أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فارس محمود - كلمة الى كل الذين يلتسع قلبهم لمصير الانسان في العراق!















المزيد.....

كلمة الى كل الذين يلتسع قلبهم لمصير الانسان في العراق!


فارس محمود

الحوار المتمدن-العدد: 1606 - 2006 / 7 / 9 - 11:50
المحور: المجتمع المدني
    


رغم كل التحذيرات بالعواقب الكارثية للحرب على العراق، ولكنه لم يخطر على بال اشد المتشائمين يوما ما ان تمضي اوضاع العراق الى مثل هذا الحد المرعب من المسارات الدموية والكارثية التي نراها اليوم. يقال ان في تاريخ العراق من الدموية الكثير. ان هذا صحيح. ولكن مانراه اليوم شيء اخر يختلف الى ابعد الحدود. ان الدموية ليست كلمة كافية لوصف هذه الاوضاع. ان انعدام الامان ليست كافية ايضاً. انه مجتمع يسير نحو الفناء التام. الفناء المادي، الروحي والمعنوي. فناء اصاب وجود المجتمع ذاته في كل زاوية من زوياه. اذ من الممكن ان ترى بسهولة مابعدها سهولة اعمال الذبح وبدم بارد تبث علنية من شاشات التلفزيون لولا تلطف مابقى من مدنية القنوات التلفزيونية التي تقطع اللقطات في اخر لحظة. تتسابق القنوات التلفازية بنقل صور الجثث المتفحمة المتكومة جراء الانفجارات واعمال القتل الجماعية. وصل الامر حدا ان لايفهم اي امرء عادي مالسر بقيام احد ما بتفجير نفسه في تجمع للمكفوفين والمرضى وغير الاسوياء عقلياً الذين تجمعوا خارج بناية ما من اجل استلام مايسمونها بـ"رواتب" يتصدقون بها عليهم كل عدة اشهر لاتتعدى حفنة دولارات! ناهيك عن شيوع مسلسل القتل لاتفه الاسباب في المجتمع. يكفي "عدم ارتياح بسيط" او "سوء فهم" او "عدم الانتباه الى امر ما او عدم فهمه" ان يزال انسان من الوجود وتزهق روحه البريئة. اليوم تزرع ثقافة "الدريل" (المثقاب الكهربائي) وثقب الاعين بالدريل من اعلى المؤسسات والجماعات الحاكمة، ويكرم اناسها في الحكومة. ان رائحة قصص معاملة السجناء على ايدي قوات الاحتلال "الديمقراطية" و"ذات الرسالة التحررية للعراقيين" في ابوغريب وسجن بوكا وغيرها تزكم الانوف وتكشف بابشع الاشكال مدى قذارة ووحشية والقابليات البربرية لهذه القوات. ان قصص العنف والقتل تقشعر لها الابدان يومياً.
تصاب مدنية المجتمع بالصميم. محيت وبقسوة مثل هذه الكلمة من حياة المجتمع. تكنس المتاحف والمسارح ومجمل مظاهر المدنية والعصرية بين ليلة وضحاها، تستبدل المراكز الرياضية والثقافية والاجتماعية الى مقرات لجماعات اسلامية طفيلية تعتاش من اجندة بث السموم المعادية للمراة والشباب والتحرر والمساواة والفرح، تسمم اسماء الشوارع والمستشفيات والمحلات بالاسماء الطائفية، وتغيب شخصيات عظيمة سطرت اسمائها باحرف من نور في تاريخ المجتمع الثقافي والاجتماعي والفكري والانساني المعاصر. ارهابي ومجرم وزعيم عدة عصابات للقتل والجريمة المنظمة يتحول وزير ثقافة هذا البلد ذا التاريخ الحافل بالثقافة والمثقفين والمتنورين. كان المرء يضحك حين يسمع ان عدي قد "انتخب" نقيباً للصحفيين العراقيين، بوسع المرء بسهولة اليوم ان يرى ما هو اكثر سخرية واكثر ايلاماً وحزناً!! استعيض برنامج "احباب القائد" بـ"اطفال الحسين" في عالم يتسع باضطراد لخلاقة الاطفال وابتكاراتهم والعابهم وفرحهم!! لم تبقى مكتبة في بلد كان يقال لحد الامس عنه: "الكتاب يكتب في مصر، يطبع في لبنان ويقرأ في العراق". انه مجتمع ثقافة وشعر وغناء ومسرح. انه مجتمع الرحال، نوري جعفر، حكمت، السياب، العاني، والغزالي والساهر والعشرات غيرهم.
لقد اعيد المجتمع عقود وعقود للوراء. وفق كل المعايير المتعارف عليها، لم يبقى مجتمع . لا دولة، لاقانون، لا حق، لا.. ولا... مكانتك في المجتمع تقاس بالضبط على ضوء مدى قربك او بعدك من احدى المليشيات الحاكمة! ليس ثمة سبيل للارتقاء والتقدم سوى التزلف والكذب والرياء وبيع النفس والذمة والضمير.
ليس حال الحكومة الراهنة بافضل من سابقاتها. انها حكومة قررت ان تفترش ارض ملغومة. انها حكومة المتناقضات المستعصية وغير القابلة للحل، المتناقضات القومية والدينية والطائفية والعشائرية. في الحقيقة، انها ليست حكومة. لاتسير الحكومة المجتمع رغم كل مساعيها. على سبيل المثال لا الحصر، ليس بوسع الف مالكي ان يحل مشكلات البصرة، لانه هو طرف اصلي في خلق المشكلة ودوامها. ليس لديه القدرة على فرض اي شيء على اطرافها الاساسيين. اذا فرض على القوى الاساسية المخربة لوضع البصرة اي شيء لايرغبون به، سيطيحوا به بجرة قلم. انه، "بخيرهم"، وصل الى هذا المكان، رئاسة الحكومة!! فاي دولة وحكومة هذه. دستورها الذي فرضته على الجماهير المكبلة الايدي والمعصوبة الاعين هو بركان هائل لاتعرف متى ينفجر على رؤوس كل المجتمع. كركوك، الطائفية، القومية، الفيدرالية، الدستور، العشائرية وفرض الاسلام بالقسر على مجتمع متعطش للمدنية والتحرر والرفاه، مجتمع يزور بيوت ناسه العالم كله بفضائياته و انترنيته واساليب الاتصال الحديثة في العالم بيته كل لحظة ودقيقة. مجتمع، بعد ان نفض غبار البعث عنه، ليس على استعداد للعودة الى عبوديات اخرى باشكال وانماط اخرى قد تكون اكثر انحطاطاً. المجتمع يقاوم، ويقاوم. نسائه تقاوم. كباره يقاومون، اطفاله ساخطين على اوضاعهم، مثقفيه، طلاب جامعاته، كتابه، عماله، شبابه كلهم يقاومون باشكال مختلفة من "النكتة" وصولا الى المجابهات المسلحة هنا وهناك. لاندحة له من المقاومة، ذلك ان مايقاوم من اجله يتعلق بحياته ومعيشته، وبوجوده نفسه. انه مجتمع حي. الكل، ماعدا اقلية صغيرة جدا، ساخطة على الاحتلال وتطاولات القوات الامريكية على حياتهم، على الطائفية، على العشائرية، على السلطة والجماعات الحاكمة، على قوات قمعها وشرطتها، على الجماعات الاسلامية، على ايران وتدخلاتها في البصرة وسائر مدن جنوب العراق، على الكهرباء والماء، على الرواتب وعلى كل شيء تقريبا.

