أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس ولد القابلة - مجموعة أونا هل تنمي مصالح الملك أم الاقتصاد الوطني؟















المزيد.....



مجموعة أونا هل تنمي مصالح الملك أم الاقتصاد الوطني؟


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 1604 - 2006 / 7 / 7 - 11:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعني مجموعة "أومنيوم شمال إفريقيا" (أونا ONA) في ذهن أغلب المغاربة الملك والعائلة الملكية.
كما أن المتتبع لأصحاب الثروات "الطيطانيكية" بالمغرب يخرج بقناعة، لا يخامره أدنى شك بصددها، أن هناك حقيقة عامة سرت ولازالت تسري على آليات ودواليب تراكم الثروات وسبل ولوج دائرة المحظوظين ببلادنا، إنها "بركة" الدوائر المتحكمة في دواليب الحكم وهي بمثابة تأشيرة يمكن بفضلها أن يتغير الحال بين عشية وضحاها.
وفي هذا الصدد، ومنذ عهد الملك الراحل الحسن الثاني، ظل الكثيرون يوجهون انتقادات لمجموعة "أونا"، شريطة أن يتم ذلك في السر وفي أحسن الظروف، بطريقة متسترة غير مباشرة ولينة.
ظلت مجموعة "أونا" متواجدة بقوة في أربعة قطاعات إستراتيجية هي المعادن، مواد البناء، الزراعة، الصناعات الغذائية، التوزيع والخدمات والقطاع المالي والبنكي، هذا مع انفتاحها على مجالات نمو جديدة خصوصا السياحة والتكنولوجيا الجديدة في إطار شراكات دولية وبذلك تنوعت الأنشطة التي تراقبها داخل المغرب وخارجه، فهي ليست مقاولة يقتصر نشاطها وتدخلها بالمغرب وإنما لها مصالح في فرنسا وفي بلدان جنوب الصحراء، إنها في طور النشأة كشركة عابرة للحدود ومتعددة الجنسيات.
ومن التساؤلات التي ظلت مرتبطة بمجموعة "أونا"، تلك المتعلقة بتحكمها في جزء كبير من النسيج الاقتصادي الوطني وهروب رؤوس الأموال إلى الخارج وانخفاض الاستثمارات المغربية الخاصة وكذلك التساؤلات المرتبطة بالتداخل القائم بين المجالين السياسي والاقتصادي وعلاقة هذه الإشكالية بإمكانية توليد مقاومة سياسية واقتصادية قد تتخذ أشكالا لم يسبق أن عرفها المغرب من قبل.
وفي هذا الصدد، تتفاوت آراء الخبراء والفاعلين الاقتصاديين بخصوص سلبيات وإيجابيات تحكم مجموعة "أونا" في جزء كبير من النسيج الاقتصادي الوطني، لكنهم يجمعون على أنها تستحوذ على حصة الأسد فيه، كما يجمعون على طرح نفس السؤال: هل "أونا" تساهم في تنمية ثروة الملك أم الثروة الوطنية؟
هكذا كانت البداية
إن مجموعة "أومنيوم شمال إفريقيا" (أونا) ليست وليدة اليوم وإنما يرجع ميلادها إلى منتصف عشرينيات القرن الماضي. قام الفرنسي "جون أبينا" بإحداثها سنة 1924 كشركة لاستغلال المعادن (معادن جليجة) وكان قد اعتمد على الباشا الكلاوي لتوسيع نفوذه في جملة من مناطق المغرب، علما أن الملك الراحل الحسن الثاني، عندما كان وليا للعهد كان مسيرا لشركة "سماك" (SMAG) التابعة لمجموعة "أونا" آنذاك. وبعد الاستقلال سنة 1956، عوض أن تقوم الدولة بإرجاع الأراضي المغتصبة لأصحابها الأصليين، استحوذت عليها وعلى أملاك الخونة ومن ضمنهم الباشا الكلاوي. ومنذ ذلك التاريخ، اهتم الملك الراحل الحسن الثاني (ولي العهد آنذاك) بمجموعة "أونا" ووضع يده على جزء من رأسمالها.
ميلاد "أونا"
منذ ولادتها في العشرينيات، وبطلب من السلطات الفرنسية، احتل الملك الراحل الحسن الثاني موقع مديرها العام، بمجرد إحداثها بمساهمة بنك باريس والبلاد المنخفضة وبعد الاستقلال أصبح الملك أكبر المساهمين فيها، آنذاك كانت "أونا" تتحكم في قطاع المناجم ( الذهب، الفضة، الزنك، النحاس، الفوسفاط..) كما سيطرت على قطاع التأمينات والسياحة وتركيب السيارات وقطاع النقل والقطاع العقاري.

الاستثمارات الملكية الأولى
منذ فجر الاستقلال، بدأت العائلة الملكية تستثمر بعض أموالها خارج المغرب.
ففي أبريل 1960، أرسل سفير فرنسا بالمغرب برقية إلى باريس تضمنت معلومات أدلى بها الطبيب الشخصي للملك الراحل محمد الخامس "فرانسوا كليري" ومما جاء فيها أنه بعد اجتماع مجلس وزاري عاصف خلال منتصف أبريل (1960) شرع الملك في توظيف بعض رؤوس أمواله في الخارج خاصة بإيطاليا، حيث اقتنى إقامة بجانب بحيرة "لاك دوكارد" ومتجر كبير بمدينة ميلانو بمبلغ قدره 250 مليون فرنك فرنسي، وقدرت البرقية المبلغ المستثمر خارج المغرب آنذاك بما يناهز مليار فرنك فرنسي.
ويقول الكاتب والصحفي الفرنسي "إناس دال"، حسب برقية "أندري لويس ديبوا" المؤرخة في 3 يناير 1956 إن المال كان انشغالا أساسيا عند العائلة الملكية حتى قبل حصول المغرب على الاستقلال.
وفي يونيو 1960، أوردت مذكرة طويلة للإدارة العامة للشؤون المغربية – الفرنسية أن ثروة السلطان تقدر بما يناهز 3.5 مليار فرنك فرنسي، تضم عقارات وضيعات فلاحية وقصور شخصية وفيلات وأراضي عارية. كما أوردت المذكرة، أنه تم تحويل مبالغ مالية مهمة وكميات من الذهب والمجوهرات خلال سنة 1957 و 1959 و 1960 إلى أحد البنوك بسويسرا.
