أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - إسلام موسى - أثر تعويم سعر الصرف على الميزان التجاري وانعكاسه على النموذج المصري















المزيد.....


أثر تعويم سعر الصرف على الميزان التجاري وانعكاسه على النموذج المصري


إسلام موسى

الحوار المتمدن-العدد: 6619 - 2020 / 7 / 15 - 04:47
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


تُعد التغيرات في اسعار صرف العملات ذات اهمية كبيرة باعتبارها حلقة وصل بين الاقتصادات الدولية ومقياسا لحجم معاملتها ومبادلاتها التجارية، علاوة على ذلك، فإن لها تأثير واضح على التوازن الكلي للاقتصاد من خلال علاقته المباشرة والغير المباشرة بالمتغيرات الاقتصادية الكلية وخصوصا الميزان التجاري، ويعد سعر الصرف احد المؤشرات الاقتصادية والمالية التي تعبر عن جودة الاداء الاقتصادي لأى دولة، ويمثل سعر الصرف حجر الزاوية الذى تعتمد عليه اقتصاديات أي دولة من دول العالم سواء كانت من الدول المتقدمة او النامية.
لذلك تسعى معظم الحكومات إلى إتباع سياسات تهدف إلى ضمان استقرار سعر صرف عملاتها لتفادي التقلبات الحادة التي تمر بها العملات من فترة لأخرى، وتكون هذه السياسة لها فائدة كبيرة في الدول النامية، لأن اقتصاداتها مضطرة لمواكبة الاقتصاد الرأسمالي العالمي والانفتاح عليه مما يؤدى بها إلى عجز أكبر في ميزان مدفوعاتها ويجعلها أشد تأثرا بالتقلبات الاقتصادية الدولية، وأكثر تعرضاً للأزمات والمشاكل الخارجية، مما يؤثر سلبا على درجة الاستقرار المحلي في تلك البلاد.
ويعرف ميزان المدفوعات لأي دولة على انه عبارة عن سجل للمعاملات الاقتصادية الدولية مع بقية دول الأخرى، ويعد الميزان التجاري هو المؤشر الذى يقيس مجمل الفرق بين قيمة الصادرات وقيمة الواردات الخاصة بالسلع والخدمات في الدولة وأحد مكونات ميزان المدفوعات، و تؤثر تغيرات سعر الصرف الأجنبي على الميزان التجاري، فارتفاع سعر صرف العملة المحلية لأى دولة يؤدى الى ارتفاع الاسعار النسبية لسلعتها المحلية مما يؤدي لارتفاع اسعار صادراتها مقارنة بأسعار ورادتها من السلع الأجنبية، كذلك فان ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية مقابل العملة المحلية يؤدى الى ارتفاع اسعار الواردات من السلع الاجنبية مقابل انخفاض اسعار الصادرات من السلع المحلية وهذا قد يؤدي الى اختلال شروط التبادل التجاري.


أولاً: سعر الصرف.
أ-التعريف.
يقصد بسعر الصرف هو اختلاف قيمة الوحدة من العملة الوطنية في بلداً ما مقارنةً بقيمة الوحدة من العملة في بلد أخر، أو اختلاف نسب تبادل الوحدة النقدية المحلية مقارنةً بنظيراتها في البلاد الأخرى (دكتور محمد محمود عطوة ودكتور سعد السيد – ص.95)، وينقسم سعر الصرف إلى ثلاثة أنواع رئيسية، وهما ( سعر الصرف الاسمي وسعر الصرف الحقيقي وسعر الصرف التوازني)، فسعر الصرف الاسمي يقصد به القيمة الجارية للعملة المحلية مقارنةَ بنظيراتها الأجنبية بغض النظر عن قوتها الشرائية للسلع والخدمات بين البلد الوطني والبلد الأجنبي، لذلك يسمى بسعر الصرف الاسمى، ويتغير هذا السعر يومياً، فإذا اتجهت القيمة الجارية للعملية المحلية صعوداً مقارنة بالعملة الأجنبية سمى ذلك نمواً، أما اذا حدث العكس فيسمى تدهوراً.
أما النوع الثاني فيسمى بسعر الصرف الحقيقي، ويقصد به السعر النسبي للسلع المحلية مقارنةً بالأسعار الأجنبية، وهذا النوع هو ما يهم الاقتصاديون لأنه يقيس كمية السلع التي يتم يمكن الحصول عليها بنفس مقدار القيمة الحالية للعملة المحلية، ويتفرع من سعر الصرف الحقيقي نوع فرعي يسمي "سعر الصرف المتعدد الحقيقي" وهو مقياس لاختلاف أسعار الصرف الحقيقية بين دولة وأكثر من دولة أخرى، وما ينتج عن ذلك خلال المبادلات التجارية.

