أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صبحي خدر حجو - الايزيدون .. لا يعيشون خارج التاريخ ، وانما في قلبه!















المزيد.....


الايزيدون .. لا يعيشون خارج التاريخ ، وانما في قلبه!


صبحي خدر حجو

الحوار المتمدن-العدد: 1628 - 2006 / 7 / 31 - 09:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



مناقشة لبعض آراء السيد محمد نجار ، في رده على الاخ كريم خانصوري

كتب السيد محمد نجار تعقيباً على خاطرة الاخ كريم خانصوري في موقع بحزاني نت بتاريخ 22/7/2006 ، وكان التعقيب بعنوان " لماذا لا يزال الايزيديون يعيشون خارج التاريخ " ضمّنه بعض الآراء التي تتعلق بالايزيدية من الناحية التاريخية والسياسية وجوانب اخرى ، ورغم ان التعقيب قصير ، ولكنه يحمل الكثير من المفاهيم ووجهات النظر التي تحتمل النقاش .
في البداية اوجه الشكر للاستاذ محمد نجار، على الاهتمام الذي يوليه لبعض الجوانب التي تتعلق بالايزيديين ، وما يزيد من سعادتنا، هو انخراط المزيد من الاخوة المهتمين بالشأن الايزيدي من خارج الايزيديين ، بغض النظر عن مدى اتفاقنا او اختلافنا مع وجهات نظرهم وآرائهم ، ما دام الحرص قائماً على هذه المجموعة العريقة والموغلة في القدم .

استهل مناقشتي لتلك الآراء ، من العنوان الذي وضعه الاخ النجار،( لماذا لا يزال الايزيديون يعيشون خارج التاريخ ؟) "علامة الاستفهام والقويسات من عندي" في البدء اقول ان هذا العنوان خاطئ تماماً من حيث المحتوى ، ولا يعّبر عن الواقع الصحيح وانما يخالفه ، اضافة انه يعطي فكرة سلبية وخاطئة جداً عن الايزيديين ، خاصة لمن لا يعرفهم ، حيث يتكون لدى القراء لأول وهلة تصورين اثنين سلبيين عنهم :

