أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نصر حسن - من عسكرة القوة إلى عقلنة الثقافة














المزيد.....

من عسكرة القوة إلى عقلنة الثقافة


نصر حسن

الحوار المتمدن-العدد: 1627 - 2006 / 7 / 30 - 09:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدوأن العالم يشهد مرحلة خطيرة على المستوى الإنساني , ونواقيس خطرها التي تدق بشكل خاص ومأساوي في الوطن العربي قد تكون أوضح إشارات الإنذار لتدهورالعلاقات الدولية وغياب البعد الثقافي والحضاري أي الإنساني,الذي أنتج عجزا ًعلى احتواء بؤرالصدام بين الدول والشعوب بشكل يدعو إلى القلق الفعلي على المستقبل , والعدوان الإسرائيلي على لبنان اليوم وربما غدا ً وعلى غير لبنان بعد غد ,قد يكون صاعق الإنفجارإذا لم يتم تدارك الأموروتغليب العقل والحكمة بالتعامل مع مصالح الشعوب .
وقد تكون الصورة الكارثية التي بدأت تطغى على المسرح الدولي وضغطه فيها هي إحدى ملامح ما أسس له فلسفيا ً " شتراوس " منظر العولمة وما بشر به " هنتغتون " حول" صراع الحضارات " بماهو تخطيط لمرحلة معينة من تاريخ البشرية تشبه حالة القطع مع الماضي والعبور إلى مرحلة استعمارية جديدة بإشكاليات جديدة أساسها إلغاء الحوار والتفاعل بين الثقافات , بل إلغاء الثقافات التي هي نتاج إنساني ومخزون حضاري للبشرية ,وفرض حالة التماثل الثقافي الذي خلاصته إلزام الشعوب بثقافة نمطية واحدة متغطرسة تحكمها نظرة التفوق على الآخر وإلغاؤه والعبث في تقريرمصيرالدول والشعوب.
هل يمكن لهذه الفلسفة المؤسسة للصراع وإلغاء الآخر أن تحقق التفاهم بين الشعوب ؟!.
لعل بؤر التوتر والصدام التي أنتجتها بداية التطبيق والعمل بهذه الثقافة تجيب بوضوح برفض كامل من قبل كل الشعوب لهذا الإطارالغريب الذي يراد له أن يكون "ثقافي " أشبه بحضارة جديدة مفصلة على قياس نخبة دولية أو إجتماعية أو دينية أو إقتصادية ,تعمم بالقوة والتدمير وحتى بالموت على الآخرين .
والمقلق في الوقت الحاضرأن زمام المبادرة على المستوى الدولي تقلص من شكلها الأممي والإنساني لتنحصربأيدي المنظرين أنفسهم لما نشاهده من خلق بؤر متعددة للتوتر والصراعات كحوامل نحو تفكيك بنية العالم وإعادة إنتاجها وتركيبها على أسس جديدة خالية تماما ً من البعد الإنساني , ومبنية على حسابات التجارة بالشعوب والربح والخسارة الماديين , إنها الآلة والصناعة وثورة المعلومات الهائلة وحاجة الإستمرار التي تستدعي التكامل المطلوب للسيطرة والإحتكارلكل شيء.
والمقلق أكثر أن سرعة التطور بدل أن يعزز التفاعل بين الثقافات وتبادل المصالح وتفعيل وتنشيط الروابط المشتركة بين الشعوب والحضارات ,أفرزت امتلاك القوة التي يتم استعمالها بشكل بشع مع الثقافات الأخرى ,الأمر الذي أدى إلى مايشبه حالة انكسار إنساني وتراجع حضاري يعبر عنه بشكل فاضح نمو المشاعر العدوانية والعدائية تجاه الآخرين .
وبدل أن يتم تسخير التطور وامتلاك القوة لترسيخ قيم العدل والتسامح والشعور المشترك وتعميم التنمية البشرية والإجتماعية بما يقرب من المسافات بين الثقافات والشعوب ويسرع بالقضاء على الفقر والتخلف والأمراض وترميم بعض ماأصاب بعض الثقافات والشعوب من تآكل ومشاكل وبطء في عملية التطور ,على العكس من ذلك إن سرعة التقدم الصناعي والتكونولوجي أكل الكثير من الهياكل والبنى الثقافية للكثير من المجتمعات وفرضت الثورة التقنية المعلوماتية بشكل خاص تطورالمجتمع الصناعي إلى مجتمع المعلومات المرتبط أساسا ً بتوليد الثروة , أي مزيد من الإبتعاد عن الثقافة وقطع الروابط المشتركة مع الآخرين.
ولعل الخطورة في الموضوع هو امتلاك الثروة الذي أنتج امتلاك القوة أيضا ً والسيطرة الفردية عليها واحتكارها لتكون المعيار الذي من خلاله يتم السيطرة على موارد وإرادات الدول والشعوب وأيضا ً ثقافاتهم وحضاراتهم وأنماط حياتهم وتفكيرهم .
والخطير في الموضوع هو الأصرار على تلبيس هذا المشروع غطاء تنظيم العلاقات الدولية من قبل قوة واحدة وتصويره على أنه بناء "للنظام الدولي الجديد ",ولم ير العالم كله من مظاهر البناء هذا سوى الهدم والتدمير المنهجي للدول والنظم والثقافات والشعوب , والوطن العربي حظي بحصة أكثر من أسد في هذا المجال .
والأخطرما فيه هو أنه قائم على تفتيت الثقافات الحضارية التاريخية وتحويلها إلى توابع لشبه ثقافة هجينة أخرى بما يشبه التأسيس إلى تمييع الثقافات وصهرها لحذفها وتثبيت سياسة التماثل الثقافي وتعميم قيمها المحددة والمغلقة على بقية الأمم والشعوب , وقد يكون هذا السلوك يمثل حقيقة ً وواقعا ً أسوأ أنواع الإستعمار والإستبداد القائم على امتلاك القوة ,المغلف بثقافة إلغاء وليس إحتلال الآخرين .
وكل الخطر هو أن العالم أصبح ذو قطب واحد يملك كل شيء ويحتكر كل شيء ويفهم كل شيء بناء ً على تحقيق استراتيجيته وبقاء الوضع الدولي أسيرا ًعلى هذا المنوال لفترة طويلة ,هذا هو المدخل البغيض إلى حالة الإستبداد المطلق على المستوى الدولي وتقنينه وفرض هيبة له عبر ذراع القوة والخلل في موازين التوازن العالمي واعتباره منظومة قيم جديدة للعالم الحديث , وربط مصير العالم كله برغبة قوة عسكرية غير منضبطة وغير عاقلة بل متوحشة إلى حد بعيد.
وبالمقابل فإن المطلوب من القوى الحضارية التي أنتجت الثقافة الإنسانية عدم الإنجرار إلى الوقوع في الحفرة العميقة التي حفرتها كل قوى الشروالعدوان لإيقاع البشرية بها وقبرها والرقص على أنقاض عذابها وموسيقى التبشيرلعالم جديد ,ولكن بدون دين هذه المرة !.
نعم عدم الإنجرار إلى فخها بل الإستنفارالإنساني والبدء بالعمل على صياغة مفاهيم جديدة وأطر ثقافية جديدة قادرة على إستيعاب الخطرواحتواء قوة السيطرة ونزع فتيل الحروب بتنمية شعور المصير المشترك والتفاعل و"التشابك "بين الثقافات والحضارات وإعادة مقاييس القيمة والعدالة واحترام إرادة الشعوب وحقوقها ,لأن قيمة الفرد والثقافة والحضارة هو في حاضنتها الإنسانية والبشرية , فالعيش ضمن جدار العزلة والكراهية معناه بكل اللغات هو تقريبا ً لاشيء .



