أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الستار نورعلي - قراءة في دفاتر الشاعر محمود الريفي















المزيد.....

قراءة في دفاتر الشاعر محمود الريفي


عبد الستار نورعلي
شاعر وكاتب وناقد ومترجم

(Abdulsattar Noorali)


الحوار المتمدن-العدد: 1604 - 2006 / 7 / 7 - 10:26
المحور: الادب والفن
    



مقدمة

* محمود الريفي :
شاعر عراقي من جيل المجددين في الأربعينات والخمسينات من القرن العشرين. اشتغل في سلك التعليم . كان مزاملاً ومجايلاً للشعراء بدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي وبلند الحيدري وحسين مردان ومحمود البريكان، كما كان مزاملاً لغيرهم من الشعراء والأدباء الكبار أمثال الشاعرين الكبيرين محمد مهدي الجواهري ومحمد صالح بحر العلوم، وكانت له ذكريات معهم جميعاً اعتاد روايتها لنا ولتلاميذه.
كان مقدراً له أن يكون أحد أبرز شعراء العراق المجددين المعاصرين في مقام السياب والبياتي، فهو فعلاً شاعر قديرمعروف لدى أوساط جيله ومن جاء بعده، لكن العمل السياسي في صفوف الحزب الشيوعي العراقي شغله وسرق من وقته الكثير، بين النشاط والمطاردة والاعتقال والسجن في ظل الأنظمة المختلفة التي مرت بالعراق منذ العهد الملكي وآخرها النظام الديكتاتوري السابق.
أصبح عضواً في نقابة المعلمين بعد ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 ، وعضواً في هيئة تحرير مجلة (المعلم الجديد) التي كانت تصدرها النقابة. كما عمل في تحرير مجلة (المثقف الجديد). كان أستاذاً للغة العربية ، وقد عملنا معاً في إعدادية الشروق في مدينة الحرية ببغداد في ثمانينات القرن الماضي حتى احالته على التقاعد.
ظل مواظباً على كتابة الشعر في دفتر خاص أتذكره، يقرأ لنا منه كلما زرناه أنا والصديق العزيز أستاذ اللغة العربية ياس ناصر حسين (أبو وائل)، لكن الظروف السياسية ومواقفه الصلبة كانت مانعة في نشر شعره وابداعاته.
لقد نال منه وأرهقه العمل السياسي والمطاردة والفصل من الوظيفة والسجن والمشاغل العائلية. ومن نكباته التي أصيب بها أن ابنه البكر شاكر اُعتقل في عهد النظام البعثي السابق بتهمة الانتماء للحزب الشيوعي، حيث اختفى تماماً، لتتسلم عائلته بعد زمن شهادة باعدامه دون ان يستلموا جثته التي اختفت في المقابر الجماعية. كما توفيت زوجته الأولى أم شاكر إثر مرض عضال. وقد تم اعتقاله لفترة في مطلع الثمانينات من القرن الماضي إثر وشاية من أحد تلاميذه.
بعد احالته على التقاعد وبسبب الظروف المعيشية الصعبة في التسعينات عاد مضطراً الى الكتابة ليكسب رزقه ويقيم أوده. ومع المرارة والأسف الشديدين ليست تحت أيدينا نصوص من شعره كي نتمكن من نشرها والكتابة عنها.
القصيدة التالية (قراءة في دفاتر الشاعر محمود الريفي) كتبتها عام 1999 تذكيراً وتكريماً مني لهذا الصديق الطيب والانسان المناضل الشجاع والشاعر الرائع وأستاذ اللغة العربية المقتدر، بعد أن انقطع اتصالي به وبأخباره منذ هجرتي من وطني في الأيام الخمسة الأخيرة من عام 1991. المؤسف أنني علمت مؤخرا أنه توفي في العام الماضي من تلميذه وملازمه أيام الدراسة الثانوية الشاعر المبدع عبد الرزاق الربيعي الذي ساهم بكلمة تكريمية تذكيرية تليت عنه في الحفل الذي أقامه اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين استذكاراً له بعد طول اغفال واهمال ونسيان.
أصدر الشاعر الراحل محمود الريفي ديواناً وحيداً في مطلع الخمسينات (هواجس الطريق) ، وله ديوان مخطوط (لي وللآخرين).
نشرت هذه القصيدة في حينها في مجلة (المدى) الأدبية التي كانت تصدر في دمشق، وفي صحيفتي (الزمان) العراقية في لندن، و(ريكَاي كوردستان) صحيفة الحزب الشيوعي الكوردستاني العراقي في أربيل، ثم على مواقع الانترنيت. وأعيد نشرها الآن أيضاً احياءا ً لذكراه وتأريخاً له، وتذكيراً بشاعر قدير وانسان كبيرغفله وتغافل عنه الكثيرون وظلمته واضطهدته الأنظمة بسبب فكره واتجاهه.