مالحل؟ مالعمل؟
اليس من نور في اخر هذا النفق المظلم؟! السخط لايكفي، النقمة لاتكفي، التاسي والتحسر على ايام ما خلت لايفيد بشيء. هذه الاوضاع ليست قدر منزل على احد. ولت ايام وعصور القدر والقدرية! تاريخ المجتمع يكتبه اناس المجتمع. الاوضاع لاتتغير لحالها. ان قوى مادية سياسية-اجتماعية حية من تغيره.
ان مايصيغ هذه الوضعية اليوم هي عصابات وجماعات مليشياتية. عصابات وجماعات تعني قلة، فرضت نفسها بالقسر على المجتمع. نحن القوى الساخطة والتي لامصلحة لنا في كل هذا الوضع، بل ونسعى لتغييره وكنسه، نمثل اغلبية المجتمع الساحقة، نحن قوى مليونية تنشد وضع وحياة افضل. لماذا تسير هذه القلة المجتمع. لماذا يسير زعيم عصابة من حفنة اشخاص منطقة او محلة كاملة. ان جزء اساسي من بقائها وديمومة هذه الجماعات يعودالى وجود اغلبية ساحقة ولكن "صامتة" او في احسن الاحوال متذمرة هنا وهناك، في وقت لاينفع التذمر كثيرا ولايغير من وضع.
يجب ان يضع المرء "عدم الارتياح" و"التافف" و"التباكي على الاوضاع" جانباً. انها، ورغم كل تعاطف وتفهم المرء لها، لاتتعدى امراً "سلبياً"، سلبياً بمعنى غير الفعال وغير المؤثر وغير المتدخل في الاوضاع. يجب ان ننتقل من السلب الى الايجاب، الى التدخل الحي والفاعل والواعي. انهم يستشرون كلما غيبت ارادتنا. بحضورنا، وتدخلنا وارادتنا سنضيق الخناق عليهم، سنلجمهم، سنعيدهم مرة اخرى الى المستنقع الذي قدموا منه. ان مؤتمر حرية العراق هو اطار هذا الجهد والمسعى الانساني. ان مؤتمر حرية العراق هو جوابي وجوابك انت الذي يلتسع قلبنا على المجتمع ولانقبل باستمرار هذا الوضع. أثمة انسانية اكثر من تلك التي تسعى لانهاء هذه الدوامة الدموية وهذا الاستهتار بالانسان والقيم الانسانية؟! أ ثمة انسانية بقدر تلك التي تسعى لبناء عالم تعاد في الكرامة الانسانية الى المجتمع؟! اثمة انسانية بقدر تلك التي تسعى وتجد لكنس المجتمع من هؤلاء الاوباش والعصابات عديمة الضمير المستشرية في العراق؟! أثمة وظيفة او مهمة عظيمة بقدر مهمة خلاص المجتمع من قوى الظلام والعبودية وهدر الكرامة الانسانية؟!
ازاحوا مكتسبات ناضل المجتمع، واوله تحرريه ودعاة مساواته، طيلة عقود من اجل تحقيقها، بتنظيم قوتهم وصفهم والدفع ببرنامجهم المعادي للاغلبية الساحقة. كي نفرض التراجع عليهم، لا مفر من ان ننظم صفوفنا، نحشد قوانا من اجل اهدافنا، قوى سائر الرافضين لهذا الوضع والناقمين عليه، سائر الذين لاتقبل انسانيتهم السكوت على هذا الوضع...وانها لعمري قوى مليونية. ازاحوا مكتسبات المجتمع بالتنظيم والسياسة والعنف، من الحماقة التصور ازاحتهم بالمقال والكتاب والجريدة فقط رغم كل اهميتها التي لاينكرها احد. يجب كنسهم بالتنظيم والسياسة (بمعنى جمع القوى وحشدها) والردع.
ان مؤتمر حرية العراق خطى خطوة عظيمة نحو هذا الهدف. ان مؤتمر حرية العراق ضرورة لانهاء هذه الاوضاع. انها حاجة ملحة وفورية لاتقبل التاجيل. ولكي تنتصر الانسانية، يجب الانخراط في صفوفه، تقويته وان نلعب دورنا في خط تاريخ جديد للمجتمع في العراق والبشرية جمعاء، تاريخ يوضع فيه مصير الانسان ومستقبله بيد الانسان نفسه.



