أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ماجدة تامر - الجغرافية الحديثة














المزيد.....

الجغرافية الحديثة


ماجدة تامر

الحوار المتمدن-العدد: 1605 - 2006 / 7 / 8 - 11:02
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


عندما نتحدث عن الحدود الجغرافية التي تفصل بين البلدان المختلفة علينا ألا نتخيل دائما تلك الخطوط المتقطعة التي عادة ما تطالعنا ونحن نبحث عن مواقع الدول على الخريطة.ففي عصر العولمة والهجرات الجماعية، وظهور تقنيات التواصل الفوري بين البشر ترسم الحدود بين الدول على أساس مختلف ينبني على التداخل الذي تعززه التكنولوجيا المتطورة وكذلك قضايا أخرى متعددة الأبعاد. ومن هذا المنطلق يحق لنا التساؤل عن الحدود الحقيقية للولايات المتحدة بينما يقوم مفتشو الجمارك الأميركيون مثلا بمراقبة السفن في ميناء أمستردام. كما يحق لنا التساؤل أين تقف الحدود الوطنية بينما يقوم تجار المخدرات بغسل أموالهم عبر معاملات مالية غير قانونية تنتقل إلكترونياً إلى مختلف دول العالم منتهكة سلطات الكثير من البلدان؟ وكيف يمكن لنقاط التفتيش على الحدود أن تضبط النسخ الإلكترونية المقرصنة لآخر برامج الكمبيوتر حتى قبل أن تعرف النسخ الأصلية طريقها إلى المحلات؟ وهل مازال مفهوم الحدود الوطنية ثابتاً في ظل انتقال مسؤولي الصحة الأميركيين إلى آسيا لتطويق انتشار أحد الأوبئة؟ لقد دأب المواطنون والحكومات معاً على اعتبار الحدود مكاناً ملموساً مثل خط ساحلي، أو صحراء مترامية الأطراف، أو حتى ممر جبلي يفصل بين بلدين.والواقع أنه حتى في ظل احتفاظ الجغرافيا بأهميتها، إلا أن الحدود في عصرنا الراهن تشهد إعادة تعريف، كما يُعاد رسمها على أسس مغايرة لما كان سائداً في الماضي.فلم تعد الحدود ثابتة في المكان، بل أصبحت متحركة يعاد رسمها في كل مرة نتيجة التطور التكنولوجي الهائل والقوانين والمؤسسات الجديدة، فضلاً عن الحقائق الطارئة التي فرضتها التجارة العالمية في شقيها المشروع وغير المشروع.والأكثر من ذلك تحولت الحدود إلى كيان غير ملموس تتبلور على امتداد الفضائين الافتراضي والإلكتروني. وبهذا المعنى لم تعد الولايات المتحدة مجاورة فقط للمكسيك وكندا، بل هي تتاخم أيضاً الصين وبوليفيا. هذا التحول في طبيعة الحدود جعل من مهمة حمايتها سواء بأجهزة الاستشعار المتطورة، أو بنشر قوات الحرس الوطني أمراً بالغ الصعوبة، إن لم يكن مستحيلاً.ويعزى التغير الذي طرأ على طبيعة الحدود إلى الاندماجات السياسية بين البلدان والإصلاحات الاقتصادية، علاوة على الفتوحات التكنولوجية التي أدت مجتمعة إلى تغيير مفهومنا عن الحدود خلال عقد التسعينيات من القرن المنصرم. فقد عرفت تلك السنوات توجهاً عالمياً نحو اقتصاد السوق الحر، بعد أن شعر القادة السياسيون من أميركا اللاتينية إلى أوروبا الشرقية بإمكانية تحقيق الرفاه الاقتصادي عن طريق تشجيع الاستثمارات الأجنبية وحث السياح على زيارة بلدانهم، وفتح المجال أمام عمليات التصدير والاستيراد، فضلاً عن السماح للمصارف بتحويل الأموال إلى داخل البلدان وخارجها، ودعم القطاع الخاص دون عراقيل.وشهد عقد التسعينيات أيضاً إقدام بعض الدول على تفكيك حدودها أو إعادة ترسيمها إما عبر الوحدة السياسية، أو اتفاقيات التجارة، رغم العداوة التاريخية التي كانت تطبع علاقتها في السابق.وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى نموذج الاتحاد الأوروبي وانضمام البرازيل والأرجنتين وباقي دول جنوب أميركا إلى اتحاد جمركي موحد، فضلاً عن توقيع كل من المكسيك والولايات المتحدة وكندا اتفاقية مشتركة للتجارة الحرة. وفي الوقت نفسه أخذت التكنولوجيا المتطورة تقلص التكلفة الاقتصادية للتباعد الجغرافي، حيث انخفضت أسعار شحن البضائع إلى الخارج، ولم تسبقها سوى تكلفة إرسال البريد الإلكتروني، وإجراء المكالمات الهاتفية عبر الحدود.ومع المرونة التي باتت تطبع الحدود الدولية تعاظمت فرص تحقيق الأرباح، كما انتعشت الأنشطة الحدودية. وفجأة أصبح المستثمرون يتجهون إلى تايلاند، وبات ممكناً زيارة الصين، أو المتاجرة في العملات الأجنبية. وتطور الأمر ليصبح في مقدور الأشخاص الحصول على وظائف موسمية في بلدان مختلفة، وتحميل برامج الكمبيوتر المقرصنة من مواقع الإنترنت.ولم يقتصر الأمر فقط على تهريب السلع الأجنبية وتزويرها ومن ثم نقلها عبر الحدود، بل امتد التهريب ليطال البشر والحيوانات المهددة بالانقراض.وفي ظل هذه التحولات بدأت تتجلى علاقة غير متكافئة بين عجز الحكومات عن حماية الحدود وضبطها وبين سهولة اختراقها من قبل المنتهكين.فقد أصبح من السهل على أي شخص يريد عبور الحدود أن يقوم بذلك، بينما تتخبط الأجهزة الحكومية في جهودها لضبط العالم الجديد الذي ساهمت هي بنفسها في خلقه.والأكثر من ذلك أن عملية اختراق الحدود وعبورها بشكل غير قانوني لم تعد مقتصرة على المعابر والحواجز فوق الأرض، بل امتدت إلى الفضاء الافتراضي من خلال الشركات الكبرى والمؤسسات المالية الدولية. فعلى سبيل المثال عندما يرسل أحد المهاجرين المقيمين في الولايات المتحدة بطاقته الائتمانية إلى عائلته في بلده الأصلي لسحب المال من حسابه المفتوح في أحد البنوك الأميركية، أين تتم العملية المالية بالضبط؟ هل عبرت العائلة الحدود لتسحب المال من أميركا؟ أجلْ، لقد فعلت ذلك بمعنى من المعاني، بحيث أصبحت آلة الصراف الآلي نموذجاً دالاً على اختراق الحدود على نحو قانوني.يضاف إلى ذلك أن المؤسسات الدولية تساهم هي الأخرى في إعادة رسم الحدود الدولية وتحويلها من طبيعتها الثابتة إلى أخرى متحركة ومرنة.فعندما اتفقت الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية على خفض نسبة الرسوم الجمركية على البضائع اهتزت قناعاتنا السابقة حول سيادة الدول وقدرتها على التحكم في حدودها بشكل مطلق، ذلك أنه في التجارة بين الدول يتم رسم الحدود في مقر منظمة التجارة الدولية بجنيف، وليس في مقر حكومات تلك الدول.



