أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - سعد هجرس - من حق الجماعة الصحفية أن تفرح.. وأن تواصل مسيرة الأحلام















المزيد.....

من حق الجماعة الصحفية أن تفرح.. وأن تواصل مسيرة الأحلام


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1610 - 2006 / 7 / 13 - 10:51
المحور: الصحافة والاعلام
    


لا أحب استخدام الكلمات »الكبيرة« والرنانة التي فقدت معناها الحقيقي من كثرة ابتذالنا لها واستخدامها بمناسبة ودون مناسبة، والمبالغة في تقييم اي حدث واعتباره »انجازا تاريخيًا« مع انه ليس انجازا وليس له علاقة بالتاريخ او الجغرافيا.
ومع ذلك.. فإنني لا استطيع ان اكبح جماح اندفاعي الي تقييم احداث الايام الاخيرة، في الساحة الصحفية، بوصفها انجازا حقيقيا، وربما انجازا تاريخيا كذلك.
فقد وجدت الجماعة الصحفية نفسها، فجأة ودون سابق انذار، في مواجهة مشروع حكومي لتعديلات مواد قانون العقوبات المتعلقة بقضايا النشر.
وقد جاء هذا المشروع ليمثل صدمة لأشد الناس تشاؤما، نظرا لما مثله من اسقاط لوعد الرئيس حسني مبارك في 23 فبراير 2004 بالغاء التشريعات التي تجيز الحبس في قضايا النشر، ولما مثله ايضا من اغتيال حقيقي لحرية الصحافة، وتحصين للفساد والمفسدين.
وتصور »ترزية القوانين« الذين قاموا بـ»تفصيل« هذا المشروع المريب انهم سينجحون في تمريره استنادا الي الاغلبية العددية للحزب الحاكم في البرلمان.
لكنهم فوجئوا بـ»انتفاضة« صحفية، شارك فيها الصحفيون علي اختلاف منابعهم الفكرية ومشاربهم السياسية والايديولوجية ودون تفرقة بين مؤسسات صحفية »قومية« او »حزبية« او »خاصة«، ودون تفرقة بين »يسار« او »يمين« و»وسط«.
حتي بعض الصحفيين الذين يشغلون مناصب بارزة في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم اعلنوا انضمامهم الي الانتفاضة الصحفية، واضعين حرية الصحافة فوق انتمائهم الحزبي.
ثم ان هذه الانتفاضة رفعت مطالب الجماعة الصحفية بصورة واضحة لا لبس فيها، واعلنت عزمها علي خوض معركة طويلة الامد، تستخدم فيها كل اسلحة النضال الديمقراطي السلمي بصورة مدروسة ومتصاعدة من اجل اسقاط هذا القانون الاستبدادي.
وبعد المواقف المبكرة لمجلس نقابة الصحفيين التي فضحت المحتوي الرجعي للمشروع الحكومي، سارع رؤساء تحرير الصحف الحزبية والمستقلة الي الاجتماع والتشاور وتداول الآراء حول سبل مواجهة هذه الكارثة المحدقة بالجميع، ولم يتم الاكتفاء باصدار بيانات الشجب والاستنكار اياها، بل اتفقت هذه القيادات الصحفية علي خطوة غير مسبوقة هي الاحتجاب عن الصدور يوم الاحد الموافق 9 يوليه. وبعد ان كان عدد القيادات الصحفية الموقعة علي هذا البيان لا يتجاوز اثنتي عشرة صحيفة يومية واسبوعية حزبية ومستقلة سرعان ما تصاعد العدد ليصل الي 28 صحيفة احتجبت كلها عن الصدور.
هذا الموقف غير المسبوق في تاريخ الصحافة المصرية -علي الاقل بهذا العدد الغفير من الصحف الذي يضم كل الصحف الحزبية والمستقلة المهمة- جعل من التاسع من يوليه يوما تاريخيا بالفعل.
