أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - خليل عيسى - من يتكلّم بإسم هذه المدينة؟














المزيد.....

من يتكلّم بإسم هذه المدينة؟


خليل عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 6635 - 2020 / 8 / 3 - 13:48
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


عندما سيطرت حركة "التوحيد الاسلامي" على مدينة طرابلس في ثمانينيات القرن الماضي كان هؤلاء عبارة عن ثلاث مئة شخص. يتساءل المرء اليوم كيف حدث وترك اهل المدينة بضعة مئات من الاشخاص يسيطرون عليها مع كلّ ما جرّ ذلك من ويلات. بعد ليلة الموتوسيكلات الطويلة في طرابلس حين قام عشرات من الشبان بتحطيم املاك خاصة من مقاهٍ وأفرانٍ باتت تلوح في الافق هكذا تساؤلات مصيرية لتَحْدُس بأن المجتمع الطرابلسي قد يكون رخوا بشكل كارثي مجددا.
صحيح أنّ بعض المنتفضين من اصحاب الامتيازات الطبقية دافع عن هكذا زعرنات باعتبارهم "فقراء يتم استغلالهم" فنسوا أنّ هذه المحلات والمقاهي تشغّل عمّالا، وأنّه اذا ما أقفلت هذه فإنّ قسما من العمال قد يصبح يدا للايجارعند الاجهزة الامنية وشبيحة السلطة. وأنّ هذا ايضا اسمه إستغلال. لكن هذه المواقف على العموم بقيت معزولة في وسط الجمهور الطرابلسي القريب من منتفضي 17 تشرين.
يحدث كذلك أنّ طرابلس كمدينة ذات الاكثريّة "السنيّة" مهدّدة اليوم بالمجاعة وبسيطرة العصابات عليها بشكل حقيقي في ظلّ ارتفاع الاسعار السريع جدا وانخفاض قيمة العملة وفقدان المحروقات وانقطاع الكهرباء والادوية. هذه مدينة لا تمسك بها الأحزاب "السنيّة" من السلطة لكي تنظّم شؤونها ولو بالحدّ الادنى كما يفعل "الثنائي الشيعي" في الجنوب والضاحية وبعلبك وكما تفعل أحزاب القوات والتيار الحرّ "المسيحيين" في جبل لبنان وكسروان. إنّ هكذا منظور جغرافي-تاريخي سياسي للمدينة يضع منتفضي 17 تشرين الطربلسيين أمام معضلة أساسية: هل هم ذاتٌ ثوريةٌ تمثل المجتمع فتتجرّأ على التضحية من أجله لترفع مطالبا سياسية وليس مجرّد اقتصادية فتبدأ بتنظيم شؤون أهل المدينة أم هي ستكون رخوة أمام ألعاب السلطة وزعرانها لبسط أيديهم عليها؟ٌ
عندما لم يقبل سكان بعض الاحياء الطرابلسية أن يكونوا مفعولا بهم فقط نزلوا ليتصدوا لهؤلاء بشكل متكرّر كما حدث في الميناء. حدث ذلك بينما الاجهزة الامنية مختفية تماما حيث بدا أنّ هدف "الصمت الامني" المريب هذا هو تثبيت مشاعر الاستسلام والخنوع في وقت "لم يعد فيه هناك غيرة". يأتي ولد عمره اثني عشرة سنة ليقطع شريانا حيويا في المدينة كشارع عزمي فلا يتصدّى له احد من أهل الحيّ! رجال بشوارب يكادوا يستسلمون للزعران. يتّسق كلّ ذلك مع سلطة هدفها كان وما زال هو إماتة روح أهل المدينة المنتفضة. إنّ نظرة سريعة اليوم على راهن الحركة الاحتجاجية في طرابلس يجعلنا نقسّمها الى قسمين: مجموعات من فقراء المدينة العاطلين عن العمل يقودها "نجوم" غامضون يحوم حولها الشائعات الملتبسة مثل ربيع الزين على سبيل المثال لا الحصر الذي تمّ اطلاق سراحه مؤخّرا، وبين وقفات احتجاجية لمجموعات يتيمة من أفراد الطبقات الوسطى لا تمتلك أيّ خطّة سياسية بالمعنى الحقيقي للكلمة. انتهت الانتفاضة اليوم في طرابلس بين مطرقة "الدراجة النارية" وسندان "النقّ".
لكن ماذا عن "زعماء" المدينة؟ في حين أنّه ليس من مصلحة هؤلاء الزعماء التي انتفض الطرابلسيون ضدّهم أن يقفوا ضدّ نوايا قد تضمرها سلطة مركزية يتحكّم بها "حزب الله"، الا أنّ هؤلاء الزعماء في الوقت عينه فقدوا ايّ احترام لهم من قبل عموم الطرابلسيين. أكثريتهم فقد حتى جرأة الاعتراض ولو بالكلام على يحصل للمدينة في حين أنّهم ليسوا في نقص من الاتباع. ربما يرى بعض هؤلاء فائدة لهم في "تأديب" المدينة التي تجرّأت عليهم. كلّ جلبة الشائعات والزعرنات هذه تحدث بينما حركة المنتفضين اليومية باتت شبه معدومة بين غلاء الاسعار والقبضة الامنية التي تشتدّ.
إنّ كلّ ذلك ليطرح سؤالا مركزيا على الطرابلسيين هذه الايام: من الذي يحقّ له أن يتكلّم باسم المدينة؟ التجّار يقفون على شفير الافلاس. النخب المثقفة وأصحاب المهن الحرّة بعيدون عن أي تأثير حقيقي على الاحداث. قلّة قليلة من فقهاء المدينة تجرّأ أن يتصدى لما يحدث ولو بخطبة جمعة. ما يسمى بالاحزاب في طرابلس ليسوا اكثر من هياكل ورقية. بقي المنتفضون. لكنّ ما حدث يشي بأنّ مراجعة نقدية هي أمر ضروري اذا اراد المنتفضون أن يتكلّموا باسم هذه المدينة.



#خليل_عيسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بشير والسيّد والصندوق
- عن تفاهة العنف اللاثوري في الانتفاضة
- الثورة ليست مجرّد ثأر
- ملاحظات على انتقاد المصارف مقابل تبرئة السلطة السياسية من مس ...
- أمّ الفقير تصيح: فلتسقط السلطة الوبائيّة
- مجيء العقاب وسُبُل الخلاص في زمن الوباء
- لا ما نُحبَط، لا ما نُحبَط: استعادة المبادرة الثوريّة
- أين اختفى شعار «كلّن يعني كلّن»؟
- رحلة الوعي المزدوج
- الخارج والداخل في ثورة تشرين
- طرابلس أو الوطنية اللبنانية الجديدة
- إنقلاب خميني وفكر ياسين الحافظ بعد أربعين عاماً
- في دعوة رياض الترك إلى انطلاقة ثورية جديدة
- حول تبرير الخطف عند نخبة الإسلام السياسي الحاكم
- إيران والوصفة السلفادورية في العراق
- بورجوازية حزب الله و-السلسلة-
- سقوط القمّة العربيّة الإيراني
- السياسة اللبنانية والعَبَث المتعدد بالمرأة
- نسبيّة-حزب الله-وطريق التحول العراقي
- في نقد نقّاد الترامبية


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - خليل عيسى - من يتكلّم بإسم هذه المدينة؟