أما الشيخ عبد السلام ياسين، الزعيم الروحي لجماعة العدل والإحسان، فقد اعتبر أن مجموعة "أونا" لا تمثل إلا جزءا من ثروة العائلة الملكية، إذ جاء في مذكرته "لمن يهمه الأمر" أن هناك حسابات في بعض الأبناك الأجنبية مفتوحة بأرقام سرية أو أسماء مستعارة واستثمارات بالخارج ومقاولات وأسهم خارج الوطن (في البورصة والعقار على وجه الخصوص) وكل هذا وصفه بالثروة "القارونية" للعائلة الملكية.
قوة "أونا"
من المعروف أن العائلة الملكية تمكنت، عبر شركة "سيجير" والشركة الوطنية للاستثمار (SNI) من التحكم في 60 في المائة من رأسمال "أومنيوم شمال إفريقيا" (أونا)، وعن طريق هذه الأخيرة أضحت تتحكم في جزء كبير من جملة من القطاعات الإستراتيجية، (المعادن، الصناعة الغذائية، الصيد البحري، الأبناك والتأمينات، الخدمات...) إن حجم معاملات مجموعة "أونا" يمثل ما بين 7 و 9 في المائة من الناتج الإجمالي للبلاد.
إن امتلاكها لأجزاء مهمة من رأسمال جملة من الشركات يجعلها تتحكم فيها وتراقب تدبيرها عن قرب، وبالتالي تقرر في مختلف سياساتها الإنتاجية والتجارية والاستثمارية، إلا أنه، حسب أغلب المحللين الاقتصاديين والماليين، مازالت مجموعة "أونا" لا تتوفر على إستراتيجية واضحة المعالم ومحددة المقاصد، وإن كانت تتوفر عليها فإنها لم تكشف عنها ويتضح هذا من خلال تعيين مديريها العامين، حيث يبدو أن كل مدير يأتي للقيام بمهمة محددة وليس تطبيق رؤية أو إستراتيجية وفي هذا الصدد، فإن ذهاب "باسم جاي حكيمي" وتعويضه "بسعد بنديدي" لم يكن مفاجأة، لأنه حسب المقربين من المساهمين والمجموعة، فقد أنجز المهمة التي كلف بها وجاء بعده سعد بنديدي المكلف حاليا بتأكيد الدور الريادي للمجموعة، لاسيما في قطاع الصناعة الغذائية وقطاع التوزيع وقطاع المناجم، وقد قيل إن بنديدي لم يكن ليقبل رئاسة المجموعة لولا توصله برسالة في الموضوع من القصر الملكي.
ويعتقد المحللون الماليون أن مجموعة "أونا" تسعى حاليا عبر مديرها العام الجديد، سعد بنديدي، إلى ترسيخ دور مجموعة "فينانس كوم" كفاعل قوي في مجالها ويعتبر بنديدي أحد العارفين بخبايا هذه المجموعة. في حين أن مهمة باسم جاي حكيمي، كانت هي تقوية موقع الشركة الوطنية للاستثمار (SNI).
علاقة رجال الأعمال بصانعي القرار
لم تكن علاقة رجال الأعمال مع صانعي القرار بالمغرب على ما يرام منذ أمد بعيد، بفعل تداخل القرارات السياسية والاقتصادية وتحكم المواقع والقرب من القصر الملكي في الاستفادة من التسهيلات وبفعل عدم الخضوع لقواعد اللعبة السياسية وقواعد السوق في المجال الاقتصادي. وبذلك ظلت تلك العلاقات يطبعها الغموض والالتباس وفقدان الثقة التي زادت الوضع تعقيدا، علما أنه ساد تداخل بين ما هو عائلي، سياسي واقتصادي. وقد ساعد على تكريس هذا الواقع بروز برجوازية غريبة الأطوار في عهد الحسن الثاني، تأسست ارتكازا على اقتصاد الريع والامتيازات عبر سياسات كرست منذ الاستقلال (أبرزها "المغربة")، ونتج عن ذلك بروز برجوازية هجينة صنعتها الدولة وهندس لها الملك الحسن الثاني.
وعموما، ظل الحذر الشديد يطبع العلاقة بين صانعي القرار ورجال الأعمال بالمغرب وهذا ما اتضح بجلاء في عهد إدريس البصري الذي تصدى لرجال أعمال دقوا أجراس الخطر معتبرين أن البرجوازية الهجينة لا يهمها إلا الحرص على تنمية مصالحها، حتى ولو كان ذلك على حساب مصلحة البلاد آنذاك، قال الملك الراحل الحسن الثاني في إحدى الاجتماعات الوزارية مخاطبا الحكومة: "لم يعد أمامنا سوى أن نضع المفاتيح تحت الباب وننسحب" في إشارة للكارثة التي كانت تعيشها البلاد في التسعينيات (السكتة القلبية على الأبواب).
ومن العوامل التي ساهمت في سيادة الحذر بين صانعي القرار ورجال الأعمال عدم خضوع مجموعة "أونا" ومن يدور في فلكها لقواعد اللعبة الاقتصادية، إذ أنها تتحرك دون قيود، في ظل غموض كبير بخصوص أساليب اتخاذ القرارات، بل ذهب بعض رجال الأعمال إلى القول إن عرقلة عمل المقاولة المغربية ناتج بالأساس على تآمر أجهزة وأشخاص من داخل الدولة، أي أخطبوط يعمل في الظل.
فكيف، والحالة هذه، يمكن لرجال أعمال المغرب أن يغامروا برؤوس أموالهم في جو مطبوع بعدم الثقة؟
المخزن الاقتصادي و "أونا"
بعد الإطلاع على ما نشر بخصوص إشكالية "المخزن الاقتصادي"، كان من السهل الوقوف على فكرتين أساسيتين ظلتا حاضرتين بشكل بارز في مختلف تلك الكتابات.
الفكرة الأولى مرتبطة بصلاحيات أعطيت لمؤسسات خارج الحكومة ومهام واسعة ووظائف اقتصادية (الصناديق الخاصة) وكذلك منح وزارة الداخلية وظائف اقتصادية، أي تمكين دوائر خاضعة للقصر من لعب أكبر الأدوار في صناعة القرار الاقتصادي بالبلاد. وتكمن قوة هذه الجهات في تحكمها في منح جملة من الامتيازات وتكريس تسهيلات مكتسبة بشكل غير شرعي في مختلف القطاعات والمجالات: رخص الصيد بأعالي البحار، استغلال المناجم، مقالع الرمال، النقل، منح الأراضي، الصفقات العمومية الكبرى، التعيينات السامية ولوائح الإعلان التجاري.... وكلها أمور ترسخ الزبونية والمحسوبية.
