أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جوزيف بشارة - سياسة الأسد: عليّ وعلى جيراني















المزيد.....

سياسة الأسد: عليّ وعلى جيراني


جوزيف بشارة

الحوار المتمدن-العدد: 1627 - 2006 / 7 / 30 - 09:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ماذا يريد نظام حزب البعث الحاكم في سورية من الدول المجاورة؟ وما هي أهدافه التي يسعى لإنجازها؟ هل حقاً يسعى النظام السوري إلى إحلال السلام والاستقرار في المنطقة؟ هذه الأسئلة أعادت الحرب الدائرة على لبنان، التي أشعلتها جماعة حزب الله الموالية للنظام السوري، إثارتها من جديد. فالنظام السوري لم يتمتع بعلاقات جيدة في العقود الأربعة الأخيرة مع أي من جيرانه الأتراك أو العراقيين أو الأردنيين أو الفلسطينيين وبالطبع الإسرائيليين وأخيراً اللبنانيين. لقد قضى النظام السوري طيلة هذه السنوات غريباً ليس فقط في سورية التي حكمها بالحديد والنار ولكن في منطقة الشرق الأوسط بكاملها التي دخل نظام البعث السوري في خلافات مستحكمة مع دولها وحكوماتها وشعوبها.

فطنت القوى الإقليمية والدولية قبل سنوات إلى أن أسلوب حكم نظام حزب البعث الحاكم في سورية لا يعكس رغبة في إحلال السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بقدر ما يعكس حقداً على الدول المسالمة والنظم المستقرة. وعلى الرغم من حدوث بعض التطور التكتيكي الطفيف في موقف النظام السوري من قضايا المنطقة وعلى رأسها عملية السلام بين العرب والإسرائيليين، ورغم لجوء رموز النظام السوري إلى تهدئة التوجه العدواني التي ظل ينتهجه منذ مجيئه إلى السلطة في مطلع ستينيات القرن العشرين، إلا أن ذلك التطور الذي تزامن مع انهيار الكتلة الشرقية في مطلع تسعينيات القرن ذاته، بقيت تحوم حوله شكوك كبيرة في ظل إحساس المجتمع الدولي بأن نظام حزب البعث لم يختر السلام كخيار استراتيجي لإحلال الاستقرار بالمنطقة.

وقد تأكدت شكوك المجتمع الدولي بشأن التوجه الحقيقي لنظام حزب البعث الحاكم حين انطلقت محادثات السلام في شرق الأوسط في مطلع تسعينيات القرن الفائت، حين سعى النظام السوري لربط كافة مسارات التفاوض مع إسرائيل، ورفض رفضاً قاطعاً المحادثات الثنائية. ورغم أن دمشق روجت عندئذ لمبدأ التفاوض الجماعي بغرض تحقيق تقدم على كافة المسارات، على أساس أن وحدة الصف العربي في مواجهة الدولة العبرية كان من شأنه أن يعزز المطالبة باستعادة الحقوق والأراضي العربية المسلوبة، حتى أن البعض صدق ما روج له النظام السوري، فخرجت أبواق عربية قومية كثيرة تندد بعد ذلك باختيار العاهل الأردني الحسين بن طلال ورئيس السلطة الفلسطينية السابقين للمحادثات الثنائية المنفردة مع إسرائيل، وتصم الرجلين بالخيانة العظمى للقضية العربية. والحقيقة أن العاهل الأردني والرئيس الفلسطيني لم يكونا ليختارا المفاوضات الثنائية لو لم يشعرا بعدم جدية النظام السوري في المطالبة بالحقوق العربية، ولو لم يفطنا إلى أن التعنت الإسرائيلي على المسار السوري الناتج عن غياب مصداقية عن نظام دمشق كان من شأنه أن يؤدي إلى انهيار المحادثات الجماعية و من ثم عدم تحقيق تقدم على أي من المسارات.

لقد تبين للسياسيين والمراقبين حينذاك أن النظام السوري يريد ضم كافة مسارات التفاوض مع إسرائيل ليس بغرض دعم الموقف العربي، وإنما بغرض ضمان ربط أي تقدم منفرد لأي من المسارات الأخرى بالتقدم على المسار السوري، أي أنه إذا ما توقف المسار السوري، ينبغي أن تتوقف المسارات الأخرى، وهو ما يعني أن النظام السوري أراد تعطيل تحقيق تقدم على المسارات الفلسطينية والأردنية واللبنانية طالما لم يحدث تقدم على المسار السوري، أو بمعنى أخر فلقد أراد النظام السوري استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية في فلسطين ولبنان طالما بقي الاحتلال الإسرائيلي للأراضي السورية. لقد انصب توجه النظام السوري على مبدأ "لماذا تحتل إسرائيل أراض سورية فقط وليس أراض فلسطينية ولبنانية أيضاً." أو "ما ينطبق على سورية يجب أن ينطبق على الأخرين."

