أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخمسي - تركيا: حجر الزاوية في حوار المتوسط















المزيد.....



تركيا: حجر الزاوية في حوار المتوسط


أحمد الخمسي

الحوار المتمدن-العدد: 1623 - 2006 / 7 / 26 - 08:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من جملة محاور المرحلة الحالية التي دخلها المغرب دوره الفعلي في البحر الأبيض المتوسط، خلافا للتهميش الذي أريد له من طرف الدولتين اللتين استعمرتاه: فرنسا وإسبانيا. لكن بناء القدرة الذاتية لخوض المسؤولية في ذلك، يبدأ ببناء الوعي المطابق للدور المبتغى. وهذا ما يفرض انتباه المغاربة للدور التركي في المتوسط، قصد استكمال الوعي بتعقيدات هذا الفضاء.
عندما نتتبع شريط الوقائع خلال التسعينات حول المتوسط كفضاء للحوار بين مكوناته، نجد النظرة الاستراتيجية الحالية، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، أبقت الاتحاد الأوربي طرفا ثابتا في حوض البحر الأبيض المتوسط، بينما ألغت الطرف العربي كطرف موحد، عوّض بجزئيْ شمال إفريقيا والشرق الأوسط. والأمر لا يتعلق فقط بتحول في القاموس السياسي، بل يعكس انعكاس اختلال ميزان القوى العالمي على المتوسط، كما يتعداه نحو البرامج والمؤسسات وشبكة العلاقات، كأن الضرورة السياسية الحالية اقتضت على صعيد المتوسط القضاء على الصبغة الناصرية الوحدوية العربية المنتمية لفترة الحرب الباردة، بصفتها الجزء المحلي المشابه للاتحاد السوفياتي المنهار، ولو أنها لم تكن موجودة بعد في السياسة المتوسطية.
وفي نفس السياق، تحولت أنظارنا عن البعد المتوسطي ككل نحو الجزء الغربي منه فقط، بين الضفتين، الشمالية والجنوبية، في حدود معادلة (5+5)، وفي أحسن الأحوال بأفق برنامج برشلونة(1995)، كمظلة للحوار السياسي وللبرامج الاقتصادية(1)، وكدعم لهذا الميلان في النظرة المتوسطية نحو الجزء الغربي فقط، طفا الحديث حول التنافس داخل الاتحاد الأوربي، ما بين إسبانيا كممثلة للضفة الجنوبية للمتوسط، وبين ألمانيا كممثلة لأوربا الشرقية.
هذا التتابع في تحولات الوضع الدولي السابق نحو الوضع الحالي ركٌز اهتمام الجميع، على الخط الذي تجري ضمنه المساطر الأساسية لاتخاذ القرار، ألا وهو الخط الأطلسي الرابط بين بروكسيل(عاصمة الاتحاد الأوربي والحلف الأطلسي معا) وواشنطن (عاصمة الولايات المتحدة) ونيويورك(مقر الأمم المتحدة). مما همش الفاعلين السياسيين الموجودين شرق المتوسط، سواء ضمن قواه المحلية(مصر+ تركيا…) أو ضمن القوى الدولية المؤثرة فيه (روسيا). وبالتالي وضع الحجب الكثيفة حول الصورة الأصلية للمتوسط. فبقينا، نحن سكان المتوسط، تابعين لما يخطط لنا من بعيد، كاستراتيجيات إقليمية من زاوية دولية أشمل، تراعي المصالح العليا لأوربا وأمريكا ولا يعنيها المتوسط كوحدة متجانسة.
وفق ما سبق، لم يعد في وسعنا امتلاك الوعي المتوسطي كما يقتضي البعد الوحدوي الجغرافي للمتوسط. فالمصالح المخطط لتصريفها والحفاظ عليها، مراعى في تشكيلها تاريخ مشترك لأمم موجودة على الضفاف الشمالية للمحيط الأطلسي، صيغت أحداثه خلال القرون الخمسة الأخيرة.
لقد كانت السنة الحاسمة في جر القوى المتوسطية نحو الأطلسي سنة اكتشاف أمريكا:1492م. ومن سوء حظ المتوسط أن تكون تلك السنة علامة زمنية لانتقام جيل مسيحي، موال لجيل مسيحي سابق اعتُـبر فاشلا في الحفاظ على المطابقة الترابية لأوربا مع كيانها المسيحي، بحيث تمكن الترك العثمانيون من فتح العاصمة المسيحية الشرقية المقدسة: القسطنطينية في سنة 1453م(2) كما تزامن اكتشاف أمريكا مع القضاء الرسمي السياسي من طرف المسيحيين على العرب المسلمين في غرب المتوسط(1492)، بعدما اخترق المسلمون "حرمة" أوربا المسيحية في شرق المتوسط قبل جيل (1453). هكذا، قد يشكل الرجوع إلى هذا الأصل في التحول الجيوسياسي للمتوسط نبشا في تعقيدات، أخرصت لسانه ووضعت البلاغة على لسان الإنجليز على ضفتي المحيط الأطلسي. لكننا نكتشف في نفس الآن أن العنصر الفاعل في ذاك التحول في نهاية القرن الخامس عشر كانت قوة متوسطية، وهي تركيا بالذات.
***
إن الوضع التركي الحالي يكثف حالة "حوار العالم مع المتوسط"، إن صح التعبير. وإن كان في وسعنا، كجزء غربي، في شمال إفريقيا، من الحوض أن نتصور إمكانية تعميق العلاقة مع القوى الأطلسية بصفتها قائدة العالم دون اعتبار للدور التركي، لكن الحالة التركية أغنى بالخلاصات "الجاهزة" كتجربة بلد شرقي حاول منذ سبعين سنة الإنتماء إلى الغرب الأطلسي، دون جدوى تقريبا(3)، فالحوار المتوسطي جزء من حوار غربي مع المتوسط.
فالوضع التركي يكثف صورة الغرب وكيفية تعامله مع الشرق، ضمن المتوسط. وبالتالي تساعدنا معرفة التجربة التركية في استشراف الإمكانيات الكامنة الحقيقية في جني الثمار الممكنة من الحوار المتوسطي كهدف إقليمي، يتجاوز الرغبة الإقليمية الضيقة إلى اختبار النظام العالمي بأسره وتلمس حدوده ونتوءات تعقيداته.
***
لم يوجد في القرن العشرين بلدا متوسطيا، بخلفية تاريخية قوية مثل تركيا، قفز نحو الغرب بكل ما يمكن أن يتخيله الغرب نفسه، من جرأة، بلغت درجة متطرفة في نكران الذات العثمانية، إلى حد تبني الإطار الغربي الأقصى في تحديث الدولة (الجمهورية)، مع ملئه بمضمون غربي تحديثي (الدولة الأمة+ العلمانية+ أقصى التحالفات المبكرة مع الغرب) ، إلى حد الرغبة في التطابق الخارجي مع الغرب في إظهار الذات الحضارية نفسها بمظهر الغرب ( تبني الخط اللاتيني)…!، من أجل بناء الدولة-الأمة التركية على الطراز الأوربي الحديث. مع ذلك، لم يتمكن الغرب العلماني من تجاوز التعامل الشوفيني الضيق تجاه تركيا المسلمة، بمنظار الماضي المسيحي. مما يطرح التساؤل حول آفاق الحوار المتوسطي، مادامت إرادة الحوار خارج المتوسط، ومادام الجذر التاريخي القائم على الإختلاف الديني مصدرا ثابتا للإرادة السياسية للغرب العلماني.
هذه الفائدة العامة المستخلصة من الحالة التركية، تضطرنا إلى الرجوع إلى أهم مفاصل تجربة الثورة الكمالية. لنبحث بعد ذلك في ما تكلّس في الوعي الأوربي من نوايا وميولات أصبحت بمثابة أفكار مسبقة اتجاه الآخر المتوسطي، تميز الكيان الغربي، وتتحكم في تحديد موقفه الراهن. كما يجرنا ذلك إلى بحث التفاعل بين أطراف أوربا، وتبيان تأثير شمالها على جنوبها، وبالتالي التأثير في المسار المتوسطي. مما يقتضي إثارة العلاقات ودورها في إعادة ترتيب الوعي المتوسطي لمقاومة الاختراقات العالمية التي شتتت أوصال المتوسط.
الثورة الكمالية وقلب المعطيات
الموروثة في شرق المتوسط
من غريب الصدف أن يكون مصطفى كمال باشا قد ولد في الجزء الأوربي (سالونيك، حاليا مدينة يونانية، سنة 1881)من تركيا وتوفي فيه (إسطنبول: سنة 1938) أيضا. لكن العادي أن تكون حركات التحديث التركي نبتت في الغرب وفي الجزء الغربي من تركيا العثمانية في نهاية القرن التاسع عشر. ففي الوقت الذي كان اليساريون الروس يجتمعون في سويسرا لتأسيس الحزب الشيوعي في صيغته الأولى سنة 1895، كان الترك يجتمعون في باريس لتأسيس حركة "تركيا الفتاة" (امتدادا للأفكار الليبرالية الثورية "لإيطاليا الفتاة" و"إنجلترا الفتاة" قبل ذلك بزمن طويل). وفي نفس السنة، وفي المدينة التبي ولد فيها مصطفى كمال باشا قبل اربعة عشرة سنة (سالونيك) صدر بيان تأسيس "جمعية الاتحاد والترقي"، التي مثلت امتدادا لبرنامج "تركيا الفتاة".
