أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - نبيل عودة - الفيتوري : في هذا الزمن الساقط ، يسقط حتى الشعراء















المزيد.....

الفيتوري : في هذا الزمن الساقط ، يسقط حتى الشعراء


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 1613 - 2006 / 7 / 16 - 00:04
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


حالتنا الشعرية : " تفاهة الأعمال وعظمة الأوهام (قول لماركس)

كثرت الاجتهادات الشعرية في الأداب العالمية لتفسير معنى الشعر , أو لأعطاء مقاربة تكشف المضمون الحقيقي للشعر . ولو اني لست من المهتمين بهذة التفسيرات وأرى فيها انشغالاً غير مجد , الا أن بعض التفسيرات تظهر المستوى المتدني للوعي الشعري , وللأسف اصحابها يرفلون بملابس أدبية ونقدية أوسع كثيراً من حجم اجسامهم وأكثر امتداداً من ارتفاع قاماتهم , والاساسي في الموضوع , أن ما يطرحونه من تفسيرات , سطحي ومتيبس فكراً , ويعتمد احياناً على دلالات تراثية , جميلة بحد ذاتها , ولكنها لا تخرج عن كونها صيغة جمالية , بعيدة عن التفسير الحضاري لمفهوم الشعر ومضمونه , وهذا يؤكد سطحية التفكير ورعونته , والابتذال في الفهم الجمالي , الأمر الذي يحط من القيم الروحية للأنسان , ويهبط الى مستويات من الفهم المحدود , السوقي الضيق .
إن الابتذال في الفهم الأدبي , هو من أخطر الأجتهادات الثقافية , ويقود الى التستر بالأقوال الطنانة المنمقة على الغالب, أو التستر بالحكمة الكاذبة , ويجيئني قول لكارل ماركس عن الاجتهادات الثقافية المماثلة التي عملياً لم تتوقف منذ بدأ العقل البشري مسيرته الفكرية , إذ وصف ماركس الابتذال في التفكير بـ "تفاهة الأعمال وعظمة الأوهام" وهذا ما يفسر الكثير من مجريات حياتنا الثقافية اليوم ابداعاً ونقداً.
مثلاً وصف احدهم الشعر " بأنه يعبر عن احاسيس الإنسان الداخلية"
المفهوم العلمي للأحاسيس , أنها صيغة أخلاقية تتعلق بالجانب الإنفعالي العاطفي للأنسان وهي تمثل الجانب الذاتي للفرد (الاندفدوال) , أي انها ليست ظاهرة متشابهة في نتائجها لدى جميع البشر . إذن النقطة الأولى , لو كان مفهوم الشعر هو فقط التعبير عن أحاسيس الإنسان الداخلية ...
لأصبحنا كلنا شعراء . الأحاسيس لها قيمة ذاتية قد تضيف لجمالية التعبير , ولكن من المبتذل إعتماد هذه الصيغة لتفسير ظاهرة ادبية هامة مثل الشعر ... لأن الأحاسيس يكتسبها الأنسان غريزياً , ولا يمكن للغرائز أن تصبح التفسير المعتمد الواعي لمفهوم الشعر , حسب ما قرر البعض انطلاقاً من ذاتيتة وقصور وعيه .
والكثيرون يذهبون للاستشهاد ببيت شعر لمحمد الفراتي الذي يقول فيه :
ما الشعر الا شعور المرء يرسله
عفو البديهة عن صدق وإيمان

لو استعرضنا الشعر الذي يكتب في هذه الايام , لما وجدنا حتى شعور ’ أنما كتابة من خارج الذاتية الفردية والأنسانية , ومن خارج المشاعر , أي بغياب لأبسط شروط الأبداع , أي أبدع كان وليس الشعر تحديداً .
ورأيت من المفيد في هذه المداخلة , القابلة للنقاش الفكري والتطوير , أن أطرح ما قاله احد شعراء العربية الكبار , الذين أجزم أنه لا خلاف على , شاعريتهم ومكانتهم الشعرية في الثقافة العربية المعاصرة , وأقصد الشاعر السوداني الكبير محمد الفيتوري . صاحب دواوين شعرية لا تنسى " عاشق من أفريقيا" وأغاني افريقيا" و"أحزان افريقيا" ومنذ فترة غير بعيدة أصدر ديوانه الشعري الجديد.
يقول الفيتوري :"نحن كشعراء في هذا العصر , فقدنا أنفسنا وفقدنا علاقتنا بالواقع الاجتماعي , وفقدنا قيمنا الانسانية , ولم نعد نمثل شيئاً على الأطلاق , لذلك يزعم بعض المدعين انهم شعراء . أنهم مجرد ضباب ومجرد فراغ , يسيرون في الهواء الطلق بدون ماض , وبدون مستقبل"
لو قرأت هذا التقييم بدون اسم الفيتوري , لظننت ان كاتبه اديب محلي يقلقه ما يدور في ثقافتنا العربية داخل اسرائيل , وخاصة في شعرنا .
الفيتوري يتحدث عن الواقع الشعري العربي , وهو بالتأكيد أفضل مئات المرات من الواقع الشعري والفوضوي العربي المحلي (داخل اسرائيل) الشعر الذي ينشر هو شعر بالتشبية الشكلي فقط , حتى لو اجتهد المجتهدون في الصاقة بالشعر , ورفع شأن أصحابه والكتابه الساذجة ( النقدية ؟ ), والأطناب والتوسل والتسول من القراء للحصول على بعض المصداقية في الافتراء الممارس . هل بالصدفة ان الفيتوري يعلن بقوة "ساقطون نحن الشعراء كلنا" لأنه في هذا الزمن الساقط يسقط كل شيء حتى الشعراء ؟