وزاد من اهمية هذا الحدث الاستثنائي ان الصحف القومية التي صدرت في نفس يوم الاحتجاب كانت -في اغلبيتها الساحقة- متعاطفة مع الصحف المحتجبة ومؤيدة لقضية التصدي للمشروع الحكومي الذي يغتال مهنة الصحافة.
بل إن بعض الصحف القومية لم تكتف بابداء هذا التعاطف من خلال السماح لكبار كتابها بالتعبير عن رفضهم لهذا المشروع الحكومي الديكتاتوري، وانما ايضا من خلال تغطية خبرية رائعة ومتميزة لمناقشات هذا المشروع تحت قبة البرلمان.
وأخص بالذكر هنا جريدة الجمهورية التي صدرت عشية الاحتجاب بمانشيت رائع لعددها الصادر يوم السبت الماضي يقول »مجلس الشعب يتعجل حبس الصحفيين« واختتمت الجمهورية القصة الخبرية التي كتبها الزميل محمود نفادي تحت هذا المانشيت بعبارة لا تقل روعة تقول بالنص »ويكون قانون حبس الصحفيين هو سوء الختام لاول دورة في عمر برلمان المستقبل«.
وهذا يعني ان يوم التاسع من يوليه قد حفر لنفسه مكانا في التاريخ المعاصر لمصر باعتباره يوم انتفاضة الصحفيين المصريين علي جميع انتماءاتهم السياسية والفكرية والمؤسساتية، الذي تضافرت فيه اشكال شتي من الكفاح: الاحتجاب عن الصدور، والتضامن المهني والسياسي من جانب الصحف التي صدرت، والوقفة الاحتجاجية امام مجلس الشعب اثناء مناقشته للمشروع الكارثة، والمسيرة السلمية من امام مجلس الشعب الي مقر نقابة الصحفيين بعد انتهاء الوقفة الاحتجاجية التي شارك فيها نواب من البرلمان وممثلون عن منظمات المجتمع المدني والقوي الديمقراطية والنقابية، ثم تتويج هذا كله بمؤتمر صحفي عالمي برئاسة نقيب الصحفيين الاستاذ جلال عارف وبمشاركة القيادات الصحفية للصحف الحزبية والمستقلة المحتجبة، تمت فيه تلاوة البيان الثاني الذي يتضمن تقييما للموقف وتحديدا للمطالب وتعهدا بمواصلة الكفاح بشتي السبل الديمقراطية حتي تلبية هذه المطالب الديمقراطية المشروعة، بينما كانت الاصوات علي الجبهة الاخري -اي جبهة ترزية هذا القانون الرديء والمريب- تهدد وتتوعد وتقول »طظ في الصحافة والصحفيين« وتقسم علي المصحف والانجيل انها لن تتنازل قيد انملة عن كلمة واحدة وردت في المشروع الحكومي.
لكن بعد ساعات معدودات، وبمجرد انبلاج نور صباح اليوم التالي، اي يوم الاثنين الموافق العاشر من يولية، تناقلت وسائل الاعلام المصرية والعالمية خبرا صغير الحجم عظيم الدلالة يقول بالنص »اتصل الرئيس حسني مبارك هاتفيا اليوم الاثنين بالدكتور احمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب وطالبه بالغاء الحبس في جرائم القذف الخاصة بالذمة المالية ومضاعفة العقوبة المالية« وهو البند الذي كان موضع اعتراض لدي الاغلبية الساحقة من الصحفيين المصريين.
وبهذا تمت الاستجابة لاحد المطالب الاساسية للجماعة الصحفية التي اعتبرت ان اشهار سيف الحبس علي رقاب الصحفيين فيما يتعلق بجرائم القذف الخاصة بالذمة المالية انما هو قتل لمهنة الصحافة وترويع للصحفيين وتحصين للفساد.
