أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرج بيرقدار - بقية الكأس وسؤال أخير














المزيد.....

بقية الكأس وسؤال أخير


فرج بيرقدار
(Faraj Bayrakdar)


الحوار المتمدن-العدد: 1610 - 2006 / 7 / 13 - 10:49
المحور: الادب والفن
    


فصل من مخطوط: خيانات اللغة والصمت
ما الذي يعنيه أن تكون وحيداً؟
ما الذي يعنيه أن تكون.
يا أين أمي كم يبدو هذا السؤال غامضاً ونازفاً ومتعدداً!
إذن.. إلى أي إجابة ستميل؟
أنا أميل، بل أزداد ميلاً، إلى السؤال بذاته، ذلك أنه لا جواب له سواه.
بدأت الحالةُ معي منذ الأيام الأولى لوجودي في ذلك القبر الأليف الذاهل المنبوذ.
صدقني عندما يكون الموت أرحم من التعذيب، فإن وصف المنفردة بالقبر، يأخذ معنى رحيماً أبيض.
هل أكذِّب من تحدثوا عن المنفردة بصورة أخرى؟
لا.. ولكن حين لا الله، ولا الناس، ولا شئ..
حين تعود إليها متقمِّصاً ذاتك، خائفاً من ضياع جسدك، هذا الذي يخرج من كل جولة تعذيب أشبه بشيء لا ضفاف له ولا جهات.
حين تعود.. تدرك بعمق أن المنفردة هي الرحم الأخير
الرحمة الأخيرة
وربما المعنى الأخير.
أنا على يقين.. لو كان الجلاد يدرك حقيقة مشاعر الضحية، لتمنَّى أن يكون أي شئ آخر، حتى لو كان هذا الشيء هو الضحية نفسها.
هل تسألني كيف وصلت إلى هذا الحكم اليقيني؟
لا أدري.. ولا أستطيع الدفاع عن ذلك، رغم أني أراه أكثر بداهة من الموت. بل أشعر أني سمعت أو قرأت شيئاً من هذا القبيل في مكان ما. لست جازماً تماماً، إلا أني أستبعد أن أكون أول طعين، ينزف مثل هذه اليقينيات ضمن هذا الملكوت التابوتي الذاهب إلى القيامة بمنتهى الرصانة والوقار.
ما الذي يعنيه أن تحس بالعار، ولا يتاح لك أن تغسله حتى بدمك؟
يا أين أنت كم يبدو السؤال فاضحاً ومجللاً بالخزي والخذلان!
هل تعتقد أن المسألة تتعلق باغتصاب امرأة مثلاً؟
تقتلني لو فكرتَ على هذا النحو. لا اغتصاب امرأة، ولا اغتصاب ثروة أو منصب، ولا حتى اغتصاب وطن.
كل هذه الأمور عرضية وقابلة للغفران والتجاوز وردّ الاعتبار. أما اغتصاب الإنسان بإطلاق.. اغتصاب الإنسان كمفهوم.. اغتصابه كوجود!
لا.. ليتها من حجر هذه الروح الملعونة.
إختر لي أي شيء لأنتمي إليه.
خذ أي شيء.. خذني كاملاً.. أعني ما تبقى مني كاملاً، مقابل تبرئتي من فضيحة كوني إنساناً، من فضيحة كوني قاتلاً أو قتيلاً.
هل تصدق أني أخجل من جلادي؟
ولا أبالغ إذا قلت، إني أخجل عنه أحياناً.
يا ألله كم يبدو هذا الوحل بشعاً ونذلاً ومقرفاً، وفي النهاية مثيراً للرثاء.
وحق ما كان وما سوف يكون.. لا أحمل في داخلي ضغينة على أحد، ولكن هذا الكائن ملوث إلى آخره، ويلوثني معه.
دعك من يديه وأظافره وأسنانه.. حتى عيناه ملوثتان.. وأنت دائماً في مرمى عينيه.
قد يخيل إليك الآن، أن المشكلة كلها تبدأ وتنتهي بهذا الجلاد المسكين، وحقيقة الأمر ليست كذلك.
هل تريدني صريحاً إلى النهاية؟
حسناً.. تخجلني هذه القابلية المرعبة للبيع والشراء.. للذل والمراوغة والدجل.. يخجلني هذا التواطؤ المحيِّر بين الضحية وجلادها.. هذا الحشد الهائل من السماسرة والمهرِّجين وشهود الزور.. من الوعّاظ والمريدين والجواكر والموتى وأصحاب السوابق.
وأما أنت..
بلى أنت..
فكم يخجلني.. صمتك!



#فرج_بيرقدار (هاشتاغ)       Faraj_Bayrakdar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وِرد.. من أجلهنّ
- كأس
- تدمريات.. ما فوق سوريالية
- وَهْوَهات
- مقام خمر
- ما بعد منتصف الهذيان
- “أب.. إلى حد البكاء”
- حمامتان.. وقمر.. وثلج أيضاً
- الطريق
- دوائر ذات شهيق متصل
- “إلى الشرق”
- البرزخ
- صهيل
- تقاسيم آسيوية... ترجيعات
- تحية إلى أدونيس.. رداً للجميل
- تقاسيم آسيوية
- بيرقدار: السجن .. يا إلهي! هل يكفي أن أقول إنه حليف للموت؟
- ما يشبه بطاقة شكر من فرج بيرقدار إلى الشاعر محمود درويش
- ستة عشر يوما من الجمر


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرج بيرقدار - بقية الكأس وسؤال أخير