أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - ابراهيم سبتي - اعترافات تاجر اللحوم : رواية المنافي والانكسارات المتلاحقة














المزيد.....

اعترافات تاجر اللحوم : رواية المنافي والانكسارات المتلاحقة


ابراهيم سبتي

الحوار المتمدن-العدد: 1596 - 2006 / 6 / 29 - 10:15
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


من يسجل للزمن تارخه ؟ من يخبر اللاحقين بأن هذا الذي جرى !
وكم من الناس افنوا وضاعوا من اجل البلاد ؟
من ومن ومن ... هذا تاريخ للاحتفاء بزمن ضرب البلاد من اقصاها الى اخر نقطة في اقصاها الاخرى .. ضربها بهوس وجنون وبلا رحمة ، منتزعا كل الكرامات ومستبيحا للادميات ..
في روايته ( اعترافات تاجر اللحوم ) للكاتب العراقي حسين الموزاني المقيم في المانيا ..
تجد الرواية حيزا واسعا في اقتحام مجاهيل السرد واجتياز حدود اللغة .
فثمة فضاء اوسع وارحب في مجاراة الحدث الذي ينساب بهدوء في ثنايا البوح . فتجيء علامات الانزياح في السرد واللغة ، عبر مستويات مرتبة حسب وعي الروائي الذي وجب عليه ان يتغاضى عن الاختزال والاختصار والتكثيف ، لينطلق الى عوالم مسكونة بلواعج وانكسارات وخيبات .
لايمكن ان تحتويها الا رواية محبوكة تمتد الى مسارب الروي مع الالتزام بمحددات الفن الروائي الممتع .
في اعترافات تاجر اللحوم ، يضعنا حسين الموزاني امام رواية المحنة والاغتراب مع الذات ومع الاخرين . والاغتراب الاكبر مع العالم ..
لايمكن ان يعيش الانسان مغتربا كل حياته ، منفيا مكسورا غريبا مع الجميع حتى نفسه .. فيتجلى الاغتراب والمصير المجهول ، والصدوع التي تصاحب بطلنا في حياته ، من ارادات اقوى واشد هولا مما يتصورها .. يقول موريس بلانشو ( ان الكاتب يحيل الفواجع الى لغة مهشمة لتذليلها ) .. انها ارادات وعوامل جعلت منه غريبا مهزوما بفعل او افعال لم يقم بها هو كي يعاقب عليها .. ثمة من قام بكل ذلك وانعكس على الاخرين دون ذنب ، الا كونهم ولدوا وعاشوا في هذي البلاد التي حورب الكل من اجلها ..ولم يسلم من الطعون والخيبة ، من كان خارجا .. فهو كالذي في بطن البلاد ، مذموما على طول الخط مستنفرا على الدوام ..تتخلله الحروب والازمات..ولكن هل هذا ما اراد قوله حسين الموزاني في روايته ؟
بطل الرواية ـ المتكلم ـ يحاول التخفيف من تلك الهزائم والكبوات ، بلغة كانت قريبة من المحنة بعيدة عن الترهل تعامل بحرفة في انسياب النص وبنائيته التركيبية والتحليلية.. فهو يتكلم تارة باللهجة العامية الجنوبية بايقاعات انفعالية فيها مناجاة لتيار الوعي ، وتارة يتكلم باسلوبه الذي عرفنا انه كان صحفيا او كاتبا في الصحف ومن ثم تحول في البلاد الغريبة الى تاجر لحوم ..
اللغة هنا اخذت تتراوح بين الانكسار الروحي من خلال المنولوج الداخلي الذي يستحضره ، وبين جدية اللغة والاسلوب الذي يجعل من السرد مطواعا بين يديه وحسب رولان بارت فأن اللغة هي مفتاح كل نص ..
.. لكن الحقيقة القابعة خلف السطور تقول غير ذلك .. فالزمن الذي عاشه بطل الرواية ، عاشته البلاد من اقصاها الى اقصاها بأن الرواية هي انعكاس طبيعي للواقع.. مما جعلته بائسا عديم الثقة بنفسه خائفا من اول شرطي يقابله في المطار .. انسانا لا رغبة للاخرين به .. فيلجأ احيانا الى اخفاء جنسيته في الدولة العربية التي يزورها سائحا ، اول الامر .. فتتابع الاحداث آخذة الفعل الدرامي من زاوية الخوف والتردد من انكشاف جنسيته الاصلية مع انه يعيش في احدى الدول الاوربية .. هذا التنازع يحيل الرواية الى الوثيقة .. لقد سجلت احداث الرواية بالوثيقة المحكية والفعل الذي عاشه ابناء البلاد في غربتهم ، تاريخا مدونا من حقبة زمنية مهمة .. فيقول الكاتب ، بأن الازمنة وقفت ضدنا ولم نعد نحتمل كل تلك الهزائم .. في الرواية هوس واختلال ونكايات وحنق .. لا شيء غير الدعوة للشعور بلادمية المهدورة والكرامات المستباحة .. هذه هي المنافي وهذه هي البلاد التي صارت خلف الظهور يوم اختار ابنها ان يغادرها طوعا او غيره ، الى بلاد الصقيع .. ولكن أي منفى واي غربة ، انه الموت البطيء غير المعلن في حياة رتيبة . يقول أوكتافيوباث: "الموت والحياة لا ينفصل أحدهما عن الآخر، وكلما فقدت الحياة معناها غدا الموت لا أهمية له"
تاجر اللحوم المسكين الذي تصور نفسه بانه الاوربي الجديد ، جاء سائحا وفاتحا وسيلقى الترحاب والتهليل والتكبير لمقدمه في مطار اول دولة عربية بعد هروبه من البلاد ، لكن الامال تبعثرت وغادرت مع اول نظرة الى جوازه من قبل شرطي المطار والطلب منه الانتظار لحين الانتهاء من الاخرين ..
ان رواية ( اعترافات تاجر اللحوم ) للروائي حسين الموزاني ، سجلت اهتماما بلغة الوعي الذي يشعره ابناء البلاد وهم يخشون من اسئلة ونظرات حراس المطارات والحدود حتى وان كانوا يحملون جواز سفر رسمي ..

