أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - طارق حربي - بلد رفاعي!














المزيد.....

بلد رفاعي!


طارق حربي

الحوار المتمدن-العدد: 1609 - 2006 / 7 / 12 - 09:09
المحور: المجتمع المدني
    


كلمات
-135-
ينقل الزميل علاء الرفاعي مراسل موقعنا (سومريون.نت) في مدينة الرفاعي خبرا لافتا، في زحمة التفجيرات وقطع رؤوس العراقيين، ووضعها في صناديق الفواكه والخضروات!!، يقول الخبر : أن مدينة الرفاعي شهدت في الأيام الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في أسعار الفواكه والخضروات!، ولم تكن مشاكل لسقي الحقول هناك سببا في شحة المحاصيل المذكورة، فنحن نعيش في الألفية الثالثة بعد الميلاد وليس في القرن الثالث قبل الميلاد!، حيث كان ذلك المثلث السومري الذي تقع فيه اليوم (الكرادي ثم أبدل اسمها إلى الرفاعي رئيس وزراء العراق الأسبق ياسين الهاشمي خلال زيارته لها في العام 1953) ، مسرحا للصراع على المياه بين دولتي لكش وأوما أو (جوخة) السومريتين، قبل أن تحل كل النزاعات المائية على يد ملك لكش (أنتمينا) بشق نهر الغراف* وليس السبب مشكلة نوعية البذور أو خصوبة الأرض، فمثل تلك المحاصيل لاتزرع في الرفاعي، لكنه طاعون العراق الجديد الذي اسمه الإرهاب : يحصد أرواح البشر ويمحل الحقول ويرفع فيها علامات الموت والفناء، ويفجر الأسواق وعمال المساطر وكان للرفاعي نفسها حصة في شهداء المساطر، حيث ذهبت سيارة مفخخة في العام الماضي بأرواح عدد من فقرائها الساعين في بغداد إلى مايسد الرمق ويرد غائلة العوز!
بين منطقتي شمال التاجي وبلد الغنية بمحاصيل الفواكه والخضروات، وللمرة الثانية خلال عامين، يتم خطف تجار الفواكه والخضروات الرفاعيون، حيث تعود هؤلاء شراء الغلة من بلد، وفي كلتا الغزوتين غير المباركتين، يذهب الإرهابيون بالتجار إلى مناطق مجهولة، لتُصبحَ الرفاعي على دكاكين خاوية وأقفاص خضار فارغة، حيث يُضرب الأمن الغذائي لمدينة وادعة وتعاد ذكريات أيام الحصار السود!
وادعة في أخبار الأصدقاء الأعزاء من سكنة الرفاعي نفسها، كما في الصور التي يزودنا بها الزميل المراسل وعلى أرض الواقع، حيث تشتهر الرفاعي بوداعة أهلها وتعاطيهم مع الفكر وكثرة الموهوبين في الأدب، بل أن حتى المواطن البسيط يتنفس الشعر ويحفظ عن ظهر قلب العشرات من الدارميات، هذا الأدب الشعبي الشفاهي الذي يختزن مرارات السياسة التي مر بها العراق عامة والرفاعي خاصة، بما في ذلك سنوات بل عقود من إهمال المدينة، بل ومحافظة ذي قار والجنوب كله، ناهيك بالفقر والعوز في العهدين، ليأتي الإرهاب أخيرا ويكمل مسيرة الكفر البعثي بالعراق وأهله، وتضرب الثقافة البعثية والعروبية الناس في قوتهم وأرزاقهم.
نقول لهم دائما أن العراق بلد الجميع حتى وإن أصبح (بيد البلى نهبُ....) وهو ذو طبيعة تكاملية فإبن العاصمة يحنُّ ويتوحد ويفدي شركاءه في المصير الواحد، سواء في المدن الكبيرة أو الصغيرة، وبالعكس، وإذا كانت الموصل سلة الخبز للعراقيين كما رسخ في أذهاننا صغارا أساتذة الجغرافيا، فإن تمر البصرة فاضت حلاوته ليس على العراقيين حسب، لكن على دول الخليج ويخبرنا التأريخ بأن السعودية كانت تعيش على تمر البصرة، قبل اكتشاف النفط فيها، وهاهي تبادل حلاوة التمر ونقاء العراقيين بإرسال الإرهابيين لذبح مواطنينا الأعزاء، تحت غطاء شركات وهمية وتجار ومحسنين!!
ومادمنا نتذوق حلاوة تمر البصرة فإنني أتذكر جيدا أن الفلاحين البسطاء في أبي الخصيب، في منطقة حمدان على وجه الخصوص، خلال الحرب الملعونة في شرق البصرة، وكانت مكابس التمور على مرمى حجر، كان أولئك الفلاحون الطيبون يقدمون لنا أجود أنواع التمور وأشهاها من النخيل (النواش!) : أي الذي تنوش عثوقه أيدينا، ويقولون لك بطيبة قلب أن هذا التمر اسمه كذا وذاك كذا، ثم لما وضعت الحرب المجنونة أوزارها، انتقلت إلى وحدة عسكرية تقع بين حقول الرقي والبطيخ في مدينة بلد، وكنت أعبر خطوط سكك الحديد القديمة وتلك الحقول الشاسعة يوميا تقريبا وصولا إلى إلى الشارع العام، وكانت المنطقة تنعم بالسلام والأمن والهدوء، والفلاحون لطفاء يدعوننا كإخوتهم فلاحي أبي الخصيب إلى تناول الرقي والبطيخ مجانا أحيانا، وتبادل أطراف الحديث عن الحرب وغيرها، ولم يفكروا قطعا ايامئذ في خطف أحد منا أو حمله إلى جهة مجهولة!!
قبل أن ينقسم العراق الجديد تحت ضغط ثقافة بقايا البعث السائدة ومفخخات الإرهابيين، إلى كانتونات سنية وشيعية وقومية ومذهبية وغيرها، كانت حقول العراق وغاباته وبساتينه تفيض بغلالها وخيراتها على الناس في أرض السواد، بينما يواصل النهران المقدسان المسير في شراييننا ووجداننا، فمتى تعود تلك الأيام الراضية المرضية إلى عراقنا الجديد!؟