أما الفكرة الثانية المعتمدة من طرف أغلب الدراسات لتفسير مفهوم المخزن الاقتصادي، هي تنامي مجموعة "أونا" واقترابها الشديد من القصر وعلاقتها الوطيدة بالملك وبالعائلة الملكية، الشيء الذي منحها شبه احتكار في جملة من المجالات.
وبذلك يبدو أن مجمل الدراسات التي تطرقت لإشكالية المخزن الاقتصادي، تكاد تجمع على أن المقصود به هو الدور الاقتصادي للملكية وعدم خضوعها للقانون ولقواعد لعبة المنافسة وقواعد السوق، علما أن الخطاب الرسمي يدعي أن اقتصاد المغرب ليبرالي، في حين أن الواقع يفيد بوجود هيمنة شبه مطلقة على أغلب الأنشطة الاقتصادية بطريقة تضمن الأرباح وتسهل الاستحواذ على قيمة مضافة بدون أدنى مخاطر اعتبارا للطقوس المخزنية السائدة في هذا المجال. وفي هذا الصدد، يعتبر البعض مجموعة "أونا" آلية من آليات ترسيخ أسس الاقتصاد المخزني رغم تمظهراتها الحداثية والمتطورة وقد سبق لخالد الجامعي أن صرح قائلا: "الكل يجتهد اجتهادا للتقرب من الملك ومن القصر الملكي للتهرب من القانون وأداء الواجبات ومن المساءلة".
وبذلك يعتبر أغلب المحللين الاقتصاديين بأن هذا الوضع يلجم تطور البلاد ويعيق سيرورة تنميتها بالشكل الذي يخدم الصالح العام وليس المصالح الضيقة.
ويزداد الطين بلة إذا علمنا أن هذا الواقع يأتي في ظرف عام يميزه بطء النمو الاقتصادي بل انعدامه على امتداد الثمانينيات وعدم تجاوزه لنسبة 0.1 في المائة في التسعينيات لدرجة أنه بدا كنسبة سلبية بفعل ارتفاع النمو الديموغرافي، و "الاقتصاد الأسود الموازي" يعرف تطورا متصاعدا، إن مداخيل إنتاج وتهريب المخدرات في الشمال تمثل ما يناهز ربع (25 في المائة) الإنتاج الداخلي الخام، كما أن الاقتصاد غير المهيكل يوازي أكثر من ثلث الاقتصاد المهيكل، ومداخيل التهريب من مليلية وسبتة تشكل ثلث اقتصادنا الوطني هذا في وقت وصل فيه الدين الخارجي ما يناهز قيمة المنتوج الداخلي الخام وكل هذا أدى إلى تذمير القدرة على الاستثمار رغم أن هناك نوع من هيمنة الرأسمال الخارجي، باعتبار أن المصالح الفرنسية، البرتغالية، الإسبانية، العربية والأمريكية تعتبر من أكبر المستفيدين من الثروات المضافة المحققة، فأكثر من 50 في المائة من أسهم 750 أهم شركة مغربية من أصل أكثر من 1200 تسيطر عليها شركات متعددة الجنسيات.
هذه هي الخلفية الواجب الانطلاق منها للإجابة على سؤال: هل مجموعة "أونا" تخدم السيرورة التنموية الشاملة أم تعرقلها؟
مجموعة "أونا" والتنمية
تخضع مجموعة "أومنيوم شمال إفريقيا" (أونا ONA) للهولدينغ الملكي "سيجير" الذي يتحكم في 35 في المائة من رأسمالها وهذا ما وطد موقع العائلة الملكية في النسيج الاقتصادي والمالي بالمغرب.
علما، أنه من الطبيعي، أن يتجنب القائمون على أمور الإدارات والمؤسسات العمومية (وعلى رأسها وزارة المالية وبنك المغرب والبورصة...) أية عرقلة لإدارة مجموعة "أونا" بحكم أن تعيينهم يتم بظهير، الشيء الذي ساهم كثيرا في انتفاء شروط المنافسة، ما دام الوضع ظل مطبوعا بلعب جهة واحدة لدور الخصم والحكم في ذات الآن وهذا ما نعته البعض بالهيمنة المخزنية المطلقة على الصعيدين السياسي والاقتصادي وهي هيمنة ستساهم، حسب أصحاب هذا الرأي، إلى فرض سياسة المجموعة في مأمن عن أي منافسة داخلية لأنشطتها، الشيء الذي وصفه أحد الباحثين الاقتصاديين بـ "عربدة المخزن الاقتصادي" وهذه وضعية تجعل من الصعب بمكان الإجابة بالإيجاب على سؤال: هل مجموعة "أونا" تعمل على تنمية الثروات الوطنية وتخدم سيرورة التنمية؟
"أونا" الأخطبوط
في عهد الملك الراحل الحسن الثاني وصفت العديد من الكتابات المغرب بـ "مغرب أونا"، إذ اعتبرت مجموعة "أونا" كأخطبوط اقتصادي ضخم تمكن من السيطرة على النسيج الاقتصادي الوطني عبر تقوية موقعه في جملة من الأنشطة الصناعية والتجارية قبل تقعيد مصالحه في فرنسا وبعض بلدان جنوب إفريقيا.
وقد اعتبر الكثير من المحللين الاقتصاديين (لاسيما الرادكاليين منهم) أن "أونا" استطاعت، بفضل المظلة السياسية، أن تحتكر العديد من القطاعات الاقتصادية والأسواق وفي هذا الصدد فصّل عبد المومن الديوري في كتابة جملة من الامتيازات التي حظيت بها مجموعة "أونا" واعتبرها إحدى آليات "الملكية الاقتصادية"، في حين اعتبرها آخرون الوجه البارز للمخزن الاقتصادي ومن المؤاخذات التي أشار إليها الكثير من المحللين، أن العائلة الملكية هي الآن أول فاعل اقتصادي وأول مستغل فلاحي والثروة الملكية من أهم الثروات بالبلاد وهذا بجانب السلطة السياسية، الشيء الذي يجعل منها حكما وخصما، في ذات الوقت، في إطار منظومة اقتصادية تسعى لاعتماد الاقتصاد الليبرالي، علما أن العائلة الملكية ظلت تتقوى في المجال الاقتصادي على امتداد السنوات الخمسة الأخيرة وساهم هذا الموقع في تسهيل المهمة على جملة من المقربين من القصر الملكي للاستفادة من هذا الوضع.
"أونا"، شركة عابرة للحدود
منذ سنوات، عملت مجموعة "أونا" على وضع أقدامها خارج الحدود المغربية.
