أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام جاسم - سهد التهجير / 10















المزيد.....

سهد التهجير / 10


حسام جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 6619 - 2020 / 7 / 15 - 18:28
المحور: الادب والفن
    


تداخلت الالوان الزاهية
فصل الصيف يحرق البشرة و يداعب العطش
الملابس الصيفية زاهيه مقبله نحو الخفة و الإنجاز السريع
حيث تنمو الحشرات و تخرج من جحورها و تسعد لأجل جمع القوت
و المياه تشح في البيوت و الكهرباء تنقطع بشكل متكرر

بيت واسع تقطنه الأخت سهومه البندريه و أخواتها ( قسومة بنت حسنسن و امل المدفوره و هفوفه النماره و همش الطمبليه )
تتزعمهن الأخت الكبرى سهومه البندريه فهي التي تضع قوانين البيت و تقسمه للإيجار حسب الفقر المدقع للعوائل المهمشة
بيت واسع متكون من ثلاث طوابق و يحوي العديد من الغرف التي تؤجر بثمن محدد
الشرط الوحيد للإيجار هو وجود أسرة متكاملة ( اب و ام و أطفالهم ) فلا يمكن تأجير غرفه لشخص واحد دون أسرته
حاولت العائلة التأقلم مع الظروف الجديدة لعلها تنعم بالأمان و الاستقلالية
التأقلم اهم عامل لاستمرار الكفاح مع الحياة و خداعها و دونه يسقط الإنسان و يستسلم للظلم والاستبداد.

- بيت واسع تملكه بنات فقط
كأنهن بنات آوى .

- بنات لطيفات اتمنى ان نستقر .

- كيف نستقر و نحن لا نملك الأرض .

- و من يملك الأرض الا الذي خلقها .

- هههههههه الإلهة لا تستفيد من الأرض بشيء بل البشر .

- غدا سيصبح لدينا ارض نبني عليها بيتا جميلا .

- بالأحلام و الافلام فقط !!!!


لا يتم التأقلم الا بالمواجهة و معرفة البيئة المحيطة جيدا لذلك حاولت الأم جعل علاقتها متينه مع البنات و الانسحاب من العلاقات الجانبية مع المؤجرين الآخرين الجدد
و الالتزام بقوانين البيت التي تتحكم بموعد دخول الحمام و موعد الاستحمام و موعد النوم و موعد الخروج من البيت
قوانين طويلة الامتداد وضعتها سهومه البندريه داخل البيت

تغادر سهومه البيت منذ الفجر و لا ترجع الا عند الواحدة ليلا و قد تبقى خارج البيت اسبوع دون عوده
و تستلم مهام البيت بعدها قسومة بنت حسنسن التي تقود البيت بعد غياب الاخت الكبرى
الا انها ضعيفة أمام المال فتسمح ببعض الخروقات من المؤجرين مقابل بعض الأموال
منها خروقات ممارسة الجنس مع الغرباء و ادخالهن للبيت و خروقات تناول المشروبات الروحية المسكرة و غيرها من الحريات العامة
فتقوم بعمل اللازم و انعاش السبات المفروض في البيت

- اتسمع ما اسمعه ؟

- لا .

- هل انت اصم ؟

- لا .

- صوت الطبل و الاغاني في غرفه استقبال الضيوف .

- لا علاقة لي بما يحصل .
سوف يخرج المشروب من عنفوان عقلي يا ملعونه .

- انت و اهلك الملاعين لو تركونا عندهم لما حصل كل ذلك .

- الموسيقى رائعة و سهومه غائبة
سأخرج لأشاركهم الرقص .

دفعت الأم جسد الاب على السرير و القت علية الماء البارد و هو يترنح للخروج .

الموسيقى عند جميع فئات الطبقة المتوسطة لابد لها من نساء ترقص
لا يتم تشغيل موسيقى الا عندما ترقص النساء
علاقة معقده لتشغيل الموسيقى خصوصا في الليل
فأنها علامه لاندماج العناصر الأساسية للرقص .
بعض الفئات داخل الطبقة المتوسطة تمنع الموسيقى باعتبارها صخباً منعه الاله في كتاب البقايوقات المقدس
بل تقوم بكسر ارجل الراقصات و الرجال المشاركين داخل حلقة الانس
تقاوم الموسيقى وجودها داخل أجساد النساء
لتنتج لنا حفله منتصف الليل بقيادة قسمومه بنت حسنسن .

في الفجر تلجأ امل المدفوره إلى سطح الجار القريب ليدعك لها صدرها و يمتص الأوكسجين منها
لا أحد يعلم العلاقة المخفية بين امل المدفوره و الجار
الا أحد الطفلين
تقوم بأخذة معها عند الظهيرة لتوزيع رسائل الحب و الغرام على البيوت القريبة
تحتك قدما الصغير على الأرض الخشنة لا يرتدي الحذاء
ممسكا بيدها ليدخل بيوت العشاق معها
ترمي الرسالة بيده و يقوم هو بالدخول للبيت المنشود و يسلمها لأي رجل يراه أمامه
و هكذا تفقد الشمس كرامتها ومكانتها في إشعاع العذاب الغادر على أقدام الطفل الصغير .

تمر الايام على العائلة أسوأ من ذي قبل
انفلات الاستقلالية في غياب سهومه البندريه يسبب غياب الأمن العام داخل البيت
و غياب الأمن يعني انعدام الغاية التي جاءت من أجلها الأم
فهي الان مستعده للمزيد من المفاجآت السيئة في دار سهومه و اخواتها .

- أعطني السكين

- لمن يا قسومة ؟

- لي ، لتقطيع البصل و الجزر .