التصور الاول، فهو يحكم على الايزيدية بكل بساطة على انهم ماداموا خارج التاريخ ، فهم بالضرورة متخلفون للغاية من جميع نواحي الحياة ! . ومعاني التخلف كثيرة طبعا، منها انهم اميون جهلة ، بعيدون عن التحضر ، متقوقعون على انفسهم ومعزولون عن بقية المجتمعات ، بعيدون عن وسائل التحضر ، وربما ينصرف ذهن القارئ الى انهم مقاتلون عدوانيون ، وربما لصوص ايضا! ..الخ من الصفات والامور السلبية التي يمكن ان يتصورها القارئ" وهو محق في ذلك" ، بحق مَنْ هُم خارج التاريخ ! . هذا تقييّم وما يستنتج عنه ايضا خاطيء جدا ،ً ويفتقر الى ابسط المعلومات والمعطيات الحديثة الكثيرة والمتوفرة عن الايزيدية ، فضلا عن انه اجحاف كبير بحقهم ، وان كنا لا نعرف على اية اسس قد بنى السيد النجار رأيه ، ولكننا نكن له كل الاحترام . بالتأكيد الاخ النجار لم يكن يقصد هذه المعاني في هذا التعقيب، ولكن التمعن فيه جيداً يكشف هذه المعاني والدلالات ، لهذا فاننا نخالف هذا الرأي ولا نتفق معه . ويتبين ان السيد النجار ربما تعوزه الكثيرمن المعلومات والمعطيات الكثيرة عن واقع الايزيدية الحديث والتطورات الديناميكية الحاصلة لديهم منذ عقود من الزمن . ولهذا يمكن القول ان الايزيدية هم ليسوا خارج التاريخ وانما هم في قلبه ! وهنالك دلائل واثباتات كثيرة تؤكد ذلك ، وان الايزيديون تمثلوا التاريخ بصورة صحيحة من خلال سرعة استجابتهم لشروط التطور القائمة والجارية في المجتمع ، سواء من النواحي التعليمية او الاجتماعية او السياسية او الثقافية . وعند معرفة والالمام بمدى حيازة واكتساب اية مجموعة لبعض من تلك الفضائل اوشروط التطور، يمكن انذاك الحكم على مدى ودرجة تطورها اوتخلفها، وفيما اذا كانت داخل التاريخ او خارجه . فمن حيث التعليم اعتقد ان الايزيديون هم في طليعة الاطياف التي من حولهم ، سواء من حيث الكم او النوع ، او نسبة دخول المدارس بالنسبة للتلاميذ وطلبة المتوسطات والثانويات والمعاهد ، وهكذا الحال بالنسبة للدراسة الجامعية ايضا ، واذا ما تمت المقارنة بينهم وبين الاطياف الاخرى من الشعب الكوردستاني او حتى العراقي ، اعتقد ان نسبة المتعلمين وخريجي المعاهد والجامعات لديهم ستكون اعلى قياساً للنسبة السكانية . وان كان الاعتقاد سائداً في السابق من ان هنالك بعض التأخر في مجال التعليم اومواصلته في منطقة سنجار ، الاّ ان هذا التأخر قد تم تجاوزه في العقدين الاخيرين ، واصبح خريجوا الجامعات في هذه المنطقة يضاهون لا بل يفوقون المناطق الاخرى للايزيدية . ويسود الاعتقاد حالياً من ان شريحة المثقفين والمتعلمين الايزيديين اصبحت تنافس الشرائح الاساسية في المجتمع الايزيدي اذا لم تكن قد تجاوزتها من حيث التوسع الافقي ( العدد) . طبعاً احرز الايزيديون هذا المستوى في التعليم ، في الوقت الذي لم تكن المحفزات متوفرة لا بل توفرت الكثير من العراقيل والمعوقات والتمييزعن المناطق الاخرى من كوردستان والعراق في توفير المستلزمات التي تساعد وتشجع السكان على الاهتمام بتعليم ابنائهم وبناتهم ، وفي سبيل المثال ، ففي مجمعات سنجار تبلغ كثافة الصفوف في المدارس الابتدائية والمتوسطة شيئاً خياليا لا يصدقه العقل ، عندما قدم احد الاخوة من سنجار احصائية ميدانية بذلك ، اضافة الى انعدام ابسط المستلزمات الاخرى من مقاعد او مياه شرب او كادر تعليمي و..الخ ، مع ذلك لم تستطع كل تلك المعوقات والمشاكل الحقيقية من ان تمنع او تثبط همم الايزيديين من مواصلة التعلم والتقدم في الحياة . وهكذا الامر في مجالات الحياة الاخرى ، فاذا اخذنا الجانب العشائري ومدى سيادة افكارها في المجتمع الايزيدي ، نرى ان الالتزام باسس وضوابط النظام العشائري بين الايزيدية هو اضعف منه في اي مكان من كوردستان والعراق ، وحقيقة كان لديهم الاستعداد الافضل من كل ما جاورهم لتجاوز العشائرية بكل منظومتها التنظيمية والفكرية ، لو ان الانظمة السياسية والاحزاب المتنفذه لا تقف عائقا امامهم ، او بالاحرى تضطرهم للبقاء ضمن أطر هذه التشكيلات والتعامل معها ! وهذا موضوع طويل لا مجال للخوض فيه حاليا . اما من النواحي الاجتماعية الاخرى ، فليس لدى الايزيديين اية اشكاليات او تعقيدات في هذا المجال ، وباستثناء الاخوة المسيحيين ، فالايزيدية اكثر تطورا وتقدما في هذه الجوانب من كل الاطياف الاخرى في المجتمعين العراقي والكوردستاني ، واكثر سرعة في الاستجابة للمتغيرات التي تفرضها تطورات الحضارة والحياة والواقع . سواء من حيث العادات او التقاليد او سرعة ترك القديم والبالي والذي تتجاوزه الحياة ، وهم في جميع المناطق التي يسكنوها يعيشون حياة حضرية ، واذا ما تخللتها نواقص او سلبيات معينة فهي ليست بسببهم ، وانما بسبب الظروف الصعبة التي يمر بها البلد وانعدام الكثير من المستلزمات الحياتية او صعوبة الحصول عليها بسبب الظروف غير العادية ، او حالة الفقر والبطالة التي يعانونها في بعض المناطق خاصة سنجار .