لقد قامت شركة "مناجم" التابعة لمجموعة "أونا" باستثمار 24 مليون دولار (أكثر من 240 مليون درهم) بغينيا الاستوائية لاستغلال مركب منجمي لاستخراج الذهب يصل إنتاجه السنوي إلى طنين (2) في السنة ويشغل أكثر من 230 غينيا وبدأ الاستغلال منذ أبريل 2002 وقد ساهم هذا الاستثمار في خلق مدينة صغيرة بجوار المنجم.
كما ساهمت مجموعة "أونا"، عبر شركة "مناجم" في رأسمال الشركة المنجمية الكندية "صيمافو" وذلك بنسبة 34 في المائة مع تصاعد تدريجي لهذه النسبة وهذا ما دفعها إلى الاستثمار في منجم الذهب "سميرة هيل" بالنيجر منذ 2002 ومنجم "مانا" ببوركينافاسو سنة 2004.
معالم مخطط "أونا"
أوضح سعد بنديدي، رئيس مجموعة "أونا" الحالي، أنها تعمل في إطار مخطط استراتيجي إلى نهاية سنة 2008، لكنها معتكفة الآن على دراسة المهن الإستراتيجية التي سوف تضمن لها البقاء في موقع الريادة مستقبلا.
وفي هذا الصدد، تم تحديد 5 مهن إستراتيجية:
- قطاع المناجم الذي يمثل 22 في المائة من رأسمال المجموعة.
- قطاع الصناعة الغذائية الذي يمثل 32 في المائة من رأسمالها.
- قطاع التوزيع والذي يمثل 16 في المائة من رأسمالها.
- القطاع المالي والبنكي والذي يمثل 30 في المائة من رأسمالها.
وبخصوص النتائج الصافية المحققة من طرف المجموعة، يرجع الفضل في جزء كبير منها، للمؤسسات المالية والبنكية التابعة للمجموعة، إذ تمثل حصتها في الأرباح المحققة ما يناهز 40 في المائة (أي ما يفوق مليار درهم). علما أن نشاط المجموعة مازال يرتكز بالأساس على الأسواق الداخلية، إذ أن نشاطها خارج الحدود لم يتجاوز بعد 15 في المائة من مجمل نشاطها.

مأساة عمال "لامونيكاسك" بقعة سوداء ورثتها "أونا"
من الملفات الشائكة التي ورثتها مجموعة "أونا"، عندما اقتنت شركة "لامونيكاسك المغرب"، هي المحنة التي أضحت معروفة بمحنة عمال وعاملات "لامونيكاسك" والتي دامت 17 سنة ولا زالت قائمة إلى حد الآن بدون حل، وقد بدأ مسلسلها في غضون سنة 1987 مرورا باعتماد الطرد الجماعي سنة 1993 حيث طال في يوم واحد (22 فبراير 1993) 107 عامل وعاملة رسميين تجاوزت أقدمية الكثير منهم 10 سنوات من العمل الذؤوب في ظروف غير إنسانية وتم تعويضهم بـ 300 يد عاملة مؤقتة ومياومة.
وبعد اللجوء إلى القضاء، صدرت أحكام مختلفة ومتباينة تحايلت عليها الشركة ورفضت تنفيذها على علتها وهكذا تم حرمان الكثير من العائلات من وسائل العيش وتشريد الكثير منها. هذه هي حصيلة مأساة إنسانية ظلت وصمة عار على جبين شركة "لامونيكاسك" وهي مأساة استمرت أكثر من 17 سنة ولا زالت مستمرة إلى حد الآن رغم أن عددا من الضحايا لقوا حتفهم ووافتهم المنية.
وظلت الأحكام القضائية حبيسة أدراج كتابة الضبط وأدراج أقسام التنفيذ بالمحكمة، رغم أنها أحكام نهائية اكتسبت القوة الإلزامية وبالرغم من أنها أحكام استعجالية بطبيعتها.
وبخصوص هذه المأساة، رأى الكثيرون أن شركة "لامونيكاسك المغرب" أساءت كثيرا لسمعة "أونا" لاسيما وأنها لازالت مستمرة إلى حد الآن، هذا في وقت تعتبر فيه مجموعة "أونا" مثالا يقتدى به في النجاح والقدرة على مسايرة روح العصر، الشيء الذي دفع البعض إلى التساؤل: هل هذا النجاح المتميز للمجموعة مرتبط حقا وفعليا بتفوقها وكفاءتها، أم أن تحقيق النتائج، في نهاية المطاف، كان على حساب العمال وعلى حساب الحد الأدنى من حقوقهم المشروعة؟
وقد يبدو هذا التساؤل غريبا في عيون البعض، لكن الداعي إليه أكثر من سبب، ومن أسبابه ما حدث بشركة "لامونيكاسك" وشركة "سامين" (منجم الحمام) وكلاهما تابعين لمجموعة "أونا" وليست هاتين الشركتين هما الوحيدتين اللتين ارتبط اسميهما بنزاعات ومشاكل مع العمال، إما من جراء الطرد التعسفي أو التخلص من العمال الرسميين، وإنما هناك شركات أخرى تابعة لمجموعة "أونا" تورطت في مثل هذه التصرفات والممارسات ومنها شركة "كاريون" لإنتاج القهوة بتطوان.
ومن هنا يصبح التساؤل مشروعا: هل النتائج والأرباح الصافية التي تحققها مجموعة "أونا" عبر الشركات والوحدات التابعة لها، هي فعلا نتائج وأرباح، أم أن تحقيقها تم على حساب حرمان العمال من حقوقهم؟
المنافسة السعودية
يعتبر السعوديون من المنافسين الحاليين لمجموعة " أونا" في قطاع الصناعة الغذائية (لا سيما السكر والزيوت). إن ولوج مجموعة "سافولا" (السعودية) إلى السوق المغربي تسبب في حرب بدأت معالمها تظهر بجلاء، علما أن مجموعة " أونا" ظلت تحتكر تسويق السكر والزيوت بالمغرب. وحسب أحد المصادر المطلعة، فإن المجموعة السعودية اعتمدت سياسية تكسير الأثمان ( عرض المنتوجات بثمن أقل من كلفتها). وفي هذا الصدد، قامت شركة " لوسيور - كريسطال" بتقديم شكوى لدى المحكمة التجارية ضد ماركة (عافية) ( زيت المائدة) ادعت فيها أن البيانات الواردة في التلفيف لا تعكس حقيقة المنتوج وبالتالي فهي بمثابة تغليط للمستهلك. فحسب البيانات، فإن زيت " عافية" مستخرجة من الذرة في حين أنه خليط من الذرة والسوجا.
