أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد حبيب - العمل خير من الصلاة














المزيد.....

العمل خير من الصلاة


عماد حبيب

الحوار المتمدن-العدد: 1611 - 2006 / 7 / 14 - 06:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


صرخات التحذير المنطلقة هنا في أوروبا خوفا من العودة للنظام الأخلاقي تكاد تكون صدى معكوسا لصرخات التحذير المنطلقة في منطقتنا و المنادية بالمحافظة على هذا النظام لمواجهة "سموم" التغريب. و لو سألت أيّا من الناعقين عن معنى "سموم" أو "خطر" أو حتى "تغريب" فلن تجد أكثر من إجابة ساذجة عن وجوب الحفاظ على خصوصياتنا الثقافيّة و الدينية كغاية في حد ذاتها، و طبعا ما تيسّر من اسطوانة الغرب الحاقد الذي تغيضه "صحوتنا الإسلامية" و الحاسد لما منّ الله به علينا من "نعمة الإسلام".

أفهم التخوّف هنا من العودة للنظام الأخلاقي الذي لم تتقدّم أوروبا و الغرب عموما إلاّ بعد أن تخلّت عنه، فيوما بعد يوم يغرق المسلمون المقيمون في أوروبا في بئر سحيقة اسمها انطواء الجاليات على نفسها و عودتها لما تراه أصولها و جذورها و خصوصيّاتها "الثقافية" و تقوقعها و رفضها الإندماج في مجتماعتها المضيفة (و التي قد تكون بدورها لم تفعل كل المتاح لتسهيل هذا الإندماج من الجهة المقابلة). يوما بعد يوم ترى الحجاب في مترو الأنفاق جنب المكروجيب و الديكلتيه و ترى النقاب (و لو نادرا) في المراكز التجاريّة حيث محلاّت بيع المياهوت و البيكيني، ترى الجلباب و اللحية الغير مهذّبة، عادة في مداخل العمارات و تقاطع الطرق، حيث يسير الجميع مسرعين لأعمالهم و أشغالهم بينما يتميّز هؤلاء بالتسكع و الشكوى من البطالة بحرق السيارات أو السرقة بالإكراه (و لما لا و هناك من أفتى لهم بجواز ذلك باعتبار ضحاياهم من "الكفّار"). المسألة لا تتوقّف عند المظاهر، صرنا نسمع عن جرائم "شرف"، عن مآسي تزويج الفتايات صغيرات السن عنوة من رجال من الجالية نفسها أو من الدين نفسه. و القائمة تطول و ستطول.

لم تكن تفجيرات لندن و التي قام بها شبان "بريطانيون" مسلمون من أصول مهاجرة سوى نتاج طبيعي لعودة هذه الجاليات لنظام بلدانها الأصلية الأخلاقي. في ظل مناخ الحريّة المتاح، و غياب أي تأطير، و حين تكون نافذة شباب المسلمين في بلاد المهجر على أصولهم و بلدانهم الأصليّة من صنف الجزيرة و المنار و اقرأ ، حين يكون أئمّة المساجد مستوردين من البلدان الاسلامية و لا يتقنون حتى لغة البلد، فما بالك بالاختلاف الثقافي و ضرورات الاندماج في المجتمعات المضيفة، فأنّ تأطير "وعيهم" لن يكون سوى باتجاه اعتبار مجتمعاتهم "كافرة" "ظالمة" و "معتدية"، و جبت معاقبتها، ابتغاءا "للشهادة". و كلّ هذا ليس سوى الثقافة السائدة في بلدانهم الأصلية. ليس سوى نظم بلدانهم الأصليّة الأخلاقيّة.