#ماجدة_تامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تركيا صلة الوصل بين الشرق والغرب
- فنزويلا وجهودها الديبلوماسية مع افريقيا لمناهضة فكرة القطب ا ...
- نظريات في مفهوم الحب
- علماء نفس البيئة: الطبيعة .. العلاج الشافي لكل الناس
- أوروبا أمام أزمة ديموغرافية وشيكة
- مسلمو أوروبا وصعوبة الاندماج
- االفرق بين الادراك الأوروبي والأمريكي حول ظاهرة الارهاب
- السيادة الوطنية في الاتحاد الأوروبي بين الرفض والقبول
- كلمة في الحب
- بيل غيتس .... الوجه المشرق في منتدى دافوس
- خصوصية التفوق الصيني
- مستقبل التبادل التجاري الحر
- الأوجه المتعددة للحلم
- أفلام العنف بين الأمس واليوم
- التربية الاقتصادية غائبة عن مجتمعاتنا العربية
- أسباب استئناف المفاوضات الأوروبية مع تركيا
- مرتزقة الأمن الجدد
- ...............تحية الى الفنانة هالة الفيصل الفن أوراق مفتوح ...
- صعوبات انضمام الدول الشرقية الى الاتحاد الاوروبي
- قصة القنبلة الذرية والانشطارالنووي


المزيد.....




- -جريمة ضد الإنسانية-.. شاهد ما قاله طبيب من غزة بعد اكتشاف م ...
- بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تفقد إحدى عجلاتها خلال الإقلاع
- زوجة مرتزق في أوكرانيا: لا توجد أموال سهلة لدى القوات المسلح ...
- مائتا يوم على حرب غزة، ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية
- مظاهرات في عدة عواصم ومدن في العالم دعمًا لغزة ودعوات في تل ...
- بعد مناورة عسكرية.. كوريا الشمالية تنشر صورًا لزعيمها بالقرب ...
- -زيلينسكي يعيش في عالم الخيال-.. ضابط استخبارات أمريكي يؤكد ...
- ماتفيينكو تؤكد وجود رد جاهز لدى موسكو على مصادرة الأصول الرو ...
- اتفاق جزائري تونسي ليبي على مكافحة الهجرة غير النظامية
- ماسك يهاجم أستراليا ورئيس وزرائها يصفه بـ-الملياردير المتعجر ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ماجدة تامر - الجغرافية الحديثة