القصيدة

الصمتُ جدارٌ نوصدهُ في وجهِ الحبْ
* * * *
في جوفِ الصمتِ صدىً يأتي
منْ بين الأنقاضْ
يوقدُ شمعتهُ إزميلاً في صدرِ الليلْ
في النهرِ النابعِ منْ قلبٍ أتعبهُ
سفرُ الأيامْ
نبضُ الأحلامْ
كانتْ تكبرُ .... تكبرُ ....
حتى تغدو في سعةِ الأيامْ
فتحلقُ فوق هديلِ عيونِ الخلقْ
يسهرُ ....
يسمرُ ....
يتحدثُ عنْ خيلٍ سـوَّمها
أيدي الفرسانْ
يخفقُ فوقَ نواصيها الخيرُ
الأجرُ
وسواقي المغنمُ
وصهيلُ الكلماتْ .
يحلمُ ....
نهرٌ منْ عسلِ الجنةِ يجري في ساقيةِ القريةِ
ويصبُّ على القلبِ رقيقاً
نبضاً من شجرِ الفردوسْ
ما بينَ رفيفِ النورْ
ما بينَ حفيفِ الأشجارْ
وخريرِ مياهِ النهرينْ
وبيوتٍ هدَّ رواسيها صدأ الأحزانْ
يغدو عسلُ الجنةِ حرفاً
قافيةً
من نورٍ
من نارْ ....
يعلو أهدابَ الأغصانْ
في الغدرانْ
في الأنهارْ
في الأهوارْ
تنسابْ الكلماتْ صراخاً .....
شلالاً يعلو الأسوارْ
نبضاً من فيضِ الأنوارْ
يسبحُ في سيلِ التيارْ
لونَ البردي ، ولونَ نخيلِ الأهوارْ ،
في الوديانِ ، وفي الأزهارْ
فوق الجبلِ الصامدِ أبداً في الإصرارْ
* * * *
الصمتُ جدارٌ يبنيهِ أحفادُ الصمتْ
* * * *
وشرعتَ تحاورُ أحلامكْ
تنظرُ في أصداءِ الأرضْ
في حضنِ النخلِ على ضفةِ النهرْ
وضياءُ القمرِ الساهرِ يغرقُ سحبَ الكلماتْ
أطعمتَ الريشةَ رائحةَ المطرِ القادمِ
لونَ الأحرفِ
صوتَ النارْ
ورسمتَ الحبَّ ضياءاً في عيني طفلٍ
حفرتْ في وجنتهِ الأعوامْ
تعبَ الأبْ ،
تنويمةَ أمٍ أرهقها حزنٌ
سفرٌ في الريحْ
دفءٌ منْ أحضانِ الحبْ
طيفٌ حلَّق في كوخِ القصبِ ، وفي الطينْ ،
أزقةِ مدنٍ يخنقها وجعُ التاريخْ
وسيفُ غزاةِ الأحزانْ
الطوفانْ
منفى الإنسانِ
هناك .....
هنا ......
يبحثُ عن رابيةِ العشقِ .....
هناك .........
هنا ..........
فيذوبُ على الأقداحٍ الألوانْ .....
إنك تغفو اليومَ أمامَ الجدرانْ
فتقاومُ ألماً دارَ ....
ألماً يستأنفُ دورتهُ ....
سكيناً
يحفرُ في القلبِ وفي العينينْ
وفي ذاتِ الأكمامْ
أنتَ تنامْ ..... !!
لا يدري أحدٌّ
تدري أنتَ ، وأدري
صمتاً كنتَ ...
قهراً كنتَ ....
* * * *
يوماً أشعلتَ قناديلكَ
فجمعتَ القلبَ .....
الأوراقَ .....
الكتبَ المنفية َ ......
الماضي ....
الحاضرَ .....
كي تستأنفَ صوتكَ
تشحذهُ ....
تدربهُ ....
علكَ تحكي ،
تطلقُ صرختك المأسورة ...............
فيعودُ الشوقُ ، الحبُّ ، الكلماتْ .....
