الإسلامية هذه الثغرة . فيعكفون عليها توسيعا وتمييعا وتلبيسا وتخليطا . حتى يصبحالجهر بكلمة الفصل تهمة يؤخذ عليها بالنواصي والأقدام ! . . تهمة تكفير "المسلمين" !!! ويصبح الحكم في أمر الإسلام والكفر مسألة المرجع فيها لعرف الناس واصطلاحهم , لا إلى قول الله ولا إلى قول رسول الله ! هذه هي المشقة الكبرى . . وهذه كذلك هي العقبة الأولى التي لا بد أن يجتازها أصحاب الدعوة إلى الله في كل جيل!"[12]

هنا يصارح المفكر والشيخ سيد قطب المجتمعات الإسلامية بالحقيقة المؤلمة والفاجعة النفسية والروحية الكبيرة التي يتغافلون عنها أو يتجاهلونها وهي بعدهم عن العقيدة الإسلامية وعدم إلتزامهم بها، وبالتالي ضعف إيمانهم بهذا الدين أو حتى رغبتهم في أن يساير هذا الدين نظرياتهم ورؤاهم الإنسانية، أي أن يخضعوا الدين السماوي لعقولهم.

وفي الجملة فإن سيد قطب يعتبر أن المجتمعات الإسلامية مجتمعات جاهلية. وهذا يؤكد ماذهبت إليه سابقاً من أن أغلب المجتمعات الإسلامية في إرتداد مستتر عن الدين، أي أنهم مشركون بمفهوم الإسلام كما ذكر سيد قطب. أي أن الأغلبية هنا لاتحبذ الدين الإسلامي كما هو في حقيقته ،بدليل أنها غير متمسكة به وغير ملتزمة به إلا جزئياً، ومع ذلك فإنها تدعي أنها مسلمة، أي أن المحتمعات الإسلامية واقعة في بحر من التناقض أو في برزخ حرج يحده من طرف البيان القرآني الواضح في تعاليمه وأوامره ونواهيه،ومن طرف آخر الحضارة المعاصرة التي لاغنى للمسلمين عنها. أي أنها في مأزق رهيب جداً، فهي من ناحية ترنوا وتلهف إلى اللحاق بالحضارة الحديثة ومن ناحية أخرى لاترغب كلياً بالتخلي عن عقيدتها ودينها، هنا يأتي التأريض الديني محاولاً لفت الأنظار إلى إمكانية الوصول إلى حل للخروج من هذا البرزخ أو المأزق المحير والمتعب. وهو نزع القداسة عن النص القرآني وذلك باعمال العقل في آياته ونصوصه والأخذ بما يناسب العقل والمنطق والزمن المعاصر، مع البقاء على إحترام النص القرآني لإشباع الحاجات الروحية عند المسلمين كما ذكرت سابقاً.إذ إن بقاء المسلمين في حالة الإرتداد المستتر ـ كالمريض الذي يتستر على مرضه النفسي خوفاً من تهمة الجنون ـ يقصيهم من ناحية عن الزخم الروحي الديني ومن ناحية أخرى يمنعهم من الإبداع والخلق الإنساني. مما يدل أنهم في حالة ضياع حقيقي وإزدواجية صارخة، ألمحت إلى بعض ظواهرها فيما سبق.

وأعتقد بقوة أن مسألة الإقرار بإرتداد المسلمين المستتر عن دينهم واستيعاب مفهوم التأريض الديني وإعتبار العقل فوق النص الديني في أموره الدنوية والأخذ بها مسألة وقت ليس إلا، لعدة أسباب، منها:

أولاً:أن النظام الديني السياسي الذي جاء به محمد في القرن السادس الميلادي لم يكن نظاماً سياسياً واضح المعالم ومتكامل في أي شيء منه،فأثناء حياته كان هو يمثل كل شيء، فكان بيده السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية، وكذلك كان خلفاؤه،ولعل من المستغرب إحجام محمد عن وضع نظام سياسي وعدم التطرق إليه خلال الثلاث وعشرين سنة من عمر دعوته، ولكن دراسة بسيطة عن أحوال العرب في زمن محمد تقودنا بسهولة لماذا لم يأت محمد بنظام للدولة، والسبب في إعتقادي أنه ما كان لمحمد ولا لغيره أن ينتقل من حالة البدواة والعصبية القبلية إلى حالة دولة خلال فترة دعوة محمد القصيرة، بالإضافة إلى ذلك فإن محمدا لم يبارح شبه جزيرة العرب بعد دعوته إلى بلاد أخرى أكثر تطوراً، ويطلع على النظم السياسية،أما خروجه إلى بلاد الشام قبل البدء في دعوته فكان مقتصراً على شؤون التجارة من بيع وشراء وميزان وربح وخسارة ،وكان أثر هذه المصطلحات والتعابير التجارية بائناً في قرآنه، حتى إنه استخدمها كثيراً في مجال العبادة والإيمان وتسرب العديد منها إلى النص القرآني.[13] بالإضافة إلى شؤون البيع والشراء والميزان نجد في القرآن شرحاً وافياً ومستفيضاً نسبياً في كيفية تعامل التجار والدائنين فيما بينهم . لكنا لانجد أثراً لا في القرآن ولا في الحديث ذكر لنظام حكم أو نظام دولة سياسي. بدليل أنه ومنذ ذلك الوقت وإلى الآن المسلمون مختلفون في هذه القضية الهامة. بل كاد أصحابه أن يفتك بعضهم ببعض قبل أن يتم دفن جثمانه بسبب النزاع حول قضية الخلافة، واشتد الخلاف مع ظهور الدول القومية بعد إضمحلال الخلافة العثمانية في مطلع القرن العشرين، وانقسم المسلمون إلى فئتين رئيسيتن إحداهما تجد أن النظام الديمقراطي هو الحل أما الثانية فتجد أن الحل هو الإسلام بإعتبار أن الديمقراطية تتنافي مع الإسلام الذي يعتبر أن مصدر السلطة والشريعة هو الله أي النص القرآني والحديث المحمدي، بينما تعتبر الديمقراطية أن مصدر السلطات والتشريعات هو البرلمان أي الشعب، وهذه الحقيقة هي العقبة الكأداء أم دعاة الديمقراطية من المسلمين. وفي رأي أن الآيات القليلة التي تحدد ملامح هذه النظام السياسي متناقضة وهي مجرد تلميحات ولا تصلح كأساس لأي نظام سياسي. أما الآيتان اليتمتان اللتان تطرقتا إلى أمر الشورى، "وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ." الشورى 38. "وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ." آل عمران 153. فإنهما لم تذكرا في مجال العقيدة والشريعة وإنما وردتا حصراً في تشاور "المشرع الأكبر" مع أصحابه بشأن التخطيط والإعداد للغزوات. وجاءتا كضرورة من ضرورات الدعوة والجهاد، ومع ذلك كان الأمر الذي يتم التوصل إليه بعد التشاور فيه يحتاج إلى تصديق الوحي له في أكثر الأحيان وبشكل خاص إذا كان الرأي الذي يتم التوصل إليه بالتشاور يتعارض مع رأي محمد المعلن قبل ذلك، مثلما حدث عندما اقترح أحد الأنصار تغيير موقع تمركز المقاتلين المسلمين الذي حدده محمد في غزوة بدر إلى مكان آخر، ولم يتم تنفيذ هذا الرأي إلا بعد أن نزل جبريل يقول بصحة ما أشار إليه ذلك الأنصاري. وإعتقد أن هذا التصديق السماوي كان بمثابة حق الإعتراض " الفيتو" لمحمد. والذي لجأ إليه في مناسبات عامة وخاصة كثيرة، ثم من خلال تاريخ الإسلام السياسي نجد أن الخليفة كان هو الحاكم المطلق السيادة دائماً. وفي هذا كفاية لإثبات خلو القرآن من أي أسس لنظام سياسي،وإلا لأخذ أصحابه الأوفياء به كعلي بن أبي طالب وابن أبي قحافة وابن الخطاب وابن عفان وهم الخلفاء الأربعة الاُول في الإسلام.

ثانياً: إن الآيات القرآنية التي تدخل في إطار النظام الإقتصادي التي ذكرت في "القول الفصل" لاتتعدى كونها مجرد رؤية بسيطة هدفت فقط لتحسين التعامل التجاري الأخلاقي في الأسواق الموافق لتلك الفترة وتلك البيئة فيما بين العرب في القرن السادس الميلادي، وهي للأسف لم تفلح آنذاك في تأسيس نظام إقتصادي واضح المعالم في ذلك الوقت، لأنها لم تكن قوانين وقواعد تجارية بقدر ماكانت توجيهات وإرشادات عامة للتعامل التجاري الحسن بين الناس،ولذلك ظل بيت المال بيد الخلفاء أو تحت إشرافهم المباشر طوال العصر الإسلامي، وكان للخليفة مطلق الحرية في التصرف بالمسلمين وبأموالهم. ولم يكن المشرف على بيت المال سوى كاتب حسابات، والحديث عن نظام إقتصادي إسلامي ضرب من الخداع الذاتي والنفاق الديني عند المسلمين، والبنوك الإسلامية المعاصرة أحد ظواهر هذا الخداع والنفاق.

لكن لماذا لم يأتِ القرآن بنظام سياسي وإقتصادي وإجتماعي متطور نسيباً وصالح لكل زمان ومكان؟ الجواب بسيط للغاية وهو أن عرب ماقبل الإسلام في القرن السادس الميلادي كانوا يعيشون حياة قبلية تسودها أنظمة إجتماعية وسياسية وإقتصادية بدائية وفي غاية البساطة، وبإعتبار أن القرآن كان ناتج هذه البيئة لذلك كان التغيير الذي أحدثه في هذه البيئة متعلقاً بها، وليس من المنطقي أو المعقول أن نتوقع أن يأتي القرآن بنظام حياتي مختلف كثيراً عن تلك البيئة وأن ينتقل أو يقفز فجأةً بنظام هكذا حياة بدائية وبسيطة تسود فيها العصبية القبلية ورئيس القبيلة هو صاحب السيادة المطلقة فيها،إلى نظام حياة متطور كالنظام الديمقراطي، فمن الخرافة أن نعتقد أن نظاماً إسلامياً بدائياً بسيطاً عاماً للحياة كان متبعاً في القرن السادس والسابع في شبه جزيرة العرب أن يصلح للتطبيق في القرن الحاي والعشرين.

ثالثاً: النظام الإجتماعي الذي أتي به القرآن مستمد في معظمه من الحياة الإجتماعية لأهل مكة ويثرب بمن فهم وبشكل خاص القبائل اليهودية ـ التي إجليت فيما بعد إلى خارج شبه جزيرة العرب ـ وأجد أن ذلك شيئاً طبيعياً فمن البلادة والحمق أن نعتقد أن القرآن كان بإمكانه الإنتقال بهذه الجماعة الإجتماعية الغارقة في التخلف إلى مجتمع ذو نظام إجتماعي متطور، لعدم منطقية ذلك ومخالفته لنظام التطور الطبيعي والتقدم الإنساني،فمن الخطأ الإعتقاد أن إختراع العربة كان يمكن أن يتم قبل إختراع العجلة، لأن محمد نفسه كان أحد أفراد هذا المجتمع، وكان من الممتنع على أهل مكة الإنتقال بهم إلى نظام إجتماعي يناسب جميع العصور والأمكنة. والإصلاحات الإجتماعية التي إنجزت ـ رغم ضآلتها ـ ماكانت لتنجز إلا بالقوة. ثم علينا أن لاننسى أن الغاية الأولى والرئسية لدعوة محمد كانت لثني أهل مكة عن إتخاذ الأصنام شركاء أو وسطاء بينهم وبين الله، لذلك بقيت معظم العادات والتقاليد الجاهلية في كل مجالات الحياة سارية المفعول بعد الإسلام، بل أن الإسلام زاد من رسوخها وثباتها وشرعيتها،وبالتالي إمتناعها عن التغيير والتبديل.

إن عدم صلاحية تلك الحياة الجاهلية ـ التي صادق القرآن على معظمها ـ لتنظيم الحياة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والفكرية لهذا العصر المتقدم هو الذي يدفع بالمجتمعات الإسلامية إلى الردة المستترة والبعد عن الإسلام، وهذا مادفعت السلطات السعودية أن تضرب بالسياط من يتخلف عن الصلاة من المسلمين، وتفرض عليهم غرامات مالية وتقوم بهذه المهمة شرطة خاصة تسمى بالشرطة الدينية ومن مهامها أيضاً فرض اللباس المحتشم على الجنسين لايكون مخالفاً للباس عرب الجزيرة في القرن السادس وكذلك الفصل بين الجنسين ومهام دينية كثيرة أخرى ، وهذا دليل واضح أن الناس هناك ليست ملتزمة بالدين بمزاجها وإرادتها وهي تعيش في مركز الإسلام أو مهبط الوحي المحمدي، فكيف يكون حال المسلمين في الأمصار البعيدة.؟



هكذا وبكل جرأة وشجاعة وذكاء وإقتدار يكشف سيد قطب عن حقيقة تعتبر من أكثر الحقائق إيلاماً وأشدها مرارة على مئات ملايين المسلمين، الذي يسيرون كالخراف الضالة خلف أئمة ضالين أو منافقين أو أنصاف منافقين،رضخوا بإرادتهم أو رغما عنها لإرادة الإرادات ،وهي إرادة الزمن التي تروض أي إرادة أخرى لاتخضع لسلطانها ولاتنصاع لقواعدها الطبيعية أو تتخلف عن اللحاق بقوانينها المتغيرة دائماً وأبداً. ومغفل من يعتقد أن ثمة دين أو عقيدة أو فكر أوفلسفة لاتنهزم أمام إرادة الزمن إلى الأبد،هذه الإرادة التي قامت بتعرية الجبال الشاهقة وبفلق الصخور الصلدة وتصحير الأراضي الخصبة، لهي قادرة حتماًعلى ترويض الدين وتأريضه وإخضاعه لقوانينها وسننها الطبيعية، وهذه مئات الملايين المسلمة التي لم تعد قادرة على المسير وهي محملة بالعبء الثقيل والمتراكم ، ولذلك تلقيه جانباً حتى إنها تخلت عن كثير من تعاليم الإسلام، ولم تعد تجد في الإسلام ما وجده المسلمون الأوائل فيه قبل مئات السنين، وأن معظم ماجاء في الإسلام لم يعد صالحاً لهذا الزمن. ولذلك فهي لم تعد تهتم به أو تعتمد عليه إلا في القليل القليل الذي تراه مناسباً لها.

وقضية من لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر كما جاء في القرآن والسنة صارت منسية ومهملة من قبل المسلمين ودعاتهم وأئمتهم رغم وضوحها وبيانها، ولاشك أن سيد قطب على حق حين يحذر هؤلاء الدعاة من مضاعفة العذاب لهم في جهنم إن هم سكتوا عن إرتداد المسلمين إلى الجاهلية وسايروهم في جاهليتهم وكفرهم. لأنهم الأعلم بكفر ونفاق من لم يحكم بما أنزل الله وبما أمر به.

وبالرغم من أن غالبية المسلمين الساحقة اليوم يعلمون جيداً أنهم مسلمون فقط بالإسم والإدعاء وليس بإتباع الدين وإعتناقه وبما أمر به الله، فهم مع ذلك ليس لديهم الرغبة أو المقدرة الكافية لإعلان ذلك أو الإقرار والإعتراف به. وهذا مايسبب حيرة وتيهاناً وعدم إستقرار في عقولهم وبالرغم من إرتياح غالبية المسلمين للأنظمة الشبه علمانية في الدول الإسلامية من حيث المبدأ، إلا إنها تعيش مع أنظمتها إزدواجية مؤلمة ومعيقة لنموها وتطورها، وتسبب له مسيراً دائرياً يدور ويلف حول نفسه كالآلة التي تدور على عجلتين متوازيتين مختلفتي القطر حول محور ثابت.فهذه الآلة لايمكن أن تسير إلى الأمام أبداً للسبب المذكور وهو إختلاف قطري عجلتيها: عجلة الدين من جهة وعجلة العلمنة والحداثة والحضارة من جهة أخرى[14] ، ويبدو أن المجتمع المسلم سيبقى يدور حول هذا المحور الثابت وسيبقى يراوح في مكانه متخلفاً طالما لم يقم بعملية تسوية لقطري العجلتين اللتين يسير عليهما، وأعتقد أن سبب إمتناعه عن ذلك هو مفهوم القداسة المترسخ في ذهنيته عن الدين، وهذا مايمنعه من التقرب من العجلة الدينية وإدخال التعديلات الضرورية عليها،ومساواة قطرها لقطر العجلة الأخرى، وهنا تفرض ضرورة تأريض الدين نفسها، لإسقاط القداسة عن الدين الذي يفتح المجال للعقل المسلم في تصليح العجلة المهترئة ومساواة قطرها بقطر عجلة الحداثة ليتثنى لآلته أن تسير إلى الأمام وتتقدم.

إن الدين المؤرض يتيح لمعتنقيه ميزة تعديل الدين وتوفير إمكانية التوافق بين الدين والحياة المتجددة بإستمرار، ولست أول من يكتشف أن أساس التقدم والحضارة هو قانون التغير الطبيعي للعالم والإنسان والحياة ،وأن نشوء الحضارات بما فيها الحضارة الإسلامية خضعت لهذا القانون الطبيعي للتغيير.



إن تشخيص سيد قطب للحالة الإسلامية ووضع إصبعه على مكمن الداء سبب إيلاماً لكثير من رجال الدين المسلمين الذين يحبذون وصفهم بالإعتدال أو الوسطية وكأن الإسلام والقرآن ليس واحداً وإنما عدة أنواع،كأن يوجد قرآن أصولي وأخر معتدل أو وسطي وثالث ليبرالي منفتح، فأمطروا عليه وابلاً من خطاباتهم وكتاباتهم محاولين التغطية على نفاقهم ونفاق مجتمعاتهم الإسلامية وفسوقها وعصيانها، في محاولة يائسة لخداع أنفسهم بأنهم مازالوا مسلمين على سنة الله ورسوله، وهم في الحقيقة أبعد عما يدعون، ومن بينهم صديقه ورفيق دربه رجل الدين الأشهر في هذه الأيام الشيخ يوسف القرضاوي، الذي يحاول الرد على سيد قطب فيقول:

" ومشكلة الأستاذ سيد قطب لا يعرف إلا الإيمان أو الكفر، ولكن يوجد بينهما منزلة هي الفسوق والعصيان؛ فقد يوجد اليوم مئات الملايين من المسلمين ولكنهم ـ كلهم أو جلهم ـ عصاة مفرطون، في حاجة إلى أن يتوبوا، أو جهلة بدينهم في حاجة إلى أن يعلموا... فلو قال الأستاذ سيد:لا يوجد مسلمون كاملون في إسلامهم فهما وسلوكا إلا القليل؛ لكان كلامه مقبولا، أما أن يقول:لا يوجد مسلمون قط، وإنما يوجد أقوام من سلالات المسلمين، وأن الوجود الإسلامي قد انتهى أو توقف من زمن طويل؛ فهذا إسراف في النظر إلى الأمة التي لم تكفر بربها ولا بقرآنها ولا برسولها، ولا تزال تتجمع بالملايين في شهر رمضان لصلاة التراويح، وفي مواسم الحج والعمرة. فمن يقول إن هؤلاء جميعا كفار؟[15]""



