أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - احمد البهائي - ديليسبس هو شيلوك المحتال في تاجر البندقية لشكسبير















المزيد.....

ديليسبس هو شيلوك المحتال في تاجر البندقية لشكسبير


احمد البهائي

الحوار المتمدن-العدد: 6617 - 2020 / 7 / 13 - 17:07
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


كانت قناة السويس في الحقيقة والواقع هي التجسيد العملى للحلم الاوروبي الذي كان يتشوق الى رؤية ربط المحيط الهندي بالمحيط الاطلنطي وذلك من خلال ممر مائي يربط اولا البحر الابيض المتوسط بالبحر الاحمر، لتختصر اوقات الرحلات ويختزل المسافات ، لتصب المصلحة في جيوبهم وحدهم دون منازع ، ودون النظر الى شعب الارض وجيوشه من العمال التي حفرت فيها القناة ، فالمصلحة والنظر كانت فقط للذات الاوروبية بكل عنفوان صلفها وأثرتها المغرقة في الأنانية ، بينما لم تنال مصر والمصريين سوى الجور والعسف والسخرة ، وقد شهد شاهد من اهلها بذلك، فقد كتب " أوليفييه ريتس " كبير المهندسين الفرنسيين الذي شارك في حفر القناة في يومياته ونحسبه من المستنيرين، قائلا ( ...كان العمال المصريين يخضون في الماء والطين ويحملون الطين السائل ينساب ويغمر اجسامهم ..بينما رؤوسهم في جحيم الشمس وابدانهم في عذاب السخرة وآلام والجوع والبؤس والاوبئة...ليس هناك عمال يستطيعون ان يتموا في اقل من 50 يوما هكذا ما أتمه هؤلاء العمال المصريين الذين يعملون وهم غائصون بكل اجسامهم في الماء ولا تحمي رؤوسهم سوى السماء..لقد بلغوا أكثر من مليون ونصف عامل مصري وكلهم مدهشون حقا..كلهم ذوو صبر وجلد عظيمين واحسبهم انهم ابناء شعب عريق حقا..) .

ياللعجب في الوقت الذي هبت وخرجت فيه شعوب القارة الاوروبية والامريكية تنادي بل تقوم بنفسها بهدم تماثيل لشخصيات ذات سجل عنصري رقي ابتزازي ، نجد من أبناء جلدتنا يطالب ويصر على عودة تماثيل لأمثال هؤلاء ، حيث يطالب البعض بإعادة تنصيب تمثال دليسيبس عند مدخل القناة فوق القاعدة الكائنة عند المدخل الشمالي لقناة السويس، فهل يعقل ان نحتفي على ارضنا بمحتال عنصري مثل ديليسبس ،كذلك في الوقت الذي تزداد فية الاطماع على مصر من جميع الجهات شمالا وجنوبا شرقا وغربا ، تجد في داخل الوطن من يكرس تلك الاطماع ويؤكدها ، ويعطي لهم ذريعة وحجة من خلال تلك المطالب والافعال .

منذ الثمانينات وقد برزت محاولات عديدة لإعادة تمثال ديليسبس الى قاعدته ، وأصبح لا يخفى على أحد، أن وراء تلك المحاولات ، جمعية اصدقاء ديليسبس وهي جمعيه فرنسيه عالميه ذات فكر تملكي احتكاري ، وقد رصدت هذه الجمعيه في الاونة الاخيرة ما يقرب من مليار يورو للترويج للسياحه في بورسعيد ، ولا نعرف عن اي سياحة يتحدثون عنها في بورسعيد ، التي هي في حقيقتها تعتبر نوع من انواع الرشوه المقنعه لوضع تمثال ديليسبس ، لتحقيق اغراضها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