اما التصور الثاني : قد ينصرف ذهن القارئ ايضا ، مباشرة لتشبيههم بعناصر الطالبان او قوى الارهاب العالمي ، او التنظيمات والافراد الذين يرومون اعادة البشرية الى القرون البدائية من خلال محاولاتهم لفرض آرائهم وتصوراتهم لما يجب ان تكون عليه البشرية من نُظُم وقيم وتشريعات ! كل تلك القوى توصف قبيل احداث سبتيمبر، وبشكلٍ خاص بعدها ، عادة بانها عناصر او منظمات اومجموعات تعيش خارج التاريخ ، اي انها باقية عند تفكير القرون الاولى البدائية ، ولم تستوعب ولا تريد ان تستجيب لاحداث التاريخ والتطورات التي حصلت للبشرية من كل الجوانب ، خاصة العلمية والاقتصادية والاجتماعية . ولا يوجد بالطبع اي وجه للمقارنة بين اي ايزيدي كفرد او كمجموعة ، وبين تلك المجاميع الطالبانية وغير الطالبانية بكل انواعها واسمائها والتي هي بحق تعيش خارج التاريخ! .

وربط التعقيب بشكل خاطئ طبعاً ، المطاليب والحقوق التي يطالبها الايزيديون، بقضيتهم الرئيسية المتمثلة بالاضطهاد التاريخي الذي لحقهم ، مما ولّد ( حسب التعقيب) لديهم شعور دائم ومزمن وحالة شبه مرضية يرافق الشخصية الايزيدية اينما حلت ، مما لايساعدها على الاندماج في المجتمع الكوردستاني !، وبالتالي يعتبر التعقيب ، ان الايزيديون يفرضون العزلة على انفسهم قبل ان تفرض عليهم من الاخرين ! . طبعاً لا علاقة نهائيا بين الدعوات لنيل المطاليب والحقوق وبين هذا الشعور بالاضطهاد التاريخي ، والواقع يؤكد ان لكل شريحة من شرائح المجتمع في كوردستان والعراق مطاليبها الحياتية ، خاصة المتعلقة منها بالخدمات والصحة والتعليم وما شابه ، اضافة الى المطاليب السياسية اذا كانت تشعر انها غير مشاركة في الحياة السياسية اوصياغة القرارات المتعلقة بالبلد ، ونودي بهذه المطاليب بعد سقوط النظام الجائر، وتقدم هذه المجموعات مطاليبها وفق ما متاح لها وبالوسائل المتيسرة واولها الرسائل والمذكرات واشهارها بالاعلام . فهذا امر طبيعي ولا علاقة له بغبن تاريخي معين .

اما ما يتعلق بالقضية الرئيسية لدى الايزيدية ( الشعور التاريخي بالاضطهاد ) ، فقد اراد التعقيب ان يعالجه بكل بساطة ومن منظور واحد ، وتمثل بطلب بسيط ، هو، على الايزيدية ان يتخلوا عن هذا الشعور!، دون ان يخوض في المسببات التي تجعل هذا الشعور قائماً ومستمراً لديهم . ولم يقدم مقترحات ملموسة عملية لكيفية التخلص منه ..
ويقر الايزيديون حقيقة بوجود هذا الشعور واستمراره ، وهم غير فرحون به طبعا ، لا بل يؤلمهم ، وهم محقون في ذلك ، وكما يقول المثل الشعبي ، مَنْ لدغته الحية يخاف من مسحالها ( اثرها ). ولا حاجة لنا للاستشهاد بالتاريخ على حصول هذا الشعور، فهذا امر معروف . ولكن علينا ان نسأل لماذا يستمر هذا الشعور حتى اليوم ، والامر الذي يقلق اكثر من ذلك ، انه لا أفق لانتهائه على الاقل لمدى قريب او متوسط ! . وهنا لا يسعنا الاّ ان نقول ببساطة ، ان بقاء الشيء يعني بقاء مسبباته ، وزواله يعني زوال مسبباته .
عاصرت انا شخصياً فترتين من الفترات التي زال فيها هذا الشعور عند الايزيدية ولم يبقَ له اثر، ولكن لفتراتٍ محدودة. الفترة الاولى كانت بعد ثورة 14 تموز عام 1958 ، واستغرق فترة اعراسها التي دامت بضعة اشهر، انذاك ساد شعور لا مثيل له ليس لدى الايزيدية فحسب وانما لدى جميع اطياف الشعب العراقي ، شعورغامر بالفرح والامل بان الجميع اصبحوا متساوين بالحقوق والواجبات ، مصحوبة بفكرة ( خيالية ) بانه لن تقوم بعد الان قائمة للظلم والتفرقة والاجحاف ، عاش الشعب العراقي بكل قومياته ومذاهبه هذا الشعورالوردي ، دون ان يشعر اي مواطن بالفروقات القومية او الدينية او المذهبية ، بما فيهم الايزيدية ، او بالاحرى غابت تماما تلك الفروقات ، وان لفترة محدودة . والفترة الثانية التي انتفى او غاب فيها الشعور بالاضطهاد والفرقة لدى الايزيدية، كان في فترة ثورة ايلول عام 1961 و مستمراً حتى بعد بيان 11 آذار عام 1970 لبضعة اشهر فقط . اذ كانت التوقعات ان الثورة بعد انتصارها ستمحي وتزيل كل الفروقات او الاسباب التي ادت او ساعدت على استمرار هذا الشعور !.
لنتفحص لواقع ، ونرى هل بقيت من الاسباب ما يؤدي الى بقاء هذا الشعور واستمراره ، ام ان هناك نوع من البطر والدلال لدى الايزيدية ؟ وهم يرغبون ان يبقى هذا الشعور لديهم حتى وان انتفت الاسباب !. !.
عندما يقيمّ المرء المجتمع الكوردستاني ، خاصة الجزء الذي يعيش فيه الايزيدية او ما يجاورهم ، يلاحظ ان الاخوة الاكراد المسلمون يشكلون الاكثرية في المجتمع ، و لديهم ومنذ عقدين من الزمان ، الميل والتوجه نحو التشدد في التوجه الديني ، عاموديا ( المزيد من التشدد ) وافقيا ( شمول ذلك اغلب شرائح المجتمع ) ، طبعا لسنا بصدد الاسباب ، ولكننا بصدد انعكاس نتائج هذا التوجه على العلاقة مع الايزيديين .

