أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين - حواتمة في حوار شامل حول القضايا الساخنة الفلسطينية وتداعياتها العربية والدولية















المزيد.....



حواتمة في حوار شامل حول القضايا الساخنة الفلسطينية وتداعياتها العربية والدولية


الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

الحوار المتمدن-العدد: 1610 - 2006 / 7 / 13 - 10:46
المحور: مقابلات و حوارات
    


يجب تحويل الصراع إلى سياسة مجتمعية لبناء عقل عربي حديث لحركة التحرر العربية
النجاح في تطبيق برنامج وثيقة الوفاق الوطني وآليات تنفيذها بداية التحول الكبير فلسطينياً
لا نطلب من الأخوة العرب سوى أن يعززوا صمودنا سياسياً وأن يساعدونا في كسر الحصار

حاوره: نهاد أبو غوش و سند ساحلية
دمشق - دعا نايف حواتمة الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، إلى تحويل الصراع مع إسرائيل إلى سياسة مجتمعية جامعة لكل مقومات وإمكانيات وطموحات الجماهير الشعبية في عملية المواجهة المطلوبة، معتبرا هذه المهمة المقدمة لبناء عقل عربي حديث لحركة التحرر العربية بآفاقها الوطنية واليسارية الديمقراطية التعددية الإيديولوجيا والثقافات.
ورأى حواتمة إن الخروج من الأزمة الراهنة صوب النهوض المطلوب، يؤسس للتوجه العربي في مواجهة المخططات التي عنوانها الدور المركزي "لإسرائيل" في المنطقة العربية، كبؤرة إمبريالية صغرى، وهذا يفترض مباشرةً دعم قوى النهوض العربي، وإسناد الحالة الوحدوية الفلسطينية، تحت سقف برنامج "وثيقة الوفاق الوطني".
فيما اعتبر ان "وثيقة الوفاق الوطني ـ وثيقة الأسرى" بتطويراتها وتعديلاتها وتحديداتها المستوعبة والمعتمدة في لجنة الحوار الفلسطيني (27/6)، تقدمها إطاراً توافقياً صالحاً لبرنامج جديد سياسي ونضالي وائتلافي موحد مشترك، مشددا على ضرورة النجاح في تطبيق برنامج الوثيقة وآليات تنفيذها، معتبرا في ذلك بداية التحول الكبير فلسطينياً، وقال: في سياق ذلك ندرك لماذا صعد أولمرت من مجازره إثر التوقيع على الوثيقة ونجاح الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني.
من جهة أخرى أكد حواتمة على ان مهمة ضبط المسار الوحدوي هي مهمة الفصائل الوطنية جميعها التي وقعت على الاتفاق، ومهمة الشعب الذي يقدم تضحياته وكفاحه وعرقه وقوت أطفاله من أجل الانعتاق والاستقلال.
كما وأعرب حواتمة، عن أسفه حيال الصمت العربي إزاء العدوان الإسرائيلي، واصفا إياه بأنه انعكاس لتردي الحالة الرسمية العربية، وقال: نحن لا نطلب من الأخوة العرب سوى أن يعززوا صمود شعبنا سياسياً، وأن يساعدونا في كسر الحصار الظالم المفروض على أبناء شعبنا.
وفيما يلي نص المقابلة:
س: كيف تنظرون إلى آخر المستجدات على الصعيد الفلسطيني، والأوضاع الداخلية الفلسطينية؟
ج: تمر قضيتنا بظرفٍ وطني شديد الصعوبة، يملي انعطافة وحدوية وطنية، عملنا لها مبكرين، إلى أن انعقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل في مدينتي رام الله وغزة يوميّ 25 و 26/5/2006، والذي توج أعماله في بيان ختامي باعتماد "وثيقة الوفاق الوطني ـ وثيقة الحركة الأسيرة" باعتبارها أرضية للحوار. وفي الذهاب إليها قرر المؤتمر تشكيل لجنة الحوار الداخلي برئاسة الأخ محمود عباس، اللجنة التي تابعت أعمالها في مدينتيّ رام الله وغزة، والتي أغنت "وثيقة الوفاق الوطني" حين تم التوافق على بنود لتطويرها، اعتمدت في 27/6/2006. لقد تم استيعاب معظم النقاط الأساسيّة التي تضمنتها "وثيقة الأسرى"، والتعديلات التي دخلت عليها فقد جاءت لمزيد من التحديد والتوضيح ما جعلها أكثر تماسكاً، ليقدمها إطاراً توافقياً صالحاً لبرنامج جديد سياسي ونضالي وائتلافي موحد، مشترك، تنهض عليه حكومة وحدة وطنية.
على امتداد شهر ونيف جرى التركيز على الفقرات التي استأثرت بتباين الرأي حولها لتذليلها، والاتفاق على صيغتها، منها بشكلٍ رئيسي ورود نص "انضمام كل القوى والفصائل إلى منظمة التحرير الفلسطينية"، حيث حلّ بدلاً من النص المقتصر على توجيه الدعوة لكلٍ من حماس والجهاد الإسلامي، وبما يشمل كل القوى التي ما زالت خارج مؤسسات المنظمة. كما حلّ نص "ترسخ مكانة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد"، بدلاً من "وصفها ممثل شرعي ووحيد". الأمر الذي يحسم ويعزز المكانة التمثيلية والقانونية التي كانت "حماس" تعترض عليها، من موقع عدم انتمائها لها.
