أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبدالله المدني - نهاية الإرث السياسي لآل باندرنيكا















المزيد.....

نهاية الإرث السياسي لآل باندرنيكا


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 1607 - 2006 / 7 / 10 - 11:19
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


كغيرها في منطقتي جنوب و جنوب شرق آسيا، حيث الأسر السياسية التي لعبت دورا في قيادة البلاد إلى الاستقلال و بناء الدولة الحديثة هي المهيمنة على الحياة السياسية أو هي محور الحراك السياسي، ظلت سريلانكا بعيد استقلالها في عام 1948 تدار من قبل احد أفراد أسرة آل باندرنيكا، باستثناء ما مجموعه 28 سنة. بل انه حتى في تلك السنوات ظلت الأسرة من خلال حزب الحرية الذي أسسه زعيمها "سولومون دياز باندرانيكا" في عام 1951 تلعب دورا محوريا في الحياة السياسية عن طريق قيادة المعارضة في البرلمان.

البداية كانت في عام 1956 حينما فاز الحزب و حلفائه بقيادة مؤسسه بواحد وخمسين مقعدا من مجموع مقاعد البرلمان البالغة وقتذاك 95 مقعدا. و قد عد ذلك في حينه بداية الأفول السياسي لأسرة سينانيكا التي قادت البلاد نحو الحرية عبر الحزب الوطني المتحد و خرج منها أول ثلاث رؤساء للحكومة في العهد الاستقلالي، حيث لم يستطع الحزب المذكور أن يحصل إلا على 8 مقاعد فقط.

لكن حقبة باندرنيكا المؤسس كانت قصيرة و لم تتجاوز السنوات الثلاث، كنتيجة لاغتياله في عام 1959 على يد كاهن بوذي بسبب ما قيل عن امتعاض الكثيرين من عدم وفائه بتعهداته حول تمكين البوذية السنهالية من لعب دور محوري في شئون البلاد. و لم تمض عدة اشهر على واقعة الاغتيال إلا و كانت أرملة القتيل السيدة "سيريمافو باندرنيكا" تصعد إلى السلطة كنتيجة لفوز حزب الحرية في انتخابات 1960، و تدخل التاريخ كأول رئيسة وزراء في العالم. وعلى الرغم من افتقاد الأخيرة لثقافة زوجها و شخصيته الديناميكية و الكاريزمية، إلا أنها استطاعت توظيف ارثه السياسي في البقاء في الحكم حتى عام 1965 ، حينما خسر حزبها انتخابات ذلك العام لصالح الحزب الوطني المتحد بقيادة "دودلي سينانيكا". غير أن باندرنيكا عادت إلى السلطة في عام 1970 بتحقيق حزبها نصرا كاسحا تجسد في حصوله على 116 مقعدا من اصل 151 مقعد، وظلت فيها سبع سنوات متواصلة تميزت بالكثير من الجدل والمماحكات والفساد السياسي والقرارات الاقتصادية العشوائية.

في الانتخابات البرلمانية التالية في عام 1977 ، تلقى حزب الحرية هزيمة ماحقة على يد الحزب الوطني المتحد الذي كانت قيادته قد آلت إلى جونيوس ريتشارد جاياواردينا (من أقارب أسرة سينانيكا البعيدين). حيث لم يحصل الأول إلا على 8 مقاعد فيما حصل الثاني على 140 من اصل 168 مقعدا، الأمر الذي أطلق يد جاياواردينا في إحداث تغييرات سياسية كثيرة، شملت تغيير الدستور وتبني النظام الرئاسي بدلا من النظام البرلماني و تحرير الاقتصاد و مصادرة الحقوق السياسية للسيدة باندرنيكا لمدة سبع سنوات بتهمة استغلال النفوذ، ناهيك عن إسناد رئاسة الحكومة لأول مرة إلى شخصية من الطبقات الدنيا هو "راناسينغا بريماسادا".

و حينما أجريت أول انتخابات رئاسية في عام 1988 ، كانت باندرانيكا العائدة إلى المعترك من سنوات الحظر السياسي تقود حزبا أنهكته الصراعات الداخلية ما بين ابنها الوحيد "أنورا باندرنيكا" و قادة حزبيين آخرين، فلم تستطع الفوز برئاسة سريلانكا التي آلت إلى بريماسادا. وقد مثل انتصار الأخير منعطفا هاما في تاريخ البلاد، ليس فقط بسبب أيلولة الرئاسة إلى شخصية متواضعة من خارج دائرة النخب ذوي الثقافة الإنجليزية، و إنما أيضا بسبب خسارة أسرتي سينانيكا وباندرنيكا معا للسلطة لأول مرة منذ الاستقلال.

أما التي أعادت الوهج إلى أسرة باندرنيكا، خلافا لكل التوقعات، و مكنتها مرة أخرى من عودة مظفرة إلى السلطة، فلم تكن سوى ابنة زعيمها المؤسس " تشاندرايكا كوماراتونغا"، خريجة العلوم السياسية من جامعة باريس، التي فازت برئاسة الحكومة في أغسطس 1994 على رأس "تحالف الشعب" ثم برئاسة الدولة في نوفمبر من نفس العام، منهية بذلك نحو 17 عاما من حكم الحزب الوطني المتحد. و خلال الفترة من ذلك التاريخ و حتى نوفمبر الماضي، حينما استنفذت حقها الدستوري في حكم البلاد لفترتين رئاسيتين متعاقبتين، أسندت كوماراتونغا رئاسة الحكومة إلى والدتها باندرنيكا التي توفيت في عام 2000 ، وتعرضت في عام 1999 لمحاولة اغتيال فقدت فيها إحدى عينيها، ودخلت في مماحكات مع السلطة التنفيذية التي آلت قيادتها في عام 2001 إلى زعيم المعارضة رانيل فيكريماسينغا، وخسرت دعم شقيقها أنورا الذي فضل الانضمام لبعض الوقت إلى المعارضة. إلى ذلك، اتخذت كوماراتونغا مواقف متشددة من عملية السلام مع جماعة نمور التاميل الانفصالية وما أفرزته من اتفاقيات برعاية النرويج، مدفوعة بخلافاتها مع فيكريماسينغا الذي وقع تلك الاتفاقيات، بدليل لجوئها إلى حل البرلمان في نوفمبر 2003 و إعلان ما يشبه حالة الطواريء.

وفي الانتخابات البرلمانية التي جرت في ابريل 2004 ، ابرم تحالف الشعب بقيادة كوماراتونغا اتفاقية مع جبهة التحرير الشعبية اليسارية، ليفوز التحالف الجديد و تتشكل أول حكومة في تاريخ سريلانكا يشترك فيها اليساريون المتشددون. غير أن الجبهة سرعان ما انسحبت من الحكومة في يونيو 2005 بسبب معارضتها لاتفاقية بين الأخيرة و حركة نمور التاميل حول الاستغلال المشترك للمساعدات الدولية في إعادة بناء ما دمرته كارثة تسونامي البحرية في المقاطعات الشمالية والشرقية من البلاد.

و بإصدار المحكمة العليا قرارا في العام الماضي يمنع كوماراتونغا من الاستمرار في حكم البلاد سنة إضافية مثلما طالبت، تم في نوفمبر 2005 انتخاب رئيس الحكومة "ماهيندا راجاباكسا" كرئيس جديد لسريلانكا بدعم قوي ليس من قبل حزب الحرية وحلفائه فحسب و إنما أيضا من قبل 25 حزبا سياسيا آخر، لكن الأصوات التي أحرزها لم تتجاوز نسبتها 50.3 بالمئة. و في أواخر يونيو المنصرم انتخب حزب الحرية راجاباسكا بالإجماع كزعيم له وفقا لتغيير داخلي يفيد بالجمع ما بين منصبي رئاسة البلاد و الحزب، الأمر الذي عد بمثابة ضربة قاضية لما تبقى من ارث آل باندرنيكا السياسي، خاصة وأن كوماراتونغا لم تحضر مراسم تنصيب الزعيم الجديد، مفضلة الذهاب إلى لندن لزيارة أبنائها، في تصرف عكس استياءها المرير مما جرى من تغيير في دستور حزبها. هذا ناهيك عن غياب شقيقها المثير للجدل وزير الخارجية السابق أنورا، عن مراسم الحفل و إرساله رسالة إلى راجاباسكا يصف فيها عملية إقصاء شقيقته عن قيادة الحزب التاريخي باللاديمقراطية.