ـ يلاحظ منذ عقدين من السنوات ، خاصة العقد الاخير، بعد نشؤء الاحزاب والمنظمات والحركات الاسلامية ، ونشاطها المتزايد ، الذي ترك تأثيرات شتى ومتغيرة على واقع المجتمع والفرد الكوردستاني ، اضافة للتأثيرات الاقليمية والعالمية المتعلقة بالشأن الاسلامي ، بحيث يمكن تشخيص واحدة من هذه التأثيرات الملموسة ، والتي تتجسد في الانكماش و زيادة التحفظ وانتفاء الرغبة في اقامة او استمرار العلاقات ( صداقة ، زمالة ، كرافة ، علاقة اقتصادية ، معاملات تجارية و..الخ ) مع المواطنين الايزيديين ، وكأنه يتولد الشعور لدى الاخ المسلم بانه اصبح من الحرام او من ( النجاسة ) ان تبقى مثل هذه العلاقة . ويتولد لدى الايزيديين شعوربالغ بالتشاؤم ، بان تراجع هذه العلاقات التاريخية ، يعني ان النظرة القديمة للاخوة المسلمين التي كانت سائدة في العهود الغابرة ، والتي كانوا ينظرون بها للايزيديين على انهم ( كفار) قد عادت او في طريقها للعودة !! !!

ـ لم يعد المواطن الايزيدي يستطيع ان يبيع محاصيله الزراعية وبشكل خاص الحيوانية ( ألبان، اجبان ، لحوم ، بيض ) في اسواق مدينة دهوك ، وربما مدن وقصبات اخرى ايضا ! فبضائعه مقاطعة. وليس باستطاعة المواطن الايزيدي ان يفتتح له مطعماً ، او ان يعمل طباخا وربما عاملا ايضا في المطاعم ، بسبب المقاطعة من المجتمع ذي الاغلبية الساحقة من المسلمين ، تحت ذريعة ان الاكل مما ( يذبحه ـ ده ست كوش ) الايزيدي حرام !. وهكذا الحال بالنسبة للمصالح الاخرى ( محال ) عادية ليست لها علاقة بالاكل او الشرب . طبعاً كل هذه الامور كانت في اوقات سابقة قبل ( عقدين من الزمن ) عادية جدا ، ربما كان في السابق ايضا بعض الافراد القليلين جداً من المسلمين لديهم مثل هذه النظرة ، ولكن ذلك لم يكن محسوسأً ابدا في الماضي ً. بينما تحول الامر الان الى ظاهرة كبيرة تشمل اغلب افراد المجتمع . اضافة الى الشعور بالتمايز الحاصل في تقديم الخدمات في التعليم والصحة واقامة المشاريع بين مناطقهم والمناطق المجاورة لهم ، او في التمييز في مصادرة اراضي المواطنين لصالح الدولة ، او بوجود بعض المحاولات للتغيير الديموكرافي في بعض قصبات الايزيدية . .

