أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجيه عباس - حديقة حياة














المزيد.....

حديقة حياة


وجيه عباس

الحوار المتمدن-العدد: 1605 - 2006 / 7 / 8 - 06:29
المحور: الادب والفن
    


في غفلة من المخرج،أطفأ الأميركي القبيح ضوء حياة عبير العراقية،وأسدل ستارة مسرحه على روحها،وعذريتها،إبتكر ديكورا جنائزيا،لم يجد بطلا لمسرحية موتها سوى جُبن ذئابه غير البشرية،أنامها وسط التابوت واغلقه عليها بعد أن هشّم رأسها،ثم أحرقه،هكذا في غفلة من الوحشة،وذل العيشة،تكتب عبير خاتمة لمأساة أهلها العراقيين الذين سبقوها بالأكفان، ،وجدت امها قد ماتت وتركت لها شيلتها التي حملت رائحة المسك والعنبر،وجدت عقال ابيها وقد إصفرّ من تعب السنين،قالوا لها:الآن جاء دورك

يوم امس فقط ،وربما قبل ثلاث سنين أوأكثر، غافلتنا عبير،بعينيها اللتين أغرى حياؤهما الجنود الأميركان على إفتضاض أهدابهما،بكومة لحمها التي شارفت على الإمتلاء من همِّ الصباح العراقي ، والحاملة لاطنان الدمع المخبوء تحت لسانها، غافلتنا بروحها ،وقالت لنا بصمتها وابتسامتها:اخواني الخونة:آن لي أن اخونكم وأموت وحيدة وانتم تنامون قرب نسائكم وأولادكم وبناتكم.....لكنكم لم تشعروا ولو للحظة أن هناك عبيراً عراقيا يقتله المسعورون في ليل العراق، لقد تعبت رجلاي عن حملي،أي وطن هذا الذي لايحتمل عفّة صبية عراقية!!!
آن لي ان ألعب دور البطولة لعدم وجود شاهد وشهيد آخر،سأكون لسانا صامتا ينطق عن ليلتي الأخيرة في بغداد....
يالله كيف يمكن لهدب طفلة ان يحمل إمرأة بحجم عبير!!
اذن سأدّخر روحك لعمرين نتغصص بهما سوية ، لم أعرف روحي تحب الغزل في مستحيل يبعده الموت عن الأيدي والأعين...روحي غريبة ياأختاه ...بين ذئاب تتلصص روحي فأكاد أبصر وجهك فوق الحائط ...أنا الخارج من قسمتها،احمل أيام الله على كتفي فتتهدل الكلمات....
أشاطر الطيور اجنحتها وأغريها بالصعود فتهبط بي الى روحي.....
وروحي...حلاوة ليل محروقة حرق روحي...
عتبها اهواي مايخلص عتب روحي......
وها انا...كف تعودت التلويح وادمنت التوديع
بينما تكفر بالضارب على دف،
والنافخ في القربة المقطوعة اياها،
من أجل حزنك أنت،وربما نكاية بفيروز وهي تغني لصباحاتها، أغيّر نظارتي الشمسية التي لم ألبسها يوما ما، يقينا لا وجود لفتوى تحرّم لبس النظارات في زمن البودي غارد، سأبعد بؤبؤ عيني عن النظر إلى جهة الحرائق، سأفترض وجود وطن أبيض، يلبس نوّابه ملابس أبيض من وجه عبير،وأنصع من وجهك في المرآة....سأراك مثل يوليوس قيصر،وسأرفض أي نهاية ليوليوس العراقية حتى لاتُفاجأ بعبوة ناسفة أو سيّارة مفخخة وحتى قبل أن تسمع حنجرتها وهي تصرخ: حتى أنتِ ياحكومات!!....
من أجل صيدك العفيف الذي أشبع الذئاب من ساديتهم.....
،سأفرُّ إلى حديقة الزوراء، وأغضُّ الطرف عن صياح الأسود التي شبعت من الباذنجان فتحولت إلى حيوانات نباتية، سأرسم وردة تشبه وجهك ...تزهر بين شظايا الحزن لترسم لي وطنا أبيض،
سأفرح (غصبن على الكل)،
سادّعي جنون البشر في هذا الزمن الداعر