ليس من السهل على مايبدو دحض أراء سيد قطب الذي يوصفه القرضاوي بالأديب والمفكر والعالم أحياناً، دون الوقوع في مطبات خطيرة، فعندما يقول القرضاوي أن: "ومشكلة الأستاذ سيد قطب لا يعرف إلا الإيمان أو الكفر، ولكن يوجد بينهما منزلة هي الفسوق والعصيان" فإنه بذلك يخرج المجتمعات الإسلامية من جاهلية سيد قطب التي وصفها بهم إلى مجتمعات فسوق وعصيان ونفاق. وهذه الصفات التي يراها الشيخ القرضاوي أنها الأنسب لإطلاقها على المجتمعات الإسلامية، إعتقاداً منه ربما أنه بذلك يهون من أمر الحقيقة، لكنه ومن حيث لايدري أو يدري أنه بوصم كل المسلمين أو جلهم بالفسق والعصيان، يوقع المسلمين في حالة أسوأ من حالة الجاهلية، فعلى الأقل ثمة في الجاهلية بعض القيم الإنسانية، أما حالة الفسوق والعصيان فمنعدمة تماماً إلا من كل شيءٍ خبيث. والقرآن لم يتهاون في أمر الفسوق والعصيان ووصف الفاسقين والعصاة بالكفر ووعدهم بأشد العذاب: "كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ." يونس 33."فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً." المزّمِّل الآية 16. "وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ." الحجرات الآية 7. "فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ." البقرة 59. "وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً." الإسراء 16. "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ." الكهف 50. "وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ" الأنعام 49. "وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ." الأعراف 165.

وفي اللغة: "الفِسْق: العصيان والترك لأَمر الله والخروج عن طريق الحق." المحيط. وفي لسان العرب: وفسُق يفسُق فِسْقًا وفُسُوقًا: ترك أمر اللّه وعصى وجار عن قصد السبيل وخرج عن طريق الحقّ أو فجر. وفي سورة الأنعام "وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ" أي خروجٌ عن الحق. وفي سورة الكهف "فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ" أي خرج. والفُسُوق شرعًا الخروج عن طاعة الله. وكذلك في القاموس المحيط: الفِسْقُ: بالكسر التَّرْكُ لأمْرِ الله تعالى والعِصْيانُ والخُروجُ عن طَريقِ الحَق.

ثم أن الجاهل أهون عند الله من الفاسق والعاصي، لأن الجاهلَ جاهلٌ بالأصل وآثم دون علم. أما الفاسق أو العاصي فهو آثم بعد علم. وبالتالي فعقابه أشد من عقاب الجاهل، ولذلك لم يتردد الله في إنزال الرجز من السماء ـ في الحياة الدنيا ـ على الذين فسقوا،ولهم في الآخرة عذاب أليم. بينما وعد الله الجاهلين بالعذاب في الآخرة، وتركهم يسرحون ويمروحون ويتمتعون في هذه الحياة الدنيا.



وهكذا نجد أن الشيخ القرضاوي لم يوفق في الرد على المفكر المؤمن سيد قطب[16]، واتهمه بالجهل بأنه "مشكلته أنه لايعرف أن بين الإيمان والكفر منزلة هي الفسوق والعصيان". وبهذا فقد أخرج الشيخ القرضاوي ملايين المسلمين من الجاهلية التي وضعهم فيها سيد قطب ووضعهم في حالة أسوأ حين أتهمهم بالفسوق والعصيان،من حيث لايدري، أو ربما على الأرجح من حيث يدري.إذ من غير المعقول أن يفوت معنى العصيان والفسق على عالم كبير كالشيخ القرضاوي.[17]

ثم عندما يقول القرضاوي: "ولا تزال تتجمع بالملايين في شهر رمضان لصلاة التراويح، وفي مواسم الحج والعمرة. فمن يقول إن هؤلاء جميعا كفار؟" يعتقد أنه خلّص المسلمين من تهمة الجاهلية، كأنه ينسى أن صلاة التراويح التي يقبل عليها ملايين المسلمين ليست من الإسلام وإنها كانت بدعة أبتدعت، وأقيمت بأمر من "شهيد المحراب"عمر بن الخطاب، وكأنه ينسى أيضاً أن الحج والعمرة كانا من عادات الجاهلية التي استمر الإسلام عليها ، وهذه الملايين التي تصوم رمضان والتي يشير إليها القرضاوي متباهياً بها، تلتهم من الطعام والشراب في رمضان ـ الذي هو شهر الصيام والإمتناع عن تناول الطعام كامل النهار ـ أكثر مما تلتهمه في أي شهر آخر، والمسلم في رمضان يقذف إلى بطنه في الليل من الطعام أكثر بكثير مما امتنع عنه في النهار، وعوضاً عن أن يكون شهر الصيام شهر تعبد وتقوى وقضاء الليل في تلاوة القرآن وإقامة الصلاة، أصبح شهراً للعزائم والولائم والأفراح والليالي الملاح، وعرض الأفلام والمسلسلات. وكما أن الصيام هنا لايحقق الغاية المرجوة منه ، كذلك سائر العبادات أصبحت مجرد عادات وشكليات ، وهذا يدل على إحتجاج ظاهر لكنه غير مصرح به عند المسلمين مضمر في الوعي واللاوعي، على هذا الدين المثقل بالعبادات الشاقة والعقوبات الصارمة المخيفة والمفزعة والتعليمات اللانهائية التي تحدد كل حركة وسكنة في حياتهم.

