أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - ريما كتانة نزال - أحمد سناكرة يخرج حيا من تحت الأنقاض














المزيد.....

أحمد سناكرة يخرج حيا من تحت الأنقاض


ريما كتانة نزال

الحوار المتمدن-العدد: 1631 - 2006 / 8 / 3 - 11:12
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


لم تكن عادية القوة العسكرية التي حشدها الاحتلال للاجتياح الأخير في نابلس، فالقوة العسكرية جاءت بكل أبهتها المدمرة، لتضاهي بل تفوق القوة التدميرية التي حشدت لعملية الاجتياح الشهيرة بعملية الجدار الواقي، مستفيدة من الغطاء الذي يوفره ضجيج قعقعة السلاح والمعارك الدائرة في لبنان؛ وانتقال الآلة الإعلامية خلف الحدث الملتهب؛ لينفذ بعض الجرائم الضرورية لأمنه الخرافي؛ في وقت مستقطع تغيب عنه الإنسانية والحق.
الهدف في هذه المرة كان مقر محافظة نابلس الذي دمر سابقا على مراحل، باستخدام كل أنواع الأسلحة المعروفة، لكن جدرانه بقيت مشرئبة متباهية بصمود البناء العريق أمام القصف المدفعي المتكرر ومطر الصواريخ المنهمر، واستمر واقفا كأحد المعالم والشواهد على همجية العصر، وكشاهد على تاريخ البناء الذي بناه الانجليز، واستخدمه جيش الاحتلال الإسرائيلي قبل أن يخليه للسلطة الوطنية بعد نفاذ اتفاق أوسلو.
في توغله المبدئي في اليوم الأول؛ قتل الجيش خمس شباب من خيرة أبناء البلد، وهمست نابلس لنفسها بأنهم اكتفوا وأخذوا ما يبغون من دمها، ودمروا ما طاب للعنصرية من المكان العصي على الدمار؛ ونفسوا عن عقدهم وأمراضهم العصبية؛ وتلذذوا بأفيون لحمنا وحصارنا ومنعنا من الحراك والتنفس، في يومهم الثاني سحقوا عظام مقرات الأجهزة والجوازات والهويات ، في خطوة هادفة لتغييب الوثائق المتعلقة بسجلات سكان البلد؛ معتقدين أنهم باجتثاث أوراقنا الثبوتية كفلسطينيين؛ يطمسون الهوية؛ أوكأنهم يستعيضون عن سحق السكان وإلغاء وجودهم المادي؛ ببعثرة وثائقهم ودفنها.
لم يكتفوا بالدمار الذي أنجزوه ولا بركام مجدول بخرافاتهم الأمنية المزمنة؛ بل مزيد من الدمار يفتح شهيتهم للمزيد، وفي يومهم الثالث بدأ صبرهم ينفذ وترتفع وتيرة قصفهم ودخانهم، وبحثا عن الطريدة؛ تجوب حناجرهم المربوطة بالسماعات والأجهزة الصوتية المضخمة، اتضح الموقف أخيرا؛ تبين أن الحشد العسكري الهائل المقدر بأربعين ناقلة جنود؛ الذين ترافقهم الدبابات والجرافات وطائرات الأباتشي؛ يوقف المدينة على رؤوس أصابعها بحثا الشاب أحمد سناكرة؛ ابن الثمانية عشرة عاما الذي استطاع أن يفلت من قبضتهم الحديدية بعد حصاره في المستشفى، إذن هو أحمد الذي استنفر تلك القوة المجحفلة، أحمد ذو البنية الرقيقة؛ الذي رفض الاستسلام رغم الكلام المعسول الذي أمطروه به عبر مخاطبته بالسماعات، قالوا له بأنه بطل؛ وبأنه محط تقديرهم واحترامهم؛ وبأنهم لن يمسوه بأذى ان استسلم لهم، أغروه ووعدوه بالعفو عن أخيه المطارد مقابل تقييده، لكن أحمد لم يكن معنيا بعروضهم ونداءاتهم، فقد اختبر عن كثب وعودهم المقدسة.
أحمد المتحصن بإيمانه المطلق بأن رأسه لن يطاح به إلا بمشيئة خالقه؛ وبالسراديب العتيقة الحانية على يفاعته، فتحمل بصلابة استثنائية كل الضغط الذي عرفه البشر، ثلاث أيام من القصف والحفر ونتش الجرافات للبناء حجرا وراء حجر؛ ودخان القنابل المسيلة والدخانية المتدحرجة من خلال الشقوق والفجوات؛ ثلاث ليال لم يدخل فيها الزاد إلى جوفه؛ لم تحرك قناعة أحمد بوضع حياته في كفة مقابل استسلامه، استسلم كل من حوله؛ واستشهد أمام ناظريه أصدقاؤه وزوج أخته، لكن أحمد المتمرس على فنون الهرب الزئبقي، لم يفقد حاسته التي أنبأته بأن الحظ سيحالفه مجددا هذه المرة، فقد استطاع الهرب جريحا من قبضتهم بعد حصاره في المستشفى، ولاعبهم وناورهم أكثر من مرة في أزقة المخيم، فأرشدته غريزة حب البقاء إلى فكرة السير تحت الأرض بموازاة الجرافة الملتهمة للأرض فوق رأسه؛ وأهدته قبرا رقيقا وبوصلة.
ومع النسف الأخير اليائس الذي وضعوا به كل حقدهم وأمراضهم؛ كانت الدورية العسكرية الأخيرة تغادر المدينة معتقدة بأنها قد خلفت أحمد شهيدا تحت الركام، ومع النفس الأخير لليل؛ خرج أحمد سليما من بين الركام والأنقاض.
ونهضت نابلس لتوزع كنافتها؛ وتستقبل أسطورتها بسواعد عيبال وجرزيم، وتعد نفسها بمعجزة أخرى ؛ تلحق العار بجيش محتل يصر العم "سام" أن يعطيه الفرص لاستكمال مهامه الدموية، ويستقبل مخيم بلاطة ابنه بزغاريد النساء وأناشيد العز والكرامة، فقد جسد أحمد قوة الحق مقابل حق القوة، كاشفا بإرادته العارية القبائل العربية بكامل عريها.
أحمد سناكرة: مقاوم فلسطيني مطلوب لجيش الاحتلال.



