أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السيد - النظام الرأسمالي العالمي سبب الحروب والمآسي.. فما البديل؟















المزيد.....

النظام الرأسمالي العالمي سبب الحروب والمآسي.. فما البديل؟


محمد السيد

الحوار المتمدن-العدد: 466 - 2003 / 4 / 23 - 10:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



 
سقطت فيما كان يعرف بالنظم الاشتراكية وتراجعت عمليا ونظريا، وتربع النظام الرأسمالي وبسط نفوذه على اقتصاد العالم دون منازع، وهيمنت نظرياته الاقتصادية، وسادت أيديولوجيته، ودبج له المديح والثناء، واصبح نظاما عالميا ساور البعض الاعتقاد انه مؤبد ولا يمكن أن يزول أو يتغير، لدرجة انه اعتبر (نهاية التاريخ) على حد تعبير المفكر الأمريكي يوكوفوما. إلا أن الفيلسوف الفرنسي الليبرالي المعاصر جاك داريدا خالف هذا الاعتقاد، واعتبر رأي يوكوفوما نفاقا سياسيا وخيانة أدبية وعلمية، وذلك على ضوء ما رصده وترصد له من عيوب فاحشة، ومثالب وسوءات مهلكة أوجدها هذا النظام وكذلك سلوكيات القائمين على تطبيقه، وظهرت تلك المنغصات على مريدي هذا النظام على شكل حروب طاحنة، ونزاعات إقليمية دامية لا تنتهي، وتدمير وحشي غير مسبوق للبيئة، ومظالم كثيرة، وتعسف بحق الشعوب، وعدم شعورها بالأمن والأمان، وغياب العدالة والمساواة بين الأمم ودول العالم في ظواهر وممارسات انعدم وتلاشى التنافس الحر الشريف والتعاون المثمر الناجح المستقر بين المجموعات الاقتصادية الرأسمالية في العالم، ويعدد (16) ظاهرة سلبية في النظام الحالي الرأسمالي، ويقول جاك داريدا: إن الإنسانية لا زالت تنشد السعادة والرفاه والاستقرار والتعاون بين مختلف الأجناس والأمم، إلا إن ذلك لا زال بعيد المنال في الأوضاع العالمية الحالية، لذلك فان أطياف كارل ماركس لا زالت تحوم وتجول بين كادحي العالم، وتحلق في سماوات عدة وتزعج أوروبا كلها (طبعا لم يقل: وتقض مضاجع الأثرياء). ويقول: لقد ووري الرجل الثري منذ زمن بعيد، إلا إن حلمه الأحمر لا زال يداعب البشرية، لا تزال تراود الإنسانية أحلام في السعادة و الحرية، وفي حياة ينعدم فيها استغلال الإنسان للإنسان، وبحيث تنتهي الحروب والمآسي والمظالم، وان هذه الأمور وغيرها لا زالت وستبقى تمثل آمال الشعوب وتطلعاتها، أي أن الحلم الأبيض الذي تسعى إليه الرأسمالية في التقدم والازدهار والسعادة لم يتحقق بعد، ولم يقض على الحلم الأحمر كي يوارى مع صاحبه الثري وينتقل إلى مثواه الأخير. وهو بذلك يستعيد أول فقرة في البيان الشيوعي إذ يقول: (هناك شبح يجول في أوروبا هو شبح الشيوعية، وقد اتحدت كل قوى أوروبا العجوز في حلف مقدس لملاحقته والتضييق عليه، من الباب والقيصر إلى الراديكاليين في فرنسا إلى رجال الشرطة في ألمانيا..) (المنفستو - ص 25 - دار التقدم - موسكو).
وإزاء الحلم الأحمر الذي لم يأفل والحلم الأبيض الذي لم ير النور - ويبدو انه لن يبصر أبدا لأنه ولد أعمى - إزاء ذلك استُدعي اللاشعور الإنساني، واستعادت الذاكرة الجمعية الطبية جميع أولئك الأنبياء والرسل والمصلحين والمبشرين الداعين للمحبة والخير والسلام لجميع البشر في جميع أرجاء العالم. ولأجل هذه المبادئ والقيم الفاضلة والدوافع الإنسانية النبيلة، هبت شعوب العالم في مظاهرات عارمة صاخبة، وتداعت فيالق السلام وطافت وسوف تطوف كل شوارع ومدن العالم منددة شاجبة في صوت واحد (لا للشر، لا للحرب) لا لقتل وسفك الدماء من اجل النفط. إن الحرب التي شنتها وتشنها رأسمالية العولمة (الجديدة) بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا على الشعب العراقي الأبي مستغلة ومتذرعة بممارسات النظام الدكتاتوري الشوفيني الجاثم على صدر هذا الشعب لسنوات