|
قصف إعلامي ، عشوائي
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 1627 - 2006 / 7 / 30 - 08:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التصريحات التي يُطلقها وزير الإعلام السوري ، بين فينة وأختها ، عن " تصميم " نظامه على التصدي للعملية الإسرائيلية ضد حزب الله " وبكل الوسائل " ، لا يمكن إلا أن تثيرَ الشفقة والسخرية ، على حدّ سواء ؛ وخصوصاً ما جاء على لسانه خلال زيارته الأخيرة لإسبانية عن : " عدم الوقوف مكتوفي الأيدي ، في حال توغلت إسرائيل في الأراضي اللبنانية ". فهذه التصريحات العنترية ، تحيلُ أولاً إلى المهمة المنوطة بوزارة الإعلام ، كمجمع لأبواق السلطة المستبدة ؛ وزارة ما عاد لها وجود في أيّ بلدٍ يحترمُ نفسه ، بإستثناء تلك البلدان التي على شاكلة سورية ، غير الجديرة بتلك الصفة ، ناهيك عن إحترام الآخرين لها . ثمة أكثر من تساؤل ، أعيدَ طرحه من لدن المراقبين فيما يتعلق بذلك الشأن ؛ وهوَ إستنابة مسؤول حكوميّ ـ كوزيرنا العتيد ، هذا ـ في مسألة ذات صلة مباشرة بعمل ومهمة وزارة الدفاع ، تحديداً ؛ أيْ مسألة الحرب مع إسرائيل .. ؟ وهيَ الوزارة التي يعرفُ القاصي والداني أنها مجرّد إسم ، بلا أيّ فعل ، في بلدٍ تهيمن الأجهزة الأمنية على كل شاردة وواردة فيه ؛ حتى أنّ وزير الدفاع السابق ، شبه المخلد ، ما كانَ له من " مهمة " ، على مرّ حِقبه الطوال ، سوى إفتتاح معرض لهذا الفنان التشكيلي أو فندق لرجل الأعمال ذاك .
هكذا إشكالٌ في سياسة النظام السوري ، يُحيلنا أيضاً إلى تلك الخصلة ، المعتادة ، في مسلكه والتي عوّدنا عليها منذ مستهلّ مغامراته هنا وهناك ؛ والمتجلية بإنابة أشخاص آخرين ، غير مسؤولين ، بإطلاق العيارات الإعلامية من الوزن الثقيل ، قصفاً لهذه الجهة الإقليمية أو لتلك . بل ووصل الأمرُ بعنتر العروبة هذا ، أنه كان يُكلف بعض اللبنانيين من أزلامه ، للردّ على التصريحات المنتقدة لسياسته الإقليمية ، والصادرة عن المسؤولين الغربيين (!) ؛ وكما لو أنّ كلّ من أولئك الأزلام ، ناطقٌ بإسم وزارة الخارجية السورية . وإذ إكتشف كولومبوسُ البعث ، في مستهل قرننا الواحد والعشرين ، " قارة " جديدة ؛ إسمها مزارع شبعا ، فلا غروَ ، والحالة هكذا ، أن يُنيبَ أداته الإقليمية ( حزب الله ) بمهمة تحريرها من الإحتلال الصهيوني ، والتشدق من ثمّ بأنّ ذلك سيكون مدخلاً لإستعادة هضبة الجولان .. ولكن عن طريق المفاوضات الدولية (!) ؛ على حدّ ما جاء على لسان رأس النظام السوريّ ، مؤخراً : يقيناً إنّ هذه الديماغوجيا ، المنقطعة النظير ، والتي يتمّ سوقها إعلامياً كما لو أننا أمة من البلهاء ، لجديرة بكتابتها كعنوان للحرب الدائرة الآن على أرض لبنان ، المحروقة والمُداسة السيادة .