ـ طريقة معالجة بعض الحالات والحوادث ذات الابعاد العشائرية ، التي تحدث بين مواطنين ايزيديين او مسلمين في كوردستان ، والتمايز الحاصل في الحالات المتشابهة ، من حوادث قتل ، او صدور احكام ، او اتخاذ اجراءات من قبل السلطات ، او طريقة التمييز في التعامل مع العمال الايزيديين القادمين الى مدينة دهوك للعمل ، عن اخوانهم من العمال المسلمين الاخرين . وكما نعلم فان حادثة واحدة في بعض الاحيان تترك تأثيراً يضاهي تاثير الظاهرة الكبيرة ، او تصبح عنواناً لظاهرة ما ، خاصة عندما يكون الامر متعلقا بين جماعة واخرى مغايرة . وغيرها من التصرفات التي تولد شعوراً لدى الايزيدي على الدوام ، بانه مواطن ادنى وبحقوق ادنى ايضا ، لا بل تشعره على الدوام انه مهان ، ولا ينظر اليه انه انسان وعبد ( لله ) . .

ـ اما في المجال السياسي الذي دعا السيد النجار الايزيديون الى الانخراط فيه ( اللعبة السياسية ) وترك اطلاق البيانات او النداءات ، نقول : فقد جرب الايزيديون ذلك ايضاً ، واظهرت التجربة السياسية حتى الوقت الحالي ، بانه يتعين على الايزيديين ان يكونوا لاعبين ( احتياط ) وينتظروا في المقاعد الخلفية، ربما زمنا طويلا جدا، الى حين ان يقضي الله امراً كان مفعولا !. واظهرت هذه التجربةايضا ، بانه قد مورست بحق الايزيديين لعب سياسية غير نظيفة ولمرات عديدة من قبل التحالف الكوردستاني ، اعتمدت كثيرا على اعطاء الوعود والعهود فقط ، لغرض تحشيدهم ونيل اصواتهم لحين انقضاء الحدث السياسي ، ومن ثم تركهم على قارعة الطريق مرة اخرى !! . نتفق مع الاخ النجار على حقيقة استفادة فئة من الشريحة السياسية والثقافية الايزيدية من هذه اللعبة السياسية لحساب مصالحهم الشخصية ، ولكن هذه الحالة هي غير مقتصرة على الايزيديين فحسب وانما هي ظاهرة كبيرة وخطيرة تشمل كل المجتمع الكوردستاني والعراقي ايضا . .

ـ صحيح ان الايزيدي يعرف ان هذه الظاهرة مدانة ومرفوضة من قبل الاحزاب الكوردستانية الرئيسية والقيادات السياسية والحكومة الكوردستانية ايضا ، وان كان الواجب عليها ان تنشئ مؤسسات بحثية اجتماعية وسياسية تنشط باتجاه التخفيف من هذه الظاهرة ( اذ لا يمكن اساسا القضاء عليها )، واذا ما استمرت وتطورت ستعكس نتائج سلبية كبيرة . ولكن في نفس الوقت يرى الايزيدي ان هذه الاحزاب نفسها ( الحاكمة ) والقيادات السياسية والحكومة الكوردستانية تعيش وتعتمد وهي عائمة على بحر واسع من المسلمين المتجهون نحو التشدد ، وهي نفسها الاحزاب الحاكمة تعاني من هذه المشكلة ( منافسة الاحزاب والحركات الاسلامية ) ، وهي قلقة للغاية من تعاظم هذه الظاهرة التي ربما حسب بعض التوقعات ان تنشأ وتفرض في يوم من الايام ( حماس ) كوردية على الواقع الكوردستاني !! ، وفي حالة وقوع ذلك لا سمح الله سيكون الايزيديون والاقليات الدينية الاخرى في( حيص بيص) من امرهم ! وسيكونون اول الضحايا ، ولن تشفع لهم كورديتهم او ما يقال عن اصالتهم !. والمثال الملموس امام انظارهم ما زال قائما وجارياً في العراق ، على توجهات القوى الاسلامية المتشددة ( سنية اوشيعية ) تجاه هذه الاقليات الدينية والقومية الصغيرة وهم يتوجهون لاستئصالهم كليا من ارض العراق !. فاذا كانت كل هذه القوى ( الاحزاب الكوردستانية ) بكل قوتها وامكانياتها وقواها البشرية والاسناد الدولي لها غير مطمئنة كليا الى مستقبلها؟! فكيف يراد من الايزيدي وبجرة قلم ان يتخلى عن هذا الشعور ويطمأن مرتاح البال على مستقبله !؟.