هذا الضابط العسكري اللامع، الذي لم يعش أكثر من 57 سنة، أكثر بقليل من جمال عبد الناصر (توفي عن سن 52)، مصنف مثله في كونه أرسى نظاما "ديكتاتوريا ثوريا" في نظر الغرب، خلافا لفرانكو وسالازار اللذين بنيا نظامين "دكتاتوريين محافظين."(4)
ما هو المضمون التقدمي
للثورة الكمالية؟
لقد تعاطف مصطفى كمال باشا مع "تركيا الفتاة"،. لكنه بقي بعيدا عنها تنظيميا(5). وفي المقابل، أسس تنظيما عسكرياً سرياً تحت إسم"الوطن والحرية"(6). وعندما بلغ سن الثلاثين من عمره، اندلع النـزاع التركي الإيطالي حول ليبيا. فتـألّق نجمه في ليبيا(7) (1911 و1912). وبعد تحالف تركيا العثمانية مع ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، اشتهر مصطفى كمال بقيادة دفاع تركي مستميت عن مدينة إسطنبول ومضيق الدردنيل ضد الجيوش الفرنسية والإنجليزية، بحيث كانت خسائر الإنجليز والفرنسيين في معارك الدردنيل سنة 1915 حوالي 150 ألف جندي، كما توغل الجيش التركي بقيادته في منطقة القوقاز الروسية(8). فتغير مجرى الحرب العالمية بكاملها في مضيق البوسفور والدردنيل. وقد عرفت هذه الهزيمة الغربية أمام الجيش التركي بقيادة الضابط مصطفى كمال بحملة غاليبولي(9).
إن الإطار العام الذي اشتغل ضمنه هذا الضابط الشاب (34 سنة) هو بدء تحقيق برناج تنظيمه المذكور على أرض الواقع السياسي. فقد تمكن حزب الاتحاد والترقي من الانتصار على السلطان الرجعي عبد الحميد الثاني سنة 1908، ، بل أبعد عن العرش بعد انقلاب عسكري نفذه أحد الضباط المنتمين لتنظيم تركيا الفتاة سنة 1909 (10). واعتلى العرش بعده السلطان محمد راشد الخامس. وبالتالي أصبح الدفاع في نظره عن الحرية والوطن، تفرضهما الظرفية العامة(11). لكن دخول الولايات المتحدة الحرب وانهزام تركيا (حليفة ألمانيا) أمام دول الوفاق (إنجلترا وفرنسا وروسيا وإيطاليا…)، أدى إلى تطبيق البنود السرية لمعاهدة سايس بيكو (1916)، فوجدت تركيا نفسها ممزقة ترابيا شر تمزيق، بموجب معاهدة اسيفر (10غشت1920) التي مكنت اليونان من السيطرة على جزء من الأناضول الأسيوية بعدما احتلت قوات الوفاق الغربي مدينة إسطنبول طيلة ثلاث سنوات (1920-1921-1922). علما أن السلطان الأخير في سلالة العثمانيين (محمد السادس) رضخ للمعاهدة المذكورة. فوجد الضباط الترك الوطنيون أنفسهم أمام مسؤولية تاريخية تقتضي الحفاظ على التراب الوطني من السيطرة والتفتيت الغربيين. .
أثناء الفترة التي سبقت التوقيع على الاتفاقية المهينة لتركيا، ومنذ أبريل 1920، كون الضابط مصطفى كمال حكومة عسكرية وطنية في أنغورا (أنقرة الحالية) وسط الأناضول. وبدأ الإعداد لمواجهة اليونانيين المحتلين للأراضي التركية فوق آسيا الصغرى. وفي صيف 1921، وبعد شهر فقط على انتشار خبرالانتصار الساحق للمغاربة في الريف على الجيش الاستعماري الإسباني (21 يوليوز1921)، تمكن مصطفى كمال من قيادة جيشه بخطة عسكرية انتهت بانتصار ساحق على اليونانيين في معركة سكيارا (غشت 1921). وبعد سنة من ذلك تمكن من سحقهم مرة أخرى في معركة دملوبينار (غشت 1922)، وفي شتنبر تمكن من إخراجهم من إزمير. وكان ذلك تتويجا لانقلاب ميزان القوى العسكري المحلي لفائدة الترك ضد اليونان. فاضطر الغربيون المنتصرون في الحرب العالمية أخذ ذلك بعين الاعتبار مما أدى إلى فتح مفاوضات مع مصطفى كمال لمراجعة معاهدة اسفير المجحفة.
تأثير الثورة الكمالية في شرق المتوسط
بعدما اثبت الضابط مصطفى كمال باشا أنه زعيم الكرامة الوطنية المهضومة من طرف الدول الغربية المنتصرة، عمل على قلب الأوضاع التركية الداخلية لفائدة برنامجه السياسي القاضي بتغييرالنظام السياسي في البلاد، في اتجاه التحديث على طريقة الثورة الفرنسية والتراكم الأوربي عموما. فلم تمر ثلاثة أشهر على طرد اليونان من أزمير، حتى أعلن عن خلع آخر السلاطين العثمانيين من العرش (محمد السادس)، لاغيا نظام السلطنة (1922.11.01). وفي خضم الذكرى الأولى للانتصار النهائي على اليونان، تم التوقيع على معاهدة لوزان (1923.7.24)، التي ألغت القيود المفروضة على تركيا بموجب المعاهدة السابقة ( اسفير)، ثم مباشرة أعلن عن تأسيس "حزب الشعب" (صيف 1923) وأعلن بعد ذلك عن قيام الجمهـــورية التركـــية على أنقــاض السلطنة (19923.10.29) وعن تحويل العاصمة من الجزء الأوربي في إستطبول إلى أنقرة . وبدهاء سياسي براغماتي اعتبر نظام الخلافة مازال قائما، ليعلن عن تقويضه هو الآخر في السنة الموالية (1924). هذا التطور الداخلي السريع كان في الغالب مقررا في المفاوضات مع الدول الغربية. فقد تم تتبيث احتفاظ تركيا بمنطقة إسطنبول وغاليـبولي فوق الجزء الأوربي(12). وبالتالي دمج مصطفى كمال برنامج التغيير الداخلي بتصوره للوضع الجيواستراتيجي التركي في منطقة البلقان ككل، في ظل الانتصار الغربي في الحرب العالمية الأولى.
وبالنظر إلى الرغبة الكامنة لدى الأوربيين للانتقام من تركيا وطردها من الأراضي الأوربية، يمكن اعتبار أن الإستراتيجية الكمالية من هذه الزاوية في إبقاء القدم التركية فوق الجزء الأوربي إلى اليوم، قد انتصرت انتصارا تاريخيا، رغم وجود المنافس الحضاري القوي الذي مازال على استعداد لتعويضها فوق المساحة الاوربية المعنية: اليونان.
***
لم يربح مصطفى كمال هذه المكانة الجديدة لبلاده فحسب، بل نفذ تأثيره إلى داخل اليونان. إذ أصبح انتصاره على الجيش اليوناني في جزيرة اكريت وفي إزمير، بمثابة "كارثة وطنية" في اليونان. مما أدى إلى زعزعة النظام اليوناني وتغيير رموزه ودستوره بل وتركه في حالة الاضطراب بضعة سنين.
لم يكن في مستطاع مصطفى كمال تحقيق هذا التحول لو لم يكن مسلحا ببرنامج شامل لتحديث الدولة التركية. وهذا هو الفرق الابستيمولوجي والنوعي بين حالة عبد الكريم الخطابي وبين مصطفى كمال. والمقارنة هنا ضرورية بالنظر إلى تزامن انتصاراتهما العسكرية، مقابل التتويج الذي حصل عليه مصطفى كمال باشا، الذي تحول إلى أتاتورك رئيس الجمهورية في النهاية، بينما تحول عبد الكريم إلى أمير في المنفى.أكثر من ذلك، فقد اضطرت إنجلترا إلى المصادقة على استقلال مصر في نفس السنة (1922) التي انتصر فيها على اليونان. وبالتالي، ساهم مصطفى أتاتورك في تحويل ميزان القوى في شرق المتوسط مباشرة بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، وهو ما لم يكن سهلا على البلدان المحلية. نعم جرت ثورة 1919 في مصر وكانت الانتصارات المغربية في الريف على الجيش الاستعماري بُعيْد ذلك في أقصى غرب المتوسط. لكن أتاتورك لم يتحول فقط من صفة الباشا، بل استمر في تغيير النظام السياسي لبلاده. فقد قضى على جيوب المحافظة في سنة 1926. وبعد سنتين من ذلك، أرسى الأسس العلمانية للجمهورية التركية بالإعلان عن دستور جديد للدولة، يصرح بالفصل التام بين الدولة وبين الإيديولوجية الدينية (1928).