التوجه الأناني هذا للنظام السوري لم يتغيرمطلقاً منذ ذلك الحين، بل استمر في الطهور بين الحين والأخر عبر مواقف عديدة عبرت عنها السياسة الخارجية السورية. ووجد النظام السوري فرصته في إفساد الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وفي لبنان وفلسطين على وجه التحديد حين قام بتبني جماعتي حزب الله بلبنان وحماس بفلسطين. تبني دمشق للجماعتين المتشددتين في لبنان وفلسطين أوضح بجلاء حجم الحقد الذي كنه النظام السوري ضد الشعبين اللبناني والفلسطيني. وقد تضاعف هذا الحقد فيما لأسباب مختلفة. فعلى الجانب اللبناني إغتاظ النظام السوري بعد انسحاب إسرائيل من الشريط الحدودي الذي كانت احتلته بعد حرب عام 1982، كما اشتدت عداوة النظام السوري للبنان بعدما اضطر لسحب قواته من لبنان بعد انتفاضة 14 أذار 2005. أما على الجانب الفلسطيني فقد توترت العلاقات بين النظام السوري والسلطة الفلسطينية بعدما رفضت الاعتراف باتفاقات أوسلو بين الفلسطينيين الإسرائيليين التي أفضت إلى انسحابات إسرائيلية من بعض الأراضي الفلسطينية.

الموقف السوري القائم على فإذا مبدأ "لماذا سورية فقط وليس فلسطين ولبنان؟" أوضحته الأسبوع الماضي تصريحات كان السيد فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري أدلى بها بشأن دور سوري محتمل ومنتظرلإنهاء الأزمة بين حزب الله وإسرائيل. فقد أكد المقداد في حوار مع قناة سكاي نيوز على استعداد دمشق للمساعدة في حل الأزمة الحالية بين لبنان وإسرائيل شريطة أن تبذل واشنطن جهوداً لحل المشاكل الاخرى في المنطقة، وخصوصاً مسألة الاراضي التي تحتلها اسرائيل. وأشارت تصريحات المقداد إلى أن النظام السوري سيكتفي بدور المتفرج، أو قل المستمتع بحرق لبنان، في حال عدم حل مشاكل سورية مع إسرائيل. موقف النظام السوري من حرب جماعة حزب الله-إسرائيل على لبنان جاء متزامناً مع تصريحات للرئيس المصري حسني مبارك اتهم فيها أيادى خفية، تؤكد الشواهد أنها سورية، وراء إفشال خطة لتهدئة التوتر بين حركة حماس وإسرائيل في فلسطين.

تصريح نائب وزير الخارجية السوري يحمل تهديداً دول المنطقة بأن لا سلام أو هدوء أو استقرار في لبنان وفلسطين دون حل لمشاكل سورية مع الدولة العبرية. وقد أكد السيد المقداد على هذه الرؤية من خلال إعلانه أنه إذا تم إيجاد حل للأزمة الحالية، التي أشعلتها جماعة "حزب الله" حليفة سورية، "فماذا عن المشاكل الاخرى التي تعاني منها المنظقة وعلى رأسها الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية، في لبنان وسوريا وفلسطين؟". وشدد المقداد على اعتقاده بـ "أنه لن يكون هناك حل للأزمة في الشرق الاوسط من دون ان تحل هذه المشاكل المزمنة في المنطقة في صورة شاملة".

التصريح يحمل أيضاً إنذاراً واضحاً للولايات المتحدة بأنه في حال عدم شروعها في بدء حوار مع سورية فإن سوريا ستطلق العنان للمنظات التابعة لها في لبنان وفلسطين للقيام بالمزيد من أعمال العنف التي تهدد ليس الاستقرار السياسي والأمني في منطقة الشرق الأوسط فحسب، وإنما الاستقرار الاقتصادي العالمي في ضوء الزيادة الكبيرة في أسعار النفط وانهيار الأسعار في البورصات العالمية. من المؤكد أن تصريح المقداد يسعى لجذب انتباه الإدارة الأمريكية إلى نفوذ نظام دمشق في المنطقة الذي يجعل منه قوة إقليمية مؤثرة يجب على واشنطن العمل للحوار معه، حيث أوضح المقداد على إستعداد دمشق الدائم لفتح حوار مع الولايات المتحدة مبني على الاحترام والمصلحة المشتركة من دون فرض املاءات، مبدياً استعداد دمشق للمساعدة إذا ما كانت الولايات المتحدة مستعدة للمساعدة في حل كل مشاكل المنطقة، وليس هذه المشكلة فحسب. تصريحات المقداد تؤكد أيضاً أن الدور الذي يلعبه نظام الرئيس بشار الأسد في إشعال الموقف في لبنان وفلسطين يأتي في إطار سعيه المحموم لكسر طوق العزلة التي فرضها المجتمع الدولي عليه بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري.

ولكن إذا ما كان الأسد صادقاً في ادعاءاته بمساندة المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، فلماذا لا يقوم النظام السوري بمقاومة القوات الإسرائيلية انطلاقاً من أراضيه بدلاً من تصدير اللبنانيين والفلسطينيين في وجه الآلة العسكرية الإسرائيلية الشرسة؟ ولماذا لا يتحول نظام الأسد من مجرد نظام خنوع يلعب في الظل إلى نظام شجاع يدافع عن الأراضي السورية المحتلة بطريقة مباشرة؟ الإجابة تكمن في أن نظام الأسد يعلم هشاشة نظامه الغير قادر على مواجهة خارجية جديدة في الوقت الذي يعاني فيه من متاعب داخلية لا خلاص له منها، هذا فضلاً عن رغبته الدفينة في الانتقام من لبنان وفلسطين على مواقف واختلافات سابقة. فالحقائق تؤكد أيضاً أن الأسد يريد الثأر لكرامة نظام حزبه البعثي من اللبنانيين الذين أذاقوه العلقم حين طردوا فلول قواته من الأراضي اللبنانية العام الماضي. كذلك تشير الدلائل إلى رغبة نظام دمشق في الانتقام من الفلسطينيين على خلفية موقف قيادتهم من محادثات السلام مع إسرائيل عندما دخل ياسر عرفات قبل خمسة عشر سنة في مفاوضات سلام سرية منفردة مع الإسرائيليين.

نعم، لقد استخدم نظام الأسد مبدأ "علىّ وعلى جيراني" لإذاقة الشعبين اللبناني والفلسطيني طعم الاحتلال الإسرائيلي الذي يرفض الأسد تخليص سوريا منه بالسلام أو حتى بالمقاومة الشريفة، كما استخدم هذا المبدأ لنسف أية بوادر لإخلال الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. من الواضح أن رغبة الأسد في الانتقام من اللبنانيين والفلسطينيين بوضعهم في حالة حرب مستمرة مع الإسرائيليين هي التي تقود توجهات السياسة الخارجية لنظام دمشق. لذا فمن الضروري التوقف عن تصديق ادعاءات أبواق دمشق الإعلامية المرددة لشعارات المقاومة والصمود والتصدي، فلو كان الأسد جاداً في دعاوى الصمود والتصدي والمقاومة التي يدعي شرفها لكان سباقاً في مناهضة الاحتلال الإسرائيلي للجولان. وأخيراً أود أن أذكر القاريء بأن تنديدنا بسياسات النظام السوري الغير حكيمة التي تدفع المنطقة دفعاً نحو حافة الهاوية لا ينبغي أن يفهم على أنه سكوت على العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان أو على أنه مبرر لإسرائيل لاحتلال الأراضي العربية، فالعدوان يجب أن يتوقف فوراً والاحتلال يجب أن ينتهي سريعاً.




#جوزيف_بشارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يحاسب حزب الله على أخطائه بحق لبنان؟
- الأسد يعاقب اللبنانيين بالآلة العسكرية الإسرائيلية
- لبنان: ماذا يخبيء لك حزب الله؟
- المسكوت عنه في محاولة تقسيم الكنيسة القبطية
- تجريد الإنسان الأمريكي من آدميته
- القذافي يخشى مصير تلميذه الليبيري
- طغاة في قبضة العدالة: إنذار لمن يهمه الأمر
- قراءة في آفاق جديدة للقضية القبطية
- دين، سياسة واقتصاد في المونديال
- صح النوم: صرخة فيروز لإيقاظ الضمير الوطني
- بل هجرة سيد القمني انتكاسة للحرية
- النفوذ السياسي لرجال الأكليروس العرب
- الوجه القبيح ل -حماس- الزرقاوية القاعدية
- مقتل الزرقاوي ومقتل الفكر الإرهابي
- عبء النفوذ السياسي لرجال الدين – نموذج السيد حسن نصرالله
- التوريث، الإخوان وأزمة الأحزاب السياسية في مصر
- ثروات الرؤساء والملوك في ميزان -Forbes-
- حكومة المالكي ونزع فتيل الطائفية
- مصداقية نجاد أم تربص المجتمع الدولي؟ أين المشكلة؟
- الإخوان يستهدفون حرية العقيدة في مصر


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جوزيف بشارة - سياسة الأسد: عليّ وعلى جيراني