ـ وحسب هذه الوقائع ( من وجهة نظري ) فان الايزيدي لا يريد العزلة عن المجتمع الكوردستاني ، او عن اي مجمتع يعيش فيه او يجاوره ، وهو ليس راغبٌ بها ( العزلة ) اصلاً ، بل متألم ويعاني من نتائجها السلبية كثيراً ، ولكنها مفروضة ٌعليه فرضا ً، دون ارادة او رغبة منه. .

اذن ، يتطلب الامر ان تعالج الاسباب وتقتلع من جذورها ، ومتى ما اطمأن الايزيدي الى ذلك ، عليه ان يتخلى كلياً عن شعوره بالاضطهاد والى الابد . وبتقديري ان ذلك لن يتحقق الاّ في وجود النظام الديمقراطي الكامل، الذي يؤمن به ويمارسه ويدافع عنه كل افراد المجتمع ، بكل انتماءاتهم القومية والدينية والمذهبية والسياسية
.
وورد في التعقيب ما يشير ، كأن المثقفون الايزيديون قد تركوا الانقسام الطبقي والاجتماعي ومساوئه ، وركزوا على البيانات والنداءات ( يظهر المقصودة المطلبية ). طبعاً يشعر هؤلاء المثقفون بهذه الانقسامات الطبقية والاجتماعية ذات الصبغة الدينية ، وهم يتحسسون تأثيراتها السلبية ايضاً ، ولكن ألا يتفق معنا السيد النجار من ان معالجة الامور المتعلقة بقضايا الدين ، مسألة في غاية الحساسية وتحتاج الى المزيد من الوقت ونضوج عوامل عديدة ليمكن المساس بها او معالجتها واقتراح الحلول لها ؟ ولنا الكثير من الامثلة من واقع حال الاخوة المسلمين في الوقت الراهن ، فما زالت مجموعات من المثقفين المسلمين تناقش قضايا اولية في الاسلام كقضايا الحجاب ، وتتصدى لها مجموعات دينية بفتاوي تحكم عليها بالكفر والالحاد ووجوب قطع الرؤوس ! .



#صبحي_خدر_حجو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة على واقع ومعاناة الايزيدية - ح الاخيرة
- نظرة على واقع ومعاناة الايزيدية ، ومقاربة للحلول المناسبة وا ...
- نظرة على واقع ومعاناة الايزيدية ، ومقاربة للحلول المناسبة وا ...
- نظرة على واقع ومعاناة الايزيدية ، ومقاربة ، للحلول المناسبة ...
- مقالة .. تساوي .. إقالة
- كوردستان .. بين العناوين
- دعوة .. لرسم نهج سليم للتعامل مع المكونات الكوردستانية
- وقع المحظور .. يا غلابة
- تحية وتهنئة ، من بيشمه ركة ، الى بيشمه ركة
- راتب .. وموقـــف ذو مغـــــزى
- هـــلاّ، فرقتّم يا قوم ،بين الاسود والابيض ؟
- عندما يتحول الشك الى يقيـــن
- صبراً ، انها سحابـــة صيف .. يا ملح ارض العراق
- هــل هــــــو ارهـــــاب ام - مقاومـــــة - ، ايها الرفاق ال ...
- الشرع والارهاب .. في مسألة الحجاب
- شكراً ... سيادة الرئيس
- تهنئة مخضبة بالدموع ، الى المقبرة الجماعية رقم .......


المزيد.....




- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...
- إذا كان لطف الله يشمل جميع مخلوقاته.. فأين اللطف بأهل غزة؟ ش ...
- -بيحاولوا يزنقوك بأسئلة جانبية-.. باسم يوسف يتحدث عن تفاصيل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صبحي خدر حجو - الايزيدون .. لا يعيشون خارج التاريخ ، وانما في قلبه!