ومن المعلوم أن مجموعة " سافولا" مهتمة أكثر بقطاع السكر مما ينبئ بقيام حرب بينها وبين مجموعة " أونا" بهذا الخصوص، ومن الأمور التي أثارت الجدال المنتوج الجديد للوسيور – كريسطال، (أكياس الزيت بثمن درهم واحد)، علما أن القانون الجاري به العمل في هذا المجال يحرم هذا وقد قيل إن مشروع قانون بهذا الخصوص في طور الإعداد على وجه السرعة لرفع المنع، وهنا تظهر قوة مجموعة " أونا".
كما انه من مؤشرات الحرب التنافسية الحالية، غياب منتوجات " بانكوان" من السوق منذ مدة.
القطاع البنكي والمالي
تتحكم مجموعة "أونا" في جزء كبير من القطاع البنكي والمالي بفضل تحكمها في "التجاري وفابنك" و "أكسا" و "أكما لحلو التازي". فالتجاري وفابنك يعتبر أول أكبر بنك بالمغرب العربي حاليا ويتوفر على أكثر من مليون زبون و 450 وكالة.
أما أكسا فتنشط في قطاع التأمينات ومجموعة "أكما – لحلو التازي" تخصصت في مجال الوساطة منذ أن أبرمت شراكة مع المجموعة الأمريكية "مارس وماك ليتان".
فبمجرد ما تنازل ورثة علي الكتاني في نهاية سنة 2003 عن رأسمال شركة "صوبار"، المتحكمة في مجموعة "أومنيوم التدبير المغربي" المسيطر على أكثر من 70 في المائة من تأمينات الوفاء والمراقب لأكثر من 36 في المائة من رأسمال بنك الوفاء، لفائدة البنك التجاري المغربي تأكدت بجلاء هيمنة مجموعة "أونا" على القطاع البنكي والمالي بالمغرب.
وتمت هذه الصفقة بقيمة تجاوزت 2000 مليون درهم وبتوقيع التنازل، في 24 نونبر 2003، أعلن عن ميلاد عملاق مالي أصبح يهيمن على القطاع البنكي والمالي بالمغرب. آنذاك كان رقم معاملات بنك الوفاء يفوق 86 مليار درهم، أما رأسماله فناهز 10 مليارات من الدراهم وقروضه تجاوزت 42 مليار درهم، في حين فاقت موارده 73 مليار درهم.
وبعد ابتلاع بنك الوفاء، أصبحت مجموعة "أونا" تتوفر على قدرة كبيرة للهيمنة والتحكم في الاستثمارات وتوجيهها، ومنحتها هذه القوة موقعا تنافسيا مريحا لمواجهة الرأسمال الأجنبي الذي ظل حاضرا بقوة في كبريات البنوك بالمغرب (البنك المغربي للتجارة الخارجية، البنك المغربي للتجارة والصناعة، الشركة العامة للأبناك بالمغرب، مصرف المغرب..).
ويعتبر "التجاري وفا بنك"، الآن، الدرع البنكي والمالي لمجموعة "أونا".
ابتلاع بنك الوفاء وتداعياته
من عشية لضحاها انهارت "مملكة" عثمان بنجلون المالية وعثمان هذا كان يقام له ويقعد بالأمس القريب عندما كان من أبرز المقربين للمخزن بدون منازع، وكانت الضربة القاضية هي ابتلاع مجموعة بنك الوفاء التي كان يقودها من طرف مجموعة البنك التجاري المغربي (الدرع المالي لمجموعة "أونا").
وقد سبق هذه الضربة القاضية إشارات قوية جدا، منها تنحية عثمان بنجلون من المجلس الإداري لجامعة الأخوين وغيابه المتكرر من مجلس مؤسسة محمد الخامس ومن مجموعة "ماروك سوار" التي كان قد اقتناها قبل بضع سنوات.
وقد فسر البعض أن هذه الإجراءات تدخل في إطار إعادة ترتيب البيت المغربي عبر تجديد العلاقات بين الدوائر الحاكمة والدوائر المالية والاقتصادية وإعادة ضبط العلاقة بين السلطة والمال.
ومسار عثمان بنجلون، يوضح بجلاء العلاقات المعقدة بين المال والسلطة بالمغرب، علما أن درجة القرب من القصر الملكي تلعب دورا حاسما لكونها كفيلة بفتح كل الأبواب الموصدة وإزاحة كل العقبات حتى ولو تطلب ذلك تجاوز القانون والدوس عليه، وهذا القرب من القصر هو الذي سمح لعائلة عثمان بنجلون أن تصول وتجول في عالم الأعمال والمال، إذ منذ فجر الاستقلال تمكنت من الاستحواذ على جملة من الصفقات قدمت لها على طبق من ذهب ولعل أولها صفقة تزويد إدارة الأمن الوطني – التي كان على رأسها آنذاك الغزاوي – بالسيارات باعتبار أن آل بنجلون كانوا يحتكرون تمثيل الشركة السويدية "فولفو" بالمغرب، وكانت هذه الصفقة بمثابة جسر للاستفادة من صفقة تفوق الأولى حجما وأهمية وهي صفقة تزويد الجيش الملكي بالسيارات، الشاحنات، المعدات والآليات. وأصبحت هذه الصفقة الضخمة مضمونة بعقد قران عثمان بنجلون بليلى أمزيان ابنة المارشال أمزيان. وبهذا الزواج أضحى عثمان صهر المارشال والجنرال المذبوح، رجل ثقة الملك الحسن الثاني قبل تفكيره في التخطيط لانقلاب يوليوز 1971.
وبعد المحاولتين الانقلابيتين الفاشلتين، برز عثمان بنجلون من جديد في دائرة الوساطة بخصوص تزويد الجيش الملكي بمختلف المعدات والوسائل لتحديثه وبذلك تمكن من ترسيخ موقعه في المجال المالي وتأكد هذا الدور بتسييره للشركة الملكية للتأمين في بداية الثمانينيات، ثم وضع يده على شركة التأمين "الوطنية"، كما تتالت وتناسلت مساهماته في جملة من الشركات إلى أن أصبح على رأس إحدى أهم مجموعة مالية بالمغرب وبإيعاز من السلطة، اقتنى مجموعة "فينانس كوم" التي قادته إلى التحكم في بعض الشركات وإلى تنويع مجالات تدخله بما في ذلك مجال الإعلام والصحافة، (ماروك سوار)، لكن سرعان ما بدأ يصادف الصعوبات وكانت "صفقة" ابتلاع مجموعة بنك الوفاء من طرف الدرع المالي لمجموعة "أونا" إعلانا لبداية مسلسل اندحار المملكة المالية لعائلة عثمان بنجلون ومع هذه الصفقة برزت قوة مالية جديدة تهيمن على القطاع المالي والبنكي بالمغرب، وتزداد قوتها بفعل تبعيتها لمجموعة "أونا" الخاضعة للهولدينغ الملكي "سيجير" التي تتحكم في 60 في المائة من رأسمالها.