• اعترافات تاجر اللحوم ـ رواية حسين الموزاني . صدرت عن منشورات الجمل ـ كولونيا ـ المانيا .
• صدر للكاتب ايضا : خريف المدن ـ قصص منشورات الجمل 1996
• روبرت موزيل : ثلاث نساء ـ قصص ترجمة عن الالمانية منشورات الجمل 1997



#ابراهيم_سبتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليل راكض / قصة قصيرة
- برج النعام / قصة قصيرة
- كمال سبتي يؤرخ لاربعينيته
- كل الطرق / قصة قصيرة
- عشر قصص قصيرة جدا
- ارض منزوعة الظلال / قصة قصيرة
- ليلة بكاء الكلب / قصة قصيرة
- امنية موتي / قصة قصيرة
- الاحتفاء بعذابات القصة
- عوني كرومي : مسافر ليل يرحل مبكرا ايضا
- رجل متضفدع / قصة قصيرة
- آخر الغروب / قصة قصيرة
- ملحمة جلجامش .. النص من فكرة الخلود الى محنة الموت
- موت المؤلف وخلود الاثر
- محنة القصة القصيرة جدا
- قصص قصيرة جدا
- قصتان قصيرتان جدا
- عين الذاكرة
- الشاعر شهيدا : وهل كان الشاعر سوى موت على وشك الانبعاث ؟
- قريبا .. كمال سبتي .. المراثي


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - ابراهيم سبتي - اعترافات تاجر اللحوم : رواية المنافي والانكسارات المتلاحقة