#ريما_كتانة_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وداعا ممدوح نوفل
- من يوميات الحصار في نابلس
- هل أصبحت الرواتب كأحد بنود وثيقة الحوار الفلسطيني!
- الدكرى العشرون على استشهاد خالد نزال
- هل تحرر الطفل نور من سجنه
- أجمل الأمهات-سمر صبيح-
- يوم قائظ في أريحا
- يوم المرأة كنقطة اشتباك في المجلس التشريعي الفلسطيني
- الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية والمرأة
- اصطياد الجياد في نابلس
- تخوفات مشروعةعلى مكتسبات المرأة الفلسطينية
- لننتخب مرشحات الدوائر للمجلس التشريعي الفلسطيني لشجاعتهن
- لماذا هربت المرأة الفلسطينية من الترشح من خلال الدوائر للمجل ...
- المرأة الفلسطينية في الانتخابات المحلية بين قانونين
- في الطريق الى انتخاب بلدية نابلس الفلسطينية
- انعكاس أزمة اليسار الفلسطيني على الأطر النسائية الديمقراطية ...
- انتخابات المجالس المحلية في المحلة الثالثة والمرأة
- قراءة ثانية لمسودة قانون حقوق أسر الشهداء
- المرأة الفلسطينية في قانون الإنتخابات العامة
- الذكرى التاسعة عشرة لخالد نزال


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - ريما كتانة نزال - أحمد سناكرة يخرج حيا من تحت الأنقاض