أما النوع الثالث فهو سعر الصرف التوازني، والمقصود به سعر الصرف متوافقاً مع التوازن الاقتصادي الكلي، ويحدد توازن ميزان المدفوعات عند نمو الاقتصاد بشكل طبيعي في بيئة اقتصادية مستقرة، ويحدد سعر الصرف التوازني من خلال عدة مناهج، من أبرزها تعادل القوة الشرائية، حيث يفسر هذا المنهج سعر الصرف التوازني بأنه متناسب مع السعر النسبي المحلي والخارجي، وهناك منهج أخر يعتمد على استخدام نسبة الأسعار القابلة للاتجار مع الأسعار غير قابلة للاتجار.

وتتعدد الأسباب التي تدفع الدول أو المؤسسات أو الأفراد إلى تحويل العملات بعضها إلى بعض، منها ضرورة إجراء المعاملات التجارية التي تستلزم على المستورد تحويل نقوده من العملة المحلية إلى عملة الدولة المصدرة للسلعة التي يرغب المستورد في شرائها، أو لأغراض السفر والسياحة، فيستلزم في تلك الحالة على المسافر تحويل نقوده إلى نقود الدولة المتوجه إليها حتى يستطيع تدبير نفقاته هناك، وهناك المساعدات الاقتصادية النقدية التي تمنحها الدول الغنية للدول الفقيرة، فتقوم تلك الدول بتحويل قيمة المبلغ المخصص للمساعدة إلى عملة الدولة المستقبلة للمساعدة أو المنحة، ويأتي دفع الفوائد والأرباح كإحدى الأسباب التي تدع المدينين لدول أجنبية بتحويل عملاتهم المحلية لعملات تلك الدول حتى يستطيعوا دفع تلك الفوائد والأرباح في حالة استدانتهم المالية من احدى الدول الأجنبية، وأيضاً الاستثمارات الأجنبية واحدة من الأسباب التي تدفع المستثمرين إلى تحويل أموالهم إلى عملات الدول التي يرغبون الاستثمار بها، حتى يتمكنوا من شراء أدوات الإنتاج ومستلزمات التشغيل ودفع رواتب العمالة بعملة الدولة المُستَثمر بها، وهناك أسباب أخرى تدفع الجهات المختلفة لتحويل النقود منها الانفاق على مستلزمات الشحن والسفر، ودفع رواتب موظفي الهيئات الدبلوماسية في الخارج.

ثانياُ: سياسات سعر الصرف.
من أهم أهداف السياسات الاقتصادية التي تضعها أي دولة هي تثبيت الاقتصاد وتحرير معاملاته الخارجية مع الحفاظ على مقدرته التنافسية والتي يقيسها سعر الصرف الحقيقي وتتضمن سياسات التثبيت الاقتصادي على انضباط مالي وانضباط نقدي يتمثل في زيادة أسعار الفائدة الاسمية، وفي حالة وجود سوق حره لرأس المال فإنه من المتوقع أن تؤدي أسعار الفائدة المرتفعة إلى تدفقات رأسمالية كبيرة نسبياً من شأنها أن تتسبب ضغوط على سعر الصرف الحقيقي مما يؤدي إلى زيادته، ويترتب على ذلك أن يمنح صناع القرار خيارين: الأول أن يتدخل في سوق النقد الأجنبي لمنع المبالغة في سعر الصرف ومن ثم الحفاظ على تنافسية قطاع السلع القابلة للتبادل التجاري.

