أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل القاسم - لسنا بحاجة إلى الوحدة العربية















المزيد.....

لسنا بحاجة إلى الوحدة العربية


فيصل القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1600 - 2006 / 7 / 3 - 08:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا أبالغ إذا قلت إن كلمة "وحدة" ما زال لها وقع في غاية الجمال على أذني بالرغم من التعهير الذي لحق بها عربياً. وقد حلمنا وما زلنا نحلم بتحقيق الوحدة العربية من المحيط إلى الخليج في يوم من الأيام. لكن لو نظرنا حولنا في هذا العالم لوجدنا أننا حمـّلنا التجزئة أكثر مما تحتمل بكثير من أسباب تخلفنا وضعفنا. لكم عزى بعض مثقفينا، وخاصة القوميين منهم، سبب فشلنا السياسي والاقتصادي والعسكري والثقافي إلى التمزق والتشتت والكيانات المصطنعة والدويلات. فقد صوروا لنا الوحدة على أنها البلسم الشافي لكل أمراضنا، وأن القطرية هي السرطان الذي فتك بالجسد العربي وجعل الأمة العربية في مؤخرة العالم. هل كانت التجزئة فعلاً السبب المباشر لانحطاطنا على كل الصعد، أم أن الكيانات الصغيرة لم تكن يوماً سبباً في تخلف الشعوب؟

لقد صعدت دويلات كثيرة وأصبحت نجوماً في عالمي الاقتصاد والتكنولوجيا وهي لا تتجاوز مساحة بعض المدن العربية من حيث الحجم الجغرافي، ولا يزيد عدد سكانها عن بعض أحياء القاهرة. لنأخذ مثلاً سنغافورة (الدولة المدينة)، فهي ليست حتى دولة بالمعنى المتعارف عليه، بل مجرد مدينة من حيث المساحة وعدد السكان الذين لا يتجاوزون الأربعة ملايين نسمة، فهي أصغر من أصغر دولة خليجية، لا بل أصغر من دبي. وتبلغ مساحة الرياض عاصمة السعودية ثلاثة أضعاف مساحة سنغافورة. أما لبنان فهو أكبر من سنغافورة بمرتين، ناهيك عن أن تلك الدويلة كانت تفتقر إلى الماء والموارد الطبيعية عندما استقلت عام 1965، مع ذلك استطاعت رغم ضغر حجمها جغرافياً وديموغرافياً وفقرها طبيعياً أن تنتقل من العالم الثالث أو بالأحرى من شبه العدم إلى العالم الأول بفضل قيادتها الرشيدة قولاً وفعلاً، إذ.لم تتوقع سوى قلة قليلة من المراقبين أن تمتلك سنغافورة الصغيرة فرصة كبيرة بالبقاء حين مُنحت استقلالها عام 1965، فكيف –إذن- أصبحت المحطة التجارية النائية والمستعمرة السابقة حاضرة عالمية مزدهرة لا تمتلك أنجح شركة طيران في العالم، وأفضل مطار جوي، وأنشط ميناء بحري فقط، بل تحتل المرتبة العالمية الثالثة في متوسط دخل الفرد الحقيقي.

لقد نهضت الجزيرة من ركام التركة الاستعمارية الثقيلة بكل ما سببته من انقسام وفرقة، وتجاوزت دمار وويلات الحرب العالمية الثانية التي خلفت وراءها حالة الفقر المدقع والفوضى العارمة في أعقاب انسحاب القوات الأجنبية، لتصبح الآن دولة (مدينة) المستقبل التي تشخص إليها الأبصار. ومع أن حلبة قائدها "لي كوان يو" المحلية ضيقة المساحة، إلا أن ما تمتع به من نشاط وحيوية ضمن له ميداناً رحباً وموقعاً مؤثراً على ساحة الشؤون الدولية.

تتاجر سنغافورة اليوم بعشرات المليارات في التجارة والاستثمار والصناعة وتنافس دون الاعتماد على قطرة نفط واحدة. وتتربع على عرش أكثر طرق الشحن ازدحاما في العالم. كما أن حجم التجارة السنوية لسنغافورة يبلغ حوالي ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي. فضلاً عن ذلك، فان الحصة الأجنبية في الناتج المحلي الإجمالي لسنغافورة ارتفعت من 18 بالمائة في عام 1970 إلى 36 بالمائة من جميع مخرجات الصناعة وما يقرب من 85 بالمائة من جميع الصادرات المصنعة. وتتصدر سنغافورة بلدان آسيا في استخدام الحاسبات الإلكترونية والبريد الإلكتروني. أما فيما يتعلق بالتجارة الإلكترونية (عبر شبكات المعلومات)، فإن سنغافورة على وشك أن تكون الدولة الأولى في العالم التي ترتبط بشبكة اتصالات ذات نطاق واحد من الذبذبات العريضة.