وفي ذات السياق حلّ بدلاً من "تشكيل مجلس وطني على أساس نسبي في التمثيل والحضور والفاعلية"، صيغة جديدة أكثر حسماً في موضوع التمثيل النسبي، وذلك لجهة إقرار المبدأ عبر النص الجديد: "بالانتخابات حيثما أمكن وفقاً لمبدأ التمثيل النسبي، والتوافق حيث يتعذر إجراء الانتخابات". كما ورد نص يشير إلى تركيز المقاومة في مناطق 1967، علماً أن التركيز لا يعني حصر العمليات في هذه المناطق. فضلاً عن تعديلات أخرى منها ما يشمل توحيد الخطاب السياسي "على أساس الأهداف الوطنية كما وردت في الوثيقة". وبالنظر إلى قرارات الشرعية الدولية فقد أُدخل نص يقول: "الشرعية العربية وقرارات الشرعية الدولية المنصفة لشعبنا، بما يحفظ حقوقه وثوابته تنفذها قيادة منظمة التحرير ومؤسساتها".
لقد ورد أيضاً بالوثيقة، اعتماد آلية تترجم برنامج الوفاق الوطني، بالائتلاف الوطني والذي ينبغي أن يطبق في إطار الحكومة الفلسطينية بورود: "العمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية من الكتل البرلمانية والقوى التي توافق على برنامج وثيقة الوفاق الوطني …". وعموماً هذا تطور مفصلي في العلاقات الوطنية الفلسطينية، يفتح الأفق أمام الحركة الوطنية الفلسطينية بمختلف مكوناتها، نحو استعادة وحدتها الائتلافية الجبهوية، على قاعدة البرنامج الوطني المشترك، يتجاوز الحالة الانقسامية التناحرية، والأحادية الفئوية الاحتكارية التي سادت في العقد الأخير، دون أن نغفل أننا في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين كافحنا طويلاً عبر مبادرات وحدوية منذ العام 1997، حين وصلت سياسة "فتح" الاحتكارية إلى الجدار، إلى الطريق المسدود، وبرزت بالتحديد الصعوبات الجمّة التي تعترض سبيل تطبيق اتفاقاتها الفئوية الأحادية مع الجانب الإسرائيلي، خاصةً بروتوكول الخليل (17/11/1997)، والذي لم يطبق منه حينها سوى الجانب المتعلق بمدينة الخليل، بينما جمدت "إسرائيل" الجوانب الأخرى المتعلقة بعمليات إعادة الانتشار في الضفة الفلسطينية. لقد شهد الحوار الوطني الفلسطيني منذ ذلك الوقت جولات حوارية، كنا دوماً مبادرين لعقدها، وإن لم تقد إلى نتائج ملموسة.
في هذا السياق كان اتفاق آب 2002 في غزة، والذي أحجمت "حماس" عن التوقيع عليه في اللحظة الأخيرة. وكذلك البرنامج الذي توصلت إليه الفصائل الفلسطينية في منظمة التحرير برئاسة وموافقة الرئيس الراحل أبو عمار في 30/3/2004 فإنه لم تترتب عليه أية نتائج عملية، لقد علَّقه عرفات على شجرة سلطته، وتركه في مهب الريح.
لقد شهد الحوار الوطني الفلسطيني محطات حوارية (حوارات القاهرة شهريّ 1 و 12/2003 و 3/2005)، وقد توجت ببيان القاهرة الذي يمكن اعتباره الوثيقة الأولى بين جميع القوى الفلسطينية، وإن لم ترقَ هذه الوثيقة بمضمونها إلى مستوى البرنامج، من حيث تحديدها العملي للإجابات المشتركة على القضايا الرئيسية في أجندة النضال الوطني الفلسطيني، ولكن بيان القاهرة شكل أساساً من الناحية العملية، وخطوة مفصلية نحو استعادة البرنامج الجديد المشترك، والذي تمَّ في 27/6/2006 "وثيقة الوفاق الوطني" والتي استمدت أهميتها من الإجماع عليها ومضمونها البرنامجي، والذي يجعلها في مصاف مستوى البرنامج الوطني المشترك الذي تقوم عليه الصيغ المؤسسة السياسية الائتلافية.
س: على صعيد البرنامج السياسي، ما هي أبرز الخطوط البرنامجية الوطنية المشتركة ؟
تحدد الوثيقة أهداف النضال الوطني: دولة مستقلة كاملة السيادة على أراضي عام 1967، وعاصمتها القدس وجلاء الاحتلال والاستيطان وعودة اللاجئين إلى الديار والممتلكات، وتنفيذ القرار الأممي 194. وحول أشكال النضال لبلوغ الأهداف: تحدد الوثيقة "المقاومة المسلحة، العمل السياسي التفاوضي والدبلوماسي، المقاومة الشعبية ضد الاحتلال"، أي التكامل فيما بين هذه الوسائل. وحول مضمون الخطاب السياسي الفلسطيني، ففضلاً عن تحديد "وثيقة الوفاق الوطني" للدولة المستقلة كاملة السيادة، فإن مضمون الخطاب السياسي أيضاً هو "الشرعية العربية والشرعية الدولية التي تحفظ الحقوق والثوابت".
كذلك حول منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد، ينبغي أن تدخل حيز التعزيز والتطوير لجهة شمولية التمثيل وديمقراطيته بواسطة الانتخابات، وفقاً لمبدأ التمثيل النسبي كاتجاه رئيسي.
والبنود المتعلقة بتشكيل المستويات القيادية في الحكومة والمنظمة على أسس وحدوية ائتلافية. ومرجعية المفاوضات باعتبارها من صلاحيات منظمة التحرير ورئيس السلطة، على أن تعرض على المجلس الوطني، أو إجراء استفتاء عام عليها إذا اقتضى الأمر ذلك.
التمثيل النسبي
وفي البنود المفصلية التمسك بالمنهج الديمقراطي وإجراء انتخابات عامة على جميع المستويات، وقد كان ينبغي التنصيص الصريح على شمول مبدأ التمثيل النسبي لجميع المجالات، بدءاً من المؤسسات النقابية والاتحادات والجمعيات، وصولاً إلى المجلس التشريعي، ولم يفت القطار بعد لحل مشكلة التمثيل النسبي لدمقرطة ودسترة مؤسسات السلطة والمجتمع المدني. وفي الخلاصة يمكن القول إن "وثيقة الوفاق الوطني" هي وثيقة مفصلية، ينبغي العمل الآن لتطبيق ما انطوت عليه، لبناء الوحدة الوطنية في العلاقات الداخلية والمؤسسات، محذرين وناقدين محاولات "حماس" الانفراد بالقرار تجاه "أزمة الجندي الأسير الصهيوني" بديلاً عن القرار الوطني الموحد عملاً بوثيقة الوفاق الوطني التوحيدية الائتلافية.






س: كيف تقيّم دوركم في الحوار الوطني الفلسطيني وأنتم موصوفون بالروح الوحدوية، ودور الجبهة الديمقراطية في بلورة المشروع الوحدوي الفلسطيني ؟
على الصعيد الفلسطيني ـ الفلسطيني، لقد عملنا بالحوار على تذليل التحديات السياسية التي تواجهنا في هذه المرحلة التي تشتد مخاطرها، بعد أن تناولنا مبكرين الأوضاع السياسية الفلسطينية، وتحدثنا مبكرين عن إطار شمولي لأزمة النظام السياسي للسلطة الفلسطينية، بكل أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقيمية، أزمة متشعبة الأوجه متعددة المظاهر، تتخطى البعد السياسي وتمتد في مشهدها إلى أزمة فكرية وثقافية واقتصادية وسياسية، كادت أن تطال الهوية الفلسطينية ذاتها عبر مؤسساتها، وبالذات منظمة التحرير الفلسطينية، لقد ارتبط ذلك وما زال بأداء السلطة الفلسطينية وتماهيها بمنظمة التحرير الفلسطينية وحزبها الحاكم عبر المتنفذين من جانب، بفعل تصاعد الدور المركزي للمقرر الخارجي (الأمريكي ـ الإسرائيلي) بالذات، والذي أخذ يفرض سياساته وشروطه بصورة غير مسبوقة على الوطن العربي بصورة عامة، وعلى قضيتنا الوطنية وحقوقنا المشروعة بصورة خاصة، إلى أن بلغت الأزمة ذروتها. ومن جانب آخر الشعب الفلسطيني يتطلع بشغف ومصداقية كفاحية إلى بناء وحدته الوطنية في الداخل والشتات، على أسس ديمقراطية تعددية جديدة وفق قوانين التمثيل النسبي الكامل، وحدته السياسية والنضالية والاجتماعية، يؤكد هذا استعداده غير المسبوق للتضحية والنضال من أجل تحقيق أهدافه الوطنية في التحرر الوطني، والعدالة الاجتماعية والديمقراطية وسيادة القانون.
رسم الخارطة الوطنية الفلسطينية
بعد سنوات من الاستئثار والاحتكار، بدأت التحديات السياسية الناجمة عن "خطة شارون" بحرب السور الواقي (آذار 2002) والحل الأحادي الجانب، والتي ورثها أولمرت وحزبه "كاديما"، وبروز مقولة "لا يوجد شريك فلسطيني"، فأهداف هذه الخطة هي تحقيق تسوية وفق الرؤية التوسعية الإسرائيلية، وبالتالي تحويل المشروع الوطني الفلسطيني "الدولة الفلسطينية"، وحق عودة اللاجئين إلى مشروع سياسي ممسوخ.
لقد قدمنا مبادرات منذ تسعينيات القرن الماضي، بروح نقدية وعقلانية وديمقراطية، حين أدركنا بؤس التوجهات السياسية الاحتكارية لحركة فتح، والاتجاه السياسي الديني اللا عملي، والذي يقدم شعارات عامة "قدرية"، ولا يقدم برنامج ملموس يستوعب حركة موازين القوى المحلية والإقليمية والدولية، والفعل في مسارها بصف فلسطيني موحّد.