وفي إطار هذا الاختيار الذي يواجه صناع القرار، فعادة يكون بالنسبة لصناع القرار من الهام في تلك الحالة معرفة وقياس ما إذا كان ارتفاع قيمة العملة المحلية يتسق مع أساسيات الاقتصاد المخطط له، أم أن هذا الارتفاع إنما يمثل مبالغة في سعر الصرف على المدى القصير تسببت في فيه السياسات المالية والنقدية التي أتبعت في إطار سياسة تثبيت الاقتصاد.
وإذا كان سعر الصرف متسقاً مع "أساسيات الاقتصاد" فإنه ليس هنالك ما يدعوا إلى الاعتقاد بأن التدخل في اتجاه جعل سعر الصرف أكثر مرونة سيترتب عليه الانخفاض المطلوب في قيمة العملة المحلية للحفاظ على تنافسية السلع القابلة للتبادل، وإذا كان سعر الصرف غير متوافق مع أساسيات الاقتصاد في بلداً ما، فذلك يعني وجود مبالغة في سعر الصرف، وفي تلك الحالة يكون التدخل لتخفيض سعر الصرف له أثره الإيجابي على المدى المتوسط.
وفقاً لعالم الاقتصاد الأمريكي "ميلتون فريدمان"، فهنالك ثلاث أنواع مميزة لسياسات أسعار صرف العملات، وهى سياسة سعر الصرف المرن وسياسة سعر الصرف الثابت وسياسة سعر الصرف المرتبط، وتتميز تلك الأنواع الثلاث بصفات وخصائص مختلفة، ويتشارك النوع الأول والثاني في أنهما ينتميان إلى نفس نظام السوق الحر، فهم يعملان بدون قيود على النقد.

عندما تطبق دولة ما سعر الصرف المرن، فإن البنك المركزي بداخلها يستطيع وضع السياسات النقدية على المستوى الداخلي، إلا أنه لن يستطيع توجيه سعر الصرف، ففي تلك الحالة يكون سعر الصرف وفقاً للتوجه التلقائي، أما في حالة تطبيق نظام الصرف الثابت، فسيتحتم على الدولة تكوين مجلس أو هيئة تقوم على تحديد سعر الصرف، وفي تلك الحالة لن يملك البنك المركزي القدرة على التحكم في السياسة النقدية، أو اتخذا اقتصاد الدولة عملة أجنبية كمعيار أساسي لسعر الصرف به، كالدولار مثلاً، وفي حالة تطبيق نظام سعر الصرف الثابت سيتم تحديد القاعدة النقدية للدولة بواسطة ميزان المدفوعات الذي سيتحرك وفقاً لمعدلات الطلب واحد تلو الأخر مع حدوث عدة تغيرات تظهر على معدلات احتياطات العملات الأجنبية.
وتتطلب سياسات أسعار الصرف وجود بنك مركزي يعمل على توجيه سعر الصرف والسياسة النقدية، وبحسب "فريدمان" فإنه قام بتفضيل كلاً من أسعار الصرف المرنة والثابتة وبموجب هذين النظامين من أنظمة السوق الحر، يتدفق رأس المال بشكل حر وبدون قيود، أما نظام سعر الصرف المرتبط فرفضه "فرديمان" بسبب القيود التي يفرضها هذا النظام على تدفق النقود.

ثالثاً: أثر تعويم سعر الصرف على الصادرات.
تعد سياسة سعر الصرف الحر أو ما يسمى بسياسة التعويم مسألة تخص كل دولة على حدى، متروكة لها سواء أخذت بتلك السياسة أم تركتها، وتعد في العرف الاقتصادي السائد مسألة استثنائية مؤقتة بالنسبة لما هو متعارف عليه من تطبيق سياسة سعر الصرف الثابت في الكثير من الدول، ويقصد بسياسة الصرف الحر هو ترك سعر الصرف حراً يتحدد وفقاً لعوامل العرض والطلب على النقود، وينقسم سعر الصرف الحر إلى نوعين، النوع الأول هو التعويم الحر، والنوع الثاني ويمسي بالتعويم غير الحر، فالنوع الأول يقصد به ترك سعر الصرف حراً تماماً يتحدد وفقاً لعوامل العرض والطلب بدون تدخل المؤسسات النقدية داخل الدولة وتستخدم تلك السياسة في حالات محددة لفترات قصيرة وفقاً لتوصيات الهيئات والجهات المختصة.

