أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خلف الناصر - الاستشراق التقليدي والاستشراق الإيديولوجي .. (5) تفكيك الأمم وتجزئة الشعوب؟؟!!















المزيد.....

الاستشراق التقليدي والاستشراق الإيديولوجي .. (5) تفكيك الأمم وتجزئة الشعوب؟؟!!


خلف الناصر
(Khalaf Anasser)


الحوار المتمدن-العدد: 6636 - 2020 / 8 / 4 - 14:41
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لقد دأب الاستعمار الغربي بكل اشكاله وألوانه على تمزيق الكيانات التاريخية للأمم والشعوب المستعمرة ، فقد جعل من كوريا الواحدة كوريتين ومن فينام الموحدة ـ قبل التحرير ـ فيتنامين ومن الصين الموحدة صينين: الصين الشعبية والصينة والوطنية (تايوان) بالإضافة إلى (هونغ كونغ) و (مكاي) كأجزاء منفصلة عن الصين وخاضعة للسلطات المستعمرة مباشرة ، ولم تستعيدهما الصين من المستعمرين إلا في تسعينات القرن الماضي بعد أن قويت شوكتها ، أما الصين الوطنية(تايوان) فلا زالت دولة مستقلة ومنفصلة عن الصين الأم ، وتحت الرعاية الأمريكية المباشرة !

الأمة العربية كذلك ، فلم يكتف الاستعمار الغربي بتجزئتها إلى اثنين وعشرين دولة وكياناً ومشيخة ، بالإضافة إلى ضم أجزاء مهمة منها إلى الجارتين المسلمتين [تركيا وإيران] ووهب فلسطين "للمساكين اليهود" ـ بتعبير عبد العزيز آل سعود ـ إنما عمل على جعل كل قطر عربي كياناً تاريخياً وحضارياً موغلاً في القدم ، ولا تربطه أية رابطة بأمته العربية ، وركز بهذا الاتجاه على ثلاثة أقطار عربية [مصر ، سورية ، العراق] كان لها الدور الأول والمحوري في التاريخ والحضارات العربية القديمة والاسلامية ، وفي النضال القومي العربي الحديث !

ولقد ترادف الاستشراق بصنفيه: التقليدي القديم والإيديولوجي الحديث ، بوضعهما الأرضية المناسبة للاستعمار الغربي وتمكينه من تفكيك أجزاء الأمة العربية عن بعضها ، ولعزل كل قطر عربي عن الآخر وإيهامه بعمقه وتميزه التاريخي والحضاري ، والتركيز الشديد في هذا على الأقطار العربية المحورية الثلاث: مصر العراق سورية!
وأكبر هذه الجهود الاستعمارية انصبت على مصر أولاً ، لموقعها الجغرافي ـ وسط الأمة ـ وحجمها المؤثر وعمقها التاريخي والحضاري ، لعزلها عن أمتها ومحيطها العربي وإيهامها باكتفائها بذاتها ، وتوليد نوع من الاستعلاء على العرب الآخرين والشعور بالاستغناء عنهم ، والمعبر عنه بعبارتهم الشهيرة: "نحن حضارة سبعة آلاف سنة" ـ وترديدها بمناسبة وبدون مناسبة ـ وكأن العرب الآخرين عراقيين وشاميين ومغاربة وحتى سكان الجزيرة العربية ـ بعد الاكتشافات الحديثة ـ كانوا مجرد صحراء قاحلة لا علم ولا حضارة ولا دور مشهود لهم جميعهم في التاريخ ، ودورهم المشهود في صنع حضارة الإنسان على مر العصور!
*****
إن توليد هذا الشعور بالاستعلاء والتميز والاستغناء عن العرب عند الأشقاء المصريين ، هو الذي ولد عندهم فكرة ((القومية المصرية/ الفرعونية)) وجعل قطاع عريض من قواهم الحية تؤمن بهذه الفكرة الوهمية وتتبناها ، بعد أن ساعدت أنظمة الحكم المختلفة ـ الملكي والساداتي وامتداده المباركي والسيسوي ـ ومتطلبات وجود ""إسرائيل" وديمومتها بــ "كامب ديفيد" ، على تبني ذلك الشعور وتغذيته وانتشاره جماهيرياً!!