نعلم جميعا أن الرد في مصر على الدستور التركي كان بالإعلان عن قيام حركة "الإخوان المسلمين" في نفس السنة (1928) بقيادة حسن البنا. وهو ما سيؤثر في منطقة الشرق الأوسط فيما بعد إلى اليوم. بمعنى أن تأثير الثورة الكمالية في منطقة المتوسط تجلى بأوجه عديدة بل ومتناقضة.
الثورة الكمالية دفعت
الاقتصاد التركي نحو الإقلاع
لقد أرسى أتاتورك جمهوريته الحديثة على ستة أسس: الوطنية، الشعبية، الدولتية، الإصلاح، العلمانية، الجمهورية(13). ثم عمل على تأصيلها في المجتمع بفتح الباب أمام المرأة التركية التي حظيت بحق المشاركة في الانتخابات السياسية (سنة 1934)، قبل المرأة الفرنسية نفسهــــا (1945). هذا الربط المتين ما بين السقف السياسي والأرضية الاجتماعية أطلق طاقة العمل الاقتصادي. مما أفرز علامات الصحة في الجسم الاقتصادي التركي، بينما أفرز النظام الرأسمالي الأزمة الاقتصادية الكبرى أواخـر العشرينات (1929).
في هذه الفترة، بلغ معدل نمو الدخل القومي السنوي نسبة ما بين 7 و9 %، في حين قفز الإنتاج الصناعي الى معدل سنوي 11.5 %. بحيث تضاعفت حصته في الإنتاج الوطني الخام(14)
كما سبق أن نظم الحزب الكمالي ندوة في سنة 1923، بمدينة إزمير دعا فيها إلى ضرورة تبني الدولة سياسة تشجيع طبقة وطنية من المقاولين مصحوبة بحمايتها من المنافسة الأجنبية قصد الحصول على صناعة وطنية متطورة، علما أن هذه النظرية تتبع خطى الطريقة الألمانية في التنمية في نهاية القرن التاسع عشر، بدل اتباع الليبرالية الكلاسيكية على الطريقة الفرنسية الإنجليزية(15). كما كان مصطفى كمال أتاتورك نفسه من أكبر المساهمين في "بيزنس بنك" الموصوف حينئذ بكونه "بنك السياسيين"(16). وقد سعت البيروقراطية في النظام الكمالي إلى تكوين طبقة رأسمالية أكثر مما سعت إلى بناء جهاز دولة في حد ذاته(17) لكن جراثيم الفساد الاقتصادي كمنت في سلوك البيروقراطية تلك، التي عملت على استغلال النفوذ ومارست الشطط في استعمال السلطة، وذلك بمنح القروض وتمرير الصفقات وتحديد الأسعار عن طريق الزبونية بدل المقاييس القانونية الشاملة(18) مما جعل الحزب الديمقراطي الممثل للطبقة البرجوازية التركية عاجزا عن تنفيذ وعوده الانتخابية القاضية بخوصصة بعض الشركات، وذلك بعد ما اعتمدت تركيا التعددية الحزبية بعد الحرب العالمية الثانية(19).
عبر هذا التركيز الشديد في عرض الثورة الكمالية ودورها في إعادة تشكيل شرق المتوسط في بداية القرن العشرين، نعيد إلى الأذهان أن موازين القوى لا تصنع ب"الإشارات القوية" لفظاَ، بل عبر الحسم العسكري، وأيضا بفضل امتلاك جرأة الموقف الجذري الذي يغير البنيات وشمولية التصور المستقبلي، بعدما يتمكن عسكريا من حسم الوضع. هذان الشرطان –العسكري والنظري السياسي- توفّرَا في الثورة الكمالية التي كانت ثورة ليبرالية، شكلت الخلفية الإقليمية لما عاشته مصر من تبلور ليبرالي ما بين 1922 و1952، على صعيد السياسة والثقافة والاقتصاد، وهي نفسها كانت درساً تركياً للجيش المصري الذي اقتفى أثرها سنة 1952.
سقف المصالح الغربية
يحجز الطموح التحديثي لدى تركيا
دور تركيا في شرق المتوسط
خلال الحرب الباردة
في سنة 1952 المشار إليها أعلاه، عرف الوضع في شرق المتوسط اختلالا جوهريا، فقد أثبث البرلمان الإيراني سلطة مصدق على حساب الشاه. وكان الاستغلال الرأسمالي للثروة النفطية الإيرانية في الميزان، وبعد ذلك انفجرت الثورة المصرية. فأصبح الغرب الرأسمالي أمام خسارة في منطقة استراتيجية وهو لم يخرج بعد من حرب كوريا (1951-1953).والفرق الشاسع بين ظرفية انتصار الثورة التركية الكمالية في 1922 وبين بروز الثورتين الإيرانية والمصرية في 1952. فبعد امتحان الحرب العالمية الثانية، برز الاتحاد السوفياتي كقوة منتصرة في الحرب. وبعد أربع سنوات فقط، أعلن امتلاك القنبلة النووية (1949) منافحا الولايات المتحدة، وفي نفس السنة سيطر الشيوعيون بقيادة ماوتسي تونغ على نظام أكبر تجمع سكاني في العالم: الصين. علما أن إنجلترا لم تجد بدا من تسليـم شبه القـــارة الهندية استقلالها (1947).
هذه التطورات كلها دفعت الغرب الرأسمالي إلى دعوة تركيا لدخول حلف شمال الأطلسي في 1952 نفسها، رفقة اليونان دفعة واحدة. وذلك قصد تحصين التواجد الغربي في شرق المتوسط عبر القوى المحلية نفسها. فتحولت تركيا-هذه المرة- إلى الانحياز السافر لفائدة الأطراف الخارجية في المنطقة. وفي هذه الفترة، كان كمال أتاتورك قد توفي وغاب عن الدولة قبل أربعة عشـرة سنة (1938). لكن التحول العالمي الذي جرى في غيابه (الحرب العالمية الثانية) فرض على خلفه، عصمت إينونو، ابتداء من 1945، السماح بتعدد الأحزاب، لتتميز تركيا بليبراليتها عن أوربا الشرقية التي دخلت تجربة الديمقراطية الشعبية بقيادة أحزابها الشيوعية. كما أصبحت منطقة البلقان وما عرف في الخريطة الجيوسياسية لدى الأوربيين ب"روميليا" أي البلقان التركية، تحت النفوذ الاشتراكي السوفياتي. بما فيها يوغوسلافيا وألبانيا وبلغاريا.
من هنا يمكن تقييم تحديث تركيا خلال القرن العشرين، وأثرها على المتوسط. إذ نجد ثلاث فترات: الربع الأول من القرن، فترة التحولات البطيئة، تحت سماء السلطان العثماني، إلى حين اندلاع الحرب العالمية الأولى وبروز الطاقة العسكرية ومساهمتها في الحفاظ على تركيا ممتدة فوق التراب الأوربي؛ الربع الثاني من القرن، فترة الثورة الليبرالية القانونية والإدارية تحت حكم الحزب الجمهوري الكمالي الوحيد؛ النصف الثاني من القرن العشرين، عمل الغرب الرأسمالي على إغراق تركيا في ترسانته العسكرية، كخط مواجهة مع كتلة المجموعة السوفياتية في أوربا الشرقية وآسيا. وبالتالي، أُهمل التحديث السياسي والاقتصادي والاجتماعي، مما ترك مظاهر العصرنة والتصنيع في المدن الكبرى الموجودة في الجزء الغربي على حساب المناطق الكردية والشرقية عموما.
وقد بقيت الفترة الكمالية محجوزة دون استكمال مراحل التحديث، الشيء الذي حصر التأثير التركي الإيجابي في شرق المتوسط في تلك السنوات الخمسة عشرة في عهد أتاتورك (1923-1938).
لقد أصبحت تركيا أداة في يد الغرب، منذ إدماجها في حلف الشمال الأطلسي (1952)، أي بموازاة مع الثورتين الإيــــرانية الأولى (1951-1953) والمصرية (1952)، حتى قبل إدماج ألمانيا الفيدرالية (1955) في الحلف. هكذا، بعد مرور عشر سنوات عن انتهاء الحرب العالمية الثانية، تواترت أحداث عالمية وأخرى متوسطية، اقتضت من الغرب تجميع صفوفه بكيفية أوثق. فبعد انهزام فرنسا في ديان بيان فو (الفييتنام:1954.5.7) واندلاع ثورة الجزائر (فاتح نوفمبر1954)، ارتأى الحلف الأطلسي رد الاعتبار لألمانيا التي استمر الجيش الفرنسي على أراضيها إلى سنة 1956. وفي نفس السنة تقاربت السياستان اليوغوسلافية والمصرية في تحالف عالمي برز سنة 1955 أيضا. ونتيجة لما سبق ذكره كبر الدور التركي لتعزيز الوجود الغربي في البحر الأبيض المتوسط.
