أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمد الأحمد - نصفُ إغماضه من اجل احتمال ضجيج العالم














المزيد.....

نصفُ إغماضه من اجل احتمال ضجيج العالم


محمد الأحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1602 - 2006 / 7 / 5 - 02:49
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


برغم فوضى العالم المزدحم بالتناقضات والمفارقات تبقى عينُ الإنسان كليلة عن رؤية كل ما يدور، وبرغم تزاحم وسائل الاتصال التي تريد أن تضخ بضاعتها الصورية عبر فضائياتها الغزيرة المادة، والمتنوعة و الموزعة الاتجاهات.. تبقى الإنسان في زمن الصور متعطشا لرؤية كل شيء في الآن نفسه، ويبقى الإنسان برغم كل هذه المشاهد المتدافعة التالية تزيح ما بعدها، والأفكار الجيدة تستقر بدل غيرها، والعين مفتوحة على ما يحدث، تنقله الاتصالات عبر العين، ولا تستطيع العين أن تتحصل على نصفُ إغماضه من اجل احتمال ضجيج العالم، وتصير عاهة العمى أداة روائية تفصل بين البطل المحور والروائي كما في (نصفُ قمر) اسمُ الرواية الصادرة عن دار الشؤون الثقافية العامة 2006 - بغداد.. تحكي عن حالةُ عمى، نتيجة إهمال المريض لحالته التي تفاقمت و أدت به إلى العمى. رحلة في عالم صاخب ملئ بالأصوات، عالم سماعي مزدحم بالضغوطات يتحول إليه المبصر بعد أن يفقد الرؤية، و تكون أذنيه مركزا استقطاب من العالم الذي حوله، و مركزا استدلال إلى ما حوله.. بواسطتهما يبقى متحدياً اللون الأسود ليخرقه عبر النغم، مبتدأً منه تحديد العلاقات ما بين البعيد، والقريب.. بالصوت وحده تكون نقطة التقاء الخطوط البنائية المتواشجة من علاقات بطل الرواية حيث يستدل البطل المحوري (عادل) إلى أماكنه المألوفة، بكل حس وذوق، و يتصرف بدقة من يعرف الألوان كلها، المغمورة في اللون الأسود.. الذي حجب عن القارئ سرداً تفاصيل الألوان الأخرى المتواثبة بين الاضاءات المتسعة إلى حافات حادة من التذكر الدقيق.. حافات مصيرية حادة تتمثلها المساحة السوداء كما سبورة الدرس في المدرسة، ولكن البطل لم يقيده العمى، و كأنه انطلاق الخط المشير بثقة نحو الوضوح. ( شيء مؤلم أن نمتلك الضوء ولا نهتم بعالم اللون الأسود – ص 5). ثمةٌ جميلةٌ شفافة في جملة الكاتب (نوزت شميدن) تضاف إلى رصيد الراوي في روايته البكر الموسومة بـ (نصفُ قمر).. فقد اعتمد السرد بإيقاع واحد، و وتيرة واحدة، و راح يهدر به بلا توقف.. بعمق هيرمينوطيقي: (تعني بتأويل حقيقة الكتاب الواقعية والروحية- دليل الناقد الأدبي – ص48). هي فسحة الأمل العريضة التي ينطلق منها البطل متحركا على سبورة اللون الأسود.. (ظلام الأعمى كتلة ثقيلة، ومحتبسة. شمس سوداء تشع حلكة وتضيف الأسود إلى الأسود بلا انتهاء- ص29). حيث يفقد الاهتمام بما حوله إلا من خلال الصوت، ويحقق الصلة الكاملة بكل ما في العالم من ارتباط ، ورغم العمى لم يكن مقصيا عن حياته و أهله و أحبته بل كان بينهم يشاركهم ما يشاركونه به.. ورغم الفاصل الذي أصبح حقيقة راسخة.. (حاولت أن اكتشف تلك اللغة النغمية السرية بين العصا وعالم الطريق - ص 68). بقى العراقي بطلا روائيا بين أبطال الروايات الإنسانية المتميزة.. بطل ملئ بالحب والتطلع، مخترقا للعتمة، بألف خطوة.. علا قات واضحة بواقعيتها مع بعض، وأيضا إلى ذكرياته المدفونة مع قصة حب عاشها بلون آخر.. (أخذت أسبح وأسبح واندفع في السواد، اضرب بذراعي والفراغ مثل طائر خرافي، وفجأة رايتها تقف فوق غيمه من سواد- ص43). ثمة ألوان يصفها الراوي ويتحسسها كما يتحسس الأعمى طريقه بعصاه.. إذ تقول الدكتورة سهير القلماوي : (الرواية شكل أدبي يزاد خطره وتتنوع أساليبه ويزحزح كثيرا من سلطان الشعر، والرواية المكتوبة لها طاقتها وتطوراتها، وقد أخذت مكان الصدارة في الأشكال الأدبية عالميا وعربيا لأنها الوعاء الأنسب للمرحلة التاريخية التي نجتازها اليوم واهم سماتها التغيرات السريعة المتلاحقة وتدافع المعتقدات والأيدلوجيات في سباق لاهث على عقول الناس لتوجه تفكيرهم و تصوراتهم، وبالتالي سلوكهم وتصرفاتهم). بقيت قصة الحب القديمة تتألق كلما فكر الروائي في مسيرة خطواته المتحدية الظلمة، بنصف ضوء متحديا ضجيج العالم الصاخب.. تحت ضوء شحيح، سلطهُ القمر في ليلة معتمة، ولكنه بقي كأنموذج بطل روائي متميز بعراقته، وطموحه.. منطلقا إلى أبعاد أكثر حرية من الفضاء الذي يسمح به فضاء السردي للرواية.. ألانه حركة واقع غير قابل للتزييف.. فكان صدقُ الكتابة أكثر من صدق الفضاء في حرية حركية الإبداع… فقد اعتمد البطل في النهاية حبيبته بديلا عن العصا التي يعتمدها، وراح متأبطا يدها إلى حيث يريد.
ثمة كلمات أخرى تستحقها هذه الرواية التي تبشر بعراق المبدعين الممتلئين بمثل كاتب (نصفُ قمر)، يستحق منا التحية، لأجل أن يتواصل بعطائه الجميل.. كوننا نعول على ما سيجيء منه مستقبلاً.. فالرواية صدق قد أفاد به، وقضية قد كشفها المبدع العراقي بكل ما في أداته من صوت معبر..
بغداد
نصرت شمدين (كاتب عراقي من مدينة الموصل)