#فارس_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمة على هامش تقدير البلينوم 18 للرفيق ريبوار احمد!
- ! انه بيان اسلامي متمسح بالاشتراكية - رد على بيان ما يسمى ب- ...
- ينبغي رد حراب تطاولات الاسلام السياسي على مكتسبات البشرية ال ...
- وزير حقوق الانسان في العراق يشحذ سكينته!!
- Are you kidding?!!!! حول - نعم -اللجنة المركزية للحزب الشيوع ...
- انها مهزلة اشد قباحة وخطورة من سابقتها!
- لوحات من مهزلتي الدستور والانتخابات!
- نداء للوقوف ضد جريمة الاعتداء على العاطلين عن العمل في السما ...
- البرزاني والاهداف الواقعية لمسألة - تغيير العلم العراقي-!
- الفيدرالية شعار ومطلب رجعيين
- عاش الاول من ايار، يوم التضامن العمالي العالمي
- بيان لحفظ ماء وجه من لا ماء لوجهه! رد على بيان ما يسمى بمكتب ...
- إنتصار آخر لحميد تقوائي!
- يجب تصعيد نضالنا!!
- ان حبل -تشويه الحقائق- قصير!!! رد على مقابلة الحوار المتمدن ...
- اين تكمن منجزات اكتوبر!
- لا لتسليم صدام وقادة البعث الى حكومة غير شرعية! يجب تسليم صد ...
- دونية المراة بلبوس -اطلاق سراح المعتقلات- رد على مسؤول اسلام ...
- مكانة منصور حكمت في الماركسية!
- أ ثمة حدود لارهاب الاسلام السياسي؟!


المزيد.....




- رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان يندد بالإبادة الجماعي ...
- البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو ...
- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...
- انتشال 19 جثة لمهاجرين غرقى بسواحل صفاقس التونسية
- غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح
- جندته عميلة أوكرانية.. اعتقال المشتبه به الثالث في محاولة اغ ...
- الحكومة اليمنية تطالب الأمم المتحدة بإعادة النظر في التعامل ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى إجراء تحقيق دولي بشأن المقابر الجماعي ...
- مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: نحاول إعادة تشغيل مستشفى الأ ...
- الأمم المتحدة: توزيع مساعدات على نحو 14 ألف نازح حديث في الي ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فارس محمود - كلمة الى كل الذين يلتسع قلبهم لمصير الانسان في العراق!