وفي كل الأحوال نجد أن سيد قطب والقرضاوي متفقان في المضمون ومختلفان في الإخراج، فالفسوق الذي ألبسه القرضاوي على كل أو جل المسلمين، لايختلف في المضمون عن الجاهلية والكفر الذي عممه سيد قطب على المجتمعات الإسلامية، فالفسوق القرضاوي شرعًا هو الخروج عن طاعة الله، والجاهلية عند سيد قطب هو الحكم بغير ما أمر الله. وكما نرى فليس ثمة فرق بين الفسوق القرضاوي والكفر القطبي. ومن غير المعلوم ما الذي يدفع القرضاوي بملء الفم وبكل ثقة أن يتساءل: "فمن يقول إن هؤلاء جميعا كفار؟" وكأن الفسق والعصيان والخروج عن طاعة الله درجة من درجات الإيمان عند الشيخ القرضاوي وليس كفراً بواحاً.!!! ضارباً عرض الحائط العديد من الآيات المحكمات الواضحات، ولاأدري ماذا يبقى من دين المسلم إذا فسق وعصى وخرج عن طاعة الله.واعتقد أن سيد قطب كان أرحم من منافسه ورفيق دربه القرضاوي على المسلمين،لأنه إتهم المسلمين بالخروج عن طاعة الله، بينما زاد القرضاوي على ذلك بأنهم فاسقين وعصاة أيضاً.

ولكن مع ذلك فالقرضاوي يدافع بشدة عن سيد قطب أمام منتقديه ممن يمتنعون عن إظهار التكفير في كتبه،إذ يقول في سياق مقاله "كلمة أخيرة حول سيد قطب": "سيد قطب يأتي في مقدمة هؤلاء، فلم أر أديبا هو أنصع منه بيانا، ولا أوضح أسلوبا في كل ما يكتبه، في التفسير وفي غيره، ولم يكن الرجل من دعاة الرمزية أو السريالية أو غيرها من المذاهب الأدبية التي تعمد إلى الغموض وتغلف مقولاتها وأفكارها بأغلفة تحجب معانيها عن جماهير القراء، ولم يكن سيد كذلك من دعاة الباطنية الذين يقولون القول، ولا يريدون به ما يفهمه سائر الناس. بل كان رجلا صريحا بيّنًا لا يحب الظلام ولا الضبابية فيما يقول ولا فيما يفعل. والقضية التي نتحدث عنها ـ قضية تكفير مسلمي اليوم ـ ليست قضية فقهية بعيدة عن اختصاص سيد كما يتصور أو يصور بعض الإخوة المتحمسين، بل هي قضية فكرية محورية أساسية، أو قل هي: قضية أصولية اعتقادية، هي ألصق بعلم العقائد والكلام منها بعلم الفقه والفروع؛ ولأنها قضية فكرية محورية مركزية عند سيد، رأيناه يلح عليها، ويكررها ويؤكدها بأساليبه البيانية الرائقة والرائعة حتى تتضح كالشمس في رابعة النهار."[18]


--------------------------------------------------------------------------------

[1] من مقدمة كتاب معالم في الطريق

[2] في سياق تفسير الآية 12. من سورة الأنعام في كتاب في ظلال القرآن.

[3] في سياق تفسير الآيتين 86 ـ 88.من سورة يونس في ظلال القرآن.لسيد قطب.

[4] من مقدمة شرح سورة الأنعام في ظلال القرآن.

[5] في ظلال القرآن: في سياق حديثه عن الآيات: 29 ـ 31. من سورة التوبة.

[6] فقرات من فصل:"حاضر الإسلام ومستقبله" من كتاب: "العدالة الاجتماعية في الإسلام" لسيد قطب.

[7] فقرات من فصل:"حاضر الإسلام ومستقبله" من كتاب: "العدالة الاجتماعية في الإسلام" لسيد قطب.

[8] من فصل: لا إله إلا الله، منهج حياة من كتاب معالم على الطريق لسيد قطب.

[9] من فصل: لا إله إلا الله، منهج حياة من كتاب معالم على الطريق لسيد قطب.

[10] من فصل: لا إله إلا الله، منهج حياة من كتاب معالم على الطريق لسيد قطب.

[11] في ظلال القرآن في سياق شرحه لآية 65 من سورة الأنعام.

[12] من الدرس الثالث في سياق تفسير الآية "وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين" في سورة الأنعام. في ظلال القرآن.

[13] المزيد في فصل المصطلحات التجارية في القرآن

[14] ففي نفس الوقت الذي تتبنى فيه الدول الإسلامية نظاماً علمانياً متفاوتاً من دولة لأخرى نرى في كل سنة مجموعة من قادتها أثناء موسم الحج تطوف حول الكعبة وتقبل الحجر الأسود وترجم بالحصى الشيطان الرجيم.كما كان يفعل أبو جهل والمغيرة وأبو بكر وابن الخطاب الذي أفصح بجرأته المعهودة أنه لو لم يشاهد "سيد الخلق" وهويقبل الحجر الأسود لما فعل هو ذلك.

