أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الواحد عبدالله شافعي - الصومال- بعد سيطرة المحاكم الإسلامية علي العاصمة .. .. آمال وتحديات.















المزيد.....

الصومال- بعد سيطرة المحاكم الإسلامية علي العاصمة .. .. آمال وتحديات.


عبد الواحد عبدالله شافعي

الحوار المتمدن-العدد: 1633 - 2006 / 8 / 5 - 11:10
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


منذ سيطرة المحاكم الإسلامية علي العاصمة الصومالية مقديشو من أيدي زعماء الحرب سيئي السمعة الذين أذاقوا الشعب الويلات، عادت الصومال ومشاكلها العويصة مرة أخري إلي دائرة الضوء وأصبحت محط إهتمام وسائل الإعلام العالمية وفرضت نفسها علي أجندة المحافل الدولية والإقليمية ونالت إهتمام المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة. كل ذلك بعد غياب أو تغييب للأزمة الصومالية دام أكثر من عشر سنوات وذلك عقب فشل التدخل الدولي بقيادة اميركا في نهاية عام 1992 وما تلاه من إنسحاب مهين للقوات الأمريكية بيد مليشيات زعيم الحرب الراحل الجنرال عيديد في عام 1993 وماتبع ذلك من خروج كامل ونهائي لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في عام 1995 تاركة البلاد والعباد لأمراء حرب إرتكبوا جرائم حرب ضد الإنسانية من قتل وتعذيب وتشريد لمئات الآلاف من المدنيين العزل الأبرياء مما جعلهم رمزا للمأساة الصومالية.


حصل هذا والعالم كله يشاهد ويتفرج ولا يلقي بالا لمحنة إرتهان مصير شعب بأكمله علي يد حفنة عصابات مجرمة إنتهازية تتاجر وتتمول علي جثث القتلي. علي هذه الخلفية جاء إنتصار المحاكم الإسلامية علي لوردات الحرب في الصومال وسيطرتهم علي العاصمة والمناطق المحيطة بها. هذا الإنتصار الساحق والسريع لمليشيات المحاكم لم يحصل لولا التأييد الشعبي الواسع الذي لاقوه من جميع شرائح المجتمع المختلفة الذين ثاروا علي الوضع المأساوي القائم ورأوا في تحرك المحاكم فرصة سانحة للتخلص من العصابات الإجرامية المتسلطة عليهم للعيش في أمن وسلام.


سيطرة المحاكم الشرعية علي العاصمةيعتبر تحولا مهما جدا في الساحة السياسية الصومالية وقد يكون بداية طي مرحلةمؤلمة ومليئة بالألام والمصائب من التاريخ الحديث لأمتناوذلك إذا استغلت الأطراف المعنيةهذا التغير لصالح الأمة والوطن ،وربما تكون ايضابداية موجة جديدة من الصراعات والإقتتال الأهلي قد تكون أقسى واسوأ من سابقاتها بسبب دخول عنصر أيديولجي ديني جديد في الصراع القبلي الصومالى.


هذه هي المرة الأولي في تاريخ الصومال القديم والحديث يوظف فيهاالعامل الديني لحسم صراع أهلي بين القبائل بينماعادة كان يتم توظيف الدين لتوحيد صفوف القبائل وتعبئتهم لمواجهة عدو أجنبي خارجي.العصبية القبلية والحماس الديني إذا اجتمعابدون قيادة سياسية حكيمة ينتجان دمارا شاملا لا يبقي ولا يذر. وهنا يحضرني الدور القيادي للملك عبدالعزيز مؤسس الدولة السعودية الحديثة الذي نجح في كبح جماح الجماعات القبلية المسلحة في صفوف جيشه والتي كانت تقاتل تحت غطاء ديني أيديولوجي. كان رحمه الله حكيما يعرف كيف يوجه هذه القوة الضاربة وسياسيا محنكا له أهداف سياسية وليست دينية كماظن الإخوان / الوهابيون الذين كانوا يقاتلون- بدعواهم- من أجل نشر العقيدة السلفية الصحيحة في ديار أهل الشرك والبدع . .


ويجذر بألذكرهنا أن جميع الثورات التي قام بها شعبنا منذالكفاح الوطني من أجل الإستقلال كانت تنتصر عسكريا ولكنها فشلت سياسيا.وكان آخرها الإنتفاضة الشعبية ضد الديكتاتور السابق المرحوم سياد بري وما تلاه من فشل سياسي مريع ما زلنا نعيش تداعياته المرة حتي يومنا هذا.والخطأ التاريخي نفسه قد تعيده المحاكم إذ ا لم تنتبه الي أهمية إعداد خطة مشروع سياسي يكون بمثابة بوصلة لجميع تصرفاتها. ويبدو من تصرفات المحاكم وتصريحات بعض قادتها الإعلامية انه ليس لديهم هذا البرنامج وأود أن أكون مخطئافي هذا التشاؤم وتثبت المحاكم خطأ تشاؤمي وتقديري.


وهكذا ربما يكون حال الشعب الصومالي كحال العلوي الذي بعد أن رأي المظالم التي قام بها العباسيون ضد بني أعمامهم العلويين بعد الثورة العلوية التي أوصلتهم إلي السلطة قال :

ليت عدل بني عباس ما كانا ليت جور بني مروان ما زالا

يعبر عن المرارة العميقة التي يشعرها العلوي والثمرة المرة التي جناهاالعلويون بقيادة الثورة ضد بنى أمية عدوهم اللدود.