#محمد_الأحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لزوميات خمسميل
- قراءة في رواية (عباس عبد جاسم) الموسومة ب - مربع المواجهة
- مطر (كاظم حسوني) وظمأهُ القديم
- حلمٌ عراقي قد يتحقق
- مساحةُ الثقافة والنشر في الصحف العراقية
- جدلية (يورغن هابرماس) الصارمة
- شفافيةُ السرد في قصص ضوء العشب
- الضحك
- ما ذنب العراقي؟
- عبقريةُ (ماريو بارغاس يوسا) المذهلة
- رواية تحت سماء الكلاب
- رواية العطر لباتريك زوسكند، واقعية كضربٍ من الخيال
- نص وقراءة
- الحكواتي
- الدروب التي لا تصل بطريق
- رواية غايب لبتول الخضيري
- الفكر العربي في محيطه الأسود
- أجوبة الحوار المتمدن للملف
- قراءة في رواية وردة لصنع الله ابراهيم
- الشارعُ السياسيّ بعد غياب المثقف


المزيد.....




- سعودي يوثق مشهد التهام -عصابة- من الأسماك لقنديل بحر -غير مح ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل ضرباته ضد أهداف تابعة لحماس في غزة
- نشطاء: -الكنوز- التي تملأ منازلنا في تزايد
- برلين تدعو إسرائيل للتخلي عن السيطرة على غزة بعد الحرب
- مصر تعلن عن هزة أرضية قوية في البلاد
- روسيا تحضر لإطلاق أحدث أقمارها لاستشعار الأرض عن بعد (صور)
- -حزب الله- يعلن استهداف ثكنة إسرائيلية في مزارع شبعا
- كييف: مستعدون لبحث مقترح ترامب تقديم المساعدات لأوكرانيا على ...
- وسائل إعلام: صواريخ -تسيركون- قد تظهر على منظومات -باستيون- ...
- رئيس الوزراء البولندي: أوروبا تمر بمرحلة ما قبل الحرب وجميع ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمد الأحمد - نصفُ إغماضه من اجل احتمال ضجيج العالم