أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهاء الدين محمد الصالحى - صلاح والى : ابداع يتجدد : فتنة الأسر 2-2















المزيد.....

صلاح والى : ابداع يتجدد : فتنة الأسر 2-2


بهاء الدين محمد الصالحى

الحوار المتمدن-العدد: 6633 - 2020 / 8 / 1 - 11:39
المحور: الادب والفن
    


وكأنه يرصد التحولات النفسية داخل شخص مارس الرومانسية فى عشق الوطن يوما ولكن أحلامه التى أدمن سردها قد تحولت الى عيوب فصار تغير عقول البشر مع بقاء الأرض والماء مكونات الوطن كما هي ولكنه أصبح غريبا عقلا ووجودا ، حيث تكون تلك البداية للتحول فى تلك العبارة السحرية الدالة :
لم تعد تصلح لدورك الجديد ولا العودة لدورك القديم ، كدت أصرخ مسترحما ساقطا على نعل حذائه إلا أنه غاب ، أعتدل ( الأخر ) ، صرت كلبا مثلهم .
عبدالعال رمز السلطة كعتبة رئيسية من عتبات النص ، فقد أبرز القاص عدة تصورات لهذا العبد العال من خلال صيغة حوار عبدالعال وكمية المدلولات المعرفية الواردة خلال ذلك .
1-التحذير الأول : أنا عبدالعال /أنا ياكلاب ياكلابيب ، حذرتكم كثيرا ياكلاب حتى صرتم كلاب مثلهم ( ص 88)
سياق هذا التحذير هو رغبة البطل الذى تدنس عبر سكوته حتى صار ضميره غير قادر على ابتلاع مايتجرع وذلك لوجود بقايا من أفكار قديمة هي حصيلة سبع من الأحلام للوطن وبالوطن معتقدا بعدائه لليهود ، ولكنه يفشل فى الهرب فيقرر خطأه ولكن أفكاره القديمة تجدد أسئلته القلقة :
وأعلن أسفى وندمى فأنا من بقايا المجتمعات المتخلفة ،ولكن هل حبيبتي والجحيم أيضا من صناعتكم .
أى حبيبة هنا سوى الوطن مجردا فى حبيبته وصورة المرأأة المشوشة التى عرضها فى الفصول الأولى فى الرواية وهنا إشارة خفية لزى الرئيس السادات ويستدعى لهجة التهديد التى كانت مصاحبة لخطاباته للشعب .
الحوار هنا أداة أسلوبية لتوزيع مساحة الحركة عبر المجتمع من حيث تجهيل ( الهم ) لفتح باب التخيل للقارئ حسب مستوى القهر الذى تعامل به معه الواقع وكأن القهر عادة يومية .
وفى هذه الإطلالة الخاصة لعبدالعال يطرح القاص سيكولوجية القهر من خلال سعى القاهر لتنميط الآخرين من خلال طبع الحياة بشكل عدواني ، وذلك يخلق نوع من ردود الأفعال وتهميش صوت العقل لاستلاب أحلام الآخرين لصالح مصلحة القاهر :
هذه اختياركم وهذا صوت نفوسكم ، نحن نعطى الفرصة لداخلكم أن يتنفس فلايتنفس إلا شرا ، لاتخرج عن الموضوع بإدعاء البطولة وترديد كلمات غيرك .
يمارس عبدالعال فرض قناعاته من خلال التكرار بأدوات القوة ،ولكن غريزة الحرية تبدو فى مقولة القاص :
كنت أجرى لأسبق نفسي لأصل إليها قبل أن يصلوا إلينا .
أنماط الخطاب الممثلة فى عبدالعال / الرمز كنوع من المتلازمة عبر فصول الرواية ، فكم مرة تحدث عبدالعال كعتبة رئيسية فى النص ولتعكس طبيعة الخلاف القائم عليه الرواية فى الرؤى ، حيث يبدأ ظهور عبدالعال منذ دخول البطل للمستشفى ، ولعل ذكاء القاص فى حواره مع النفس ليعكس ذلك التناقض ليعكس أزمة الواقع :
أنا عبدالعال ياكلاب //صوت يأتي من عمق الأشياء ليقطع حبل اتصال التفكير ولكن يفجر مناطق كثيرة بالذاكرة .
هذا هو تعريف دلالي لعبدالعال وكأنه صوت مجسد لبانوراما القهر الذى يعانيه البطل خلال الواقع .
شهد دخوله المستشفى من خلال الحوار الذى دار مع المريض الذى لايعرف سوى أنه مريض غير قادر على تشخيص حالته ، ذلك الاختيار للمستشفى كبيئة حاضنة للأحداث خلال الرواية ، وذلك لاستيعاب المعنى التداولي لمفهوم المستشفى النفسى وكأنه أعطى لنفسه مسوغ درامي لدخول عقل القارئ وكذلك التسامح مع كمية الازدواجية المليء بها الرواية .
الغريب هنا هي إجابة الاستقبال الخاص بالمستشفى بكلمات عبرية ( ملاحظة أضافها د كارم عزيز أستاذ اللغة العبرية خاصة أنني قرأت نسخته التى أهداها له المؤلف ، ولعل دلالة استخدام تلك الكلمات العبرية مع الإشارة الضمنية لشخص السادات خاصة مع حرصه على ارتداء البذلة البنية فى عز الصيف وكذلك فكرة السنين السبع ومتتالياتها .
تكرار صوت عبدالعال :
أنا عبدالعال ياكلاب ، سأظهر لكم من كل مكان .
ومع التسليم باستساغة صوت عبدالعال ،
بيئة السرد
المستشفى كصدى لحركة التناقض فى المجتمع تحقق عدة فوائد درامية :
1- غرابة ثقافة العاملين بالمستشفى : كنت أراهم يخرجون من التوق الى الشوق عبر السور الحديدي / ويمرون قبل الفجر من تحت الكوبري وقد تبدلت هيئاتهم .
2- تناقض الشكل مع المضمون وغرابة المحتوى واتجاه ذلك المجتمع للعنف من خلال دلالة مايحتويه مخزن المستشفى من أسلحة وملابس عسكرية ومدنية ، وأزياء أخرى تذكرك بهوليود ، ثم يأتي صوت عبد العال : أنا عبدالعال ياكلاب كلما تعاملت مع الناس زاد إحترامى لكلابي .
وهى عبارة تعكس قدرة القهر على إمضاء كلمته وكذلك ارتفاع نسبة الخضوع للتغيرات التى إجراها عبدالعال ، إضفاء الشكل التنظيمي على عمل المستشفى وكأن إدارة المستشفى تعيد صياغة عقول مرضاها لإعادتهم للعالم الذى رسموه خارجا ، والدليل على صدق ذلك الاستنتاج اشتمال كلمات الرئيس على مفردات اقتصادية وسياسية واستهلاكية
استدعاء نمط مستشفى المجانين والحوارات ، هل هو إعادة تعريف للجنون وفق منطق فوكو وهو أن الجنون نسبى ولايحتفظ بمعنى أو مقياس واحد عبر العصور وأن المحرك الوحيد فى هذه الحالة هو الاختلاف وطرح المألوف كقانون للكون ، وما يعد جنونا الآن كان قانونا بالأمس ، وما هو قانون اليوم يعد جنون غدا .
جاء عبد العال كصانع لقانون يعتبر عنده مجنون من يخرج عنه .
تسويق القدرة المطلقة وإشعار الآخرون بالعجز :
أنا عبدالعال ياكلاب ، أمامكم ووراءكم ، ومن فوقكم ومن تحت أرجلكم يابهايم .
غريزة الحرية
حيث يستعرض البطل تجربته كسياسي شاب يحركه قانون تحقيق الذات ولكن الاصطدام مع الواقع وتضارب ، مما أدى لتنامي الشعور بالدونية حتى يصل لتقرير :
إن اللعب مع السلطة جد خطيرة .
وهنا تنامي المؤسسة على حساب الفرد
ولم يلبث عبدالعال إلا أن يتحول الى مفردة من المفردات اللغوية للبطل وهنا بداية صناعة ثقافة القهر من خلال الحديث الداخلي للبطل :
أرحم نفسك ياوضيع وإلا لن يرحمك أحد / صحي البهايم ياعبدالعال الفجر قرب .
ينهى القاص على لسان بطله بعبارة دالة فى نهاية الفصل الرابع :
قلت : من حقي أن أرفض / كان يدوى فى أذني صوت عبدالعال ، أنا عبدالعال ياكلاب .
وينقل حقيقة الواقع الذى لم يستطع البطل التكيف معه ليصبح مجنونا = عندما تصير فى سلك المؤسسة / العالية ، لاتصبح ملك نفسك ، ولاتتمتع فلك دور محدد حتى موتك ، فطبعا لن تحتاج أن تتخيل أنك فى حاجة إلى أى شئ .
كل هذه التقنية والفهم جاءت من مكان دال وهو المستشفى كبيئة سردية مغايرة .
ومن هنا نستطيع رصد عدة ملامح أولية لفهم هذا النص الروائي المتميز :
1- تضاؤل الفرد أمام المؤسسة التى تتعدد صورها مثل الهيئة والمؤسسة وعبدالعال ، أصدقاء مرضه الذين سمحوا له بالخروج لأنه يعانى قلقا ، وعدم توافق فلم يعد صالحا لتقديم طقوس الطاعة ومع كثرة من يطيعون فلم يعودوا بحاجة إليه .
