أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - خالد عيسى طه - درس المقاومة من العراق الى لبنان















المزيد.....

درس المقاومة من العراق الى لبنان


خالد عيسى طه

الحوار المتمدن-العدد: 1624 - 2006 / 7 / 27 - 11:18
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


العراقيون "جمجمة العرب " قولٌ ردده امير المؤمنين عليه السلام في سجاله مع معاويه ابن ابي سفيان، وهي خلاصةٌ فيها من البلاغة والتفكير الاستراتيجي ما يغني عن البيان عن مكانة العراق منذ قديم الازمان. وقد اجمع المؤرخون ومن تلاهم من السياسيين ان العراق يستحق هذه المكانة ليس لموقعه الجغرافي فحسب بل ولتاريخه الطويل في صناعة الحضارات ورفد الحياة الانسانية بمقومات الاستمرار.

وقد ادرك العراقيون اهمية بلادهم منذ القديم فظلوا محافظين على مكانتها العلمية والثقافية والسياسية حتى ولم يحنوا رؤوسهم حتى لاعتى الدكتاتوريات واخرها نظام صدام حسين المقبور حين احاط بكل صغيرة وكبيرة ومنع على الناس حرية التفكير والتعبير ومن ثم حرية التنظم والاختيار. ذهب العراقيون في كل اصقاع العالم يحملون ارثهم وقدرتهم على العطاء والإضافة والتميز، واستطاعوا تحويل آلام الغربة إلى حوافز للإبداع والتميز ووظفوا كل ذلك لخدمة بلادهم.

مر علي مايقارب العقد والنصف من الزمن وانا بعيد عن بلادي بلاد الرافدين ويشاركني في الاغتراب عشرات الالوف من ابناء وطني .. العربي والكردي . والاشوري يجمعنا الولاء للعراق ولاهله الطيبين وان ساءت بهم ازمان الاستبداد والظلم والموامرات الاقليمية والدولية، القاسم المشترك بيننا هو النضال من اجل استرداد كرامة العراقيين كسبيل لاعادة بناء العراق قلب العروبة النابض. وقد تقدم بعضهم في مجال العمل فاصبح ضمن اول خمسة اثرياء العالم في بريطانيا مثل السيد نظمي آوجي. واحسب ان هذا هو بالتحديد ما كان يعنيه امير المؤمنين يوم ان قال: ان العراقيين هم بيت عقل العرب أي "جمجمته"، مثل هذا الشعب لا يمكن له باي حال من الاحوال ان يستكين للاحتلال ويرضى بسياساته الاستعمارية القائمة على الابتزاز ومراعاة مصالح الدول الكبرى حتى وان ادى ذلك الى قتل وتشريد مئات الالاف من الوطنيين الاحرار الذين كُتب عليهم ان يعيشوا اما تحت نير الاستبداد او تحت وطأة المحتل الغاصب.

شخصياً انظر الى مقترحِ احد رموز السياسة العراقية الجديدة باعتباره يوم التاسع من نسيان من عام 2003 يوم ان سقط الصنم صاغراً تحت وطأة ضربات القوات الامريكية وسقطت معه عاصمة بابل، اقول انظر الى قوله بان ذلك اليوم يصلح الى ان يكون عيداً وطنياً يحتفل به العراقيون على راس كل عام بكثير من الاسف والالم، اذ كيف يمكن لوطني غيور على شعبه ووطنه بان يجعل من يوم احتلال بلاده عيداً!؟
حاول العراقيون على مدى حكم صدام حسين ان يتخلصوا من الاستبداد واعوانه بان قاموا بمئات المحاولات الانقلابية لكن دون جدوى. فقد تآمر عليهم زبانية النظام واعوانه مدعومين بارادة غربية تتزعمها الولايات المتحدة الامريكية التي كانت مصلحتها تقتضي الدفاع عن نظام صدام حسين. وقد ذهب جراء ذلك مئات الالاف من الضحايا الذين دفعوا ثمن رغبة العراقيين في الحرية ونحت الكيان. كان ازالة صدام حسين ونظامه مناسبة استراح لها الجميع لكن بعضهم ظل متحفظاً على الاغراق في التفاؤلِ لانهم لا يثقون في الاحتلال واعوانه.
ويشاطرني في هذا الراى كثير من العراقيين الذين استهجنوا هذا القول الذي يجعل من الانتكاسة نصرة.. ومن الهزيمة بطولة.. ومن قهر الشعوب مناسبة احتفالية. انه يوم بائس في التاريخ الحديث والمعاصر يستحق ان تنكس فيه الاعلام في مختلف مؤسسات الدولة العراقية المستقلة المامولة. وقد نسى القائل ان امير المؤمنين قال في هذا الشعب انه شعبٌ واعً يحق له قيادة العرب لا ان يستكين للاحتلال ويجعل منه عيداً وطنياً.