عدة - سوف لن تكون أولى الحروب ولا آخرها، فهناك نزاعات وفتن ومناوشات جاهزة، وأخرى تجهزها الدوائر الاستعمارية لشن حروبها هنا وهناك على مختلف بقاع العالم. لقد اتضح للعالم اجمع من خلال هذه الحرب العدوانية إن هناك انتهاكات لحقوق الإنسان تمارس وبشناعة من قبل النظام الرأسمالي على مرأى ومسمع من العالم، وتستباح ابسط القيم والمبادئ الإنسانية، وتهدر دماء عشرات الألوف وتزهق أرواح المدنيين والمناضلين الشرفاء وهم يدافعون ببسالة عن حرياتهم واستقلال بلادهم وحقوقهم المشروعة، وتباح المدن والقرى في فلسطين والعراق والحبل جرار على غيرهما من الشعوب والأمم، كل ذلك بأعذار واهية، ودعاوي مضللة أصبحت لا تصدق من أحد. إن الرأسمالية العالمية والعسكرية منها بالذات في الوقت الذي تترهل قيمها وتتلاشى (مبادئها المعلنة)، نرى في الجانب الآخر تتعاظم ثرواتها وتتضخم عائداتها مع كل حرب تشنها الآلة العسكرية، مع كل صاروخ ينفجر على رؤوس المدنيين العزل من الأطفال والشيوخ والنساء، وان مصانع السلاح تدور دواليبها بكل طاقاتها وتتفاقم أرباحها مع كل قنبلة عنقودية تنشطر وتتشفى على رؤوس أبناء الشعب العراقي الشقيق وغيره من شعوب الأرض.
إن هذا النظام الرأسمالي ينتعش ويزدهر من الحروب ومن إعادة إعمار ما دمرته الحروب، لذلك فان الساسة يرون إن الإنفاق العسكري يجب ألا يتوقف ولا أن توضع أمامه القيود والعراقيل، ويقول جيمس سليزنجر وهو من أوائل من طرح نظرية الإنفاق العسكري في نهاية الستينيات حيث قال: (انه لا ينبغي للدولة أن تضع قيودا مصطنعة على الإنفاق العسكري، وإنما يتحدد المستوى اللازم من هذا الإنفاق أولا، ثم توجد له مصادر التمويل، بدلا من السماح للإنفاق العسكري بان يتحدد بقوة مقاومة دافعي الضرائب، أما الفجوة المالية التي قد تنشأ فإنها تسوى بالدين العام). ويعني الميزانية والضرائب.. (السياسة الاقتصادية للأمن الوطني - نيويورك - 1969- ص 267).
وغني عن القول إن في القطاع العسكري للاقتصاد الرأسمالي تتجمع كل ظواهر الرأسمالية المعاصرة (فهو مركز تطوير واستخدام نموذجي للتقدم العلمي التكنولوجي، وهو تجسيد للقدرة على التكيف وتصحيح عمل قوى السوق، ومن هنا فهو مهيأ ليكون محركا للنمو الاقتصادي)، لذلك فهو لا يزدهر ولا تتفاقم أرباحه، ولا يعالج أزماته الاقتصادية، إلا على أشلاء البشر ومن خلال الحروب المدمرة التي لا تنفك تدمر وتهدم ما عمرته يد الإنسان ومن ثم يعود لإعمار وإعادة إصلاح ما دمرته الحروب، وهكذا دواليك تكررت المصائب منذ أن ظهرت الرأسمالية إلى الوجود.
إن هذا النوع من النظام المالي العالمي الذي صنعه الإنسان بيديه، اصبح يتحكم بالبشر ويسيطر على معتقداتهم ويسير ويوجه تصرفاتهم، ويبلور أخلاقياتهم وقيمهم وتتخلق لديهم إدارات وحكومات ومؤسسات سياسية اقتصادية تجري لاهثة، ويجرها بريق الأرباح إلى كل موبقة وتقترف كل الجرائم والمآثم من اجل ذلك، ولو كان ذلك منافيا ومناقضا لطباع البشر. وأصبحت السياسة في عرف هذا النظام لا تعترف بالإنسان، ولا بحقوق الإنسان ولا بقيمه ومثله وأخلاقياته التي راكمها، وتراكمت وتشكلت وإنغرست في أعماق الضمير والوعي الإنساني عبر سنين خلت، ومن خلال آلاف التجارب القاسية التي امتحنت بها البشرية، فلا يجوز ترك مصير الإنسان وحضارة الإنسان منجزاته الثقافية والفكرية والفنية لهذا الوحش الممسوخ (فهو كاسر كالذئب وقذر كالخنزير)، (كما يقول مكسيم جوركي) الذي لا يتورع في ارتكاب ابشع الجرائم وأشنعها ومع ذلك يسميها بكل وقاحة (.. هدفاً نبيلاً عظيماً) كما يصف الساسة الأمريكان والإنجليز عدوانهم على الشعب العراقي.. وفي الحقيقة ما هو إلا سطو مسلح في وضح النهار هدفه استنزاف خيراته وثرواته النفطية وتدمير حضارته الإنسانية.