من فينا لا يتذكر مقالة خالد منتصر ، التي كانت بعنوان " عودة تمثال ديليسبس خيانة؟!" ، التي احتوت على كثير من المغالطات وعدم دراية بوقائع التاريخ ، والتي كان يقاتل من خلالها من اجل عودة تمثال ديليسبس ، وكأنه أمر واقع يجب قبوله والرضوخ اليه، حيث ختمها بعبارة " وليعود ديليسبس إلى قاعدته ليس تمجيداً لديليسبس ولكن تمجيداً للمنطق والعقل ولاحترام التاريخ " ، وقد افتتح مقالته بعبارات من التمجيد والإطراء والمدح والثناء والتعظيم... ،قائلا " أثناء إجازة العيد ومن داخل حدود معشوقتى الجميلة بورسعيد تأملت موقفاً ما زال يمثل بالنسبة لى لغزاً لم يحل بعد، كانت نافذة غرفتى تطل على مشهد بديع من أجمل المناظر الطبيعية، البحر والسفن تتهادى استعداداً للمرور من القناة، يكسر المشهد ويجعله نشازاً قاعدة عارية بلاتمثال!! القاعدة جميلة تخبرنا بأنه ثمة تمثال بديع كان يقف عليها، إنه تمثال ديليسبس الذى رفعوه من المكان بعد 1956...." ، ومن هنا دعونا نصحح ما قاله خالد منتصر ، لنقول : في كل زيارة لمعشوقتي بورسعيد ، عندما اذهب الى قاعدة تمثال ديليسبس ، وانظر الى قاعدة اتذكر رائعة شكسبير " تاجر البندقية " ، وكيف استطاع ديلسبس اعادة تشخيص دور تاجر البندقية(شيلوك) الجشع، أن يحصل من صديقه محمد سعيد باشا والى مصر على عقد امتياز اشتمل على مجموعة كبيرة من التنازلات والامتيازات المجحفة بحقوق وسيادة مصر وقتها ، فاستطاع بحنكته الديبلوماسية ان يزين للوالي ما يمكن للقناة ان تسديه لمصر من منافع ومزايا ، واذا ما شقت القناة سوف تنتقل مصر الى الوقوف على قدم المساواة مع القسطنطينية ، وبالفعل اقتنع الوالى سعيد بذلك ، وبدأ الحفر في 15 ابريل 1859م ، وبمقتضى ذلك منح محمد سعيد عقد الامتيار الاول لدليسبس ، ومن ضمن المزايا التي منحت له ، مزية الاستمتاع بحقوق الاعفاء من سداد الرسوم والضرائب الجمركية عن جميع الالات والمعدات والمواد والمهمات التي يتم استيرادها من الخارج، وان يكون له الحق في ان يستخرج بدون مقابل مالي او عيني شتى المواد اللازمة لاعمال القناة والمباني والمناجم والمحاجر المملوكة للدولة ، وان تتقاضى الدولة حين اتمام حفر القناة وتشغيلها سوى 10% سنويا من صافي ارباح القناة ، وان يمنح ديليسبس مساحات شاسعة من الاراضي في منطقة القنال على اساس انها المجال او الحرم اللازم للشركة لاتنفيذ المشروع ومرافقه ،ان ديليسبس هو صاحب الحق الوحيد في صياغة لائحة العمال، وعلى الحكومة تورد البشر للحفر بينما ديليسبس هو من يحدد أرزاقهم ومدة عملهم ، فهل رأيتم ما هو أفدح من ذلك ظلما.

ومع ذلك تجد أناس من بيننا يدعون الوطنية يدافعون ويطالبون بعودة تمثال ديليسبس رمز السخرة والاحتيال متناسين عن قصد ،انه تحت السخرة مات على مدى السنوات العشر نحو 120ألف مصرى فى عمليات الحفر من ابناء الريف المصري ،اي بمعدل ألف رجل كل شهر ، وبمعدل ثلاثة وثلاثين رجل تقريبا كل يوم، وهو رقم مهول بالنظر إلى عدد السكان فى ذلك الوقت،الذي كان يقدر بنحو أربعة ملايين نسمة ،بجانب انه كان لصا سارقا محتالا كان عميلا لمن يدفع ،فهو لم يكن ولائه لفرنسا كما يظن البعض ، بل كان يعمل لصالح نفسه ولصالح قوى استعمارية اخرى تدفع له ، فقد اشترط بموجب الاتفاق مع حكام مصر الذين تعاقبوا على حكم مصر اثناء حفر القناة ان يكون هو صاحب الحق الوحيد في صياغة لائحة العمال ، فقد كانت الحكومة تورد البشر للحفر من ابناء الريف بينما ديليسبس يتحكم في مدة عملهم وأعمارهم ،وبموجب هذا الاتفاق بلغ عدد العاملين في حفر القناة ربع مليون مصري وهو عدد رهيب بالنسبة لتعداد سكان مصر البالغ اربعة مليون نسمة ، اي مايقرب 6%من مجمل تعداد سكان مصر ، وما يقرب من 50% من تعداد الايدي العاملة في الفلاحة ، وبالاخص العاملة في زراعة القطن المصري ،ليؤكد اصراره على هذا الشرط ، ليكون ذلك في خدمة اطراف اخرى ، حيث اندلعت الحرب الاهلية الامريكية 1861 وبسببها امتنع ورود الاقطان الامريكية الى اوروبا ، فكثر الطلب على القطن المصري ، وارتفع ثمنه في الاسواق العالمية ، وهذا كانت لا تريده القوى الخارجية المكونة من الحلف التركي البريطاني ومالكي اسواق البورصات ، وهذا ما حدث بالفعل بعد انتهاء الحرب الاهلية الامريكية 1865 ، ونتيجة قله العاملين من ابناء الريف في زراعة القطن ،وذلك تحقيقا لشرط ديليسبس ، عاد القطن الامريكي الى الاسواق العالمية على حساب القطن المصري وذلك بتخطيط من المحتال العميل ديليسبس ليغطي القطن الامريكي ثلاث ارباع محصول العالم من القطن .