وباعتبار أن القائمين على الشؤون المالية بالمغرب يعينون من طرف المؤسسة الملكية فإنه كان من الطبيعي أن يتجنبوا عرقلة إرادة المجموعة وهذا ما شكل مصدر قلق كبير للفاعلين الاقتصاديين.
واليوم أصبحت العائلة الملكية تتحكم فيما يناهز 60 في المائة من سوق البورصة وفي أكبر مؤسسة بنكية وأكبر مؤسسة اقتصادية في القطاع الخاص بالمغرب. ولكون الملك يمتلك دستوريا سلطة التعيينات، فهذا من شأنه زيادة هاجس الخوف والقلق لدى رجال الأعمال والفاعلين الاقتصاديين، باعتبار أن الإدارات والأبناك والمؤسسات العمومية ستظل رهن إشارة مجموعة "أونا" المرتبطة بالقصر وبالتالي سيتم تسهيل وتمرير كل ما يسير في الاتجاه الذي يخدم مصالحها والتصدي لكل ما يسير في الاتجاه المعاكس، وهذا في نظر الكثيرين يناقض الاتجاه الذي تم الترويج إليه بخصوص ترسيخ نظام سوق حرة واقتصاد ليبرالي وتشجيع المبادرة الحرة.
وقد أكد المدافعون على صفقة ابتلاع بنك الوفاء أنها كانت ضرورية لأن الحكومة فشلت في تحقيق سياسة اقتصادية هادفة وناجعة من شأنها تحقيق نتائج مرضية، كما أن القطاع الخاص لم يقم بالاستثمار الكافي نظرا لأنه مسكون بالخوف والحيطة هكذا يرى هؤلاء أن القصر الملكي بعد أحداث 16 مايو 2003 بالدار البيضاء أضحى هو الوحيد الذي يمكنه تحقيق الأهداف التي فشل كل من القطاع الخاص والحكومة في تحقيقها، لاسيما فيما يخص إعطاء دفعة قوية للاستثمار لذلك، حسب هؤلاء، كان القصر مضطرا لأخذ زمام المبادرة واحتلال الصدارة ليصبح المستثمر الأول ورجل الأعمال الأول الذي يقود الاقتصاد الوطني.
ومهما يكن من أمر، فمن الممكن أن تشكل مجموعة "أونا" قاطرة للتنمية، لكن من طبيعة الاقتصاد الحر إغناء الذين يملكون رأسمال القاطرة.
والغريب في الأمر، هو أن صفقة ابتلاع بنك الوفاء جاءت لتعقيد إشكالية فصل السلط أكثر مما هي عليه وذلك بربط السلطة السياسية بالسلطة الاقتصادية، هذا في وقت وجب فيه الفصل الفعلي بينهما.
"أونا" وقطاع الاتصالات
في واقع الأمر، منذ ما يناهز 15 سنة ومجموعة "أونا" تبحث عن سبيل لولوج قطاع الاتصالات. وفي هذا الصدد، اعتبر البعض أن القائمين عليها عملوا على خفض وتيرة تحرير القطاع إلى حين توفر الشروط الملائمة لتمكينها من نصيبها من كعكة "اتصالات المغرب" وللتدليل على ذلك يشير أصحاب هذا الرأي إلى تغيير خريطة "اتصالات المغرب" ومن المعلوم أن المنافسة كانت حادة بين "ماروك كونيكت" (التابعة "لأونا") والمجموعة المصرية "أوراسكون"، فمنذ سنة 1990 أعلنت "أونا" عن رغبتها في الفوز بنصيب من كعكة "اتصالات الغرب" التي أسالت لعاب الكثيرين.
في البداية، حاولت "أونا" الاقتراب من مجموعة "فرانس تيليكوم" للتمكن من التدخل في القطاع، وبعد فشل المفاوضات مع الفرنسيين، كانت محاولة أخرى سنة 1998 مع المجموعة الأمريكية "أمريكان توش كومنيكايشن" إلا أنه في خضم المفاوضات تمكنت مجموعة "فودافون" من سحب البساط من تحت أقدام "أونا" بابتلاعها المجموعة الأمريكية، لذلك قررت "أونا" منذ سنة 2000 الاعتماد على نفسها، لكن في سنة 2003 حصدت "أونا" فشلا آخرا عندما تم عرض 16 في المائة من رأسمال "اتصالات المغرب" للخوصصة، حينئذ حاولت "أونا" خلق شراكة مع بعض الجهات الأجنبية، منها المجموعة السعودية "دلة بركة" والمجموعة الإماراتية "اتصالات" والمجموعة اللبنانية "أو. جي كروب" التي كانت في ملكية رئيس الوزير اللبناني المغتال، رفيق الحريري والمساهم فيها كذلك الجنبلاط، لكن مرة أخرى أهدرت الفرصة من يد "أونا"، إذ فازت مجموعة "فيافاندي" بالصفقة.
وفي سنة 2004، أعادت "أونا" الكرة وحاولت التفاوض مع أحد أكبر المساهمين في رأسمال "ميديتيليكوم" لاقتناء نصيبها، لكنها فشلت في مسعاها.
وبعد كل هذه الاحباطات، قررت مجموعة "أونا" تغيير إستراتيجيتها رأسا على عقب سعيا وراء الفوز بصفقة الرخصة الثالثة للهاتف الثابت وهذه المرة اختارت "أونا" الشراكة مع شريك أقل منها قوة ووزنا (مجموعة "ماروك كونيكت)، وبهذه الطريقة تمكنت من تحقيق فوز صغير، لكنه بالغ الأهمية اعتبارا لسعيها الطويل ولوج قطاع الاتصالات.
وفي هذا الصدد، استغرب البعض تأجيل الإعلان عن نتائج الصفقة وقد قيل حينئذ إن عرض مجموعة "أوراسكوم" فاق عرض غريمتها "ماروك كونيكت" وتزامن هذا التأجيل مع غياب منير الماجيدي، الكاتب الخاص للملك حيث كان في مهمة خارج المغرب ولم يعد إلا في أواخر يونيو 2005، أي أياما قليلة من حلول موعد الإعلان عن النتيجة.
وتعتبر "ماروك كونيكت" فرعا غير مباشر لمجموعة "أونا"، إذ يملك بنك "التجاري وفا بنك" نحو 90 في المائة من رأسمال الشركة منذ خروج مجموعة "فرانس تيليكوم" من رأسمالها في نهاية سنة 1999 بعد أن خاب أملها في الاستفادة من تحرير قطاع الاتصالات بالمغرب بعد أن فازت مجموعة "فيفاندي" بصفقة الرخصة الأولى للهاتف النقال وكانت الرخصة الثانية من نصيب "كونسورتيوم" يضم شركات مغربية وإسبانية وبرتغالية، علما أن شركة "ماروك كونيكت" لم تكن لتفوز بالصفقة لولا تقديم "أونا" وثائق لإثبات التزامها بالبرنامج الاستثماري، وقد قيل أن "ماروك كونيكت" تم تأسيسها في سرية تامة وظل ملفها محجوبا لمدة، ومن المعروف أن "أونا" سبق لها أن تفاوضت مع مجموعة "فرانس تيليكوم" لإحداث شركة للتدخل في القطاع لكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل.
بعد سنوات من التردد – ربما لتجنب الشبهة وإثارة الشكوك، ولجت مجموعة "أونا" سوق الهاتف الثابت في إطار شراكة تقنية مع المكتب الوطني للكهرباء لاستعمال شبكته التي تغطي كافة التراب الوطني، وكذلك لتهييء دخولها لسوق الهاتف النقال بقوة لمواجهة منافسيها.

"ماروك كونيكت"
مثلت " ماروك كونيكت " في الآونة الأخيرة إحدى أولويات مجموعة "أونا" لاسيما وأنها كانت السبيل لولوجها قطاع الاتصالات الذي ظلت تحلم باختراقه.
ويبدو ان " ماروك كونيكت " ستعتمد على تكنولوجيا جديدة لتقوية موقعها في قطاع الاتصالات، وهي تقنية برهنت على نجاحها بالولايات المتحدة الأمريكية واليابان وجنوب شرق آسيا (CDMA : Code division Multiple Acces) تضمن جودة أكثر وخدمات إضافية في مجال الاتصالات اللاسلكية والهاتف المحمول، وكذلك تكنولوجيا WIMAXفي مجال البث الإذاعي وهي تكنولوجيا تفوق ADSL.
قطاع المناجم
تتحكم مجموعة "أونا" في مجموعة "مناجم" المعدنية التي تنتج وتسوق بعض المناجم وتضم مجموعة "مناجم" 5 شركات:
1- شركة منجم بوعازر: استخراج الكوبالت.
2- شركة منجم اميتير (SMI): استخراج الفضة.
3- شركة منجم الحمام (سامين): استخراج الفليورين.
4- شركة منجم غماسة (CMG): استخراج الزنك والرصاص والنحاس.
5- شركة منجم أقا (AGM): استخراج الذهب.
وبموازاة مع استغلال المناجم أسست مجموعة "مناجم" شركتين، الأولى متخصصة في الدراسات والأبحاث والاستغلال (REMINEX) والثانية تخصصت في التنقيب وأشغال باطن الأرض (TECHSUB).

"أونا" والفضة
كان ميلاد "شركة المعادن أميضر" سنة 1969 بمساهمة مكتب الأبحاث والمساهمات المعدنية (69 في المائة) ومجموعة "أونا" (31 في المائة) في سنة 1996 خضع المكتب المذكور للخوصصة. وكان "منجم أميضر" ينتج الفضة الخالصة سنويا ويوجهها نحو التصدير إلى أوروبا (فرنسا وسويسرا).
وفي نهاية التسعينيات، احتج سكان المنطقة على التهميش والإقصاء رغم احتضان أرضها لثروات ظلت تستخرج دون أن يعاينوا أدنى استفادة منها، فنظم الشباب اعتصاما مفتوحا على جنبات الطريق الرئيسية القريبة من المنجم رافعين لافتات كتبت بأكثر من لغة، وكانت مطالبهم تتعلق بالحق في الشغل بالمنجم واستفادة منطقتهم من خيراته.
ومع استمرار الاعتصام، تدخلت قوات القمع تحت جناح ظلمة الليل مما نتج عنه سقوط جرحى واعتقالات واسعة، وتوفي أحد المعتقلين بأحد المعتقلات.
قطاع التوزيع
هناك 4 شركات تابعة "لأونا" في قطاع التوزيع وهي "سوبريام" ومرجان و " أوبتورك" و " أسيما". فشركة "سوبريام" الممثل المعتمد لسيارات بوجو وستروين بالمغرب.
أما "مرجان" تخصصت في الأسواق الكبرى منذ 1990. وفي سنة 2001، وقعت "أونا" عقد شراكة مع مجموعة "أوشان" الفرنسية لخلق مجموعة تراقب حاليا 13 سوقا كبيرا (مرجان).
وتنشط شركة " اوبتروك" في مجال تسويق المنتوجات البحرية بإفريقيا وهي شركة فرنسية حظيت "أونا" بالتحكم فيها منذ 1993، كما أنها أضحت تشتغل في مجالات الأشغال العمومية وبالفلاحة والمناجم وتمكنت من توسيع نشاطها بإفريقيا الوسطى : الكامرون، الكونغو، غينيا الاستوائية، جمهورية إفريقيا الوسطى، التشاد وكذلك ساحل العاج.
أما "أسيما" فهي مثل مرجان، اهتمت بالأسواق الكبرى، أنشأتها " أونا" بشراكة مع المجموعة الفرنسية " أوشان" وفي رصيدها الآن 16 سوقا كبيرا. وقد أبدى الكثير من المحللين تخوفهم من هذا التقارب بين " أونا" و " أوشان" الفرنسية التي تساهم بنسبة 49 في المائة من الرأسمال باعتبار أنه يشكل خطرا أكيدا على المنتوجات المغربية.
ويعرف هذا القطاع منافسة حادة بين الشركات التابعة لمجموعة " أونا " ومجوعة الشعبي ( أسواق السلام) (ايبير Hyper) و (لا بيل في)، لكن بشراكتها مع المجموعة الفرنسية "أوشان" تمكنت "أونا" من تقوية تموقعها في القطاع، في حين اعتمدت مجموعة الشعبي على محاولة التمييز عبر الاحتفاظ على الطابع المغربي، لاسيما برفضها تسويق الخمور بأسواق السلام.
مارونا
بعد مفاوضات ماراطونية مع مجموعة "INNA" الشعبي، تمكنت "أونا" من وضع يدها على 11 رخصة للصيد بأعالي البحار وبذلك أصبحت " مارونا" (التابعة لمجموعة أونا) المقاولة التي تحتل موقع الصدارة في قطاع الصيد البحري بالمغرب.
وقد تمت الصفقة بما قدره 120 مليون درهم. ومن المعلوم أنه منذ ما يناهز 10 سنوات لم تسلم أي رخصة في مجال الصيد بأعالي البحار.