لم تكن مبادرات الجبهة الديمقراطية "للاستهلاك" أو لروح "الخصخصة"، بقدر ما كانت تستشرف المستقبل، وتهدف مبكراً إلى إعادة رسم الخارطة الوطنية الفلسطينية. لم تكن توجهاتنا هذه في ذلك الوقت مهمة سهلة حين كان يجري تعطيلها من نظام الاستئثار والتنفذ، في بحثه عن "مجتمع الامتثال والطاعة"، وحتى سقطت هذه التوجهات التي لم تتوافق مع تطلعات الأغلبية من الشعب حيث تناقضت مصالحها مع تطلعاته وتعمقت الأزمة. لقد عرّضنا الوضع السابق للنقد القائم على الممارسة، حين كان الكثيرون يقومون على تبريره التزاماً بما هو كائن، وليس بما يجب أن يكون، لقد قدمنا برامجنا مبكرين في كل مجالات الحياة الفلسطينية في الدمقرطة والدسترة، الاقتصاد والسياسة والقانون والثقافة والإعلام. وعندما بلغت الأزمة ذروتها المتسارعة، أدت إلى صحوة وطنية بالمعنى السياسي والنضالي، والعلمي والاجتماعي والاقتصادي والإيديولوجي، وخضعت البيروقراطية والحركات اليمينية المتنفذة لزلزال عنيف، لتعود لمنطلقات تأسيس الوحدة الوطنية التي تملك رؤية سياسية وفقاً لتطلعات الشعب، تسعى بها إلى تجاوز الواقع والمصير الذي وقعت به، الواقع المأزوم الذي شكل البداية لاستعادة البديل الوطني الديمقراطي الموحد، عبر استنهاض الإمكانيات الذاتية الوطنية المتاحة.
لقد أصابت سياساتها اليمينية الاحتكارية والإقصائية المصالح الوطنية بالضرر البالغ والمباشر، وضاعفت من هموم الجماهير الشعبية ومعاناتها، الأمر الذي لا يمكن أن يتوافق مع التطلعات الوطنية للإنعتاق والخلاص من الاحتلال. ومن داخل هذه الأزمة، كان دورنا في الحوار الوطني، فنحن قوى التحديث والتغيير الديمقراطي قوى إعادة بناء مؤسسات السلطة في الأرض المحتلة، ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية (التشريعية والتنفيذية) على أسس جديدة ديمقراطية توحيدية في الوطن وأقطار اللجوء والشتات، وفق انتخابات التمثيل النسبي الكامل لدمقرطة ودسترة النظام السياسي الفلسطيني، نظاماً برلمانياً ديمقراطياً بديلاً عن النظام الرئاسي والبرلماني اللاديمقراطي القائم على دوائر الأغلبية البسيطة، والنظام الآخر السياسي الشمولي الذي يمثل "الوجه الآخر للأنظمة الرئاسية الاحتكارية"، والداعي إلى "تسييس الدين، وتديين السياسة".
نحن القوى التي عليها أن تجد في هذا المناخ فرصتها في تجديد ذاتها وتفعيل قواها المنظمة، وتحديث فكرها الإنساني المدرك لحقائق الواقع الفلسطيني وحاجته للثورة والمقاومة، في الفكر والسياسة والثقافة، وفي الجانب الاجتماعي الديمقراطي، التي تقوم على أولوية مصالح الأغلبية الساحقة من الشعب، والذي تحول بفعل الاحتلال إلى طبقات كادحة متسعة بكل صورها، وهذا محورنا في منظومتنا الفكرية الديمقراطية التقدمية، في تحديث الوعي التنويري الاجتماعي، عبر تغيير العلاقات الاجتماعية السائدة، بما يمكننا من توفير المقومات للصمود الشعبي في مواجهة العنصرية الصهيونية.
برنامج الإنقاذ الوطني
قدمنا لشعبنا وكل النخب والفصائل، في مطلع أيار 2006 مبادرة الجبهة الديمقراطية "لبرنامج الإنقاذ الوطني والتغيير الديمقراطي" للوحدة الوطنية الائتلافية الجديدة. بعدها جاءت مبادرة رجال الأعمال/ القطاع الخاص، الشعبية، وبعد هذا جاءت وثيقة "الحركة الأسيرة ـ وثيقة الوفاق الوطني" بتواقيع قادة الأسرى (فتح، ديمقراطية، شعبية، حماس، جهاد) وشكلت الرافعة الكبرى للحوار الوطني الشامل نحو برنامج وطني موحّد. والآن ندعو الجميع إلى عقد مقارنة ومقاربة بين وثيقة الأسرى ومبادرة الجبهة الديمقراطية لنجد أن وثيقة الأسرى ومبادرة الجبهة الديمقراطية تندفعان في خط متحد لتصحيح وتطوير مسار الوحدة الوطنية على قاعدة برنامج موحد ملموس وبناء نظام سياسي برلماني ديمقراطي فلسطيني وفق مبادئ التمثيل النسبي الجامع لكل تيارات الشعب.