وللتذكير فقط ، فإن هذا الشعور الانعزالي الانفصالي ولد عند الاشقاء المصريين ، بعد "الحملة الفرنسية" على مصر أواخر القرن الثامن عشر الميلادي ، واكتشاف الفرنسين للحضارة المصرية القديمة أو لـ "حجر رشيد" تحديداً ، أما قبل تلك الحملة المشؤمة ، فقد كانت مصر مندمجة بكل كيانها بالقضايا العربية والاسلامية ، وقد ـ كما يحدثنا التاريخ ـ أخذت على عاتقها قيادة العرب والمسلمين ، بعد فاجعة سقوط الدولة العباسية في العراق عام 1258 ميلادية واندراس كل شيء فيه ، حتى اللغة العربية !!

وكما استخدم الاستشراق القديم التاريخ والحضارة المصرية القديمة لتوليد وخلق ذلك الشعور الانعزالي عند الاشقاء المصريين ، استخدمته مختلف القوى الاستعمارية لتوليد شعور مماثل عند بعض الاشقاء السوريين الذين ينادون اليوم بــ ((القومية السورية)) ، وعند بعض العراقيين من دعاة فكرة ((الأمة العراقية)) وحزبها ((حزب الأمة العراقية)) بعد الاحتلال الأمريكي طبعاً لصاحبه: الصهيوني المعروف (مثال الآلوسين) الذي تدعمه وتتبناه "إسرائيل" وقد زارها عدة مرات علناً وعلى رؤوس الاشهاد ، وقد جرت عدة محاولات لاغتياله لكنه سلم منها ، وسقط فيها اثنان من أولاده الذين دفعوا حياتهم ثمناً لخيانة أبيهم!!
*****
إن النص الذي ـ أشرنا إليه في الجزء4 ـ ونقلناه عن مقال لأحد الأخوة المصريين ـ الانعزالين الذين لا يؤمنون بعروبة مصر وانتمائها العربي ـ كان إنموذجاً لذلك الشعور الانعزالي الانفصالي ، وللتأرجح (الهوياتي) بين الفرعونية والعربية الذي زرعته البعثات الاستشراقية ، ولوصايا (مؤتمر لندن 1907) الذي زرعت بموجبها "إسرائيل" بين أضلاعنا ، وأيضاً لمدى تأثير "اتفاقيات كامب ديفيد" التي تطلبتها ضرورات وجود "إسرائيل" استمرار بقائها وديمومتها ، وأخيراً لتأثير ذلك الاستشراق بصنفيه : التقليدي والإيديولوجي الذي بذر البذرة الأولى لجملة هذه التأثيرات في بعض القطاعات الشعبية العربية ـ وفي مصر خصوصاً ـ وتبني تلك لقطاعات لمقولاته وتبعيتها لأطروحاته!
فتلك الجملة القصيرة مثًلا: والتي نقلناها من ذلك المقال ونصها: "اذ قال المصري عبارة من لغته القومية الخالصة!!" "انك رايح إسوك؟" .. نقول لهذا الأخ ، إن هذه الجملة نفسها لا زالت تلفظ ملاين المرات يوميا عندنا في العراق ، بنفس تلك الصيغة المصرية وبنفس مفرداتها تقريباً ، وهذا ما يعرفه ملاين المصريين الذين اشتغلوا سنينا طويلة في العراق.. فالعراقيون يقولون:
"أنت رايح إسوك؟" بمعنى (أأنت ذاهب إلى السوق؟) .. فهل هذه "لغة قومية عراقية خالصة أيضاً؟؟..." كالمصرية مثلاً؟ ..أم أنها تعبير (عراقي محلي) مأخوذ من اللغة العربية الفصحى؟؟ ، وكذلك هي في اللهجة المصرية وفي جميع اللهجات العربية الأخرى ، وخصوصاً لهجات الجزيرة والخليج العربي بنفس هذه الألفاظ أيضاً!!
*****
لكن المهم ما الذي يقوله العلم في هذه القضية بالذات: فهل هو يؤيد وجهة نظر ذلك الأخ المصري (الفرعوني)؟؟.. أم هي عكس ما يقوله تماماً؟
إن الحقيقة التي يقرها العلم اليوم .. تقول:
o ((تنتمي اللغة المصرية القديمة إلى عائلة اللغات الإفرو-آسيوية والتي يُطلق عليها أحياناً مجموعة اللغات السامية-الحامية، والتي خرجت غالباً من شبه الجزيرة العربية واستوطنت في مناطق جنوب غرب آسيا وشمال إفريقيا. ولها بالتأكيد علاقة وثيقة بمجموعة محددة منها وهي مجموعة اللغات السامية في تراكيبها المميزة كالجمل الاسمية وأصواتها الحلقية مثل العربية، والأمهرية، والآرامية، والعبرية.)) (1)

https://www.facebook.com/277606492764455/videos/577330882670985/?t=408 وهذا رابط
لفديو وثائقي بريطاني يقول: إن اللغة العربية هي أصل جميع اللغات بما في ذلك (اليهودية و الفرعونية)!!

أما (بيير روسي) في كتابه الكبير [إيزيس: التاريخ الحقيقي للعرب] فيضع يده من زاوية أخرى من هذه النقاط الحساسة بالذات ، ويعطينا الجذور الحقيقية لكل هذه الاشكالات المعقدة في هذا الموضوع الشائك بالذات .. وذلك بقوله:
 إن : ((دول المصريين ، والسوريين الكنعانيين والاغريق الحثيين ، والبابليين . إن لغة واحدة مكتوبة ومتخاطب بها قد انتهت إلى فرض نفسها وتغطية هذا المجموع الكبير : إنها اللغة الآرامية (والإغريقية تابعتها والملحقة بها) التي تقترب كل منهما من الأخرى بصورة دقيقة ، ثم تطورت الآرامية منذئذٍ طبيعياً ، ودون معارضة ، إلى اللغة العربية ، التي وجدت نفسها منذ ذلك الحين وارثة الماضي المصري والكنعاني والحثي والبابلي . ها هو المعيار الدقيق للثقافة العربية.....)) (ص34 من الكتاب)

ثم يكمل كلامه في مكان آخر (ص 86) .. بالقول:
 هناك ((ركام عرقي يتحاذى فيه يونانيون ، وأناضوليون ، وافريقيون ، وسكان ما بين النهرين ، يتكلمون لغة مشتركة ، هي الآرامية ، ثم هم يتابعون الحديث بلهجاتهم ، أو لغاتهم اٌلإقليمية . بعضهم يعرف بعضاً ، أما نحن فلا ......)) ..
وهو نفس الدور الذي أخذته "اللغة العربية الفصحى" المشتركة اليوم ، التي تغطي هذا الكل العربي الكبير ، بينما أخذت اللهجات العربية المختلفة نفس دورها القديم أيضاً ، ويتفاهم كل منا فيها مع بعضه في وطنه الصغير ، وهي ليست لغات "قومية خالصة" بكل قطر عربي ، كما يتصور ذلك الأخ المصري الفرعوني ، إنما هي لهجات مختلفة للغة العربية الفصحى الواحدة!
وتلك المقاطع التي أخذناها من كلام (روسي) تحل لنا اشكالية اللغة التي اشاعها المستشرقون بمختلف أصنافهم ، والتي غالباً ما يتحجج بها القطريون الانعزاليون العرب المتأثرون بذلك الاستشراق الغربي بصنفيه .. وذلك بقولهم :
(لقد كانت لكل قطر لغة خاصة به كان يتكلمها في وطنه ، لكن الاحتلال العربي!!!!!(هكذا يسمونه) لتلك الأقطار قد غير تلك اللغات الوطنية ، وفرض العربية بديلاً لها فرضاً) !!