امعن المحتل في قصف الاحياء السكنية باحدث الاسلحة واذكاها فتناثرت اشلاء الاطفال وتيتمت والمبرر دوماً ترصدُ فلول الارهاب وازلام النظام السابق. وقد تجاوزت وحشية الاحتلال وازلامه من الثأريين كل التوقعات وفاقت في فداحتها ماقام به هولاكو حتى انه حق لكثير من الكُتاب والسياسيين العراقيين ان عدوا هذه الفترة من اسوأ مامر على العراق في تاريخه القديم والحديث.

كان تجاوب العراقيين مع مرحلتهم الجديدة سريعاً اذ لم يتجاوز الاحتلال اسابيع قليلة حتى نهض ثُلة من الوطنيين مستعيدين تاريخ الحركة الوطنية العراقية في تصديها للاحتلال البريطاني مطلع القرن الماضي فكبدوا الغزاة خسائر مادية وبشرية عجزوا حتى الان عن الاقرار بها في اجهزة اعلامهم ومصارحة شعوبهم بحقيقة ما توصلوا اليه في العراق.

ان سرعة وتيرة التصاعد الثوري المقاوم للاحتلال هي سرعة قياسية في كل العالم، فديغول الزعيم الفرنسي المعروف نظم المقاومة بعد سنة من احتلال الالمان لبلاده بعد ان مر بصعوبات كثيرة، وفي فيتنام الشمالية بدأت بالمقاومة بعد ان احتل الغاصب مساحات كثيرة من اراضيها، وفي الجزائر ثورة المليون ونصف المليون شهيد بدات المقاومة بعد الاحتلال بسنين طويلة. وهكذا في كل ثورات العالم ليس هناك سرعة رد الفعل الوطني على محتل مثل ما حصل في العراق الحديث. مرة اخرى اجدني مضطراً الى التذكير بقدرة العراقيين على سرعة التجاوب مع المستجدات حتى وان اودى ذلك بحياة الالاف من الابرياء العُزل.
وباختصار يمكن تصوير ما آل اليه الوضع العراقي الكارثي في النقاط التالية:
1ـ افقد الامريكيون والبريطانيون العراق امنه واستقراره وذلك من خلال استعمالهم القوة المفرطة وزجهم بمئات الالاف من العراقيين والعراقيات في سجون ومعتقلات اكتشفنا بعد سنوات انها ليست الا مخابئ للثار من العراقيين والعراقيات في اشكال لم نقرأ عنها حتى في اكثر الاساطير وحشية!


2ـ لقد تم تدمير البنية التحتية للدولة العراقية فلم يبق هنالك من مقومات الدولة الا ماتنقله عدسات التلفزيونات العالمية عن اجتماعات القادة العراقيين الجدد في المنطقة الخضراء، اما باقي المدن العراقية فلا يجمع بينها الا الخراب ولم تعد تعرف الكهرباء ولا المياه الصالحة للشرب ولا خطوط الهاتف الا في الاحلام!
3- قضوا على العدالة وازدلوا عليها الستار وجعلوا منها شعارات خاوية من اهدافها في تطبيق القانون والعدل بين الناس. ان تشريع اكثر من مائة قانون في عهد بول بريمر الحاكم الاول للعراق المحتل يجب ان يعاد دراستها ومطابقتها مع المصلحة العليا للشعب.