آثارُ الحرب الهمجية الدائرة الآن على موطن الأرز ، من ضحايا ودمار ، تعودُ بنا بالضرورة إلى " مأثرة " الوصيّ السوريّ ، السابق ، في ما كانت تسميه أبواقه الإعلامية " الحفاظ على إستقرار لبنان وأمنه " . تلك المأثرة ، التي ما فتيء ذلك الوصيّ يحلمُ بإستعادتها وكلّ ما كان ملحقاً بها من مغانم السلب والنهب ، المُنظمَيْن ، علاوة على ما كان يجتنيه سياسياً منها ؛ وفق إستراتيجيته في إستخدام أراضي الآخرين كبؤرة لصراعاته الإقليمية والدولية . إنها لحقيقة ساطعة ، بوضوحها البشع ، تكفي وحدها لإدانة هذا النظام الغاشم ليسَ بقتل الرئيس الحريري وحسب ، بل ومحاولة قتل بلدٍ بأكمله . خاصة ً إذا ما تذكرنا التهديدَ الذي سبق وأطلقه الفأفاء المتفرعن في حضرة ذلك الرئيس ، الشهيد ، من أنه سيكسّر لبنان على رأسه ورأس حلفائه إذا ما فكروا بكسر إرادته . ربما أنّ الحديث هنا ، غير مؤاتٍ للتطرق لما يمكن إعتباره أخطاء فادحة ، مرتكبة من أخلاف الشهيد الحريري ، خلال المرحلة التي أعقبت " إنتفاضة الأرز " . إلا أنّ المرء ، بالمقابل ، لا يمكن إلا التساؤل المستغرب عن ذلك التكتيك ، غير المبرر بالمرة ، والذي إتبعه أركان 14 آذار ، بعيد فوزهم الكاسح بالإنتخابات النيابية ؛ والمتمثل بضمّ أفعى الإرهاب الإيرانيّ السوريّ ( حزب الله ) ، إلى ظهرانيهم بدلاً عن تسليم رأسها للمجتمع الدولي .. ؟
عودة إلى تصريحات وزير إعلام النظام السوريّ ، القصيّة في لهجتها ومداها ؛ والتي لم تجدَ أذناً صاغية ، أو مبالية ، عند الطرف الإسرائيليّ ، المنشغل في إستكمال أهدافه الإستراتيجية من حربه على حزب الله . لنصل على ضوء ذلك ، فضلاً عما سلفَ لنا إيراده من حقائق ، إلى أنّ تلك التصريحات ما كانت أكثر من " مفرقعات " لإلهاء صِبْيَة الشارع العربيّ ؛ هؤلاء المنتشون في كل حقبة ببطولات مماثلة ، إذاعية ، والمستيقظون بعدئذٍ على صدمة الهزيمة ، العسكرية ، المريرة . ولا ننسى في هذا الشأن ، أنّ الحليف الإيرانيّ ، ببهلوانياته المماثلة ، كان قد أحرجَ ذلك النظام جماهيرياً ؛ هوَ الطرف العربيّ ، الوحيد ، المحتلة أراضيه منذ حوالي أربعة عقودٍ من زمن الهزائم والصمت على الجبهة العسكرية ، كصمتَ القبور ؛ هوَ المتعنت ، الوحيد ، في رفضه إنهاء النزاع العربيّ الإسرائيليّ سلمياً ، والمراوحة جبهته الديبلوماسية على أرض ٍ رخوةٍ ، لا حياة فيها أيضاً : وحدتا حال ، لا يمكن إلا أن تحيلنا إلى الهدف الأوحد منهما ؛ وهوَ تأبيد وضع المجتمع السوريّ تحت وصاية سلطة مستبدة ، مؤبدة في ديكتاتوريتها وطائفيتها ، وبكل ما يستجلبه ذلك لجشعها وجوعها ، المزمنيْن ، من إبتزاز وضيع ، داخلياً وعربياً .
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محمد أوزون ؛ كاتبٌ كرديّ على أبواب العالم
-
من البونابرت العربيّ إلى الطاغوت الطائفيّ
-
الزرقاوي ، وسوداويّة الإسلام السياسي
-
الوجهُ الجميل لنظام ٍ قبيح
-
المثقفُ مستبداً
-
الدين والفن
-
بين إيكو وبركات 3 / 3
-
فلتسلُ أبداً أوغاريت
-
بين إيكو وبركات 2 / 3
-
بين إيكو وبركات 1 / 3
-
منتخبات شعرية
-
الماضي والحاضر
-
الوحدة والتعدد في اللوحة الدمشقية
-
مأثورات دمشقية في مآثر كردية
-
سرّ كافافيس 2 / 2
-
سرّ كافافيس 1 / 2
-
الدين والوطن ، في ورقة إخوانيّة
-
طغم وعمائم
-
علوَنة سوريّة : آثارُ 8 آذار
-
بلقنة سورية : جذور 8 آذار
المزيد.....
-
شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف
...
-
احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا
...
-
تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم
...
-
الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا
...
-
حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
-
3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز
...
-
جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا
...
-
الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم
...
-
الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال
...
-
مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|