يشار إلى أن راجاباسكا (56 عاما)، ممثل السينما السابق و خريج الحقوق من جامعة كولومبو في عام 1974 و الناشط الحقوقي و رئيس لجنة التضامن مع فلسطين في الثمانينات و صاحب العلاقات الواسعة مع النقابات العمالية، ليس طارئا على حزب الحرية أو الحياة السياسية. فهو ابن "دون ألوين راجاباسكا" احد ساسة الاستقلال البارزين، و دخل البرلمان كنائب عن حزب الحرية في عدة دورات ابتداء من 1970 ، وشغل مناصب وزارية مختلفة في عهد كوماراتونغا مثل وزارة العمل و التدريب المهني و وزارة الثروة السمكية و الموارد المائية، و شق طريقه إلى المراتب العليا في الحزب بجدارة.

لقد تنبأ الكثيرون بأفول الإرث السياسي لآل باندرنيكا من قبل على نحو ما أوضحنا، لكن الأسرة أثبتت دائما أنها باقية في قلب الحياة السياسية، فهل سيتكرر المشهد مرة أخرى، علما بأن هذه هي المرة الأولى منذ 55 عاما التي تفقد الأسرة زعامتها و سيطرتها على حزبها؟

د. عبدالله المدني
*باحث و محاضر أكاديمي في الشئون الآسيوية
تاريخ المادة: 9 يوليو 2006
البريد الالكتروني: [email protected]



#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- باعاشير طليقا!
- لماذا ننادي بعلمانية الدولة
- هل -مرعي بن عمودي الكثيري- هو السبب؟
- درس انتخابي من -كيرالا
- بعض العرب إذ يحللون نووية إيران
- سنغافورة كنموذج للمجتمع غير المسيس
- كل الطرق تؤدي إلى آسيا
- صناعة المعلوماتية ما بين الهند و الصين
- الشباب الكوري يقود ثورة تكنولوجيا المعرفة
- وزيرستان
- عبدالرحمن في قبضة العدالة
- رجل آسيا المريض يزداد عجزا
- المساواة الجندرية كحل لمعضلة اليابان الديموغرافية
- استباقا لازمة محتملة حول عرش الأقحوان
- من يمول التطرف و العنف في بنغلاديش؟
- خان عبدالولي خان
- الزيارة التي تأخرت نصف قرن
- آسيا تدشن العام الجديد بإطلاق تكتل جديد
- مرور عام على تسونامي: المشهد و الدروس
- لا يزال هناك من يحلم بالدولة الشيوعية


المزيد.....




- ماذا كشف أسلوب تعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات الطلابي ...
- لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك ...
- الاستخبارات الأمريكية: سكان إفريقيا وأمريكا الجنوبية يدعمون ...
- الكرملين يعلق على تزويد واشنطن كييف سرا بصواريخ -ATACMS-
- أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية ب ...
- سفن من الفلبين والولايات المتحدة وفرنسا تدخل بحر الصين الجنو ...
- رسالة تدمي القلب من أب سعودي لمدرسة نجله الراحل تثير تفاعلا ...
- ماكرون يدعو للدفاع عن الأفكار الأوروبية -من لشبونة إلى أوديس ...
- الجامعة العربية تشارك لأول مرة في اجتماع المسؤولين الأمنيين ...
- نيبينزيا: نشعر بخيبة أمل لأن واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإ ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبدالله المدني - نهاية الإرث السياسي لآل باندرنيكا