ومن خلال مسلسل الحسابات العسكرية الاستعجالية والحيوية، أفرغ الغرب الرأسمالي الليبرالية التركية من طابعها التقدمي، بسبب حاجته إلى أحزمة عسكرية لتطويق النفود الاشتراكي والسوفياتي بعد الحرب الكورية في منتصف القرن العشرين ولحصر الانفلاتات الدولية المذكورة. وبالتالي أصبحت الأراضي التركية نقطة توتر في شـرق حوض المتوسط (20)، بعدما كانت في العهد الكمالي مركزا متوسطيا للتأثير الإيجابي في قلب موازين القوى لفائدة شعوب المتوسط.
موقع تركيا في المؤسسات الغربية
منذ وفاة مصطفى اتاتورك سنة 1938، برز أول موقف تركي واضح إلى جانب الغرب، عندما دخلت بكيفية رمزية في الحرب العالمية الثانية في آخر لحظاتها في فبراير من سنة 1945(21). ومباشرة بعد انتهاء الحرب، كيّفت تركيا نظامها السياسي من الليبرالية ذات الحزب الكمالي الوحيد، إلى نظام التعددية الحزبية. وفي سنة 1951، كانت الدولة غير الأوربية الوحيدة التي اشتركت في الحرب إلى جانب الغرب الرأسمالي في الحرب الكورية (22)، وذلك قصد تجديد تشبثها بالالتحاق بالهوية الغربية السياسية، بعدما رفضت الدول الغربية طلبها الأول للالتحاق بحلف الشمال الاطلسي في ماي 1950(23) مما أفضى إلى عضويتها في حلف الشمال الأطلسي سنة 1952 دفعة واحدة مع خصمها العنيد في البلقان: اليونان.
هكذا لم يكن للنظام التركي أي غموض بصدد الاصطفاف ضمن الغرب ساعة تمفصل الخريطة الجيوسياسية العالمية تحت الظلال الأولى للحرب الباردة. لذلك، بعد إحدى عشرة سنة، اعتبرت "المجموعة الاقتصادية الأوربية" تركيا قابلة للعضوية، أي في سنة 1963، وحتى هذه المرة يمكن القول، ولو أن ذلك جاء كرد فعل فرنسي أوربي على استقـــلال الجزائر (1962)، أي قصد ترتيب التوازن الجيوستراتيجي في البحر الأبيض المتوسط، بكيفية احتياطية.
من جانب الدول الأوربية استمرت تبتز تركيا مادامت ساعية لاستكمال هويتها الغربية. إذ بعد هذا الترشيح لعضوية المجموعة الأوربية، تسارع الوضع في قبرص بين الطائفتين التركية واليونانية، مما دفع تركيا إلى التهديد بالتدخل في قبرص سنة 1964. ففرمل الأوربيون مسلسل اندماجها في أوربا.
بعدما أصبحت بلدان أوربا المتوسطية ذات النظام الليبرالي، كلها عضوة في المجموعة، بعد دخول كل من اليونان وإسبانيا والبرتغال، تم تقديم الطلب التركي الرسمي لعضوية المجموعة الأوربية بعد ما يقارب ربع قرن من الاعتبار الأوربي قابلية تركية لتلك العضوية (سنة 1987). إلا أن الاتفاق الأخير، بين المجموعة الأوربية وتركيا، وقف عند "استراتيجية التقارب" و"تقوية العلاقات" بين تركيا والاتحاد الأوربي. والاتفاق في حد ذاته ضمّ شروطاً أوربية اعتبرتها تركيا غير مقبولة(24) في حين قُبلت ترشيحات كل من قبرص-رغم وضعها الشائك- وبلغاريا رغم اعتبارها أسيوية من حيث الجذر الإثني(25) لسكانها، منذ 1997.
ويمكن القول إن القرار السياسي الغربي اتجاه تركيا فيه مسافة بين المصالح الأمريكية والمصالح الأوربية. بحيث اقتضت المصالح الأمريكية ضم تركيا إلى حشد القوات الغربية ضد كل "الأخطار": الشرق السوفييتي والشرق الأوسط العربي والإسلامي. في حين ساندت أاوربا التحفظ اليوناني من العضوية التركية في المؤسسات الغربية.
فالقرار السياسي الأمريكي استمر الى جانب تركيا منذ مبدأ ترومان في سنة 1947(26) إلى مبدأ كارتر في سنة 1979 إلى مطلع القرن الواحد والعشرين. ومنذ قيام الثورة الإيرانية أبرمت الولايات المتحدة معاهدة سنة 1981 "لتوسيع وتحسين التعاون الدفاعي" تجدد تلقائيا كل خمس سنوات. ويتمثل الوجود العسكري الأمريكي والأطلسي في ترسانة ضخمة من القواعد العسكرية تصل في مجملها إلى 61 قاعدة متنوعة الأحجام والمهام والأهداف. توفر كل بنية تحتية متينة لتوفير "ضربة نووية تكتيكية" في أي موقع لما تسميه أمريكا ب"قوس الأزمات" في شرق المتوسط. كما أصبح بموجب ذلك للولايات المتحدة أكثر من 7000 عسكري للعمل في مرافق القواعد العسكرية التركية. وتؤدي تلك القواعد للمؤسسات العسكرية الغربية أربع مهام دائمة واستراتيجية هي:
* قوة ردع احتياطية لأي غزو أجنبي
* جمع المعلومات ومراقبة منطقة واسعة تمتد من شمال أوربا إلى جنوب وغرب آسيا أي الساحل الشرقي للمتوسط.
* الإمداد والتموين وإيواء الجنود
* الإنذار المبكر والإتصالات (27)
كما تحتضن تركيا القيادة الإقليمية للحلف الأطلسي في قاعدة أزمير وقيادة الأسطول الجوي السادس.
موقع تركيا في
العقل السياسي الغربي
هذا الاحتكاك والتردد في إدماج تركيا في أوربا رغم حسمها المبكر والمؤكد في علمانيتها وانحيازها للغرب،يميل بالمتتبع إلى الاعتقاد بسريان نظرية صمويل هنتنغتون حول صراع الحضارات(28). فالقضية التركية تطبيق عملي لمضمونها من زاوية مسؤولية الغرب عن اتباع صراع الحضارات. فبالنظر إلى الخيط الرابط بين مواقف الأوربيين بصدد المسألة التركية، رغم المسافة الشاسعة فيما بينهم؛ سواء من حيث الانتماء الديني أو المذهبي أو الجغرافي أوالسياسي أو الفترة التاريخية. فموقفهم ذهب في نفس الاتجاه، منذ القرن الثامن عشر. فمن بطرس الاكبر الإمبراطور الروسي في بداية القرن الثـامن عشر(1672-1725) إلى حفيده نيكولا الأول(29) في منتصف القرن التاسع عشر، إلى مواقف كارل ماركس(30) المعتمدة في الصحافة الامريكية، متزامنة مع تصريحات نيكولا الأول وحرب القرم. ويرى صمويل هنتنغتون، لفهم التاريخ الروسي والشخصية الروسية، بل وحتى الواقع الروسي حاليا، أنه ينبغي للمرء أن يلتفت إلى مفهوم المجموعة الإثنية التركية الكبرى التي أقلقت الروس على مر العصور (31). بل يوسع دائرة تأثير الترك على علاقة المسلمين مع الغرب بالكامل، إذ يعتبر أن خط النـزاع بين المسلمين والغرب منذ القرن الرابع عشر إلى القرن السابع عشر ، شهد انقلاب ميزان القوى تماما على يد الأتراك، الذين مدوا سيطرتهم على الشرق الأوسط والبلقان، واستولوا على القسطنطينية، وحاصروا فيينا مرتين. وفي القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين فقط بعد انهيار القوة العثمانية، تمت سيطرة الغرب على معظم شمال إفريقيا والشرق الأوسط(32). وفي حرب الخليج الثانية، اعتبر أطراف التحالف ضد العراق سنة 1990 أربعة: الغرب، الروس، الترك، العرب(33).
وفي نظر الغرب دائما، يعتبر برنارد لويس(34)، أن الترك أخروا وثيرة التقدم الحضاري في المناطق الخاضعة لهم مدة ثلاثة قرون عندما منعوا استعمال الطبع الحجري للكتب عندما نقل اللاجئون من الأندلس معهم هذه التقنية إلى القسطنطينية، فمنعهم السلطان من طبع الكتب العربية والتركية لأنها مقدسة إلى أن تغيرت النظرة في أواخر القرن الثامن عشر. وخلال القرن العشرين، على العكس من ذلك، كان كمال أتاتورك الوحيد من بين الشرقيين الأواسط، مع أسلافه في تركيا الفتاة، الذي اتخذ موقفا واضحا بالانخراط في الحضـارة الغربية بالكامل(35).
مع أن العقل السياسي الغربي، في مستوى الفكر الإستراتيجي، صاغ مفهوم "قضية الشرق" ليحدد هدف الغرب في إسقاط النظام العثماني كهدف استراتيجي للأوربيين في القرن التاسع عشر، كمحور لتغيير ميزان القوى التاريخي في البحر الأبيض المتوسط، بعدما تمكنوا من السيطرة على العالم فيما بين القارات. وقد فسر جمال الدين الأفغاني خلفية العقل السياسي الغربي وراء مصطلح "قضية الشرق" رغبة الأوربيين في استعادة القسطنطينية من يد العثمانيين الترك (36)، بينما فسرها كارل ماركس في الصراع بين الغرب والأمبراطورية العثمانية على موقع لبنان وفلسطين(37).