4ـ لقد عمد الاحتلال الى اذكاء فتنة طائفية في العراق من خلال فتحه للحدود امام عبور الارهابيين والتأسيس لحربه معهم على ارض العراق. بدأ الامريكيون ومستشاروهم من العراقيين ذوي الجنسية الامريكية بالقدوم الى لندن وعقد جلسات مطولة في ارقى فنادق العاصمة البريطانية وخرجوا بما اصبح يعرف الان في السياسة العراقية الحديثة بالمحاصصة الطائفية "اللعينة". هي نظرية ترجع العراق الى الوراء وتساعد على اشعال نار الحرب الطائفية التي لا تخدم سوى اعداء العراق. ومع ان الاستبداد يستوي في اللعن مع الاحتلال فاننا لم نكن على دراية بحدة هذه التقسيمات الطائفية ايام حكم الطاغية صدام حسين لا طيب الله مثواه حتى في السجن، فقسموا العراق الى سنة وشيعة واكرادٍ وعرب سرعان ماتحولوا الى جيوش متقابلة يقتل بعضهم بعضاً في غير رأفةٍ ولا انسانية!

تم اذاً ضخ كثير من الكتابات ومن الاعمال السياسية من اجل تعميق حدة الخلافات بين العراقيين على أسس مذهبية وطائفية قصد جره الى حرب اهلية طاحنة يتداخل فيها الديني مع السياسي مع الانتماء العرقي مع الثأرِ على نحو يصبح فيه التمييزُ بين هذه العوامل صعباً للغاية. ومع ذلك رفض الشعب العراقي بشيعته وسنته واكراده واقلياته الاخرى هذا التقسيم المنافي والمناقض لمصلحته، معيداً للذاكرة صوراً للوحدة الوطنية يوم ان وقفت العمائم السوداء جنباً الى جنب مع زعماء اهل السنة العراقيين في شوارع بغداد في الخمسينات من القرن المنصرم تنادي بالوحدة الوطنية وبجلاء المستعمر وسقوطه.



ولا اعتقد ان زعماء العراق الحديث من شيعة وسنة وعرب واكراد وآشوريين وكلدانيين ومسيحيين يغيبُ عنهم مثل هذا المعنى للوحدة الوطنية وهم يطالعون ما تصنعه المقاومة الوطنية اللبنانية على ضعفها ضد اقوى دولة في الشرق الاوسط على الاطلاق عدة وعتاداً، وتقف في وجه اسرائيل التي عجزت الدول العربية مجتمعة ان تقف في وجهها ولم تفلح جهود ضخ سموم التمييز الطائفي في لبنان ان تحدث شرخاً بين سُنة لبنان وشيعته ومسيحييه ومسلميه بل قوت عرى الوحدة الوطنية وشدت من از الجنود على الحدود في صور بطولية لم نعد نذكرها الا في معلقات الشعراء العرب الذين يعرف العراقييون ان بعضهم ان لم اقل اغلبهم عراقي دماً ولحماً ولغةً.

هذا هو الدرس الذي يجب ان يفهمه الامريكيون وغيرهم ممن يطمح الى السيطرة على العراق يوم ان عرت المقاومة على ساقها وتكفلت بتحرير العراق واقامة الدولة الحرة المستقلة بعيداً عن كل اشكال التدخل من الدول الاقليمية او العالمية.

متى يفيق اصحاب القرار ويستجيبوا لما آلت اليه تجربتهم في العراق؟



#خالد_عيسى_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اذا حكمتم فاعدلوا يادولة الرئيس....!
- ضوء على الاحداث: ماذا في ذهن السائل العربي اليوم!!!
- الى متى تصبر شعوب العرب ... على تخاذل حكوماتها؟!!
- هل انتهت
- الحوار الوطني ومدى نجاحه على يد المالكي
- الفضائيات العربية ودورها الرائد في طموحات الشعوب
- الانتحار في سجن غوانتانامو ارهاب في نظر بوش
- هل يسمح المالكي بفسحة كافية من الديمقراطية .. مستقبلاً ..!
- حوار مفتوح حول الأحداث الساخنة اليومية
- مجزرة حديثة والقانون .. واتفاقية جنيف الرابعة
- شعب العراق يطالب دولة الرئيس بتقديم شيء افضل
- الشعب العراقي رضى بالواقع المرير
- حيرة الشعب بحكومته وحيرة الحكومة بالشعب
- ان تلاشت قدرات الحكومة
- أقدام ورمال
- السفير الأمريكي غير محق في تصوره الأمني
- لا للخطوط الحمراء والى الأبد
- لماذا ينكئون جراحنا بالملح بأفلام التعذيب
- المحكمة أضاعت مباديء الوصول إلى دفين ما اقترفه صدام ونظامه
- للعدل وزير لا يؤمن بعدل القانون


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - خالد عيسى طه - درس المقاومة من العراق الى لبنان