وبهذا ايضا تكون الجماعة الصحفية قد انتزعت مكسبين لا يستهان بهما بين الاجتماع الاول لرؤساء تحرير الصحف الحزبية والمستقلة والاجتماع الثاني لهم تحت سقف نقابة الصحفيين هما الغاء الحبس في جرائم القذف الخاصة بالذمة المالية، وجعل عقوبة الحبس »جوازية« بعد ان كانت »وجوبية« في الجرائم الاخري.
ومن حقنا ان نغتبط بهذا الانجاز، حتي وإن بقيت لنا تحفظات اساسية حول امور اخري، اهمها ان تدخل رئيس الجمهورية لم يشمل الغاء الحبس في مواد اخري، وأن قيمة الغرامات المالية مبالغ فيها جدا خاصة اذا ما وضعنا في الاعتبار هزال رواتب غالبية الصحفيين.
وتبقي قضية مهمة.. لا ينبغي ان تفوتنا دلالالتها، هي ان معظم القضايا المهمة اصبحت تنتظر تدخل الرئيس شخصيا.
وبالطبع.. فإنه حسنا ان يستجيب الرئيس الي نبض الناس.. لكن من غير المعقول في بلد كبير وعريق مثل مصر ان يكون كل شيء ، كبيرا كان او صغيرا، معلقا بشخص الرئيس الذي ظلت الحكومة عاجزة عن اتخاذ اي موقف حتي في اعتماد نتيجة تلميذة في الصف الاول الثانوي في مادة التعبير حتي يبت هو شخصيا في الامر!
صحيح ان الدستور يعطي هذه الصلاحيات لرئيس الجمهورية.. لكن اتساع نطاق هذه الصلاحيات بصورة هائلة يعني ان لدينا مشكلة في نسبية التوازن بين السلطات الثلاث، وفي استفحال السلطة التنفيذية وغلبة كفتها علي باقي السلطات ، بشكل ينبهنا للمرة المليون اننا ما زلنا- رغم عراقة حياتنا البرلمانية- ما زلنا دولة بطريركية ابوية، بما يعني ايضا ان الطريق ما زال طويلا امام انتقالنا الي ان نكون دولة ديمقراطية مدنية حديثة.
وكان تدخل الرئيس مبارك شخصيا - وهو تدخل مشكور علي اي حال- مؤشرا يذكرنا بأن الاصلاح السياسي والدستوري ليس ترفًا، بل انه مطلب عاجل وملح.. قبل ان يتسع الخرق علي الراقع.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المساعدات الأمريكية تنتهى عام 2009 .. فما هو البديل .. وهل ق ...
- لماذا يكرهون الصحفيين .. ولا يستغنون عن الصحافة؟!
- مبادرة راجي عنايت
- لماذا يتلذذ -ترزية القوانين- بحبس الصحفيين؟!
- اغتيال مهنة الصحافة
- »شاهد شاف كل حاجة« يعيد فتح ملفات المعونة الأمريكية
- »أربعين مليار« يا أولاد الحلال!!
- وزارة مرفوعة من الخدمة!
- يا وزير التعليم .. ماذا أنت فاعل فى هذه الفضيحة؟!
- هل يستسلم الوزراء لعبث الصغار؟!
- الدكتور حسن سليم يكشف خفايا مفاوضات -المساعدات- الأمريكية
- حسام بدراوي
- نبيل الهلالى
- بعد الرحيل الجماعي لرموز أجياله المتعاقبة.. اليسار يتشح بالس ...
- اليوم .. الصحافة فى محكمة الجنايات 2
- غداً .. الصحافة فى محكمة الجنايات
- اختلفوا علي كل شيء.. واتفقوا علي معاداة العلمانية
- معضلة أحمد عز
- الارهاب .. على الطريقة الكندية
- رسالة من كندا إلي أحمد نظيف.. ابن مونتريال


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - سعد هجرس - من حق الجماعة الصحفية أن تفرح.. وأن تواصل مسيرة الأحلام