أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسيب شحادة - تأبط شرا














المزيد.....

تأبط شرا


حسيب شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 1606 - 2006 / 7 / 9 - 08:26
المحور: الادب والفن
    


تأبّط شرّآً

من الظواهر المألوفة في اللغة العربية ، كما هي الحال في أخواتها الساميات، اشتقاق الأفعال من الأسماء ومنها، كما هو معروف، أسماء أعضاء الجسم الداخلية والخارجية على حدّ سواء كالقلب والكبد والمرارة والرأس والعين والكتف والرِّجل. تتجسّد في قواعد اللغة العربية مدرستان نحويتان رئيسيتان هما البصرة والكوفة
تذهب المدرسة الأولى وعلى رأسها النحوي الشهير سيبويه )رائحة التفاح( الذي مات في أواخر القرن الثامن للميلاد إلى أن الفعل مشتق من المصدر في حين أن مدرسة الكسائي تقول إن المصدر مشتق من الفعل. بعبارة أخرى موجزة، المصدر هو الأصل والفعل فرع عليه في اعتقاد البصريين أما الكوفيون فيذهبون إلى أن الفعل هو الأصل والمصدر فرع عليه. هذا يعني على سبيل الإيضاح أن صيغ الأفعال ”تكلم، يتكلم، سيتكلم، تكلَّمْ، إلخ. مشتقة من المصدر ”تكلّم” في رأي البصريين في حين أن أهل الكوفة يرون عكس ذلك، أي أن ”التكلّم” مثلا مأخوذ من الفعل ”تكلّم” أي من الأصل أو الجذر أو السِّنْخ ”كلم
للمزيد من التفصيل حول هذه النقطة الخلافية الجوهرية بين المدرستين آنفتي الذكر يمكن الرجوع إلى المسألة الثامنة والعشرين في كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين للإمام كمال الدين أبي البركات الأنباري المتوفّى عام 1181 م. وفي هذه العُجالة لا بدّ من التنويه إلى أن كلمة ”مصدر” تعني الموضع الذي تصدر عنه الإبلُ
ومن موضوع الأصلية والفرعية، الأصل والفرع، إلى الشاعر الجاهلي الصُّعْلوك الملقّب بـ تأبّط شرّاً” الذي توفي قبل منتصف القرن السادس للميلاد . إنه ثابت بن جابر بن سُفيان بن عدي الفهمي من قيس عيلان وكنيته أبو زهير )براق؟( الذي حيكت حول غزواته وغاراته المتكررة الحكايات والأساطير مع الجان والغيلان. ويُقال إن ثابتاً كان أسمع العرب وأبصرهم وأكيدهم كما وكان أسرع الناس عدوا كالشنفرى صديقه، لا يشق لهما غبار. ويروى أن النساء عشقته رغم بشاعة شكله. قد يذكر العديدُ من المطلعين على الأدب العربي القديم أن مصدر هذا اللقب كانت والدة ثابت الشاعر، وهي أميمة من قين، بطن من فهم. ففي ذات يوم غادر ثابت بيته للكر والفرّ كعادته وسيفه تحت إبطه وجاء إلى بيته مَنْ سأل أمه عنه فأجابته قائلة: لا أدري أين هو، لقد تأبط شرا وخرج
هناك أربع روايات بشأن سبب إطلاق هذا اللقب المعروف ”تأبط شرا” بناء على ما أورده عبد القادر البغدادي المتوفّى العام 1093م في موسوعته الموسومة ”خِزانة الأدب ولُبّ لباب لسان العرب”. وما ذكر أعلاه بمثابة الرواية الأولى وهي المشهورة. تتلخص الرواية الثانية في أن أميمة أمّه طلبت إليه يوما أن يتكمّأ أي أن يجني لها الكَمَأة كما كان يفعل غلمان الحي، والكمأة جنس من الفُطر تُعرف أيضا باسم ”شحم الأرض” تعيش تحت الأرض غبراءاللون ومستديرة كالقُلْقاس لا ساق لها تؤكل إما مشوية أو مطبوخة. أخذ ثابت جِراب أمّه أي وعاء جلديا لحفظ الزاد ونحوه وخرج إلى البرّ فما كان منه إلا أن ملأه بأكبرَ ما عثر عليه من الأفاعي وتأبطه عائداً إلى والدته. فتحتِ الأمّ الجراب وإذ بالأفاعي تنطلق منه زاحفة إلى كل ركن من أركان البيت فقفزت الوالدة فزعة مذعورة وخرجت من البيت فسألتها جاراتها ما تأبط ثابت اليوم؟ فأجابت تأبط شرا. في الرواية الثالثة يجد القارىء أن ثابتا قد وجد كبشا في البيداء فمسكه وحمله تحت إبطه وقفل عائدا إلى بيته، وطول الطريق كان هذا الحيوان يبول عليه وعندما دنا من الحيّ تعب ثابت فرمى به أرضاً فإذا هو الغول فقال له أهلُه: بمَ تأبطتَ يا ثابت؟ فأخبرهم وردّوا قائلين: لقد تأبط شرا. والرواية الرابعة والأخيرة هي في حقيقة الأمر تحريف ما للرواية الثالثة. يُروى أن ثابتاً أتى بالغول إلى أمّه ملقيا إياه أمامها فدُهشت وسئلت وما الذي تأبطه ابنُك اليومَ فردّت: ”كان متأبطا شرا”! وفي كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني الحافل بالحكايات الشعبية بعض الأخبار عن تأبط شرا وعلاقته بالغيلان. يُحكى أنه أقسم أن يقتل مائة من مناوئيه فقتل تسعة وتسعين في حياته أما القتيل الأخير، المائة، فكان، على ذمّة الروايات، أن تعثر بجمجمة شاعرنا بعد موته بفترة ما فتسممت قدمه وفارق الحياة
ولا مندوحة من الإشارة إلى مخطوط في إستانبول بعنوان ”إعلام الورى في ذكر ما جرى بين تأبط شرا والشنفرى للمؤرخ لسان الدين بن الخطاب الحموي وفيه يعود سبب التسمية إلى عودة الشاعر ثابت وهو متأبط صحفا فيها الشر. .
ربّ لقب يطلقه الآخرون يغدو أقوى من الاسم الحقيقي الذي يطلقه الوالدان على فلذات أكبادهم فمن يذكر اسم الشاعر الصعلوك هذا في حين أن الجميع تقريبا قد سمع باللقب ”تأبط شرا” وغدا أشهر من نار على علم.
ما أكثر متأبطي الشرورفي عالمنا الراهن وفي هوياتهم يحملون أسمى الأسماء وأعذبها!



#حسيب_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فذلكة في إعداد عربيّ المستقبل
- الفهرست لابن النديم
- أقوال وآراء في الثقافة والفكر
- برلين والشوكة والسكين
- القراءة من ضرورات الحياة المعاصرة
- وأطلقت على مولودها الاسم حاجزا
- يوم الأرض ومُخطّط الجهض
- سقراط وعين كارم
- التمديد والتفتيش
- تساؤل قضاة محكمة العدل العليا الإسرائيلية
- الحضارة لا تتجزأ
- أمسيحيٌّ وصهيوني؟


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسيب شحادة - تأبط شرا