ما يثير الدهشة والعجب ، أنه تم إصدار قرار من رئيس مجلس الوزراء رقم 446 لسنة 2019 بتسجيل تمثال "فرديناند ديلسبس"، ضمن الآثار الإسلامية والقبطية !،اخشى ان يكون ذلك تمهيدا لعودته ، حيث لا تتوفر الشروط لإعتباره أثر، فتخليد ديليسبس بتمثال له لم يكن قرارمصري وطني خالص وقتها وإنما كان من تقاليد المجاملةً فقط ، فالإمبراطورية أوجيني التي كانت خطيبة ديلسبس قبل ان يتركها لملك فرنسا نابليون الثالث وقتها، هي من اقترحت على الخديوي إسماعيل تأسيس تمثال لخطيبها القديم فيرديناند ديليسبس ، وهو ما تم بعد حفل افتتاح القناة على يد النحات الفرنسي إمانويل فرميم عام 1899 م ،لنتساءل ،لماذا لم يكرم ديليسبس بتمثال له في بلده الاصل على ما قدم اليها ،لانه كان محتالا افقا ، فقد طبقت عليه عقوبة الحبس في القضيه الشهيره التي اتهم فيها بواسطة القضاء الفرنسي بتهمة النصب والاحتيال بشأن قناة بنما ووصف الادعاء الفرنسي فرديناند ديليسبس بأنه أكبر نصاب عالمي وحكم عليه بخمس سنوات سجن مع ايقاف التنفيذ لكبر السن ، ديليسبس ما هو إلا دبلوماسي لص سارق لم يهتم بمصر ولا تاريخها ولم يراعي شعبها ، نهب موارد مصر كلها ودمر اقتصادها وكان من ضمن الاسباب الرئيسية في زيادة ديون مصر الخارجية بعد نجاح مؤامراته مع القوى الخارجية وأهان واذل ابنائها الذين حفرو القناة .



#احمد_البهائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إثيوبيا من التسويف والتعنت الى التبجح والاستفزاز
- سد النهضة الاثيوبي... سيناريو سد أليسو التركي
- الديون الخارجية...وسوء ادارتها في مصر
- هل تصنيف وكالة ستاندرد آند بورز وموديز لمصر منصف!؟
- المركزي المصري..خفض الفائدة قرار غير موفق
- المديونية الخارجية لمصر...إدمان الاقتراض
- قصة في سطور - الإغراء والإغواء -
- إصلاح النظام الضريبي في مصر
- هل ماتت ثورة 25 يناير كما ماتت بريسكا ؟
- السلطة النقدية والإستقرار النقدي في مصر
- أردوغان المهرتل..هل تعرف شيء عن قونية ونسيب والقرم؟
- ممالك النار بين الوعي والحياد
- التضخم النقدي في مصر
- ايميل الى الرئيس السيسي(مسرح المعقول)
- صراع الطبقات وانتلجنسيا السلطة في مصر
- التضخم في مصر
- أيهما افضل الفاشية ام جماعة الإخوان؟
- مشروعية التعديلات الدستورية
- التعديلات الدستورية..(السلطة نشوة تعبث بالرؤوس)
- سندات مصر الدولارية من الشراهة الى الإدمان


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - احمد البهائي - ديليسبس هو شيلوك المحتال في تاجر البندقية لشكسبير