لقد تمكنّا من خلال دورنا في الحوار، في جلساته في رام الله وغزة، والذي بدأ بتاريخ 25 أيار/ مايو 2006 من تطوير "وثيقة الوفاق الوطني ـ وثيقة الأسرى"، والتي جرى التوقيع عليها في 27 حزيران/ يونيو من قبل جميع فصائل المقاومة والعمل الوطني، ومؤسسات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية الفلسطينية. لقد حددت الوثيقة الموقعة الآليات الداخلية وملامح الاستنهاض المطلوب، كما حددت البرنامج السياسي، وباعتبارها مشروع سياسي تحرري في إطار من التكامل والتوافق، تضمن أعمق مشاركة ديمقراطية للشعب في صنع مساره وتطلعاته بعمليات انتخابية ديمقراطية وفق التمثيل النسبي الكامل، وهنا تتبدى الضرورة الآن لتحويلها إلى قوة إنتاجية وطنية كفاحية، فيما نشهد راهناً، محاولات "حماس" للإفلات والتهرب من ما تمَّ التوقيع عليه "وثيقة الوفاق الوطني"، والتي تتطلب وفق تسميتها "الوفاق"، تحقيق كل جوانب الاجتهاد الوطني الجماعي، وفي كل القضايا السياسية والعملية المثارة على الأرض وفي الميدان. آخذاً بنصوص ومضمون وآليات وروح الاتفاق، وآخذاً بالعبر والاستخلاصات من مرحلة سابقة فمن الخطأ الوطني الفادح تكرارها، وهذه المهمة، أي مهمة ضبط المسار الوحدوي، هي مهمة الفصائل الوطنية جميعها التي وقعت على الاتفاق، ومهمة الشعب الذي يقدم تضحياته وكفاحه وعرقه وقوت أطفاله، من أجل الانعتاق والاستقلال.
تحويل الصراع إلى سياسة مجتمعية
إن الخروج من الأزمة صوب النهوض المطلوب، وبالتأسيس لهذا التوجه بالبعد الإنساني من حولنا، خاصةً عربياً؛ في مواجهة المخططات والتي عنوانها الدور المركزي "لإسرائيل" في المنطقة العربية، التي لها معنى وتأثير جدي، كبؤرة إمبريالية صغرى. وهذا يفترض مباشرةً دعم قوى النهوض العربي والمساندة للحالة الفلسطينية، تحت سقف برنامج وثيقة الوفاق الوطني وتشكيل حكومة وحدة وطنية وقرار وطني موحد، حينها نشهد تناسق الأمر الذي يؤكد ثقافة المقاومة الواعية والعلمية بكل أشكالها المختلفة في ظل الوضع الراهن، وهذه الموضوعة ينبغي دعمها من القوى الوطنية اليسارية والليبرالية الديمقراطية العربية، بدءاً من تحويل الصراع مع العدو الإسرائيلي إلى سياسة مجتمعية جامعة لكل مقومات وإمكانيات وطموحات الجماهير الشعبية في عملية المواجهة المطلوبة. إن هذه المهمة هي المقدمة لبناء عقل عربي حديث لحركة التحرير العربية بآفاقها الوطنية الليبرالية واليسارية الديمقراطية التعددية الإيديولوجيا والثقافات، فهي مضمون حقيقي لا شكلي، فمن جانبها الآخر هي الصورة الحيّة على مسار التطور الاجتماعي العربي في سياقه التاريخي العام، هذا المسار في تأثيره الجدلي المتبادل، يراوح الآن بسببٍ من موروثة سلفية ثقافية واستبدادية احتكارية شمولية داخلية مهيمنة، من خلط فرز وبلورة طبقات بالمعنى الفعلي "طبقات بذاتها"، تستطيع التعبير عن مصالحها الاقتصادية والسياسية، وتدافع عنها ككتلة طبقية موحدة ومدركة لوجودها الموضوعي. فيما نشهد من سيطرة الأنماط القديمة، وحالة طبقية مشوّهة، فالعلاقات الاجتماعية ما زالت ترتبط بالأنماط القديمة ما قبل العصور القروسطية، مع جوانب تحديث شكلية استهلاكية لا حداثة مجتمعية صناعية، زراعية، وثورة إصلاح فكري للمؤسسة الدينية، وتعددية ثقافية تلامس العصر الحديث، فلا زالت في يومنا العلاقات القبلية والعشائرية والطائفية، علاقات شبه الإقطاعية التي ارتبطت بالعلاقات الرأسمالية العربية المشوهة، والدائرة في فلك المركز الرأسمالي العالمي العالي التطور، فكونت صهيراً من التشوه الطبقي في مكونات البنية المجتمعية الفوقية والتحتية. والمطلوب إنجاز البديل الديمقراطي وآلياته الوطنية الديمقراطية، وتفعيل مفاهيم وأدوات المجتمع المدني ومؤسساته في إطار النضال الوطني والقومي. وبما تعنيه هذه الأزمة من استمرار عرقلة الخطوات الضرورية اللازمة لبلورة مشروع الاستنهاض. واقع معقّد ومشوّه في إطار النظام العربي المأزوم على المستوى الوطني، والمهزوم بفعل التبعية والارتهان. إن الاستنهاض يبدأ بمستويية القطري الديمقراطي، والقومي والإنساني والخارجي في مواجهة المشروع الإمبريالي ـ الصهيوني، استناداً إلى حالة الاحتقان العميقة.
الآن نعلن "إذا ربح الشعب الفلسطيني الوحدة الائتلافية تحت سقف "وثيقة الوفاق الوطني وآلياتها التنفيذية"، ربحت القضية والحقوق الفلسطينية والشعوب العربية انتقالاً نوعياً جديداً، يؤسس لإنجاز مهمات التحرر الوطني والثورة الوطنية الديمقراطية بآفاق حداثوية عصرية، بها "مساحة من بريق ما يجري الآن في أمريكا اللاتينية وأفريقيا السمراء وآسيا (البوذية، الهندوسية، التاوية، الكونفشيوسية …)، بينما بلادنا العربية وبلدان العالم المسلم ما زالت في أسفل حركة التطور التاريخي في العالم الثالث، ما زالت محكومة بالكثير من عالم العصور الوسطى المظلمة والظلامية بألوان سلفية واستبدادية.