خلاصات / أسئلة
أيمكن النظر إلى موقع تركيا في بنية المصالح والسياسات الغربية على أنه عنصر حوار أم عنصر صراع في المتوسط؟ والسؤال الأصلي الكامن وراء هذا السؤال هو: أتتكامل السياسة المتوسطية مع السياسة الأطلسية حاليا أم مازالت مرشحة للتناقض التاريخي معها؟ بمعنى هل بالإمكان الاستمرار في سياسة متوسطية خارج مظلة الغرب المتكاملة؟ إلى أي حد تستمر حالة الجزائر وليبيا والعراق من حول المتوسط؟ المضمون الكامن وراء هذه الأسئلة استراتيجي تاريخي وليس تنمويا سياسيا.
هل وصلت تركيا إلى نقطة الاطمئنان في سعيها نحو الهوية الأوربية حتى تصبح عنصر فاعل في حوار تكاملي داخل البحر الأبيض المتوسط أم مازالت عنصر تفكيك في الكيان المتوسطي استكمالا لهدفها التاريخي في إثبات جدارتها بالهوية الأوربية؟
دور التحالف العربي التركي
في توازنات المتوسط
الوضع الراهن سلبي
في العلاقات العربية التركية
ذكر مترجم مختارات من القصة التركــية المعاصرة(38)أننا لا نعرف من بين الشعراء الترك المعاصرين ولا الأقدمين سوى ناظم حكمت؛ ولا نتذكر سوى ظلال أسماء في السينما أو في الرواية. بينما نعرف عشرات الأسماء من الأوربيين. وهذا يعني أننا لا نملك خطة ثقافية عربية ذاتية للترجمة. مما راكم لدينا الجهل بما يجري في البلد الذي ظلت البلاد العربية تعتبره ممثل الأمة والحضارة لأكثر من خمسة قرون. نعم، نحتفظ بالصورة السلبية عن دور تركيا في محو الثقافة العربية من ذاكرة الأجيال العربية بسبب سياسة التتريك التي انتهجها السلاطين. مما دفع الباحثين إلى اعتبار السيطرة التركية –وبعدها الاستعمار الاوربي- مسؤولة عن صمت الثقافة العربية طيلة المدة المذكورة(39). مما جفف التربة العربية من المكونات العضوية اللغوية. فبقيت بذور فكر النهضة الفلسفية الرشدية معزولة، فانقض عليها الطير الأوربي. كما اعتبر المترجم المذكور أن أواصر العلاقة بين الأدبين التركي والعربي في أدنى مستوى لها، وهي دون علاقة بأي أدب آخر، وخاصة الآداب الأوربية، في حين يجب أن يكون الأمر على عكس ذلك. مع أن العلاقة بين العرب والترك من أقدم العلاقــــات بعد البعثة الإسلامية، إذ امتدت1240 سنة (1676م-1916م)(40).
وعندما نزن القطع التاريخي الذي حسمه مصطفى أتاتورك مع الإرث الشرقي العثماني لتركيا، نجد مساهمة قوميي العروبة في دفع تركيا نحو الطورانية المغربة. إذ لم يشهد العالم الإسلامي أمة وجدت من الأسباب الكافية للقطع النهائي مع الدين ومع الخط العربي في الكتابة عن طواعية ودونما استدراج استعماري مثلما فعل الأتراك لأنفسهم. مع العلم أن القطع السياسي الجمهوري المنتسب لمصطفى أتاتورك، لم يظهر معه فقط. بل بسبب قرن من الثورات العربية الجزئية ضد السلطة العثمانية، أبرزها التهديد القاتل الذي مارسه محمد علي وابنه إبراهيم على الوجود السياسي للإمبراطورية العثمانية خلال السنوات الثلاثين الأولى من القرن التاسع عشر، علما أن المانع الذي وقف في وجه الجيش المصري هو الإنذار الذي مارسته إنجلترا وفرنسا ضد محمد علي في القضية. ثم أعاد القوميون العرب الكرة في أوج الحرب العالمية الأولى للحصول على حصتهم من غنيمة "سايس بيكو". إلا أن ما لم يكن في حسبان الشريف حسين هو أن إنجلترا نفسها، ستمنح فلسطين للحركة الصهيونية سنة فقط بعد ذلك (1917.11.02) بموجب التزام من وزير خارجيتها بلفور بذلك.
الثمن العربي للسعي
التركي نحو الهوية الغربية
لم يقف القطع التركي مع الإرث الشرقي عند الفترة الكمالية (1923-1938). بل استمرت السلطات التركية في تفعيل تلك القطيعة عبر تقوية الارتباط السياسي العضوي مع الغرب ضد القضايا العربية والإسلامية مباشرة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، في مستويات استراتيجية نوعية وضخمة. فقد امتنعت تركيا عن حضور مفاوضات دولية، دعيت اليها حول استقلال أندونيسيا، الأسيوية الإسلامية، عن هولندا الأوربية العلمانية؛ بدعوى أنها ليست معنية لا من حيث الانتماء الجغرافي (بدأت تعتبر نفسها أوربية)، ولا من حيث الدين (أصبحت دولة علمانية). ونتيجة لذلك الموقف الغريب الذي سجلته في يناير 1949، قبلت في المجلس الأوربي بعده بثمانية أشهر (غشت 1949). كما أنها اتخذت موقفا غريبا آخر لتوطيد انتمائها للغرب، بحيث كانت أول دولة لمجتمع إسلامي تعترف بالكيان الصهيوني بعد سنة واحدة من تأسيسه في فلسطين: 1949 أيضا(41).
وفي الخمسينات، كانت تركيا إحدى ركائز السياسة البريطانية في الشرق الأوسط، إذ انضمت إلى حلف بغداد سنة 1955(42)؛ وفي نفس الوقت ركيزة السياسة الأمريكية في الشام، إذ مثلت قواعدها العسكرية منطلقا للجيش الامريكي الذي أنزل في لبنــان سنة 1958(43). في ظروف قيام الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا في نفس السنة، وكذلك سقوط الملكية في العراق بعد انقلاب عسكري مقرب من الشيوعيين بقيادة عبدالكريم قاسم.
أما اكتمال هذا التوجه خلال الربع الأخير من القرن (1974-2001). فقد تكيّف الدور التركي في حلف الشمال الأطلسي مع التحولات الإقليمية والعالمية. فهذه التحولات أفرزت أزمة البترول بعد حرب أكتوبر والتحول في كل من أفغانستان وإيران. وأما التحولات العالمية فتتلخص في انهيار حلف وارسو والاتحاد السوفياتي ويوغوزلافيا. وفي جميع الحالات ركز الغرب على الدور العسكري لتركيا في مواجهة المنطقة العربية في أكثر من مناسبة. فعندما قرر الحلفان وارسو وشمال الأطلسي تخفيظ جيوشهما، استثنيت تركيا من هذه السياسة في القواعد العسكرية القريبة من سوريا والعراق. وفي أزمة الخليج، أعلن قادة حلف الناتو يوم 1990.8.9 من بروكسيل التزام الحلف بالدفاع عن تركيا إذا تعرضت لعدوان عراقي، علما أن تركيا اتبعت سياسة استفزاز للعراق وسوريا منذ سنة 1989 بافتعال أزمة مـياه الفرات(44). وفي نفس السياق أصبحت تركيا البلد الأجنبي الثالث بعد إسرائيل ومصر الذي يحظى بمساعدات مالية سنوية ضخمة، مقابل الدور الجهوي المنوط بها تجاه الشرق العربي على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. وبالمناسبة تتوفر قاعدة أسكندرونة على بنية ضخمة للتخزين الاستراتيجي لقوات حلف الشمال الاطلسي في البحر المتوسط. وهي في جوار سوريا وعلى تراب إقليم متنازع عليه بين البلدين. وفي الجنوب الشرقي من تركيا في المنطقة الكردية، تحتضن تركيا قاعدة أنجيرليك الضخمة التي تعتبر موقعا جويا غربيا تحط به أعتى وأحدث الطائرات الأمريكية، بحيث استعملت ومازالت لمراقبة وضرب العراق.
وقد استعملت تركيا ضد الطرف العراقي سلاح الترانزيت. فأغلقت أنبوب النفط الذي يصدر النفط العراقي عبر أراضيها مما وفر لأمريكا 50 % من مردودية الحصار الاقتصادي ضده.
انعكاس التفكك العربي
على مسيرة التحديث التركي
من يتأمل التلكؤ الغربي في تبني الاختيار الأوربي التركي، يجد نفسه أمام الوجه الآخر للعطب. فبقدر سريان صراع الحضارات كخلفية مفترضة من جانب الغرب في هذه القضية، يسري افتراض مسؤولية المحيط التركي في دفع الغرب نحو الحذر والتمهل وطلب المزيد من التورط التركي العملي في المصالح والمواقف والمواقع الأوربية والغربية بدل التسرع نحو ابتلاع الصنارة التركية لقلب ميزان الهوية الأوربية من داخلها عبر مسلسل التطور السلمي الهادئ في ظل قواعد لعبة منزوعة الجلابيب الإديدولوجية القديمة، ركوبا على عري العلمانية وحيادها واستعمالا لميزان الكيل الكمي الديمقراطي وأخيرا ملء سيادة الشعب بالمضمون التاريخي "المعادي" للإسلام.