"أونا" و "دوزيم"
بداية إحداثها في مارس 1989، زمان البث بالمرموز، كانت مجموعة "أونا" هي القائمة على تسيير " دوزيم " بشراكة مع المحطة الفرنسية TF1 و "صوفيراد" والمجموعة الكندية " فيديورون"، وعلى امتداد 7 سنوات ظلت مجموعة "أونا" المساهم الأول في رأسمال "صورياد" (دوزيم) لكنها انسحبت سنة 1996 عندما استفحلت الأزمة المالية للمحطة. وفي 19 يونيو 1996 عوضتها الدولة عندما ساهمت بـ 68 في المائة في رأسمالها وفرضت على المغاربة دعمها بواسطة إضافة نسبة مئوية في فاتورة الكهرباء.
قطاع تركيب السيارات
حرصت مجموعة "أونا" على الاهتمام مبكرا بقطاع تركيب السيارات.
استقرت "رونو" بالمغرب منذ سنة 1928 عن طريق شركة "سومار" التي أصبحت تحمل اسم "رونو المغرب" منذ سنة 1967. وفي 1970، حصلت شركة "سيجير" (المقاولة الملكية) على 50 في المائة وفي سنة 2000 وبموافقة مع "أونا" ارتفعت مساهمة "رونو" من 50 إلى 80 في المائة في "رونو المغرب" وبذلك تحكمت في شركة "سياب" المستورد الوحيد لسيارات "نيسان" بالمغرب.
تخلي "أونا" عن قطاع المشروبات
في غضون سنة 2003، تخلت مجموعة "أونا" عن مساهماتها في قطاع المشروبات. فقد باعت نصيبها في شركة "براسري المغرب" وفي شركة "برانوما"، المتخصصتين في إنتاج وتسويق المشروبات الغازية والجعة للمجموعة الفرنسية "كاستل" وذلك بقيمة مليار و 65 مليون درهم، على أساس 1073 درهما للسهم بالنسبة لشركة "براسري" التي كانت تملك ما يناهز 13 في المائة من رأسمالها.
وتعتبر "براسري المغرب" المدرجة في البورصة، أكبر وحدة لإنتاج وتعبئة المشروبات والجعة بالمغرب ويصل حجم مبيعاتها إلى نحو 2.6 مليار درهم. علما أن "أونا" حافظت على مساهمتها في شركة "سوترما" (16.4 في المائة من رأسمالها) وكذلك في شركة "سي. إم. بي" للمنتوجات البلاستيكية التي كانت "براسري المغرب" تملك 49 في المائة من رأسمالها وهذه الحصص استثنيت من الصفقة مع المجموعة الفرنسية التي نشطت بالأسواق المغربية منذ فجر التسعينيات بتسويق "توبس كولا" و "أورانجينا".

قطاعات لم تعد تهم "أونا"
منذ بداية الألفية الثانية، لاحظ المراقبون الاقتصاديون أن مجموعة "أونا" شرعت في التخلي عن مساهماتها في بعض القطاعات التي لم تعد تراها إستراتيجية وغير ذات جدوى بالنسبة إليها وهكذا تخلت عن حصتها في رأسمال "إيكدوم" (44.42 في المائة) لفائدة الشركة العامة للأبناك وقد تمت هذه الصفقة سنة 2002 بـ 800 درهم للسهم الواحد، آنذاك كان مراد الشريف هو مدير "أونا" التي كانت تتحكم في "إيكدوم" عبر امتلاك 36.59 في المائة من رأسمالها من طرف الشركة الوطنية للاستثمار و 7.83 في المائة من طرف شركة "أكسا".
وحسب المحللين الماليين، كانت هذه الصفقة مربحة "لأونا" إذ حصدت منها مليار و 336 مليون درهم (أي ما يعادل 12 مرة نتائج الحساب المالي لشركة "إيكدوم") وقد تم التحويل بقيمة قدرها 200 مليون درهم أديت بالدرهم إضافة إلى 400 مليون درهم أديت بالعملة الصعبة.
وحسب المقربين من مجموعة "أونا"، اندرجت هذه الصفقة في إطار إعادة هيكلة المجموعة المدشنة منذ بداية 2001 والساعية إلى التخلي عن مساهمات المجموعة في قطاعات لا تراها إستراتيجية.



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغرب على فوهة بركان
- مغاربة فقدوا حياتهم من أجل التغيير ومن أجل غد أفضل
- الأجهزة الأمنية في ظل ملكين بالمغرب
- عدالة المغرب تغتال الصحافة المستقلة مرة أخرى
- هيئة الإنصاف و المصالحة و الحقيقة المعوقة
- محنة مطرودي و مطرودات شركة لامونيكاسك – المهدية التابعة لمجم ...
- المغرب: تقرير حقوقي
- البروفسور المهدي المنجرة... رجل أغاراس
- الاختلالات المالية بالمغرب
- المغرب و اليهود و الموساد3
- القضاء و جادبية الاستثمار بالمغرب
- الملكية المغربية
- الملك محمد السادس البرغماتية العقلانية
- الملك و التاريخ
- نساء مدينة القنيطرة بالمهجر
- تعريف الفساد... كفى فسادا باراكا من الفساد
- الحرب ضد الحشيش بالمغرب
- الخوصصة و الفساد...هل من علاقة بينهما؟
- المال و مشروع قانون الأحزاب المغربي
- حقوق الإنسان بالمغرب


المزيد.....




- نهشا المعدن بأنيابهما الحادة.. شاهد ما فعله كلبان طاردا قطة ...
- وسط موجة مقلقة من -كسر العظام-.. بورتوريكو تعلن وباء حمى الض ...
- بعد 62 عاما.. إقلاع آخر طائرة تحمل خطابات بريد محلي بألمانيا ...
- روديغر يدافع عن اتخاذه إجراء قانونيا ضد منتقدي منشوره
- للحد من الشذوذ.. معسكر أمريكي لتنمية -الرجولة- في 3 أيام! ف ...
- قرود البابون تكشف عن بلاد -بونت- المفقودة!
- مصر.. إقامة صلاة المغرب في كنيسة بالصعيد (فيديو)
- مصادر لـRT: الحكومة الفلسطينية ستؤدي اليمين الدستورية الأحد ...
- دراسة: العالم سيخسر -ثانية كبيسة- في غضون 5 سنوات بسبب دوران ...
- صورة مذهلة للثقب الأسود في قلب مجرتنا


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس ولد القابلة - مجموعة أونا هل تنمي مصالح الملك أم الاقتصاد الوطني؟