س: كيف تنظرون إلى هذا الصمت الدولي إزاء ما يجري في الأرض المحتلة؟
المشهد الفلسطيني الدامي، مشهد ألسنة اللهب والدخان والدماء في قطاع غزة والضفة الفلسطينية، موضوعة الممارسات الدموية والعربدة العسكرية المتجددة كل يوم، ضد شعب أعزل تحت الاحتلال، يعيش القهر والحصار المطبق، يتعرض للخطط التوسعية الصهيونية المدعومة إمبريالياً. هذا الشعب المكافح من أجل حقوقه، والمدافع عن وطنه وأرضه التي تقضم مساحات تلو مساحات، كفلت حقه المواثيق الدولية في مقاومة الاحتلال والعنصرية الصهيونية، وكفاحه لا يمكن أن يوصم بـ "الإرهاب". ويرى العالم هذا المشهد الدامي، حين يقتل الاحتلال أطفاله ونساءه، ويشرد شيوخه، وتتراقص ألسنة اللهب على مرأى العالم على سيل الدماء الفلسطينية، يأكل لهيبها البنية التحتية المتواضعة في قطاع غزة.
جرائم حرب صريحة في سلسلة متجددة من عمليات التدمير الجماعية، وإرهاب الدولة المنظم، هي أولاً برسم الدبلوماسية العربية، والتي لم تنجح حتى الآن، بالدعوة لعقد اجتماع للدول السامية، الموقعة والمتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة، للنظر في خروقات العنصرية الصهيونية لهذه الاتفاقية، والتي هي ركنٌ أساسيٌ في النظام الدولي، بل أهم ركائز القانون الدولي الإنساني. أمام أعيننا مشهد مذهل من مشاهد النفاق الدولي ـ الإمبريالي، فالجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين، جعل من فلسطين المنطقة الأولى في العالم من حيث معاناتها من جرائم الحرب المنظمة في إرهاب الدولة على يد نظام الاحتلال الصهيوني، جرائم آن الأوان لتقديم مرتكبيها المجرمين للعدالة الدولية، لكن الحماية الأمريكية المطلقة عسكرياً وسياسياً ودبلوماسياً وقضائياً، هي المفارقة الصارخة حول ادعاءات حقوق الإنسان، وهو ما يدفع المجرمون على الولوغ والإيغال في دم الأطفال الفلسطينيين، نموذجها الطفلة هدى … عذاب الروح يا ولدي على رمال شاطئ غزة الأشلاء البشرية. أمامنا حكم محكمة العدل الدولية بخصوص جدار الفصل العنصري، والذي تمّ تجاهله، فكيف لا توغل "إسرائيل" بجرائمها طالما أنها تحظى بالحماية الأمريكية السافرة، ومعها بعض الدول المتنفذة في النظام الدولي. الحالة الدولية أمام اختبار حاسم، فهي وبسببٍ من رفضها إدانة "إسرائيل"، والوقوف أمام الشرعية الدولية بصلابة وتصميم حاسم، فإنها بالمقابل تعمل على تقويض مختلف المؤسسات والنظم الدولية، مشهد مذهل من النفاق باسم حقوق الإنسان، بالغ الفجاجة والوقاحة مع الحالة الفلسطينية، والتي نسجل بها مئات من الأمثلة المشابهة.
دعوة إلى مؤازرة الحق الفلسطيني
لا أتوقف هنا، بل أؤكد بعدم الاستسلام لهذا الواقع، لأن الصمت على هذه الجرائم المتمثلة بخروقات الدولة وإرهابها المنظم مرفوض إنسانياً في عالمنا المعاصر، والرد بالإصرار على إلحاق العقاب بمرتكبي جرائم الحرب، وهنا أتوجه إلى المناضلين العرب والمناضلين في العالم، إلى مؤازرة الحق الفلسطيني، لم تعد تكفي الإدانة وفضح الطابع العنصري لهذا الاحتلال، أو الإشادة بالصمود الفلسطيني، فالتحالف الأمريكي ـ الإسرائيلي وتنظيرات النُظم الحاكمة بعدم القدرة على مواجهته، ليس تفسيراً كافياً للشعوب العربية التي ترفض هذا الانصياع، وبقدر ما هو تبرير للعجز في قضية حقوق الإنسان. فجرائم الحرب الإسرائيلية لا بد أن يقدم مجرمو الحرب الإسرائيليين للمحاكمة الدولية، كما أنها لا تبرر ضعف دور المجتمعات العربية في نصرة الشعب الفلسطيني، بل المطلوب القيام بتحريك الرأي العام في مختلف مناطق العالم ضد هذه الجرائم وبالطرق المناسبة.