من جانب العرب، على امتداد شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ما هي ملامح ميثاق الأمن القومي العربي الذي سبق للجامعة العربية أن تبنته؟ هل للجامعة العربية توابث في هذا الأمن القومي؟ إذا كان انتماء العرب لمجموعة دول عدم الانحياز في فترة الحرب الباردة لدرء خطر الرؤوس النووية الأمركية والسوفياتية معا، هل فكر العرب اليوم في صيغة اتفاق بين الجامعة العربية وبين الحلف الأطلسي، على شاكلة أوربا الشرقية؟ أم أن العرب لم يمتلكوا قط سياسة للأمن القومي؟
هل يمكن للعلاقات التركية الغربية أن تحسم لها الانتماء الأوربي دون تطور نوعي في السياسة العربية كخلفية استراتجية ضخمة للسلوك التركي اتجاه الغرب؟
من دون هذا الوضوح الجماعي، هل ينفع المغرب والأردن وتونس وبلدان الخليج انفلاتهم لفائدة الغرب ببرغماتية ذيلية مهينة؟ وما عقدة المغاربة في الدعوة إلى تطبيق سياسة واضحة اتجاه الغرب بما فيها إمكانية اتفاقية شراكة وتعاون وثيق مع الحلف الأطلسي، مثلا؟(45). في المقابل، لم يغرب عن الولايات المتحدة أن تكوّن لجنة ميتشل الخاصة بمتابعة العملية السلمية في فلسطين على أن تكون تركيا إحدى الدول الأربع الممثلة فيها إلى جانب إسبانيا والنوريج والولايات المتحدة الأمريكية (46)
الخلاصة / السؤال
هل يملك المغرب بحثا علميا استراتيجيا مختصا بالحوض المتوسطي؟
كان من المفروض أن تبني سلطات الاستقلال مدارات علمية موازية، في مستوى البحث الجامعي، لانشغالات وزارة الشؤون الخارجية. كما أن المفروض أن يتأسس عمل العلاقات الخارجية على مؤسسات مختصة ومستقلة عن مراكز القرار الأخرى، أفقيا وعموديا. كما أن المفترض في النخب الملتزمة بقضايا الشأن العام، تحصيل رصيد منهجي في القضايا المذكورة.
الفريق الملحوظ الوحيد، في المغرب، في ميدان المتوسط هو مجموعة الدراسات والأبحاث("جيرم") بإشراف الحبيب المالكي، أما على الصعيد العربي والعالمي فالمعروف أن سمير أمين تعاون مع باحثين أتراك، لتوسيع منظوره حول العالم الثالث والجنوب، في أوربا وفي العالم، إضافة إلى المركز المصري للأبحاث الاستراتيجية التابع لمؤسسة الأهرام ومركز الدراسات الاستراتيجية والبحوث والتوثيق بلبنان المعني بشؤون الشرق الأوسط.
وبغض النظر عن كل حساب سياسوي استنادا إلى التجربة الحكومية، يمكن اعتبار مجموعة "جيرم" نواة علمية، بلورت نظرة مغربية بصدد الواجهة المتوسطية. لكن المجتمع المدني، هذا المفهوم الذي أدفأ العمل التطوعي ضمن القاموس الجديد للنظام الدولي والثقافي، مؤهل للمساهمة في تعميق وتوسيع الاهتمام بالمدارات السياسية والعلمية في الآن نفسه ، ذات البعد المتوسطي.
وتتجلى الأعطاب السياسية في عدم اعتبار وإدماج تلك التجربة العلمية في المواقع الإدارية الوزارية أو في السياسة الخارجية، بكيفية ثابتة مستمرة لكي تصبح مثمرة.
مع الإشارة إلى التقليد الفرنسي في تقليص البعد المتوسطي للمغرب مادام هذا البعد ملغيا باتفاقات سرية مع إسبانيا قصد اعتبار الواجهة المتوسطية المغربية امتدادا للوجود الاستعماري الإسباني في سبتة ومليلية والجزر المتوسطية المغربية المحتلة. وتقليد خضوع المخزن لهذا التواجد في إطار فهمه للعلاقات الخارجية التي تعينه على ضبط التوازنات الداخلية اللاديمقراطية، ولو بالمعنى الليبرالي نفسه.
لذلك، سيظل البعد المتوسطي للمغرب مقرونا بترتيب ديمقراطي عام في البلد، بل أحد عناوينه الكبرى. لكن الترتيب الداخلي مرتبط بمدى قدرة النخب - الشمالية المعنية مصلحيا بهذا الترتيب- على فهم الدور الموكول للمتوسط وللمغرب ضمنه في مختلف السيناريوهات الممكنة. مثلا تخويل مسؤوليات رمزية للإسبان في حلف الشمال الأطلسي. هذه المسؤولية المغربية في تحليل الوضع التركي في المتوسط، تستند إلى عدة حيثيات، تجعل المغرب منفردا بوضع خاص مع تركيا، لأنه تميز فعلا بخصوصية وضعيته السياسية لما كانت الإمبراطورية العثمانية وإسبانيا الندين العظيمين في ميزان قوى حوض المتوسط (القرون 16م و17م و18م).
إن تحليل الدور التاريخي لتركيا بمقياس الإطلاع والتسامح، كفيل بتغيير المقاربة بين عرب المتوسط وأتراك المتوسط. وهذا وجه آخر للمغاربة، على الأقل في البداية من باب القدوة الحسنة، وهذه مهام المستقبل لأسماء علمية كبرى من مختلف الأجيال، مثل العروي والجابري والمنجرة والخطيبي والحمودي والطوزي...
ونعلم كم توضع العراقيل في وجه تركيا لكي لا تكتمل صفتها الأوربية. في حين استعمل الغرب تركيا في تقوية مواقعه في الشرق الاوسط وآسيا الوسطى والبلقان والقوقاز. وإذا توقفنا عند طموح المغرب للعب دور أكبر في مستقبل المتوسط والنظام العالمي الجديد، يمكن التأكيد أن على المغاربة السعي لفهم جديد لأهم القوى المكونة للمتوسط.
امتياز المغاربة لفهم الدور التركي
ليس للمغاربة عقدة ناتجة عن احتلال تركي سابق. هذه ميزة أولى وسبب لتوفير موضوعية المغاربة في مقاربة المسـألة التركية ضمن المتوسط. أما إذا تمكنت النخب المغربية من تحويل حالة اللامبالاة اتجاه تركيا إلى اهتمام علمي وسياسي بما يجري في هذا البلد وبما أحاط ويحيط به، فالخام المتوفر من رصيد العلاقات بين تركيا والمغرب ليس قليلا. مما يعطي مادة أولى لفرز نوع العلاقات التي صبغت ماضي البلدين، إيجابا وسلبا. فلو انطلقنا من السطح اليومي إلى الأرشيف التاريخي والثقافي، فسنجد أن حضور تركيا في المغرب مستمر منذ النفوذ التركي في شمال إفريقيا إلى اليوم.
فخلال سنة ألفين، انتشر اسم المغني التركي "طاركان"بين الشباب المغربي عن طريق قناة إم.تي في. بواسطة ألبومه، المطبوع بأغنيته الخفيفة الموسومة بصوت القبلة. وقبل ذلك بقليل وجدت الأفلام التركية عبر قنوات البارابول، تجاوبا لدى الأوساط الشعبية المغربية لتشابهها بالأفلام المصرية، سواء من حيث البناء الدرامى أو من حيث الموسيقى التصويرية أو من حيث ملامح الممثلين والديكور.
أما الشباب اليساري المغربي في السبعينات فقد التقط مقاطع من أشعار ناظم حكمت، وقد انتشرت بعض عباراته بينهم وسيلة للتعبئة، وبعد خفوت اللهيب النضالي الأول ظهرت تركيا مرة أخرى في شخص المخرجين السينمائيين والكتاب.
أما في المعيش الشعبي المغربي، فقد سرد المرحوم محمد بن تاويت الكلمات التركية الجارية يوميا على ألسن المغاربة في الوسط الأسري عبر قاموس المطبخ، مثل الطنجرة والطاوة والطبسيل والبقريج، وقاموس اللباس والحياكة مثل الطربوش والبرشمان والرزة والشال...وغيره كثير(47).
وعند الرجوع إلى فترة الحركة الوطنية، يمكن لمس غياب أي أثر لثورة مصطفى كمال أتاتورك في التنظير الوطني المغربي مقارنة مع التأثير التركي في تونس بورقيبية (من شكل العَلَم إلى القوانين العلمانية التونسية...).
