أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد سعد - نشّف الحليب وقلّت قيمة الراعي














المزيد.....

نشّف الحليب وقلّت قيمة الراعي


احمد سعد

الحوار المتمدن-العدد: 1607 - 2006 / 7 / 10 - 11:16
المحور: الادب والفن
    


صدق المثل "إسأل عن الجار قبل الدار"، ابو صبحي غشني، قبل ان انتقل الى الحارة واشتري بيت "ابو علي" الذي انتقل للسكن في قرية المزرعة سألته عن الجيران، قال، تستطيع ان تنام على الجنب المستريح، جارك اسعد الحسن (ابو عمر) وزوجته زليخة الحسن عائلة لا بتهش ولا بتنش، مثل السكناج اليهود منغلقين في بيتهم، بزرهم قليل وابكر من الدجاج يلجأون الى النوم. مرت اول سنة مثل السمن والعسل مع جيراننا دار ابو عمر، تسلم لي يا جاري انت في حالك وانا في حالي. وكأنني ساكن بقرب مقبرة، قال "عيسى الميعاري" ابو محمود، ما ان بدأت السنة الثانية حتى نزل غضب ربك علينا من جيراننا، كل ليلة شلا بلا وزقار ونقار وصياح وصراخ وتكسير اواني في بيت دار ابو عمر. وتكررت الحكاية ليلة ليلة، حرمونا لذة النوم والراحة، قلت أي هي طويلة مع جيران الشر، طرقت بابهم، فتح لي ابنهم الصغير حسين الباب، تفضل يا جارنا، اعرف اننا نزعجكم، قالت ام عمر وهي تمسح دموعها، وزوجها يغط في سابع نومة متمدد على الديوان وشخيره يصل الى السحاب. اجلس يا جار وقدمت لي الكرسي، قالت، الى ما قبل سنة كانت حياتنا مثل السمن والعسل ومستورة والحمد لله، ابو عمر كان يعمل في شركة عمار وانا في شركة "شتراوس". شركة العمار انكسرت وصاحبها هج الى استراليا بجيبة منفوخة بالدولارات وابو عمر اخذ يتفندل في شوارع البطالة، قلنا شدة وبتزول، سجل ابو عمر في مكتب العمل ويقبض تعويضا عن البطالة لمدة ستة اشهر، طرق ابواب العمل في عكا ونهاريا وحيفا ولكنها كانت مسدودة. كنو العطّال بصير بطالا، اخذت اخلاق ابو عمر تضيق، ينرفز ويشخط في الاولاد لاتفه سبب، رافق اخوان السوء وصار يرجع بعد نصاص الليالي مدروخ ويتمايل على الجنبين من شرب السم الهاري، رائحته تهجج الشياطين من نتانتها، سكتنا انا والاولاد على مضض، قلنا غُلب وسترة ولا غلب وفضيحة. حاولنا ردعه بالكلمة الطيبة وبالهدى، وان الانسان القوي من لا يقع ضحية اليأس ويتسلح بالصبر مفتاح الفرج، ولكن دون جدوى، تدهورت حالته وصار عنيفا، يزعبر ويعربد ويضرب ويكسر ما يقع تحت يده،حول حياتنا الى جحيم. ما العمل يا جارنا، قلت لها الصباح رباح يا جارتنا، غدا السبت يوم العطلة، سأمر لاشرب فنجان قهوة الصباح ونتحدث مع ابي عمر. وفعلا كنت من دغاشيش الصباح في ضيافة دار ابو عمر، تعجب اسعد الحسن وبانت الدهشة على وجهه من زيارتي، خاصة وان احدا لا يطرق باب داره، قلت له، تقول العرب: جارك القريب ولا اخوك البعيد، لم اتشرف من قبل بالتعرف عليكم، ولكن يعز علينا يا جارنا حالتكم غير الطبيعية، الحارة كلها صارت تضج من ازعاجكم للجميع في الليالي، فكرت يمكن استطيع ان اصلح ذات البين ونفتح صفحة جديدة من العلاقة الطيبة وعودة الهدوء وراحة البال الى الحي. الظاهر انه تأثر من كلماتي، قام وقبّل رأسي وقال، خطوتك مباركة يا جار، القصة وما فيها انني معطل عن العمل فتشت عن العمل حتى تعبت، جميع ابواب ربنا تسكرت في وجهي، تصور رب عائلة وكأنه عاجز لا يستطيع تلبية احتياجات البيت والاولاد، ان قالت الحرمة بدنا ندفع فاتورة المياه والكهرباء، سمعان مش هون، اشخط فيها، يعني بتسمعي فيّ، ما انت عارفة البير وغطاه، ان طلب الولد مصروف جيبة او حق بنطلون، الجواب عندي جيبة ابوك انظف من قفا الخطيب".
اسودت الدنيا في وجهي، صرت اشعر ان قيمتي في البيت قلّت، او كما يقول المثل "ان قل الحليب قلت قيمة الراعي" وانا نشف عندي الحليب، صرت اشعر انو اولادي بطلوا يردوا علي زي الاول، حرمتي صارت ترفع صوتها علي، وان اعترضت علي شيء لا يعجبني تفاجئني بالقول "إطّلع مقصّر وفـ... حامي"، صرت اهرب من البيت في الليالي خوفا من المزاقرة، اذهب الى اصدقائي واتفشش بشرب المحرمات، اعود الى البيت لتستقبلني العاصفة، لا تصبر زوجتي لمحاسبتي في الصباح.
ناديت على ام عمر، جاءت مع ابريق القهوة، قلت، استمعت الى كل واحد منكما، ما حدا بحط العكر في زيته، الضائقة هي السبب في شحار البين في بيتكم، اما تتغلبوا على الضائقة بالتفاهم والصبر واما تقضي الضائقة عليكم جميعا وتهدم عائلتكم. ابو عمر يقلع عن تعاطي الخمرة وام عمر تقصّر لسانها الطويل، ابني دخل الجامعة وما من معين لي في التجارة والدوارة في الاسواق، ما رأيك يا جار ان نعمل سوية. لم تسع الدنيا فرحة ابو عمر بهذا الخبر. ودعتهم والهاجس يطاردني، قضية دار ابو عمر الفردية لقينا لها حل، ولكن ماذا عن آلاف العائلات الفقيرة التي تعاني من البطالة والضائقة ويهددها، ليس فقط شبح الجوع، بل كذلك عدد لا يعد ولا يحصى من المشاكل الاجتماعية المأساوية.