أما النوع الثاني، فهو سياسة التعويم غير الحر أو المقيد، ويقصد به ترك سعر الصرف يتحدد وفقاً لعوامل العرض والطلب لكن بعض التدخلات من الهيئات النقدية للتحكم في نسب الانخفاض والارتفاع، مثال على ذلك، قد تترك دولة ما الأسعار تتحد وفقاً لعوامل العرض والطلب بنسبة 10% هبوطاً وصعوداً، لكن إذا تخطت النسبة ذلك تدخلت الدولة في تلك الحالة لاستعادة النسبة المقررة سلفاً من خلال عمليات شراء أو بيع العملة الأجنبية في حدود التقلبات المسموح بها، أو أي إجراء أخر قد يحقق نفس الغرض، ومن أبرز الدول التي طبقت هذا النوع من التعويم هي كندا في عام 1951م، وأيضاً في عام 1971م، وتعد معظم حالات التعويم المتبعة في العالم هي من النوع الثاني، وهو التعويم المقيد.

وتطبق سياسة التعويم لمعالجة أوجه القصور في ميزان المدفوعات، سواء كان بالعجز أو بالفائض، فإذا كانت دولة ما تواجه عجز دائم في ميزان مدفوعاتها، وتتبع تلك الدولة سعر صرف رسمي ثابت بالنسبة للعملات الأجنبية الأخرى، فإن تلك السياسة تؤدي إلى جعل قدرة تلك الدولة على المنافسة وتسويق منتجاتها في السوق العالمية ضعيفاً، أما إذا اتبعت سياسية التعويم، فإن ذلك يؤدي إلى خفض قيمة عملتها المحلية بالنسبة للعملات الأجنبية الأخرى، الأمر الذي سيؤدي إلى خفض في القيمة النقدية لما تنتجه من سلع محلية بالنسبة للسوق العالمي، مما سيشكل حافزاً للمنافسة الدولية، من خلال رغبة المستوردين الأجانب في شراء تلك السلع بأسعار منخفضة مقارنةَ عما سبق، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة نسب التصدير الخارجي وزيادة العملات الأجنبية المدفوعة لشراء تلك السلع وتقليل العجز في ميزان المدفوعات.

واذا استعرضنا التاريخ الحديث لتعويم سعر الصرف في مصر، سنجد أنه انطلق برنامج التحرير النقدي في أوائل تسعينات القرن الماضي وذلك للسيطرة على التدهور النقدي والمالي الذي حدث منتصف السبعينات وصولاً إلى أواخر الثمانينات، فقد عملت الحكومة على تحرير سعر الصرف وتحرير معدلات الفائدة، وأدت تلك السياسة إلى تشجيع تدفق رؤوس الأموال الخاصة في الأنظمة المصرفية أو كاستثمارات في البورصة المصرية، وكان أثر تلك السياسة جيداً خلال العشر سنوات الأولي من تطبيقها، حيث كان هناك استقرار نسبي في سعر الصرف المصري.
أما في منتصف عام 2001م، فقد حدث ما يسمى بأزمة العملة في مصر، بعد أن فقد الجنية المصري 70% من قيمته الحقيقة، مما أدى إلى ظهور السوق السوداء، وحاولت الحكومة المصرية معالجة تلك الأزمة في سوق الصرف من خلال السحب من احتياطي الأجنبي، مما أدى إلى استنزافه، ومع استمرار تلك الأزمة، قامت الحكومة في عام 2003م بالإعلان عن تعويم الجنيه المصري والتخلي عن نظام ربط العملات الذي كان معمولاً به منذ برنامج التحرير المالي في مصر والانتقال الي سعر صرف يتحدد وفقا لأليات العرض والطلب، وأدت تلك السياسة إلى انخفاض الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي ليصل 5.40 مقابل الدولار الواحد، وأدى ذلك عوضاً إلى زيادة حجم الواردات عوضاً عن زيادة حجم الصادرات، وزيادة معدلات التضخم.