* * * *
لكنَّ الصمتَ جدارٌ يبنيهِ أحفادُ الصمتْ
* * * *
وقرأتَ ....
كنتُ أنا ، هو ، أنتَ ،
وقرأتَ
ما كنتَ تقولُ وما تحكيهِ في السرِّ
تحاورُ نفسكَ في صومعةٍ
دونَ الضفةِ
دونَ نخيلِ الأهوارْ
والأقمارْ
وخريرِ النهرِ ، حفيفِ الأغصانْ
في صومعةٍ
جدرانٌ أربعة ٌ
شُباكان
وجدارٌ عالٍ خلفَ الشباكْ
وبقايا أشجارٍ أطفأها سبخُ التربِ
وملحُ مياهِ القضبانْ
كنتُ أنا ، هو ، أنتَ ،
وقرأتَ :
هذا صوتي
في صمتي
في الصمتِ ....
وقرأتَ .....
دهرٌ مرَّ
منذ سمعنا صوتك آخرَ مرَّه .
هذا محمودُ رفيقُ السيابِ
سميرٌ من سُمار ليالي الألفْ
ينطقُ بحكاياتِ الوطنِ ، النخلِ ،
وأعذاقِ التيارْ ،
والأقمارْ
فوق جبينِ الأزهارْ
ينطقُ في عينِ الطفلِ على يدهِ
كسرةَ خبزٍ ، حافي القدمينْ .
ينطقُ ، ويصولُ .
توصدُ في الوجهِ الأبوابْ
فينامُ على صوتِ البواباتِ المغلقةِ
تصرُّ بأيدي السجانْ
ماذا في جيبكَ ،
في قلبكَ ،
في رأسكَ ؟!
مزِّقْ ...!
إكسرْ ...!
اصمتْ ..!
* * * *
الصمتُ جدارٌ يبنيهِ أحفادُ الصمتْ
* * * *
وقفَ السيابُ يناجي خليجَ الأحزانْ ،
ونشيجَ البحرِ الساكنِ ،
شباكَ وفيقةَ ، عينيها ،
غاباتِ النخلِ
مطرَ النهرينْ ....
ووقفتَ ببابِ الجدرانْ ،
القضبانْ ،
الصمتُ ينادمكَ ....
تنادمهُ ....
يلتفُّ عليكَ ....
ويلتفُّ ....
صدئتْ في الصدرِ الأضلاع ْ ،
سقطتْ في أرديةِ الأخوانْ
القضبانْ ......................

الأحد 1999-2-14



#عبد_الستار_نورعلي (هاشتاغ)       Abdulsattar_Noorali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة من شاعر
- هل الفيليون كرد مع وقف التنفيذ...؟!
- جلجامش والأفعى الى الشاعر عدنان الصائغ
- أي طرطرا تطرطري
- الشاعرة خلات احمد بين الذاكرة والدهشة
- بهاء الجهات الأربعة
- لوركا ... انهضْ
- البركان البهيج
- أرض العشق البركان
- قصائد للشاعر السويدي روبرت اولفده
- مازلتُ أمارسُ لعبةَ البركان
- هوغو شافيز
- أصفار - الى الشاعرة المغربية مليكة مزان
- ثلاث قصائد
- رسالة في النقد الشاعر عماد الدين موسى بين الرومانسية والتحد ...
- انقذوا الدكتور عبد الإله الصائغ
- المقابر
- اكتمْ على القلبِ الغضب
- ليلة أشرق عنترة بن شداد العبسي
- هو الذي لم ير كل شيء


المزيد.....




- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الستار نورعلي - قراءة في دفاتر الشاعر محمود الريفي