سأفرُّ منك إليك...حلماً يورق بين جفون الله فتغرق في دمع فتاة في الخامسة من ليل المحمودية العاشر....
سأصرخ بين درابين الكرخ،وسأشتم حتى الساجد في حانات البصرة... والراكع في مسجد بشّار!!
أتشهّى أن آكل بيضاً مسلوقا في النهضة،
وآكل بيضاً مقليّاً بدهن الراعي في البتاويين،
سأتصور إن دخان السيّارات إشارة الوحي لروحي كي تبكي عينيك المطفأتين مثل ضمير العالم..
سأرسم في البدء حياة ،
إذا لم نبدأها نحن فهل ننظر شارون يستيقظ من الموت نكاية بحماس وهم يؤبنون الزرقاوي في بيوت ضحاياه ليرسم لي وجهك حتى أراه عراقياً!!
سأفر إلى ذوات العيون الخضر، والشعور الشقر،
سأرسم وجه ليلى علوي على وجه جارتنا أم حسّوني،
وسأتصور الوشم في جبين عمتي (هاشمية) خطاً أخضر حتى لا أتقرب إلى أي منطقة خضراء أو حمراء،
أريد أن أفرح ياسادتي العراقيين،
لقد تعبت من الحزن والله العظيم
، ربما يحق لي أن اسأل:هل هناك شيء يُفرح أيها السادة والقادة؟
يامشهداني...َمَشْهدْ....آني!!...
ياضاري دافينشي.....دافن...شي؟
يامالكي...مال...كي...
ياصالح المطلق ...بدنه نتجوّز عل العيد...وبدنه إنعمّر وطن جديد...
أيها المواطنون .....ياأبناء جلدتنا القديمة:
انظر إلى وطن من الجنازات التي لا ترضى أن تتوقف عن الهطول ، وأنظر إلى مقبرة تستطيل على جسد الوطن، في كل شبر تنمو وتستطيل كربلاء عراقية جديدة، وفي كل كرسي وبناية، ينمو القتلة، يشربون الكوكاكولا ويتمززون بدمي ودمك..... ولحمي ولحمك،أنت تموتين... لأنك عراقية، أنا اسخر إذن أنا عراقي،
نحن المهضومون من فجر السلالات حتى فجر النفايات والميليشيات، ترى هل يوجد أفق أتفه مما يحيط بنا ؟الواقع عود أخضر يلتف مثل أفعى تلسع الأحياء ممن بقوا في قاعة انتظار الموتى، المجتمع لا يريد أن نخلع أثوابنا، والساسة يريدون رسم خطوط عبورهم على أجسادنا بالأبيض والأسود ،وكأننا حمير وحشية ، هذا فيلم هندي وليس لنا سوى الله الذي تركنا وحدنا بعد أن غدرنا بابن بنت نبيّه العظيم فانسلت الكربلاءات تحيض بنا في وجه الحضارة، العالم نفسه يحزنني ياعبير ،البنايات التي تنمو بقتل الناس، والأشجار التي ترفع رؤوسنا على أغصانها....
هل تستطيع الأشجار أن تنفي عن نفسها إنها أمُّ المشنقة الأولى في التاريخ البشري!
يحزنني أن نتهم ذئب يوسف بما نفعله يوميا بإخوتنا...ومايفعلوه بنا
يحزنني أنني أتشهى أن أحب امرأة فلا أجد سوى سواد يلوح بين نون النسوة وواو الجماعة،
يحزنني إنني لا أجد لقمة ليتيم تركه أبوه حين وجد الدفء في شظية دخلت جوفه من عبوة ناسفة.....
يحزنني الإمعات وهم ينبحون العراق
وأحزن أكثر حين يكونوا عراقيين..
يحزنني وجيه عباس نفسه، هذا الذي ملأني بالبكاء فأين المهرب منه؟



#وجيه_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عولمة بالدهن الحر ..مصالخة وطنية
- عولمة بالدهن الحر- التانغو الأخير لمحمد جبير
- سيciaعولمة بالدهن الحر تحليل بوليـ
- عولمة بالدهن الحر- قيطان الكلام


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجيه عباس - حديقة حياة