أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - مكابدات الرحال / الجزء الخامس عشر














المزيد.....

مكابدات الرحال / الجزء الخامس عشر


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 6623 - 2020 / 7 / 19 - 02:21
المحور: الادب والفن
    


طريق الموت

بعد أن إتفقت وتجمعت قوى العالم لطرد الجيش العراقي من اجل إعادة النظام الأميري للكويت والاسراع بإطفاء النيران التي أشعلها الجيش المنسحب في آبار النفط وإيقاف هدر الذهب الاسود في الارض المحروقة.
حلقت طائرات التحالف وهي تتعقب طوابير الجنود الذين نزلوا مرغميّن من على ظهور دباباتهم ومدرعاتهم وعجلاتهم وبعد أن فرض المنتصرون شروطهم وأمروهم بالانسحاب وأن يتخلوا حتى عن بنادقهم، فنزح الجنود نحو طريق الموت الممتد من "العبدلي وصفوان" الى مدينة البصرة.
القت الطائرات حممها وجام غضبها فوق الجنود الحفاة المندحرين في العراء بعد أن تركوا بساطيلهم فوق رمال الفجيعة وما بين حطام فولاذ الدبابات المنصهرة.
من ضمن المجاميع التائهة في الصحراء كان بدر الرحال هو الاخر يعاني من إصابة بذراعه الايسر وقد تلقى علاجا سريعا لوقف النزيف ثم ضمدت ذراعه لكن الشظية بقيت مخفية داخل لحم ذراعه، وهو يحاول السير بعناء منبطحاً تارةً بين كثبان الرمل متعثراً وما بين جثث القتلى المتناثرة حين تدنو الطائرات وتفتح النيران .. وتارةً أخرى ينهض حين يبتعد أزيزها وتبتلعها السحب الدخانية المنبعثة من آبار النفط، كي يكمل مسيرة الرعب المجهولة فوق طريق الموت.
أرعبه مشهد كلاب متوحشة جائعة تنهش بجثة جندي، حاول الرحال أن يبعد الكلاب بصراخه الهستيري المكبوت ورمى بالحجارة نحو الكلاب التي لم تأبه ولم يخيفها شبح الجندي الجريح المهزوم ... ثم أنتابت الرحال مخاوف أن يكون فريسة للكلاب الجائعة، لا سيما اذا خارت قواه وتهاوى فوق الرمال.
أن مغامرة التعلق بالبقاء حين يتأرجح الوجود بشعرة تترنح ما بين الحياة والفناء فينسى حينها الجندي المحاصر بنيران أسراب الطائرات الاحساس بالجوع والعطش، فيبقى جلّ همه وصراعه في الوصول إلى أمنية النجاة!!
أما القادة المندحرون فلم يتجرأ أحدهم على إطلاق رصاصة الانتحار على صدغ رأسه.. لكنهم ذهبوا خائبين تحت خيمة "صفوان"
يحملون معهم وثيقة مليئة بالخضوع والخنوع من أجل بقاء كرسي رئيسهم العراقي والاتفاق مع قادة التحالف المنتصرين والساخرين من أسهل معركة في التاريخ الحديث.
لدى وصول الجنود الى "ساحة سعد" في مدينة البصرة وبعد أن فتكت بهم جراحات الهزيمة والاذلال، تجرأ أحد الجنود وأطلق وابل الرصاص من شاجور بندقية الكلاشنكوف يصحبها وابل من نزيف دموعه وهدير صراخه وشتائمه ضد جدارية صدام حسين التي كانت منتصبة في الساحة.. فتعالى الصراخ والهتافات بسقوط الرئيس وحزبه وتعاطف بقية الجنود والمدنيين أيضاً في الساحة فاشتعلت شرارة الانتفاضة في الاول من شهر آذار عام 1991
اقتحم حينها الثوار الغاضبون مواقع تخزين العتاد ومقرات الحزب الأوحد والدوائر الامنية والاستخبارات فسيطر الثوار على المدينة.
وأثناء إندلاع الانتفاضة في البصرة كان الغليان يتفجر في "الناصرية" أيضاً سواء في الاهوار أو في المدينة وبقية الاقضية والنواحي.
...
يا وجعاً تفجر من نحيب أجمة قصب البردي ومن جرح نكأته شجون النايات ومن قهر أرصفة الجنوب.
نجمة آذار خَبتْ كنيزكٍ تشظى في فضاء الفجيعة
أو كفارس طعنت خاصرته برمح ، فخرَ صريعاً من صهوة سمائه
فعانقته الأرض مخضباً بحنّاء الدم وتراتيل الشمس في رحم الضوء.
آذار وشماً في الذاكرة والقلب وأيقونة في معبد الثورات
وعنقاء تسموا فوق رمادها !!
الحراب إفتضت بكارة َغيمة
فتجشأت أحشاءها وإجهضَ جنينها
آه يا أنتِ !!
ياعشتار المصلوبة على جذع نخلة منسية في بستان الاقطاعي
وهي تنتظر ظهور كلكامش حين يبعث من أمواج الفرات
ليقتل الوحش ويحل وثاقها.
حين تباركت أرصفة أوروك التي ما زالت تتثائب
في بواكير الثاني من اذار بأقدام سومرية يقودها كلكامش
كانت تلك الأيام الاولى مثل التي تسبق الدورة الشهرية لـ(إنانا)
كان شبق الثورة أن جعلَ بنادقَ الجنوب منتصبة ٌ بأوجّها
والخناجر النائمة برحت أغمدتها الصدئة وهي ُتلوح بالثأر
بينما "إنكيدو" أيضاً يقطع أرصفة المدينة مع كرادلة الثوار حاملاً ألواحه الطينية كأمّ تحتضن رضيعها وهو يشهر وصايا الشمس ومزامير القمر.
كان نواح الابوذيات وغناء طور الصبيّ يصدحان مع خوار الجواميس بينما المشاحيف يحملها الصياديون على أكتفاهم وطيور الاهوار: "الخضيري والبط ودجاج الماء والحذاف وأبو منجل والرخيوي والبرهان والبجع" كان الجميع يريد تحرير أوروك المستلبة وعودة آلهة الشمس.



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكابدات الرحال / الجزء الرابع عشر
- مكابدات الرحال/ الجزء الثالث عشر
- مكابدات الرحّال/ الجزء الثاني عشر
- مكابدات الرحّال/ الجزء الحادي عشر
- مكابدات الرحّال/ الجزء العاشر
- مكابدات الرحّال / الجزء التاسع
- مكابدات الرحال/ الفصل الثامن
- مكابدات الرحّال ظ
- مكابدات الرحّال/ الجزء السابع
- مكابدات الرحّال / الجزء السادس
- مكابدات الرحّال - الجزء الخامس
- مكابدات الرحّال القمر ورحلة البغّال الجزء الرابع
- مكابدات الرحّال الرحلة الشاقة الجزء الثالث
- مكابدات الرحّال
- مكابدات الرحال
- حقائب مهجورة في قطار قديم
- بائع الثلج
- حكايات عجلات الزمن والعربات
- عودة البطاريق للجزيرة
- غواية القمر المحتال


المزيد.....




- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - مكابدات الرحال / الجزء الخامس عشر