أرجو أن يفهم القراء مواقف الفيتوري ومواقفي بالمفاهيم النسبية , أي ان الموقف ليس موقفاً مطلقاً إنما موقف يدعي غياب الشعر عن الأكثرية المطلقة لما ينشر عنوة تحت هذ ا الباب .
يقول الفيتوري " الشعر لا بد أن يكون له قضية , الشعر لا ينبع من الفراغ والشعر لا ينبع من الأرض فقط , بل ينبع من الأنسان والتصاقة بالأرض والتراب , والشعر في هذا التصور ينبع من البحث في الشكل الشعري "
عملياً يضع الفيتوري الوعي الانساني سابقاً لكل احساس غريزي . ويقول " كلنا ساقطون بنسب متفاوته في هذا العصر " ويعطي نموذجاً هاماً عن الشعر الذي يبقى على مدى العصور , من المتنبي حتى عصر أحمد شوقي الى عصر شعراء المهجر جبران ونعيمة ونسيب عريضة وأبو ماضي , ويقول : عندما نقرأ هؤلاء الشعراء نجد أنهم لا يغادرون مجتماعتهم ... ليس بالجسد , لكن بالفكر ... وليس بالروح ولكن بالواقع , كانوا دائماً ضمن حركة المجتمع الأنساني والمجتمع العربي والمجتمع الفكري , لذلك وجدوا في التاريخ واستطاعوا أن يغيروا"
ويقول : كشعراء اصبحنا مثل المغنين في هذا العصر ,مثل راقصات هذا العصر , مثل جماعات ال "فيديو كليب" يعتمدون على ايقاعات , على سيقان وعلى أفخاذ ثم لا شيء , إلا ابتسامات باهته ورؤوس محنطة وافكار ساقطة ورؤى مضمحلة وتوجهات نحو عصر خاو من الابداع , من الروعة , من الجمال ومن القيم الحقيقية للأنسان"
لن أعط نماذج محلية , حتى لا أواجه بالشتم والقذف والتهجمات من بعض صعاليق النقد والشعر , رغم اني لست ممن يجفلون من الحثالات الادبية , ولكن باستطاعته القارىء أن يجبر نفسه على قراءة ما ينشر تحت صيغة الشعر ويقارنه ، ليس بما يقوله نبيل عودة أنما بما يقوله محمد الفيتوري أكبر شعراء عصرنا .
إذن الاكتفاء بالجملة المسكينة ان الشعر عبارة عن مجرد احاسيس هي تسطيح للشعر وتسخيف للأبداع وليس غرابة في هذا العصر الساقط , سياسياً واجتماعياً وادبيا ودينياً , أن يسقط الشعر والشعراء ايضاً . وان لا يبقى الا بعض التافهين يتصارعون على "السلطة في روما " قبل سقوط الإمبراطورية النهائي.



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بصراحة مؤلمة : من يملك شرعية القرار في فلسطين ولبنان ؟
- الكاتب سامي ميخائيل العراقي الذي صار اسرائيليا
- كنت معها - قصة
- حتى لا يدفع الابرياء ثمن الجنون السياسي !!
- ذباب على موائد الادب
- خلفية الاجتياح الاسرائيلي للقطاع
- دراسة علمية رصينة حول اليهودية بقلم مفكر وناقد عربي
- رسالة الى وزير الامن عمير بيرتس / سقوط امنون دانكنر
- هل يتحول المجتمع العربي الى مجتمع لا ثقافي ؟
- صحافة بلا تفكير وبلا تنوير لا مستقبل لها
- الفجر يولد من جديد
- على بساط البحث من يخاف من المراكز الثقافية في البلدات العربي ...
- ماذا تبقى من ثقافتنا المحلية
- من اجل صياغة برنامج فكري سياسي حديث
- الحداثة كجذور للحضارة الانسانية
- درس في النقد - 2
- شاعر أصيل
- درس في النقد
- تسالي
- المطار


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - نبيل عودة - الفيتوري : في هذا الزمن الساقط ، يسقط حتى الشعراء