قبل ذلك سجل علال الفاسي شد رحال محمد العتابي سنة 1913 من المغرب إلى الأستانة قصد طلب عون السلطان العثماني محمد رشاد الخامس(السلطان ما قبل الأخير) لمقاومة الاستعمار، إذ بقي هناك أكثر من سنتين (1913-1914-1915)، لكن مصادفة الموقف العربي السلبي من العثمانيين في الحرب العالمية الأولى جعل الموقف العثمـاني سلبيا(48). وذكر علال الفاسي نفسه أن السلطان العثماني بعث إلى المولى عبد الحفيظ في منفاه بمدريد مباشرة بعد خلعه من العرش، قصد عرض المساعدة التركية عليه لمقاومة فرنسا لكن المولى عبد الحفيظ لم يستجب (49).
وهذا لا ينفي الارتباط المباشر للعثمانيين مع القضايا المغربية في مراحل سابقة. فقد شكل السعديون في القرن السادس عشر عنصر تشويش أمام السياسة الدولية للعثمانيين، بسبب بعثرة حساب التوازنات الخارجية العثمانية، خصوصا عندما نشطت مقاومة المغاربة ضد الوجود البرتغالي على الساحل الأطلنطي المغربي، بحيث اضطر الملك البرتغالي إلى الانسحاب من الثغور المغربية في وقت كان التنافس التركي الإسباني البرتغالي على أشده داخل المتوسط وخارجه. لذلك أمر السلطان العثماني بتنفيذ مؤامرة اغتيال السلطان المغربي السعدي الغالب بأمر الله، وتم ذلك فعلا. لكن التشويش المتبادل، في منتصف القرن السادس عشر، تحول إلى تحالف خلال الربع الأخير منه. فعندما تفاقمت التناقضات الداخلية السعدية، اضطر بعض أفراد الأمير السعدي المغتال من طرف العثمانيين إلى اللجوء عند العثمانيين الأتراك في الجزائر. ومن بين اللاجئين الأمير الشاب عبد الملك بن الغالب بأمر الله، الذي استغل وجوده بالجزائر للتدرب على خوض المعارك الحربية في صفوف العثمانيين، فأسر من طرف الإسبان، ثم شارك في معركة ثانية انتصر فيها الترك على الإسبان.
هذه الشجاعة النادرة في تجربة عبد الملك السعدي زرعت الثقة به في قلب السلطان العثماني، فمنحه الترك مساعدتهم لمواجهة الملك البرتغالي سيباستيان سنة 1578، وبواسطة المساعدة اللوجستيكية التركية انتصر المغاربة في آخر معركة مدوية لهم ضد الإبيريين: معركة وادي المخازن قرب القصر الكبير.
لذلك كان المغزى من التذكير بما للعلاقات المغربية التركية من امتدادات وانقطاعات، إعطاء المتتبع والمهتم، مسلسل المعطيات التي تثبث امتداد العلاقة بين هذين البلدين، على مسافة 3800 كلم؛ وبالتالي إثباث الدليل على حيوية أطراف المتوسط ما دام الأمر يتعلق بمدلول المتوسط كفضاء للحوار.
· مـلـحـق
تعريـف:
يعرف الدكتور مصطفى طراقجي بلاده بما يلي: تقع تركيا في موقع مهم بين قارتي آسيا وأوربا، وفي وسط مثلث البلقان والقوقاز والشرق الأوسط، بمساحة 780 ألف كلم2. وعبرتركيا تمر الخطوط البرية والحديدية من أوربا إلى آسيا، وعبرها –إضافة إلى إيران- تتواصل روسيا مع منطقة الشرق الأوسط. كما بدأت مؤخرا مشاريع نقل النفط القزويني عبر تركيا إلى أوربا والعالم.
وتركيا البلد الأغنى في الشرق الأوسط بالمياه، إذ ينبع النهران الأكثر أهمية في سوريا والعراق من تركيا. كما يتيح اتساع جغرافية البلاد إلى إجراء مناورات عسكرية مشتركة للقوات البرية والبحرية والجوية. كما أنها بلد مكتف زراعيا وغني بالموارد الطبيعية مثل الحديد والفحم والكروم والنحاس وتغطي مواردها من النفط ثلث حاجاتها.
وتركيا ليست جسرا جغرافيا بين أوربا والشرق الأوسط فحسب، بل كذلك جسر اجتماعي –ثقافي، لا يمكن التفكير لا بأوربا ولا بالشرق الأوسط من دون تركيا.
ومنذ عام 1923، حيث تأسست الجمهورية، وتركيا تمضي بخطوات ثابتة نحو التقدم على مختلف الصعد، الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية. وفي عام 2000 قارب عدد سكان تركيا 65 مليون نسمة، بنسبة تكاثر بلغت 15 في الألف، 99 في المائة منهم مسلمون. يعتمد نظامها العلمانية والديمقراطية وتعدد الأحزاب. وفي عام 1980 بدأت سياسة الانفتاح الاقتصادي بحيث شكل القطاع الخاص عام 1995 نحو 86 % من الاقتصاد التركي، بحيث تنتمي 445 من أصل 500 مؤسسة كبيرة إلى القطاع الخاص، أما نفود الاقتصاد التركي فيتلخص في استثمار 24 مليار دولار من الرأسمال التركي في الخارج موزعا بين 22 دولة. في حين تصل الديون الأجنبية في ذمة تركيا 100 مليار دولار. أما الاستثمارات الأجنبية بتركيا فبلغت 22 مليار دولار. يتوزع الاقتصاد التركي بين الخدمات بحصة الأسد (62%) ثم الصـــناعة (22 %) فالزراعة (16%) (50).
1- تعبير "مظلة" من تصريح للمسؤل عن خارجية الإتحاد الأوربي، خابيير صولانا - خلال زيارة له للمغرب (الأسبوع الأول من يوليوز 2001)- للقناة التلفزية الثانية.
2- بعدما فشل الأمويون في فتحها بمحاصرتها ثلاث مرات دون جدوى من قبل.
3- هذا الفشل راجع إلى عجز النخبة التركية على مواصلة الثورة الكمالية بعد وفاته، وفي نفس الوقت لاقتصار دور الغرب في الحفاظ على مصالحه دون رغبة في توسيع الدائرة الأوربية بضم الكيان التركي. وبالتالي فشل الاقتصاد التركي في مواصلة الإقلاع نحو المرحلة الاستهلاكية في المستوى الإسباني أو الإيطالي، مادامت تركيا تملك نفس الحجم الديمغرافي للبلدان الأوربية الأكثر سكانا: ألمانيا وإيطاليا وفرنسا والمملكة المتحدة.
4- هذه المقارنة موجودة في موسوعة إنكارطا الإليكترونية بأقلام وتفكير غربي. (إنكارطا 2000- ميكروسوفت كوربوريشن)
5- لقد جرب الغرب الأوربي لأول مرة في تاريخ الحروب القصف الجوي بالقنابل بواسطة الطائرات في هذه الحرب الإيطالية ضد الجيش التركي في ليبيا سنة 1911. وكان مصطفى كمال باشا موجودا ضمن الضباط الترك الذين يقودون الجيش المختلط العربي التركي لمقاومة الغزو الإيطالي.
6- ((علما أن هذا التنظيم التركي العثماني بدأ سريا وأعلن أنه معني بتطبيق مبادئ الثورة الفرنسية لسنة 1789))
7- موسوعة إنكارطا، ميكروسوفت كوربوريشن.2000.
8- مازالت تركيا إلى اليوم (2001) تعتبر البلد الأجنبي الأكثر تورطا في قضية جمهورية الشيشان التابعة لروسيا الاتحادية. ولو أن طيلة الحكم الملكي في عهد آل رومانوف (1627-1917) حاربت روسيا بلاد إيران لتمد سلطتها فوق القوقاز. المصدر: برنامج "ماتحت الخرائط"- قناة آرطي-الفرنسية الألمانية، بتاريخ 2001.7.7
9- غاليبولي هو الإسم الأوربي للقطعة الترابية التابعة لتركيا والواقعة فوق أوربا وهي المنطقة المحيطة بإسطنبول ومضيق البوسفور والدردنيل، يرجع الفضل للقيادة العسكرية الحازمة لمصطفى كمال على رأس الجيش التركي في مواجهة تحالف عسكري أنجليزي فرنسي خلال الحرب الأولى سنة 1915 والتي انتهت بهزيمة مدوية للتحالف الأنجليزي الفرنسي.
10- نفذ محمود شوكت، الضابط العسكري في الجيش التركي انقلابا عسكريا ضد السلطان عبد الحميد الثاني سنة 1909، وولى بعده السلطان محمد راشد الخامس
11- لمقارنة الثورة الكمالية مع الثورة الروسية: اشتبهت الحكومة الروسية الثورية المؤقتة-فبراير/اكتوبر1917- بالموقف التركي الكمالي، أي الحرية الليبرالية مع الدفاع عن الوطن أي الاستمرار في الحرب، في حين قرر البلاشفة انسحاب روسيا من الحرب وتغيير النظام.
12- يعتبر الأوربيون أن الغرب تعامل في مفاوضات لوزان(شتاء1922 وربيع وصيف 1923) مع تركيا لأول مرة كـ"قوة غربية،" انظر موسوعة انكارطا، ميكروسوفت كوربوريشن.