[15] http://www.islam-online.net/Arabic/contemporary/2004/05/article01a.shtml

[16] سيد قطب الأديب والمصلح الاجتماعي ومفكر جماعة الإخوان المسلمين: يعد سيد قطب مفكر جماعة الإخوان المسلمين ومؤسس الكثير من أطروحاتهم النظرية وتعتبر كتبه المرجع الأساسي لفهم الخلفيات الفكرية لهذه الجماعة. ولد سيد قطب إبراهيم الشاذلي في قرية موشَا التابعة لمحافظة أسيوط في مصر في 9 أكتوبر/تشرين الأول 1906. تخرج في كلية دار العلوم بالقاهرة عام 1933- قسم الآداب فشغل عدة وظائف في وزارة المعارف، ثم أوفدته الوزارة إلى أميركا عام 1948 لدراسة المناهج، وعاد منها عام 1950. عمل سيد قطب في الصحافة منذ شبابه، ونشر مقالات عديدة في الصحف والمجلات المصرية، كما أصدر عدة إصدارات: مجلة العالم العربي مجلة الفكر الجديد جريدة (الإخوان المسلمون عام 1953). انتسب سيد قطب إلى جماعة الإخوان المسلمين عام 1953 فشارك في تشكيل الهيئة التأسيسية للجماعة تمهيدًا لتوليه قسم نشر الدعوة. اعتقل سيد قطب بعد حادث المنشية في عام 1954 حين تعرض الرئيس جمال عبد الناصر لمحاولة اغتيال اتهم الإخوان بتدبيرها. وحكم عليه بالسجن 15 سنة عذب خلالها تعذيباً شديداً. وقد ألف وهو بالسجن "هذا الدين" و"المستقبل لهذا الدين"، كما أكمل تفسيره "في ظلال القرآن". وأفرج عنه بوساطة من الرئيس العراقي عبد السلام عارف في مايو/أيار 1964. وقد قبض على أخيه محمد قطب بتاريخ 30 يوليو/تموز 1965 فبعث سيد قطب برسالة احتجاج إلى المباحث العامة فقبض عليه هو الآخر 9 أغسطس/آب 1965 وقدم للمحاكمة، وحكم عليه بالإعدام وقد تم تنفيذ الحكم فجر يوم الاثنين 29 أغسطس/ آب 1966. ترك سيد قطب آثارا فكرية متعددة أثرت في فكر الإخوان المسلمين وغيرهم من الحركات الإسلامية المعاصرة. ويعد تفسير سيد قطب للقرآن المعروف باسم "في ظلال القرآن" مرجعا أساسيا لفهم فكر قطب وقد طور سيد قطب مفهومين أساسيين في تفكيره وهما مفهوم الحاكمية ومفهوم الجاهلية المعاصرة. وحول هذين المفهومين تدور كل الأفكار الأخرى التي تصادفنا في مقالات وكتب سيد قطب، على وجه الخصوص كتابه معالم في الطريق، وكذلك في تفسيره للقرآن الكريم "في ظلال القرآن". يلقى سيد تعاطفا كبيراً في أوساط الإسلاميين على اختلاف فئاتهم، ويلقى خصومة شديدة من بعض الأطراف التي تخالف الإسلاميين عموماً، والبعض يرى فيه ابتعاثا لفرقة الخوارج التي ظهرت في القرن الهجري الأول ورفعت شعار لا حكم إلا لله وخرجت على علي بن أبي طالب. والبعض -حتى من مراجع دينية إسلامية- يرى أنه أسس للتشدد الديني ومهد لحركات التكفير والهجرة التي عرفتها الساحة العربية والإسلامية في الثمانينات وما بعدها.راجع الموقعين التاليين:

http://www.islam-online.net/arabic/famous/2000/12/article3.shtml

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/2B28A8CF-500D-4B91-8F0B-C7A7AB0BA87C.htm

[17] الشيخ يوسف القرضاوي: ولد الدكتور يوسف القرضاوي في إحدى قرى جمهورية مصر العربية 1926م.التحق بمعاهد الأزهر الشريف، وكان ترتيبه في الشهادة الثانوية الثاني على المملكة المصرية، رغم ظروف اعتقاله في تلك الفترة. . في سنة 1958م حصل على دبلوم معهد الدراسات العربية العالية في اللغة والأدب. في سنة 1960م حصل على الدراسة التمهيدية العليا المعادلة للماجستير في شعبة علوم القرآن والسنة من كلية أصول الدين. في سنة 1973م حصل على (الدكتوراة) بامتياز. عمل الشيخ القرضاوي فترة بالخطابة والتدريس في المساجد، ثم أصبح مشرفًا على معهد الأئمة التابع لوزارة الأوقاف في مصر. نقل بعد ذلك إلى الإدارة العامة للثقافة الإسلامية بالأزهر في سنة 1961م أعير إلى دولة قطر ، عميدًا لمعهدها الديني الثانوي وفي سنة 1977م تولى تأسيس وعمادة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر حصل على جائزة البنك الإسلامي للتنمية في الاقتصاد الإسلامي لعام 1411هـ كما حصل على جائزة الملك فيصل العالمية كما حصل على جائزة العطاء العلمي المتميز من رئيس الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا لعام 1996م. كما حصل على جائزة السلطان حسن البلقية (سلطان بروناي) في الفقه الإسلامي لعام 1997م. الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، أحد أعلام الإسلام البارزين في العصر الحاضر في العلم والفكر والدعوة والجهاد، في العالم الإسلامي مشرقه ومغربه. عن موقع اسلام اون لاين: http://www.islamonline.net/arabic/contemporary/History/2001/article1.shtml