- حاضر .

- اريد الثلج

- أليست عندكم ثلاجه ؟

- لا .

- حاضر .

تحاول قسمومه بشتى الطرق شعل فتيل الخلافات كي تتحجج لطرط المؤجر الذي لا تستفاد منه بشيء في حلقات الانس .
و الام من النوع العصامي الذي لا يقبل المهادنة.

ابسط الأشياء تطلبها من العائلة الجديدة المهمشة إلى اعقدها و منها أواني الطبخ و نصف الاكل و بعض الثياب و تنظيف الغرف او الطرد في الشارع
فالأسر المتوسطة لم تعد تطيق المهمشين و بالحكم الجديد المنفلت اصبح الوضع أسؤا حيث لا تؤجر الغرف داخل المنازل و اعتزلت الطبقة المتوسطة عن صفة الإيثار
و حل محلها تأجير المنزل بأكمله بمبالغ لا يقدر عليها المهمشين
اما تأجير الغرف اصبح عمله نادرة في ظل الوضع الراهن لذلك تحاول قسمومه بشتى الطرق أبعاد هذة العائلة عن المنهج المتبع لديها قبل وصول ( سهومه البندريه ) .

سهومه امرأة في ظلال الأربعينيات لم تتزوج بعد
تخرج من الفجر و لا تأتي إلا أثناء الليل الحالك بعد اسبوع .
لا أحد يعلم اين تذهب !!!
حينما تأتي يصمت البيت بأكمله حولها و لا صوت يعلو فوق صوتها
اخواتها يطعن القوانين والتشريعات
تأتي محمله بالأجهزة و الأموال و بعض الملابس الفاخرة
تتوزع الملابس و الاجهزة بين الاخوات
بعد فترة من الزمن اعترفت سهومه البندريه بأنها تعمل خادمة خلف الجسر الفاصل بين الطبقات عند أسرة ثرية تقوم بالتنظيف و الخدمة و أحيانا تعاون الأسرة جنسيا عندما ربه المنزل لا يسعفها المزاج لتقوم سهومه البندريه بإحلال محلها في سرير الزوجية
يقوم أصحاب الطبقة العليا باغداق بعض النفايات المستعملة ( من الفائض التجاري من أجهزة و ملابس ) عليها
تتلمس الثياب و تزهو في خدمتهم بل يصحو ضميرها لبذل جهد أكبر في إسعاد الأسرة الثرية في جلسات الانس للرجال حينما تنام زوجاتهم
تقوم سهومه البندريه بالرقص لهم على انغام الف ليلة وليلة
و لكن تتغير شخصية سهومه عند العودة للمنزل أمام اخواتها تصبح أكثر عفه و حزما و أكثر غضبا
كما تفعل الطبقة العليا بالضبط حينما تلقي جام غضبها على الطبقتين المتوسطة و المهمشة في حين تقوم بالرقص حول موائد النظام الطبقي العالمي الاكبر منها .

- ما هذا ؟

- انه جهاز جلبته سهومه يظهر صور متحركة كأنه عارض سينمائي .

- ليس جهاز لعرض الافلام بل إنه التلفزيون .

- لكنه ملون و هل يوجد تلفزيون ملون ؟

- نعم يوجد لكنه عند الطبقة العليا فقط .

- لماذا نحن لا نرى الفنانين الا بالأسود والأبيض و للطبقة العليا تراهم بالألوان الناصعة ؟!!!

- إنها سنه الحياة و نصيب البقايوقات .

- نصيب الهم و الكمد .

لا تستعمل الطبقة المهمشة جهاز يدعى التلفزيون بل لا تعرفه اطلاقا لعده أسباب منطقية منها الانشغال الدائم بالعمل الجماعي لتوفير القوت اليومي فلا مجال للجلوس امام جهاز ينقل صور متحركة لساعات طويلة
اضافه لسعره المرتفع في وقت ظهور الأنواع الجديدة منه و السبب الرئيس هو منع الحكومة من تداوله بين الطبقات المهمشة دراءا للفتنه و تشجيعا على الإنتاج المحلي الذي لا تحصل منه الطبقات الا الفتات .
اما الطبقة المتوسطة تستعمله لأجل المتعة و مشاهدة بعض المسلسلات الدرامية في عطلة الاسبوع و افلام الكارتون الطفولية كي يصمت الأطفال و هم ينظرون نحو الشاشة الصغيرة و يكون باللون الاسود و الابيض فقط.
اما الطبقة العليا يكون التلفزيون لديها بشاشة عرض كبيرة ذات الوان خلابة يجلس نحوه أبناء الطبقة العليا دون حراك لساعات طويلة دون ملل منه و دون إنتاج إبداعي منهم .



#حسام_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سهد التهجير /9
- العنصرية و العقلانية في فلسفة هيغل / 3
- العنصرية و العقلانية في فلسفة هيغل / 2
- العنصرية و العقلانية في فلسفة هيغل / 1
- سهد التهجير /8
- سهد التهجير /7
- سهد التهجير /6
- سهد التهجير /5
- سهد التهجير /4
- أغلق الباب بقوة !!!!
- التجرد من الحواس
- سهد التهجير /3
- سهد التهجير /2
- سهد التهجير /1
- سعادة الخيال المعاصر
- الإنتاج الوطني و مقاومة الاستعمار
- باعدت بين ساقيها !!!
- أنه الفستان (عن قصة حقيقية بتصرف ادبي )
- على هامش انتفاضة تشرين الاصيله/1
- أسئلة الأطفال البديهية و سياسة القتل / 2


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام جاسم - سهد التهجير / 10