أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فالح عبد الجبار - مائة عام على ثورة المشروطة مائة عام من الزمن الضائع















المزيد.....

مائة عام على ثورة المشروطة مائة عام من الزمن الضائع


فالح عبد الجبار

الحوار المتمدن-العدد: 1629 - 2006 / 8 / 1 - 11:57
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


دشَّن القرن الحادي والعشرين مئويات عديدة، مر معظمها مرور الكرام.
فمئوية عبد الرحمن الكواكبي(1902-2002) كادت أن تمحى لولا مبادرة المؤرخ العربي ماهر الشريف، وضيافة المركز الثقافي الفرنسي في حلب، وحمية أحفاد المفكر الحلبي/ الكردي، صاحب "طبائع الاستبداد" و"أم القرى" ، أحد الآباء الشرعيين للنزعة القومية العربية والمدرسة العقلانية. وبينما كان قبر الكواكبي منسياً وسط
في القاهرة، كانت ثلة من الكتاب العرب تحتفي بتراثه في كتاب يتيم.
مرت أيضاً مئوية المصلح الكبير محمد عبده(1905-2005)، دون كبير اهتمام هي الأخرى ودون مراجعة لما كتبه أو ما كتب عنه، لكأن هذا العالم العربي الإسلامي، يخشى حتى مجرد فتح صفحات صاحب "رسالة التوحيد"، وأفكاره الفلسفية-السياسية.
واليوم تمر مئوية ثورة المشروطة، أو الثورة الدستورية(1906-2006) التي هزت العالم الإسلامي من سبات الفكر قروناً، مثلما ستمر بعد عامين، ثورة الاتحاد والترقي(1908-2008) التي كانت أيضاً أول انقلاب دستوري في قمة الدولة العلية، وريثة الخلافة.
إن البكاء العربي على أطلال "النهضة" يطغى على الدراسة المجددة، المتجردة لتاريخنا القريب، أو البعيد، مقارنة بأوربا، مثلاً التي تعيد النظر في تراثها الفلسفي بكتابات تتجدد تقريباً كل عقدين أو ثلاثة عقود تماشياً مع تطور وصراع المدارس الفكرية.
وبحدود علمي ثمة "كونفرنس" أكاديمي واحد حول ثورة المشروطة سيعقد قريباً في لندن. ولو عنَّ لباحث طرح الفكرة في طهران حيث ولدت الثورة، لتعرض إلى تهمة "الغربنة". فالشعار الأهم ما يزال الموت للسافرات والموت لليبرالية.
ولو بحث المؤرخ عن مؤسس فكرة المشروطة، وهو(محمد النائيني) لما وجد اسمه في الذاكرة الرسمية.
ولوجد عوضاً عن ذلك طوابع بريدية تحمل صورة أكبر خصوم ثورة المشروطة، الذي انتهى إلى المشنقة لشدة دفاعه عن الشاه المستبد، وهو الشيخ فضل الله النوري.
هذا الالتباس التاريخي ليس حصراً على إيران، بل يكاد يعم العالم العربي والإسلامي، الكاره لتاريخه بالذات، الا إذا كان تاريخاً متخيلاً ملمعاً بالرياء.
مع أن حركة المشروطة(1906) سبقت كتاب النائيني "تنبيه الأمة وتنزيه الملة" بثلاث سنوات(صدر الكتاب بالفارسية عام 1909)، الا أن هدا الكتاب بات رمزها الفكري الأرأس، وهو شهادة على استجابة الفقه لمتطلبات العصر.
الواقع أن سجال النائيني يرمز إلى انقسام المؤسسة الدينية بين مؤيد للحكم المطلق (المستبدة) ومناصر للحكم الدستوري(المشروطة). المشروطة(على وزن المرجئة، والمعتزلة) هي الترجمة المحلية لكلمة: الدستورية وما تزال بعض أصقاع حضارتنا العربية الإسلامية ترفض كلمة الدستور باعتبارها بدعة وضلالة.
كما أن سجال النائيني ضد الشيخ فضل الله نوري يكتسي حتى هذه اللحظة أهمية راهنة، علماً أن النائيني إنما ينطلق من فقه العبادات وفقه المعاملات، أي ينطلق بالكامل من داخل علم الكلام والفقه الإسلامي، لا من خارجه.
فمثلاً إن فكرة شرعية الحاكم الدنيوي منزوعة تماماً في علم الكلام الشيعي،
وهنا يستخدم النائيني هذه القاعدة لنفي الشرعية عن الحكم الملكي المطلق، باعتباره جزءاً من الحكم الدنيوي الفاقد للشرعية.
ثم يلجاء النائيني إلى قاعدة المصلحة ليفاضل بين الحكم المستبد والحكم الدستوري، ليقول بما أن الإثنين يفتقران إلى الشرعية، وبما أن الإثنين قائمان كأمر واقع، فأن اختيار احدهما دون الأخر إنما تقرره المصلحة. والمصلحة (مصلحة الجماعة)
تتحقق في ظل الحكم الدستوري خيراً مما في الحكم المطلق.
ويمضي النائيني إلى فقه المعاملات ليخلص إلى أن انتخاب النواب كممثلين عن الجماعة، شيء يماثل عقد التوكيل لإبرام البيوع، والنكاح، وما شاكل.
ثم يعمل بعد ذلك على فتح الباب لحق مجلس النواب (مجلسي ملي) في التشريع، بالتماس قاعدة وجود مناطق فراغ في الحياة تتطلب تشريعات تكميلية.
ولنلاحظ أن كل الحجج التي سيقت ضد النائيني إنما تستخدم حتى يومنا هذا من رفض الانتخابات والتمثيل البرلماني، ورفض السماح لغير المسلمين بالترشيح والانتخاب (إعادة قاعدة أهل الذمة)، بل منع مجلس النواب من التشريع، لأن التشريع لرجال الدين وحدهم كممثلين عن الباري عز وجل.
استطاعت ثورة المشروطة أن تجد حلاً وسطاً بين التراث والحداثة، بإيجاد برلمان منتخب مباشرة من الأمة، وتخصيص خمسة مقاعد للفقهاء، علماً أن المرجعيات الدينية كانت ترشح عدداً معيناً يختار منه البرلمان خمسة فقط، لا للقيام بالتشريع بل لإسداء النصح للبرلمان حول تساوق تشريعاتهم مع مقاصد الشريعة بعامة.
لقد أدى صعود الحرية الدستورية إلى إطلاق موجة عارمة ضد ذلك القسم من المؤسسة الدينية الداعم للإستبداد، فأعدم الشيخ فضل الله نوري. لكن التراجع عن الإنجاز دفع النائيني، مؤلف أول أطروحة دستورية في الفقه الشيعي، إلى سحب كتابه من الأسواق وحرقه، خوفاً من سورة غضب العامة التي جرى تأليبها عليه. وبذا أعدم النائيني فكرياً.
ولحسن الحظ فإن أول ترجمة عربية لكتابه صدرت من مجلة العرفان(لبنان-صيدا) عام 1933. وبعد قرابة 70 عاماً صدرت ترجمتان عربيتان أخريان، واحدة تحديثية(توفيق السيف) وأخرى محافظة.
لو استخدمنا مقولات النائيني، فأن كل الحكومات القائمة غير شرعية، وأن الحكومة الدستورية (إقرأ: الديمقراطية) هي أفضل الخيارات من وجهة نظر المصلحة، وأن المصلحة تتحقق بانتخاب الممثلين مباشرة، دون وساطة، وان لممثلي الجماعة الحق في اختيار عدد من المراجع الدينية للمشورة، لا للقيادة.
وبهذا المعنى فأن التكملة الضرورية للنائيني يمكن أن تتمثل في اطروحات المجتهد (محمد باقر الصدر) صاحب أطروحة دور المجتهدين كشهود، أي أن دورهم هو الإرشاد، لا الزعامة. ولعل اكبر استمرار للنائيني يجد التعبير عنه في مدرسة الإمام الخوئي، ومكملها العملي آية الله السيستاني.
ها قد مرت مائة عام منذ المشروطة 1906، مائة عام من عزلة مقبضة خنقت فيها الدساتير الواحد تلو الآخر باسم ثورية مزعومة أو قداسة زائفة.
ولم يكن من باب المصادفة أن يقدم أحد المؤرخين الدستوريين كتابه عن العالم العربي والإسلامي بهذا العنوان المؤلم: الدساتير في عالم لا دستوري.