لكن الحقيقة غير هذه تماماً ، كما هي واضحة كل الوضوح في ما تقدم :
فمصر : كانت تتكلم (الآرامية والإغريقية معاً) لأنها كانت جزءاً من ذلك الكل الكبير ولم تكن لها ، كما لغيرها من معظم الأقطار العربية لغة وطنية خاصة بها ـ بالمعنى الدقيق ـ أنذك ، إنما جميعها كانت تتكلم الآرامية التي تطورت ((منذئذٍ ، ودون معارضة ، إلى اللغة العربية)) وتأخذ اللغة العربية اليوم مكانها ودورها في جميع الأقطار العربية اليوم بكل جدارة ، وربما تكون [الجمل (باللغة المصرية القديمة/ أو الخالصة كما يسميها) التي ذكرها الأخ المصري اعلاه كانت بــ (اللغة الآرامية) التي تحولت إلى لغتنا العربية الحالية ، بالإضافة إلى أن اللغة العربية كانت منتشرة أيضاً في بعض أجزاء من مصر ، من خلال انتقال عشائر وقبائل عربية كثيرة إليها قبل الاسلام !!
فلقد ((كان طريق سيناء قنطرة ثابتة مفتوحة للهجرات منذ القدم.)) ، وقد استقرت قبل الاسلام بوقت طويل قبائل عربية كثيرة في جميع جهات مصر وانحائها المختلفة .. أهمها :
 أولاً : في الشمال الشرقي من مصر: استقرت عدة قبائل كهلانية من عرب الجنوب ذات أصل قحطاني ، وكان ذلك في القرن الأول لميلاد!
 ثانياً : في إقليم الشرقية في مصر : هجرة عدة قبائل "طيء" من أهمها قبيلتا لخم وجذام!
 ثالثاً : ما بين القُصَيّر وقِنا : استوطنت قبيلة "بل" قبل الاسلام وكانت عماد التجارة ، وقد اسلمت على يد الرسول (ص)!
 رابعاً : هجرة بطون من خزاعة ــ وهم فرع من الأزد ــ في الجاهلية إلى مصر والشام بعد أن أجدبت أرضهم ، واستقرار بعض الجماعات العربية قبل الاسلام في شرق الدلتا!
 خامساً : أشار عدد من مؤرخي اليونان : ومنهم [استرابو: 66 ق.م] و [باليئوس: 70 م] إلى أن عدد العرب في عهدهم قد تضاعف على الضفة الغربية للبحر الأحمر ، حتى أنهم شغلوا جميع المنطقة والواقعة بينه وبين نهر النيل في أعلى الصعيد ، وتكفلوا بنقل الناس والتجارة بين نهر النيل والبحر الأحمر على جمالهم الكثيرة ، وقد وصف (استرابو) مدينة قِفْط (Koptos) وقال بأنها مدينة واقعة تحت حكم العرب ، وأن نصف سكانها منهم ، وذكر (هيرودوت) أن الاقسام الشرقية من مصر بين البحر الأحمر ونهر النيل كانت جميعها مأهولة بقبائل عربية! (*)

وهكذا نرى أن كل هئولاء العرب استقروا في جميع جهات مصر ـ شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً ـ في مدنها وسهولها ، بعضها قبل الميلاد بثلاثة وأربعة قرون وبعضها بأقل أو أكثر من هذا التاريخ ، بالإضافة إلى حكم من يسميهم اليونانيون بــ (الهكسوس) ـ وهم بالحقيقة الآراميون ـ الذين حكموا مصر لمدة تجاوزت المائة عام ، وتركوا فيها اثآراً عمرانية واجتماعية ولغوية وحضارية ـ وتزاوج وتخالط ـ لا يمكن محوها ، وعربوا مصر قبل الاسلام بحقبة زمنية طويلة ، ولما جاء الاسلام إلى مصر استقبلته هذه القبائل العربية ـ رغم أنها كانت تدين بالمسيحية ـ والتقت بالقبائل العربية القادمة من الحجاز وأسلمت معها ، فكونت الاثنتان نصف سكان مصر وتعربوا معاً!! (2)

