أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - صباح محسن جاسم - بيضتا هرّ - قصة قصيرة -















المزيد.....

بيضتا هرّ - قصة قصيرة -


صباح محسن جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1613 - 2006 / 7 / 16 - 12:23
المحور: كتابات ساخرة
    


أعرف سلفا اشمئزازكم مما أنا آتٍ اليه. سيلومني من يلوم ويعيب عليّ عائبٌ مرتاح أو مهموم . على أني لست في معرض طرح فكرة من الفكر بقدر ما جئت لأشكي هما صغيرا بموازاة همومي الكبيرة والعظيمة التي عجزت بل مللت من خوض غمارها كوني ما عدت لأستوعب ما حصل ويحصل!
بيتنا كباقي بيوتات محلتنا الشرقية في بنائها أمسى مرتعا لتسكع القطط حتى بات خارج سيطرتنا وما جاورنا من الدور. حيث تتنقل القطط بكامل حريتها بين البيوت بحثا عن طعام وربما تظهر وداعة ًًتعودتها كي تضمن حصتها من رزق يومي تسد به جوعها ثم تتوسد ظهر جدار تحت فيء شجرة قريبا من روائح المطبخ لتمضي بقية نهارها متثائبة كسولة وربما ضجرة أيضا.
فجأة أضحت القطط تدور مهرولة تتصارخ على غير عادتها بحثا عن طعام أو حتى ملاذ يأويها سيما إثر هدير طائرات غزت فضاء منطقتنا وجلـَبة عجلات عسكرية مختلفة على غير ما تعودنا على رؤيته سابقا.
شحت علينا الخدمات وقل سفرنا وصارت خطوط النار التي ألفناها على حدود البلاد قد ضيقت علينا خناقها فجاورتنا عند حدود جارنا وشارع قريتنا ومركز المدينة في سوقها الصغير المتواضع وبمحاذاة جامعها الكبير.
العصافير التي شد ما كانت تستأنس لوجودنا ما عادت كذلك . سرعان ما نفرت حركتنا أو لأي صوت عفوي يصدر منّا فتهب مرتبكة خائفة هاربة الى أعلى الشجر.
صرت أتأمل حمار عربة النقل وأفـْقه سر صمته المطبق وحزنه العميق. عدا كائن واحد قظ مضجعي وصار ينافسني في غداتي ورواحي وأنا أتابع تأمين رزق عائلتي ليختلس أية فرصة يغتنمها فيدلف مطبخ منزلنا ولأعثر عليه وسط كيس الأزبال بلون فروته الأسود ، مقلبا محتوياته بحثا عما يسد جوعه. صار بمقدوره ايضا مد قائمه الأمامي ساحبا اليه باب المشبك السلكي الثانوي فينسلّ كواحد من أهل الدار. ربما حاول أيضا فتح باب الثلاجة بنفس الطريقة لولا عناد الباب الثقيل.
ما زاد في حيرتي عدم التزامه بآداب الطعام ، عناده ، تحديه وعدم مبالاته لصراخي وتهديدي إياه حتى إذا ما تأكد مما في يدي من أداة ثقيلة تستحق معها ردة فعله فيهرول مختالا وكأن ما جرى ويجري لا يعنيه البتة.
وهو ينكص عائدا بطريقته الملوكية وكبريائه العنيد وان ينكفيء راجعا من حيث أتى يخطو خطواته المهرولة كاشفا عن عجيزته العجفاء وبروز خصيتيه المتعانقتين كثمرتي تين توأمتين . يزيدني غيضا طريقة استخفافه بكل تهديداتي ووعيدي وحتى صراخي : بشت .. بشت !! وما يليه من لعنات وشتائم لسابع ظهر من سلالته.
اليوم طفح صبري على سلوكه المشين وتبختره وهو يتراجع عن كيس الأزبال معلنا انسحابه المؤقت وعيونه تتوعدني شرا كأنما ضاق بي ذرعا ومحاولاتي البائسة العاجزة حتى عن هش ذبابة!
صار يتحدى تهديداتي له ، يستفزني ويقلقني في أوقات أستلها من يومي العصيب وأنا غارق التفكير في الذي يجري بحثا عن مخرج أو حتى مهرب. قررت مع نفسي أن أتجاوز طيبتي التي عرفت بها وخرجت عن أسار كل تلكم الأخلاقيات التي أحملها للزهور والفراشات وتأمل جريان المياه في النهر وحبي للعصافير والحمير.
كنت سأسامح فيه كل كتلته السوداء ، قوائمه الأمامية والخلفية بعضلاتها التي تذكرني بعضلات حصان وذيله الكسول الذي لا يستر وظيفة ً وتحدب ظهره الذي يشبه سنام البعير بكتلتين تتناوبان في حركتهما التبادلية فوق كتفيه اثناء سيره ورأسه المتكور بجمجمته الناتئة عضامها وعيونه الغائرة في محجريهما وفمه بشفته المشقوقة.
اذن ، قلت في نفسي ، هو أمر لا يتعلق بغيرتي من فحولته لحجم خصيتيه ولا يمت بصلة لجذور ما حملته من أخلاق حتمت عليّ موقفا خاصا بضرورة إخفاء ما يجب إخفاءه وعدم إظهار ما لا يجوز الكشف عنه بذلك الفضح الذي يفاخر به هذا الهر المشاكس. نعم سامحت كل كتلة من جسمه عدا خصيتيه اللتين ظهرتا وكأنهما جزء منفصل عن جسده شاء موضوع خلقه أن تكونا معلقتين في الهواء بذلك العلن ابتغاء خصوبة ما وليس خصومة تستفز عدائي لأدافع عن أمر أجهله تماما.