#احمد_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الدافع الحقيقي لاجتياح القطاع خطف الجندي يا حكومة المجرمي ...
- خدمة المصلحة الوطنية العليا المحك الاساس للوحدة الوطنية الكف ...
- على ضوء انعقاد منتدى قيسارية: هل يمكن الفصل بين محاربة الفقر ...
- ألوحدة الوطنية الفلسطينية الخيار المصيري لدحر العدوان ومخطّط ...
- مهام وتحديات أساسية على أجندة الحزب الشيوعي الاسرائيلي
- ما لكم سوى وحدة الصف الكفاحية إرحموا شعبكم من مغبة تصرفكم!
- بناء على معطيات تقرير -المعهد الاسرائيلي للدمقراطية-: النيول ...
- مقاومة المحتلين بدأت قبل الزرقاوي ولن تنتهي بعده! لسنا مع ال ...
- لن ينجح الدجالون اعداء الحزب الشيوعي في دق الاسافين بين الحز ...
- ماذا وراء لقاء مبارك – اولمرت في شرم الشيخ؟
- في الذكرى السنوية ال39 للحرب والاحتلال: اما لهذا الليل المدل ...
- العربوش عربوش حتى لو وصل اعلى العروش
- هل ما يبعث على التفاؤل من محادثات أولمرت- بوش في واشنطن؟
- ألم يحن الوقت لترتيب البيت الفلسطيني؟!
- على ضوء معطيات دائرة الاحصاء المركزية: هل تعيش اسرائيل فعلا ...
- زيتون المثلث الذي غرسته يا عبد الحميد ابو عيطة سيبقى أخضر مو ...
- في الذكرى السنوية ال 61 للنصر على النازية: لتوحيد قوى الكفاح ...
- على ضوء طرح الميزانية للقراءة الاولى: هل ستتأرجح هذه الحكومة ...
- حنين مقاتل قديم
- ألمدلول السياسي للتغيّرات التقدمية العاصفة في بوليفيا وأمريك ...


المزيد.....




- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد سعد - نشّف الحليب وقلّت قيمة الراعي