س: غزة تحترق والأنظمة العربية تلتزم الصمت، برأيك هل تستطيع القيادة الفلسطينية الخروج من تلك الأزمة دون ضغط عربي ودولي على الاحتلال ؟
ج: الصمود والنضال الفلسطيني شكل على الدوام رافعة تاريخية لاستنهاض المواقف العربية والدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية، ومن تجربة حركات التحرر العالمية، لا تستطيع أية قوة استعمارية مهما بلغت سطوتها وقوتها وجبروتها أن تهزم شعباً مصمماً على النضال من أجل انتزاع حقوقه. فمن الجزائر إلى فيتنام إلى جنوب أفريقيا، شرط استعادة البرنامج السياسي الموحد، وحكومة ائتلاف وطني، ووحدة قوى المقاومة في الميدان، وإشاعة الديمقراطية وفق التمثيل النسبي في كل الانتخابات التشريعية والنقابات والاتحادات والجمعيات في الوطن والشتات.
شعبنا أحوج ما يكون إلى مثل هكذا قيادة ائتلافية بدلاً من الصراع على الصلاحيات الانقسامية بين الرئاسة والحكومة، وتضع نصب أعينها مصالح شعبها، وتتقدم الصفوف في المعركة، وأؤكد مرة ثانية عندما تتوحد القيادة مع الشعب يكون النصر حليف الشعوب المناضلة من أجل حريتها واستعادة حقوقها.
ما سبق لا يلغي حقيقة أن التدخل العربي والدولي مطلوب الآن بمبادرة فلسطينية ـ عربية ـ دولية جديدة لحل أزمة الجندي الأسير الإسرائيلي، من أجل كبح جماح العدوان الإسرائيلي، الذي خطط "لحرب سور واقي شارونية أخرى".
اما حول الموقف العربي فللأسف هذا انعكاس لتردي الحالة الرسمية العربية، ونحن لا نطلب من الأخوة العرب سوى أن يعززوا صمود شعبنا سياسياً، وأن يساعدونا في كسر الحصار الظالم المفروض على أبناء شعبنا، والذي يحرم أطفالنا من الغذاء والدواء، وهذه هي الحدود الدنيا من التضامن. نحن لا نطالب أحداً بأن يحرك جيوشه ليحارب، ولكن لا يعقل هذا التهافت الرسمي العربي، والصمت المريب. ونأمل أن تتحرك الشعوب العربية، وتضغط على حكوماتها من أجل أن تعيد النظر في مواقفها بما يلبي الحدود الدنيا من مطالب الشعوب العربية.
س: إلى أي مدى يساهم الإعلام العربي والعالمي في توضيح صورة ما يجري في المناطق الفلسطينية المحتلة، والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة ؟
المفارقة المعاشة الآن، أن الإعلام العربي يتحدث عن "حملة" إسرائيلية للإفراج عن جندي إسرائيلي، بينما ما جرى سابقاً وما يجري الآن هو سلسلة من التدمير المنظم لوسائل الحياة للفلسطينيين عن طريق حملات متواصلة منظمة مسبقاً مكملة لبعضها البعض، عبر العدوان اليومي، هذه المشاهد التوثيقية هي صور من فيلم وثائقي كامل للجرائم ضد الإنسانية، ينبغي جمعها ليشاهدها العالم. إن جوهر ومضمون هذا الفيلم الوثائقي هو البعد الفكري والسياسي للعنصرية الصهيونية، وهذا ما ينبغي التركيز عليه.
إصرار على تحطيم البنية الأساسية لشعب مدني
لقد شبه مبعوث الأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان جون دوغارد ـ والذي زار الأراضي الفلسطينية ـ ما يجري بكارثة إنسانية، وتتالت تحذيرات وكالات الإغاثة الدولية والصليب الأحمر الدولي، الذي ذكّر إسرائيل باتفاقية "جنيف الرابعة". فكل ما يجري هو عروض موثقة لجرائم الحرب الإسرائيلية، وينبغي تحويل الصراع إلى بعده العالمي ضد السياسات الإسرائيلية التي تدمر السلام العالمي في تخطيط منظم، ينبغي أن يعرف العالم هذه القضية، بالعمل على فضح الطبيعة العدوانية والاستعمارية لجرائم الحرب، وتجريد الكيان الصهيوني من إدعاءاته "الدفاعية"، فالجوهر هو قضية الاستيلاء على الأرض والموارد والمياه، وإقامة المستوطنات على أشلاء العائلات والأطفال، التي هي جرائم ضد الإنسانية.