وفى عام 2007م نتيجة الأزمة المالية العالمية في منتصف تلك السنة، أدى ذلك الى حدوث ازمة اخرى وهى ارتفاع اسعار المواد الغذائية الاساسية نتيجة لانخفاض صادرات السلع وانخفاض الايرادات فقامت الدول العربية ومنها مصر باستيراد السلع الغذائية الاساسية مثل استيراد القمح من الولايات المتحدة الامريكية ، كما كانت الأزمة العالمية سبباً في التأثير على سعر الصرف، حيث امتدت تلك الازمة الى دول العالم بشكل تدريجي بحكم الترابط الدولي بين الدول وبذلك انخفضت حركة التبادل الدولي وتدفق رؤوس الاموال الاجنبية بين دول العالم نتيجة لقيام الولايات المتحدة بخفض صادراتها من السلع ومنها البترول وبالتالي انخفض سعر النفط العالمي لزيادة العرض من البترول خلال عامي 2008م و2009م.
وشهدت مصر في السنة المالية 2010م -2011م حالة من عدم الاستقرار الأمني وانعكاساته السلبية على حركة التجارة والاستثمار والسياحة والنقل وانخفاض معدلات التشغيل والانتاج وانخفاض الناتج المحلى الإجمالي، وقد اسفرت معاملات مصر مع العالم الخارجي خلال هذه السنة المالية عن عجز بميزان المدفوعات بلغ نحو 9.8%.

أما في العام المالي 2011م -2012م، ارتفع عجز الميزان التجاري بينما استقرت حصيلة الصادرات السلعية عند مستواها السابق وانعكس ذلك علي انخفاض نسبة تخطيط حصيلة الصادرات السلعية إلى المدفوعات عن الواردات السلعية، أما خلال السنة المالية 2012م – 2013م، كان هناك فائض كلى في ميزان المدفوعات وتراجع في عجز الميزان التجاري ويرجع ذلك إلى ارتفاع صافى التحويلات بدون مقابل بمعدل 4.7%، وخلال السنة المالية2013-2014م، ارتفع عجز الميزان التجاري نتيجة لزيادة المدفوعات عن الواردات السلعية وتراجع حصيلة الصادرات السلعية وفي السنة المالية 2014م – 2015م ارتفع العجز في الميزان التجاري نظرا لتراجع حصيلة الصادرات السلعية لتراجع حصيلة الصادرات البترولية الناتجة عن انخفاض اسعار البترول العالمية وزيادة الكميات المعروضة منه وفى ذلك الوقت ارتفعت المدفوعات عن الواردات السلعية بالإضافة لتراجع صافى التحويلات الجارية .

وطبقت مصر في عام 2016م سياسة التعويم للجنيه المصري بسبب اختلاف أسعار الصرف الاسمية للجنيه مقابل الدولار في البنوك والمؤسسات المالية عن أسعار الصرف الفعلية له، مما أدى لنشوء السوق السوداء، وعلى الرغم من أن الصادرات المصرية صعدت بنسية 20% بعد قرار التعويم مقارنةً عمل قبل، إلا أن تلك الزيادة كانت نتيجة لزيادة تصدير السلع النفطية بسبب الازدهار التي شهده سوق النفط في ذلك التوقيت، ولم تمتد زيادة معدلات التصدير إلى بقية السلع غير النفطية الأخرى، بسبب تقليدية معظم السلع المصرية المنتجة وعدم وجود أي ميزة تنافسية لها في السوق العالمي، أما السلع المصرية التي تتمتع بميزة تنافسية كالقطن والأسمدة فقد شهدت تراجعاً في الطلب المحلي في تلك الأثناء، واقترح البنك الدولي أن تبدأ مصر بفتح أسواق تصديرية جديدة والاستفادة من قطاعات تصديرية مع التركيز بشكل خاص على المنتجات ذات القيمة المضافة الأعلى والمنتجات التكنولوجية لافتاً إلى أن الحوافز التي تقدمها الحكومة من شأنها تشجيع المنتجين للمشاركة في ذلك، وأوصى البنك الدولي بضرورة البدء في الاستثمار في تطوير البحث والتكنولوجيا للمنافسة بشكل أفضل مع الدول الأخرى.
وسنستعرض من خلال الجدول الاتي العلاقة بين سعر الصرف والصادرات المصرية منذ عام 2003م حتى عام 2015م.
السنة صادرات السلع والخدمات (% من إجمالي الناتج القومي) سعر الصرف الرسمي
2003م 21.79641 5.850875
2004م 28.22996 6.196242
2005م 30.34355 5.778833
2006م 29.94981 5.733167
2007م 30.24973 5.635433
2008م 33.04299 5.4325
2009م 24.95682 5.544553
2010م 21.34925 5.621943
2011م 20.56743 5.932828
2012م 16.57612 6.056058
2013م 17.17106 6.870325
2014م 14.43456 7.077609
2015م 13.20685 7.691258

وإذا نطرنا لتلك الأرقام سنجد أن معدل الصادرات قد ارتفع في الفترة م بين 2003م حتى 2005م، ثم حدوث ثبات نسبي في المعدل في الفترة ما بين 2005م حتى 2007م، ثم تبدأ معدلات الزيادة في الصعود مرة أخرى في 2007م من 30.2% لتصل إلى 33% في عام 2008م، ثم تنخفض المعدلات من 33% حتى 15% في الفترة ما بين 2008م إلى 2015م (البنك الدولي).