في بلداننا عندما نتحدّث عن الأخلاق، فنحن قبل كلّ شيئ نتحدّث عن الجنس، ثمّ الدين. المرأة الشريفة عندنا هي المرأة التي لا تجارب جنسيّة لها و لا شيئ غير ذلك. مع علمنا أنه نفاق سمج، و لكنّنا تعوّدنا النفاق، و تقديس المظاهر، و تجريم كلّ ما هو طبيعي و فطري، فصار الحجاب علامة العفّة، و طقوس الدين علامة الأخلاق، الرجل الذي يصلي هو بالضرورة متخلّق، و خصوصا لو كان له علامة في جبينه من أثر السجود و يمسك سبحة و يذكّر بغير داع أغلب الأحيان أنّه يقيم الصلاة في وقتها و لا يخشى سوى الله. أمّا الصدق في القول، الإخلاص في العمل، اتقانه، رفض الرشوة و المحسوبيّة مثلا لا حصرا، احترام القوانين، احترام انسانيّة الإنسان، طلب العلم (العلم الحقيقي و ليس الخرافة) كلّها بالفعل و ليس بالقول تأتي في المرتبة الثانية، أو الثالثة عشر. و عندما ينادي الجميع بالحفاظ على هذه "الأخلاق" فإنّهم فعلا لا يقصدون سوى الجزء الأول الخاص بالنفاق و مصادرة حريّة الانسان الشخصيّة.

آلاف العائلات هنا (من الغرب الكافر) تسعى سنويّا لتبني أطفال من العالم الثالث، مع العلم أنّه في أغلب الأحيان فإنّ هذه العائلات لها أطفال، أي أنّ الأمر ليس تعويضا عن عدم الانجاب، كما أنها لا تبحث عن أطفال شقر أو من أصل مسيحي، بالعكس، غايتها و متعتها فعل الخير بتبني أطفال من مناطق نزاع مسلّح أو من العالم الثالث، سمر أو آسيويين أو منغوليين حتى، أي كما نقول نحن (لوجه الله). في ثقافتنا (ديننا) التبني أساسا محرّم. حين يقرّر أحدنا التبرّع بأعضائه أو دمه (و هذه رأيتها بأم عيني) فغالبا ما يشترط أن يكون المستفيد مسلما أو من بلده (و كأن الآخرين كلاب)، لا أريد أن أعمّم و لكنّي لا أرى خصوصيّات ثقافيّة أخرى، كلّها تصب في رفض الحياة و رفض الآخر. ثقافتنا تقديس الطقوس و النصوص الأثريّة التي نعتبرها أهمّ من الانسان، لذلك تعلن المصيبة الجديدة القادمة من الصومال و التي اسمها محاكم شرعية أو اسلاميّة أن من لا يصلي فسيقتل تنفيذا" للشرع". الصلاة اذا غاية في حد ذاتها و أهمّ من حياة الانسان. و بتدقيق بسيط سنكتشف أن ما يحدث ليس سوى عودة لجوهر نظامنا الأخلاقي. لذلك وجب التخلي عن هذا النظام الآن و ليس غدا، فالعمل أهم من الصلاة، و الانسان أهم من الطقوس، و لا قدسية الا لحرية الانسان و كرامته، و القوانين و المؤسسات فقط ما يجب احترامه كوسيلة لتحقيق ذلك و ليس كغاية في حد ذاتها عكس الأخلاق (الدين).

إنّهما رؤيتان مختلفتان تماما و لا يمكن أن تتعايشان معا، و ما صرخات التحذير من الجانبين الا بداية لصراع بالتأكيد لن يكون في صالح المتباكين على الأطلال و "الأمجاد" الغابرة. و ما دعوات التوفيق بين الاثنين الا كحرث في البحر. لا بدّ من التخلى عن النظام الأخلاقي، و المجاهرة و الدعوة و [انّ العمل و العلم (و أكرر العلم الحقيقي و ليس الخرافات) أهم من الصلاة (و خير من النوم بدوره).



#عماد_حبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار صوفي
- ظل ايروس المائي
- هل الإسلام هو المشكلة ؟
- هيفاء : نحتاج دروسا في الإغراء لشباب هذه الأمّة
- رامبوالعربي: اغتيال الفن و مصانع التخلّف
- و لمذا المذيعة عارية ؟
- رمى الله النرد و انسحب
- القصيدة التافهة
- العلمانية يا غجر
- لا بغايا و لا خاضعات
- جراحة لإصلاح ختان الإناث
- أزرق نوتردام
- إنّ محمّدا قد مات
- الإسلام الإصدار 2.01
- أحلام باريسية
- الكنيسة الأزهرية
- توم و جيري ، إيران و اليهود
- حرق الكتب من جديد
- رسم تقريبي لإرهابي
- أغنية للأزرق


المزيد.....




- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد حبيب - العمل خير من الصلاة