2- مصاحبة الوردة للبطل على مدار الرواية كمعادل موضوعي لثبات إحساسه بالجمال وكذلك معانى الحياة المتفتحة : بعد إنزالي تركوا الباب العلوي مفتوحا فأخرجت الوردة وتأملتها ، كانت أوراقها كالجلد مكتوب عليه كتابات كثيرة ، أخذت أتأملها ثم بدأت فى قراءتها //كان يقف على باب الكون يمسك وردة كبيرة بساق طويلة ...
الوردة تصاحبه فى كل تحركاته فما هي الدلالة إذن ، بكل ألوانها التى أفاضت فيها الأدبيات .
ولعله من باب المفارقة أم من باب البناء الهندسي للرواية فقد انتهى بالوردة معه علما بأن البداية كانت بالوردة أيضا ، وهو جزء من البناء النفسى للقاص علما بأنه من معلمي العلوم الزراعية فى الشرقية ، علاوة على أن بقاء الورد دليل على التفتح الدائم فهي لم تكتسب ذلك الاسم إلا لاختزالها دورة الحياة والموت وتلك الرمزية المطلقة فى العقل الجمعي للإنسان عامة .
الفهم السيميائى للعنوان والغلاف
جاء المشهد البصري الموازى وهو الغلاف الرئيسي للرواية حيث يسيطر اللون الأصفر وهو لون الرمال يتوسط الغلاف سلم يعلوه كيان يأخذ الملامح الفيزيائية للبشر ولكنه محمل بعدة دلالات فهو مسمط باللون الأسود وكأنه مصلوب فوق سلم طموحاته ويحاول الوقوف متوازنا وسط الهواء ولكنه محملا فى عدة دلالات شديدة الإيحاء :
1- يدان اليسرى بها (حقنة ) وهى رمز للإملاء والشحن والفعل المراد به علاج أزمة ما أو دعم جسد منهك وهى دلالة شديدة على مفهوم المرض حيث جاءت البيئة السردية عبارة عن مستشفى ذات طبيعة نوعية ، وكأن المجتمع قد فقد توازنه من خلال عدم توافق أطروحات قاطنيه توافقا عقليا فكان لزاما الفراق فى نهاية الرواية .
2- اليد اليسرى بها كرباج وهو أداة من أدوات العقاب ، وهو من أدوات السلطة جاءت عبر هذه الرواية الفلسفية وكتجسيد لروح هذا العبد عال وهى رؤية تعكس التوظيف المعرفي لرؤية البطل لفترة الحدث الروائي .
3- تبقى الوردة مكان الرأس وإن كان تفتحها الأبرز من من جهة الحقنة وضمور تفتحها من جهة الكرباج وهو دليل على أن الحرية تتفتح مع تشخيص وعلاج وهى الإضافة المعرفية للعمل الروائي المتعدد الأوجه مثل هذا العمل .
أيها السادة نحن بصدد رواية سياسية من الطراز الأول تعاملت مع كثرة تفاصيل المرحلة الانتقالية من 1967الى 1973 دون السقوط فى هوة المباشرة ، وهى رواية وثيقة تبرز العقل الجمعي المصري فى فتراته الانتقالية التى حرصت بعض الأدبيات العابرة والتى ستمر مرورا الى النسيان بالحرص على الجري وراء موضة تسفيه تجربة الستينيات ، فتأتى هذه الرسالة لتقدم قطعة من الأدب الراقي الذى لم يتم استكناه مغاليقه بعد .
أيها السادة صلاح والى إبداعه كتاب لم يقرأ كاملا بعد كشاهد على عصره بأدواته اللغوية وإبداعه الفني الراقي .
أعانني الله على قرأة كافة درره المرهقة لم يقرأها لتعدد مستويات إبداعها .
بهاء الصالحى
القنايات 2020



#بهاء_الدين_محمد_الصالحى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- jتركيا : تقييم لإدارة الأزمة
- ثورة 30/6 تقييم أولى
- ثورة 30يونيو : مدخل تقييمى
- هونج كونج : لغتان متوازيتان
- الصين وامريكا عالمان متوازيان
- ذ`ذكرى شاعر لا أعرفه
- صناعة الدولة فى الخليج
- أزمة سد النهضة
- الدولة العربية : تجديد المقاصد
- العنف الهامشى
- شاب مبدع
- زمار الحى
- قيم بالوراثة
- أدب المرأة
- حسنى هاهد
- عبدالرؤؤف اسماعيل غنائية الفقراء
- حامل الريف تعب
- الحوار المنقوص بين الخشت والامام
- hالعلاقات المصرية التركية 1-3
- العقل الجمعى 2-3- السادات والعقل الجمعى المصرى


المزيد.....




- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهاء الدين محمد الصالحى - صلاح والى : ابداع يتجدد : فتنة الأسر 2-2