في المدعى الإسرائيلي موضوعة الجندي الإسرائيلي الأسير، وما سوقته "إسرائيل" من ذرائع، لقد اقتاده المقاتلون الفلسطينيون من قلب دبابته وبسلاحه من موقعه المحصن في كرم أبو سالم (كيرم شالوم)، هذه عملية عسكرية لقوات حركة حماس، من الطراز الأول بالمعايير الدولية الشرعية، وهي مقاومة نموذجية للاحتلال وقواته العسكرية، لم يجرِ التعرض لمدني إسرائيلي، كما أن العملية لم تجرِ داخل المدن في أراضي عام 1948، بل جرت فوق أراضي تحظى بإجماع دولي على أنها خاضعة للاحتلال بموجب القرار 242، والإسرائيلي الأسير هو جندي نظامي يرتدي بزته العسكرية، وقوات المقاومة قايضته في عملية تبادل الأسرى (الأطفال والنساء الفلسطينيين)، والذي سبق لهم أن تعرضوا للخطف والأسر، إنها عملية فدائية تماثل عملية "قاعدة مرغنيت" العسكرية في قلب قطاع غزة، التي قامت بها كتائب المقاومة الوطنية ـ الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية، وسقط فيها ثلاث ضباط وجنود وعشرة جرحى وجهاً لوجه، جندي مقابل فدائي، دون المس بأي مدني إسرائيلي. يقابل ذلك الآن إصرار على تحطيم البنية الأساسية لشعب مدني تحت الاحتلال تحميه المواثيق الدولية نظرياً، بسببٍ من الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني. وعليه؛ لا بد من تفكيك وفضح خطابه أمام العالم، ونفي منطلقاته ومزاعمه على ضوء تاريخه الحقيقي، وعدم الاستسلام للصمت أو الإدانات أو تمجيد الذات، وأية ادعاءات للنظام العربي الرسمي والتي تساق في منحى العجز، بسببٍ من الدعم الأمريكي المطلق لعدوانية إسرائيل، وهذا العجز هو الذي يدفع الأخيرة إلى أن تستبيح كل شيء، وتفعل ما تشاء، طالما أنه ليس ثمة رادع بسببٍ من مرجعيات المصلحة الاستراتيجية الأمريكية، فالدولة الصهيونية من منظور المصالح الاستراتيجية الأمريكية أبعد من أن تكون عبئاً على الولايات المتحدة، ومصالحها لا تتعارض إطلاقاً مع المصالح الأمريكية، والمرجعية هنا ليست النشاط السياسي والاقتصادي بالمعنى المباشر، بل الأساس الفلسفي - الفكري، لكن هذا الدعم المطلق لها سيتعارض مع أهدافها السياسية والاقتصادية الاستراتيجية، وعليه فإن الحديث عن اللوبي الصهيوني وقوته، يبسّط الأمر ويختزله ويجافي الحقائق التاريخية، وعليها أن تدرك أن دعمها المتحيّز والمطلق لإسرائيل، سيلحق أبلغ الضرر بمصالح الولايات المتحدة ذاتها، فهي أبعد ما تكون عن العقلانية.
وأخيراً في الخلاصة الفلسطينية، نحن نشهد بداية التحول الوطني الكبير فلسطينياً، إذا نجحنا في تطبيق برنامج وثيقة الوفاق الوطني وآلياته التنفيذية، وعليه ندرك لماذا صعَّد أولمرت من مجازره إثر التوقيع على الوثيقة، فلا غرابة في ذلك. لقد استحضرنا مساحة متواضعة من الثقافة الديمقراطية عن طريق ربط الأفكار والتجارب بالتقدم والتغيير الصاعد، المرتبط بحركة الزمن، ما يجعل مفهوم التاريخ ذاته موضع حركة متتابعة، لا موضوعاً للثبات والتكيف المتسق بذاته، بما يتطلب الآن مواجهة أي محاولات للارتداد على "وثيقة الوفاق الوطني"، أو الالتفاف على بنودها، أو محاولات تعطيل ترجمتها على أرض الواقع، من أي طرفٍ كان. ولهذا مؤشرات الانفراد الفئوي لحل أزمة الجندي الأسير الصهيوني، بدلاً عن القرار الوطني الموحّد في إطار اللجنة الوطنية لفصائل المقاومة والرئاسة والحكومة القائمة في غزة الآن لحل الأزمة. فالنزعة التطورية هي في سياق استدعاء الاحتمال التاريخي المطلوب للعقلانية المُعممة، وفي لحظة سياسية راسخة، وفي ظرف تاريخي صعب مدعاة الدعم العربي الفعلي أولاً، والأممي الإنساني ثانياً.



#الجبهة_الديمقراطية_لتحرير_فلسطين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نص وثيقة الحوار الوطني الفلسطيني - وثيقة الأسرى المعدلة
- مباحثات بين الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وحزب الشعب الفل ...
- مبادرة مقترحة للحوار الوطني-الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- لا للاقتتال بين أخوة السلاح
- بلاغ صادر عن دورة أعمال المكتب السياسي الكاملة
- مشروع ورقة عمل المؤتمر الشعبي
- بيان صحفي صادر عن الجبهة الديمقراطية لحرير فلسطين والجبهة ال ...
- تواصل حملة الإدانة لقرار المجلس التشريعي الفلسطيني
- نحن الموقعون ادناه – دعوة لسن قانون جديد للانتخابات التشريعي ...
- التمثيل النسبي المفتاح الرئيسي لبناء مجلس وطني موحد لمنظمة ا ...
- الجبهة الديمقراطية تعقد مؤتمرها العام في الضفة
- برنامج سياسي موحد، حكومة وحدة وطنية، طريق الإصلاح الديمقراطي ...
- حكومة شارون تقتطع 7.5% من الضفة الفلسطينية داخل جدار الضم وا ...
- مذكرة - القوى والأحزاب والمنظمات والفعاليات الصديقة
- إدانة واسعة لسياسة الاعتقالات التي تمارسها أجهزة أمن السلطة ...
- الجبهة الديمقراطية ترشح تيسير خالد لانتخابات الرئاسة
- النصر للانتفاضة في عامها الخامس:
- سجل لتنتخب: معاً نصنع التغيير
- الانتخابات طريق الإصلاح والتغيير تعزيزاً للصمود ووفاء للأسرى ...
- حكومة شارون تكسر التزاماتها بوقف التوسع وضم المستعمرات الاست ...


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين - حواتمة في حوار شامل حول القضايا الساخنة الفلسطينية وتداعياتها العربية والدولية