رابعاً: أثر تعويم سعر الصرف على الواردات.
يتم الاعتماد على سياسة التعويم في بعض الأحيان لتقليل نسب الواردات من الخارج للحد من احتمالية حدوث عجز في الميزان التجاري، فعلى سبيل المثال قامت فرنسا باتباع سياسة تعويم الصرف عند حدوث أزمة النفط في عام 1974م وارتفاع سعره في السوق العالمي، وأدى ذلك إلى انخفاض قيمة الفرنك الفرنسي مقارنةً بالعملات الأجنبية الأخرى، وأدى ذلك إلى انخفاض سعر البترول المحلي مقارنة بنظيره القادم من الخارج، مما أدى إلى اعتماد السوق الفرنسي على الإنتاج المحلي وتقليل الواردات النفطية من الخارج (دكتور محمد محمود عطوة ودكتور سعد السيد – ص.ص.110-111).

وكما أشرنا فإنه يترتب على تخفيض سعر الصرف، ارتفاع في أسعار السلع المستوردة مقارنةً بالسلع المحلية، مما يؤدى إلى انخفاض الطلب المحلي عليها والتقليل من عجز فجوة النقد الأجنبي، لكن يلزم لتحقيق ذلك توافر عدة شروط، منها مرونة الطلب الخارجي على الصادرات، ومرونة الطلب الداخلي على الواردات، وقدرة الجهاز الإنتاجي للدولة على تلبية احتياجات الطلب الداخلي والخارجي.

ويلزم لنجاح تلك السياسة في الحالة المصرية أن يكون الطلب المحلي على الواردات في الدولة صاحبة قرار التخفيض مرناً، حتى يؤدي ارتفاع أسعار الواردات نتيجة تخفيض سعر الصرف إلى تقليل الطلب على الواردات بنسبة أكبر من نسبة تخفيض قيمة العملة، وإذا نظرنا إلى هيكل الواردات المصرية سنجد أن الغالبية منها تتكون من سلع غذائية كزيت الطعام، والقمح، وسلع وسيطة، واستثمارية، وهى سلع لا توجد بدائل محلية لها لعدم قدرة الجهاز الإنتاجي سواء الزراعي أو الصناعي على توفيرها بكميات كبيرة (د/شعبان عبده أبو العز – 2016م).
وسنستعرض من خلال الجدول الاتي العلاقة بين سعر الصرف والواردات المصرية منذ عام 2003م حتى عام 2015م.
السنة واردات السلع والخدمات (% من إجمالي الناتج القومي) سعر الصرف الرسمي
2003م 24.38323 5.850875
2004م 29.58994 6.196242
2005م 32.6091 5.778833
2006م 31.56872 5.733167
2007م 34.82814 5.635433
2008م 38.63763 5.4325
2009م 31.59662 5.544553
2010م 26.5871 5.621943
2011م 24.68821 5.932828
2012م 24.58047 6.056058
2013م 23.56546 6.870325
2014م 22.97921 7.077609
2015م 21.64787 7.691258

وتبين الأرقام الأتية أن معدل الواردات قد زاد في الفترة بين 2003م و 2005م، ثم انخفض بين عامي 2055م و 2006م، ثم أخذت المعدلات ترتفع مرة أخرى من 2006م حتى 2008م، ثم عاودت الانخفاض مرة أخرى في الفترة ما بين 2008م حتى 2015م (البنك الدولي).
وإذا نظرنا إلى الفترة التي تلت عملية التعويم في 2016م سنجد على سبيل المثال أنه خلال النصف الأول من عام 2018م قد بلغت حجم الواردات المصرية من الخارج 38 ملياراً و156 مليون دولار بزيادة مقدارها 15.2% عن نفس الفترة من عام 2017م والتي بلغت فيها حجم الواردات 33 ملياراً و97 مليون دولار، ونستنتج من ذلك أن مقدار الأثر الإيجابي التي تحققه الزيادة المتواضعة في حجم الصادرات المصرية تلتهمه من الجهة الأخرى معدلات الواردات المرتفعة نتيجة الاستيراد المتزايد لمكونات الإنتاج التي ارتفعت أسعارها بعد قرار تعويم سعر الصرف ( صالح إبراهيم – 2018م).

