أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دنيا الأمل إسماعيل - ليل لا يفيق














المزيد.....

ليل لا يفيق


دنيا الأمل إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 1626 - 2006 / 7 / 29 - 03:17
المحور: الادب والفن
    


وقع الصوت على صمت البيوت، فأفزع نومها، وأشعل في أصابع الصغار رعشة الخوف الممزوجة بصراخ ينهض من فراش دافيء0
نزعت الغطاء عن جسدي وهرولت إلى غرفة الفتيات، كان بكاؤهن قد توّحد مع أجسادهن المتلاصقة، لم يكن صوتي كافياً لطمأنتهن، وهو يسبق خطواتي المتعثرة نحو غرفتهن000 لا تخافوا ماما0 ما زلنّ يبكين وأيديهنّ متشابكة، وبقايا أغطية النوم تلامس أقدامهن بفوضى لا تقل عن فوضى الحياة التي نعيشها0
احتضنتَ الفتيات الثلاث ويداي ترتعشان، 000 أقبّلهنّ وأطمئنهنّ وصوت ابنتي الكبرى يستعيد ثباته، وهي تقول لي ولأختيها بصيغة الاستفسار:" تفريغ هوا يا ماما مش هيك؟" فأردّ: نعم وأقبلّها وأمرر شفتّيّ على أختيها الصغيرتين فيما يداي ترتعشان وهما تجوبان ظهريهما صعوداً وهبوطاً0
رفضنّ العودة إلى سرائرهن، وأصررنّ على بقائي معهنّ0 مرة أخرى تعود الطائرة وتقصف صاروخاً آخر، فيعدنّ إلى البكاء ثانية 0 هذه المرة كان زوجي قد صحا من نومه، القصف الإسرائيلي لم يعد يقلقه كثيراً سوى بقدر ما يحدثه من فزع في قلوب البنات0 جاء إلى الغرفة، أخذ دوره في تلطيف الأجواء والحديث عن قوتهنّ وبطولتهنّ000 تركته وذهبت لأفتح نوافذ المنزل قليلاً حتى لا تتعرض للكسر، وأحضرت شموعاً وولاّعة، تحسباً لقطع الكهرباء ووضعتهما في غرفة البنات، جلسنا جميعنا أنا وزوجي وبناتي، نلاطفهنّ ونحضنهنّ حتى نمنّ في أحضاننا0
لم تعد الطائرات، ظل الوقت مشحوناً بانتظار قاتل000سيقصفون000 لا000 ربما000 ربما لا وربما نعم0 لا نعرف000 ما نعرفه أنّ النوم قد ذهب إلى غير رجعة، وأنّ علينا أن نبذل جهداً مضاعفاً في الترفيه عن البنات في الأيام القادمة حتى ينسوا هذه الليلة، وستعود الكوابيس غير مرة إلى شام، وستظل تحدثنا عن الغول الذي يمد أصابعه الطويلة ليقتلها ولسانه الكبير ليخنقها، وستظل تشير بأصابعها وهي تبكي: ها هو 000 ها هو.
لم يبق كبير وقت على شروق الصباح، ارتفع الآذان مذكرّاً الخوفى بمن أحق أن يخافوه. أتساءل في داخلي، هل يجرؤ أحد على الخروج إلى الصلاة والطائرات تترصدنا، فأخجل من نفسي ومن خوفي وألعن هذه الحياة التي لا تشبه الحياة في شيء000 أذهب إلى المطبخ، أعدّ كوباً من القهوة، فيما زوجي يعود إلى فراشه، أفتح التلفاز، لا شيء جديد أفلام و أغاني على المحطات الفضائية والمحلية0 يبدو أن المراسلين نائمون، أغلقت التلفاز وأنهيت عمل القهوة وأخذتها معي إلى الغرفة. رواد تني أفكار للكتابة، لكنني لم أستطع أن أكتب، أمسكت رواية بجانبي، أمرر عيني على سطورها فلا تدخل قلبي، أغلق الرواية وأذهب ثانية إلى المطبخ، الساعة تقترب من السادسة، أمامي ساعة لتجهيز فطور البنات قبل الذهاب إلى المدرسة والروضة، فتحت النوافذ، فدخل بهاء الصباح إلى البيت، لكنه لم يدخل قلبي، إذ ظل ليلياً محاطاً برعشة خوف ربما يتكرر بعد لحظة.
البنات نائمات، منبه جوال زوجي يعلن السادسة والنصف، لكنه يغلقه وينام0 أمدّ صوتي إلى غرفة البنات، هيّا استيقظن، لم يعد هناك وقت، لا أحد يسمع0 النوم سلطان كما تقول أمي، هل كانت تعرف أنّ سلطان القوة يغلب سلطان النوم0 لا أدري، مثلما لا تدري وهي في عتمتها الأبدية أية عيشة تحياها ابنتها0
الثامنة تماماً، والبنات لم يجهزن بعد، يرفضن الخروج وزوجي يستعجلهنّ فيما طفولتهنّ لا تدرك معنى الالتزام بمواعيد العمل، أدفع إلى أفواههم آخر رشفات الحليب بعد تهديد ووعيد، ترفض ابنتي الوسطى ملعقة العسل، تبكي الصغيرة، لأنني لم أسمح لها بارتداء الحذاء الذي تريده.
زوجي يزعق، تأخرت عن العمل، سيضيع يومي إذا لم أكن قبل الثامنة والنصف في مكتبي حسب أوامر المدير. لا أعلق، أحرّك يدّي وقدّمي، أدفع الصغيرات إلى باب البيت مع قبلاتي. أغلق الباب، أسمع همهمات أصواتهن وزوجي قد استعاد هدوءه: ياللا يا بابا، أتذكر التلفاز ونشرة الأخبار، أعدل عن رغبتي في الاستماع إلى شيء، أذهب إلى النوم بدلاً عن العمل وعن الحياة.



#دنيا_الأمل_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حصة المرأة الفلسطينية من التشغيل: المؤشرات والدلالات والمستق ...
- أمي خلف الحدود
- عن حال المرأة والصحافة
- خطة الانفصال/ الانسحاب/ فك الارتباط/ إخلاء المستوطنات تعددت ...
- مشاركة حماس في الانتخابات التشريعية
- المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يؤكد استمرار الانتهاكات الإسر ...
- المرأة والانتخابات المحلية في قطاع غزة
- قصائد قصيرة القامة
- في الانتخابات الرئاسية الفلسطينية: التجاوزات لم تؤثر على نزا ...
- المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يصدر تقريره حول الانتهاكات ال ...
- المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يعقد ندوة بعنوان: - الانتخابا ...
- ديموقراطية على الحائط
- ساعة حائط،..... ونشرة أخبار، وحياة لاتأتي
- ماما... طيّارة... طخ
- تلّمس أصابع القصيدة
- خارج البيت/خارج العالم
- الحاجة أم عصام: لا نبكي المنازل، ولكن نبكي العمر الذي قضيناه ...
- اغتيال بيت... اغتيال أسرة
- السكن الجماعي وأوضاع النساء في قطاع غزة
- صمت المقهورات / صوت


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دنيا الأمل إسماعيل - ليل لا يفيق