*الفكر السياسي في العراق القديم عبد الرضا الطعان



#طارق_حربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بن لادن جندي أمريكا الوفي!
- السمك مقابل الوقود!
- !!تمن أبو الكَمُل - من استراليا..البيض والدجاج التالف من ولا ...
- الشعوب العربية المضطهدة والزرقاوي وعقدة البطل القومي!!
- هلك الزرقاوي إلى جهنم وبئس المصير
- زَيِّنْ شعرَكْ بدون تحديد..آخر فتاوى طالبان الشيعية في الناص ...
- يالرخص الروح حتى في ملاعب كرة القدم العراقية!!
- إطردوا طارق الهاشمي من منصب نائب الرئيس، وحاكموه لدعمه الإره ...
- الدفاع والداخلية وزارتان أمنيتان لايجوز إعلان الحكومة بدونهم ...
- ليت مبارك مثل مواطنه سيد القمني فينصف أمتنا العراقية وحضارتن ...
- لو كان لدى الأسد (نووي) فيزايد على جراح العراقيين ومآسيهم!؟
- حكومة تشكلي..حجنجلي بجنجلي!!
- سماسرة الأسلحة في انتظار الحرب الأهلية!
- لماذا يتحالف مقتدى مع ملوك ورؤساء الأنظمة المعادية للشعب الع ...
- جندي عابر قارات وقصائد أخرى
- وزارة لاتحمي نفسها كيف نطالبها بحماية أرواح العراقيين!؟
- أعطوهم الدفاع والداخلية..وتصدقوا علينا رجاء بوزارة الثروة ال ...
- أدين بشدة الإعتداء الإجرامي على مقر الحزب الشيوعي العراقي في ...
- البعثيون الفاشيون
- مؤتمر القاهرة للمصالحة الوطنية أم لعودة البعثيين والعمالة ال ...


المزيد.....




- احتجاجات أمام سجن محلي في تكساس للإفراج عن طلبة تظاهروا دعما ...
- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - طارق حربي - بلد رفاعي!