وكما كانت مصر كانت سورية : كانت اللغة الآرامية/السريانية والعربية منتشرة أيضاً في اغلب أجزائها بصورة كثيفة ، وقد هاجرت إليها أيضاً قبائل عربية كثيرة أكثر من تلك التي هاجرت إلى مصر ، لأن الهجرة إليها كانت أكثر سهولة ويسر ، لقربها من الجزيرة العربية ووحدة أراضي بادية الشام مع بادية الجزيرة العربية ، وكذلك كان العراق !!
أما شمال أفريقيا : فقد كانت بالأساس تتكلم اللغة البونيقية ، التي هي خليط مشتق من الكنعانية وشقيقتها الآرامية (والإغريقية ملحقتها) !
ولما كانت (( اللغة الآرامية (والإغريقية تابعتها والملحقة بها) التي تقترب كل منهما من الأخرى بصورة دقيقة ، ثم تطورت الآرامية منذئذٍ طبيعياً ، ودون معارضة ، إلى اللغة العربية)) (ص 34)

وهذا يعني أن جميع هذه الأقطار العربية كانت تتكلم (اللغة الأم للغة العربية أي الآرامية) كما يقول (بيير روسي) .. ولهذا لما جاءت اللغة العربية إلى هذه الأقطار لم تكن غريبة عليها مطلقاً ، لأن أساسها اللغوي كان موجوداً في لغاتها أو لهجاتها ـ المشتقة من الآرامية ـ التي كانت تتكلمها تلك الأقطار جميعها ، فتم الانتقال إلى العربية "طبيعياً ودون معارضة" ولم يقم أحد بفرضها فرضاً كما يتصور البعض ، كما أن فكرة (الفرض) لم تكن موجودة أصلاً ـ كما هي اليوم ـ ولأن ((الآرامية (تطورت) منذئذٍ طبيعياً ، ودون معارضة ، إلى اللغة العربية)) فانتقلت هذه الأقطار إلى ((إلى اللغة العربية)) بشكل طبيعي بسهولة ويسر!
ولم يحدثنا التاريخ مطلقاً عن (مشكلة لغوية) واجهت العرب في تلك الأقطار ، أو واجهتها تلك الأقطار مع العرب أو بالتفاهم معهم أو معرفة احدهما للآخر بسهولة تامة !!
وهناك ملاحظة مهمة جداً لم يلتفت إليها أحد كما اعتقد .. وهي:
أن جميع الأقطار التي اعتنقت أو دخلها الاسلام ـ بما فيهم اسبانيا ـ قد تعربت تماماً بعد دخول العرب والعربية إليها وتركت لغاتها الوطنية إليها ، لكن العربية انحسرت عن جميع تلك الأقطار الاسلامية وبقيت صامدة وأبدية في الأقطار العربية الحالية ، لأن أساسها (الآرامي العربي) كان موجوداً أصلاً في تلك الأقطار ، والعربية هي امتداد أو هي الآرامية بعد تطورها إلى العربية ، فتعربت تلك الأقطار (طبيعياً ، ودون معارضة) وإلى الأبد!!
*****
وعلينا أن ننوه هنا على أن العالم (بيير روسي) عالم جليل لا يلقي الكلام جزافاً أو على عواهنه دون أن يتأكد من صوابيته تماماً .. لأن لا يمكنه أن يضحي بمصداقيته ومركزه الأكاديمي الرفيع ليرضي أحداً أو طرفاً من الاطراف ، فهو عالم ومتخصص أصلاً بــ [اللغة اليونانية والتاريخ اليوناني] ويعرف تماماً ما يقوله بخصوص اللغة والتاريخ اليونانيين!
فهو ـ كما يقول ـ ونتيجة للإشكالات الكثيرة المحيرة التي واجهته في اللغة والتاريخ اليونانيين ، قد اضطرته إلى دراسة عالم واسع يمتد كما يقول هو :
 ((بين النيل والقوقاز واليمن والسند)) ذلك العالم الذي ((تلاقت وتقاطعت وعاشت خلال نسيج متلاحم ، تيارات صوفيه روحية متمازجة أحياناً إلى حد يبدو معه من العبث التفتيش عن خطوط القسمة الجغرافية........)) (ص30 من الكتاب)

