لماذا اختطف مواطنون روس في العراق في هذا الوقت بالذات، ومن له مصلحة في ذلك؟العراق يشهد إعدام مواطنين روس لأول مرة

محمد النعماني
(Mohammed Al Nommany)

الحوار المتمدن-العدد: 1602 - 2006 / 7 / 5 - 03:34
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

أكدت وزارة الخارجية الروسية نبأ مقتل موظفي سفارة روسيا الاتحادية في بغداد فيودور زايتسف وأوليغ فيدوسييف ورينات اغليولين واناتولي سميرنوف.

وجاء في بيان الخارجية الروسية بهذا الشأن: " ربما "حدث ما لا يمكن إصلاحه" في قضية اختطاف موظفي السفارة الروسية في العراق".

ونشر أحد المواقع الإسلامية على الإنترنت يوم أمس تسجيلا لجريمة قتل المواطنين الروس الأربعة في العراق. وأقرت موسكو بعد دراسة وتحليل التسجيل بنبأ مقتل الرهائن. وقد أعلن ما يسمى بـ"مجلس شورى المجاهدين في العراق" المرتبط بتنظيم "القاعدة" الإرهابي مسؤوليته عن خطف وقتل المواطنين الروس الأربعة.

ويذكر أن سيارة السفارة الروسية التي كانت تقل المواطنين الروس كانت في طريقها إلى أحد المخازن لشراء مواد غذائية قبل أن تتعرض إلى اعتداء من قبل مجهولين في حي المنصور في بغداد في الثالث من هذا الشهر. وقد أسفر الاعتداء المذكور عن مصرع أحد موظفي السفارة (اسمه فيتالي تيتوف). كما اختطف الإرهابيون أربعة من موظفي سفارة روسيا الاتحادية في بغداد. ولم يعلن "مجلس شورى المجاهدين في العراق" مسؤوليته عن هذا الاعتداء إلا بعد مرور 16 يوما.

وقد وجه الإرهابيون لروسيا إنذارا نهائيا طالبوا فيه بسحب القوات من جمهورية الشيشان وإطلاق سراح المسلمين المحكوم عليهم بالسجن في روسيا في فترة 48 ساعة. وقد انتهت هذه الفترة في الحادي والعشرين من شهر يونيو الحالي. وقد تبين في ذلك الوقت بالذات أن عملية الاختطاف لم تكن مجرد صدفة.

وقد شهد العراق في فترة 3 سنوات من الحرب اختطاف أكثر من 200 مواطن أجنبي، وآلاف العراقيين. وتشير معلومات وسائل الإعلام الغربية إلى قتل 44-55 مواطنا أجنبيا اختطفوا على أيدي الإرهابيين في العراق. ولا يفرق الإرهابيون بين مواطني الدول التي شاركت في الحملة العسكرية على العراق ومواطني الدول التي لا تمت بأية صلة لتلك الحملة. كما شملت عمليات الاختطاف عسكريين ودبلوماسيين وصحفيين، وأولئك الذين يقدمون المساعدة في مهمات إعادة بناء الاقتصاد العراقي، ومن يعمل في إطار البعثات الإنسانية التي وصلت لمساعدة العراقيين.

كما كان من بين المختطفين في العراق مواطنون روس أطلق سراحهم بسرعة في تلك المرة. وتعرض موظفو شركة "اينتر انيرجو سيرفيس" الروسية في العراق في عام 2004 إلى 3 اعتداءات في فترة شهر ونصف الشهر، بما فيها هجوم مسلح على الحافلة التي كانت تقلهم. وقد أسفرت تلك الاعتداءات عن مصرع 3 وجرح 8 من المواطنين الروس.
!!المعلقة السياسية لوكالة نوفوستي ماريانا بيلينكايا تقول
ونظر الكثيرون إلى ما جرى قبل عامين كمحاولة لتخويف الشركات الروسية من العمل في العراق (أجلت جميع الشركات الروسية موظفيها من العراق بعد الحادث)، وكسعي من قبل الإرهابيين لتقويض عملية إعادة بناء العراق، وكخطأ غير مقصود حيث ذكر الرهائن أن الإرهابيين كانوا يعتقدون أنهم أمريكيون. أما ما جرى الآن فإنه حدث من نوع آخر تماما.

لقد كان عملا مدروسا ومعدا له بشكل جيد موجها ضد روسيا بالذات. وقد استهدفت مثل هذه الأعمال الموجهة إلى المواطنين الأجانب أينما كانوا إلى حد الآن الإسرائيليين والأمريكيين والبريطانيين. أما المواطنون الروس فإنهم يصطدمون بها لأول مرة. كما وجهت لأول مرة لموسكو مطالب سياسية في أثناء العمليات الإرهابية التي تقع خارج روسيا.

إن ما حدث يرغمنا على طرح السؤال التالي: لماذا اختطف مواطنون روس في العراق في هذا الوقت بالذات، ومن له مصلحة في ذلك؟

ولا بد من أن يظهر ترابط بين أحداث وقعت قبل عام تقريبا أي بين قمة مجموعة الدول الثماني الكبرى برئاسة بريطانيا وتفجيرات لندن. أما الآن فتترأس روسيا تلك المجموعة في حين يتعرض موظفو سفارتها في بغداد إلى الاختطاف والقتل. فهل يسعى الإرهابيون إلى التأكيد على أنهم قادرون على حرمان الجميع من الشعور بالأمن في أي مكان كان؟

لقد فقد العراق الأمن تماما في الفترة الأخيرة حيث لم تتمكن السلطات في هذا البلد من الإمساك بزمام الأمور في مجال الأمن منذ 3 سنوات. وبهذا الشكل تحول العراق إلى ساحة لتنفيذ العمليات الإرهابية ضد أي كان ولمختلف الأسباب. وربما يرى الإرهابيون أنه لا داع لصرف الأموال لتنظيم العمليات الإرهابية في نيويورك ولندن وموسكو لأن من الأنسب تنفيذها في العراق الذي أصبح ميدانيا للإرهاب.

وتجدر الإشارة إلى أن الأعمال الإرهابية تطال أيضا العراقيين وكل من ساقه القدر إلى العراق في هذه الفترة.

وقد وجدت روسيا التي وقفت دائما ضد الحرب على العراق، ودعت إلى إنهاء تواجد القوات الأجنبية على أراضي هذا البلد نفسها في موقف صعب. والفكرة الأولى التي تخطر على البال بعد سماع نبأ قتل الرهائن تتمثل في أن البعض يسعى إلى جر روسيا للمشاركة في حرب غريبة. ولا بد من القول أيضا إن العراق ما كان له أن يتحول إلى ميدان للإرهاب والفوضى لولا الحرب التي شنت عليه. كما أنه لم يكن بالإمكان اختطاف أو قتل الدبلوماسيين الروس لولا تلك الحرب التي أدخلت العراق في دوامة العنف.

ومن جهة أخرى لا بد أن نقر بأن إعدام الرهائن لم يأت نتيجة للوضع الصعب في العراق فحسب، بل كجزء من الحرب العامة التي تشارك روسيا في خوضها إلى جانب الكثير من البلدان الأخرى ضد الإرهاب منذ عدة سنوات. لقد أصبح موظفو السفارة الروسية في بغداد ضحية لهذه الحرب أسوة بمن قتل نتيجة للأعمال الإرهابية التي وقعت في مسرح موسكو ومدرسة بيسلان، ومترو لندن، ومركز التجارة العالمية في نيويورك.

#محمد_النعماني (هاشتاغ)       Mohammed__Al_Nommany#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات