أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الرديني - بعبع المخابرات















المزيد.....

بعبع المخابرات


محمد الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 1601 - 2006 / 7 / 4 - 07:12
المحور: كتابات ساخرة
    


ذات يوم تناقلت الصحف العالمية خبر اقصاء 137 صحفيا عراقيا مغتربا وفصلهم من نقابة الصحافيين العراقيين
واعتبارهم "كتبة" مأجورين او مرتزقة او مرتدين...ونشرت وكالات الاخبار اسماء الصحفيين الذين شملهم هذا القرار وكان كاتب هذه السطور من ضمن هذه القائمة.
ولاني اعرف كما يعرف غيري ان هذا القرار يعني بالدرجة الاولى ان هؤلاء الصحفيين غير مرغوب فيهم وبالتالي فان اغتيال هذه الاسماء غير المشروط بزمن محدد هو امروارد ايضا.
ليس هذا هو الخبر بل التفاصيل بعد التالية هي الخبر نفسه.
وكان من الطبيعي ان يتخذ الواحد منا احتياطاته، لانه يعرف تماما ان القتل عند هؤلاء مثل
( شربة ماء)
كما تقول امي، ولهذا سارعت للاتصال بعمدة مديتنا
.(اوكلاند وهي المدينة التجارية لنيوزيلندا)
الذي حدد لي موعدا شرحت له فيه الوضع بالتفصيل
وعدني العمدة خيرا، وطمأنني الى ان بلدا مثل نيوزيلندا لايمكن ان تبالي بهذه التهديدات
لم تمض عشرة ايام حتى جاءتني رسالتين احدهما من وزير الخارجية والثانية من عمدة المدينة
جاء في رسالة العمدة مايلي::
"لقد احلنا مخاوفك الى السيد وزير الخارجية الذي اكد انك ستكون في مأمن من كل الادعاءات التي نشرت في الصحف، كما خاطبنا الجهة المختصة التي لايخامرها شك في انك تعيش في بلد آمن ونؤكد لك ان الجهات ذات العلاقة قد اخذت الموضوع في غاية الجدية".
اما وزير الخارجية فقد ذكرفي رسالته مايلي:
لقد اهتممت بموضوع رسالتك ونحن يهمنا جدا ان يعيش جميع النيوزيلنديين آمنين في بلدهم ، لقد اوعزت الى الجهات الامنية لتقوم بمسؤلياتها المفروضة في هذا الخصوص، ارجو ان تكون مطمئنا الى اجرائتنا"."
اكرر ان هذا ايضا ليس لب الموضوع، فبعد وصول الرسالتين باقل من اسبوع رن هاتف البيت وسمعت صوتا من الجانب الآخر يقول:
انا جوناثان كيفن من المخابرات النيوزيلندية ارجو اذا لم يكن لديك مانع ان تحدد لي موعدا لاقابلك بشأن رسالتك الى مستر موريس وليمسون عمدة منطقكتم.
وحددت له موعدا رغم ان الامر بدا لي غير مهضوم او بمعنى ادق غير مقبول لدخول طرف مكروه لايتمتع بحسن سيرة وسلوك في وطننا العربي على الخط.
جاء الضيف غير المرغوب فيه حسب الموعد وكانت الساعة آنذاك الثانية من بعد الظهر تحدثنا طويلا.
وحتى هذا لم يكن الخبر نفسه ايضا
الخبرهو ان هذا الشخص- غير المرغوب فيه - كان في غاية الدماثة طيلة ساعة من الحديث، وفجأة قطع الحديث
ليسألني عن موعد وصول الاولاد من المدرسة فقلت له انهم عادة يأتون بعد الساعة الثالثة بقليل رأيته ينهض قائلا:
انها الساعة الثالثة وخمس دقائق الان، لاشك ان الاولاد سيأتون في اي لحظة وعلي ان انصرف على ان ازورك في يوم اخر.
لم افهم ماقاله بالضبط وحين وجد الحيرة على وجهي قال ببطء ملحوظ:
حين يروني اولادك هنا سيسألونك عني وسيمطروك بوابل من الاسئلة لااول لها ولا اخر حين يعرفون من انا، ولااريدك ان تتعرض لهذا الموقف كما لااريد ان يشعر الاولاد بالقلق لهذا ليس من المستحب ان يروني هنا سأتصل بك لنحدد موعدا اخر
البيت وتركني شبه مذهول غير مصدق ما جرى ساءلت نفسي: (المخابراتي) غادر الرجل
هل حقا يعني هذا الرجل ما يقول ام انه يلعب احدى لعبهم المعروفة. بصراحة لم اعثر على الجواب حتى الان لاني ببساطة لا اثق بكلام السلطة فلدي كما لدى كل افراد شعبي تراثا سيء الصيت عن هؤلاء الرجال.
حين كنت اسمع القصص والحكايات التي تروى عن رجال المخابرات في بلادنا العربية اشعر اني محظوظ جدا فلم يتسن لي ان التقي بواحد منهم بعد ان تركت بلدي منذ اكثرمن ثلاثين عاما، ولكن المؤسف حقا اني وجدت نماذج مستنسخة منهم في بلاد الغربة نماذج مريضة بداء الهلوسة المخابراتية او بمعنى ادق مرض الشيزوفرينيا الاستخباراتي او لنقل انهم خلقوا اما ليخافوا من تلك الهلوسة او انهم يحبون بشكل مطلق ان يكونوا نسخة طبق الاصل من هؤلاء
كما ان هناك انواعا من البشر خلقوا ليتوهموا انهم بشر من طراز خاص ، والخاص الذي اعنيه ليس امتيازا لهم ولاعبقرية وانما هو اشبه بذاك الذي يريد من الاخرين ان ينظروا اليه بعين العطف مهما كانت الاسباب ، انهم يستمدون وجودوهم الانساني من الضعف بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى ، بايجاز انهم يريدون ان يحس الاخرين بضعفهم حتى يستدروا عطفهم.
ولان مثل هؤلاء البشر مؤهلون للاستكانة وليس لشيء اخر، فانهم يرون في كل شيء من حولهم اشارة الى الرقابة والمراقبة ومادار في فلكهما
اذ تجدهم في سنين حياتهم الاولى - في الابتدائية مثلا- يكرهون مراقب الصف لانه ببساطة جاسوس المدير الذي وضعه في هذا المنصب، وفي الاعدادية يكرهون الطلاب الاذكياء لانهم قريبون من الاساتذة وفي هذه الحالة فانهم مستعدون – اي الطلاب الاذكياء
لنقل اسرار الطلاب الخاصة ومايتناقلوه ضد الاساتذة من شؤون خاصة تتعلق ربما بمشاكلهم الجنسية او غيرها
وفي الجامعة يبدأ التحزب الاهوج اوما يسمى بالشللية بعد ان تتلاقى مشارب الخوف مع بعضها عندهم:
فهذا الشاب سخيف لانه يركض وراء البنات وذاك منطو على نفسه ليقولوا عنه انه عبقري ، اما ذاك الذي يحمل حقيبة " السمسونايت" فانه يتأهب ليكون معيدا بالجامعة ثم ذاك وذاك وهذا الخ.
وبعد التخرج تبدأ مرحلة التآمر الوظيفي
هذا اذا اكمل احدهم الخدمة العسكرية الالزامية في المدة المحددة ، وهو مستحيل
فالكل يريد ان ينهش الكل من اجل الكرسي، والكل يشعر بانه احق بمنصب المدير مهما جر ذلك المنصب له من متاعب لماذا ؟ لانهم لايشعرون بوجودهم الا اذا جلسوا على كرسي الامر والنهي حتى ولو كان الذين يؤمرونه فراشا مغلوبا على امره او موظفا من الدرجة الرابعة بعد العشرين، وحتى لو قدم هذا الكرسي لهم بالوكالة.
ولكنهم يكتشفون بعد زمن ان هذا الكرسي فتح عليهم عيون البعبع، فالفراش الذي يقدم لهم الشاي الصباحي يعرف الكثير من خباياهم كما ان موظف الشؤون الذاتية يعرف سيرة حياتهم الوظيفية من الملف البني
الفصائل فهو قسم لايعلم مايدور بداخله الا قادة ( القلم السري) والراسخون في كتابة التقارير الاستخباراتية.. اما القلم ا انصارالنظام.. اي نظام).)
ولاتسأل عن حياتهم الزوجية ، فهم يعودون من العمل منهكي الاعصاب ، شاردي الذهن ، يمدون بوزهم ثلاثة امتارالى الامام ، نظراتهم تنتقل من البؤبؤ الى البؤبؤ كما ينتقل رقاص ساعة الحائط وتعتقد الزوجة المسكينة ان هذا الزوج يفني زهرة شبابه في الوظيفة، وما عداها فالكل يعرف ان زهرة هذا الشاب قد فنيت في امور اخرى ليست منها هذه الوظيفة بالتأكيد.
ويتفنن هؤلاء في رسم التعابير المحزنة على وجوههم فهم، كما قلنا، يريدون العطف ولاشيء غيره
ولهم بعد ذلك مواهب اخرى فهم يتفننون في ضرب طوق العزلة حولهم، ونادرا ماتجدهم يمدون ايديهم لصداقات جديدة فهم مثلا لاينادون على بعضهم باسمائهم المجردة وانما هم دائما اما
ابو علان ". او ابو فلان"
ولست اجد تعبيرا ادق من تعبير القاص العراقي عبد الستار ناصر حين نعتهم بالخرفان
ولكن بآذان طويلة ولحية ذات اهداب قصيرة انهم كذلك حقا ، حتى لحاهم تبدو مثل مزرعة
. الحشيش والبرسيم والكرفس والفاصوليا المزروعة كلها في مكان واحد
والغريب في الامر تراهم يتراكضون في ايام الجمع الى المساجد لاداء فريضة الصلاة حتى اذا انتهت عادوا من حيث اتوا.. عيونا زائغة تراقب الاخرين باذان طويلة تلتهم همس الاخرين والمقربين، وسيقانهم النحيلة ترتجف مثل بوز الارنب راكضة نحو الظل تحتمي به ضد النور.
واذا اجبرت احدهم على الحديث فانه يكتفي بالقول وبصوت هامس لايكاد يسمع
" ان الجو ممطر هذا اليوم"
وتضحك حين تسمعه يقول ذلك ، تضحك حد الجنون فانت تعرف ان ذلك الوقت الذي همس فيه ابو فلان هذا كان في عز الصيف ، وتسأل نفسك بعد ذلك:
اذا كان رب العزة قد خلق الانسان في احسن تقويم فلماذا يصر هذا المخلوق لأن يكون في اسوأ تقويم ؟
-----------------------------
*القلم السري ادارة موجودة في الوزارات الجكومية ولها فروع في العديد من الدوائر الرسمية في الدول العربية والتي قد يتغير اسمها من مكان لاخر وهي ترتبط مباشرة بمدير الدائرة ومهمتها كتابة التقارير السرية عن خصوصيات وعموميات العاملين الذين لاتناشهم الترقية الا بامر من مدير هذا القلم الذي عادة مايكون سمينا اصلع الراس له شعيرات في وسط الرأس فقط ويلبس البدلة السوداء حتى في حر تموز اللاهب.
ابو داوود شخصية حقيقية كان يعيش في جنوب العراق ، مات دون ان يحقق حلمه في ان يكون فلاحا ناجحا*
صورة طبق الاصل من رسالة وزير الخارجية *
صورة طبق الاصل من رسالة عمدة المدينة *



#محمد_الرديني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا العصفور لا احبه
- الى محكمة العدل الدولية.... اني طالق ،طالق، طالق
- قاتل الله الجاجيك
- رسالة غير مكتوبة الى رب العزة


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الرديني - بعبع المخابرات