أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - يفضلونها -جارية- .. ونريدها -صاحبة جلالة-















المزيد.....

يفضلونها -جارية- .. ونريدها -صاحبة جلالة-


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1611 - 2006 / 7 / 14 - 10:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نجحت الجماعة الصحفية فى انتزاع نسبة لا بأس بها من المطالب التى رفعتها منذ اندلاع "انتفاضتها" الثانية.
وإذا كانت انتفاضتها الأولى قد نجحت فى اسقاط القانون 93 لسنة1995، فان الانتفاضة الثانية - التى انطلقت فى أعقاب كشف النقاب عن الطبيعة الاستبدادية للمشروع الحكومى لتعديل مواد قانون العقوبات المتعلقة بقضايا النشر – قد حققت عدداً من الانجازات لعل أهمها قاطبة إلغاء عقوبة الحبس فى جرائم التعرض للذمة المالية للأفراد، على أثر التدخل المفاجئ للرئيس حسنى مبارك، فى آخر لحظة قبل تأهب مجلس الشعب لاقرار هذا المشروع المعيب والمريب.
وهذه الخطوة الأخيرة تكتسب أهميتها من أكثر من زاوية:
الأولى هى أن الأغلبية الساحقة من قضايا السب والقذف فى قضايا النشر تتعلق بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالتعرض للذمة المالية للأفراد والشخصيات العامة.
الزاوية الثانية هى أن محاولة فرض عقوبة الحبس على جرائم التعرض للذمة المالية للأفراد، كانت تعنى – فى التحليل النهائى – تحصين الفساد، بل ربما كانت تتجاوز التحصين إلى التشجيع. لأنها كانت تقيد أيدى الصحفيين – وغير الصحفيين – عن الاقتراب من هذه الدائرة الحمراء التى تحترق أصابع من يحاول اختراقها وكشف المستور داخلها. وبهذا النحو فان صاحب العبارة التى هوت إلى قاع البحر الأحمر وأغرقت معها أكثر من ألف مصرى ومصرية كان يستطيع أن يحبس كل من تسول له نفسه مجرد التلميح إلى ذمته المالية ولو من بعيد. كما أن محمود محيى الدين وزير الاستثمار وهادى فهمى رئيس الشركة القابضة للتجارة كان بإمكانهما الزج بنصف الصحفيين ورسامى الكاريكاتير المصريين إلى غياهب السجون لتجاسرهم على إثارة التساؤلات حول صفقة بيع عمر أفندى أو غيرهما من صفقات برنامج الخصخصة.
وهكذا فانه بدلاً من تشجيع المواطنين الصالحين – صحفيين كانوا او غير صحفيين - على التصدى للفساد، كأن هذا التشريع ينطوى على تشجيع للعناصر الفاسدة على أن ترتع كما تشاء وتعبث بالمال العام كما يحلو لها دون حسين او رقيب.
الزاوية الثانية هى أن ترزية القوانين الذين قاموا بـ "تفصيل" هذا المشروع الاستفزازى اطلقواً سحباً كثيفة من الدخان مصاحبة لطرحه، وخلقوا جوا من التربص والعصبية بل والغوغائية فى محاولة لتأليب الرأى العام على الصحفيين، وتصوير معارضتهم لهذا المشروع المريب على أنها محاولة للاستئثار بـ"مزايا" شخصية لا يتمتع بها باقى خلق الله بينما يعلم هؤلاء "الترزية" أن هذه الميزة – اذا ما تم افتراض انها كذلك بالفعل – ليست ميزة شخصية وإنما ميزة مهنية. بالضبط مثلما يعاقب حكم كرة القدم اللاعب الذى يضرب زميله بعقوبة تتراوح بين الضربة الحرة المباشرة وبين الطرد من المباراة كما حدث مع زين الدين زيدان يوم الأحد الماضى فى نهائى كأس العالم، بينما يعاقب نفس اللاعب بالحبس أو الغرامة اذا ارتكب نفس الخطأ خارج أرض الملعب.
الزاوية الرابعة هى أن الخروج من هذا المأزق الذى صنعه ترزية القوانين فى كواليس الحكومة ، لم يأت عن طريق البرلمان، ناهيك عن أنه لم يأت عن طريق الحزب الوطنى الديموقراطى الذى تسيطر أغلبية نوابه على مجلس الشعب، أو عن طريق حكومة الحزب الوطنى التى تقدمت بهذا المشروع الفضيحة.
وإنما جاء "الفرج" عن طريق رئيس الجمهورية الذى تدخل مباشرة، وفى اللحظة الأخيرة التى كان زعماء الحزب الوطنى ونوابه فى البرلمان يدقون فيها طبول الحرب على الصحافة والصحفيين، ويسنون السكاكين لذبح حرية الصحافة.
واذا كان هذا يعنى أن مبارك قد استجاب لمطالب انتفاضة الصحفيين، وهذه مسألة تحسب له، فانه يعنى أيضاً أننا مازلنا نعيش فى كنف دولة أبوية تقليدية، وليس فى ظل دولة مؤسسات حقيقية. حيث مؤسسة الرئاسة هى المؤسسة الوحيدة الفاعلة، بينما باقى المؤسسات إما شكلية وصورية وإما مشغولة بحسابات صغيرة ضيقة الأفق. ومثلما رأينا بالأمس الأول "مؤسسة الحكومة" تعجز حتى عن اتخاذ قرار فيما يخص التلميذة آلاء بنت شربين دقهلية وتتلعثم فى تقرير نتيجة امتحان مادة التعبير، ويظل مصير الفتاة المسكينة معلقاً حتى تدخل الرئيس مبارك ليأمر بنقلها من الصف الأول إلى الصف الثانى الثانوى.
ها نحن قد رأينا بالأمس القريب مؤسسة التشريع تخضع لشعوذة ترزية القوانين، وكادت ان تضع ختم الاقرار على مشروعهم الذى يتلمظ له اللصوص والحرامية وشذاذ الآفاق المتحالفين مع أساطين الاستبداد.
وهنا نفتح قوساً لجملة اعتراضية للتنبيه لتجنب التعميم بل يجب تسجيل أن بعض نواب الحزب الوطنى اتخذوا موقفا محترما ورفضوا الانسياق وراء قطيع الدعوة لذبح الصحفيين، ونخص منهم بالذكر محمد أبوالعينين ومصطفى السعيد وحمدى السيد وأحمد أبوحجى وغيرهم من النواب المحترمين الذين لا تحضرنى أسماءهم الآن .
لكن هذه الجملة الاعتراضية لا تمنعنا فى التحليل النهائى من ملاحظة أن مؤسسة التشريع اخفقت فى الاستماع إلى مبادرة الحوار التى طرحتها نقابة الصحفيين وساندتها كل القوى الديموقراطية فى المجتمع. وصنعت أذنا من طين وأخرى من عجين إزاء كل الانتقادات العاقلة والمنطقية .. ولم تغير موقفها إلا بعد رفع مبارك سماعة التليفون صباح الأثنين الماضى وتحدث مع الدكتور أحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب طالبا منه إلغاء الحبس على النحو المعروف.
بعدها مباشرة .. وقبل أن يضع الرئيس السماعة وينهى مكالمته مع سرور كان "النواب" الذين أبدوا حماسا هسيتريا لعقوبة الحبس هم أنفسهم الذين قاموا بكيل المديح لالغاء العقوبة ذاتها ووصف هذا الالغاء بأنه تدعيم للديموقراطية والحرب على الفساد.
وهذه فضيحة سياسية، قبل أن تكون أخلاقية، يجب التوقف طويلاً أمام أبعادها الكارثية ودلالاتها المأساوية، خاصة إذا وضعنا فى اعتبارنا ان مجلس الشعب، ومن قبله مجلس الأمة، لم يضبط متلبساً مرة واحدة منذ 23 يوليو 1952 بسحب الثقة من حكومة أو وزير او حتى شيخ بلد، ولم يبادر مرة واحدة باقتراح تشريع وعدم انتظار وصوله إليه من مطبخ الحكومة!
الزاوية الخامسة هى أن انتفاضة الصحفيين الثانية قد لعبت الدور الأكبر فى تحقيق هذا الانجاز، وهذه الانتفاضة قد اكتسبت فاعليتها، ومصداقيتها، من مشاركة الصحفيين – على اختلاف مدارسهم الفكرية والسياسية والمؤسساتية – بها. فبينما لجأت الصحف الحزبية والخاصة إلى الاحتجاب الجماعى يوم الأحد الماضى شاركت كثير من الصحف القومية فى هذه الحركة الاحتجاجية بالكتابة النزيهة. ونستطيع – نحن أبناء "الجمهورية" – أن نفخر بأن جريدتنا كانت فى المقدمة وبهذا الصصدد.
وليست هذه شهادتنا نحن فقط، بدليل أننى ما إن أشرت فى المؤتمر الصحفى العالمى الذى عقد يوم الأحد الماضى بنقابة الصحفيين إلى الدور المحترم الذى لعبته الجمهورية فى ذورة هذه الانتفاضة الصحفية النبيلة حتى دوت القاعة بالتصفيق الحاد، وأكد نقيب الصحفيين الأستاذ جلال عارف على هذا المعنى فى كلمته.
ولاشك ان هذا الدور الرائع للصحفيين من كل المؤسسات ومن كافة المدارس الفكرية وشتى الانتماءات الحزبية كان – ولا يزال - جوهرتنا الثمينة التى يجب أن نحافظ عليها فى مسيرتنا التى لم تنته بعد.
هذا الدور المبدئى الذى تكاتف فيه الصحفيون وتشابكت فيه أياديهم دفاعاً عن حرية الصحافة أثبت للقاصى والدانى أنه بينما يتلمظ تحالف الاستبداد والفساد إلى تحويل الصحافة إلى "جارية" فى قصر السلطان أو خزائن المال يتمسك الصحفيون – ومعهم كل الديموقراطيين – بأن تبقى مهنة البحث عن المتاعب "صاحبة الجلالة" التى ترعى الحق والخير والجمال .. ولو كره الفاسدون.





#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من حق الجماعة الصحفية أن تفرح.. وأن تواصل مسيرة الأحلام
- المساعدات الأمريكية تنتهى عام 2009 .. فما هو البديل .. وهل ق ...
- لماذا يكرهون الصحفيين .. ولا يستغنون عن الصحافة؟!
- مبادرة راجي عنايت
- لماذا يتلذذ -ترزية القوانين- بحبس الصحفيين؟!
- اغتيال مهنة الصحافة
- »شاهد شاف كل حاجة« يعيد فتح ملفات المعونة الأمريكية
- »أربعين مليار« يا أولاد الحلال!!
- وزارة مرفوعة من الخدمة!
- يا وزير التعليم .. ماذا أنت فاعل فى هذه الفضيحة؟!
- هل يستسلم الوزراء لعبث الصغار؟!
- الدكتور حسن سليم يكشف خفايا مفاوضات -المساعدات- الأمريكية
- حسام بدراوي
- نبيل الهلالى
- بعد الرحيل الجماعي لرموز أجياله المتعاقبة.. اليسار يتشح بالس ...
- اليوم .. الصحافة فى محكمة الجنايات 2
- غداً .. الصحافة فى محكمة الجنايات
- اختلفوا علي كل شيء.. واتفقوا علي معاداة العلمانية
- معضلة أحمد عز
- الارهاب .. على الطريقة الكندية


المزيد.....




- عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر
- واشنطن: سعي إسرائيل لشرعنة مستوطنات في الضفة الغربية -خطير و ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهدافه دبابة إسرائيلية في موقع ال ...
- هل أفشلت صواريخ ومسيرات الحوثيين التحالف البحري الأمريكي؟
- اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات (فيديو) ...
- أعراض غير اعتيادية للحساسية
- دراجات نارية رباعية الدفع في خدمة المظليين الروس (فيديو)
- مصر.. التحقيقات تكشف تفاصيل اتهام الـ-بلوغر- نادين طارق بنشر ...
- ابتكار -ذكاء اصطناعي سام- لوقف خطر روبوتات الدردشة
- الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على جنوب لبنان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - يفضلونها -جارية- .. ونريدها -صاحبة جلالة-