لقد تكررت محاولات ( إغتصابه ) لمطبخ دارنا رغم كل التحوطات التي اتخذتها لمنعه وحتى تلك التي تفننت فيها لردعه وصد جماح دناءته. أخيرا اضطرني الحال فعزمت أمرا.
اعتليت دراجتي البخارية وانطلقت مخترقا كل خطوط النار بحثا عن لقية تركتها بين جمع من بنادق أعدت للقتل عرضت بأثمان زهيدة بمحاذاة جامع مدينتنا الكبير. كنت ادرك تماما دور كل قطعة سلاح معروضة للبيع وسط حشد من الناس تزاحموا متناسين شراء خزينهم من الطحين ليشتروا حاجتهم من تلك البنادق التي القمت مخازنها بالعتاد اللازم لقتل عائلة كاملة. أين هو العدو ؟ لم يكن لأحد بقادر على جواب هذا السؤال. بل الأهم أمرا أنهم يشترون بنادق قاتلة وليس مهما متى يباشرون فعل القتل.
ما كان موضوع القتل يهمني اطلاقا فداخلي كان على وفاق من أنني لن أمارسه ولن أجرؤ . ومن ثم فأني ببندقية لصيد العصافير سأوظف مثل تلك المهمة في أضيق جوانبها تماما فلن أطلق رصاصتي على روح الكائن بل كل ما سأفعله هو التصويب لأفجر تلكم الخصى التي هي خارج حدود الجسد ، بذلك أكون قد طمئنت ذلك الوحش الذي بدأ يتململ داخلي ومن ثم أكون قد لقّـنت هرّي درسا رادعا وتركت في ذاكرته عقابا لا ينساه بل يستحقه.
وأنا أحمل بندقيتي الخاصة انتابني شعور بالذنب رحت محاولا انتزاعه والتخلص منه محاججا بكل المبررات لمشروعي القادم وفرح خاص يجتاح كياني من أني أخيرا سأنتقم لنفسي من ذلك الهر الوقح الغير مؤدب!
كانت علبة الأطلاقات تكاد تلفظ ما بداخلها وأنا أهم مسرعا وبيد ترتجف في القام بندقيتي الهوائية رصاصة تشبه في شكلها مقدمة رمح من رماح أجدادي في حروبهم الشعواء ضد أعداء معظمهم أشباح.
الوقت لما يوشك أعلان غروب الشمس حين هيأت بندقيتي وأنا اصوّب من خلال ناظورها الى ذلك الهر الذي لم يكن ليفقه ما عزمت عليه.
أغمضت عيني اليسرى بعد أن أخذت وضع القرفصاء ورحت أدقق النظر من خلال الناظور الى تلكما الخصيتين اللتين بدتا كبطيختين كبيرتين .عدّلت من درجة الناظور وفرح غريب يغمرني وانتشاء موجع بالأنتصار يجتاح كل كياني حتى ما عدت أحس بجسمي ولا بأي جزء منه عدا محجر عيني الملاصق للناظور وخفقات قلبي المتسارعة وانفاسي العميقة التي تشبه فحيح أفعى.
كنت اتلذذ بلحظات الأنتقام مترددا ما بين الضغط على زناد البندقية الجديدة وزيادة لحظات المتعة الغريبة التي أسكرت لي كل جسمي وروحي ، حتى غاب عن عيني هدفي الذي سعيت له. خبى كل ما في داخلي من أتون للذة الأنتقام حين أكتشفت بعد ما فتحت عيني المغمضة مستعلما أن هرّي قد تحرك قليلا ، فتابعت نصب الناظور من جديد ورحت أطبّق ما علموني أياه زمن الحروب حول شروط أصابة الهدف.
فيما قررت أن لا أفوّتها فرصة أخيرة أمنحها لنفسي. الآ أن الشعور بالذنب سرعان ما عاودني. حاولت عبثا أن أطفيء كل ما هو متعلق بالرفق والشفقة الذي سرعان ما شرع يهدر كشلال في داخلي.أو أن أخرِس ذلك الوحش الذي بدأ يستصرخني .فجأة تناهى لسمعي هدير طائرات أو هكذا بدا لسمعي أو ما يشبه أصوات لمحركات عجلات غريبة. لم ألحق رفع عيني عن هدفي الذي صار في متناولي تماما واذا بأصوات غريبة ودوي عند الباب الرئيس وصراخ رجال غرباء اعتلوا جدار المنزل الذي يفصلني وشارع الحي الذي اسكن فيه.
لم الحق أن أميز ما يجري ، بذهول غريب راحت ذاكرتي تسترجع ما فيها من اشياء وقد أختلط عليّ هدفي حتى أضحت تلكما الخصيتان كومة خصى كبيرة تعتمر خوذا عسكرية عجيبة. لم أشعر بعدها الآ وأياد خفية تدفع بي أرضا وتكتف يديّ الى الخلف وتجرجر بي الى عجلة عسكرية بعد إن انتزعت مني بندقيتي وقبل أن أفقه ما يدور حولي وجدتني أُسحل سحلا ، ويُرمى بي داخل عجلة حديدية اسطورية ! لم الحق توضيح ما أنا فيه أو أن أدافع عن نفسي ، هل ذبحت أو أغتصبت أحدا؟! ما عدت أرى شيئا والعجلة العسكرية تستدير بي مسرعة حتى سمح لي شق حديدي صغير بالتفاتتي المستميتة وأنا اتطلع من خلاله الى أولادي الذين بدوا ذاهلين لما يجري ، يتدافعون يائسين خلف رتل العجلات العسكرية فيما لاح بينهم هرّي الأسود وهو يتمسح بسلة الأزبال المركونة حديثا عند عتبة باب الدار التي خلعها العسكر غير مبالٍ ودون أن يلتفت لي ولما تزل خصيتاه تتحداني بنفس حجمهما البغيظ !