أما الدكتور اسامة فوزي "مؤسس صحيفة عرب تايمز"، فيكشف عن الوجه الآخر للقرضاوي قائلاً: "تنبهت الاجهزة الامنية الى الدور الذي يلعبه يوسف القرضاوي فتم اعتقاله مع سيد قطب وجماعته واودع الجميع في السجن الحربي الذي كان يديره حمزة بسيوني ووافق القرضاوي بعد جلسة تعذيب على العمل مع المخابرات لذا تم اخراجه من السجن والحاقه في دورة تدريبية على التجسس والتخابر وطلب منه ان يغير البدلة المودرن بعمة ودشداشة وعباءة حتى يقوم بمهمته الجديدة على اكمل وجه دون ان يثير علامات الاستفهام والشكوك من حوله وفي الشهر الذي علق فيه زعيمه سيد قطب على المشنقة كان يوسف القرضاوي يستقل الطائرة الى الدوحة معارا من الحكومة المصرية وهو ما دفع رفاقه في جماعة الاخوان المسلمين الذين كانوا يعذبون في زنازين حمزة بسيوني الى اتهامه بالخيانة. ولكن لماذا مشيخة قطر؟ والاجابة معروفة فجمال عبد الناصر بطش بجماعة الاخوان المسلمين في مصر بخاصة بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها في المنشية بالاسكندرية فهرب ابرز قادة الجماعة الى دول الخليج وكان منهم مثلا الدكتور ابراهيم عز الدين الذي تنقل ما بين سوريا والاردن والسعودية قبل ان يستقر في ابو ظبي مستشارا للشيخ زايد ويحصل على الجنسية الاماراتية ومثله كثير. كانت قطر من بين المشيخات التي استقطبت الجزء الاكبر من الهاربين وكان لزاما على صلاح نصر ان يلاحقهم فجند الشاب الوسيم يوسف القرضاوي بعد ان عذبه في السجن الحربي واستجاب الشاب للعرض المغري وتم نقله خلال ساعات من زنزانة رهيبة في السجن الحربي الى شقة فاخرة وضعت تحت تصرفه في القاهرة وبعد تجهيزه وتدريبه امنيا تم ارساله الى قطر كمعار رغم احقية اخرين بهذه الميزة التي كانت في عهد عبد الناصر لا تصدر الا عن جهاز المخابرات ولا تمنح الا للموالين للنظام ولا زال نظام البعثات والاعارات والمنح في العالم العربي يرتبط بموافقة اجهزة المخابرات ولا يمكن لاي موظف ان يعار او يبتعث دون موافقة الاجهزة الامنية . .... فتاوى القرضاوي الجنسية ومنها جواز ان تمص المرأة ذكر زوجها اثارت الكثير من الانتقادات للمحطة المذكورة "الجزيرة" وللقرضاوي ولكنها في المقابل حققت شهرة واسعة للقرضاوي بين الرجال والنساء ممن يطربون لهذه الموضوعات ولا يجدون في الدين الاسلامي الا قضايا النكاح على ما فيها من تفاصيل تبدأ بأنواع القبلة وجواز ان يقبل الرجل فرج زوجته ـ وهي فتوى للقرضاوي قدمها عبر الجزيرة ـ الى " ايلاج رأس الاحليل في قبل او دبر " !!.. لذا احتل القرضاوي في حينه اغلفة جميع المجلات العربية التي تهتم بالشأن السياسي ـ مثل مجلة الوطن العربي ـ وتساءل الكثيرون عن المغزى من هذه الحملة الجنسية التي يقوم بها شيخ من قطر ارتبط اسمه بمخابرات عبد الناصر .... وبفضائح شركات توظيف الاموال التي سرقت اموال المصريين وكان القرضاوي احد اهم من يفتي لها قبل ان يصبح احد ملاك بنك فيصل الاسلامي !!!".

http://www.arabtimes.com/osama2/doc34.html

[18] http://www.islamonline.net/arabic/contemporary/2004/09/article04.shtml



#زاغروس_آمدي (هاشتاغ)       Zagros__Amedie#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (6) تأريض الإسلام
- (5) تأريض الإسلام
- (4) تأريض الإسلام
- تأريض الإسلام-الفصل الأول الحلقة الثانية
- (1) تأريض الإسلام
- (2) تأريض الإسلام


المزيد.....




- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زاغروس آمدي - (7) تأريض الإسلام