ومما يجدر الإشارة إليه أن رفع شعارات مثل إقامة دولة إسلامية أو تطبيق الشريعة الإسلامية لايغني عن ضرورة إعداد البرنامج الوطني الذي ذكرناه آنفا. وتخطئ المحاكم مرة أخري خطأ با لغا إذا اعتقدت ان التأييد الشعبي الواسع لها كان بسبب ما تحمله من شعارات وتصورات ورؤي للإسلام ومن ثم فرض نظام ديني متشدد يتنافي مع الطبيعة التقليدية المتسامحة للإسلام التي تعتنقها أغلبية المجتمع الصومالي.

نقطة أخري مهمة يجب التنبيه إليها وهي التفريق بين الإسلام والمحاكم الإسلامية. الإسلام كدين ورسالة الهية والمحاكم الإسلامية كحركة سياسية تهدف الي مراعاة المصالح الدنيوية للمواطنين بدون أن تتدخل علاقاته التعبدية مع الله. المواطنون لهم مطالب سياسية وليست دينية من مثل الحفاظ علي حياتهم وأموالهم وتحسين مستوي معيشتهم وتوفير الخدمات الإجتماعية الضرورية لهم ومراعاة حقوقهم وحرياتهم الأساسية ومنها حريةالإعتقاد والعبادة. هذه تحديات سياسية يمكن مواجهتها برؤى عقلانية سياسية وليس برفع شعارات دينية وإغلاق دور السينما لمنع مشاهدة مباريات كأس العالم أوتفريق المشاركين في حفلات الأفراح والزواج, أوإصدار فتاوي بتكفير من لايصلي وقتله.


هناك أيضا إشكالية أخري تتمثل في بنية إتحاد المحاكم الذي يتألف من تيارات شتي من شرائح المجتمع المتنوعة بما فيها جماعات إسلامية معتدلة وأخري متشددة ورجا ل أعمال وفئا ت من المجتمع المدني إضافة إلي زعماء حرب بعضهم لا يزال يحتل علي مناطق واسعة من جنوب البلاد. جميع هذه التيارات تتفق علي التخلص من نفوذ لوردات الحرب إلاأنهم يختلفون في الرؤي والافكار والأهداف فيما سوي ذلك من استراتيجيات. والتحدي الحقيقي الأكبر يكمن في إيجاد صيغة مشتركة بين جميع هذه التيارات للعمل معا من خلال خطة مشروع تتفق فيها جميع الأطراف.


المفاوضات التي بدأها الطرفان الحكومة الانتقالية واتحاد المحاكم تعتبر بداية طيبة وخطوة أولي في الإتجاه الصحيح. يبدو واضحاأن الطرفان في حاجة الى بعضهم البعض ولا يستغني أحدهما عن الأخر. فالحكومة رغم ما يبدو عليها من الهشاشة والضعف إلا أنها تحظي باعتراف المجتمع الدولي وتتمتع بقدر من الشرعية باعتبارها نتيجة مؤتمر مصالحة وطنية استمر عامين بدعم دولي وإقليمي. وكذلك المحاكم علي الرغم من عضلاتها العسكرية التي لا تقهر ولا تباري في الوقت الحالي في السياحة السياسية الصومالية إلا أنها فى حاجة إلي غطاء شرعى معترف ومقبول من المجتمع الدولي. وهكذا الطرفان يتكاملان ولكن قبل ذلك كله لا بد من بناء ثقة بين الطرفين وذلك من خلال خلق مناخ يسوده الإخلاص وحسن نية وتبديد الشكوك والمخاوف التي يتبادلها الطرفان عبر وسائل الإعلام.


إن المبادرة العربية الأخيرة مهمة جدا رغم أنهاجاءت متأخرة وبعد غياب شبه كامل عن الأزمة الصومالية. الوساطة العربية تكتسب أهميتها بكو نها تحظي ثقة واحترام جميع الأطراف وهو مالا تتمتع به اي جهة أخري إقليمية أو دولية بحيث تتهم بعض الأطراف بانحيازهاإلي طرف ضدالطرف الأخر.


ثم إن هناك تحديات خارجية أهمها إزالة المخاوف التي أبداها المجتمع الدولي تجاه الإنتصارات العسكرية للمحاكم. وفي هذا السياق تعتبر الرسالة التصالحية التي بعث بها الشيخ شريف إلي مكاتب هيئات البعتات الدبلوماسية في نيروبي والمنظمات الإقليمية والدولية ومكتب العلاقات العامة للوزارة الخارجية الامريكية ـ تعتبر خطوة مهمة تنبئ عن مرونة سياسية يتمتع بها الشيخ حيث شرح فيها سياسات وأهداف الإتحاد مؤكدا انها حركة محلية لأغراض وطنية لاعلاقة لها بالإرهاب ودعا إلي فتح حوار مع جميع الأطراف. كان ذلك موقفا حضاريا وأخلاقيا لاقي ترحيبا دوليا واسعا لكن ما ينتظره العالم هو تطبيق هذه الوعود علي أرض لواقع .


وأخيرا، لا شك أن الصومال الآن في مفترق طرق ومنعطف مهم وخطير في تا ريخها وكل شيئ يعتمدعلي السياسات التي تنتهجهاالأطراف الصومالية. إذاغلب صوت العقل علي العاطفة وعلت مصلحة الأمة والوطن علي المصالح الأخري الآنية عندها ستكون الأزمة الصومالية في طريقها إلي الحل أما إذاأعيدت نفس الأخطاء التي إرتكبناهاخلال السنوات الستة عشر الماضيةحيث غلبت الأنانانية والعشائرية علي المصالح الوطنية فعندها تسير الأمور إلي مسارات أخرى يصعب التنبؤ بعواقبها الوخيمة.



#عبد_الواحد_عبدالله_شافعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الواحد عبدالله شافعي - الصومال- بعد سيطرة المحاكم الإسلامية علي العاصمة .. .. آمال وتحديات.