أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - مايا جاموس - تجربة مع سجن مدني














المزيد.....

تجربة مع سجن مدني


مايا جاموس

الحوار المتمدن-العدد: 1604 - 2006 / 7 / 7 - 10:39
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


في عدرا ، كانت المرة الأولى لنا مع سجن مدني ، رغم السنوات الطوال وتنقلاتنا خلالها بين العديد من السجون في سوريا.
وباعتبار سجن عدرا مدني، يعني هو قريب من المدينة، بين الناس، بين البيوت، أساساً بلدة عدرا عبارة عن السجن وحوله بيوت، يحميه منها جدار فصل سميك يزدوج في معظمه، لكن لا بأس المهم أنه ليس في آخر المعمورة كما في تدمر. ولنضف أن آلية الحصول على موافقة بالزيارة هو أمر لا يقارن بين سجن مدني وآخر سياسي، فأيام صيدنايا مثلاً كانت الموافقة تبدأ من محكمة أمن الدولة ، مروراً بفرع الشرطة العسكرية في القابون ، وصولاً إلى السجن في صيدنايا. أما هنا في عدرا فالأمر لايحتاج إلى تلك "السيرانات" القسرية..... سجن مدني.
ولأنه مدني فهو للجميع، جميع فئات المجتمع وجميع التهم، من متعاطي الحشيشة والمخدرات إلى مهربيها، الاقتصاديين، والمجرمين يعني القتلة ، فتهم الدعارة، وصولاً إلى السياسة " الجريمة الأخطر في الوطن سوريا".
السياسة أو الرأي، هذه الجريمة التي يعاقب عليها صاحبها بعشرات السنين من الاعتقال والحرمان من كل شيء في الحياة، إلا من الموت يومياً في كل لحظة، قهراً وحرماناً وعذاباً وحسرةً.
هكذا كان حظّ أبي هذه المرة "مدنياً"، في مهجع مكتظ بالمدنيين على أنواعهم: حشيشة ، سرقة ، قتل ، "تشبيح"، .... ما العمل يا فاتح وخبرتك مع السجون المدنية صفر؟!
قرر الرجل أن الأسلوب الوحيد للتكيف مع الوضع هو طول البال!!

منذ دخل المهجع بدا الوضع غير طبيعي، جميع "المدنيين" خائفون منه!! يا للسخرية شبّيح مجرم حجمه مثل الحائط خائف من أبي.
تدريجياً توضح الأمر، إذ تم تخويف وترهيب جميع المعتقلين وتحذيرهم من الاقتراب منه أو التحدث إليه أو تقديم المساعدة له. وكما يقال اضرب الحديد حامياً.. هكذا فعلت إدارة السجن، عندما عاقبت ومنذ الساعات الأولى سجينين طيبين كسرا الحظر المفروض وقدّما بعض المساعدة لأبي... فكانا عبرةً للآخرين.

أما الفراش فهو قصة ..
إذ بقيت إدارة السجن مصرةً لفترة تزيد عن الشهر ونصف على منع أبي من النوم على سرير.
لا بأس ليس لدي مشكلة مع النوم على الأرض فأنا فلاح. هكذا فكر والدي معتقداً أنهم في السجن المدني يحاولون أن يخلقوا لكل معتقل جوَّه فلا يفرق عليه الوضع. لكن الأمر لم يجرِ كما تصوره والدي ، لأنهم لم يكتفوا بذلك بل رفضوا تقديم الفراش له ومنعوا مؤجري الفراش من تأجيره هو بالذات.
وفي السجن المدني رفضت الإدارة السماح لأبي بالاشتراك في مكتبة السجن.
لا حديث مع أحد ولا قراءة، فقط جلوس أو تمشاية أو محاولات بائسة للنوم في المتر المربع الواقع في ممر الغرفة المؤدي إلى الباب، يعني بين الأرجل.
وصلت إدارة السجن أخبار بأن أبي يشعر بالتذمر والضيق من وضعه ، فقررت تسليته بطريقتها المميزة من خلال "المدنيين" معه في المهجع، بعشرات ضربات الكونغ فو على وجهه ورأسه حتى إسالة الدم من أنفه ، وكي تستمر التسلية ، فتحت إدارة السجن تحقيقاً بالحادث وانتقت شهوداً من الشبّيحة أمثال الذي قام بالضرب ، هؤلاء الشهود قالوا إن أبي ضرب الشبيح و لم يكتفِ بذلك بل ضرب رأسه ووجهه بالحديد ليدعي العكس وها هي العلامات في وجهه( أي وجه أبي )
تثبت صحة شهادتنا. كل هذا الدلال والتسلية.. وتتذمر ياأبي؟!

مشاهد عبثية من سجن عدرا:
في كل مرة يضيع ربع وقت الزيارة باحتجاجات الضابط المرافق المراقب لنا على مصطلح (معتقل) " أنت هنا نزيل نزيل ... أو موقوف ولا تقل معتقل" هكذا يصر الضابط .
أما الربع الثاني فيضيع بالطريقة نفسها على مصطلح( سياسي) " ليس لدينا سياسيون الجميع هنا قضائيون" .
نسيت إخباركم أنه صار يلازمنا ضابط بنجمتين أثناء الزيارة التي حددت مدتها بنصف ساعة، وحين نستفسر عن السبب أو نحتج يجيبنا الضابط ممنّناً " نحنا محترمينكن وحاطيلكن ضابط موأحسن ما يكون معكن شرطي ؟! "
وهذا الضابط أصبحنا نتعامل معه على أنه زائر لأبي مثله مثلنا نحن الأهل فلا نزعل إن أخذ نصف وقت الزيارة بتدخلاته واحتجاجاته وتصحيحاته للمصطلحات .
هكذا لحقتنا الإجراءات الاستثنائية إلى الزيارة، هذا ما لا يحصل مع القضائيين .

في زيارتي قبل الماضية أخبرني أبي أنه صار إقطاعياً ، لديه سرير ومعزبة ( المساحة بين سريرين) وأنه بات يأكل مع مجموعة لا لوحده ... يا للعزّ! نزيل بسرير ومعزبة وضابط مرافق ونصف ساعة أسبوعياً .. ألم أقل لكم إن سجن عدرا مدني؟ ومدني بامتياز.
لا تستغربوا فسورية نفسها سجن مدني كبير أو عسكري أوحتى سياسي لا فرق.



#مايا_جاموس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يحضر الأحباء الغائبون عبر تفاصيل الحياة
- في الذكرى السادسة لخروجه من المعتقل فاتح جاموس _الأب : في ال ...


المزيد.....




- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - مايا جاموس - تجربة مع سجن مدني