المراجع حسب الترتيب الأبجدي:

1- البنك الدولي، صادرات السلع والخدمات (% من إجمالي الناتج المحلي).
https://data.albankaldawli.org/indicator/NE.EXP.GNFS.ZS?locations=EG
2- البنك الدولي، واردات السلع والخدمات (% من إجمالي الناتج المحلي).
http://data.albankaldawli.org/indicator/NE.IMP.GNFS.ZS?locations=EG
3- البنك الدولي، سعر صرف رسمي ( عملة محلية مقابل الدولار الأمريكي، متوسط الفترة)
http://data.albankaldawli.org/indicator/PA.NUS.FCRF?locations=EG
4- الغد، سياسات أسعار الصرف العالمية، بدون مكان، يوليو 2011م.
5- المركز العربي الديمقراطي، اثر تغير سعر الصرف على الميزان التجاري: دراسة حالة مصر، بدون مكان، 2017م.
6- المعهد العربي للتخطيط، سياسات أسعار الصرف، العدد الثالث والعشرون، الكويت، 2003م.
7- خالد حسنى، لماذا لم ينجح التعويم في إنعاش صادرات مصر، العربية، القاهرة، 2019م.
8- د/ شعبان عبده أبو العز المحلاوي، تعويم الجنيه وتأثيره على الاقتصاد المصري، شبكة ضياء، د.م، 2016م.
9- د/ محمد محمود عطوة ود/ سعد السيد الشريف، التجارة الخارجية: النظريات والسياسات والتجارة الخارجية، جامعة المنصورة.
10- د/ مصطفي بابكر، سياسات سعر الصرف، المعهد العربي للتخطيط، الكويت، بدون تاريخ.
11- صالح إبراهيم، الصادرات: نمو متواضع و"التعويم" لم ينجح بعد في تحقيق المتوقع، الوطن،القاهرة، 2018م.



#إسلام_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البديل من أجل ألمانيا : إلى أين ؟
- ترامب وكلينتون : وجهات نظر متعارضة حول ألمانيا
- هل تصبح مارين لوبان رئيسة فرنسا في 2017 ؟
- هل تصبح مارين لوبان رئيسة فرنسا القادمة في 2017 ؟
- هل تصبح مارين لوبين رئيسة فرنسا في عام 2017 ؟
- الإدخار ومشكلة الإنتاج في مصر
- العلاقات المصرية السعودية في ضوء سياسة التوازنات الإقليمية
- عقدة الذنب : سياسات ألمانيا تجاه اللاجئين
- نبذة عن نشأة الأحزاب السياسية في ألمانيا بعد الحرب العالمية ...
- مصريين في الظل : الزواج والطلاق المدني حل لمشكلات الفئات الم ...
- الوفاق الودي بين بريطانيا وروسيا 1907


المزيد.....




- البنوك الفلسطينية ستصبح معزولة عن العالم الاثنين المقبل
- روسيا تتجه لوقف استيراد معدن أساسي في صناعات استراتيجية والا ...
- تقسيم الماء بالليزر لإنتاج الهيدروجين وبيروكسيد الهيدروجين
- فوتسي تبقي على احتمال خفض تصنيف مصر على مؤشرها للأسهم
- خروجات الإفطار بمصر.. -اللمة- الرمضانية تتحدى الظروف الاقتصا ...
- هل تغض أميركا الطرف عن النفط الروسي؟
- النفط يرتفع مع تقييم المستثمرين لبيانات المخزونات الأميركية ...
- الدولار يرتفع بعد تعليقات متشددة عن الفائدة الأميركية
- الذهب مستقر قرب 2200 دولار بانتظار بيانات تضخم أميركية
- العراق يتعاقد مع شركة إيرانية لتوريد الغاز لمدة 5 سنوات


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - إسلام موسى - أثر تعويم سعر الصرف على الميزان التجاري وانعكاسه على النموذج المصري