#فالح_عبد_الجبار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق: صراع المقدس والدنيوي في بناء الأمة
- العراق: تصادم القبيلة والأصولية الوافدة
- على الهامش العراقي: الرئيس قانونياً
- أكتوبر البلاشفة، أو الثورة المنسية
- الدستور العراقي قبل الانتخابات وبعدها
- لائحة التعديل الدستوري
- العراق: الأوجه الكثيرة للإستفتاء على الدستور
- الدستور العراقي واستدراك التفويض
- العراق وسواه من أوضاع مشابهة: الوسطية الضائعة منذ نصف قرن
- انهيار الاتحاد السوفيتي والتجربة -الاشتراكية
- نحن والعالم في ظلال 11 أيلول
- المنهج النظري و التجريبية في كتاب الطبقات الاجتماعي لحنا بطا ...
- العراق: صراع العروبة والأسلمة في الدستور وحوله
- الدستور العراقي:المعركة الاخيرة ؟
- سوسيولوجيا البداوة والمجتمع العراقي 2-2
- المجتمع العراق و سوسيولوجيا البداوة 1-2
- اطلالة على مفهوم العولمة
- الفقهاء في النجف 3-3
- الفقهاء في النجف
- الفقهاء في النجف :الجواهري و التمرد الأول :


المزيد.....




- هل تتعاطي هي أيضا؟ زاخاروفا تسخر من -زهوة- نائبة رئيس الوزرا ...
- مصريان يخدعان المواطنين ببيعهم لحوم الخيل
- رئيس مجلس الشورى الإيراني يستقبل هنية في طهران (صور)
- الحكومة الفرنسية تقاضي تلميذة بسبب الحجاب
- -على إسرائيل أن تنصاع لأمريكا.. الآن- - صحيفة هآرتس
- شاهد: تحت وقع الصدمة.. شهادات فرق طبية دولية زارت مستشفى شهد ...
- ساكنو مبنى دمرته غارة روسية في أوديسا يجتمعون لتأبين الضحايا ...
- مصر تجدد تحذيرها لإسرائيل
- مقتل 30 شخصا بقصف إسرائيلي لشرق غزة
- تمهيدا للانتخابات الرئاسية الأمريكية...بايدن في حفل تبرع وتر ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فالح عبد الجبار - مائة عام على ثورة المشروطة مائة عام من الزمن الضائع