ومع ذلك لا نجد من يوجه سهامه الصاروخية وخطبه النارية الحماسية إلى صدر هذا الوحش الكاسر، إلى هذا النظام الفاسد الفاسق الذي يفسد أخلاق البشر ويلوثها، إلى هذا الرأسمال الذي يختفي خلف ألف قناع، ويتخفى خلف ألف عباءة وعباءة، فتارة نراه يحارب العالم كله لسحق راية الشيوعية، وما إن انتهت حروبه الساخنة والباردة معها، حتى بدأت حروبه مع (الإرهاب) هذا العدو الهولامي الذي ساعد على تفشيه، وبحجة ملاحقته اصبح يلاحق حركات الشعوب المناضلة من اجل التحرر والاستقلال. أما قناع الرأسمالية المفضل، وغطاؤها الأثير فهي: الصهيونية العنصرية، هذا المستنقع الذي تصب فيه كل موبقات وقاذورات الرأسمالية وآثامها وجرائمها، وأصبحت الصهيونية تستقبل جميع الشتائم واللعنات الموجهة إلى النظام الرأسمالي وأيديولوجيته، وباتت عدواً وهمياً تتماهى مع الرأسمال العالمي ويتخفى خلفها، وتجتذب نحوها (الصهيونية أو اللوبي الصهيوني) معظم الخطابات السياسية إن لم نقل جميعها، وتنسب إليه (اللوبي الصهيوني) جميع المؤامرات وكل أعمال التدمير الاقتصادي في البلدان النامية، وبات اللوبي الصهيوني - وليس الرأسمال العالمي - هو سبب التخلف والفقر والجهل والأمراض التي تفتك بالبشرية، لدرجة إن بعض الخطابات السياسية سوف تكون في حيرة من أمرها إذا هي لم تجد (قناع) اللوبي الصهيوني أمامها كي تصب عليه جام غضبها وشتائمها السياسية والاقتصادية و...
وإذا كان النظام الرأسمالي الحالي لا يمكن اعتباره قدرا مسلطا محتوما لا يمكن تغييره أو تبديله، وهو بصورته الحالية غير صالح لان يدوم ويستمر بأمراضه الاجتماعية والسياسية ونوباته الاقتصادية وما جرته وسوف تجره على البشرية من حروب ومآسي، وإذا كانت التجربة السوفيتية في الاشتراكية قد سقطت وخلفت للإنسانية كنزاً ثميناً من التجارب والممارسات والنظريات لا ينضب، فان الإنسانية ما فتئت تبحث وتنقب وتستفيد من تجارب الماضي والحاضر، وتحاول وتجتهد نظريا وعمليا من اجل التوصل إلى صيغة أو إلى نظام أفضل من الأنظمة التي عاشتها وعايشتها وجربتها، وعرفت مكامن الخطأ ومصادر الخطر الذي كان يهددها وقد يهددها في المستقبل، ولا زالت النظريات العلمية والممارسات العملية تتراكم وتتجمع والتحولات النوعية والتغييرات الكيفية تحدث صباح مساء في كل أرجاء العالم وان لم نلحظها بسبب سبرنا الضعيف لها، وما التجارب السابقة والحالية للنظم الاشتراكية إلا مثال من الأمثلة الكثيرة التي يتعايش معها المجتمع الإنساني، وكذلك السوق الأوروبية المشتركة التي دفعت لإقامتها شعوباً إنكوت بحربين عالميتين وعلى أثرهما أرغمت قادتها وقياداتها من الرأسمالية على إنجازها إلا شكل من أشكال هذه التراكمات التي تسعى لان تتجنب حروبا طاحنة مثل تلك التي ابتليت بها، وكذلك المحاولات التي تجري وينظر لها في جنوب شرق آسيا وبالذات نظرية (الكتف الخفية) التي يتبناها الرئيس الماليزي مهاتير محمد التي تعني في اقل ما تعنيه مساعدة الدول الفقيرة ودعمها اقتصاديا وتكنولوجياً والأخذ بيدها من اجل التقدم والازدهار.. الخ وأيضا نظرية الطريق الثالث التي تأخذ من النظامين الرأسمالي والاشتراكي احسن وافضل ما فيهما من خصال متجنبة مساوئهما، هذه النظرية التي تبنتها مؤسسات سياسية اجتماعية كثيرة في أوروبا وأمريكا، كل هذه المحاولات ما هي إلا إرهاصات وتجارب تسعى من خلالها البشرية كي تتخلص من هذا النظام الرأسمالي البائس. لكن متى يتم ذلك التغيير النوعي المرتقب في حياة المجتمع الإنساني؟! إنها مسألة وقت ليس إلا وما ذاك الحلم ببعيد.

 



#محمد_السيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السيد - النظام الرأسمالي العالمي سبب الحروب والمآسي.. فما البديل؟