#صباح_محسن_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مما وراء السوريالية
- مواساة لشجرة البمبر
- عذابات يحيى
- الفعل .. بستان
- أكنيتا فالك .. الحبّ وضده
- أكنيتا فالك : الحبّ وضدّه
- سهراب : الحبّ ُ كلّ شيء
- أطوارُ .. كعادتها تضحكُ
- !أسطورة الوحدة الوطنية
- !أيُّ مفسَى للتهكم يمكنه أن ينقذ العراق
- !السيد قوجَمان و أسطورة الوحدة الوطنية
- لمّوا شمل شعبنا يا مراجعنا ورجال حكومتنا الكرام
- راجمو سعدي يوسف .. لا توغلوا في المأساة
- فُروغ فاروخزاد وعيد الحب ..قادمة كما وعدت
- على هامش رسوم الكاريكاتير: أمام التحريضية وما وراءها
- أزنا.. هو ذا المعْبر .. فأقفزوا
- د. الصائغ.. هو ذا المحك للعراقية الحقّة يا حكومة
- جاك هيرشمان شاعر أمريكا الشيوعي يثقّف للحب
- *سعدي يوسف على غرار - إملأها علنا مولاي
- فزيكلي البعث والجبكلك جبكلي


المزيد.....




- قريبه يكشف.. كيف دخل صلاح السعدني عالم التمثيل؟
- بالأرقام.. 4 أفلام مصرية تنافس من حيث الإيرادات في موسم عيد ...
- الموسيقى الحزينة قد تفيد صحتك.. ألبوم تايلور سويفت الجديد مث ...
- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- صدور ديوان الغُرنوقُ الدَّنِف للشاعر الراحل عبداللطيف خطاب


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - صباح محسن جاسم - بيضتا هرّ - قصة قصيرة -