ومن خلال دراسته المعمقة في تاريخ ولغات وحضارات هذا العالم ولفضائه الواسع الممتد ((بين النيل والقوقاز واليمن والسند)) بحثاً عن أصول جميع الحضارات التي نشأت وانطفأت في ذلك العالم الواسع ، وعن أصول حضارته الغربية بالذات ومدى صلتها باليونان أو بغير اليونان ، ليؤلف كتابه المعجز هذا: ((مدينة إيزيس: تاريخ العرب الحقيقي)) .. فيخرج من دراسته المعمقة هذه بمفاجئات كبيرة وكثيرة حتى له .. كان أولها حسب قوله :
 أن ((شجرة نسب الاغريق مزودة بشبكة لا تنفصم من الجذور العربية)) (ص100من الكتاب)
ويكتشف(بيير روسي) ثانياً :
 ((أن الإغريق لم يكونوا أبداً سوى شرفة وملحق لبناء العرب في الشرق)) (ص81 من الكتاب) (ويقصد بالعرب هنا بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام ووادي النيل).
فيصيح هاتفاً ، بعد اكتشافه لحقيقة ثقافته الغربية :
 ((أجل نحن أبناء آسيا ، وأبناء العروبة النيلية ـ الرافدية ، أجل نحن أولئك في الحقيقة.........)) (ص34 من الكتاب)
[يـــتـــبـــع]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (ويكيبيديا) .
(2) مقال "اللغة العربية في مصر قبل الإسلام" ورد على (شبكة الألوكة)
(4) جميع النصوص الأخرى مأخوذة من كتاب : ((مدينة إيزيس: تاريخ العرب الحقيقي)) للعالم الفرنسي (بيير روسي)



#خلف_الناصر (هاشتاغ)       Khalaf_Anasser#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستشراق التقليدي والاستشراق الإيديولوجي .. (4) محو الذكرة ...
- الاستشراق التقليدي والاستشراق الإيديولوجي .. (3) ما زرع بالأ ...
- يا ساعات النوم العشرة!
- الاستشراق الإيديولوجي .. الأصل والصدى (2)!!
- الاستشراق الإيديولوجي .. وصداه العربي!! !
- عودة المسيح / هرمجدون / الإنجيليون / المحافظون الجدد / المصا ...
- أهو ربيع أمريكي؟ .. وجورج فلويد هو بوعزيزي الأميركان!؟
- سورية والسيليكون والحرب الكونية؟؟!!
- جائحات العرب كثيرة.....وجائحة كورونا أقلها فتكاً!!.
- رأيٌ في .. ماهية النهضة؟!..... (الجزء الثالث والأخير)... محر ...
- كورونا العنصرية!!
- رأيٌ في .. ماهية النهضة؟!... (الجزء الثاني) : مراحل التاريخ ...
- رأيٌ في ..... ماهية النهضة؟!... (الجزء الأول).. دور النهضة و ...
- تآكل الدولة الوطنية العربية..ونهوض القوى الشعبية!!(2)
- تآكل الدولة الوطنية العربية..ونهوض القوى الشعبية!!(1)
- ((صفقة القرن)): حصيلة عمل منظم لأكثر من مائة عام!!.....(2 وا ...
- ((صفقة القرن)) ليست مصادفة: إنما هي حصيلة عمل منظم ومخطط لأك ...
- ((علقوا لي المشنقة!!*)) ..... (2-2) والأخير .
- ((علقوا لي المشنقة!!*)) ..... (1-2)
- أســطـــورة أفـــريـــــقــيــة*!!


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خلف الناصر - الاستشراق التقليدي والاستشراق الإيديولوجي .. (5) تفكيك الأمم وتجزئة الشعوب؟؟!!