#نصر_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لبنان ..وملامح الشرق أوسط الجديد
- النظام السور ي بين فقدان الأدوار وتناقض الخيار ..!
- الجولان من رهينة في زمن الأب إلى صفقة وصفاقة في زمن الإبن .. ...
- بشار أسد ...بانتظار الضوء الأخضرلنجدة المقاومة وتحرير الجولا ...
- لبنان ..تصفية مدنيين على طريق تصفية حسابات
- العلمانية الدين والدولة والمجتمع
- العلمانية في الوطن العربي بين واقع وطموح .2
- جبهة الخلاص الوطني ...مؤتمر لندن وآفاق المستقبل 1 .
- جبهة الخلاص الوطني ..تحريك أم تفكيك الإستبداد ؟.
- المعارضة السورية
- بشار ...ولحظة انهيار امبراطورية الفساد ...8
- لعنة ....اسمها الطائفية ..
- جبهة الخلاص الوطني...الخروج من نقطة الصفر
- الديموقراطية.. الثقافة ..السياسة ..واختلاط الفهم والمفاهيم
- اغتيال الحرية..اغتيال جبران تويني .. اغتيال الحياة .! .


المزيد.....




- السعودية الأولى عربيا والخامسة عالميا في الإنفاق العسكري لعا ...
- بنوك صينية -تدعم- روسيا بحرب أوكرانيا.. ماذا ستفعل واشنطن؟
- إردوغان يصف نتنياهو بـ-هتلر العصر- ويتوعد بمحاسبته
- هل قضت إسرائيل على حماس؟ بعد 200 يوم من الحرب أبو عبيدة يردّ ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل عضوين في حزب الله واعتراض هجومين
- باتروشيف يبحث مع رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية الوضع ...
- قطر: مكتب حماس باق في الدوحة طالما كان -مفيدا وإيجابيا- للوس ...
- Lava تدخل عالم الساعات الذكية
- -ICAN-: الناتو سينتهك المعاهدات الدولية حال نشر أسلحة نووية ...
- قتلى وجرحى بغارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة حانين جنوب ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نصر حسن - من عسكرة القوة إلى عقلنة الثقافة