13- انظر موسوعة إنكارطا2000- ميكروسوفت كوربوريشن.
14- سمير أمين وفيصل ياشير: المتوسط في العالم. طوبقال/ لاديكوفيرت.1988.ص70.
15- سمير أمين وفيصل ياشير: المتوسط في العالم. طوبقال/ لاديكوفيرت.1988.ص71.
16- سمير أمين وفيصل ياشير: المتوسط في العالم. طوبقال/ لاديكوفيرت.1988.ص72.
17- المصدر نفسه
18- المصدر نفسه.ص73.
19- سمير أمين وفيصل ياشير: المتوسط في العالم. طوبقال/ لاديكوفيرت.1988.ص73.
20- سطر صمويل هنتنغتون ظاهرة "دول الاسلحة" مشيرا الى صاحب التسمية الاصلي:تشارلز كرواتهامر، في مقالة صراع الحضارات.
21- صحيفة اليوم السابع-باريس. بتاريخ 1990.8.20-محمد خليفة-ص22 و23.
22-صحيفة اليوم السابع-باريس. بتاريخ 1990.8.20-محمد خليفة-ص22 و23.ومجلة شؤون المتوسط تؤكد ان تركيا شاركت في حرب كوريا بوحدة عسكرية مؤلفة من 4500 جندي تركي بقرار حكومي دون استشارة لا البرلمان ولا بالاحرى المعارضة. عدد 103. ص202.
23- مجلة شؤون الأوسط-صيف 2001.عدد103-ص202.
24- الاتحاد الاوربي،موسوعة ميكروسوفت، إنكارطا2000. ميكروسوفت كربوريشن
25- من حيث الجذور الإثنية لشعوب أوربا تعتبر المجر وفنلندا وبلغاريا ذات أصول أسيوية تماما مثل تركيا.
26- مجلة شؤون الأوسط-صيف 2001.عدد103-ص202. يشرح مبدأ ترومان الذي أعلن في 12 مارس 1947 الأهمية الاستراتيجية لتركيا علنا:"إن وحدة تركيا ضرورية من اجل الحفاظ على نظام الشرق الأوسط".
27- صحيفة اليوم السابع-باريس. بتاريخ 1990.8.20-محمد خليفة-ص22 و23
28- صمويل هنتنغتون: أستاذ علم السياسة ومدير معهد للدراسات الاستراتيجية في جامعة هارفارد. أنجز بحثه حول صراع الحضارات، كجزء من مشروع المعهد يرتبط ب"بيئة الامن المتغيرة والمصالح الوطنية الامريكية" صدر المقال مترجما بالعربية في مجلة شؤون الأوسط عدد يناير/فبراير1994.
29- أباطرة روسيا والمسألة التركية=
(أ)من وصية بطرس الاكبر(1672-1725)-"ينبغي التقرب قدر الإمكان من استنبول..حيث أنه من القضايا المسلمة ان من يحكم على استنبول يمكنه حقيقة ان يحكم على الدنيا بأسرها. فلذلك ينبغي إحداث الحروب المتتابعة مع الدولة العثمانية… وينبغي ضبط البحر الاسود شيئا فشيئا، وذلك لنتمكن من الوصول الى خليج البصرة، وربما نتمكن من اعادة تجارة الممالك الشرقية القديمة الى بلاد الشام، والوصول منها الى بلاد الهند التي هي بمثابة مخزن للدنيا، وبهذه الوسيلة نستغني عن ذهب انجلترا."
(ب)من تصريح لنيكولا الاول- قيصر روسيا نحن امام رجل مريض جدا…لنتفاهم فيما بيننا لتقاسم تركته. وبصراحة سوف تحدث مصيبة كبرى اذا تمكن هذا الرجل من الافلات من ايدينا قبل ان نكون قد اتخذنا كل التدابير اللازمة في شأن تركته".- من كتاب تاريخ الدولة العلية العثمانية محمد فريد بك. بيروت.ص332.
30-مواقف كارل ماركس حول موقع القسطنطينية في المصير التركي العثماني
(أ) "القسطنطينية مدينة خالدة، روما الشرق. في ظل الأباطرة االإغريق، امتجزت فيها الحضارة الغربية مع البربرية الشرقية. وتحت الحكم التركي، غرقت الحضارة الغربية في البربرية الشرقية بحيث أصبحت القسطنطينية، وهي مركز إمراطورية تيوقراطية، حاجزا في وجه التقدم الأوربي."( كارل ماركس: افتتاحية نيويورك دايلي تريبيون. 1853.8.12.)
(ب) "الصراع حول القسطنطينية بين القوى الغربية وروسيا يتلخص في هذا السؤال: هل تنحني الحضارة البزنطية امام الحضارة الغربية؟ أم تنبعث روحها من جديد في شكل أخطر وأكثر جبروتاً!( كارل ماركس: افتتاحية نيويورك دايلي تريبيون. 1853.8.12.)
(ج)"القسطنطينية جسر من الذهب، ممدود مابين الشرق والغرب. والحضارة الغربية التي تشبه الشمس، لا يمكنها استكمال دورتها حول العالم، دون المرور فوق هذا الجسر الذهبي! وهي من أجل ذلك، لا بد من الدخول في الحرب مع روسيا."( كارل ماركس: افتتاحية نيويورك دايلي تريبيون. 1853.8.12.)
31- صمويل هنتنغتون: صراع الحضارات، الترجمة العربية، مجلة شؤون الأوسط. عدد 26. بتاريخ يناير/فبراير1994. ص89.
32- صمويل هنتنغتون: صراع الحضارات، الترجمة العربية، مجلة شؤون الأوسط. عدد 26. بتاريخ يناير/فبراير1994. ص87.
33- صمويل هنتنغتون: صراع الحضارات، الترجمة العربية، مجلة شؤون الأوسط. عدد 26. بتاريخ يناير/فبراير1994. ص91.
34- أستاذ الدراسات حول الشرق الاوسط في جامعة برنستون.
35-برنار لويس: الغرب والشرق الأوسط. مجلة شؤون الأوسط.عدد88-بتاريخ اكتوبر1999.ص54 و55.
36- جمال الدين الافغاني: الاعمال الكاملة، الجزء الاول.
37- كارل ماركس: روسيا. المطابع المتحدة.10-18.باريس.1974.
38- القصة التركية المعاصرة: ترجمة عبدالقادر عبداللي. ابداعات عالمية. ابريل2001.ص.7.
39- روجي غارودي: وعود الإسلام.
40-القصة التركية المعاصرة: ترجمة عبدالقادر عبداللي. ابداعات عالمية. ابريل2001.ص.7.
41- مجلة شؤون المتوسط.عدد 103. صيف 2001. ص202.
42- ضم حلف بغداد كل من بريطانيا وتركيا وايران بعد عودة الشاه واسقاط ثورة مصدق والعراق في عهد الملك فيصل وحكومة الديكتاتور نوري السعيد ولكنه سقط بسوط النظام الملكي سنة 1958.
43-صحيفة اليوم السابع. باريس. 20غشت 1990. ص.22. ممد خليفة: الوجود الامريكي والاطلسي في تركيا: الخارطة والتاريخ.
44-صحيفة اليوم السابع. باريس. 20غشت 1990. ص.22. ممد خليفة: الوجود الامريكي والاطلسي في تركيا: الخارطة والتاريخ.
45- تتضمن وثيقة الاستقلال لسنة 1944 للحركة الوطنية المغربية تأكيد مبكر للمغاربة على هذا الإحتمال. والعجيب ان أي محلل استراتيجي بين المغاربة لم يشر لا بالتبني ولا بالنقد للفقرة المعنية، والحال ان الحلفاء صاغوا وثيقتهم قبل قيام الحلف العسكري. واليوم تقتضي موازين القوى الدولية استثمار هذا الرصيد في المواقف المغربية الكامنة.
46- تتكون لجنة ميتشل من سليمان ديميريل(الرئيس التاسع السابق لتركيا) وتوربرن جاغلاند (وزير خارجية النرويج) وخابيير سولانا (الممثل الاعلى للاتحاد الاوربي للشؤون الامنية والخارجية) وجورج ميتشل (رئيس سابق للاغلبية في مجلس الشيوخ الامريكي) ووارن دورمن (عضو سابق في مجلس الشيوخ الامريكي).
47- جريدة الانوار الصادرة بتطوان-شمال المغرب- في أربعينات القرن 20. تحت إشراف أحمد امدينة.
48-ثورة شريف مكة الحسين بن علي بتحالف مع الانجليز في الحرب العالمية الاولى.
49- انظر كتاب الحركات الاستقلالية- علال الفاسي- الطبعة الصادرة بتطوان-شمال المغرب.
50- مجلة شؤون الأوسط: مصطفى طراقجي. دكتور في التاريخ. من مقالة "مقترحات لتطوير العلاقات العربية التركية".



#أحمد_الخمسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يستفيد من حرية الصحافة الأنظمة أم الشعوب؟
- الجدل الصاخب بين شبق الهوية وعبق الحرية


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخمسي - تركيا: حجر الزاوية في حوار المتوسط