وحدث ولا حرج عن تايوان تلك المقاطعة الصينية التي استطاعت أن تحول الأرض الجرداء إلى جنة باعتمادها فقط على الإنسان. ومعروف عن تايوان أنها، كسنغافورة، تفتقر إلى الموارد الطبيعية الأساسية. لكن ذلك لم يمنعها من أن تصبح مركزاً عالمياً لأرقى الصناعات الالكترونية والنسيجية التي تغزو أسواق العالم. وتمتلك تلك الجزيرة المنسلخة عن الصين أكبر احتياطي من العملة الصعبة (الكاش) في العالم.

وهل نسينا تلك الدويلة الاسكندنافية النائية المسماة فنلنده؟ لقد استطاعت قرية (نوكيا) الفنلندية ذات الثلاثين ألف نسمة فقط أن تضع الفنلدندين على الساحة الدولية بقوة بعد أن غدت أكبر وأشهر مصنع لأجهزة الهاتف المحمول في العالم. من منا لا يعرف موبايلات (نوكيا) الشهيرة التي تغزو العالم من أقصاه إلى أقصاه؟ لقد وصل إجمالي إنتاج قرية نوكيا إلى حوالي إثني عشر مليار دولار، أي ما يعادل الناتج القومي لدولة عربية كبيرة. هل يعقل أن ينتج ثلاثون ألف شخص فنلندي أكثر مما ينتجه عشرون مليون عربي، وهو عدد سكان دولة عربية من الحجم المتوسط؟ العبرة ليست دائماً بالحجم؟ أليس جمع الأصفار أصفاراً؟ ويحدثونك عن الوحدة!!

وكي لا نظلم العرب لا بد من الإشارة إلى إمارة دبي التي راحت تنافس سنغافورة بالرغم من أنها أيضاً أصغر من بعض الأحياء المصرية أو السودانية. لقد تشدق أمامي سياسي سوداني ذات مرة ساخراً أن المنطقة التي يقطن فيها في السودان أكبر من أكبر إمارة خليجية، واعتبر أن بعض الإمارات ليست أكثر من "عزبة" بالمقاييس الجغرافية السودانية. لكن ما الفائدة أن يكون لدينا مساحات شاسعة من الأرض نتضور فوقها جوعاً ولا نستطيع أن نؤمن منها خبزنا اليومي، كما في السودان وغيره من البلدان العربية؟ دبي فعلاً "عزبة" بالمفهوم السوداني، لكنها تجتذب من السياح سنوياً أكثر ما تجتذب مصر بتاريخها العريق ومعالمها الأثرية العظيمة. وأرجو أن لا يعير أحد دبي بثروتها النفطية، فالنفط في دبي سينضب خلال أعوام، لكن الإمارة ستبقى تلك الدانة الصاعدة لحظة بلحظة باعتمادها على مقومات النهضة الحديثة.

لقد استطاعت بلدان صغيرة أن تحول الصحراء إلى جنات، بينما نجحنا نحن العرب أن نحول الجنة إلى صحراء. لقد آن الأوان أن نتوقف عن التحجج بالتجزئة والقطرية وانعدام الوحدة، وأن نتعلم من قرية "نوكيا" الفنلندية وجزيرة سنغافورة وتايوان الجرداء. كم كانت والدتي على حق عندما كانت تقول لنا عندما ترانا مقصّرين في عملنا:" الغزّالة يمكن أن تغزّل على ذيل الكلب" إذا تعذر وجود النول.



#فيصل_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام العربي بين العوربة والعولمة
- العولمة الغربية أقوى من كل العولمات السابقة
- خذوا ما في عقولهم واتركوا ما في قلوبهم
- انتهى التاريخ... شئنا أم أبينا
- كان الله في عون الأجيال القادمة
- لماذا فسدت البلاد والعباد ؟
- العمالة شقيقة الاستبداد
- كلهم زعماء... من أين آتي لهم بالشعب ؟
- أنا ديموقراطي إذن أنا قاتل!
- الديمقراطية المفترى عليها
- الليبراليون الأصوليون
- كيف غير المخترعون المسلمون وجه العالم ؟
- اشتُم العربَ والمسلمين وأصبح بطلاً في الغرب
- مبروك عليكِ العراق يا إيران
- الغزو الذي أعاد الهيبة للأنظمة العربية
- عولمة باتجاه واحد
- ما أحوجنا إلى النقد التلفزيوني
- الاستبداد العربي أكبر حليف لإسرائيل
- هل يلغون الحج يوماً ما بعد ضجة الرسوم الدنماركية؟
- لماذا لا يتوارون خجلاً؟


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل القاسم - لسنا بحاجة إلى الوحدة العربية