أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحسان عشاق - رواية اقطاعية القايد الدانكي















المزيد.....



رواية اقطاعية القايد الدانكي


الحسان عشاق
روائي وكاتب صحفي


الحوار المتمدن-العدد: 6616 - 2020 / 7 / 12 - 20:41
المحور: الادب والفن
    


بقامته الطويلة وجسمه النحيف، دخل القاعة الكبيرة متبوعا بالعشرات من النساء ذوات اعمار مختلفة في كامل اناقتهن، الوان قوس قزح تتهادى،تاتي الريح حاملة الغبار، تزرع في العيون حشرجات الصور البخسة، لم تكن بينهن عشار ولا افروديت، بعضهن على خريف منهك مسافرات، عرض ازياء بمقاسات الارتجال والتجريب، الدانكي يفهم في تعابير المساواة، في اليد يحمل ملفا غليظا سمينا مطرزا وسطه بمداد مذهب، تظهر من الحواشي عشرات الاوراق الناصعة البياض، سحب له الناطور كرسيا وساعده على الجلوس في خضوع وخنوع ظاهر، العيون مصوبة على القائد الدانكي الفتى المدلل للمسؤول الاول بالإقليم، مند سنوات عاش في عزلة مظلمة غارقا في الصمت الموحش، غافلا عما يجري ويدور من حوله ينتظر انتهاء ساعات العمل اليومي التي يقضيها في التلهي بالهاتف والاستماع الى الاغاني، كلامه مع المرتفقين وزملاء العمل لا يتعدى السلام وبضعة كلمات مسربلة بالوقار وحفنة من الاخلاق، طيلة النهار ينزوي في حجرة بائسة ، بضعة اوراق موضوعة على المكتب لا تصلح لأي شيئ، مجرد ديكور تماما مثل البدل المتنوعة وربطات العنق التي يحرص على ارتدائها مع الحذاء الملمع، علموه ان المظهر علامة من علامات الاهمية، وان العلم والشهادة مجرد وسيلة، المجد للجهل والجهلة، المجد للمجنون في وطن يضع الكفاءات والمفكرين والعباقرة والنوابغ تحت الرفوف، يرتقي من يثقن جعجعة الخطب والتضليل والتهليل والتهويش، يتمتم بفم ارعن بضعة اسطر مفككة الروابط والمعنى، لا يزن الكلام ولا يفقه كنه المقام، يترنح متعجرفا بين الشقراء المزيفة والسمراء الكالحة، ليخفي الجهل، يشهر طقوس الإنتقام من المتهاون والمتكاسل في خدمة الشعب ، ينال هزة خصر وثناء والتفاتة من مدمن التلصص ، للظنون والتهكم جهز الجنازات، حزينة المنطقة مفعمة قهرا بالقش و الغبار ،قصف الجهل ضفاف الروح واخترق اشرعة التجلي، تحتار في المطبلين والمصفقين المتحلقين حول الطاولة المستديرة استدارة الادمغة على عقارب المنفعة، ينوهون، ينعقون في بلادة، قمة الغباء والسفالة و الوضاعة، وجوه خسيفة مزيفة سرقت براءة النور وضيعت البلاد، ابدا لا تصاب الضمائر منهم بالوخز.
الدانكي على اهبة الاستعداد ليقضم الفريسة ، ينتظر الفرصة المواتية، ساعة الصفر ليحلق بعيدا فوق رؤوس الخلق، يركب الظهور الحالمة والمغيبة ليصل الى سواقي المغنم، نهر من الفخامة والعظمة يجري في الشرايين، يحفر خنادق في القلب وفي العيون، قريبا سيطلق الصرخة المأسورة، يقفز الجدار العالي خلف الهدف المرصود مسبقا، لن تصمد ابدا في الوجه الابواب المغلقة والمحروسة بعناية، مند سنة رسم الخطط حين قربه الفشلاوي وعلمه ابجديات التسيير، لكنه اكسل تلميذ عرفه في حياته الادارية، رويدا، رويدا بدا التنفيذ على مراحل،احتار ان يشعل قنديلا اثناء الهجوم أم ينتظر تباشير الفجر،يفتح للصبر الطويل السرادق، لا خوف من غفلة ناطور، نصبت المشانق للفرسان الطائشين،الفريسة على مرمى تنهيدة والفجر قريب، العين مصوبة على مفرخة اموال التنمية البشرية، دجاجة تبيض ذهبا، ضوء الثراء يسطع في الفضاء يشم في الهواء،يتجول فوق قباب الصدر، الفزاعات منصوبة في الملفات والمكاتب،قريبا يرسل الطوفان ليغرق الزوارق والسفن، يدك المعبد دكا ويهرب بالغنيمة ،يأسر حملة المجامر والابخرة وحراس المعبد.

- سمعنا سنين هذي ضخات ملايير في صندوق التنمية البشرية وقالو غتولي المنطقة جنة

- علاش هما بغاوك تعيش فالجنة...باش تولي تفكر فحوايج اخرى وتزاحمهم على الثروة خصك تبقى ديما تطلب وتدور في حلقة مفرغة بحال حمار الساقية

- ياك لفلوس ديال الشعب اصرفوها على الشعب

- ديال الشعب... تسرقات على عينك يا بن عدي ..وفين الناس الفوق علاش ما تحركو

- راهم الفوق ...علاه لي الفوق كيطل على لي تحت

- ها انت جاوبتي راسك


الفشلاوي ليس لقمة سائغة، الضربة القاضية والقاصمة لظهر البعير مستحيلة، انه سيد البأس الشديد والفتوة الطاعنة في النزق ، يحرس التحركات بعناية فائقة، بالضبة والمفتاح يطمر الاسرار المهنية، امتدت العروق في مصارين وشرايين الاقليم، دخل بين النبض والنبض، يصنع من سرادق العزاء منبعا للربح، اينما دفع اليد تخرج محملة بالكنوز، محمي من الخسارات بقدرة فائقة على طمر المصائب والمطبات ، استنبت عشرات الجمعيات الذيلية في المدن والقرى، تنال النصيب من الكعكة على راس كل وزيعة، جيش من الجوعى ينتظر الاشارة لتخرج الالغام وتنسف الارض والنظريات، تنسف بالبيانات الراجمة المدبجة على عجل و الوقفات النابحة كل متحرش بولي النعمة، المنقذ من العطالة وتصحر الشرايين، اصعب شيئ قطع العليق عن الجائع والمتعود ملأ الحوصلة بالاستعطاء، لكن في زمن الطوفان كل يبحث عن طوق نجاة، ثم لا يمكن بالمطلق دخول الحروب بالوكالة، الولاء ليس ابديا وتغيير المواقف لغة العصر السعيد، عصر النهب والارتشاء والاختلاس وتهريب الثروات الى الخارج، وتغيير الجنسيات.

قصير القامة ثخين العجيزة من كثرة الجلوس على الكرسي، يرتدي نظارات طبية لفك شيفرة الكلمات، احذية مقوسة من الامام تشبه احذية السندباد البحري، دائم الابتسام ابتسامة مخادعة، الاخلاق ممنوعة من الصرف ، الاخلاق لا تلتقي مع المسؤولية الجسيمة، في داخله يسكن شرطي متبرم، مر بحالات طيش كثيرة، قيل انه اختطف عروسا احبها في ليلة الزفاف، انتقم من الاب الذي رفض تمكينه من حبيبة القلب بما يرضي الله والرسول، انقلب العرس الى مأتم ومطاردات بالسيارات، افلت من الغاضبين في المنعرجات الصعبة وظلمة الليل، الرأس الفارغ محشو بلغة النهب، ورث جينات الفساد من والد تمرس في دواليب السلطة، يعرف كيف يغرف خلسة دون ان يترك الادلة والبصمات، تعلم الابن طقوس الاستعباد، بسرعة البرق خرج من المجهول الى المعلوم، لاحديث في الشارع والمقاهي والقرى الا عن الفشلاوي النجم الصاعد في سماء ملبدة بغيوم الفقر والجهل، الفشلاوي نبي خرج من العدم يحيي عظام الانبطاح و فتات التسول، يعلو صوت القرار وتنذلق السفاهة، اليد اليمنى للمسؤول الاول بإقليم تحول الى موطن للصراع بين الاقوياء والضعفاء، المنطقة خريطة محفظة في ايدي السماسرة، يستقطعون الطول ويستقطعون العرض، لكل نصيب دسم حسب القيمة السياسية والمكانة في بورصة المال، يتسابقون لتعليق اوسمة السفالة والخسة، تحت المكاتب والشقوق والدهاليز يختبئ عشرات الطامعين، في كل جسد ثمة سفاح ينتظر الفرصة، الكبار يستبيحون دماء الابرياء يرفضون الفطام رغم بلوغهم من الكبر عتيا، الفشلاوي يمد قنوات الري والعليق بالتساوي، شعار المرحلة الرعي الجائر لاشيئ غير الرعي، اذا تكلم الحر اتهموه بالعمالة والحمق، دفنوه حيا في غياهب السجون، بعد عام من امتطاء ظهور الاغبياء ، بنى ثروة خيالية من اموال الشعب، وضع تسعيرة لكل صفقة مزدهرة وللطلبيات نصيب معمم، لا فرق بين المقاول واخر الا بالإتاوات والمقدرة على كتم الاسرار، بالأمس لم يكن قادرا على دفع ثمن السومة الكرائية، في رمشة عين تحول الى صاحب مال، اشترى فيلا واراضي شاسعة وجنان وسيارات فارهة، ثروة اسالت لعاب الدانكي ابن القاضي الذي لا يملك من متاع الدنيا سوى بدلات وهاتف خلوي،للطواغيت أشباه في الخسة والنذالة، وضع نصب الاعين، تتأهب جحافل القرش لتقتلع من البطن أشواك الحرمان، ان يبقى عاريا من الحسابات البنكية الضخمة والنياشين وصمة عار، ازاحته يعني الارتماء على المنصب المهم الذي يسيل لعاب الكثيرين، الذئب المتعطش للدماء يتربص في الحقل بالشاة السمينة، ما عاد ينقص شيء للانطلاق نحو صيد الفريسة المختارة ، تواطأت معه كل النعاج الشريدة في الحظيرة الموبوءة بالخيانة ، لم يطل الامر كثيرا اشتبكا في باحة الادارة المختبر بالسباب والشتائم على شرفة التفاهة، الكاميرا حنطت لحظات هيجان الفشلاوي وصمت الدانكي، وقع في الفخ لعلع على اوتار الاستفزاز، الجسم المنفوخ بالهواء تساقط في لهيب الكلمات. اضمحل بسرعة البرق جراء تضخم الشتائم في أوردة الفرجة.

- انت اكبر غبي شفتو في حياتي

- غادي تحاسب على هاد الهدرة...

- سير تقو...غتحاسبني امك ولا اختك

الصفعة ذابت في بذخ الدهشة، رن ايقاع الصمت والشهود بالعشرات، تقيأت القاعة زوارها الحاضرين لمشادة على أرصفة التزاحم والتدافع، وقاحة الكلام المنذلق في كرنفال العرس الجماعي سطر وجوب امتطاء الرحلة الأخيرة قهرا ، ثمة من يشعل نار الضغينة للانتقام، والانفة انحشرت في مائدة الشيطان، لا خيار سوى الاستقالة خوفا من الوقوف امام القضاء، القضاء في الوطن مثخن بهوس الربح، شركة تجارية بدون اصول تجارية، السماسرة لوحات اشهارية متنقلة امام المحاكم، لكل قضية سعر محدد، الرابح من يضع يده على العسل المصفى والشهد، يلحس الاصبع ولا يخاف لسعات النحل الغاضب. يسكب نخب الكأس المملوءة بالثغرات والتعليمات ويستل المجرم من العجين بجرة قلم، ثمة قضايا انهزم فيها القضاء لان الفاعل من علية القوم، والمعضل اللغز ان الشعب يستهلك لازمة القضاء المستقل والنزيه.

اختبأ في القعر حتى لا تبصره العيون الناقمة، افلت من الرغبة العارمة في الصراخ وتمزيق قسمات الوجه، خاف وانكفأ كطائر مقصوص الجناح، جميع الاتصالات لم تجد نفعا حنطوه بالجرم المشهود، تبدد الحلم في استطالة ايام العليق بين أبراج التعاسة والغضب، حين كان يسوق عربات الغنيمة و الغلل، يحاول نسيان المنتظر بكرع كؤوس الخمر، يجوب الطرقات بدون توقف، الريح تصفر في شساعة وامتداد الفراغ، انقلبت به سيارة المصلحة اكثر من مرة، نجا من الموت بأعجوبة، عمره اطول من عمر الكلاب، الخمر يغيبه عن العالم المحسوس، يؤوب الى البيت محطما ممزقا مهيض الاجنحة، العودة الى نقطة الإقلاع بعد التحليق على اجنحة الراح، يعيد الواقعة الى المخيلة، ينام بدون خلع الملابس ولا استحمام ليزيل رائحة العرق بحثا عن الانتشاء، في الصباح اطلق عنان ابتهالات التمني، الخير في ما اختاره الله، الفشلاوي تستبد به عاصفة من المشاعر الروحية، تنغمس في ولادة جديدة قوامها التوبة، غريب امر الانسان يتذكر الطقوس والله ويوم القيامة عند المصائب الشداد، كل فعل ذميم وخبيث تعلق عليه الخيبات، يبتهل الى الله وينتظر المعجزات لقطف المزيد من الثمار، البحر لا يشبع من المياه، فات الاوان الدبور تسلل من النافذة سدد اللسعات وانصرف الى العش، اتعبه صعود الادراج، ابطأ الخطى وكتم صوت الكعب، لم يعد يشتهي الطقطقات المثيرة للفضول، يتجنب اجهزة الرصد للواشي الخبيث ، يحرك بذيل التشفي اساور الفرجة على السلطان المخلوع، صمد طويلا في وجه الهزات ، تعلم ابطال طلاسم الدجل، ذاب الغموض المبهم المميز للبطولات، كلهم كانوا كومبارس امام الباب يستجدون حنوا وعطفا، العيون المتلصصة تحدج عديم الفائدة، تنخدش الشخصية المنفوخة بالهواء، فقاقيع الرغوة تنفجر ، مر امام مكتب الغريم، التلميذ الفاشل تلقى دروسا في محو الامية الادارية تعلم سر الغضب والانقلاب، تفوق على الاستاذ، انغمس دون سابق انذار في طبق من حنين، الصدر ضاق والخزي مقذوف على الوجه، ضحكات مجلجلة من خلف الابواب، أشعلت نارا في جسد يتعرق، في الوجه تنتحر المساحيق، كل شيئ يمشي على حبال الاضداد، عبأ في الجيوب ما تبقى من انفة، المكتب موحش وغريب، فكر في الاعتذار المبطن ، تقديم فروض الطاعة و الولاء، الاعتذار عملة مزيفة سيترك معلبا مصلوبا على اعمدة الابتزاز، يرنو الى التساقط المدبر على خيوط المكيدة، يصيخ السمع للصوت القاسي العابر نحوه، عائد من نفسه اللجوجة إلى نفسه المتذمرة، السلوك الارعن مثل السيف في الضلوع افقده البوصلة، مر قطار السنوات الستة امامه مسرعا، القسم بني على الاكتاف قطعة، قطعة، حجرا، حجرا، عشرات السقطات خرج منها سالمابدون خدوش ولاكدمات ، كان مسنودا من القريب السياسي والمسؤول الاول، الحماية تراجعت واصبح عاريا الا من التجربة، لكن التجربة والخبرة لا مكان لهما في ادارة تفرخ اللصوص ، اللص يطرد اللص ، مسلسل متواصل الحلقات يغري بالمتابعة والمشاهدة، مناورات ومكائد تحاك في الظلام، المصلحة الشخصية مفتاح السر وابهى صعود نحو الهاوية، اختار الانسحاب في رعونة، لم يبق غير الدخول والاعتكاف في كهف الهزيمة المذلة، بسرعة البرق سقط من على الكرسي، جف ماء الحلم في المآقي، لطمته السنوات المليئة بغيبوبة المغامرات الادارية الفاضحة، الكرسي لا يدوم خرجت الكلمة من الفم الضيق مقززة، لو كان الكرسي يدوم لا دام لغيره، الدوام لله سبحانه وتعالى، اعاد في الراس الحوار المقتضب الذي ادى للملاسنة، تعليق بسيط على طريقة تدبير ملفات المشاريع، سقط المغفل في البئر العميق، لم يهزمه الدانكي بل هزمته الثقة العمياء في النفس اللجوجة، سبقت المناوشة تحرشات كثيرة ، لم ينزلق الى التفوه بالكلام الساقط في حق زميل العمل، احس برغبة عارمة في التقيؤ، كان وقحا معه حد الجنون، الان وقعت الفأس في الراس ، انكشف النقاب عن التجلي الداخلي، خيم الذعر من القادم في مفاصل الرجولة، تسلقه سرب من الوجع والخوف الشديد، يتلاشى في الامه النابتة في الحوباء، اطراف مرتعدة ،لم يعد قادرا على الوقوف، محارب يخسر معركته الاخيرة بجرة كلمة ، دخل المكتب يغسله العرق رغم الجو البارد، احكم اغلاق الباب وتهاوى فوق الكرسي الوثير، تخيل معركة الرحيل باسف والم شديد، المكتب غريب او خيل اليه، أكثر من احتمال أن تسوء الأمور، وجده وسعيد يغادر البناية محملا بصناديق من الاوراق وجوائز العبث. على خد المطرود تاريخ عريض محشو بأختام المكائد والدسائس.ينطق الكلام بتأتات خجولة،في غرفة مهجورة يختنق من حجب المواساة،يرفع الستار عن كمشة التشكي ،على وشك البكاء في عرس الرحيل القاسي.

- واش صافي جراو عليك حفرو لك الحفرة وطحتي فيها

- احسن نمشيو فحالنا

- قدمتي استقالة...؟

-ما زال حتى يوم الاثنين ونجمع اغراضي

- فين مئات الجمعيات المقربة

- الله يلعن دين امهم غير لكلاب وشمايت

- شوف لعبتي اللعبة خسرتي بدل الساعة

الصوت الجهوري تسلقه الارتباك يقطر بالخذلان يكاد يصاب بالإغماء، لعنات السماء على شياطين الادارات، بالأمس حكم المرفق بيد من حديد، قطع الارزاق والرقاب، استمتع طويلا بقمع وعسف العمال، الان تطارده صفعة الدانكي الغائرة، لن تنسى طوال العمر، طعم الهزيمة ينساب مالحا في الفم، غزا وما نفعت الغزوات ولا الفتوحات، اختفى جيش المحبين والمقربين الذين نصبوه الاها، انكسرت كل الرايات امام فاشل دراسيا، تداولت الالسن الضربة القاصمة لظهر الفشلاوي، تمسح كلمات التشفي الابواب والمكاتب، يقتات منها المهووسون بالتزحلق فوق الطعنات، لن تلفظ الانفاس على صراط التوبة، الخوف من الغد يتسلق بعنف الجمجمة، انزلقت في الدماغ فكرة طرق باب الصنم الجديد ، طلب السماح والمغفرة، الصلح خير، ليس كباقي الموظفين الذين عشعش في خلاياهم الرعب والدجل، شخصية مهمة لها وزن في المنطقة المنهوبة والمنكوبة، انتابه شعور بالطمأنينة والطهارة والصفاء الروحي، لطمه الوعي كقبضة شرطي، سمع صوتا عميقا بداخله يأمره بخلع الملابس والتخلص من قناع التمثيل فدوره انتهى، عاوده المشهد القوي المنهى لزمن وردي، لم تنته المعركة وحتما هناك اشواط اخرى، قليلون من ينتشون بالخلود في المناصب، هناك دائما اخطاء في التقدير ،اخطاء في الاختيار والثقة العمياء، الله يضع سره في اضعف خلقه، نمله قادت جيشا لتوقيع الهزائم، لم يتمرن على حسابات الدقة، افرط في اختبارات الذكاء، الدانكي قادر على تحريك ملفات الادانة، التحقيقات في الملايير المنهوبة لم تنته بعد، عشرات الموظفين والمقاولين والجمعيات الذيلية نزلوا في مرات عدة ضيوفا على الشرطة، تهم كثيرة تلاحق العصابة ، نهب اموال الشعب تحنطه الادلة الكثيرة.

القاضي في الذمة من الاصابع يرتشف الحلم، تتسلق النشوة حين اطيح بالفرعون الصغير، الامور قبلا تسير بالمقلوب، والجوقة لا شيء بها يستدعي القلق، تداهمه الغبطة والسرور، بضربة معلم ازاح الغريم ، الجدية المبالغ فيها ترتسم على القسمات، نظرات مرصعة ببريق مطلسم، يوزع النظرات على الوجوه الجالسة حول الطاولة المستديرة، صمت جنائزي يعتقل القاعة الواسعة، ينشر ورقة امامه، ويغرس فيها العينان، يتهجى بصعوبة الكلمات، يرفس اللغة رفسا ويجز المعاني، ولد عاريا في فناء الغباء، حصل على الوظيف ذات زمن سياسي ملتهب بفضل الاب القاضي المقرب من دوائر القرار، برمج لركل متاريس القلاقل في الوطن بسيف الباطل، يدفع الاخر الراكب جنون التمرد الى امتطاء زوارق الاختفاء في قعر مظلمة، الانظمة الشمولية تكرم الخدام الاوفياء حراس المعبد، حملة المجامر والابخرة يسدون فجوات الظلام القادم من المعارضة ، اشبه بمنبهات تضبط حرارة الوطنية في الاجسام، لا حق لأي احد التحليق مع الحالمين بوطن يتسع للجميع، تلعثمت اللغة وزفرت حروف الأبجديات ودندنت قشعريرة الجهل وارتعدت الورقة بين الانامل، ثمة حروف انبعجت واخرى هاربة تنام في البلعوم ، تلمظت الافواه قهوة نافرة المذاق، قضمت قطع الحلوى بشره، دار الحنق في الرؤوس وولد الخوف، تأوهات وتجشآت، ضربة الفشلاوي القاصمة دليل على العظمة والقيمة، مسح حبات العرق من على الجبين بمحرم ابيض ، تقدمت احدى الموظفات الجالسات وراء الظهر بدون حراك، انحنت فانذلقت الحمامات النافرة، شيعتها العيون مسحت عجيزتها بشبق واشتهاء، التقطت الاوراق برفق، تماما مثل غجرية مدربة تجمع أدوات التنجيم في ساحة عمومية، تاتي التصفيقات الحارة، البيادق يرصدون المصفقين، يقيسون درجات التصفيق، الاجتماعات الفارغة مثل المهرجانات الغنائية، ينشط الزعيق والبكاء والدخول في غيبوبات لذيذة للمتيمين بالمغني ، يدخل طواقم الانقاذ لحمل المغيبات بسحر الكلمات المهيجة للعواطف، هؤلاء يلعبن ادوارا في مسرحية محبوكة مسبقا لرفع منسوب المشاهدة واستقطاب المزيد من المعجبات، يقبضن العمولة عدا ونقدا، التصفيقات تزلزل القاعة الواسعة، لم يذهب اي واحد في غيبوبة، يغوصون في نشوة جوفاء، تتمدد التصفيقات وتمضمض كلمات التهاني والعظمة، تقليد متوارث مسجي في بطون التملق، نفس المواويل والصور الرديئة تعاد وتكرر مند عشرات السنين، في وطننا المسكون بالجفاف والعفن والممتد من المهبل الى المهبل، يستقبل الجاهل بالتنانير والخلاخل والابواق والزغاريد، الضفائر الطويلة تتطاير في الهواء، العلماء ممنوعون من الصرف ، وهذا بعض من القبح المنذلق من نافذة الحلم الذبيح.

توالت الكلمات المسروجة بالزفير والخوار والنقيق تباعا، اراء وافكار في حجم حبات عيد الفصح، نقاشات لا تخلو من الدعابات الاتية من رؤساء جماعات لا يعرفون فك شيفرة الحروف، ينثرون على مسامع الحضور بعض المطالب، لا رابط بينها وموضوع اللقاء اللغز، كل شيئ عبثي في لقاء لزج اكثر حموضة، الجماجم تؤمن بالحصار والانكسار، كلمات الدانكي المشطورة من قواميس البلادة تغزو سفراء القرى والمدن، تاتي الطاعة العمياء تبتلع برعونة ضبابا طازجا على ظهر الخوف، الدانكي مسنود من حاكم الاقليم، تلاميذ شطار مرتعبون من اسرار الهاوية، في الكلمات المخرومة ياتى التهديد والوعيد مغلفا بورق السلوفان، الاذعان يفر من غيمة كرامة مذعورة من تهم النهب والاختلاس ، يشتعل النقاش تكبر الاستجابة، الجميع متورط في جريمة الانحناء والركوع امام الصنم، تطفو البسمة على تقاسيم وجه الدانكي. استنبت الخوف في النفوس المهزومة.

- تبارك الله عليك اسي الدانكي

- تحياتي انت احسن من هداك المصيبة لي كان

- افكار مليئة بالرؤية الثاقبة للمستقبل

يقف ممثلو الشعب عند مدخل باب القاعة الكبيرة، يقدمون التحية للقائد الدانكي، يباركون الفتح المبين، في الخلف يصطف سرب من الحريم، العقروشة بوجهها المثخن بالمساحيق تتقدم قطيع لا يستطيع تنفس الهواء الا بأمرها، دائما مستعدات للتطبيل وتقبيل اليد الكريمة لصاحب النفوذ والكلمة الفصل في سير الادارة، له من الاخلاق والكرم ونكران الذات ما يكفي لإصلاح الاعوجاج، في منطقة محروثة بأنياب الفقر، الدانكي أدلي بكبسولات عارية من الدقة، رؤوس تومئ بالفخر، ورؤوس تومئ بالإيجاب، وعجيزات تشتت انتباه العالقين في الذوات، يعيدون ترتيب المواقف الفاسدة، لا خوف على الذين الفوا التمرغ في تراب الاحذية، عاشوا في حظيرة تربي جيلا من المخدوعين و والواهمين، من ابعدوا حملوا بخور الذكريات وغاصوا في الزحمة، نسوا المعاطف في مشجب المواسم الخصبة ، الحصاد الجديد يمسك بالمنجل يرفع في الهواء، يتسكع فوق مرابض النظرات غير البريئة، كنس الظلال وما يوخز من النصال بكحة في الممرات، سحب من الرؤوس كل إحداثيات التمرد ولمعان السكاكين والمديات، الادارة المختطفة تسترجع ما تلعثمَ من محميات الخوف والعسف، ترفع رايات الاحتشادات المكممة للصراخ والشهقات الملتاعة، المضغوطة في الدماغ المنقوع بالمكائد، النهار في مكاتب الجهل معابد للتدريب على السكون والشطحات النشاز، يرضع التبعية وفرك اليدين بانتشاء، باسم الرب تيمنا بدولة العبيد، ينكشف بأريحية عارية معادن الرجال، يضيع الثوري في مجالس النقاش المهلهلة، التابع يتماهى ويذوب فرحا في لسعة سوط الطغيان.

بفضل الدانكي الدنيا تلونت بطعم الحياة، يقرر في مصائر البلاد والعباد، الجميع يستجدون عطفا وبركة لتحقيق احلام مبرنقة تداعب فرح الجماجم، تفرغ القاعة من الضيوف الصالحين والطالحين، يصعد الادراج متلألأ، وراءه تسمع طقطقات الكعب العالي، العقروشة تتحرك في تثاقل روماتزمي، العجيزة منها اكثر بروزا في السروال الضيق، اختها الصمكة تمشي في اثرها، اختفى وجهها تماما وراء غيمة من التبرج الفاضح، يفتح الناطور الباب للدانكي، يستلقي فوق الكرسي الدوار، بحركة يد يختفي صف الحريم الواقف، العالق، المرابط المنتظر لاشارة الفكاك من اسر الاستعباد اليومي، الاستقالة المؤقتة من كل الهراء.

- سيداتي وسادتي اليوم سنطبق حرفيا تعليمات المسؤول الاول...هناك امور كثيرة يجب اعادة النظر فيها...لا يمكن السماح لأعداء النجاح بالتشكيك في توجهات اعلى سلطة في الاقليم...سنتصدى لكل هؤلاء بحزم وجدية...الاقليم سائر في طريق التنمية حققنا نجاحات كثيرة...


الكلمات المبعثرة والبخسة تطن في اذني اليساري وسعيد الموظف الذي خبر الادارة مند ثلاثة عقود، عاين مخاضا محشوا بالترهات، هدير الاصوات النشاز يتماوج في مقبرة التملق ، يرسو في فراغات النفاق ، تدخلات مرتجلة لأباطرة التزحلق وطمر الخيبات هربا من قبضة الحقيقة لتنتعل وجاد العتمة، لا احد يبكي وجع الجغرافيا المتقشرة والمشققة، جميعهم فشلوا في ايقاظ حارس اضرحة التاريخ، وقوافل التدليس تمر تحت ابط الترقب و الانتظار الاجرب، عاصر وجوها من القار واخرى من الياسمين، أدمن تعقب أشواك الصبار والسدر، يقرع الاجراس في دهاليز الكرامة حبا في المدينة الفاضلة، امتطى في الكلية صهوة الثورة احب بريق الشعارات وفكرة اقتسام الثروة بين العمال مصدر الانتاج ودورة الحركة الاقتصادية، البروليتارية العالمية يجب ان تحكم، ادمن قراءة كتب ماركس وهيجل ومونتيسكيو وروزا لكسمبورغ وميكيافلي، احب ثوار العالم الباحثين عن الحرية والخلاص من اسر استعباد الامبريالية المتقيحة، بحثا عن الفضاء الأرحب هاجر الى بلاد العجم، درس في الاتحاد السوفياتي سابقا قبل ان يفكك الى دويلات، رجع حاملا شهادة في الهندسة، وشهادة اخرى في الاستقامة وحسن السيرة والسلوك، تجري في الدماء روح الامازيغي القح، يمني النفس بخدمة الوطن تقديم الفارق، خدمة المنطقة المصابة بالإسهال وجفاف الاوردة، رأى في الغربة كيف تبنى الاوطان بالفكر والعلوم وحرية التعبير والابداع وتشجيع الاختراع.

كثيرون سقطوا في فخ الاغراءات والاستقطاب السلطوي، ظل صامدا متمترسا في خندق الكرامة والانفة، الامازيغي الحقيقي لا ينحني لأشباه الرجال ولا الرجال، في ايام الاستعمار بدل العيش تحت وصاية المستعمر فضلت العائلات الامازيغية الحرة الالتحاق بالجبال والغابات، عاشت في الكهوف على القطاف، لم تركع وتقوس الظهر ليركب الغريب القادم من بلاد الضباب الراطن بكلام ملغز، كائنات تشرب الخمور ولا تصلي، ضحك كثيرا على الصور البئيسة، موظفون واطر يقدمون الولاء لجاهل وامي، تبوأ المرتبة الاخيرة في امتحانات التخرج في دفعة معهد رجالات السلطة، انحدار الادارة الى الدرك الاسفل من الاسفاف، تسائل في قرارة النفس الحارة متى يخرج الفاسدون من الهواء والزقاق، ينسحب المخبر المندس بين الوثائق، الملوح بحقارة بالتهم الجاهزة ليستمر الاسترقاق، متى يختفي المتملق النائم بين قوم يبيع للجاهل الشرف والكرامة، يراهم ويسمعهم يتفاخرون بالانبطاح والتلذذ بالعسف.

- انا مطلوبة ما شي بحالك ما داها فيك حتى واحد

- انت شارفة ومكملة غير بالماكياج..وقتك سالا

- دبر على راسك باش غينفعك النضال...دير علاش ترجع

- شوف لك شي قسم هبر منو شي هبرة صحيحة..واش هذا شعب يستحق تناضل عليه

في لجة الزحمة والخذلان يسقط اشباه الرجال في مستنقعات واحضان الجهل المقدس، يغزل الخصيان كلاما منمقا من مناقير الخوف ويلبسون حذاء الخطيئة، رؤوس تعلمت الصيد في البرك الموحلة، العقروشة تتفاخر بكونها وعاء للتفريغ للدانكي وباقي الشرذمة الممسوخة ، الدانكي كريم يوزع على المقربين احواضا يدعي انه سبح فيها بدون تعقيم ، الشاربون لا يعافون الهدية، هدية الاسياد لا ترد، العقروشة لم تخجل حين قدمت الاخت الصغرى الصمكة قربانا على مذبح المصلحة، قايضت العرض بالمنصب وتنقيلا على جناح الرعشة الكبرى الى مؤسسة الشعب، الطموح يعشوشب في ارض اجاج، كل متمرد يجد نفسه في البيداء، يصارع هواجس الرفض والنقمة، يضيع مثل نقطة صغيرة تلفعها الظلمة، مهزومون كثر يتوضؤون بالهزيمة صباح مساء، يسقطون تباعا كأوراق الاشجار في شمس حارقة ، بحثوا عن ذاتهم وعن ماهية الأشياء المحيطة فادركتهم كل ليلة نوبات الضيم والاغتراب الروحي والنفسي، لا شيئ عن اليمين وعن اليسار سوى عصبة زناة جشعة، تنمو في هذه المدينة الذبيحة من الوريد الى الوريد مثل الطحالب في مجاري الصرف الصحي، تأكل من ثرواتها القردة والثعالب، تسقط الكرامة والشهامة تحت معبد الأوغاد.

كل عام يخرج زنديق ومرتشي من وسط كومات الاوراق، من دزينة القوانين العرجاء، يركض الحر خلف منهل الوهم، يفجر عبوة ناسفة من الحقيقة في وجه العصابة، الكل يدير الظهر للحقيقة، والحقيقة في ارض العبيد غير مشتهاة، محكوم على الحر بالدوران في كمشة الأحلام وفي تقلبات الطقس على سحنات ولي الامر، علامات المنع تتوغل في الدماء، يتلاشى الحر في جبهات الحصار والحواجز المنتصبة، ينتظر ان يأتي العفو الالاهي، ان ينقرض الزواحف على البطون ويلعلع الحق في الصدور، الله غادر المغارة مند سنين غاضبا، التكفير عن عدم الانصياع والرضوخ يحتاج الى شفيع، يساق المغضوب عليه الى دهاليز الاستعباد والاستفزاز اليومي، يحمل بعضا من الجرح وظله، يردد بأنفاس مقطوعة الله اكبر، توقيع الوثائق غير القانونية صك الانصياع والرضوخ الاعمى، حجة مسلطة في حالة الردة، سيف داموقليس لقطع الاعناق اليانعة، خناجر تبحر في الشرايين يوما على صدر يوم، الكبوات المتلاحقة قوية عاينها جمع من الحراس ، الموظفات المتغطرسات سهل اصطيادهن بقوانين الوقت والعمل الناقص وقلة التجربة وارتكاب اخطاء ادارية، اتباع الدانكي يدوسون على ناصية المهزومين، اللص الكبير جاء بالوجه الكالح يتحسس حواشي الصندوق، يحيط به عشرات الكلاب النابحة ، تلوي ذيولها في مسكنة طمعا في الفتات وتزغرد منها العظام على سندان الوقت، لا احد قادر على الاستغاثة بباب الضمير، نحن في عصر الانبطاح والطبالين صاح وسعيد. صيحة تسقط في حفرة عميقة عمق الخذلان الذي اصاب الجماجم، الشعب الهجين يقيم خرائط جديدة لربان السفينة القادم من تلال القحط والجهل، شرب، اكل، سكر، قهقهات وتناكح وشذوذ جنسي، هرم الادارة يتفكك و يتحلل، يخسف و يكسف، لا شيئ انجز سوى القفز على الصفر ، وما وراء وتحت الصفر .ادركوا الجهل وغاصوا في بطون الكلمة العقيمة ، عانقوا النبوءة البخسة والبشرى الكسيحة في تجدد الدماء والوعاء، اللقاء ما بين الانتكاسة والنهاية اشر عليه المسؤول الاول، المشغول باستطالة النواصي في الوجه وتدخين لفافات الحشيش ومسحوق القنب الهندي، الدانكي سولت له النفس المضطربة انه شخصية مهمة، رمى شباك الصيد في نهر مطحلب، لم يتسائل على قارعة الضفاف ان كان جديرا بالمسؤولية، المسالة تتعلق بآمال الشعب وطموحاته ومستقبله في العيش بكرامة، لكن المنصب لعبة مربحة، في الصغر لم يعلمه ابوه القاضي الفرق بين اللعب والجد، كان في عينيه الضيقة حلم عريض عرض منكبيه، يريد ان يظهر للاب علو الكعب وان الفاشل في اقطاعية الخصيان له شان عظيم.

وسعيد شاهد على التركيع والاستسلام الاهوج، عشرات الكوادر والاطر سقطوا في البركة الاسنة المسورة بالإلحاح والتقريع، مهندسون ،متصرفون احرقتهم في البداية كلمة (لا)، لكنهم اسقطوا السراويل تباعا وخضعوا للإخصاء، تكشف معدنهم في اول امتحان للرجولة والمواقف النبيلة، الرجولة ملكة وخصلة تولد مع الانسان وتتصلب وتتقوى مع الزمن، الرجال لا يعرفون التردد والانحناء، الرجال من يواجهون الموت بصدر عاري، يتشبثون بالمبادئ رغم انهم مساقون الى المقصلة، هذه الافكار الكونية انقرضت من الواقع اضغاث احلام من نسج الخيال في زمن البيع والشراء، نحن في مجتمع يبخس العلم والعلماء ويفرط في الشرف، الافكار تتغير والمجتمعات العربية تطلق القيم النبيلة وتستبدلها بالحقارة والنذالة والخسة، اجساد عطشى تخبئ ثورات العنة في تلابيب عاصفة اللذة، نهود مشنوقة على عتبات عاصمة النزوات، صهيل الرغبات المحمومة يقفز من عيون الفت الطاعة حد الادمان، تفقس كل عطلة اسبوعية سهرات ماجنة، خمر وحشيش وهروين انس لمغمدي مدمن يعرف تجار( الغبرة) ارقام الهواتف في المفكرة، يكفي الضغط على ارقام الهواتف ليحضر المطلوب على عجل، المخدرات الصلبة لحست العقل، يخيط فتحات الظلام بالمخدرات القوية المستوردة من امريكا ومزارع افغانستان والصين، مدمن تحول الى تاجر للوثائق الادارية، كل وثيقة معمارية لها سعر، كل رخصة خم دجاج اسطبل للبهائم لا تستقيم بدون الدفع، عصابة تتوسد الحضن النابض بالرنين، صاحب شركة التموين يتكلف بالأطعمة الشهية على نفقة الشعب، الرقاص الخديوي ضليع في عقد صفقات الرقيق الابيض، يفك ازرار القمصان لجواري وقيان يركبهن الطمع والاحلام العابرة للوقت.

- الله اكثر خيرك اسي الدانكي شحال هذي ما تبرعنا

- مرحبا كولو الخير موجود... الغدار اصحلو طعام

- عارفينك الدار لكبيرة وعمرنا نعضو اليد لي تطعمنا

كل يوم تنحني الهامات لتقبل يد الدانكي المتوج على عرش السفاهة و الوقاحة، تتوهج في حفلات الاوبئة والجهل النامي في الكلام، في الصبح وفي الظهيرة يستحم على اشهى البسمات ويمطر بوابل من الدعوات والاطراء العريض، ينتفخ مثل الديك الرومي وسط خم للدجاج، كل يوم يثمل بالكلام الطاعن في الانبطاح والمذلة ، التجاوزات تستهويه فيشرب كؤوسا من التبجح والتمرد، هضم الحقوق هواية مستحبة، مران على قياس درجة الخنوع ، كسر شوكة النقابات الميتة سريريا واخضعها بالمرة، حثالة تستعذب بالإهانة، يرسم فوق الاجساد حلمه الكبير في امتلاك اقطاعية، لم يلوثها الغدر والخيانة، اقطاعية مرصعة بالحشم والخدم، تنساب الاوامر كقطرة طل في الصباحات الباكرة ، يريد العوم في بحار النشوة، تدارك السنوات المسربلة بالخواء والعطالة، في الشهر الاول اختار البيادق بعناية فائقة الدقة، اخضعها لاختبارات الاستجابة وكتمان الاسرار، رقعة اللعب ملغمة غامضة و جيوب غير مستكشفة، والاختراق يمشي ببطيء شديد، السرعة تقتل وتحدث الرجات غير المتوقعة ، تسقط الحقائق المشوهة عن ادارة اشبه بعلبة سمك، يمسك بخيوط الادارة مجتمعة، قبض على جهاز التحكم عن بعد ، امتدت اليد الى جميع الاقسام والمصالح، يأخذه الانتصار السريع والسهل الى غيوبة دافئة، يغرق في موجات الاستقبال والمجاملات. يتلقى اجمل التهاني والرقصات من الاوغاد المخلصين، ومن بطولات الوهم المطلق امتلك زمام التنفس والزفير، يعلن ابواق الدعاية الرخيصة التحامهم بالجهل واصطفافهم الى ضفة الحاكم الجديد، يقسمون على رحم الامهات انها ستمطر خيرا عميما، رؤساء جمعيات كربونية يرفعون الانخاب في بطن الهزيمة، الدانكي نفخ في الضيوف صلوات الاستسقاء العظيم، الجماجم تتراقص طربا امام بوابة الفردوس، لم يتمهلوا في اصدار الاحكام الجاهزة، القول ما قال المسؤول الاول، قدمه للموظفين والسياسيين والاعيان في هيئة ملاك نزل لتوه من السماء، الكل يدقق في لائحة المطالب، تستدعي في بلادة صور القحط في الارياف وطرقات بدون زفت، تقسم بأغلظ المواسم ان الجفاف امتد الى كل شيئ، وقف بجلباب ناصع البياض يرفع الاكف الى السقف ، بلحيته الكثة وطابع الصلاة على الجبهة ، يتلو آيات منتقاة من الكتاب المقدس ، بعد الامطار بالدعوات المثلجة للصدور اخبره برؤيته في الحلم يركب فرسا ويحمل قوسا ذهبيا ومن الوراء تمشي حشود كبيرة، الله اختاره ليرفع راية الحق ليزف البشارة، يهطل المطر بالتمسكن المعلب فتمتلأ السيول بكلمات الذل، الابن مسجى في سجلات المعاقين تمتم بحياء وخجل، يحتاج الى مصدر عيش ، مطالب كثيرة مختمرة بين عروق ضيق اليد والسماء لم تعد تمطر شآبيب الرحمة، اغرورقت عيناه بالدموع، الطرقات لا تتوقف على الباب، اطل موظف مقرب وامره بالدخول. انقذه من موقف محرج.

-اسي الدانكي خصك تشوف البارك ديال المركبات كلو فلوس

- شكون شادو...؟

- شادينو الحرس القديم للفشلاوي

- شكون ندير تما لي يصلح لينا

- نشوفو قردان..؟

إعلان بيان هزيمة جحافل الفشلاوي واعتكافهم في الجحور طاف على ادارات الاقليم، تلاشوا في زحمة القمع المسلط، يساقون الى احجار الوعد و الوعيد، تلاوة الاتهامات قرات على المسامع، إمبراطورية الفساد الممتدة من النهب الى النهب تهاوت، ظهرت اخرى على الانقاض، ينفخ الدانكي في المقربين صلوات التبشير بالخير العميم، الجماجم تتراقص امام عتبات الفردوس، مغارة علي بابا انفتحت، لاح الكنز الكبير في الافق القريب، نهازو الفرص يبحثون عن قطوف دانية، متوحدات في خيبات مترامية الاثداء يغازلن وترا نشازا، شجرات يبكين الانوثة المنزلقة من سيقان الوجد، يتسابقن لكسب ود الطاغوت الجديد، جميعهن ولدن في قيعان الفقر، عوائهن يأتي من خيوط الفجر، لكنهن كالعناقيد نقرتها الطيور الجارحة باسم الحب والرغبة في الزواج، كلهن يشتهين الفارس المقدام الاعزب سليل عائلة العدالة وصون الحقوق ، نساء تخاف أن يذبل غصن العمر في راحة اليد، يسقطن في فخاخ المواخير، طرقات خفيفة على الباب، تضغط على المزلاج ينفتح، يظهر راس العقروشة في كامل اناقتها محملة برزم من الاوراق، غيمة بلا مطر، لاحت على الوجه الطفولي العابس ابتسامة خفيفة، دعاها للدخول بإشارة من اليد ، ظلت متسمرة واقفة تنتظر الاشارة، امرها بالجلوس فاستجابت، شبكت يديها خلف البطن ، تلميذ في اول عهده بالفصل الدراسي، ظلت تشيع الارض المكسوة بزربية امازيغية حمراء مرقطة بالبياض تتخللها نقوش هندسية دقيقة مبهمة، ترسل النظرات الى الجدران المعتقلة لصور الدانكي الفارع الطول، الصلع بدا يكتسح فروة الراس، خريطة المنطقة وبعض الهدايا والشواهد المزورة، ظل يخربش في ورقة امامه، يسحب الملفات الواحد تلو الاخر، يلقي نظرة خفيفة ويوقع في مؤخرة الاسطر، التوقيع افضل ما يثقنه في الصورة الكبرى، ظلت تتفرس الوجه الطفولي بشبق واشتهاء ينتشلها من القيود اللذيذة، تتعثر في الشفاه رزم كلمات الحب، تسقط جثثا في الحوباء، يصغرها بعشرات السنوات، تزوجت في السابق طبيبا سكيرا، لكن الزيجة لم تدم طويلا وتطلقا، التجربة حطمتها كلية انبتت في الدواخل ذكرى باردة وشقية، تعوي الرغبة الجامحة كخنجر مكسور عالق في الخاصرة، العلاقة الاخيرة لم تطهرها من الإشتياقات العالقة، خيل اليها انه يضمها بقوة يعصرها يدحرجها في حبات الرمل الدافئة، تتدفق في المخيلة صور الطفولة واولى القبلات على مذبح الشهوة، كان تلميذا في الاعدادي في نفس السن لاحقها طوال السنة، استسلمت بعد طول عناء حين زالت غيوم الشك، لم يقف الامر عند القبل المسروقة وراء الابواب وظلمة الليل ، تعداه الى الاختلاء والتعري واللعب بالأجساد، تنهدت تنهدة عميقة، كمن يخرج من انقاض حرب خاسرة.

- اشنو درتي في الملف لي وصيتك عليه

- صافي السيدة مواقفة

- شرحتي ليها اشنو المطلوب

- اييه نعم سي قلت لها راك باغيها عندك في الدار

- مزيان نهار السبت جي انتي وياها

- وخا نعم اسي

تختنق قطعان الصمت بالاذلال الخبيث، يزدحم القرف في حقول الجمجمة، ترويض المروض لم يستغرق سوى بضعة لحظات، مجرد متعة ومتاع ووعاء للتفريغ يستخدم عند الضرورة القصوى، اشبه باطار مطاطي للسيارة مخصص للحالات الطارئة، انزلت السحاب للأرض بدون خجل، مارست العهر المكشوف بعري اربعة نجوم وتطمح ان ترتقي، الطاعنات في السن والزاحفات نحو الشيخوخة يسهل اصطيادهن، غالبا ما يتربصن بالمراهقين ومفتولي العضلات الاصغر سنا، يرفضن الاعتراف ان زمنهن انتهى، العقروشة مرت بمواقف محدودة التكهنات ، مواقف تبدا بالغمز واللمز وتنتهي بالاحتضان الجسدي، تدربت مع سماسرة الرذيلة وانغمست في منعرجات الخطيئة، التفرج على سقوط الاخريات الصغيرات، الجميلات، المبتهجات بالشغف الطفولي، مشاهدتهن يشربن من نفس الكاس المرة التي شربت منها في فترات انفتاح على ملذات البدن هواية مستحبة، الجسد سر الوجود وفكاك العقد ومفرخ المصائب، امام الانثى الهرب خارج المنغصات مضمون، انكمشت خلف الصوت وحملت صدى الكلمات الى قبة الفراغات، ربما تصطدم بيد حنون مباركة، تمعن النظر في صفحات الوجه، وخز كالإبر يتسكع في المسام، اشتعل لهيب على جسد عطشان يتعرق، المواقد المترعة بالندى تنام على شخير التمني، تتسع الضفاف على وشك شفط اللزوجة، تعض على الصبر في الليل تتلهى بنثر الحشائش، التبرج الباذخ لم يشرق على شرفة اشتياق، في الشرايين ينتفخ بالون الحنين، تشتهي كل الرجال وفاكهة الحب لا تنضج، قوس الشهوة يتمدد في اسطبل الذاكرة، الوردة لا تصحو بعد طول ذبول وتشقق، لم تعجب بكلمات زميلة العمل المستفزة، هربت بالنقاش الى عمليات التجميل وشد الوجه، المال يستطيع اعادة الجمال والنظارة، عددت اسماء المرهمات ومرطبات البشرة والعطور، تحفظ عن ظهر قلب الماركات العالمية ونساء استعدن الاناقة والجمال المفقود، اختفت التجاعيد والدهون من الجسد، لزمت الموظفة الشابة حديثة العهد بالوظيف الكلام المباح ، ما نفع الكلام مع انسان يضيق به المكان يعاكس سيرورة الحياة، عالق في وهم طيف، تهافتت الافكار بخطوات ضاحكة، هل يصلح العطار ما افسده الدهر. المصابون بالعشق المستحيل يفهمون ان قطف الثمرات من الشجر العالي غير ممكن، يطرق الباب فتدخل سيدة في العقد السادس محملة بالأثواب والعطور وادوات التجميل، حملات النهود وتبابين، اوشحة ومناديل اقراط وسلاسل، تفتح حقيبة متوسطة الحجم، اجواخ لخياطة الجلابيب والقفطان البلدي، يتحول المكتب الى سوق مفتوحة، موظفات يتحلقن حول البائعة، تطير العطور والتبابين والحمالات.

- شحال هاد الفولار ااا الحاجة حلومة

- 20 درهم... رخا لله

- وشحال لعكر وكريم الوجه

- كريم البشرة 60 درهم ولعكر 15 درهم

- وهاد مطهر الوجه

- 30 درهم

الحاجة حلومة، لم تزر الكعبة المنورة، لا تعرف اصلا اين توجد، كيف يكون الطواف والاحرام ، لا تعرف القبلة ولا الركعات وعدد البسملات والتكبيرات، ولا اركان الاسلام وان كانت موجودة اصلا، الحاجة لقب اسبغ عليها بسبب الكبر، فكل حيزبون بالضرورة حاجة في عيون الناس، الحاجة ايضا صفة قدحية عند العامة ترتبط بالقوادة والجنس، طوال اربعين عاما مارست الدعارة و الوساطة، زرعت في الطريق اقحوانات مخصبة للإطفاء الغليل، حيث ما مرت يورق الشجر الهرم، بالحب والقبلات ينبض الحجر، تسكر برائحة المداعبة والكلام المنمق، تدحرجت في المواخير سنين عديدة، سكبت اعواد وتوابل الانوثة على حفنة اوراق وطعام دسم وقنينات خمر، حفظت دروس نشر الفرح بين الهضاب عن ظهر قلب، ظلت حزينة تستدرج البهجة من عيون الزبناء، نقلت تجربة الاسترضاء الى الشابات الداخلات الى اوكار اللذة، لم تنتبه لعثرة الطريق، في العقد الرابع قل المدخول التوى الكاحل وكدم على ناصية الرصيف، انتهت فصول الحفل والاحتفال، فتحت ماخورا في اول زقاق، الشرطي يمسح الوجوه بأكف من سخام، الاتاوة شرط البقاء والعمل بدون ضجيج، شرفت المخافر والاسفلت البارد، البرودة اكلت اللحم والعظم لم تعد قادرة على الاستمرار ضبطت الساعة على السفر، حزمت الحقائب وغاصت في زحمة الحياة، التفريط في الصحة فعل غبي، والاغبى نسيان النهاية، تفحصت وجه العقروشة الشاحب بعين الفاهمة بأحوال النساء، امسكتها من الخصر نبض يتجعد كالصفيح ، خائفة من أظافر الزمن وتوقيعات الكبر، لا تشير الى الوصفة السحرية لاسترداد النظارة ولكن ترشد الى الطريق، عثرة الشيخوخة توقع في دهاليز الأسئلة المرة، و السؤال يخبئ الصدمات في انكسار التوهج والهرم. هي في الخمسين العجاف ، مركب بلا سواري ولا شواطئ للرسو، تجر الهمس على خيط من النقمة، دست حلومة في اذنها الخلطة السحرية، الرجال يعشقون الفاكهة الطازجة بلفح الايام، ابتسمتا ودفعتها بالكتف.

الدانكي يستكنه الغموض رغبة في امتلاك ملذات الجسد، ليس فحلا تستهويه اجسام النساء، غير قادر على التأرجح فوق ذبذبات المستحيل، ما يهمه المظهر ولا شيئ غيره، الظهور مع النساء يزدن في الفهم السطحي للعظمة و الاحترام، لا يريد ان تهدا العيون في الرصد وتخف ابواق التملق فوق موائد الطعام، رسالة للذي يتوارى خلف بيارق الصمود والتحدي، يحلم بلف الحبال حول اعناق الطغاة، يترنح الاستبسال فوق اهداب المهزومين حين يصافحون الضياع، يتحسس في الاشلاء النضال المزيف، لا جمر تحت الرماد ولا براكين خامدة، احصنة هجينة من ورق تتمطى فوق حصاد الهشيم ، وسعيد وحده القادر على اشعال الحرائق، جندي من الجحيم، اذا تكلم انخرس الجميع، في اخر اجتماع مسح الارض بالمسؤول الاول واطبقت الافواه، هربت الارانب الى الوجار، انكمش الدانكي وصام الكلام المبرنق والفارغ من المعنى، من الخيال انمحت العنجهية واضمحل لائذا بالخرس، اذا تكلم ينهار كل ما بناه طيلة الاشهر الماضية بالحيف والعسف، وسعيد يجيد القصف المركز بالأسلحة الحارقة والمسيلة للعرق في الابدان. يبلد الغيوم في رمشة عين، تضيق القاعة وتختنق الانفاس لا حاجة للتبول في وجه العاصفة، الكل يبتلع اللسان مخافة لسعات تزيد الوضع تأزيما، يراهم يصفرون ،يعرقون، يتلعثمون، يبتلعون اللعاب بصعوبة، الجرأة في الحديث شاهد على نجاسة الالسنة، اصعب شيئ ان تمثل دور النزيه امام الشرفاء. دور لا يليق بمن تطارده الفضائح ويعاني ثقوبا كثيرة.

- نحن لا نشتغل مع اللصوص والجهلة...الادارة تحتاج الى كفاءات واطر لبناء بنية استقبال متينة للتنمية الشمولية.

- نعم اسي وسعيد ...الطاقم يرتكب بعض الاخطاء الصغيرة لكن سيتم تدارك كل شي مستقبلا

- الملايين تصرف شهريا على مشاريع لا توجد الا في الاوراق تكرر نفس السيناريوهات السابقة...لا يمكن ان اجيز اشغال ناقصة ولا يمكن ان اقدم تقارير تخاصم الواقع... هذا يتعارض مع مبادئي واخلاقي وغيرتي على الوطن...

لكل قافلة دليل، في المنطقة التي يحكمها السماسرة وقطاع الطرق الدليل غالبا يكون ضليعا في النهب والاختلاس والتزوير، مميز بالجهل والجهالة، حافظ لبضعة اسطر معلوفة يرددها في كل اللقاءات، حين يغلي الدم في العروق يمطر البناية بحزمة شتائم من الباب الرئيسي الى الطابق الثالث، الصراخ يدفع النعاج والمخبرين والبيادق الى اخلاء الدهاليز واقفال الابواب مخافة ردة فعل، مرة تشابك مع رئيس جماعة وبرلماني لأنه رفض التوقيع على انتهاء الاشغال لقنطرة تبين ان المواد المستعملة مغشوشة، المسطر في دفتر التحملات يخاصم الواقع، ظهرت التشققات والاهتراءات، التساقطات المطرية كفيلة بتفتيت القنطرة، استدعاه المسؤول الثاني على عجل، المقاول البرلماني جاحظ العيون، الاشلاء تغلي على طنجرة النرفزة، مستعد للانقضاض على الفريسة، قبل ان يجلس ويستمع لممثل الامة من باب اللباقة والادب، عالجه مشرع الامة بشتيمة حاطة من الكرامة الانسانية، دون انتظار غردت اصابع وسعيد في وجه البرلماني، افلت باعجوبة من نطحة راس كادت تهشم الانف، انتفض الحضور وامتدت الايادي ،امسكت الحصان الاصيل الذي اجفل، اختبئ المسترجل تحت المكتب مستجيرا بالمسؤول الثاني في الاقليم، الرؤوس تشرئب في فتحة الباب، العيون المتلصصة لا تتوقف عن تحنيط اللحظات، فرقعت الكلمات القاسية في السماء، ثقبت السقف والدهاليز والمكاتب. ركض رجالات الامن والنواطير والجواسيس، المعركة لم تنته، وسعيد يعلم مشرع الامة درسا في الاستقامة والكرامة واحترام الناس.

- انت شفار وباك شفار... الله يلعن الكلب لي ولدك

- اشهد السيد الكاتب العام

- باغي نوقع على قنطرة مغشوشة نمشي للحبس ..انت ممثل الامة ولا شفار الامة

- الله اسامح سي وسعيد مسحها فينا

- الله اسامح...دير الاجراءات القانونية راه اهانة موظف من طرف شفار ابن شفار

- المسامح كريم

العرق يغسل الجسم المرجوم بحجارات ملعونة، دق مسمارا غليظا في نعش الضمير الميت، مرعوبا يسحب رحو الخيش من تحت المكتب، كطفل يركض هربا من سنابك الخيول، الف احتضان حبيبات التزلف من غبار الوعود وتسلق واجهات المعارض، تكسير الاغصان الاقل طراوة، منبعج في التبعية المقعرة ليعاسيب تحوم في مدارات القهر والسلب ، لأول مرة يسقط في ارض النتوءات والاحجار المسننة، تهشمت بالدواخل الثقة المفرطة، هرب الى مكتب اخر ناسيا الحقيبة ورزمة المفاتيح والنظارة الطبية، قبضة اليد مشدودة مستعد للكم والركل، نفخ الدخان المر في رئة المسافات، تعلم من العظماء ان الانحناء مر، والسكوت على الظلم يسلب الانسانية، ليس نبيا لكي يدير الخد الايسر للصفع، لا تطمر الاهانة المنفلتة من شخص حقير ودنيء، رد عليها بأقبح منها حتى لا يستمر قمع الاخيار، عليه ان يشعر بالقسوة تجتاحه ليعود الى الحجم الحقيقي، تصرفات مماثلة تعطي دفعة لمهضومي الحقوق للصراخ وتسجيل ردات فعل، للتحرر من الذين علقوا على الصدر التعاويذ، جلس يدخن بهدوء مبتسما ابتسامة ماكرة، يرتشف من فنجان القهوة، اختفى رويدا رويدا سرب الوجع النامي، لاعنا ابالسة الارض ، بدأت الصور تصفو في الدماغ ، الهدوء يلف المكان الا من طقطقات الاحذية بين الفينة والاخرى ورنين الهاتف، لا اثر لأقدام العابثين برتابة اللقاء، تقيأ الموظف الثاني في الهرم الاداري تذمرا شديدا من نزق البرلماني اللص، ضحك كثيرا ملأ الاشداق ، وجد اخيرا حائطا صلبا، اضاف منوها لو كان في الادارة موظفين تحركهم العزة والكرامة لتطهر الوطن من الثآليل و الجرذان والقوارض ، في الدهليز الكبير استقبله بعض الموظفين بالابتسامات العريضة والترحاب الكبير، دخل المكتب والتحق به عشرات الزملاء في العمل، وسعيد اصبح بطلا من تصادم النظرات المفعمة بالفرح الملتاعة بمغص وحمى المشاعر ، امطروه بوابل من الاسئلة الشقية، تعالت الضحكات والقهقهات، نواطير الدانكي يسجلون الحركات والسكنات، تائهون في قراءة خطوط الجبهة، اكتملت طقوس حفاوة الاستقبال، اخيرا وجدوا موظفا تسند اليه حقائب الامل ، وسعيد قنبلة موقوتة، فلا تحشر انفك في فوهة البندقية ، اليد دائما على الزناد، والشرطي اطلق صفارة التحذير مند زمان، ممنوع الاقتراب والمناوشة، ممنوع التزلف والمماطلة ، لا حاجة لشعارات مضمخة برائحة الخيانة حاملة لجينات الخديعة، لا حياة في ادارة تفرخ الاصنام والكراكيز. البهجة والسرور يرفرفان فوق عقارب اللقاء، يسجل انتصارا صغيرا في شباك القتلة، في انتظار الزحف الكبير على الشر والطغيان، الصفعة ستلوكها الالسن لشهور على مذبح الاحتراس، الساعة تشير الى الواحدة بعد الظهر، بركيكة الموظف المرتشي زميل وسعيد في المكتب يمضغ الاحرف مضغا، احتدم النقاش واستدعي الطاغية الى قفص الاتهام، التحق بالمكتب البستاني هذا الذي باع مشتل الشعب ليلا، مئات الاشجار والورود والازهار نقلت في الشاحنات الى وجهات مجهولة، قبض ثمن سرقة ممتلكات كلف بحراستها ونجى من المحاسبة بأعجوبة، عيناه اشبه بعيني قطة شرسة نحيل الجسم، يسود الصمت لبرهة تائهة، الدخول بذون استئذان يدق نواقيس الاستنفار، لملم الحذر خيمته وترك الحديث يلفع بارتسامات بالية، تخفف اللوم والتقريع وآلام الجدال.

- سنصدر بيانا ناريا لإدانة تصرف البرلماني

- تنظيم وقفة احتجاجية و التوقف عن العمل

ظل وسعيد يبحلق في الجثث المتفسخة من وباء الحرية، يستمع الى المقترحات المتذبذبة، يعرف ان بركيكة مخبر يرفع تقارير يومية الى الاجهزة السرية والعلنية طمعا في الترقي، الجميع يعرفون انه متورط مع الاجهزة الامنية مند الدراسة، يتعاملون معه تجنبا للخبث ، ليس لديهم شيئ ضد الادارة والدولة سوى حفنة مطالب مشروعة، النضال دائما يحتاج الى مشبوه لتبليغ الرسائل المشفرة و الواضحة الى الجهات العليا، المشي في دروب النضال كمن يدوس على ذيل قطة شرسة، لم يبق في خريطة الوطن سوى متناضلين انتهازيين يتأبطون مصالح خاصة، يطوفون على الادارات لتحقيق المبتغى، انتهى زمن النضال الجماهيري بعد المصالحة التاريخية بين النظام واحزاب الصف الوطني والديمقراطي، ما تبقى يتلهى بالعوم في الهامش و الفراغات، يؤثث المشهد النقابي والسياسي والحقوقي والجمعوي بمطالب سطحية، ذهبت الايام الجميلة رغم القسوة والقمع، كم يتوق لوجع الامس والمخاضات العسيرة ، شعارات نارية تطالب بقلب النظام، مداهمات ليلية وعمليات الكر والفر، رفاق الامس غابوا جميعا في زحمة الحياة ، احلام ونقاشات عابرة للقارات مجرد ذكريات مقتطعة من مشاهد سريالية، لكنها سنوات النضال الحقيقي و صور تعطر الانسام والأيام، ما اجمل ان تبقى شامخا شموخ جبال الاطلس، حصنا وسدا منيعا في وجه الظلم والاستبداد، ممنوع من استنشاق الحقراء والاذلاء، الاحلام النابعة من القناعات تأخذ الى ما لانهاية، تحتاج فقط الى اجنحة وقليل من الهواء للتحليق، الجواسيس مهمتهم ترويض البرية الجامحة، غضب كثيرا يوم اكتشف ان اللصوص والنواطير يسرقون اوجاعه، بركيكة انفضح امره ساعة جاء وفي الابهام حبرا احمرا، يدس كل مساء اخبارا في الصندوق المخفي وراء الكرسي، ليحتفظ بالراس فارغة لليوم الجديد، مجرد منديل ورقي في ايدي سلطة مهووسة بالاضطهاد والرعونة، يعيش بأكثر من وجه في سبيل ارضاء دودة الادمان، قنينات خمر رخيص طبق مرق واسياخ من اللحم المشوي، يثرثر طيلة الوقت، يدخل ويخرج من مواضيع بلا حساب طريقة لاستدراج الاخر المتمرد ومعلني العصيان، لم تطلخ يداه بتدبيج التهم والاعتقال لكن دماغه ملطخ، جريمة الخيانة اشد خطورة على الإنسانية.

- ضرنا جوع اسي وسعيد

- نمشيو ديرو شي غدا في المقهى

- راه ما عندي حتى ريال

- كيف ديما واش المرة الاولى والثانية...قريب نديرك في الحالة المدنية

الماضي الملوث يمشي بمحاذاته، يرمي له كسرة تذمر وقمع لذيذ، يرمي له نقمة الاخريات والاخرين من الموظفين، يرمقه بنظرات الكلب الحزينة قبل اقتراف الخيانات، يتفرس بخوف في تقاسيم الجبهة، عراف يقرا خطوط الكف، عندما يصعد الدم الى الراس ووجه وسعيد تظهر العلامات، تحذير بعدم المراوغة والاستمرار في الدفاع عن الافكار البائسة، لا حاجة للإعطاء دروس عن الزيف والزور والحق والباطل، اكبر وباء اصاب المجتمع في السنوات الاخيرة النفاق الملفوف وانتظار مكرمة او فرصة للتسلق على الاكتاف، يلتهم شرائح اللحم الدافئة بشره، تتدلى قطرات المرق من الفم، يمضغ بسرعة عجيبة ويمضغ الكلمات والحروف ، صعوبة كبيرة في فهم ما يتشدق به، الوجبات الدسمة وقنينات الخمر تحرره من الاغلال والقيود، زمن ثقيل يكبس عليه. كل شيئ فيه مشبوه اختار صف الخونة مند البداية، خرج للدفاع عن الملف المطلبي لحملة الشواهد، رجع يحمل شهادة التعيين ، ضربة اغضبت قوافل المعطلين فاصبح منبوذا، مضت مياه كثيرة فوق الجرح، بدل ان يعيد التفكير ويتصالح مع الذات استمر على نفس المنوال، وسعيد ينام دائما على شخير الامل في اصلاح الجرات المكسورة، يشعل وديان المبادئ لتسخين ابريق المواقف الشجاعة، لكنه كمن يقبل نهد الرياح، اغتسل ومسح يداه وفمه بورق، جرته الاقدام الى الخمارة في الشارع الرئيسي، شيعه يدلف رجلاه تلعبان في الطريق، خمن ان كثرة الضغط وسقوطه المدوي في بركة الخيانة يدفعه الى الغرق في السكر هربا من الوحدة القاتلة المسجية في فسيفساء الروح، يتقيا في الكؤوس كافة سموم الذل، يطرح عنه كل مظاهر الخبث. ادار وسعيد محرك السيارة الزرقاء وقفل راجعا الى الادارة، فكر ليس معه ثمن وجبة طعام لكن معه ثمن قنينات الخمر ، الخيانة لحست الدماغ .

تبدو البناية من بعيد اشبه بعمارة سكنية، مئات النوافذ والمكاتب في الطوابق الاربعة، هوائي يقبل السماء مثبت بإحكام، امام الادارة عشرات المواطنين يرفعون اللافتات والاعلام الوطنية،( هذا عيب هذا عار المواطن في خطر) الوان الطيف الامني يطوقون المسيرة السلمية، حاول البعض فتح حوار مع الغاضبين لكنهم رفضوا، الثقة معدومة بين المواطن ورجالات السلطة، جميع الحوارات للتلهية والتهدئة وربح الوقت، المواطن فطن للعبة الوعود المغشوشة، الحوار يكون مع المسؤول الاول بالإقليم. حين تسد جميع القنوات وتفضي اللقاءات الى نتائج باهتة، تتجه المسيرات الى العاصمة لممارسة ضغطا اكبر لانتزاع المكتسبات. مشاهد يومية في منطقة منكوبة ومنهوبة مند الاستقلال. تسمع الهمهمات وضربات الاحذية العريضة على الارض، موعد القطاف قد حان. الغاضبون يتحسسون اشلاؤهم يمضغون في رهبة برسيم الخوف.

يدخل البناية الشاهقة، مختبر العمليات القذرة ، تأتيه التحايا من حراس الباب الكبير، ثمة موظفات في تابوت زجاجي رددن التحية بأحسن منها، يصعد الادراج يرعى افكارا دافئة كطفل متوحد، كلما واصل الصعود تساقط الاوغاد من ثقوب الذاكرة، المكتب فارغ ارتمى فوق الكرسي اشعل سيجارة شقراء، قلب بعض الاوراق تشمم الحبر ونتوءات الحروف، كل شيئ يمشي بالمقلوب خارج ميزان التحليل والمنطق، طرقات خفيفة على الباب يتحرك المزلاج، يعلق ابتسامة عريضة، الرقاص الخديوي مهووس بجمع المعلومات ونقلها الى المسؤول الثاني، الاستمرار في الكتابة الخاصة يقتضي التزود بما يجري ويدور ، المسؤول بحاجة دائما الى جواسيس خوفا من تقلبات الزمن والسقوط في الاخطاء القاتلة، السقوط المفاجئ دلالة على بلوغ درجات مهمة من الخرف، الحياة الادارية تركيب معقد تخاض فيها اشواط لاهبة من حروب الكر والفر ، الطعن من الخلف ، لعلعة البارود للحصول على الكراسي المتقدمة ، ابتسم وسعيد على ضفة الاحتقار، الرقاص مرسول الدانكي اشبه بمنفضة كبيرة لرماد السجائر والبصاق والمحارم ، يعوم في اوحال النجاسة، العهر والقوادة وظيفة شريفة والدياثة مهنة محترمة تكسب الاوسمة والنياشين، والتخنث والشذوذ الجنسي والمثلية من مبادئ التحضر والحداثة والديمقراطية. حقير كلمة كافية تلخص ازدراء لكل شيء، الرائحة العطنة تضرب من الجثة المتسفخة، ترتسم الالوان والتقاسيم والتكهنات المتشابكة تستفز الوعي، رعاديد الزمن الكسيح المتاخم لحدود الوضاعة يهتفون، يزغردون ،يصفقون ، لحفدة اشهر لصوص التاريخ ، صعب ان ستسترد ازمنة الحلم وترتقى رغم هجوم الجراثيم قمم الآمال الشاهقة لتستعيد الحقول البائرة الرونق والخضرة، جميع النظريات لن تفلح في تفسير الارتكاسة. يتململ فوق الكرسي، كالدجاجة على موعد مع البيضة، بصعوبة يطهو المفردات خوفا من ردة فعل.

- الدانكي طالع لو الدم

- مزيان بغيناه ينتحر ولا يجري عريان في الكولوار

- قاليك انا كنتحرم وسعيد يبقا يتعامل معي بالمثل

- علاه انا شفار ولد شفار...

- غير على وجهنا رخف عليه شوية

- بغيتي نشوف السرقة والنهب ونغمض عيني...سترو روسكم لعنة الله عليكم الى يوم الدين.

الرقاص الخديوي يستدرج الاحرار الى مواسم الخزي والعار، التهديد والتخويف سلاح يتمنطق به ليل نهار، يلاحق نساء يلطمن بالاشتهاء وجه الانتظار، يسوقهن الى الشقق المفروشة لتترجل العاصفة المتلاطمة في الحوباء من صهوة الهيجان، الراكبات موج الممانعة تسقطهن الاشاعة والضربات تحت الصرة، الادارة ماخور كبير محمول فوق هودج المجون، بالعشرات يتقافز وسطاء الجنس، صرخات واهات تسحب الليل من خلايا الصمت، لهاث يتطاير وزغب يتعرق، ترفع راية شهيق الهيام، ينفجر البوح في خنادق الكلمات، تجف الشرايين من ركضة الخشوع والالتحام، تزقزق عصافير الانتشاء من تحت الاغطية، ورحم الارض ميت لن يتمخض عن الازهار والرياحين ، كل يوم تدفع على نبضات التختل والمكر ضرائب للمرابي، دعوات للسهر والنشاط حتى الصباح تاتي على جناح المصلحة، افضل الامكنة لاسراج البعير، فيلا على ضفاف النهر، رئيس الدعارة والمجون لدولة فرجستان اشهر من نار على علم نخاس شهير، يمص الجيوب المليئة بالاوراق من شظايا الارتشاء ، ترحيب كبير وحراسة امنية على طول الطريق، دركيون يحرسون زناة الليل من عواء الكلاب الشاردة ، اكبر ماخور في المنطقة يستقبل علية القوم بالعشرات في العطل الاسبوعية، خرفان مشوية ، خمر مهرب، هروين، شيخات وغناء ورقص، صوت الكمان يثير الحماس يسقط اعواد الخجل ، قاصرات يستدرجن الى لعبة الافتضاض ، لكل شيئ ثمن في سوق الرقيق ، الدفع مسبقا لقطف الاجساد البضة، يربك تزاحم الصور وتلاحم الرجال بالفتيات اللواتي انتظر طويلا صفارات الاستيقاظ ، لكل وجه جواز سفر وحقائب مليئة بالهموم، رئيس الدعارة حلال العقد مهيج للخيول مثبطة العزائم، بقامته الطويلة وجسده الضخم يبدو مثل كلب البحر في القعر الصاخب، الخمرة تذيب الفوارق ، تنخسف كل الوجوه المقدسة فوق حطام الملذات، تفتح المجرات وتنحل العقد وتعتلي صهوة الانتشاء، تغمس هشاشة الحرمان حد الذوبان، تفيض الخيالات المخمورة على كنبات الثرثرة، يشهق النهر القريب دائخا برائحة القيئ ، في الصباح الباكر يغرق المكان في الصمت، لا سيارات في الخلاء، لا موسيقى ولا شخير، يعود الهدوء الى القرية والى النهر.

- تبارك الله عليك...الله يعطيك الصحة

- مرحبا نعاودوها في الاسبوع الماجي

الرقاص يجيد طبخ الاستمالة، استدراج الرقيق الابيض الى الشقق الحمراء، الترقية والمكانة والجاه في احواض الجميلات وفي روزنامة الخراب، يتأمل المسافة بين مطامح الذات والمرحلة، لا وقت لديه للاستناد على جدار الكد والاجتهاد لنيل المراد، يتكئ على شهادة الخسة، يختصر الطريق بمحض التلصص والتجسس والتقصي، لا عيب في اهالة التراب على زميل شريف منافس، هي حرب المناصب، في الحرب كل شيئ مسموح ومباح، قطع صرة الوقار مند زمان، ضبط في سرير الزوجية يستقبل الماء الاجاج، احنى ظهره للاستلذاذ بطعنات السيف البتار ،قضمت التفاحة المحرمة، انطفا رماد الموقد في لمح البصر، ارتفع الصراخ والعويل، هرب الغريب عاريا الى الزقاق، انشبت الاظافر في الوجه ، انسدت شرايين الرجولة في الحوباء بعويل الخيانة، فاتحت الاهل والاحباب، تبحث عن الحل، لوحت بورقة الطلاق ، العيش مع منحرف والتساهل مع مشاهد العري و الإيلاج، لا كلام يصلح لرتق الجرح، انتشر الخبر الفضيحة كالنار في الهشيم، انتقل من المنزل الى العائلة ثم الى الشارع والمدينة، لم يجد من وسيلة للهرب من العيون المتسائلة سوى طلب عطلة بدواعي المرض، هرب الى احضان الوسادة متحسرا، تعقبه الكابوس ممددا على السرير، خيم على المخيلة ظلام ارعن، شاهد الهارب من الفضيحة الى الزقاق يتعثر في رجل السروال، كاد يسقط على الارض المبلطة بالزليج، لأول مرة نسي اغلاق الباب بأحكام، خطا واحد هدم المعبد فوق الرؤوس ، اشعل الحرائق في بيت الزوجية والقادم من الايام اسوء بكثير، تذكر كلام صديقه الحميم ، الانحراف من لوازم الترف ويجب الاحتراس لان المجتمعات الاسلامية لا يمكن ان تتسامح مع حفدة مملكة سدوم،الرجم والسحل ينتظر في الطريق الوعرة، يتأمل السقف ويضاجع الفراغ فلا يرى سوى الوجه الشاحب، خذ المرأة يتلقى صفعة قوية، اشعلت ملايين المصابيح في الراس، يتهاوى الجسد على الارض، صرخة وحيدة كانت كافية ليهرع الجيران لمعرفة جلية الامر، حملت الصغار وغادرت البيت يعتصرها الغضب المهيض والمر، هربا من الطعنة ولكمات الصدمة، يرن الهاتف فجأة، يقرا الاسم الظاهر على الشاشة، يتنهد بصعوبة، لا يستسيغ الرد، ماذا سيقول للاب المتدين الذي يحفظ بضعة آيات عن ظهر قلب، يقرع الافئدة بالمواعظ، مرة ضبطه في حالة سكر وامره بالستر عند الابتلاء، مرابط في منزل صديق تجنبا للأسئلة والحرج، ظل الهاتف يرن دون انقطاع، يبحث عن مخرج للفضيحة، جاءه الخلاص والفرج مبتسما بعد تفكير عميق، الزوجة زانية والغريب الهارب كان يضاجعها، النوم جافاه لليال طوال تنفس الصعداء حين اهتدى للمخرج.

- اش هاد شي سمعنا ...اسي الرقاص

- الزانية ما لقات فين تزني غير فالدار

- وعلاش هربتي كون بقيتي واجهها

- اعتقدت انني قتلتها...ضربتها طاحت على الدص خفت وانا نهرب

- الله استر...


الكذبة المزروعة في الخريف الماضي برعمت وامتدت منها الافنان الباسقة، المرأة زانية والعفو جاء بسبب الاولاد، يلقي بالحزن والغضب على مدخل البيت، ولا يمسح الخطيئة الجالسة فوق الفؤاد، المسافة بين المرأة والجرح المندمل والسكاكين المنغرزة في البدن ما تزال تدمي، استرضاها بالهدايا والسفريات، رجاها ان تكتم السر ، منحرف ليس بإرادته، الله خلقه بالعاهة المستدامة، استسلمت بعد المقاومة العنيدة، في عينيها يحاول النفاذ الى العمق الغامض، ينكمش فوق عتبات النظرات المؤنبة ،احدث العفو مشاعر مختلطة من الفرح والالم والندم، جرحته الكلمات التي جلد بها لحم ام الاولاد، الجلد بجرعة تسامح زائدة تمزقه ، يسقط تحت ابط الوحشة والخوف من القادم، يستحيل ان تعود الحياة كما في السابق، الانتصارات على الوقت الضائع ليس ضامنا لعودة المياه الى مجاريها، لا ثقة في النوم على فخذ امرأة لطمتها الخديعة، يودان ينفذ الى عمق الاعماق، يتيه في الخيالات المخيفة، الابن الصغير يلعب بدون اكتراث لما يجري ويدور ، ارتمى على الكتف وعانقه بقوة، يطلق الضحكات تفاعلا مع الدغدغات، السماء المكهربة والملبدة بالغيوم بدأت تصفو، بعد الغذاء اخدهم بالسيارة الى مقهى في الطريق السيار، ترك الولدين يلعبان في فضاء للعب، أرجوحة وأفعوانيه، ركبا ظهر جواد مجنح وسيارة متقادمة رابضة، سرب من الاطفال يتصايحون ويتراكضون ، مثل الفراشات تهف اجنحتها لرقصة الوداع قبل ان تنتهي الجولة، اجساد جامحة متكورة متداخلة، النوادل منشغلون بتأمين المطالب، ساد الصمت بينهما لبرهات احس فيها ان جبلا من الجليد يندفع في الاشلاء، يحاول بمرارة طمر نداء التذمر على الدوام، نهر السنوات الاخيرة عاني من اللدغات المتكررة وتلهى كثيرا بردم الحفر، العشبة العفنة تكبر في الوجه الاملط، يختار الكلمات بعناية حتى لا يفقس الكدر، استمتعا بالهدوء وشربا مشروبا منعشا، غيرت الامزجة السيئة، داعبها بالقفاشات وكمشة من الكلام المبرنق ، ارتسمت على المحيا بسمة عريضة، بسمة بددت المخاوف والظنون، لمسة من شظايا قبلة على الراس رحمة بالولدين، ينطفئ الحنق بالمرة يتوارى من ثنايا الكلمات ونظرات العتاب .يرقص طربا، فرحا، يتعب ولا يستريح، يطلق مبهمات عن الحياة، ويرسم مبهمات عن الزواج، يهرب من العالم الهيولي يجدبها برأفة، لم يعد الفحل المعلق في الخلايا، الهة الخبث تستحم في المحاجر، اتفقا على ان يعيشا بحرية، لها ان تضاجع ما تشاء وقت ما تشاء، اعجبت بالفكرة وجلست على صخرة الإحساس تراقب الديوث، هي الأكثر تشريحا وتقريعا على شاشة الشائعات، عاشت الوهم مع رجل فارغ، والجسد ما حظي بالآهات طوال سنوات، المسام خمارة لبقايا الاختناق. شعرت بالارتياح الشديد اول مرة تبرم صفقة مربحة على وردة العرض . لن تستيقظ مسبقا مرعوبة من حصاد الكوابيس خوفا على روح مفلسة، ولتنهي سمفونية التراضي انهالت عليه بأسئلة مقلقة حاملة راية الغنج والدلال، اسئلة واضحة قبل اقتراف الخيانات بتوقيت التفاهم.

- ما حشوماش وسختيني قدام الناس

- سمحي ليا بزاف... راني حمار كلب

- حرزو عليك دراري وما الشطابة...ما لقيتي فين تمارس الشذوذ غير دار اولادك

- عمرني نعاود ...عارف قلبك حنين وكبير

الرغبة وحش جائع، يمشي في الدهاليز مشية الوزواز قصير القوائم، يحسن الرقص على الاشلاء، ولج الى مكتب في الطابق الاخير، تعانق مع انس لمغمدي عناقا شديدا فاتحا الذراع، تباوسا من الفم في شيق واشتهاء، اغلق الباب بأحكام، لم يقويا على مقاومة لحظة الاستفراد وتدفق الترف العاطفي، تعالى صوت الحشرجات اشبه بتأوهات عروس بعد فض البكارة، سحب انس قارورة بها مسحوق ابيض، سكب بعضه على حافة المكتب تقوس، دفع منخره واستنشق بعذوبة، فعل الرقاص مثله، ارتخيا فوق الكراسي لبعض ثواني، تعزف الشمة قنابل الشيطان في الجماجم، كل يوم بحاجة الى حقنتين، الحقنة الانفية والحقنة السرجية، كل عطلة اسبوع يمتطي السيارة ذات الترقيم الاحمر ، يطوف في ارجاء المدينة و خارجها بحثا عن الصيد الثمين، يغرق في الانحراف و البحث عن الدواء الشافي مع اصرار وعناد كبير على اثارة زوابع من الكلام، غليظ عريض المنكبين يلبس نظارة طبية ، حين يتحرك تنذلق عجيزة ممتلئة من كثرة الجلوس، لا يتورع في تقمص دور الانثى، في مشيته وكلامه وحركاته ثمة امرأة قابعة متبرجة تنتظر الخروج، تضيق النوافذ وتختنق الرؤية ويتجلط التفكير، لا يكف عن تقيئ التفاهات يسقط الاوغاد من الثقوب بسبب تعفن العفة وانسداد شرايين الثقة، الكبت مضر بالصحة صاح من الثمالة وسط جمع من الموظفين والضيوف المهمين القادمين من خارج المدينة، تتنمل الأصابع من بلادة الشرح على سرير بارد واريكة فارغة، الموقد بحاجة الى نار محرقة لتوقيع ارتعاشه على جبين الصحراء، لتندك رزنامة النتوءات، تنطلق الآهات ويستحم برائحة اخر ايلاج مثير للصراخ والعويل، انس ضليع في تجارة الأرباح القذرة، تمرس في استدراج الضحايا من المرتفقين، الراتب الشهري منكمش لا يسد المطالب الملحة، الادمان جرثومة نخرت العقل، يصحو مختنقا ويهرع الى الحقنة الانفية هربا من الواقع، ابوه كان رجل سلطة متسلطا جشعا، مدمن على جمع المال الحرام، النار تلد الرماد والخواء، يبيع الابن لحما مقددا في سوق الغلمان، ليلة تلو اخرى يبدل عطش الجفون على ينبوع الدبر، يبحث عن مكان تحت الشمس وفي المخيلة دزينة من الخراطيم اللحمية المشتهاة على عجل، التعقيم ضروري من الفيروس اللامرئي للاستواء، اطعام السواقي العطشى، اشعال النجوم الخابية، العمل الاداري يحتاج الى تشحيم مستمر لضمان التركيز والإنتاجية، الاحتراس من الرياح العاديات التي تضرب بدون انذار، والادارة افخاخ كبيرة وكثيرة تستوجب الاحتراس، عمل مع الفشلاوي في السابق تلقى في مناسبات عدة الصفع والتوبيخ عن المحاضر غير المستقيمة، كان يحصل على الفتات من كل ملف مزور، بونات بنزين وتعويضات شحيحة، الدانكي كريم وسخي مع المتعاونين، رقاه في رمشة انبطاح واسهال الى رئيس قسم التعمير، من حقه ان يسترد ماء الوجه ويسور الغنيمة، يصنع هيبة ويتمدد في مصارين المدينة، في بضعة اشهر حفظ عن ظهر قلب قاموس والاعيب النهب والاختلاس، بنى اسما من حطام الإرادات المتناقضة، النزاهة والشفافية بدون قيمة في وطن قوامه الارتشاء والزبونية والمحسوبية، لا شيئ تغير مند الاستقلال سوى الاسماء والمراكز، الادارة سوق حرة لتجارة المجهول بالوهم و القفز على المنطق والعقل، الشاطر من يستل الرشوة من خرم ابرة، يعرف فتح الجيوب المغلقة بالضبة والمفتاح، يستنبت عشرات النواطير لزرع بذرة الشك في المرتفق المتحمس لإنجاز المشروع، يفرقون بالفراسة الزائدة بين الغث والسمين، الحذر كل الحذر من الجشع، الجشع اسقط العديد من المرتشين في السنوات الاخيرة، اجهزة الرصد تحمل في الجيوب والخواتم والازرار والنظارات ، المرتفق يدفع المكس ممهورا بفتاوى المنع والحرام، يحتاط من المرتفق الفاهم لقانون اللعبة، الملف المتكامل المنجز وفق المطلوب لا يحتاج صاحبه الى الفرم، الصيد السهل من الجيف النافقة فوق اوتار القانون، في الليل يزحف العربيد فوق تضاريس الجسد، يتعرى وينبطح على الكرش، فوق المنضدة مبلغ مالي مهم، لا حركة في الخلايا المشلولة الا بانتصاب القضيب والقذف والاقتحام اللذيذ، القشور النيئة موعودة لفورة أفران الطهو، يراقب التقاسيم تتفصد في المرآة، الثور الهائج يدفع القرنين في الفجوة، يتعرق من لهاث التعب يقيئ بويضات التخصيب.

- الا بغيتي نسربي الملف ديالك خصك تدفع لهدية

- موجود غير دير خدمتك

-راه خاصينك شي وراق... وخص اللجنة تخرج دير محضر معاينة وهاد شي راه مكلف وراك عارف كلشي حال فمو من لكبير حتى لصغير .

- حدد المبلغ ندفع كاش

- ما قلتي عيب

لاحت امامه صورة الموظف الحديث العهد بالإدارة، استقبله في البيت مظهرا عطفا وكرما كبيرا، تناولا الغذاء والعشاء في المقهى، قاما بجولة قصيرة في المدينة، تخللتها شروحات عن الحياة الصعبة والناس الشحيحة، اقتنيا قنينات خمر وعلب سجائر واطعمة جاهزة ، اراد الموظف دفع النصيب لكنه امتنع، لعبت الخمرة في الرؤوس، الترحاب الزائد والحركات الانثوية ولد في الضيف بعضا من الحيرة، ان بعض الظن اثم، سقطت الآية في الدماغ مثل شلال كاسح، تلاحقت الكؤوس على انغام موسيقى هادئة، يدخل من موضوع الى اخر، يفرغ في الجوف قناني الجعة ويستنشق الهروين، تماما مثل ساقية اغرقها الجفاف، فتح ازرار القميص ،وما لبث ان خلعه، فتح حزام السروال فتخلص منه، عاريا في تبان لا يغطي سوى مستودع الاسرار، الايحاءات ظاهرة دعوة ليلج النور في الاماكن المظلمة ويحل اللهاث، يعوي الذئب في خميلة الدبر، كسوف الوجه بالعربدة يطمس المبتغى ، الثرثرة المشحونة بالجهل والحقد حولته الى انسان اخر، اقر انه لص يسرق ارزاق الناس بالمنصب الاداري، الضيف حائر يبالغ في ستر المجون ، اطفأت الانوار وتلاشت الخيالات ، ناما في سرير واحد، احس الضيف باليد تتحسس الازميل بحركات مدربة، لجمته الدهشة لهنيهات، الامر تجاوز الظن، يقبض على الافعى النائمة في الجحر ، تفر شهقة على تجاعيد الرغبة، يسحب سحاب السروال، انتفض من مكانه ، ملسوعا، مرعوبا، ارتدى المعطف الصوفي على عجل، فتح باب المنزل وغاص في الظلمة، طرق ابواب اول فندق في الشارع الرئيسي، في اليوم الموالي حكى بمرارة وحنق على مسامع الموظفين ما جرى معه ، اللعين يريد سرقة الوهج من اعضائه المشعة بالفحولة. ضحك بعض الموظفين بهستيريا على الموقف المخجل، اسئلة تخبز الجوع في المعدة ، واجوبة متنافرة عارية الملامح.

- لو سألت لجاءك الجواب في الحين

-هذه الممارسات اللواطية يبدو انها اصبحت عادية


- اكثر من عادية

يطوف الرقاص الخديوي يوزع لوائح الحضور على المكاتب، الدانكي اصدر التعليمات بضبط الموظفين الاشباح، لا تساهل ولا تسامح مع المتغيبين بدون عذر، المسؤول الاول مغيب بلفافات الحشيش، ترك الجمل بما حمل للغلمان لتدبير امور شعب الامازيغ، الاقامة تجمع ليلي للشواذ والمنحرفين، فلفول والنوخو وفوفو ونونو منشطون للسهرات الماجنة، بدونهم لا يكتمل النشاط، خرفان تشوى على النيران الهادئة ، ممنوعات صلبة تستهلك بلهفة شديدة، خمور مستوردة من اجود الانواع، فلفول كبير المفسدين والعريق في الانحراف حمل من مدن الشمال عشرات القنينات الفاخرة، هدية للمسؤول الاول والضيوف الكرام، الوجوه النسائية ممنوعة من الصرف، الدانكي وضع الضوابط والشروط، تتآكل في جوف الليل الكلمات، تمتزج الايقاعات المنطوقة بالحشرجات، يختبئ المنحرف خلف بوابة كبيرة ليمارس الرعونة، يجاهر بالرغبة المكبوتة، لا حاجة لاستنزاف رزمة التلميحات لأثارة الغريزة، حين تنحني الهامات لاستقبال ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب، تتخلى عن الكبرياء والصرامة والحدة، الحفر بين الفخدين انهرا وجسورا مزهرة باللذة تلك الغايات والمطلب، التذوق بشره للثمرات المحرمة، المهيجة للعقل والحواس، الدانكي يعرف كيف يختار الجياد القوية لسباق مسافات الخطيئة للوصول الى الذروة، بحثا عن لحظات الانتشاء والسفر الفيروزي، يصل الى مكتب وسعيد وجده مغلقا، بدل الصراخ والعويل والتقريع، دفع ورقة الحضور من فتحة الباب وقفل راجعا، وسعيد قنبلة موقوتة، أشبه بحزمة ضوئية محشوة بردات الفعل.
يطرق الباب ويقف امام الدانكي متخشعا، يقدم تقريرا مفصلا امام عشرات الرؤوس المستمتعة بالعبودية، يستمتعون بالجهل والغباء والسخافة والكذب والرياء، يستمتعون بالعهر الرابض في الاوامر والنواهي، صميكة اخت العقروشة تفتر عن ضحكة مخنوقة، تضع كثرة الاصباغ المتنافرة، الوجه اشبه بخربشات طفل على الحائط، صدر شبه عاري، الاوزات تنام في وداعة في حقل محشو بالجراثيم، التنورة الضيقة تعصر اللحم المنذلق تظهر منه خطوط زرقاء، ظلت لساعات طوال امام المرآة، لتعانق بغبن ووقاحة البشاعة، عليها تكسير تلك المرآة الخادعة، تعتقد في الوعي الباطني انها ستأسر بقلوب العاشقين وترسلهم صرعى بطعنات الهوى، تعثر النور بالظلام المقعي فوق المحيا فانبلج القبح، النساء من حول الدانكي يتنافسن في السر والعلن للفوز بقلب مالك الاقطاعية المفصلة على المقاس، يرسمن الخطط ويعرضن المفاتن لإثارة الغريزة، رميت قطع النرد وتحركت صدفات الودع، كل واحدة تحلم حلمها العميق في امتلاك شهبندر الجهل ، يحتكمن الى سلطان الزمان و الوقت، حدجته بعيناها المبرنقة لعلها توقظ اجفان الحضور، لطمتها اللامبالاة والخيبات الشاسعة، عادت للشرود كسيرة واخذتها المسافات كغيمة لم تمطر، المرايا وحدها الفت الوجه البشع، تململت فوق الكرسي ضجرا، الدانكي لا يكف عن الثرثرة السخيفة والمملة، لا شيئ مهم غير صفير الخواء، لا جديد ولا بشارة سوى اضغاث احلام مضرجة بالتمويه، لا احد يعارض ويصرخ في الوجه الطفولي ، كفاك عنجهية ومكابرة وأنت الامي الانتهازي ، جملة وحيدة كفيلة بقلب الموازين، الصمكة سحبت ملفا من الحقيبة، قرات بضعة سطور، تعثرت في الجمل المكتوبة بخط رديء، نهرها بعنف فارتعدت الفرائص ،احمر الوجه المثخن بالمساحيق، الشيطان عزف مقطوعة التخويف للتغطية عن ادارة مفلسة وعمق الازمة، سياسة المسؤول الضعيف المدثر والمستقوي بأجهزة الامن التي ترعب الشعب، في اوطان مقتولة مصلوبة على قارعة التخوين، تجرعت الاهانة بغضب مهيض ومر، سيدها يروي حقول الفاكهة المحرمة في الليالي الظلماء، يحمل في الوجه علامات الالهة ولافتات المنع، له الفضل الكبير في التوظيف والتنقيل من مدينة اخرى، فهمت نزوح الغريزة نحو شاشا.

- شفتو حاط عليك العين يا اختي شاشا

- كلها وزهرو

- شفتي ما بقاش كيديها فيا...

- الرجال ما فيهم ثقة

الصمكة تعالج الصفعة والصد بمسحة عطر، ادوات للتفريغ تدهس كالحشرات يملن حيث العليق والنشاط، يعرضن في غبن ازقة الاجساد بمساحيق مغشوشة، لم يبق لها سوى الخيال تتجمل برسوماته الوردية، مند زمان علمتها الاخت العقروشة تكسير شوكة الضمير، تنكيس رايات الندم حين تمطر ببذاءة الفاظ الهجر، العيش خارج المشاكل يقتضي الركوع لآلهة ناهبي الحقوق من خاصرة المواثيق والاعراف، لايهم ان تظل وحيدة بدون بعل يشعل الشموع الخابية، نهاية الخونة والمتملقين مرسومة بعناية، واجنحة العشق اوهن من بيت العنكبوت، شاشا ترتدي ملابس الإبهار تليق بالتقاء متيمين ، تضع رجلا فوق رجل، تستفز بقية الحضور بالأفخاذ الخالية من الزغب، النساء اكثر استعمالا لشفرات الحلاقة في حصد حشائش المناطق التي لا تراها الشمس، بان التبان الاحمر من فتحة التنورة الزرقاء، الوجه يتلألأ بعيون اللهفة، متكئة على صولجان الثقة الزائدة، تعض على الشفاه بهدوء كلما اخترقتها العيون وتذكرت القبلة الاولى والمضاجعة الاولى، شاشا محترفة في تشتيت إفرازات الهرمون، خبيرة بأمزجة الرجال، عملت في صالون للحلاقة والتجميل، افترشت باسم الحب والرغبة الجامحة وباسم المال، اختيرت عارضة ازياء لشركة مغمورة، اخدها الطمع والرغبة في الثراء السريع الى بحر الاحلام المدلهمة، قاومت الصخب المتسلق بارتداء ملابس العفة، اختلطت بالنساء الملتزمات المتحجبات، تداهمها الطقوس والابتهالات بجرعات منوم، دخلت المساجد واقامت الصلاة على خشوع وتوبة، ترجت الله ان يغفر الزلات يمحو سبورة مثقلة بالذنوب والمعاصي، الله غفور رحيم،الرحلة في اكتشاف المجهول لم تفلح ،ثارت الكلمات المحشوة بالنبض تحت الصرة، بضعة اشهر من الصمود اسند الوجع هربا من الوجع وفاض الالم في الدماء، نداء الجسد اقوى واعمق جرفتها هزات الحوافر واقتحام الخيول، رمت أدوات التوبة بانت في الافق لواعج وثمرات الحنين، ابتسمت لرجال ببدلات وسيارات فارهة، مسحت عنهم لفحات الغيم والهم، تسقط صريعة العبارات المنمقة، واجنة الشهوة تتزاحم مختالة ، تندفع في الرحم، تستحم بالعري ورغوة العماء، من عمى الظلام والحشرجات تشرب انخاب الضوء، عادت من الترحال بعد عياء وتكلس في المواقع المقعرة، اغتسلت من الاثم بالانخراط في جمعية المعطلين، ضمدت جرحا بين الفخدين التقطت من النزوات الانفاس ، رفعت الشعارات مطالبة بشغل يحفظ الكرامة، ضد الخراب والبؤس والشقاء والاقصاء، ترفع شارة النصر .

- هذا عيب هذا عار المعطل في خطر

- المعطل اليد اليد ثورتنا لازم تكمل

- عليك امان عليك امان...... لا حكومة لا برلمان

تنشر النهارات في جرائد الغضب، من فجوة الخوف تلتقط شبق العابرين، ترقص العصا في ايدي الاجسام الفولاذية، التحذيرات بكسر الجماجم والعظام تاتي مستفزة ومرعبة، ترتفع الشعارات الهادرة، يقعي الغاضبون على الارض، تصفق الاحذية العريضة على اسفلت شققه المطر ،كاميرات تحنط الوقفة السلمية لحملة الشواهد، المسؤول يضرب موعدا مع اقتراب الهزة القمعية من الاجسام المسجية في الشارع، موعد يموت في أدراج الخواء، شاشا تعانق امنيات تسحب من رفوف مهجورة، امنيات دثرتها تنهيدات وشهقات الامسيات حين تعانق الفراغ، تفقس في الذاكرة عشرات الصور الخبيثة لسفر مبتذل على اجنحة القدر المجهول ، ضربة خفيفة من ركبة الصمكة تعيدها الى الواقع، قرأت الورقة بصوت خافت، افكار كثيرة مرتبة بعناية، سهرت الليل بطوله، تنقب عن بعض المشاريع المذرة للدخل، المرأة في صلب اهتمامات اعلى سلطة في البلاد، محاربة الهشاشة والاقصاء الاجتماعي عناوين عريضة، تعلو البسمات على الوجوه، تصفيقات حارة، استسلمت منسابة مع التنويه بفرح عارم والم اكيد، خطوة اولى في بناء اسوار تحمي من الغدر والحماقة، تساءلت بلوعة وخبث هل تصلح الكفوف المصفقة لحرارة الحب وتشحيم الابدان، اجابت تصلح للتطبيل والتزوير.
عزوز الكرواطي المهندس يقدم تصورات عن طريقة تدبير ملفات محاربة الاقصاء الاجتماعي، عيناه تدعك وجه الدانكي، مكنه من قسم الموارد البشرية في فترة سهو وانسحاب الرقيب ، ولد من رحم الفقر والفاقة، نام في الاسطبل عشرات السنين، لا ماء ولا شجر ولا لباس، عاريا يمشي في الحقول، يتسلل من الفتحات الصغيرة الى البساتين ليملا البطن، متحاشيا النظرات يخاف احمق الدوار الذي يخنق الاطفال ويعلقهم في اعمدة الهاتف، يخاف عسس المزارع، الجوع يخرج من غبش الغفلة، البساتين عالم مسكون بالشياطين والاشباح والارواح الشريرة، الاب يعمل مياوما في المراعي، الام تغزل الصوف وتقوم بأعمال السخرة في قصور علية القوم، ادخل الى المدرسة القريبة، وجد الطعام والمرق وقطع الخبز الكثيرة، يأكل يوميا حتى الشبع ويجمع الفتات، انفتحت كوة الضوء في المغارة، احب الدراسة واكلات المطعم المدرسي، ايام العطل الاسبوعية والصيفية يحس بالفراغ، اشترى اباه كبشا وثلاثة نعاج وحمار بمال الاستعطاء، بنى بيتا من طين بمساعدة الفلاحين، يمطتي عزوز ظهر الحمار ويقطع المسافات لجلب الماء في الصفائح، في النهار يرعى القطيع الصغير، يغافل الناطور ويتسلق شجارات التين والرمان، يسطو على حبات الطماطم والجزر ، يبتلع الثمرات بسرعة كبيرة، تتيبس الاوراق على الاشجار المثمرة، يشعر بالاسى والاسف على انقراض الغلل، الفاكهة الشوكية ( الكرموس الهندي) اكثر اغراء، صنع مقبضا من عصا قصب ، شق العصا من الراس بسكين ، وضع حجرا في الشق وثقبين موصولين بالحبل، اشبه بفم ثعبان، حين يضغط على الحبل المصنوع من نبات الدوم ينغلق الفم، يلاحق في هدوء ثمرات الصبار المشوكة الطازجة، ينزع الاشواك بضربات خفيفة بالأعشاب يملا السلة، يلاحق اعشاش طيور الدوري، يشوي الصغار ويسلق البيض، عالم صغير مصلوب تحت الرغبات، في سن العاشرة اصبح له اصدقاء من ابناء الدوار، عصافير تعشق الشقاوة حد الجنون، اينما حلوا يخلفون الدمار في الاشجار المثمرة والخضر، لا مكان للهرب والاختباء حين يطاردهم العسس، صفع وركل وضرب بالعصا، على الجمجمة طاف الحرف والمعنى، تفوق في الدراسة واظهر نباهة مثيرة، انتقل الى داخلية المدينة القريبة، تخصص في العلوم الرياضية واظهر نبوغا وذكاء، خلف وراءه سنين القحط والعراء، بعد سنوات من الكد والاجتهاد المضنى تخرج مهندسا، فرح الاب والاهل فرحا عظيما، الاستثمار في الابن كان جيدا، القرية احتفلت بفرد يهرب من الفقر والفاقة، الفأر الذي تسلل الى الحقول وقضم التين والرمان والخضراوات اصبح موظفا حكوميا، الاسطبل القديم شاهد على البؤس وحقارة الحياة، يدس الراس في الاوراق، يبصر جيدا خيانات الثقة ويزكي، يسقط الشيطان مرتعبا من الخسة والدناءة، عالق في معطف الانبطاح، يخاف ان يشيخ بالإفراد مثل البعير المعبد.

- اسيادنا مازال خصنا نبحثو على مشاريع في المستوى

- فعلا راه المسالة كتعلق باقليم شاسع وضروري نلبيو رغبات رؤساء الجماعات

- وكذلك الجمعيات لي غتقوم بتنفيذ المشاريع

- الجمعيات كلها ديالنا

يرسمون الخطط للنهب للأثراء السريع، في السجلات وبين الملفات والمحاضر، الدانكي ينظر الى ما وراء الجدران، ينتظر اللحظة ليغرف من كنز علي بابا، لا حاجة لكلمة السر، يبتسم في الداخل سار وراء الركب لسنة ونصف السنة اصبح الركب يسير وراءه،انقلبت الموازين بين عشية وضحاها، يقلب الملفات يرفع الحاجبان، يسطر في الورقة سطرا غير مستقيم اشبه بتلميذ حديث العهد بالكتابة ، يشم من خلف المداد رائحة الغنيمة الاتية من خلف الضباب، فاز بالسكن الوظيفي المترامي الاطراف، جهزه احسن تجهيز بأموال الشعب، افرشة ثمينة باهضة التكلفة، تلفاز من الحجم الكبير وخزانة من الاكاجو، ملابس فاخرة من اشهر الماركات العالمية، المسالة ليست تبذير ، الرجل المهم يحتاج الى العيش الرغد لينتج، مشاريع في الورق بالملايير، يحرث من طين الافكار مداخل ومخارج للرعي الجائر، لتمرير العواء والخواء لابد من الضجيج والضوضاء، كاميرات وابواق وسوق بشرية لتسويق الصورة، استدعى رؤساء جمعيات كربونية، الزقزوق والماجني والعبد الديوث، اصدر تعليمات واضحة، اختيار الثلاثة لم يكن اعتباطيا، كانوا بالأمس جنودا مجندين في ثكنة الفشلاوي، خبروا طرق طمس الحقيقة والرقص على الجراح، العبد الديوث يقايض الانتماء الى الجوقة بالطلبيات، العمل الخسيس له ثمن، انخدش ثوب الحياء بسبب المران الطويل، نسي في محطات الاحترام اساليب الكياسة، لا حاجة الى تدلل لا يشحم العجلات، الصندوق الاسود يتدفق عملات كفيل بإعادة ترتيب الاصوات، الاصطفاف يعني الاستنفار عند الضرورة لكم هائل من المرتزقة والاوباش، مواجهة شراسة الكلاب المسعورة، ظل الدانكي شاخصا يستمع الى العبد الديوث الذي لحست عقله الثروة والجاه وترك الزوجة في احضان العشاق، مرات عديدة ضبطها متلبسة، لم تتحرك في الرجولة ولا النخوة ابتلع الصفعة وصام الكلام،من المال يستمد العزاء و يقاوم المرارات، يحرك الراس صعودا وهبوطا، وقع الاتفاق ورفرفت بلابل الاحلام، استمالة الزقزوق كانت عملية سهلة جدا، الزقزوق سهل الانقياد والشحن يعشق الظهور مع رجالات السلطة، الوقوف امام عدسات المصورين لا خذ الصور التذكارية للتباهي في الازقة والحارات، يحشر الانف في كل كبيرة وصغيرة، يرفع التقارير اليومية الى جميع الجهات، تبول فلان على حائط المدرسة، تغوط فلان قرب السوق واخر على سور المستشفى، تحرش فلان بزوجة فلان، يتيح لفضوله الوقح لقطات مبتكرة ، لم يشعر ابدا ببركان العجز تجاه صغائر الامور، من حبه للظهور واللعب على حبال التزلف ، طلق المرأة وهرب الابناء ورماهم في حضن والدته المسنة، ترك دكان النجارة مقفلا، تراكمت ديون السومة الكرائية، باع المعدات وخاصم الحرفة، ما العيب في أن يكون حائطا لصد الهجمات في لعبة الاختلاس، خادم خدام الدولة سيدهم، الزقزوق يؤمن بالكرسي والجالس عليه، لا يتاجر في الوطن بل يخدمه، شاة القلب تحسن الرعي في الفتات، يرقص على أوتار المسكنة، في الفم رائحة تتدلى من وعد عرقوب، سنوات يرتجف بين سيقان الضياع، الفشلاوي رشحه لمنصب عون سلطة، ذلك كان صك المقايضة الذي التهم اوقاته الاليفة، الدانكي وعده خيرا في القريب العاجل، قضي الامر وزفت البشارة، الماجني قطع تذكرة المغادرة إلى حقائب السهرات والنصب على النساء الطاعنات في السن، يكرع من زجاجات النبيذ فخرا وعزة، دائما حسن المظهر انيق، فارع الطول يتحدر من سلالة سكنت في دور الطين لم تعرف التمدن الا مؤخرا، اعيد هيكلة الحي الطيني، باع قطعا ارضية موروثة، اشترى سيارة مستعملة، كل ليلة يمشي في موكب دون هتافات الى الخمارات ، مكنه الفشلاوي من ملايين لتمويل مشروع صناعة ملابس تقليدية، في الشهر الثالث باع الات الخياطة و المواد الاولية، تركه يتلو آياته المقدودة من غزوات مجهضة.

- نعم اسي انا موجود ولكن ضروري خصنا الدعم المادي باش نتحركو ونجمعو الناس في الوقت المناسب

- شحال اخصك...

- كلك نظر

- ما قلتي عيب

ادانة الاستهتار والازمنة المهدورة بسبب الغشاشين وتجار الوهم، الاموال المسروقة مند الاستقلال من المنطقة المنكوبة، صهيل الطبالين وتجار سوق النخاسة، تأجج موقد السعار وبانت علامات الارتكاسة، الدرب طويل في منطقة تصارع الفناء، العيون جاحظة تنتظر فرجا من الله، تهاجر نوارس الذاكرة الى الجالس خلف الكرسي، اتى من العدم وسرق الجمل بما حمل، تستحم الوجوه بالكلام المطرز بعبارات ندية تنهش القلب، تسكت عصافير الغضب، كل صباح يستقبل عند البوابة الكبيرة بالتحايا العسكرية، يصعد الادراج تفر طقطقات الحذاء، يهرع الناطور الى فتح باب المكتب، ساعة تلو اخرى يستقبل جحافل من المهزومين من شياطين الإنس، تكيل اللعنات لالهة الدمار السابق و ما قبل السابقين ، مسببو التشوهات المنتفخة من الفقر، الهواء مضمخ برائحة عذبة المشتهى، السيدة الجالسة امامه تريد تمويل مشروع لبيع الخبز في الشارع، تحتاج فقط الى عربة ومبلغ مالي صغير، لديها ستة اطفال يتامى، تفرس في الوجه المجعد المليئ بالاوشام تماما كما الايدي ، وجه مطرز بالأخاديد الغائرة، من الجيوب خرجت الحكمة، يبيع ما لا يباع في الهواء ويشتري العظمة ، من نفس السحنات الكالحة اليائسة الكئيبة، المطحونة في مطاحن الحياة الصعبة والقاسية، يمطر الزوار بباذخات الوعود يرسلهم فوق بساط الريح يعانقون المستقبل ، الكاتبة السمراء تسجل كل كبيرة وصغيرة، يضغط على الزر ، يطل الحارس براس تسبقه كلمة ( نعم اسي) ،يطلب فنجان قهوة سوداء وقارورة ماء لا رواء العطش، يمدد الارجل المتنملة تحت المكتب، يشبك الايدي وراء العنق، الكاتبة السمراء تلتهم الاسفلت، اكثر من اربعة ساعات محنطة امامه، تشعر برغبة عارمة في التبول الوجع يصهر النفس وتعرق في جداول الحيرة، متأرجحة بين القسوة واللين، تخاف من الغضب والسخط الاهوج، عقارب الساعة تدور بتثاقل، ينبثق المغص من ملامح الوجه، يستفسر ويأمرها بالانصراف، تهرع مضببة الرؤى الى دورة المياه، هينيهات تقف على شرفة النور، تستعيد الاشياء رونقها وتصفو، طرقت الباب طرقات خفيفة سمعت صراخا بالداخل تجمدت الدماء في الاوصال، الدانكي يوبخ موظفا افسد عليه التأمل بدون طرق، خرج المسكين مهزوما محمر الوجه.

- واش داخل الكوري نتاع لبهايم علاش دارو الابواب

- سمح لي نعم اسي

- سي هو المنشار... جمع راسك ولا نلوحك لشي جماعة اخرى وما تبقاش تعاود

- وخا نعم اسي

- خرج عليا...برا

لترهب الاخر عليك دائما تفجير الغضب في الحلقات الاضعف، جلد الضعيف ليخاف القوي، يمتد سجاد الولاء لما يكفي، يشتعل عنفوانا وفخرا، يتحفز شموخا، ينتفخ ،يرتدي معطف القدسية والعنجهية، يتوسع وهجا، يحطم اصنام الفشلاوي في النفوس، فلاح قروي ملفوف في جلاب صوفي ثقيل، يقف امام القديس ،ينتظر احجية الغيب، الأصابع المشققة تشير إلى عالم مجهول، نفق منه الدجاج والبقر، ماتت الاشجار واقفة، يتأسف على ايام هاربة مموسقة برائحة الشاي المنعنع والخبز الطازج، سقطت دمعتان ورسمت خطا على الوجه الشاحب، الكفاف ولى هاربا ، وراء سماء غاضبة، تزحف، تتلوى، تحرق الاخضر واليابس، السنوات العجاف تطوق الارجل تقبض الانفاس، لا يستجدي صدقة في الظلمة، اخبروه ان المسؤول الكبير يقدم مساعدات للفلاحين، يلعن الزمن الكئيب المثقل بغضب الله ،يختفي الكلام ويختنق، يتسلق السحنة التعب والغضب المهيض، الصمت معلق على الشفاه، لا حيلة امام وهج وانين المفردات العابثة بنياط القلب، يستدعي كبير الكهنة رودانو، يقف شابكا اليدين على الصدر،اللسان مدرب على طهي مفردات المسكنة ،يمثل دور المتلبس بالوفاء، رجال فارغين من النخوة مثل القوقعات المهملة على شاطئ البحر، وحدهم الوضعاء يفترشون الأنقاض ، بيادق الطاغية كالدم الفاسد ينتشرون ،متمسرا امامه بدون حراك يطرق الارض خشية انبلاج الغضب، يختمر الخوف بنواصي السكوت،كبير الكهنة موظف في قسم الشؤون الداخلية، خريج معاهد التملق والتزلف، سحب الشيخ الباكي وصعدا الادراج، اجلسه فوق كرسي وامره بالانتظار ، المكاتب الدبقة مقفلة، الدهليز طويل ملوث بملذات الاشتهاء، موظفات يقفزن من الجحور ويدخلن اخرى، يطلق اهات مملحة بعرق الجبين، رائحة البخور تشبه احتراق اعواد الزعتر في الفرن، يخرج كبير الكهنة يحمل مظروفا به رسالة، ارشده الى ادارة غير بعيدة، هناك سيجد الخير العميم سيأكل الاولاد حتى الشبع، الخير ما عاد ينبث من تحت اضافر الفلاح، طوابير من أعين تستجدي الرغيف خلف الابواب الموصدة، أكف تتضرع إلى الاه غائب وراء الزرقة، يغادر الشيخ الصخب و الوجوه المسربلة بالقتامة اضاعت بالتجهم بوصلة الضحكات، رودانو يتبرج ينافس النساء في اخفاء تسلق الزمن على الاشلاء، الشعر مصبوغ بالأسود الغامق، مدمن على الشعوذة والدجل، ينفق الملايين سنويا على التمائم والاحجبة والبخور، شوهد اكثر من مرة يرش محاليل ويردد كلاما مطلسما في مكاتب المسؤولين، يحرق البخور في المجامر خصوصا ايام العطل الاسبوعية، راكم ثروة مهمة من تزوير ارادة الناخبين الكبار والصغار، لكل كرسي ثمن في الجماعات وقبة البرلمان، تاجر في مناصب الشغل في السوق السوداء، اسعار التوظيف في سلك رجال السلطة والاعوان محدد سلفا، المباريات مجرد ديكور للإلهاء ورفع الحرج، رودانو ثعلب ماكر، بمنأى عن حشرجات التهم وتجلط الدماء في الشرايين ، ينفخ الكير من بعيد ويقف متفرجا على شفير ازمه النهب والسطو على الثروات ،عاصر مسؤولين كثر، طالت رياح التغيير كوادر وكفاءات بسبب مواقف وتصورات مبهمة، ظل واقفا رابضا لم تستطع اية ريح اقتلاعه من المنصب، تطارده الشبهات حين يتلقى الضربات من الاعلام المشاكس يختفي عن الانظار، لا يفهم شيئا في الادارة سوى الرعي الجائر في اموال الشعب.

- الا باغي تنجح في الانتخابات وتشد الرئاسة دفع

- شحال خصني

- شي 10 المليون جيبها في الميكة الشيكات غير مقبولة



- راني باغي كرسي في البرلمان اسي رودانو

- 150 مليون وجيبها في القصبة...هاد الثمن لي كاين في السوق

يحفظ عن ظهر قلب مواقع العليق، واماكن تمترس الفسدة وتفاصيل دقيقة عن الفاعلين والمؤثرين، طيلة خمسين سنة بعد الاستقلال لم تبرعم في المنطقة وردة النزاهة والشفافية ، نصف قرن تناوب على المنطقة قطاع الطرق وناهبي مقدرات الشعب، ضمه الدانكي الى الزمرة لأنه يجيد التنكر وتقمص الشخصيات، يلعب نفس المسرحية الكريهة ويعيد اجترارها بحرفية متناهية، ينتقل مسؤول ويقول فيه ما لم يقله مالك في الخمر، يقدم السم في طبق من العسل، الشر بأمانة محفوظ من الضياع، كثيرون انخدعوا بالابتسامة العريضة، يرسل الاعداء الى الدرك الاسفل من المحن، لا مكان للأخيار في الادارة، قلة قليلة ظلت رافعة شعار الرفض في وجه أسياد الشر الواسع الاحداق المزين الابواب بلافتات الداخلين، الباحثين عن الترقيات ومناصب للشغل للأهل والاحباب، وسعيد شوكة في حلقة تجار الذمم، يصارع لينجلي الليل ويعلن عبر مكبرات الصوت انتهاء النهب والاختلاس ، يعشق علانية تقليم مخالب الخونة، لا يتوانى في رميهم بخزيهم وعهرهم في الوجوه، يرفع القبضات وملاحقة المشاكسين، تعود الشتم والسب من الباب الكبير، يحفر بالإزميل خندقا في الافئدة، يدخل المرابون الجدد الى القوقعة ، يختنق كبيرهم ويصاب بالسعار، ما عاد قادرا على تنفس الهواء ممزوجا بالتقريع، حضوره الى الادارة يقوي الاحتراس وغلق المكاتب، تسرب المعلومات والفضائح يضع المسؤول الاول في فوهة المدفع، وسعيد يقبض على التفاصيل الدقيقة، اينما حطوا الرحال يحل الخراب والدمار، تلاميذ فاشلين في الدراسة يقبضون على جمرة المسؤولية، فاشلين في السرقة، يجلس في المكتب يستحضر حفنة الاغبياء يذبحون المنطقة من الوريد الى الوريد، جميع الاوراش تغرق في الاختلالات، مواد مغشوشة وتجهيزات ناقصة، من كثرة الفساد يخشى السقوط عن الوجه لون الماء، لم يندم لأنه اختار الطريق الصعب، الايمان بالقضايا العادلة والكونية مبدا مترسخ، لم يبق معه في السراء والضراء سوى العقل، العقل سمفونية الوجود، يقف شامخا كي لا تقضم سنابل الربيع في الادمغة، يلون الادارة بتأنيب ساخن وشحنات من التوبيخ، سجل الغش والغشاشين مدون في راس الصفحة الاولى، كثيرون خانوا الملح والطعام، امتد التبرم عميقا في شرايين العقول، انا ومن بعدي فليأتي الطوفان او الموت او الدمار، شعار يطلق الرصاص على اخر الاحلام في منطقة اختلفت و تاهت في شهية الكراسي، تتهادى اصوات الامس في الدماغ يطلق زفرة و تنهيدة.

- الله يبليك بحب الشعب حتى تلبس الدربالة.. دربالة المناضل ما يلبسها من والى.

- حقوقي ...حقوقي دم في عروقي لن انساها ولو اعدموني

- امريكا امريكا عدوة الشعوب

عدو الشعب الحقيقي هو الشعب نفسه، نار التنوير الصادقة انطفأت وترجلت الثورة الفكرية عن الهيجان، المناضلون المبدئيون بدأوا في الانقراض من الساحة، كثيرون غيروا جلودهم وافكارهم بالمزايا، القلة القليلة من اختارت الصمود ايمانا بالغد المشرق، رفضت اعتناق الانتهاء والاستسلام، الشوارع فصول للانفجار، ترقد يوميا على حافة الصراخ وطهي المطالب، غربان بلحاهم يبصقون قواميسهم المستفزة بركلات التسبيح، يهشون اصحاب الوقت بالآيات القرآنية والاحاديث النبوية، احاديث محشوة بأختام الاختلاف والقتل والسحل، وفي أسفل الحبل السري ترقد كواعب وقيان واسماء حوريات يقدسن شهوة الجنس، الكل يزمجر في صيحة المنكر، في الحوباء يمسك فننا من الفردوس المنتظر، يبصق في الكف القابضة على سيف مفلول ، يستحضر الحور العين ، يدعك السيف بتواده، يعرق، ينشف، يلهث، يسترخي، يلفظ اخر انفاسه على صراط التوبة النصوحة ومطارف الله غفور رحيم، الساحة غاصة بقراصنة التزحلق على جثت العباد للوصول الى المبتغى، صفارات الانذار صدأت مند سنوات، ورغم هجمات البراغيث والجعلان والبلاطجة، فان الثوري ضروري للحياة كالماء والهواء، انه يستفز التوازن الفكري ويدفع بالنقاش الى الامام، لكن جيل اليوم يتعثر في خطى الكلمات، يغرق لساعات في تركيب جملة مفيدة، الايام السيئة والقاسية تطل من الافق، الوطن استثمر في الدعارة والمجون، استثمر في الرقص والشقق الحمراء، استثمر في البذاءة والضحالة والاسفاف، الوطن مسجي على طاولة القمار جعل من الاقزام والرعاع ابطالا، خيرة الشباب والكوادر يهربون الى بلاد الحرية، لم يبق سوى الصمت والفرجة، في عز الحراك الاجتماعي، ومن وسط الاختلال والرعب يخرج زعيم البلاطجة، يمتشق الاسلحة البيضاء ويقود جيشا من المجرمين والسفاحين، يطاردون بيارق الثورة في الساحات والطرقات، يمنعون الوقفات والتجمهر، زعيم البلاطجة احقر ما انجبت ارض الامازيغ، مزدحم بالرعونة والجثث، الشتم والتهديد يخدشان ما صنع من تماثيل الهة الحرية والتغيير ، يقف مستعدا لتمزيق الاجساد بضراوة وحشية الطقوس والتعليمات، الاجهزة تتفرج على مذبح الخلاص باسم الحياد المصطنع، الفرق بين عصابة البطلاجة ومناضلي الحراك واضح وضوح الشمس في كبد النهار، الدولة البوليسية مرعوبة تعاقدت جهرا مع الحثالة لوقف العاصفة خوفا من النكوص، الربيع العربي اسقط حكومات طاعنة في القمع و البولسة، فتت ديكتاتوريات عسكرية، دفع الانظمة الرجعية الى القيام بإصلاحات لترضية الخواطر، لم يكن الامر هينا وسلسا، سالت دماء وزهقت ارواح وشرفت الالاف المعتقلات والسجون، رؤوس متسربلة بعظمة احلام التغيير، ترفع المطالب في الازقة والساحات، شابة تطوق العنق بكوفية فلسطين محمولة على الأكتاف تهتف بالحرية والعدالة الاجتماعية، يسقط، يسقط، الاستبداد والرشوة، الزامية التفريق بين الحكم والتجارة، لم تنفع المطاردات ولا محاكم التفتيش، الزخم الجماهيري يزداد القا وصلابة، الشعارات الهادرة تشكل في الصدور شموسا ويلوح المستقبل الزاهر، اغلال الخوف تتكسر وتكبر الرغبة في الانعتاق، آلهة الانصهارات والغد المشرق طليقة حرة في الصهيل، عنقاء تنهض من تحت الرماد، الصرخات المستعيدة بالموت والاذلال، ترتفع الزغاريد عاليا، يجهش المخبر والبلطجي في بركة الجلد والسحل، لن تستغرق الغزوة أكثر من عشرة دقائق، عشرة دقائق ليعود الهدوء الى الساحات المحتقنة بلظى الجمر، الزجالة سارقة المعاني والعبارات الخمداوي تركب دراجة ثلاثية العجلات، ابطاها متعرقان يرسمان بللا على الجلباب الاخضر، تتغوط في مكبر الصوت، تسقط الحروف لزجة، شاحبة الوجه منقبضة، تفتح باب الخزي والعار على سفوح التاريخ، تتغلغل في الرداءة وتحفر دربا في الندوب، ماذا يقول المتعبون بحمل هيكل الوطن فوق العظام المدماة، ما قيمة الكلمة الجرح في ميزان الايمان بالقضايا، تنثر في الفضاء بعضا من اللقاحات المزكمة للأنوف، تجرم التظاهرات السلمية تدوس على الدستور، تصدر فتوى الطلاق، طالقات زوجات المنضمين عشقا الى التجمهرات غير المرخصة، حرمت عليهن الازواج الى يوم القيامة، لاحتباس البراكين والموج الهادر تتبرز التفاهات، تصدح الموسيقى المستفزة ، يرتفع الضرب على الطبول والمزامير والنقر على الاواني لطمس قوة الشعارات ، من بين الصفوف يندفع فارس كالرمح بحصان ابيض حليبي، يدهس بدون رحمة الاجساد المتراصة الحاملة للهويات في الايدي الفارغة، صرخات وعويل وادانة، ضحايا سقطوا على الاسفلت، سيارات الاسعاف تنقل الجرحى الى المشفى بتلكؤ مبرمج، كبلت ايادي الى الخلف للمنبطحين قسرا على الارض، داسوا على اخرين بالنعال وانهالت الهراوات تكسر العظام، الزجالة المسخ الخمداوي تصرخ في مكبر الصوت تنشر الحقارة ،المتظاهرون اعداء الوطن، خونة يستحقون القتل والطعن حتى الموت، المعارضة سكتت عن الكلام المباح، نقابيون قايضوا الحياد بالمناصب للأولاد والاخوة والاخوات، وحده الاعلام المشاكس وقف صامدا في وجه الاغراءات ، غاب مثقفو الخواء والثغاء والنقيق ، يد واحدة لا تصفق، زعيم البلاطجة الفرشي انتصب بطلا قوميا في مسرحية دبجها النظام، مكنوه من العضوية في المجلس القروي، منحوه هدايا وامتيازات، بعد تسليم السلط بين الفشلاوي والدانكي، البلطجي ارث اداري محلي ينتقل بالوصية، متعهد مظاهرات عند الحاجة.

- خدمنا معاكم عطيونا حقنا

- غير صبر شوية الخير موجود ..هاد شي ما زال ما طفا ..كل مرة تشعل في قنت

وسعيد حالة فريدة في زمن الطعن من الخلف، فارس يرفض الترجل يستعد لحروب اخرى، رجع من حالة الشرود، السيجارة ترمدت ولاتزال لاصقة في الشفاه، اقوران موظف مهزوم داخليا، قليل الكلام يعشق الانطواء، لا يخالط الناس كثيرا، يرسل الآهات وكمشة من التأفف، الكلاب يخططون لإرساله على جناح التدليس الى السجن، يريدون تقارير مزورة ليغرفوا الملايير، سقط فوق الكرسي وطوق الراس بكلتا يديه، اصعب شيئ في الادارة ان يتم استغلال الكفاءات في سرقة ثروات الشعب، مطالب خسيسة تبعث الاسقام في الجسد ، يستعملون الاطر لقضاء المصالح الخاصة ويتخلصون منهم مثل مناديل ورقية في المراحيض، عيون الرقيب جاحظة والبحر ذو هيجان وظلمات ، تعرض للإقالة من المسؤولية اكثر من مرة، عاني كثيرا من انسداد مصارين الوفاء، كل الرؤوس تتحدث لغات ومنافع وعدم تفويت فرصة لنهش نصيب من ( الهمزة) .
المسؤول الاول يقصف الشعب بأفكار زائفة، الساسة يصفقون للخديعة، لا يستطيعون وقف شعاع الكذب المسربل بين الكلمات المقدودة من الوهم، يمضغون الكلام المعلب والمبستر، الناس يضطرب فيهم جوع الاسئلة الحارقة، الفقر يمتد على مساحات الذهول، الجريح يحمل حقائب الهوية الطبقية ويرحل باحثا عن معنى للوجود، التعامل مع اسياد القوم غير التعامل مع دود الحضيض، تتكسر أحلام الحالمين تصطدم بالأسلاك الشائكة، يكبر تعب وعرق الكادحين في المخيلات، تعفر جباه الفلاحين بالتراب والوحل، يموت كل دقيقة وثانية مـن ولعه بحب الارض و الوطن، مصر على رمي الحجر في البركة الاسنة، دينه على ملة العشق للنور والضياء، مقيم كدرويش فوق الجماجم العطنة، اقوران رفض حشر اليد في النار للظفر بفتات الغنيمة.

- لكلاب بغاوني نوقع على محاضر مزورة

- وقع باش ياكلو وتمشي للحبس

- عمرها تكون ليهم

- اش غدير دابا

- ما ندير والو غدي اقيلوني وجيبو واحد خصو ما ينقب

- واش خاصين صحاب اللقط موجودين ولكن ديما متبوعين

سرب من الحريم والصراصير وطوابير من السيارات المحمية من الامن والدرك على طول الطرقات، الطرقات المحفرة والضيقة من بقايا منجزات الاستعمار، مساحات الغابات بدأت تتقلص ، مطبات كثيرة في المنعرجات، السيارات تهتز بقسوة، بعض الرؤوس تشعر بالدوار ورغبة اكيدة في التقيؤ، خيط متواصل من الغبار يصعد الى السماء ، مشاريع الخير والنماء قادمة فوق غيمة شاحبة، صفوف من الساكنة تصطف على جنبات الطريق، اعوان السلطة استنفروهم في الصباح الباكر، الامتناع يحرم من العطايا والهبات الشحيحة، فرق موسيقية تصدح بالأغاني المرحبة، اصوات الدفوف تطمس جميع الاصوات، مكبرات الصوت تقيئ اغاني النجاح والخير العميم القادم من العدم، الخير ضرع دسم يصب في الجيوب المهندمة بعناية، جيوب الفقراء مثقوبة محشوة بروث البهائم، المؤذن ينادي للصلاة من فوق الصومعة المقشرة الجدران، المصلون على القبلة يصطفون بدون وضوء، وضع الحجر الاساس لبناء سقاية وطريق متربة تتحول في فصل الشتاء الى اخاديد وعرة، صراصير الاعلام يلتقطون الصور، الدانكي يحمل الملفات المهمة، يتقدم الى لوحة مزينة بالتصاميم ، يقدم الشروحات الى المسؤول الاول عاشق النواصي و الوفد المرافق ، الدانكي يحمل انبوبا ذهبيا تم حشوه بورقة وقطعة نقدية مغلق بأحكام، الدانكي يستعد لصب الاسمنت في الثقب مثل المسؤول الاول، جيش عرمرم من الموظفين ورؤساء ومستشاري الجماعات والاعيان والمخبرين والنواطير، ملايين تصرف على البنزين ، التشحيم وشراء الاطارات المطاطية، التعويض عن المهمات خارج الادارة، الشوارع والازقة اختزنت ما يكفي من موسيقى الأحذية، موسيقى مشبعة برائحة الخسارات، أفقروا المنطقة نهبوها، جوعوها، اصابها شر البلاء مند الاستقلال، ما زالت الرؤوس المدجنة تقدس مصاصي الدماء، قمة السفاهة والحقارة ان لا يساقوا بالعشرات الى المحاسبة ، من يحاسب من...؟ صرخ وسعيد ذات انذباح للصبر، الناس عبيد لا تشعر بروعة الحياة الا اذا تلقت الصفع والركل، اهل الحل والعقد يتناولون نخب الانتصار على منضدة الفساد، اولي الامر الكبار غافلون عن كنس وجه الصباح من غبار القلق، لتغتسل شوارع ودهاليز وممرات الادارة من الجشع والنهب، تخرج اللجن تباعا لمراقبة الاوراش، تصيغ التقارير بعناية فائقة، لكن المسؤول الاول خجل من الدقة ورصد الخروقات، في عضلات القانون يبتغي النهش ، الدقة تضيع الملايين، المقاول دفع مسبقا رشوة من تحت الطاولة، تمزق اوراق التقرير الاول لأنه غارق في الحقيقة، تولد لجنة من المنبطحين الراقصين على الاشواك والنار، لإجازة الغش ومخاصمة الجودة، شفط حق شعب مغتصب من جوقة السماسرة، لا حاجة للقلم النقي المستقيم المغموس في محبرات القناعة والضمير، لوسعيد قلم مكروه ومبارك، يهمس في اذن خفاش الادارة ان نسى يوم اقسم امام اعلى سلطة ان يصون العهد ويحمي الوطن ويخدم الرعايا، فوق الورقة توقيع خائف من الفضيحة، يوم القصاص كل يواري سوأته، والدبابير تصطاد المغفلين التافهين ، تلسع صغير الفسدة ، يسقط صريعا في كماشة التحقيق ويختفي موبوءا بقضمة العسل، قطع الغيار كثيرة والصراف يحتاج الى تشحيم في مفرخة اللصوص والقراصنة، الجرائد ورق مراحيض للمشاريع المغشوشة، تكريم مواكب السفاحين واللص الكبير شعار الاعلام البائس، كل ما يحتفى به خراب في خراب، تعتيم على التفاصيل اليومية، طائر اساطير الرفض والفضح محاصر بجيوش الذباب في خميلة التأمل، يغزل انفاس الصراحة الهاربة يطلق اعيرة نارية لإيلام الطيور الجارحة، الكلمات الثاقبة تأرجح الكراسي ترعد الفرائص تغرس في الاشلاء سهاما سامة ترفع معدلات الارق في الدم، يهدم في صبر واصرار المهاجع البغيضة ، للريح يكشف اسرار السقطات الأولى ، يسال المتمدد بجانبه كيف هي احوال المدينة، الطفلة التي تشد الرحال في غبش الظلام الى المدرسة في الارياف، تستيقظ تعبة مفزوعة كل يوم من كثرة المشي في الحفر والجوع، السيدة التي تنام في الطريق تمد اليد بحثا عن الرغيف، العامل في المزرعة يختنق بالراتب الهزيل .

- الاقليم كله ثروات ولكن الخير يذهب الى جيوب السماسرة

- الشعب من ارتضى الذل والشحاذة والركوع لمصاصي الدماء

- فعلا خمسون عاما ولاشي تغير باستثناء الوجوه

- المبقرة حلوب تعطي للغريب اكثر ما تعطي لابن الدار

- ما العمل يا اخي

- مقاطعة العمل السياسي والحزبي والانخراط في العمل الجمعوي

- حتى العمل الجمعوي اقتحموه وفرخوا جمعيات ذيلية

- النضال الجماعي المستقل السبيل الوحيد لتعبئة الناس وزرع دودة التمرد لا عادة الاعتبار للمنطقة ولرجالاتها الذين ضحوا في سبيل استقلال الوطن.

العلم يرفرف فوق قرية منكوبة، تعلو التصفيقات وتكبر التهاني، يمر القطيع الى خيمة مدت فيها اشهى انواع المأكولات، عشرات الخراف المشوية على نار هادئة ،كسكس بالخضر والدجاج، فواكه وقنينات ماء معدني ،الافواه تمضغ شرائح اللحم بشراهة، خفت الاصوات والملاعق تطرق القصاعي طرقا، البائسون يفترشون الارض غير بعيد وبعض زوايا الروح ندية، يرمقون الكائنات المتأنقة يتحركون في حماية امنية، حواجز ودرك في المداخل، يعتنقون احلاما مهمشة طريدة، قابعة في قعر الجماجم، ينتظرون التفاتة مباركة من اولى الامر ، اكلوا حتى التخمة وشكروا الصنيع، ببضعة طبطبات واكل مجاني تشترى الضمائر، يا الاهي كم كان الثمن رخيصا، شيخ معمم يفترش الارض فوق ربوة ، حذاء مرمي بدون اكتراث، في الفم يضع عود تبن، في اليد اليمنى عكاز من الطلح ينخر به الارض، يتكلم بصوت مسموع ،تمتد امامه الهضاب واشجار البلوط، قطعان الماعز ترعى في اشجار الطلح، قديما تسرب الياس و الوجع الى المفاصل، يسدد الضربات ما تحت الحزام لهؤلاء التافهين، يطوفون على جسد المنطقة يوزعون الخواء والهراء، يقودون سفينة التنمية المهترئة بلا شراع ولا بوصلة ولا مرساة ، الجالس بالقرب منه يبصق على اشباح وهميين يدخن بشراهة تبغا اسودا، سنوات شحيحة عاشت القرية على الانتظار، ارواح بالعشرات معطوبة، الفراشات هاجرت الحقول والشباب غاصوا في زحمة الحياة بسبب المناخ وقلة الحيلة، المحظوظون من دخلوا الجندية، في العطل يتغنون بجمال المنفى، يأتي صوت العقعق من شجرة سدر قريبة، اسود يتخلله بياض يقفز بخفة ونشاط، ثمة فتية يطاردونه بالمقلاع، يطير في الهواء ويحط فوق شجرة بلوط، الفرقة الموسيقية لا تزال تقدم الرقصات على بطون فارغة، الدانكي يسترسل في الكلام، المتحلقات حول المائدة يباركن الفتح العظيم، الصمكة تحتسي كأس الصبر، الابتسامة الصفراء معلقة على الشفاه المضمخة بالأحمر القاني، تصرخ في وجه النفاق، بصوت النداء الخافت يرتعش جسد شاشا، تصفعها غمزة الدانكي وتأتي رجفة الانعتاق من الشك، تنام العقروشة في خيام الذهول، والاخريات المتلفعات بالصمت حول الوجبة المسيلة للعاب، يراقبن التصابي الطفولي بين الدانكي وشاشا، امتزجا معا في شهقة الولادة، يحسدن وعاء التفريغ الجديد، لربما ينتظرن نوبتهن في سلسلة التخصيب، صفير عالي يكسر الهدوء، يتلملم الشيخ المعمم يحرك عنقه، يشيع مصدر الصفير واضعا كفه فوق الجبهة، لعن شباب اليوم المتهور العديم الاخلاق والتربية، لعن الفقر وقلة الشغل، طفل صغير يتبرز عند جدع شجرة، خيل اليه ان ما يفعله الطفل يفعله بهم هؤلاء العلاجيم، تذكر التجمعات التي اقيمت في الاستحقاقات الاخيرة، اقسم المترشح بأغلظ الايمان انه سيحقق الانجازات العظيمة، نصب الخيام وذبح الخرفان ومد موائد الشواء وبراريد الشاي، صحون المرق المزدهرة بلحوم الدجاج، قنينات المشروبات الغازية، امتلات البطون وانمحت الفطنة، اقسموا على كتاب الله بالتصويت للرمز، نصبوه برلمانيا ليكشف السر، حسن وضعه الاجتماعي ورحل عن القرية، تكلست الثقة في الحوباء في زمن المفاهيم الزائفة، التربة الهجينة لا تلد سوى الأوباش ولن يجف الرحم ، الشيخ يرثي نفسه لا احد يعرف ساعة الرحيل، يصلي الظهر على وضوء ، يستريح القلب من رماد الغضب.

- شفتي شحال صرفو على السقاية ديال 5 المليون سنتيم ... الملايين هداك البشر كلو مخلص من جيب الشعب المقهور

- اوا الزردة في بغداد قريبة يا سيدي

- واش هادو كيسحاب ليهم الشعب غبي...هاد السقاية ادشنها غير لمقدم ولا الشيخ

- المخزن عزيز عليه تصاور

خرجات على مدار السنة وفي الاعياد الوطنية، تدشينات كربونية لمشاريع فضفاضة، يتغلغل الدانكي في مصارين الادارة، يفرخ عشرات الجمعيات الموالية في ربوع الاقليم، يقرب مئات المقاولات الفاسدة، طنجرة النهب استوت على نار هادئة، ملايين متدفقة من ينابيع عدة، يرتوي كل شهر من الصناديق السوداء ، يتمدد النهب الى رقعة كبيرة، يمسك خيوط جميع القطاعات المنتجة وغير المنتجة، الخير لا ينضب ولا يفنى، مركبات الدولة تستعمل في السفريات، صفقات قطع الغيار تذر الملايين، ملابس العمال تعرضت للغش، العامل يصرخ من الضجر في البقعة الخربة، ينتظر النقابي الخائن ان يتكلم لغتهم ليطفئ الحيرة والغبن، يسمع من وراء الابواب الموصدة دبيبا وهمسا مكتوما، تليه الضحكات والقهقهات العالية، خرج النقابي بركيكة تعلوه حمرة الوجه، اجاد التملق والتزلف والانحناء، من شدة السخاء سقط على الركب ، مشى على الاربع، لعق الحذاء لعقا، مبلغ مالي وخروف العيد، يخبو الوجه فينطفئ ويضمحل كما جاء بلا حكمة راسما الهدف، ظهر الملعون والسفيه بين العمال، رجموه بدعوات الهلاك، تمنوا ان يترجل من فوق خراب الرؤوس، من تحت وطأة المغص نصبوا زعيما جديدا من لحمهم ودمهم، النضال المقدس و حده الكاشف للخيانات والسخام، تملأ بالشعارات الناقمة أغوار الاجساد الحالمة بزهوة المجد المشتهى، بدلة رخيصة وحذاء ارخص ما يسعى له عامل يقضي سحابة اليوم في العمل الشاق محبطا ومصرا على رد الاعتبار، وقفة احتجاجية صراخ وعويل، تشوشت الاوقات السعيدة وكثر اللغط، بركيكة ملعون الى يوم القيامة، ليس هناك متسع للوقت للسكوت عن هضم الحقوق، بلغ السيل الزبى، يستيقظون على الثأر من المتاجر بالحقوق المشروعة, الثأر من الجميع ، لم يعد هناك نصير ولا شفيع ، الذاكرة ملطخة بشعلة انفجار، الاصوات القاذفة للمعني في وجه المغتصب والغاشم كالحجر في الرأس تطن وكصفعة في الاذن تزلزل ، يهرع المسؤول الثاني، عاين المعاول والمكانس والعربات وصفائح القمامة متروكة وسط الممرات، قفازات مقطعة اشبه بجيفة تستريح فوق العشب، وجوه محروقة مغبرة تنز عرقا ،توقفت الشعارات الهادرة، احدثت صخبا في أروقة النفاق، اتسعت الحلقة واغلقت الدائرة ، اعلنت اذاعة العمال المضطهدين الغاضبين تمسكهم بالإنصاف ومحاسبة المتلاعبين، بلا فرامل تحلق الكلمات النارية، تحول المسؤول الثاني الى قرداتي وسط المتفرجين، حضر بدون قرد ليضحك ارباب الحداد البواكيا، المصيبة ليس في علمه ، يريد ان يعرف ما يجري ولم الغضب، احس بالخطأ الفادح، بلع الريق ارتبك كطفل تملص من قبضة مغتصب، وعد بوقف الظلم والاستبداد، تغير الخطاب حسب المعطيات المنذلقة، شجرة الحوار كانت سببا في التهدئة، تزهو الينابيع وتصفو، الرقاص الخديوي يوزع نظرات بين المحتجين وسيده، يسجل في ورقة اسباب النزول ومخرجات الحل، يمشي في الخلف مطاطا الراس يلوي المؤخرة في حركات مثيرة، ملوثة بملذات الاثارة ، الرؤوس المتدلية من النوافذ انسحبت بعد ان ملأت خزان الذاكرة بالتفاصيل، عادت العصافير الى الاشجار الهاربة بفعل الضوضاء، ملات الجو بهجة وزقزقة، تتمايل الزهور مع نسيم الصباح، من النافذة المشرعة يتابع الدانكي ثورة العمال، قايض بركيكة وقدمه طازجا للمسؤول الاول، الخطة فشلت وعليه شراء ملابس العمال. وقفة سلمية عفوية كشفت زيف الاقنعة. الدانكي تلميذ فاشل يحمل جينات الفشل في الخلايا. الحر حين يجوع لا يحتاج الى طبطبات.

- يا مسؤول يا حقير عاقت بك الجماهير

- حقنا سيعود... سيعود بالنضال والصمود

كلمات قاسية مستفزة ثقبت الاذان واربكت الحسابات، المسؤول الثاني غاضب من التصرفات الصبيانية، يدخل متعرقا الى مكتب المسؤول الاول، يلحق بهما المسؤول الثالث في ادارة تعد مركز القرارات بالإقليم، يلتحق الرقاص بالدانكي الجالس على الجمر، يغلق الباب بإحكام، الثلاثي يستعرض حجم الضرر، الوقفة ستكون في صدر الصفحات الاولى ويبدا التقريع من الاعلى، هناك من التقط الصور واعد شريط فيديو، حتما ستطلق مدافع الهدم والنبش والنهش، تنهد المسؤول الاول اطلق شتيمة وضرب بقبضة على المكتب، اهتزت رزم الاوراق، تشمع الصقيع في الاطراف، مند سنة ونصف السنة اغمض الجفون على عنتريات القائد المدلل حد السفه، ابوه القاضي صديق قديم اوصى به خيرا، فنجان القهوة لم يعد له طعم، تكدرت الجمجمة، ترك السفينة في ايدي جاهل تغرق في الخيبات ، تورط في تشجيع الرداءة وترك الخد تنكحه التفاهة، تدار الادارة بالإشاعة والقمع، قريبا سيحل ضيفا على مائدة المسائلة، ضجر من نفسه على نفسه، كيف استسلم لطفل قرأ عليه اباه الوصية البكماء، اقتلع بالرجاء صمام الامان، انخدع بقناديل التدلل والابتسامة، لكنه مكبل غير قادر على حظر منع الترامي على الاختصاص ، خائف من ضبط منبه التوبيخ في الحنجرة، الدانكي اشبه بشخصية شريرة في الرسوم المتحركة، تحت الاقدام تتمترس الصفعة، كل مرة ينفض غبار المطبات عن فتوحات منتهية الصلاحية، جالس يتفرج على قرارات ارتجالية بالية الصنع منزوعة من قاموس الشغب واللهو، يلتقط التنهيدات المرتجفة ، يقذف بحمم الغضب في وجه الثنائي ، ينتهي الاجتماع الثلاثي مسجيا على أرائك الخذلان بوجوب خفض الاخطاء وليس بغلق منبع الاخطاء ، يضغط على الزر يسرع الناطور، يستدعي القائد على عجل.

- نعم اسي لابد من حل للدانكي راه تصرفاته كتقيس الادارة وهاد شي ما شي فصالح حتى واحد

- غدي نشوفو لو شي حل نضبطوه بالمزيان... راه باه رامي عليا العار

- الاخطاء ديالو كتارو بزاف نعم اسي وراك عارف النقابات والاحزاب كيستغلو المنزلقات ويمارسو الضغط

- غيكون الخير ان شاء الله

على تضاريس الاختلالات المتورمة تلوك الالسن سيرة الدانكي، المقالات اليومية النارية المركزة الحبلى بالمعطيات الدقيقة، عرت الفضائح الواحدة تلو الاخرى، اعلامي مشاكس ركب رحلة التمرد بمفرده، رفض الاغراءات الأظرفة المالية، رفض الاصطفاف في الجهة الخطأ في الوقت الخطأ، ابن المنطقة تسري في العروق دماء الأمازيغ الاقحاح، دماء من فضلوا في زمن الاستعمار المقاومة في سبيل الحرية والمعتقد، ظهرت رسومات كاريكاتيرية مستفزة لاذعة اكثر سخرية واضحاكا، الدانكي على هيئة لص بغداد، يهرب كيسا فوق الظهر المحدودب ، الدانكي هرم مقلوب للفساد خارج من عمق الصحراء بفعل الحفريات، الدانكي مقنع يجلس على مائدة للقمار، تواصل القصف المركز لأعشاش الخفافيش، الدخان المتصاعد أغنية مستحبة في الدهاليز واقبية الادارة، الغاضبون انفتحت افواههم بالتبخيس لا خوف من القصاص، بصقوا سيلا من السرقات والنهب المدبر على نوافذ مغلقة ، غزوات الاعلام المشاكس فتحت شهية الكلام المدمر، غزوات العصابة سلسلة لا تنتهي، الكاتب يمتطي صهوة الجحيم، يزيد جرعات الفضح والتهكم، يهدم معابد الاصنام والخوف، رويدا، رويدا يلقى بهذيان العظمة إلى صفائح القمامة، يعريهم، ينزع عنهم الملابس قطعة، قطعة، يراهم كما ولدتهم امهاتهم بدون بدلات ولا تبرج ولا خواتم و لا اقراط، الاوامر ترد بعيون حانقة ملؤهما الازدراء، الموظفون مشدودون الى شاشات الهاتف، يتابعون الفتوحات في الموقع الالكتروني، تنسخ المقالات مع وجبة الفطور ،تدفع من تحت الابواب الموصدة، مقالات منسوجة من بركان السخط والنقمة ، تدس في قعر فنجان القهوة السوداء، الشك تسرب للعصابة المحتمية بالمسؤول الاول المنشغل بلفافات الحشيش وعقد جلسات تدليك للمنحرفين ، ينفث لامبالاة من السيجارة المحشوة بسهرات ماجنة تستمر ما بعد آذان الفجر، تبادلوا التهم عمن يسرب حزمة الخروقات الموثقة بالأدلة، الدانكي مطلوب في قفص جلسات القفاشات، تحفظ ادق التفاصيل تنثر في الشارع، العصابة مرعوبة خائفة ان تخترق السهام المصوبة بعناية سفينة النجاة، يهرب الدانكي يستنجد بالقاضي مقعيا على كف تلال منتحبة تفيض بالخيبات، روائح المصائب العطنة مترامية الأرداف، حوله تصطنع هيئة تأفف على الشفاه المزمومة، الاب ادخل شكايات تطالب الافتحاص في الثلاجة خوفا من محاصرة فلدة الكبد في مشرحة الاستدعاء، الكتابات المنتقدة بقسوة والساخرة والمضحكة فتحت النقاش على مصراعيه ، قسمت الراي العام الى عشرات الفرق، قاعدة المتفرجين ونهازي الفرص اكثر عددا، الصخب المرئي يقود خطوات الحائرين الى الفرجة المضمونة، التهكم سلاح قوي في ايدي المسحوقين يمطر بكثافة ، استبدلت كلمة ( نعم سي) التي تحمل في الجوف الوقار والاحترام، بكلمة اكثر خبثا وأطول ضجيجا ووقعا( سرق اسي).
صفارات الانذار والاضواء الكاشفة تسلط على مثير الفتنة والنعرات، استعصي على الفهم والتاويل، متكئ على عظام الروح، حارس القوس والسهام والمنجنيق فناص اعزل،يمشي بكفين فارغتين،بالدم يسقي وردة الانتفاضة،تقرا النفس الامارة بالفوضى،لم يجدوا في الراس سوى استعارة عيني الهدهد، وقلما يكتب بالنار والصديد، كسوط الجلاد في ميادين التوبة، ينفخ الروح في زفير الحالمين ،يزرع الحماس في جلود الهاربين من الخوف الى الخوف ،بحثا عن لحظات المجد، لم يكن الناجي الوحيد من مفرمة التدجين، لكنه القابض على جمرات الهلاك ، ضمخ المقالة الاخيرة بنبضات الهيجان،ففي القلب غضب عصي على الكبح، تمزقت الاسلاك الشائكة ودكت المدفعية اوكار الفساد،عصابة الدانكي مصابة برهاب تهجئة المعاني، خائفون ان تنتقل العدوى وتمس خريطة الناقمين،اجتماعات مسترسلة لايجاد مخرج يقي من لهيب الكلمات ، الروؤس الكبيرة غاضبة،تجتاحهم رغبات محمومة في تهشيم مشرحة الفضح، استاجروا بقراصنة المواقع الرقمية والموهوبين،عوت الذئاب في الوادي ورجعت مهزومة، لا سبيل لقطع حبل الغسيل،اندلق لعاب المخبرين من فوهات المراقبة، الرقيب ينتظر الخطا القاتل، فتشوا الغسيل المنشور فوق الايادي، رجعوا خاسئين يجترون الحسرات.

- حضي راسك راه كيقلبو عليك...شعلتي فيهم العافية

- علاش واش ما عرفينش فين كاين...

- انا خايف الصقو لك جريمة... عطا الله الحلوف

- كاين الله

تنصب الكمائن وتطلق كلاب التعقب والرصد، تبحث عن مواصفات ومكان نصب منصات الصواريخ، لاشيئ تحت قميص الكاتب سوى رأس متورمة من لدغات عشق الوطن، لا يملك من الدنيا سوى افكار وقاموس عربي فصيح، فوق الجبين نقش بيان إعلان هزيمة جحافل الترويض والتهديد والوعيد، القلب ينفخ في صورة الانفة والكبرياء، الشمس ستشرق حتما من باطن مارد التمرد، نسجت الخطة على انغام موسيقى الشيخات وقناني الخمور، سيق الكاتب إلى أحجار الرجم واللعنات، دبجت لائحة الاتهام بحجم دفتر القروض عند دكان الحي، توالت التحقيقات، شرطي متهور طرق باب الرزق، رمى في الوجه المطلوب للتحقيق ضرورة الحضور، السيارة الموشومة رابضة في وداعة، يمزق الاطار الحديدي الخط الاحمر والاخضر، ظل الكاتب جالسا بدون اكتراث، حين الح قصفه بعبارات لاذعة ( سيادتكم اسرع من الاستدعاء) عبارة اربكت الشرطي، احمر خجلا وعرف انه ارتكب خطئا فادحا، الكاتب لم يقبض بالجرم المشهود، جزته الألسنة والاقلام المأجورة على فراش الانتقام وقبض الأظرفة الدسمة، الكاتب الجريء مقاولة متنقلة، بفضله انتعش الملمعون والمتملقون والشحاذون، لتنال العطف والرعاية والسخاء عليك لعن الكاتب والديانة والعرق ، رميه بأقدح النعوت بالخزي والعار يكون احسن، اخذه الدانكي في يوم عطلة الى مقهى قرب العاصمة، في الطريق طالبه بالتوقف عن نشر المقالات القاسية والفاضحة، فور التوقف سيتوصل بمبلغ مالي دسم، لم ينطق الكاتب ببنت شفة، تركه يثرثر بدون انقطاع، وجبة الغداء كانت دسمة تماما مثل المبلغ المالي الموعود، لكن الكاتب مريض يقتات على الخضر المسلوقة في المياه، يتبع حمية صارمة هربا من ضغط الدم، فشل الاستدراج الارعن، فشلت خطة شراء الصمت و الولاء،تسرب الغضب إلى قزحية الاخضاع، واللوحة لم تكتمل في صحن الطعام، الفريسة هربت قبل التصويب في جغرافيا الهزيمة،شلال التهديد يتدفق من بركان الفشل، يريدون تكميم الفم وتكسير القلم ،اقتلاعه من الرغبة العارمة في الاتنماء الحر الى ذاته و الاحتضار في لغز البقاء واقفا، مثل الشارع الطويل الممتد من البشر إلى البشر، الدقائق الأخيرة من الحوار حملت اشارات، دفعته إلى جلد الأسئلة على مضاجع الإجابات،القيت صنارة الجحيم والقصاص على العنق، و الطريق شقي معبد بالجمر، قريبا سينشر الصعلوك على مهب الضياع، من باع مرة سيبيع الاف المرات ان وجد المشتري، تعبت الخيول من الحروب الهامشية، افضل ان يموت المحارب في حرب كبيرة، كل المعارك خاسرة الا معركة الكرامة مكللة دوما بالانتصار،مروا بالسرعة القصوى الى الخطة البديلة بتخطيط الجهات الرسمية.

-انت متهم بضرب نزيل بالخيرية وسب وشتم المديرة

- انا من تعرضت للسب والشتم والرشق بالحجارة

- الشهود يؤكدون غير ذلك

- الشهود ادوات في ايدي القايد الدانكي محرك الملف وبعض لصوص المال العام نظير رئيس جماعة ترابية.

- الشريط المضغوط الذي قدمته الضحية يدين المتهم

- اذن فلتقم الجهات المعنية بعملية التفريغ او الاستماع اليه بشكل مباشر فالمحكمة لديها جميع الوسائل.

الكل يدقق في لائحة التهم، يريدون ان يلد الجبل كبش فداء، ولد باركة القوادة يتبول الامتعاض بتعليمات الدانكي،ينشر التفاهة طمعا في بضعة دراهم،فقد حان موسم قطاف الروؤس اليانعة،استفاق بيدقا في أحابيل السلطة وجهابدة الدفع المسبق،في الفم رائحة من بخور استنجاء من مخاض الركض في غرف ولادة الشهوة، الام مند سنين مفعمة بسراويل فحول ادمنت العري، من عاش في وكر للدعارة والف قبض ثمن عرق الأفخاذ يستحيل ان يكون مناضلا مبدئيا يعتنق الافكار التحررية الكونية، يعيش على المبادئ المتقدمة ويقف في جانب الشعب، كثيرون شحذوا السكاكين والخناجر وجهزوا المقصلة والانشوطة، اعدوا الكاميرات لتحنيط لحظة القبض على المجرم الحامل لقنابل الحروف المعدة للانفجار في الوجوه، عزفوا في الظلمة على وتر نشاز، على المشرحة ايادي ملطخة بالعار تتقاذف راس الكاتب الصعلوك عدو الجميع، تجتهد ليركل الى مزبلة التاريخ، دورة التجدد والقوة والفتوة في ثنايا التمرد والصمود ، الراس يكاد يتحول الى اسطبل من كثرة النهيق والخوار،تتقاطع في المصارين شفرات الصراخ،من يستعصم بالرفض من أجل ولادة خارطة تمتد على فاتحة تقطع مع الفساد يرمى بالضغينة، الصعلوك لا يستطيع ان يكون جروا وفيا يتمسح بالموائد، يلاعب الذيل وينبح، يتدلى اللسان ويسيل اللعاب برؤية العظام، انبطح أيها الاحمق ذو الكلمات الحارقة، وحاذر ان تخدش الاتباع و أركان القمع بكلمة عتاب. يحب العقل الثائر المرتدي دوما لوشاح التمرد، ما قيمة الحياة اذا لم تكن لها معنى.
في المحكمة حضر جيش من الناقمين والحاقدين، عيون الدانكي واذناه ومؤخرته وبرازه ، تجهز لحفلة الانتصار على خارج من شق الطوق ، تبتلع الحسرات من ينابيع النفاق ، الاعين مشدودة الى الجالس فوق المنصة، الاصابع على الهاتف لدعك الرسائل النصية، يغادر ولد باركة المحكمة خائبا مكبلا بالشهيق والزفير، يجرجر رجلاه إلى حظائر التدجين، الصلعة تعرقت تلمع من بعيد، الحكم موقوف التنفيذ، ولد باركة عنين تم اغتصابه في الصغر في حضرة الام والخالة، سكير مهزوم من قضم المحرم عسفا في لحظات سهو ، تزوج اكثر من مرة ، اكتشفت الزوجات التجاعيد العميقة تحت الصرة وارتمين في حضن الغرباء والاصدقاء لإرواء العطش المتكلس في الضلوع ، اطفاء الجمر المتقد ما بين الوسادة والسرير.
قنينة خمر واحدة وعلبة سجائر كافية ليقدم العرض راضيا مرضيا ومن عهره يتكلف بالتوصيل، لا عيب ان يتعرى تماما ويلبس ثوب الخسة، رياضة مفضلة للعائلة التي تغوص في النجاسة، التطاول على الاحرار من شيم اللقطاء، دائما يخطئ الدرب ويصطدم بالنتوءات الحادة، وقف امام القاضي مرعوبا، ضالع في الافتراء والكذب وقبض الثمن، انخلعت الرجولة الزائفة كالنقود المزيفة، اختفى الرجل المشبع بالحكايات المنفوخ بالاستعطاء والتزلف، اصيب في قفص الاتهام بالطعنات و السأم الرهيب، مشقوق الى شظايا تجري من تحته التضرطات ، مثقوب مائة ثقب ، وسعيد يصرخ بأعلى صوت يطالب بالإنصاف والمحامي يستنكر الاساءة الى الابرياء، الم بولد باركة وجع الاستغلال واحس بالكماشة تضيق تسحق العظام، لاحت صورة الدانكي امامه مضببة، وعده بالتدخل لدى القاضي، المطرقة كسرت الخشبة صمت الاذان، ادرك من خلال المرافعة انه في ملعب الجياد الاصيلة والحرة خاسر لا محالة، القاضي يغمس الحروف في محبرة الادانة ، سيذبح بحد التهم الناطحة والمتردية ، جال في القاعة حائرا محمر العيون مرتعشا، ولا وجه معروف ولا نصير، الجرح عميق والمغص شديد، يحس بالاختناق يحتاج الى سيجارة، فنجان قهوة سوداء ليستعيد الصفاء والهدوء. متعرقا، مرتعشا، ذليلا ، مهزوما، يمشي على الاخماص الى الزقاق، يتلصص من خلف ستائر المقهى يتخفى في الجبن ليقتنص لحظة فرح، يحاور في سذاجة اعقاب السجائر في المرمدة، ذئب السفه فاغر انيابه، يهاتف الخلان بحثا عن تضميد الجرح.

جثث تعفنت بالشر والسوء، العقروشة تبكي الفضح في صفحات الجرائد وشبكات التواصل، قصيدة هجاء عامية ضربت فأوجعت، اقتحمت تلافيف الذاكرة و دهاليز السقطات، تنتفض مأسورة مأخوذة بالدهشة والرعب، العقروشة لقب وضيع التصق بها بسرعة البرق، اصاب العقل وحنط التفكير، عارية تقف مصلوبة امام مراة الشارع العملاقة، العقروشة في الوعي الجماعي تعني المراة المسنة الكثيرة النواح والتباكي الحقيرة في التعاملات، ، طرقت الباب ودخلت بدون استئذان ، متسارعة الانفاس كأنما ركضت مسافات طويلة، الدانكي يمسك بالقصيدة المنسوخة على عجل، يقرا بصعوبة ويضحك على الصور الشعرية الساخرة، للشامتين عيون جاحظة في الادارة، كلام بذيء جريئ يمزق الانوثة يقطعها شعرة، شعرة، كيف تنجو من الهجمات والغمز واللمز، خرجت دموع دافئة من المآقي سوداء امتزجت بالكحل ، ربث على الكتف ببرودة، لم يكفكف الدمع السخي، ازداد غزارة وانفجرت شهيقا ونهنهات، طار التبرج الكثيف وبان الوجه المجعد، لم يسبق للدانكي ان عاش موقفا مماثلا، على مسافة الموقف تنتشر الحيرة، بارد كظلام قاسي، تحت الجلد يعتكف التذمر، ضغط على الزر وجاء الناطور على عجل، سحبها برفق واحكم اغلاق الباب، عاد يرعى في القصيدة الهجائية العامية، تمرغ في الخيال على تلال الصور الخادشة للأنثى العجوز، يشتبك الحابل بالنابل ويلتحمان في التصوير اللاذع والتهكم القارس، يستلقي على الكرسي من كثرة الضحك ،تسقط منه الدموع، لاول مرة تتدحرج الدموع على الوجه، لا يتذكر موقفا قاسيا ابكاه ، اعجب بالبيت الوقح والبذيئ ( قد قميصها من دبر) في اشارة الى الطليق الذي وجدها في حالة نفسية مهزوزة بعد توالي القصف الاعلامي، استدرجها الى البيت ومارس عليها الجنس بطريقة شاذة، الطليق لم يكتف بالاغتصاب المذل ، نشر الخبر في الحانات والادارات . سيرة اصبحت على كل لسان.

- صبري ما عندك مديري باغية تدعيهم باش من صفة مكايناس سميتك..

- راه العقروشة بها كيمعني عليا

- حتى قاضي ما يحكم لك هذاك خيال الكاتب

- اشنو المعمول نخليوه امسخنا اردنا قرودة

- وحتى حاجة ما قرات فيه لا تهم لا محاكم لا تهديد...الانسان يصبر ويخدم بالتخبية
ترتجف منها الاطراف ،السحنة بدت داكنة هرب عنها الدم، الرقاص الخديوي يتحول الى طبيب نفساني ، هجر اقاويل العدم وفتات المواجع مند الطعنة الاولى، يحاول انتشال زميلة العمل من اطراف الحديث، سمع كيف تلوكها الالسن، تمزقها اربا، اربا مثل جيفة متحللة، نصحها باحتساء كاس كبيرة من الصبر، في الاعماق تود الصراخ في وجه الاقنعة المزيفة والضحكات الشامتة، لاحظ انها نقصت وزنا، بانت دوائر سوداء حول المحاجر، شمس دافئة وشوارع فارغة من المارة، جثة متحركة تلاحق الأرصفة، تفتش في الحوباء المجروحة عن عزاء ضائع بين الوجوه، على مقربة من وكالة بريدية استفاقت على صوت الفرامل، لوح لها باليد انفتح باب السيارة ودخلت دون تردد. امطرها بوابل من الكلمات الرقيقة، انخرطت في شهقة بكاء وتعثرت الروح، دب الوخز اللذيذ تحت الجلد، الطليق يركز على الاثداء المتهدلة والمؤخرة الفائضة عن اللزوم، يشتهي الكتلة اللحمية، في راسه الاف الصور الشقية، تضرب منه رائحة الخمر، جلسا في المقهى وتحدثا طويلا، لم تعد كثيرة الكلام كما في السابق، اجابت بسرعة على الهاتف، ساعتها فهم انها تعاني خطبا ما، تبحث عن حضن للتنفيس والتفريغ، الدانكي والمجموعة مجرد مراهقين لا يحسنون مداعبة القوارير، وقفت بينهم عارية على لهيب النار ولم تشتعل، داهمها الفيضان في الراس من سكرة احتضار ، عجزت عن المقاومة وهرعت الى اول حصان يفهم في منعرجات الجسد، يخفي اتساع التشفي بين شفتيه، انشغلت بالموسيقى الصاخبة هربا من الوساوس والحيرة، رفض الافصاح عن الوجهة مند غادرا المقهى، السيارة تنهب الطريق نهبا، ربث على الفخدين بلطف، دبت في الاوصال القشعريرات اللذيذة واللطيفة والمخدرة، تمسح الوجه بالنظرات التائهة، يسقط الماضي مسرعا في اخاديد المخيلة ، اختلفا في طريقة التفكير، اصرت على الطلاق هربا من بطش الجدالات العقيمة ورزم اشارات المنع ، فات الاوان لترتيب الافكار واعادة عقارب الساعة الى الوراء، ندمت اشد الندم المرأة بحاجة الى رجل يؤنس الوحدة ويشيخا معا، لا وقت لمسح اوجاع الخطوات الضالة، مد لها قنينة جعة باردة، ترددت برهة في الاعماق تحتاج الى التحليق بعيدا، بحاجة الى اللهو واللعب ودعك المهبل لتدب الحياة في البدن، توالت القنينات الباردة، فكت عقدة اللسان، تمددت على السرير عارية مزدانة بالعوز والاحتياج، مسكونة بالطعنات والمشكلات، مضاءة بالضيق والغضب والاف الحسرات، تناثرت كلمات المديح، يبلل الاوراق ويحرك وادي القهر ، بزغ الفجر في قعر القارورة، لم تخمد فيها المصابيح ، خاضت الكثير من معارك المطارف ولم تصل الى محطات الرعشة، لا يرتوي الجسم العجيف الطاعن في النضوب ، هجمت عليه الاخاديد، في العقد الخامس لم يبق سوى الهيكل، سنوات مرت على الطلاق ، لا شيئ لتقدمه للطبيب سوى الاستجابة للرغبة الفظيعة، توالت كؤوس الخمر وارتفع منسوب الالحاح، همس في الاذن كلمات غزل مغمسة بالكذب ، بصم على الفم قبلة مفخخة، رسم في الهواء فتاة اية في الجمال، طرحها على البطن بنعومة، استفاق قبل الظهر بساعة رمقها بنظرة مشمئزة اشبه بديكور عتيق، لا تصلح اطلاقا ان تكون حطبا في الليالي الباردة. تذكر الصرخة القوية ساعة الاقتحام، قد القميص من دبر.

من بين تراكمات الضجيج والحقد والبلادة، تشابكت شاشا والصمكة داخل الادارة، الصمكة لا تحب من يلعبون بالألغاز والغمز، لعبت الخمرة في راسيهما، يفض الرقاص الخديوي عراك على وشك الانتقال الى مرحلة اللكم والخمش ، ظلت العيون تتبادل برقيات التهديد، أقنعة السخرية تسقط ، النفوس الملتاعة يستقيم منها العمود الفقري، الصور السخيفة تزعج المتحلقين حول المائدة الكبيرة، الدانكي استنفر العصابة في يوم عطلة اسبوعية لانجاز الدراسات المشوهة للمشاريع، انس لمغمدي يستنشق الهرويين بدون خجل، الإيحاءات القوية تنبع من التعبيرات الصريحة، تبدد الشك وتولد اشراقات في الذهن، كبير الكهنة رودانو دخل في حديث مطول مع العقروشة، لأول مرة تحضر ليلى المجرابة والديشي وقردان وعادل الواطي الاجتماعات الليلية، ليلى تعاني ضمورا كبيرا وقبحا في الخلق والصورة، وجه مثقوب اشبه بمكان تعلم الرماية في تكنة عسكرية، ظهر محدودب اذا تعرت بانت فقرات العظام، تزوجت من عاطل عن العمل، ولتضمن عدم اشهار ورقة ابغض الحلال عند الله، شاركت في نهب اموال الشعب، انعمت عليه بإسطبل يحوي عشرات الابقار المستوردة، فشل المشروع وانفضح الاختلاس المدبر واستغلال المنصب ، استدعيت للتحقيق وازدادت نحوفا وضمورا، باع اخر البقرات العجفاء قبل ان تخرج اللجنة للمعاينة، لم يشرب حليبا ولا لبنا ولا زبدة، يطالب بالمزيد مند توسد جرة المال، من خلف ستارة الانكسار تدفع شهريا نصف الراتب، لكي لا تحتضر التربة المعجونة بالحمى في الأنفاس المهملة ، ينسحب النقاش الى التوافه، الكلمات لم تقل شيئا، الديشي بقامته القصيرة ووجه المجدور يوزع خمرة معتقة من خراب المدينة، مترنحا كمن يبحث عن نقطة توازن، شهورا يلاحق الدانكي ليمكنه من منصب مهم، مستعد لفعل اي شيئ خارج القانون، تستهويه المكاتب المكيفة واصدار الاوامر، مسخ ولد في جرار مظلمة، ترك روحه في الشارع المستقيم، مستعد ان يحرق الاخضر واليابس في سبيل ان يطفو الوجه بين الوجوه، يأتي الصوت مطقطقا كالهشيم، عزيز الكرواطي ينهض من الرقاد، يشرح الخطة بأدق التفاصيل المملة لتعم الفائدة ويستقل من الاسئلة المكررة، اشتعلت في الرؤوس امواج الربح العظيم، عرائس الفحش هائمات ، ينشدن النعيم من ظلال محترقة ، يشاهدن انياب الخيانة تمزق لحم الافق.

- الصباغة وشراء التجهيزات المكتبية لرجالات السلطة شحال التكلفة ديالها

- تقريبا شي 280 مليون سنتيم

- البنزين والتشحيم وشراء الاطارات المطاطية والاصلاحات

- تقريبا 400 مليون سنتيم

- تكلفة بناء دار الطالبة على مساحة 80 متر مربع

- شي 80 مليون سنتيم

- تجهيزات 2دور الطالبات من اسرة وافرشة ومعدات المطبخ

- تقريبا 400 مليون سنتيم

- عدنا 10 دور الطالبات في المرحلة الثالثة من تصريف مشروع التنمية البشرية

تحلبت الافواه وتهللت الاسارير، فركت الايادي وشربت الانخاب ، انتهوا من زراعة تعاويذ الغدر بمعاول مسمومة، يكبر شجر خيزران الطغاة ويسمق، على الارائك والاسرة انهمرت الاجساد على الاجساد، سمعت الصرخات و التأوهات، الرجفة تدب في اوصال الهياكل المسجية، ليلى المجرابة تركت على الهامش، الجسم مكلل بالشوك تشعر بالانقباض، الاحصنة المريضة تصهل في الخلايا، حطام الصرخات والانين الاتية من مكتب قريب يملأ الدهاليز ، الارض الجدباء شبعت من القحط، الزوج العاطل يهرب الى احضان الفل والياسمين، يقطف التفاح والرمان ، يرفه عنها الرقاص الخديوي ، كبير الكهنة رفض المشاركة في حفلة الجنس الجماعي، انس لمغمدي استقدم ثورا هائجا على عجل متروك دائما في دكة الاحتياط حتى لا يعاني الخصاص، استمرت عملية الاستستقاء الجماعي حتى يوم الاحد، الديشي وقردان اكتفيا بازدراد الاطعمة الشهية والفواكه الطازجة، عيون زائغة تتقيأ سخافة وتتبول عهرا على المنطقة، يمرون خلسة في بوصلة اصحاب الحق، الامازيغ ماتت فيهم الرجولة والاستبسال، يشاهدون الثروات تنهب ولا يتحركون، يصنعون اشباحا من خوفهم، تجرعوا المرارة من اباريق الاستعباد، طلبات الساكنة تدون في ورق المراحيض ، صرخ وسعيد حين علم بتفاصيل ليلة العربدة في الادارة الماخور، مؤسسة الشعب تستباح من موظفين طاعنين في الخيبات ، مذيع نشرة الاخبار صمت عن الفضيحة، الراعي نام ثملا في مخدع الزناة، كبير الكهنة تاه في رش المحاليل واشعال المجامر، طاردته لعنة الكتابات الجريئة، نزعت عنه اعواد الريش وبات عاريا الا من شعر مصبوغ وشارب مشذب بعناية، يزرع التمائم في كل مكتب وزاوية وتحت الافرشة، اشتد عليه الرجم والجلد وهرع منتحبا مهموما الى الدجل لمداوة القروح المتقيحة بالضربات، استقدم كهنة ومشعوذين من بلاد بعيدة، يطلقون تعاويذ التضبيع من قاموس مأجور ، الطلاسم تغيب أوردة الفهم، اسماء مدلهمة عصية على القبض والهضم، تمضمض وسط دخان البخور ليقفز المراد من الزوايا المعتمة.

- شبيك لبيك...رودانو بين اديك

- الصقرديوس بغيتك تكبل المسؤول الاول والثاني والثالث وديرهم سوارت في يدين خدامك رودانو...تخلي مكانتو تعلا وقيمتو تغلا

يطوف على المكاتب ويقرا التعويذات ،يطلق اصوات غريبة اشبه بشخير منه الى خوار البقر، خط كتابات ورسومات واشكال هندسية في الجدار، رجع لاهثا مرر احجبة فوق الراس المصبوغ، امره بالسباحة ضد التيار على ضوء القمر في النهر ، الاغتسال بمحاليل الاحجبة البائتة في سطل ماء، سحب مظروفا غليظا وناوله اياه، ملايين تصرف سنويا على الدجل والشعوذة، نساء وكواعب ورجال يتوافدون على بيوت الدجالين بحثا عن المستحيل، اغلب ضحايا المشعوذين الباحثات عن الزواج والعمل، الرابح في العملية الدجال، يهزم جيش المتعلمين بالخفة والحركات وكمشة بخور تحرق في المجامر، داهم الحديث عن رائحة البخور وجه النهار، الدانكي خائف من ان يتمم رودانو التشميع الفكري لكل النافذين والمتنفذين في الادارة ويحوله الى الة طيعة، سمع قصصا غريبة عن عملية اخصاء الرجال، اعضاء تناسلية صالحة للبول فقط، احداث جرت في عوالم خفية، ولأنه استمر في المنصب عشرات السنين ولم يشمله التغيير، صار الدجل شيئا محببا للفاشلين والناقمين.
القلب ينزف حنقا وينشطر، يردد في الكهف الاغنية المفضلة محتضنا الشمس، هربت الخفافيش واحكمت اغلاق الابواب، خائفون من قنابل الفم الانشطارية، من الق الكلمة الجارحة يفتح بابا في العتمة ، الجالس على الكرسي ما انفك يعلن الربيع لكنه لا يبرعم، يعلن وقف الفوضى ويفقا عين الجرم، خواء مضرج بالخيبات يلوح بعد انقشاع الغبار، يغلي ويغلي ويتهدد ولا يتوقف النهب، تكتظ في الصدر الايام الحالكة ، تحرقه الاجابات التافهة والمهادنة، ناقوس الخوف تلاشى في الزحمة واجراس الرقيب ما عادت ترن، وجوه الشر خرجت من الجحور دنست كل الشوارع والازقة، العصابة الدانكية باعت سيارات اقتنيت حديثا على انها خردة، المشتري اخو الدانكي الاصغر، دخل المزاد بمعية الرفقة، مسرحية سخيفة دبجت ادق الادوار و الفصول العصابة، حول الادارة ينتشر العسس يحمون اللصوص، يطلبون حصصهم من الغنيمة بقشيشا، وسعيد اكبر من المسافة، مبدئي حافظ على اصول المهنة بحماية الالهة، مكائد تطهى في جمجمة الفسدة، تاتي الاشارات يزداد الثور هيجانا ويرفع التحدي، لم يضعف في فهرس الاغراء والتهديد على مذبح الاقتطاعات من الراتب، تحتشد الظلمة في الدرب الطويل، الجرح المعلق على طريق النضال لم يوقف مزاج الاسئلة الحارقة، كل يوم يهيئ الطلقات والاسماء للرحلة والمغامرة الجديدة، مريض بقلق النهارات والجنون متوجس من الاحتمالات، في الجراب ادلة ادانة لرجم شياطين النهب.


- القانون في البلاد معطل لا يطبق سوى على الفقراء وفاضحي الفساد

- فعلا رفيقي

- لكن لن نصمت هذه ارضنا سنفضح ونكشف الاختلالات واثرياء المناصب وعلى الجهات العليا في الوطن تحمل مسؤولياتها التاريخية.

- النظام يجتهد فقط في تفريخ اللجن وتشكيل حكومات مغلوبة على امرها

- الشعب يعاني كثيرا...والصمت لا يعني انه راضي على ما يجري ويدور...القلاقل التي نشهدها يوميا مقدمة لانفجار و ثورة وطنية قادمة

- الجياع لهم القدرة على تفجير ثورة غير ذلك مستحيل

- لايهم مصدر الثورة الاهم ان موعدها قريب

الدخان المر يتصاعد بكثافة من اقبية الادارة الواسعة، القطار لا يزال يهرب الثروات إلى حيث بوابات الثراء، تبخرت من أولى طلقات التصادم برامج الاصلاح، تعطلت شعلة المحاسبة وغابت اجراس الاستنفار، المسؤول الاول يمارس هوايته المفضلة في اصطياد الغلمان، عادل الواطي انثى في جسم غلام، رجل الامن يحرس المكتب بعناية خوفا من غضب المسؤول الاول، المنهمك في ايجاد حلول لا شكالات الاقليم في الاماكن المقعرة التي لا تراها الشمس، يعلن شذوذه في خراطيم النكاح، الهاتف لا يكف عن الرنين، الكل مصاب بطاعون الخوف، لعق شفاه متورمة من لسعات العناق، ورفع التبان والسروال بخفة، باليد آخى عادل الواطي شعره المنفوش، ارتشف من بقايا كاس شاي وقضم قطعة حلوة بالشكولاتة، الاصابع ترتجف من لدغة الانتشاء، تمدد فوق الاريكة يستعيد انفاسه، اسقط حبات الرجولة على أرصفة اللهو غير المباح، غادر المكتب لاعنا استسلامه بين افخاذ رجل، قدم له عصيرا وقرص ازرق ابتلعه مع نواقيس الهيجان، تكبر الآهات والشتم كلما شق حمى الايلاج عصا الطاعة، يصطدم بقهقهات الاقبية والدهاليز والمكاتب في كل خطوة، يرمون في الوجه التفاصيل، يرقص على أوتار المفاجأة الذميمة يجتاحه المغص، خمن ان ثمة كوة في مكتب المسؤول الاول منها تخرج تفاصيل الالتحام وملحمة المد والجزر، الرقاص الخديوي ينقل ترنيمة قيثارة المجون الى المسؤول الثاني ليحظى بالطبطبات. تبادلا نميمة احفاد مملكة سودم وضحكا كثيرا، بقي السؤال عالقا في شفتي المسؤول الثاني من يركب من، من المفتاح ومن القفل، بتشجيع ظاهر يمضي في افراغ جمجمة محشوة بلهيب العربدة، على مسامعه ذكره بالحلزون الذي يتلاقح مع ذكر اخر ليطرح بيضا، يتودد لاهثا منتقيا الحروف والكلمات الساخرة ليصطاد الرضا، في عينيه يقرا رغبته الجامحة في سماع المزيد، اخبره بليلة العربدة في الادارة وكيف مورس الجنس على الموظفات واستهلكت المخدرات والخمور والهرويين ،لم ينس امطار الشرذمة بوابل من اللعنات.

تجلس العقروشة بمعية اختها الصمكة امام المشعوذ للمرة المائة، الدانكي اللعين غدر بهما، لا ترقية ولا امتيازات، ولا زواج في الافق، الدانكي زير نساء يعشق التقاط الصور والتباهي ، مختبر الدجال يرسل القشعريرة في النفوس، رؤوس الطيور والثعالب وقوقعات السلاحف معلقة بعناية على الحائط، انواع مختلفة من الريش للدجاج والديك الرومي واجنحة حمام وبومات، فروات خرفان وعنزات و سناجب وقطط وارانب، اعشاب تضرب منها روائح عطرة، شموع وعيدان الند، انياب القردة والذئاب والكلاب، امام الباب عشرات النسوة ينتظرن نوبتهن، ليخلع عنهن رداء العنوسة والترمل والعطالة، ارواح مطعونة تبتغي لم اوراق الشمل، يرسم على ورقة بيضاء بقلم مغموس في رماد العهن، جداول و حروف مبهمة، مربعات ومستطيلات ودوائر، عالم رياضيات يطارد ذبذبات الالهام ويفك شيفرة المعضلات على سبورة مدرسية، امام تلاميذ اغبياء يحاصرهم في ركن مستعصي، يزف الى الجالسات على الجمر احلى بشارة، نهاية وشيكة لصعقة أصابت المواعيد، يكشر عن اسنان صفراء واخرى مسوسة بقايا غزوات التبغ، ركبن على قشعريرة الخجل والخوف ،امرهما بإحضار تبان ناصع البياض للمطلوب على دكة التشريح، يتلو تعاويذه المنتقاة، يسمعان الضجيج والخوف في الرئة، يضغط على الراحة الباردة ، مستسلمة لأساطير الجن والشياطين ، تسري رجفة واهتزاز في الاشلاء من شدة التلذذ. قاست المسافة بين الحوض والحوض، اقرب بكثير من ندبات الحرمان، تمتد الامواج تدعك رمالا عطشى، تمددت الصمكة على رمال الشاطئ الدافئة، اجسام تنشوي على اشعة الشمس، كل واحدة تعرض مفاتنها في الهواء الطلق، البحر حبل غسيل واسع لعرض السلع اللحمية، عيون المتفرجين تسقط على الوجوه والمؤخرات، عاكسها شاب بكلام لطيف، ادارت الوجه فاستسمح مهرولا، رمى في وجهها سهاما ذات المعنى( غدر بك الوجه ايتها المؤخرة)، اجفلت وغادرت على عجل الى البيت، لم تكمل العطلة الصيفية وقفلت راجعة الى المدينة، بدا لها كل شيء مقززا كرائحة الجيفة، سخرية الشاب مقطع عرضي لوقاحة الحياة ، لسنوات اعتقدت انها اجمل الجميلات، تلتمس الاعذار امام المرآة، مقيمة في دار العشق المؤقت، جاهزة للامتطاء والسفر على جناح السلامة الى ما وراء الغموض، تفترش لإطفاء نزوات مشتعلة لحظية وتأتي القطيعة، بحاجة الى عاشق ولهان يمشيان جنب الى جانب، ينظر في حيرة الى خطوط الكف، الوجه يصاب بالخسوف وينتشر الظلام، عشب بري يتهادى على خلوة ظمأى، يرفع حاجباه بحركات مدربة، الصمكة مهيضة الاجنحة، تشهر الروح وردة لكل طالب لذة، وعاء لتفريغ العابرين، يتحكم الدجال في خطوط الزواج والطلاق، ينثر معجما لغويا لا يتوغل في الشرح والمقصود .

- انت مديور لك سحر معلق في الروضة المنسية حاسدينك على زينك ورزقك

- والمعمول اسي لفقيه

- عندي الحل... خصك تجيبي لفتوح

- شحال اسي لفقيه انا واجدة من 5000 درهم لمليون سنتيم غير حقق لي مرادي

عدد امامها مستلزمات خدمة الجني ، يسترضي وجوه الشيطان، دفعت بدون حساب لشراء الذبيحة ورش الخطوات بالدم، غطت الوجه بالخمار وغادرت بيت الدجال، برعمت ازهار النرجس والقرنفل في الدماغ، الحقيبة الوردية معلقة على الكتف، تسرع الخطى حتى لا تحنطها العيون على مقربة من منزل الدجال، ركبت في اول طاكسي ، تركت كل الوان الهموم ورائها ، تعلقت بأسراب المستحيل، الفائز في العملية في جميع المرات الدجال، باع لهما احجبة مطرزة بالآيات القرآنية ، نبههما ان يغتسلا بماء تذوب فيه الاحجبة ليتطهرا من الشر وعيون الحساد ، تحن اذرع السماء ويسقط عقوق القدر، دست الآمال العراض في الدماء، توالت جلسات البخور والمحاليل، لم تنجح الطلاسم ولا الاحجبة في نيل المراد، اقسم انهما لا يلتزمتان بخطط الجن المملاة بدقة متناهية ، لم يبق امامه سوى الكتابة بالحبر السري، استفرد بكل واحدة لينام الحظ والقبول في الابدان، يطلق البالونات في حضرة العفاريت ليتأبط تجاوبا، استجابت العقروشة بسهولة للتجربة الغريبة، اضجعت عارية كبائعات الهوى المحترفات ، شيعته يسحب سيفا من الغمد يشحذه، يحممه ويمسحه بعناية، يغطس القلم في المحبرة، يخربش بضعة رموز مبهمة من المنبث حتى الحشفة، عليه ان يمسح السيف في مستودع الاسرار، لتصمد التعويذة ويتحقق المراد، يقتحمها الوجع الحلو في مذاق اللمسات والقبلات الشهية ، اللعاب السائل على الوسادة شاهد على وخز يشبه الفقد، مر قطار العمر في لمح البصر في محطات الغضب والتيه، ينبش الدجال خبايا جمال زائل، يستنفر احلاما مضغوطة بشحنات عالية من الرغبات في الهيمنة، طلوع وهبوط في منعرجات الجسد المسجى بدون حراك، يتعرق، ينشف الحلق، لم تبلغ أوج الشهوة ولم يعد قادرا على النفخ في الجلد، توهمت ان الدجل بمقدوره ان يهب ولادة لذيذة لهيكل متداعي منخور، دغدغة العواطف لا تجدي نفعا مع الجثث المتحللة والمتفسخة، الصمكة قاومت في البداية تحرشات الدجال، الخصم من النفقات والكلمات الطيبة اذابت جبل الجليد، تنفست جرعة من هشاشة الغزيرة، بدت مغلوبة التردد، لا وقت لقهقهة الخسارة، تتعثر في عروش الثقة العمياء، الدجال حلال العقد بشهادة الاخت العقروشة وباقي الموظفات.

التحقيقات في تبديد اموال عمومية تطال الفشلاوي والعصابة، استدعاءات بالجملة تربك الحسابات، تجلس ليلى المجرابة امام المحقق اكثر شحوبا، كراسي مهترئة وجدران متسخة، مكاتب فارغة الا من حاسوب وبضعة اوراق بيضاء ، الهاتف لا يكف عن الرنين، احذية عريضة تدك الاسفلت تزيد المكان وحشة ورهبة وخوفا، ثمة موقوفين مصفدين في زنزانة مجاورة، يدخنون بشراهة، تعلو سحابة الدخان، امطرها بوابل من الاسئلة، افرش امامها اوراقا ادارية مختومة، ادلة دامغة تقرب اكثر من فوهة الفرن، لاحت الملايين المفوتة للزوج الكسول ينام على ركام التلاشي، يضربها العطف وترش العروش المترنحة على حافة الهاوية،الزوج معلق بين الوجود والعدم،فوضت امرها سنوات للروح المثقوبة برصاص الابتزاز والتهديد، الاسطبل الفارغ من البقرات ماثل امام الاعين المختفية وراء النظارات السميكة، تقرير اللجنة المفبرك، الامني ليس صانع فرحة، يزرع قنابل الضياع في حقل الرعاع، الحقائق ترمى على الوجه المثقوب الاشبه بحقل رماية، احست بالحرارة تسري في الجسد الضامر والمنهك، قطرات العرق تنزل من الابطين باردة، كمشة اسئلة حارقة تمتطي ظهور غياهب الجب، صرير الابواب يزيد القلب خفقانا، بين انكار واثبات تكبر الدهشة، لا يسمح الوقت لالتقاط الانفاس، وقعت في الاوراق بعد قراءة متلعثمة للأقوال، اصطدمت بوجه عابس عند الباب النظارات الطبية مضببة، استنشقت الهواء النقي واطلقت زفرات، غير بعيد ينزل انس لمغمدي من السيارة.


- انت متهم بتبديد اموال عمومية وتقديم تقارير كاذبة

- قمت بما املاه علي المسؤول الاول بالإقليم

- اذن تعترف

- نعم السيد القاضي اعترف ان التقارير بين ايديكم انجزتها والتوقيعات على انتهاء الاشغال تخصني...

تقاطرت الاستدعاءات وتوسعت التهم وكبرت لائحة المتهمين، المسالة تتجاوز بضعة ملايين الى الملايير المخصصة لمحاربة الهشاشة والاقصاء الاجتماعي، الفشلاوي وقف عاريا امام قاضي التحقيق، بالأمس كان محاطا بالعبيد والخدم والحاشية، الاسئلة مسامير وشظايا تندق في الاشلاء، النهب اوقد الجمرات واشعل الحرائق، صعاليك الكلمات تصفع الوجه، تنهار العظمة المرسومة على المقاس، تبجح كبرياء على سحنات الفقراء، القاضي يجهز التابوت حتى لا يولد الفساد مرة أخرى، تقاطرت الاسئلة وتضاعفت العثرات، لم تنفع التمائم ولا تمتمة الآيات المقدسة قبل الدخول الى ردهات المحكمة، يتقيأ ، صديدا ، قيحا ، يبابا، ارتباكا، على اليسار تسجل التصريحات وتقطع حطب الأطراف الزائدة، رائحة العفن الممزوج بادعاءات لا تقهر تقترب من النهاية. فاتورة نهب ارزاق الفقراء تدفع بالتقسيط، في العيون تسبح خيول المذلة الممزقة، تلهث البدلة الزرقاء المرقطة وحذاء السندباد البحري فزعا من لكمات القاضي، يتأرجح بين حدة النظرات المنغرسة في محضر بحجم الوسادة. الوطنية الحقة في اجازة مفتوحة ،الضمير اليقظ والصاحي في قيلولة ابدية، عجر عن ايجاد كوة ثقب صغير ليداري الفضائح، ما جاء على لسان الاجوبة انكار بغيض، شيعه بنظرة استغراب حفر الملف ومحصه بعناية، وجده مسطرا بالضحايا والملايير المنهوبة، المتهم الفشلاوي يتوهم الانسكاب باستقامة مصطنعة، حجز جواز السفر، لا سفر خارج ارض الوطن. ثلاثة ساعات تقيا فيها كل شيئ ، انشب الصداع و الجوع اظافره، خارت قواه وجلس على اول كرسي في المقهى المجاورة، شرب كوب ماء بارد، تنفس الصعداء.

الدانكي ينفق بغير حساب، يصنع القردة النطاطة والاقزام، يبيع عنجهية مكدسة بالأوهام، قدم هدايا ثمينة لأحفاد علي بابا، هواتف ذكية اخر صيحة وحواسيب وعطور باريسية، سيارات الخدمة ذات الدفع الرباعي، دراجات نارية للأعوان، كله من ثروات الوطن المذبوح والمستباح، لا مستقبل في الافق فالخلايا مشلولة، الدانكي لا يعطس غير التبذير والفشل، لا يمكن مخاطبة الانغلاق المطبق، حين يتكلم يقفز الشلل الرابض بين الحروف، نساء مقشرات الوجوه يقفن في طابور طويل، علامات استفهام متورمة ترقص على المحيا، ثمة عربات مزركشة تنتهي بأقفاص زجاجية، نساء حالمات بالمستقبل الزاهر، قيل لهن الحضور باكرا الى باحة الادارة، ثمة موظفين ونواطير يحصون العربات، يراجعون لائحة الاسماء المنعم عليهن، اسلوب متبع لتهوية طنجرة الانتظار ، صراصير الاعلام يلتقطون الصور، يخربشون في الاوراق البيضاء، ينحلون معطيات من اللوحة المثبتة على قوائم اخشاب في الباحة، لا احد يعرف اسماء المنابر التي يعملون بها، لا احد قرا مقالات لهم، ربما يكتبون في التبابين وينشرون فوق حبال الغسيل في اسطح المنازل، الساعة العاشرة صباحا، الباب الواسع يتقيأ وجوها هلامية، المسؤول الاول يمشي وسط بعض ممثلي الشعب المقربين جدا، يعلق ابتسامة باهتة، الدانكي يصدر الاوامر والنواهي، يرشد المسؤول الاول في المنطقة الى اللوحة المعلقة والعربات الرابضة في الساحة، ينادي بالأسماء على النساء الموعودات بالمستقبل الزاهر، تلتقط الصور بغزارة عربات بيع الخبز على ناصية الشارع، تنق الضفادع احتفالا بعظمة المسؤول وكرمه، وهذا سخام من كنز الفشل ، ينتهي كل شيئ في رمشة عين، ينسحبون لازدراد الاطعمة الشهية، اقفرت الساحة الا من العلم الوطني الذي ظل شامخا شاهدا على تدبير وتصريف التفاهة. عندما تدمن الشعوب الاستعطاء و ذل الاستعباد وتعتبره مكسبا ومنفذا وحيدا للرقي الاجتماعي ، يكون من الجنون والحمق تعليم الاتكالي والمتسول شرف التحرر في عالم يغرق في الاوحال ومعارك الجراثيم والتملق .

- الله يعطيك الخير نعم اسيدي

- مرحبا

- الله يطول لينا في عمرك نعم اسيدي ويكثر من امثالك

- مرحبا

ارادت السيدة المسنة المنعم عليها ان تقبل يده فسحبها بقوة، يدفعن العربات بفرح عارم، يلتفتن الى الوراء غير مصدقات انهن حصلن على هدية بدون دفع رشاوى،لا يعرفن انهن لوحات اشهارية متنلقة لخلق الرجة والضجة، يختفين وراء البنايات، وسعيد متذمر صريع الخيبات الأخيرة من بؤس الوجوه المكفهرة، جحافل من التنهدات من قسوة امال متكسرة في العقول، ومن لغة الوعود يسقط الاف الضحايا، وجه الدانكي محطات تنطلق منها سفريات اللاعودة، وسعيد يدق اجراس الانذار لكن الاذان صماء، الحالم عنقود طازج منذور للقطف، الوهم يدفع الواهمين الى ركوب المغامرة، ابرياء اشبه بمراكب ورقية ضيعتها الرياح، وسعيد محاصر من الجهات الاربع متهم يتعقب المعاني والتلاعب بالضمائر، جاثم برعونة على الصدور المعبئة بالجشع والطمع، يركل في الوجوه تداعيات الازمة يوقظ الظلال المستلقية على حافة اللامبالاة، يكسر قاعدة (انصر اخاك ظلما او مظلوما) بأسرار المهنة يمشي عازفا في الردهات والمكاتب، مرآة تفضح القبح والانكسارات اللامتناهية، المدينة تنام في الجمجمة والدماء، الجسد حقيبة محشوة بالأسماء والقبائل، ينتشي بأقراص العفة والقناعة، الدانكي يطلق كلابه لتطريز الاشاعات، كسر الازهار المشرئبة الواقفة في صمود، الرعي الجائر يحتاج الى سد الثقوب، وضع الكمامات على حافة الصراخ، الملايير ضخت في الحساب، وضعت الخطط والافكار، الحقل مزهر والثمار دانية القطاف، بريت المناجل والات الجز والقطع، استدعيت للاحتفال جمعيات خرجت من رحم البؤس والاستعطاء، يوقعون على بياض مقابل عمولات، مشاريع النحل والارانب والماعز تطير، تموين الحفلات وتزيين العرائس تلعلع، صناعة الكسكس وتعبئته، تعميم سيارات اسعاف للمراكز القروية، لنقل الموتى والجرحى ، التجربة الاولى اظهرت ان السائق يفرض الاسعار مسبقا، ثمن البنزين ذهابا وايابا يدفع من جيوب المرضى ، الاحتجاج على الابتزاز يدثر في الحال، رجالات الاطفاء يحضرون بسرعة البرق، تهمة اهانة موظف جاهزة، احياء الموروث الحضاري والثقافي لأبناء الامازيغ ممنوع من الصرف، قاضي الزمان يخاف من تأجيج النعرات، كل رئيس جماعة يأتي متأبطا ملفات الاهل والاحباب، برلمانيون يبحثون عن النصيب من الغنيمة، التضامن مطلوب وطمس معالم الجريمة مشترك جماعي،

اللعب بالنار هواية في غاية السوء، الوطنيون الاحرار قلة قليلة، النهب فلسفة ومنهجية اجتماعية متبعة، المدينة منجم ذهب كل مسؤول يدخل عاريا ويخرج محملا بالأرصدة البنكية والعقارات، سيناريو يتكرر عام بعد عام، شعار (من اين لك هذا) يشدخ الجماجم لكنه لازمة للاستهلاك والالهاء وامتصاص الغضب الشعبي، تقاطرت على المنطقة المنكوبة عشرات لجن التفتيش، من وزارتي الداخلية والمالية والجماعات، قضاة المجلس الاعلى افتحصوا، محصوا، دققوا، مئات المشاريع الورقية، الاختلاسات ظاهرة والاختلالات على سطح الارض تكشر من كثرة الغش، لم يسمع يوما عن لص اقتيد وراء القضبان، يرعدون ولا يمطرون، يرفعون عن سبق اصرار وترصد فاتورة التبذير، يشهرون بطاقات المحاسبة والمحاكمة في الجرائد والتلفزات وعبر الاثير، يتشدقون بالديمقراطية وحقوق الانسان ، لا ديمقراطية ، لا حقوق ،لا انسان، كذب في كذب في استهتار في تلاعب في اجحاف، وتكبر المهزلة وتتشعب وتفرخ عاهات وبتور متقيحة على صدر المنطقة، وساكنة مهملة تؤثث المشهد، تؤدي في خشوع ضريبة السكوت والتفرج تهميشا وإقصاءات ، قرابين في لعبة سياسية وادارية سمجة وسخيفة. ظل يسترق السمع الى وسعيد فاغرا فاه، تعجب من الجرأة غير المعهودة.
تفجرت فضيحة من العيار الثقيل، ثلاثة دور الطالبة لم تجهز رغم صرف الملايين، الموسم الدراسي على مرمى حجر، الوثائق تشير الى توريد افرشة واسرة ومطارف من النوع الجيد، لكن البنايات ظلت فارغة، رسالة مجهولة كشفت السرقة المدبرة، الدانكي مرعوب ينفخ في النفير، استنفر العصابة على عجل، الجواسيس اخبروه ان لجنة من الداخلية ستحل في صباح اليوم الموالي، ايجاد حل سريع للمشكلة مطلب ملح، المسؤول الاول مدلس عليه يغط في النوم العميق، دنسوا الهيكل ولا يستفيق، اغاروا على بيت المال ولا يستفيق، انتهت مهمته على راس الادارة وفي نيته شراء زمن اضافي معروض للبيع، اخيرا اكتشف انه فوق خشبة مسرح مكشوف عاريا بدون تبان، لم ينكسر القلب منه لجوع فقير ، لم يشب نصف القلب حزنا على ضياع حقوق الابرياء، لم ينبعث في وجه المحن مثل دفاتر الديون، منهار على الكرسي طوال خمسة سنوات، اصطاده الدانكي في ممرات مغلقة ولقمه نزوات عابرة للحدود، ومن طيشه فتحت كوة نحو جزيرة الكنز، استسلم مع سبق الانتشاء والرعشات، قيدته سلاسل الالهاء في الربع الخالي، انزوى لتطويل النواصي وامتطى صهوة المجون والعربدة، فينوس مستسلمة على سرير اللذة، اغلق جميع ممرات الازقة واحتضن غيمة ، لم يعثر على ذاته حتى انتهاء الولاية، متوهما ان المسؤولية اكلة سريعة، لم يمنع احدا من السقوط ولم يغير مفتاح الحياة، اضمحل بين الفعل والتغيير وحماية مصالح الشعب، تركهم يلعقون دم العزل في طوابير الجوع ، الأفكار وعزة النفس تطارد بالتهم ، على المائدة اصطف الشحاذون والخونة، القسم على القران لخدمة القطيع راح في اقفاص الغياب، المواعيد العظام على اعتاب الجماجم اورقت ، يصلون على التنمية صلاة الغائب، المسؤول الاول مجرد زائدة دودية وخدمة الشعب فاصل اشهاري في صندوق عجائب يسمى التلفاز، الامازيغي ارنب مغضوب عليه مطلوب في مواسم القنص، الدانكي احكم القبضة على الاقطاعية، من فرط الجهل ارتكب الاخطاء القاتلة، في سحنة الليل يركضون في كل اتجاه، مركبات وعمال يسافرون على جناح التعليمات المشددة، راحوا يمشطون خرائط الطريق، بين دهشة وكدر وارتباك يفرغون دور الطالبات القديمة من الاسرة والافرشة، ينتاب العصابة خوف حد الاختناق، اذا انكشف الامر زنزانات مشمسة في سجن تأكله الرطوبة في انتظار القرابين، ينفرط الخوف بين جثة الكلام وصمت المسافات ونظرات مكتظة بالقرف ، السائق يلقي على اشلاء الوقت امتعاضه الشديد، وصلت الشاحنات الى مكان التفريغ في وقت متأخر من الليل، تفرغ المحتويات وتلقى الزفرات وكمشة شتائم قاسية، اجساد تتعرق تسرع في تأثيث المرفق، تحاول الافلات من التقريع والاستبخاس، الدانكي رابض في الهاتف ينعق كالغراب يشير للمسافات باتجاهات ملتوية، الجلد من لوازم مفهوم السلطة الجديد، يسمم الاجواء يزيد في النفوس حقدا، يجب انهاء العمل قبل مطلع الفجر، عيون العسس تراقب من بعيد، رجل يخرج من رماد التلصص، يارجح مصباحا يدويا يمينا وشمالا، بحثا عن لغة يثقنها، يسجل ارقام الشاحنة وعدد الرجال، بدأ يحبو فوق الأماكن الملغمة يستكشف السر. كل شيء يبدو ملتبسا.

- السلام عليكم جيتو في الليل خليو حتى لغدا بنهار اعاونكم الناس

- وعليكم السلام واش حنا لخاطرنا راه العافية شاعلة في المسؤولين

- هي كاين شي زيارة للمسؤولين لكبار

- بحال الا علمك الله... هادشي بيني وبينك راه جبناه من دار الطالبة اخرى فيها الطالبات باش يسترو فضايحهم كلاو لفلوس وحصلوا

انطلق عون السلطة مسرعا، في الجمجمة يرقص الخبر الدسم والخطير خطورة طمر الفضيحة، يركض لئلا يشتعل في مقل القائد النعاس ، حتى لا تنطفئ في العين البشارة، القدر فضح ما دبر في السر ، يستنبت الخداع في منطقة اللصوص والنفاق، مقطع الأنفاس لاهثا يطرق الباب، القى بالحمولة و الوجع على الوجه الغاضب، وصل الخبر الى المسؤول الثالث، يهبط الخبر ثقيلا على الروح، تتلقفه الحواصل، تطرزه ، تنمقه ، تنفخ فيه املاح الدهشة والعقاب الاتي، طاف على جميع الموظفين في الثامنة صباحا، امتلأت الدهاليز والمكاتب بالشواء الادمي، وسعيد يسرد في الم شديد حكايات القراصنة وغزوات الدانكي.

الرقاص الخديوي مرعوب يتحدث بلسان مشطور، ينتقل من مكتب الى مكتب يوزع ورقات الحضور، يسترق السمع يدهسه الفضول ، في وضع لا يحسد عليه، العقروشة والكرواطي وشاشا والصمكة اغلقوا عليهم المكتب، الفضيحة كبيرة والعقاب سيكون قاسي، ما كل مرة تسلم الجرة، انس لمغمدي والقردان والديشي فضلا التغيب عن العمل، الصباح يدق بإيقاع القصاص، الدانكي اغلق الهاتف وتمدد على السرير، المزاج معكر ومعتل، يراقب السقف ينتظر الملاك الذي سيمر وينقده من الفعلة، المخيلة تدور في حلقات مفرغة، الوسادة قاسية استنبتت اظافر تخمش الوجه، رماها بعيدا بعصبية وقلق، اعاد التمدد بحثا عن الراحة، اشبه بعمود كهربائي منخور مسجي في الطريق العمومية، الفضيحة تمطرق الدماغ تقشر الجلد، تستفزه فكرة الغوص في رغوة الاسئلة ، يسحل الاختلال مثل شاة تجر الى المسلخ، جرس الباب يرن يتمدد بين الخوف والصوت والصدى، يمشي الهوينى يجرجر الحطام كأنما يمشي الى الخاتمة، يفتح الباب مفتعلا المغص والتعب، القائد الجامح رمى العظمة واتكأ على الجدار، الوجه اكثر شحوبا واصفرارا ، اشلاء متيبسة من القشعريرة، في مهرجان العزاء والتشفي يدخل فاتحا الاذرع، المسؤول الاول يطلبه على عجل، مشيئة القدير ان يقف متهما كالإقطاعي الفشلاوي المطاح به، اللجنة القادمة من العاصمة لن ترحمه، جالت بالدماغ الكثير من الافكار و الوساوس، القيادة هي الفتنة التي تحمله الى العظمة، قمة البؤس ان يشعر الانسان انه اقوى، يستطيع ان يتلاعب بالعباد يحدد مصائرهم بجرة قلم او كلمة نشاز، في اول صعقة يكتشف الحجم الحقيقي حين يكدس فوق الهموم، الخطو بدا يضيق والتنفس مستحيل، وجه الناطور المسربل بالحديد والقار ينتظر الرد، شاهد على انهزام و مذبحة الطاغية، سار الهلع على رؤوس الاصابع، عاينه يسقط متلعثما في مهب الكلام، ينداح قناع الفتوة والجدية الناسفة، الحقيقة صلبت في القديم طابورا من الرسل والانبياء، والحقيقة معضلة قاسية حد السيف تكلف المناصب والمقربين، تسقط المتملق المتعود على الانحناء، الحقيقة لا تقبل الخائنين، الدانكي نهاب مع سبق الاصرار والترصد، اعتلى الكرسي وسوق الوهم وقصة كبرياء مبسترة، ينسلخ جلد الثعبان ويلبس ثوب القديس، في المخيلة تعبر صور جيش من مدعي الحزن والاسى، خلفهم يسرع جيش من الاكفان، ليقيموا شعائر الصلب و الدفن، يغرسون الازميل في الجرح عميقا.

- راه الشاف لكبير بغاك تجي دابا

- سير قوليه ما لقيتوش

- ولكن راني لقيتك واش نكذب...؟

- اييه كذب واش صعيبة ولا كتقلب على صداع

- وخا نعم اسي

ارتدى الملابس ادار محرك السيارة وانطلق الى العاصمة، استخدم هاتفا خاصا غير معروف، شاشا تقدم التقارير على طول الطريق، اللجنة الوزارية زارت دور الطالبة التي حملت منها الافرشة، انتقل الوفد الى المرافق المجهزة حديثا مستعينا بخدمات وسعيد، الاخبار تصل مكتظة باللهيب والصقيع، المقود يرتعد في الايدي، الحلق ناشف لم يعد يقوى على الحديث، الحقيقة عارية لا وقت لإزالة الغبار المتكدس في الالفاظ، متأبطا ندما وحزنا على التهور. السيارة تنهب الطريق والجمجمة تزدحم بالأسئلة الحارقة، وسعيد حتما سيزيد الفحم في النار المشتعلة ويرشد اللجنة الى المصائب، جلس الحزن على الجبهة، استلقى اليقين في المخيلة، نهاية سطرت بسبب تهور واندفاع اهوج، ضرب بعنف راحته على المقود وانحرفت السيارة. وتكلمت الفرامل في الاسفلت.

اجتماعات مسترسلة في الادارة، كل المكاتب تمضغ الفضيحة مضغا، حلقات هنا وهناك تمزق بالسكاكين البقرة النافقة، التخمينات تذهب الى توقيع الجزاء، العملية سرقة مدبرة شارك فيها الدانكي والمقاول، المسؤول الاول والثاني والثالث يناقشون الفضيحة بصوت عالي يحتسون التقريع، لا يمكن الخروج من الارتباك وحالة الاستنفار الا بتعليق الجرس للفاعل، الوقت مناسب للضرب تحت الاحزمة، تحت الاضلع تستحم الخيبات، المسؤول الاول غاضب يحس بالصفعة تمزق صفحات الوجه، رأس حائر بحمل الحواس المعطلة ، فرك الوجه الامرد ورفع حاجباه، حمل الهاتف وخاطب القاضي ان يجد الحل السريع لمصائب الابن، الكارثة ستحل والسماء ستسقط على الجميع، جاءت التنهدات عبر الاثير تحمل الاسى والاسف، ماذا ينفع الاسف في جريمة ظاهرة مكتملة الاركان، الدانكي الصغير سارق لأموال الشعب، عائلة متشابهة في النهب وهضم الحقوق ، قبل صلاة الظهر انتشر الخبر في المدينة والاقليم كالنار في الهشيم، عبر الحدود البحرية والجوية، وصل الى بلاد الواق واق، الصحفي المشاكس كتب مقالا يقطر بالدم والحديد والنار، عبا في المقالة ما تبقى من نخوة الامازيغ، يستجير بالرجال لوقف نهب الثروات، لم يلق سوى عجائز مكتحلات بالدمع والرهبة، الرؤوس عمياء لا ترى ولا تسمع، مدجنة، مكبلة بتعويذات صدئة، التملق في هذه البقعة الطيبة ضروري كالهواء، لا مناص من نصب خيام عزاء في كامل التراب، المناضل يرقص مفجوعا على ابواب المدينة، الشعارات تضج بهذيان الدراهم، الجميع ينتظر خلاصات اللجنة، انتظار اشبه بليلة الدخلة في الارياف، البكارة شهادة على صون الحوض، مصير العروس معلق على ختم المغارة، عصابة الدانكي يتلمسون طرقا مغلفة بالجريمة، مصيرهم معلق على خيط واهي، المسؤول الاول ينشوي على نار هادئة، يعيد ترتيب المواقف الفاسده، افرغ الثلاثة كؤوسا من القهوة السوداء المرة، منتشرين في الكراسي كالجيف تجدب الحشرات وتطلق الروائح، اصعب شيئ في الادارة ان يصلب موظف كبير موظف اصغر رتبة، تتجمع الخفافيش فوق الذاكرة المشوشة، الثلاثة يشهدون تثاؤب الفضيحة فوق الصدور، المسؤول الثالث مرتاح سبق ان رفع تقريرا عن غزوات عصابة الدانكي، التاريخ يخربش على الستائر والابواب المغلقة مشهدا اخيرا.
تقف السيارات الفارهة امام دار الطالبة. ترجل منها رجالات ببدلات زرقاء وبنية ، وسعيد يمشي امامهم راكبا صهوة الزهو والنشاط، بهجة تتمطى على سجادة الفجيعة، سنين يخرج للافتحاص ويعود بخفي حنين، اغلب اللجن يقبضون العمولات ويطمسون الحقائق، تنصب المقصلات ويصلب اصغر الموظفين، يفلت من الشبكة اللصوص الكبار، لم تتوهج الحقيقة في حفلات التمحيص والزيارات المفاجئة، يتوارى فحيح الحلم المستنسخ لملايين المرات، للخراب اكبر من مناصر، وللضوء فانوس بدون زيت كافي، ينفتح باب دار الطالبة، يحضر قائد المنطقة واعوان السلطة، الجميع يمشي في موكب الخوف، التقطت الصور وسجلت الملاحظات، تجمع حبات تساقطت من مسبحة النهب، تنبع من الافواه رائحة التذمر، السخط العارم اسقط على الاسفلت زجاجة الصبر.

- ما كان فيها لا اسرة ولا افرشة... جابوهم بالليل بالكاميو

- اش من وقت جاو ...؟

- تقريبا مع جوج الليل... راني سجلت رقم الكاميو

قنينة اوكسجين الوعود الضبابية أوشكت على الانتهاء، المسؤول الاول يحاور محطات الوداع، اعادة الانتشار للمسؤولين الكبار على مقربة من شهر، الدانكي افلت من الفضيحة باتهام تقني الادارة بالتهاون، لم يخرج من الفضيحة مثل الشعرة من العجين، الاب القاضي من اعد العجين ومن سحب الشعرة لينام على ارجوحة محتضنا قرة العين وكنز علي بابا، الدانكي ذراع اطول بكثير من منقار النسر ، مخالب ذئب تنام على سفوح الاحلام الملتهبة، ينهش بدون رحمة اجساد الفقراء ، يحقق فردوس الاحلام العظام، الانا المتحركة الحارقة تترنح فوق الكتفين، اللجنة تعثرت في تلابيب الهواتف، نفس الاسطوانة المشروخة تعاد كل مرة، استفحل التبرم في عراء الشرايين، الافراح شحيحة غالبا تجهش في الانطفاء، تذوي عصافير الانتظار في اعشاش الشحوب، المنطقة غرفة في مشرحة العناء لم تتخلص من الهزائم، لم تستطع وقف الرعي الجائر، ترتشف غصص كلمات النشيد ابناء المدينة، تنشرهم حيرى على اسلاك الغروب، الدانكي يستدعي على عجل رؤساء الجماعات، نصحه الاب القاضي برتق الصورة المحنطة في مهب العويل، صاح وسعيد من امه في العرس لن يبيت بدون عشاء، لمح للرقاص الخديوي هازئا ان ثمة جمعية لحماية المال العام تستعد لمقاضاة الدانكي، الكلمات لجمت اللسان، ايقظت في الحوباء وفاء المشائين في تناول الشبهات طازجة، يبهجه أن يركب التجسس ليربح المنصب، يقايض بالتلصص السخيف فردوس أيام متقلبة، استوى فوق الكرسي، راح يسرد غراميات العقروشة والصمكة وشاشا، الدانكي عنين بشهادة الرقاص ، علاقته بالنساء لا تتعدى القبل والتقاط الصور، حدثه عن صفقات تعبيد الطرقات وشراء التجهيزات المكتبية بالملايين، لم تكن هناك اية اشغال ولا توريدات، لم يخف بسمة في التجاعيد، وسعيد فهم اللعبة، الرقاص متهم بتسريب المعلومات، تم افراده افراد البعير المعبد، يبحث عن سور للاحتماء من لدغات الافاعي السامة ، مثل العاهرة تبحث عن مرهم يزيل التجاعيد، لأول مرة يجلس دون احكام اغلاق الباب، يتكلم بدون هلع والتفاتات مباغتة، لا يبتغي التطهر من الاوساخ، يبحث عن حائط مبكى، شجعه على الاسترسال بانه في حماية النقابة، كشمس لافحة تدرب ظلا مكسرا على الاشتعال، لينفتح صندوق الاسرار، لفظوه على حافة القلق والصداع على شاشات رسائل فورية، تزرع في الاحشاء صور الانتقام، خائف من التطويح الى الارياف، حاصره وسعيد بدزينة اسئلة، كانت الاجابات سريعة ودقيقة وبفائض من التفاصيل، فكر انهم فعلا مجموعة لصوص هواة، ملايين المياه المعدنية والمشروبات الغازية تذهب للجيوب شهريا، فواتير البنزين مبالغ فيها، محطات الوقود تقوم بصرف الطلبيات عدا ونقدا، السفينة تغرق على مشارف الشاطئ المهجور، الراعي ينام في سرير منحرف، والمدينة تفترش سماء المجهول، يتلو على المسامع مصائب صدئة في الادارة. ملايير سكنيات رجالات التعليم في القرى النائية تعرضت للنهب. فكر وسعيد ان سلسلة الفساد بدأت تضعف حلقاتها.
المسؤول الاول نام سنين مطمئنا على اختلاس موجوع مكدس، قفز من نومه المضطرب فزعا ذات فجر، على الوجه ارتسم خوف عميق، مد اليد الى زجاجة الماء المعدني افرغها في الجوف دفعة واحدة، مسح العرق من على الجبهة بكم قميص النوم، تهاوت في المفكرة رؤى المواعيد، عظمت في المخيلة طقوس تبرجت بالقذارة، شاهد على احتضار الكرامة وهزالة الادارة، سنوات تغرب في كهوف اللامبالاة، مطرق الدماغ سؤال قيمة المنجز وصيانة الامانة، احس بغضب مهيض ومر معمد بضباب الآهات، يقلب راحة يديه ذات الشمال وذات الفراغ، الخبر الصاعقة مزق الاوصال تمزيقا، دبابيس انغرست في منعطفات الروح، طيلة المقام لم يثقن سوى لعبة دفن الراس في الوسادة، حبا في الاستسقاء وتدخين لفافات الحشيش ومسحوق القنب الهندي، اخطأ في شد الحبل ، سقط في اول اختبار في بحر المتاهات ، تدلت على التابوت اسماء المدن والقرى التي نفرت من رائحة النهب، لم يحسن من شيئ سوى التصفيق لقطاع الطرق والمهرجين، منذ التنصيب الاول رسم المسؤولية بلون الاستهتار، الهاتف يرن بدون انقطاع. خبر الحركة الانتقالية لرجالات السلطة في جميع وكالات الانباء.

-صافي راس الفساد دخلوه للجراج

- يا ودي يمشي فاسد ويجي افسد منه

- قالوها بكري ما تبدل صاحبك غير بما كرف منو

- ما كان صاحبنا ما كنا صحابو.. كان صاحب العصابة الدانكية

- نتمناو الخير في الجديد

- رجالات السلطة كلهم بحال بحال الا ما رحم ربك

وسعيد لا يزال يتهجى رماد المدينة، البلاد لا تختنق بالرجال ولكن احلام الرجال تختنق من وجوه تحمل الخراب والدمار وخرائط مهترئة، الدانكي مرعوب لكنه لم يعلن الاذعان التام، البنادق المعدة للقنص مصوبة نحو الاهداف، الدانكي يجمع بقايا العصابة المنهكة بالقصف المركز والضربات المبعثرة والحاملة للشكوك، سقط بضعة بيادق من الجراب في لحظات ضعف، الاستعداد الامثل للمسؤول الاول الجديد، من عنجهية آيلة للأغماء اطلق كمشة وصايا لتشديد الحصار ، ترويض القادم من الغيب، الحماسة السابقة انطفات في الرؤوس، المغامرة محفوفة بالمخاطر يجب التريث حتى تتضح الصورة، الكرواطي يلقي عبوة ناسفة تعيد النقاش الى البداية، يولد التردد والاحجام عن نصب الكمائن ، يجلس الدانكي متكئا على الانهزام، العقروشة واختها الصمكة ضما صوتهما الى صوت الكرواطي الذي لا يبتغي المزيد من المشاكل، لديه ما يكفي، الزوجة الصيدلانية هربت مع العشيق، تشاجرا مرات عديدة في الشارع العام، يفكر في الانتقال الى مدينة اخرى لطمر الصفعة، اقبح شيئ يكسر شوكة القروي خيانة ام الاولاد، لا حاجة لارتداء عباءة الريح، كبير الكهنة رودانو ظل صامتا كما العادة، يفكر في استقدام دجال يهودي من مدينة بعيدة، انس لمغمدي يحقن الانف بجرعات الهروين يستعد للسفر الى مدن الضباب، شاشا تلتصق بالعشيق تخيط للقادم انشوطة من كلام دون جدوى، عادل الواطي حطام رجولة وصور مشروخة، ينثر كلاما مترنحا بين القبول والرفض، المطلب مشدود الى التصادم الصريح، قردان والديشي يمضغان الطعام بشره، يردان على الاسئلة بتحريك الراس، قوقعات بكماء تغرق في بحر الدسم، ليلى المجرابة تتأبط ملف التحقيقات المرعبة، على شفا حفرة من الاعتقال، تستجير بالدانكي ليفك ارخبيل الروح من الملاحقة القضائية، العدل في الوطن ربوة مصالح، القضاء يشتغل بالتعليمات، كثير هؤلاء الذين اعتقلوا متلبسين بجرائم الاغتصاب والنهب وتم اخلاء سبيلهم لانهم من علية القوم، يجدون لهم الف مبرر ومبرر لإشهار البراءة، الثغرات القانونية موجودة ، وابواق الدعاية تحرف الحقيقة.

الدانكي وقع اخيرا في قبضة الممانعة، مشدود برسن الرغبة الجامحة في الحرب والاذعان الفوري للخطط الحارقة، يحس بالاختناق من الفشل الذريع في الاقناع بوجهة النظر، يبدو كمن ضيع ظله في الجحيم، يحتفظ بالورقة الاخيرة لتليين الرؤوس ، يصحو من غفوة التبجح الفارغ، يشهر سيف العناد ، السطوة بدأت تتصحر في زمن التيه، لم يترجل من صهوة المكابرة، روح مهاجرة على اشرعة النهب، يصمتون طويلا بين الوصايا، يستفيقون من غيبوبة الاوامر، يخشون اللحظة وما بعد اللحظة، يمتعض من تمزق أصاب اذرعه اليمنى، تمزق اشبه بغرغرة حنجرة في النزع الأخير، يتمطى في جسد متذمر ويكسر رمانة الوقت برسائل ملغزة تختزل العظمة والنبوءة، يتزاحم خطو الفراغ والتيهان، الليل يزحف نحو الرحيل، يغفر الله ما تقدم وما تأخر من ذلكم، رمى الشتيمة في الوجوه الصاغرة، ضحكوا كثيرا وهبوا على موجة المائدة يزدردون الاطعمة، تذكر كيف اغتصب شابة في مدرسة رجالات السلطة، عرض توصيلها بلباقة الى المنزل ، اختطفها في السيارة واختفى ، احتجزها في بيت العائلة في مدينة شاطئية طيلة العطلة الاسبوعية، تدخلات وتوسلات وطمست القضية، شيطان القصاص قيد القضية ضد مجهول، لم يكتف باغتصاب الفتيات امتدت النفس اللجوجة الى اغتصاب اموال الشعب في حراسة جيش القضاة، من شب على شيئ شاب عليه، ايام النزق والطيش ازدادت قوة وبطشا، ليس حكيما ولا متعبدا ينظر الى الاعلى، الله يسكن في العيون.

حشد غفير في القاعة الكبيرة، رئيس الدعارة تشتعل منه الصلعة، خس كثيرا بسبب الضربات، وانفضاح حفلات الجنس الجماعي، صدت فيه وجهه الابواب، افرد من كبار القوم حتى لا يصابوا بالرشاش، عرفوا انه يتنفس القوادة وتجارة الممنوعات، طيلة عقود استنبت في القرية السخام والادمان، فرموه في مفرمة الفضح، الصحافة الحرة والنزيهة سيف بتار، سقط من على كرسي البرلمان والمجلس، كاد يفقد العضوية لولا التزوير، رجل السلطة المروقي ساومه في مبلغ مهم ومكنه من العضوية، عضوية في الارياف بدون قيمة، على مقربة يجلس فلفول كبير المفسدين ، منحرف يحكم المدينة بجرعات الجهل، ضبطوه في المهجر يستسقى من الدبر، فر هاربا خوفا من الرجم، بالمال اشترى المقعد الوثير، استوى رئيسا بتعاويذ حراس الاسلام الجدد، كلاهما يراقصان دفئ اللحظة وصهيل الارتجال، بجانه يجلس صف من الملتحين يتقدمهم ولد رقية حربائي متمرس يثقن فنون التمسكن والتملق، متاسلمون فسدة جاؤوا الى السياسية على ظهر الطقوس الدينية، لكنهم بدلوا تبديلا، يفغر جقيقة فاه يغالب النعاس، في حجمه اقرب الى القزم منه الى جحش الحمار الوحشي، على صفحات الوجه ينتصب شارب كث، اينما حل وارتحل يحمل حقيبة سوداء متآكلة مليئة بالأوراق التافهة، نصبوه في فترة سهو رئيسا لجماعة ترابية، لم يفده العلم في شيئ ، تحول برضاه الى بيدق في ايدي الجهلة، ينفذ خطط النهب والاختلاس، تعلم توزيع الانصبة والتوقيع على بياض، استفاق في صبيحة احد الايام امام مكتب القاضي، الاتهامات كبيرة موثقة بالوثائق والحجج الدامغة والشهود.
بالأصبع يدغدغه زعراط تحت الابط ليستفيق من نوم مضطرب ، كلاهما يحملان جينات الحقارة وبويضات الانبطاح، نحيفان قامة قصيرة، اكلا الاخضر واليابس ولم يسمنا، تسلقا جمام الشعب، في الصفوف الامامية يجلس السياسي المذلل الفيطاطي، متمرس في قنص الفرص، داهية في صنع المقالب وتجييش الاتباع، خبير في صناعة النخب السياسية الهزلية، تاجر في كل شيئ، الحلال والحرام، امتدت اليد الى الثروة الغابوية، لقبوه بماوكلي حين افترس مساحات كبيرة من غابات الامازيغ، حفظ مرافق عمومية لعشرات السنين، فرخ عشرات الشركات في اسم الاهل والاحباب، تمص ملايير الشعب سنويا، تضخمت الثروة وبنى قصرا في العاصمة، من شيمه اللعب على مهارة التناسي، لا يعرف المستحيل، يفتح جبهات الصراع ويخرج منها سالما معافيا ، حين تحاصره العاصفة والسبل وتضيق يلبس جبة الشيخ الورع، على بعد اربعة كراسي يجلس قرشان زعيم حزب الشجرة، دائم الابتسام بشوش، ودود مع الجميع يبارك شقشقات الصبح، في العقل حوارات مدهشة، ورؤية ثاقبة لمستقبل يغتسل من ادران وخيبات الماضي، الخطب المطاطية تتدفق من مزاريب المهجة وتتلاحم في دخان الكرسي وقهقهات الاستغفال، شطحات الارصاد الحزبية لا تجدي نفعا، الطريد برصاصات الوهم والوعود يشتم جرحا متقيحا نازفا في المستقبل، جريح يسحب التاريخ من أذنيه ، يرميه تحية على تجار الكلام. شحموشاط يتوسط مسؤولين قادمين من مدن الضباب ليوزعوا الخير على الهوامش في الكلمات والوعود البخارية ، شحموشاط يجيد كل شيئ شقي، بفضله ارتقى اللصوص والخونة مؤسسات الشعب، اعاد فلفول الى الحكم وانقلب عليه وشن عليه هجوما عنيفا، لا يثق الرجال الاسويا في المنحرفين، درس سياسي اخر تعلمه في اللحظات الاخيرة من عمر التجربة، جميع الوجوه المكربنة حاضرة بقوة الاستدعاءات، قواد وسماسرة وقطاع الطرق، فقهاء ونصابون، تجار الدين وحفدة ابو جهل، زعيم البلاطجة وفريق الجلد والسحل يثرثرون بدون انقطاع ، مشهد خلاسي بكل امتياز، السياسي الناجح في الوطن من يحترف الكذب ويحمل كميات مهمة من الاقنعة والاسرجة ليركب الظهور، واكياس من المال الحرام لضرب المستهدف الى البطن.

عشرات المصورين وصراصير الاعلام، راقص الاعراس يلوك الجهل ويدعي العلم والمعرفة،مستواه التعليمي لايتعدى الرابعة والنصف اعدادي، ولد باركة القوادة يفتش بين الرؤوس عن صيد ثمين، ثمن علبة سيجارة وقنينة جعة باردة، بوغلال المتقاعد من الوظيفة عرف طريق الجرائد الوطنية بفضل صديق العائلة، لكنه لم يعرف ابدا طرق الترافع عن المدينة المنسية في دواليب الحكومات المتلاحقة، شيخ الكتبة عراري يمضغ بدون كلل ولا ملل احداثا وشمت المنطقة مسجلة بالسنة واليوم والساعة والدقيقة، الاهداف الكروية والمباريات والاصابات التي جرت مند خمسين سنة، ساعته توقفت في القرن الماضي، بمحاذاته علي وخمه دائما باهت وكسيح الصوت مغيب مرعوب، لا يعرف من الكتابة سوى ضرب الدفوف والرقص على الجراحات، من مدينة قريبة التحق عبيسلام حيطون المطرود من الجندية بسبب الشذوذ الجنسي، مستواه المعرفي منحط، كثير الكلام يجيد التباهي بالعزف على جميع الاوتار، يفهم في كل شي، عندما تحاصره الاسئلة العميقة يهرب الى التفاهات ليداري العجز، مثله في ذلك مثل ابوغار كلاهما من نفس الفصيلة والعجينة لا يستقيم التوازن النفسي منهما الا بمعانقة الخراطيم البشرية..، قنوات تلفزية تعتقل الصور، سيارات فارهة رابضة في الممر الخاص المحروس بعناية، وجوه من الشمع والقار تمشي في حراسة مشددة. يعم الهدوء المشوب بالترقب، الشخصيات المهمة تفرد لها كراسي في المنصة ، عملية تنصيب المسؤول الاول الجديد تقليد اداري. قبل البدا تليت آيات بينات من الذكر الحكيم. آيات خشعت لها القلوب لبرهة، لكن ابدا لن تخشع الايادي. قبض الوزير الميكرو اطلق كحة وخرجت الكلمات مصابة بالإسهال والكذب، يشاكس الهواء الوقح متحسسا الصوت الجهوري، يفرغ من الجوف ما يحمله من مكر البرنقة ، يدوس على قرابين وجيفة وأصنام وهياكل وبتور متقيحة، صفيحة القمامة المندلقة امام المارة، ملمع الاحذية في الشارع العام يلمع احسن.

- اليوم نقف اجلالا واحتراما وتقديرا للمسؤول الاول السابق على ما قدمه للمنطقة من اعمال جليلة ومشاريع الخير والنماء ونتمنى للمسؤول الاول الجديد مسيرة موفقة وناجحة.

تضج القاعة الواسعة بالتصفيقات الحارة، تخرج التكبيرات من الافواه، الله اكبر الله اكبر، المسؤول السابق يلعق الشفاه، يحمل على اكف الضراعة، النواصي ازدادت طولا وسوادا، تنفس الغاضبون والناقمون الصعداء يغتالون في صمت هدهد النفاق، انزاحت غمة على القلوب، اتباع الدانكي يصطفون بالباب يودعون في حسرة الراعي الرسمي للرعي الجائر، عيونهم مصوبة على الوافد الجديد، يحتاج الى ترويض اكيد، لكل واحد نقطة ضعف، اثناء حفل التنصيب شاهد الجميع زوجه المسؤول الاول تحنط اللحظة بكاميرا خاصة، المرأة مفتاح وقنطرة العبور الى المبتغى، الوطن مند سنين معلق بين أنياب الظلم والفساد، الجراد الملوث بالشجع يتكاثر وفيروس النهش والاثراء السريع مس الجميع، مروض ذئاب النهب استقال وغاص في زحمة الظلام، المسؤولون سواسية يضعفون امام الغنيمة، تقليد متبع يخطو بين اوردة الادارات، لا احد يدق مسمار الرأفة في هيكل البلد. الفقيه يوجه المدفعية الثقيلة الى المسامع المصابة بالصمم، ادعية حارقة سقطت من فوهة الكلام ( اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا. واغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا). الايدي تقبض على اطراف القلب. تسري الهمهمات بين الصفوف المتراصة، بونعيق يترنح من شدة السكر، عشرون سنة يقبض على جمرة المسؤولية، شاخ وتخشب فوق الكرسي، عشق الكراسي جنون ما بعده جنون، شفتاه تفحمتا من كثرة التدخين، وجه منكفئ ورجلان عاجزتان عن صلب العود، مسؤول تافه ممدد على رقاب الشعب بدون فائدة، اي سياسى لا يحمل هم الوطن والمواطن سخافة ونصب وتدليس. الوطن بحاجة الى تجديد النخب، يجب ان توضع قوانين تمنع الترشح لأكثر من ولايتين، لتتحرر الرؤية من الوباء الطويل، الخير انحصر في مخادع الزناة، ويجب مغادرة الحضن المخصي العاجز والمكبل بالانغلاق والانسداد.

- شوف هاد لكمامر لي كيتحكم... هدو لي غدي انميو لبلاد ازيدو بها لقدام.. هدو خصهم الاعدام

- اودي راه الشعب لي دارهم

- شي دارو الشعب... شي دارو المخزن بالتزوير باش يبقى متحكم في الخريطة السياسية

- ما كاين ديمقراطية وصافي

- في الحلم كاينة

من عالم ممزوج بخليط الاساطير والطلاسم الطازجة يجتهد كبير الكهنة رودانو لاقامة الطقوس في المكاتب، انتهى استعراض العضلات برحيل الشفيع، لا شيئ حرك الكرسي سوى القصف المركز للصحافة المشاكسة الحاقدة، دخل المبنى الشامخ متسللا ليلا، يلتحق اطقم العصابة، الدانكي اخر من وصل متبخترا منفوخا يمشي الهوينى، بدا الدجال يمارس الطقوس المطلسمة، اخرج من الجراب فحما ومجمرا صغيرا وصفيحة بنزين، تشتعل الرغبات في الراس، يتلو آيات قرانيه منتقاة بعناية لطرد العفاريت، استحضار الارواح الطاهرة من كوة الدخان ورائحة البخور، يلمع الإسفلت كالنجوم في الظلمة، يطوف عليهم الواحد تلو الاخر يمسد الجماجم، يمرر المجمر فوق الرؤوس المستسلمة، العيون سابحة في وديان الكشف والاصابع تلتف حول وميض اللهفة ، افرش امام العين كتابا مهلهلا وسحب دواة وقلما من قصب، يكتب اسطرا من الفرح واخرى من الترح، مسامير تثقب مجسمات الحاقدين ، يرتب خلطة الخلاص على وقع القشعريرات ورقصة الظلال، يرش الواهمين بمحلول محلي الصنع، يحمل قارورة ويطوف على المكاتب المستهدفة مسبقا، الامكنة تستبيح العقل وتقتحم المجهول طمعا في الامساك بالأطياف الذهبية المنجذبة لصحوة العنقاء، الوقت يسدل أحلامه المترنحة على عقارب الساعة، لكل فرد احجبة وتعليمات مطرزة بالمداد، نفحوه اظرفة مالية في استسلام، العقروشة اخدت رقم الهاتف لتستكمل جلسات العلاج. رائحة البخور تضرب من المكاتب والدهاليز، الجميع عرف ان كبير الكهنة وراء غزوة الشعوذة، وسعيد يصرخ عاليا يدين تحويل مؤسسة الشعب الى غرفة للدجل ،المسؤول الاول غاضب جدا، وجد احجبة تحت الافرشة في المكتب وفي الثريا، خلف النوافذ الزجاجية ثمة راس برص وفروة الفأر، عشرون شهرا قضاها بين الجدران الرمادية متوجسا، احضر الكتاب المقدس يقرا كل صباح اية الكرسي، ليطرد الشر وتفوح رائحة الدفيء، يستقبل كل يوم اصنافا من الرجال، اعيان المنطقة اكثر ترحيبا، هدايا ودعوات للعشاء، المنطقة جنة الجنات، الايام جميعها مزدحمة بالخيرات، فكت مفاتيح الخزين، بدأت اولى الخطوات في البصم والتفنن والتربص في كيف تأكل الكتف، في الزمن اللعين تحول من موقع الوعظ والارشاد الى حمى البحث عن العليق، المواطن مقتول بسيوف التدين المزور، شوهد المسؤول الاول يتردد كل صباح على المسجد القريب، نسجت الروايات والقصص عن إدمانه القوي للتقرب من الله وزهده الاكيد في الحياة الفانية، الرجل يسوق الصورة عن التقي الورع، ليسكر واقعا ماضيه وحاضره ومستقبله مفجوع، بدلات واحذية وربطات العنق من اجود الماركات العالمية، سيارة فارهة للزوجة المصونة التي تحرك دفة الادارة من وراء الستار، الرسول قبل الهدية، داس على السرعة القصوى في عمليات الرعي، قرب رؤوس الاموال والسياسيين الفاسدين، سحابة غائمة تظلل وتبلل افضل من سحابات ترعد ولا تمطر، ازداد الدانكي قوة وشراسة، منتفخ الاوداج يدوس على الرقاب، اعاد بسط السيطرة على جميع الاقسام، مدن وقرى نكصت وأبراج دمرت، الايام الجميلة لا تدوم، الدانكي غاضب اصبح حطابا للمسؤول الاول الذي اصبح مثل البحر لا يشبع يبتلع بدون مضغ، دائما يطلب المزيد يرغي ويزيد ان نقص المحصول الشهري، يرمي له الفتات، كان يدير رقعة الشطرنج واصبح بيدقا يخوض حرب الافتراض، كل مطاع خائب محتال، انعكست الادوار بدل ان يقود السفينة اصبح منقادا للربان، في المخيلة يتمنى ان يصبح الانعكاس والمنعكس وجهان، انخدع في متاهة التقوى والبسملات الحاضرة في الكلام، طرق الباب سمع صوتا من الداخل يأمره بالدخول، وضع المظروف على الطاولة وظل واقفا، مد المسؤول الاول اصبعه دفعها في فتحة المظروف ورمق الاوراق رزم الاوراق الزرقاء، شيعه بنظرة غاضبة وحانقة، المبلغ ناقص ضعفا.

- جايب ليا نص المبلغ

- راه فرقت على الاخوة

- علاه شكون المسؤول انت ولا انا ...كتصدق عليا جيب المبلغ كامل بلا زيادة ولا نقصان...وانا لي نعطي ماشي انت

يحمر الوجه الطفولي ويرتبك ، لدغة اعادته الى الحجم الحقيقي، كومبارس صام الكلام في حضرة الصنم الكبير ،يقف مثل وثن قديم، صفعة ستعمله كيف يكون انسانا ويعرف حجمه في رقعة الملعب، في المساء حشد الجيوش واخرج البيارق والخودات، جهز الاحصنة والرماح والمنجنيق، اراد ان يخوض حربا لي الاذرع، رجع خائبا مهزوما، وحده ولج عرين الغول وكادت المخالب تمزق الوجه العابس، شهرا قضاه معتكفا في التنجيم، عثرات واخطاء بالجملة مرايا للانفجار والسخط ، ترمى كتحية كلما تجاوز الخطوط الحمراء، فرامل تخرج من الدرج ، تهم كشظايا الزجاج تنغرس في الجسد، يمكن ان تضيئ في غرف التحقيق، لم يتداوى بعد من محنة الاسئلة، الاستقواء بالأب القاضي ورقة محروقة، دخان السجائر ورائحة الخمر تتصاعد في الغرفة، انس لمغمدي يضحك بهستيريا، شبه عاري الا من التبان، يشتهي جميع الاجساد، يراود عزيز الكرواطي القروي المدمن على اصطياد اللحظات السحرية، الشهوة الجنسية هي الحقيقة الإلهية التي تأخذ الى الرغبات المحرمة، لمغمدي يحتاج الى قد القميص من دبر، يسقي عطشا متكلسا في العروق، حقن العروق بمسحوق الكريستال المهيج ، يبدا في الرقص على انغام الموسيقى الصاخبة، الدانكي يرعى الفراغ تحول اللقاء الى حفلة مجون وعربدة، من سلالة مسيلمة الكذاب ومملكة سدوم تولد النبوءات ، كؤوس الراح المعتق تطفئ في البطون الاوجاع، شاشا تدخل حلبة الرقص، رقصة الفلامينكو تثير عصافير الاشتهاء، ثمالة عنيفة تحط على فسحة الهزيمة، رمت شالها في الهواء، تجردت من الملابس قطعة، قطعة كمن يستعد للسباحة في النهر، الشيطان يعوي في الجسد المشتعل، سحبت الدانكي من اليد ودعته للرقص، العقروشة متلاصقة مع الديشي انخرطا في ثرثرة مبهمة، الصمكة تحتضن بوله قردان الذي يعيش لحظات ولا في الاحلام، ليلى المجرابة تحكي نوبات الصرع التي تصيب الزوج بين الفينة والاخرى، كبير الكهنة كله اذان صاغية، تقريع المسؤول الاول لايزال يطن في الراس، رمى على الوجه كومة الاحجبة واقسم ان يرسله على جناح الفضيحة الى جماعة اخرى، غرس العيون في الارض وظل مطاطا الراس، مثقل بموجات انفاس المسؤول اللاحفة، لأول مرة يراه عنيفا تخرج الشياطين والعفاريت من المحاجر، الزوجة دفعته لركوب صهوة القصاص، النساء اكثر ايمانا ورعبا وخوفا من الشعوذة واكثر اقبالا عليها، نقله الى مكتب اخر بسبب القصف المكثف للإعلام المشاكس، لعبث الخمرة في راس الصمكة اطلقت ضحكات مجلجلة، الريق متخثر في البلعوم، الرقاص الخديوي مغضوب عليه وضع في دكة الاحتياط، اكثر من شهر تم افراده، حاول مرار ابراء الذمة بنقل اخبار الموظفين و النقابة لكن العفو لم يأت بعد، تنزلق شاشا على رائحة الهيام، تحتك بالحوض تذوب بشيء من الملامسة، حشرجة الالم مندس في الصوت، من وسط ضباب الضوضاء والهرج تنبح الأسئلة المسعورة، للمرة العاشرة تتمزق في الحوباء الكبرياء، بالدواخل يكبر الغضب وردة الفعل كاسراب الدبابير الغاضبة تجتاحه، يقف امام المسؤول صاغرا ذليلا مهيض الاجنحة والحلول، في الاذعان السري يكمن الحل، القاضي اوصاه بالانحناء للعاصفة، ليس بالحثالة و المدمنين واللقطاء خوض حرب المواقع، مواجهة اعصار في الانتظار، التمسك بالحبال الواهية مغامرة قاسية، تملص من يديها برعونة، توجه مباشرة الى الباب وغادر سكن انس لمغمدي حيث تقام سهرات العربدة مند سنوات. ادار المحرك في سيارة الشعب واختفى في الظلمة.

وسعيد يشعل الحرائق ينفخ الروح في المومياوات ، يجوب كل القلوب يوزع وردة الانتفاضة ، يتحلق حوله عشرات الموظفين ،مرت دورية المخبرين اسرع كبيرهم الخطى وابلغ المسؤول الاول باشتعال الحريق في التلابيب، تنقيل الموظفين بدون رضاهم شطط في استعمال السلطة، تحوم في الخواء مخالب الذئاب، كرة الثلج بدأت تكبر، تمضي على ضفاف الكلمات المقدودة من طمي الغضب، بحثا عن تمرد مشتهى ضد الظلم والعسف، لتنغرس الشمس في الصدور، اتسعت رقعة الغاضبين المكتب بدا يضيق، رفعا الشكل الاحتجاجي السلمي ضربا موعدا في مقر النقابة، افرغت المكاتب امام دهشة المسؤولين الثلاثة، رغم تحريف الأفكار وزرع الفتنة، نسف الالتحام امر صعب جدا ، تقاطر الغاضبون بكثافة، تقيأت الاوجاع وغصت القاعة بالآهات المكدسة على مر السنوات، وسعيد ينفخ في الكير اطلق صفارة الانعتاق واعلن رقصة الحرية، رفعوا الشعارات انخابا في عرض التلاحم، يصلون على رماح القهر صلاة الجماعة، وسعيد منشرح الاسارير انتظر كثيرا لحظة انفجار الحقيقة، اتباع الدانكي يجلسون صامتين في الصفوف الاخيرة، شاشا والصمكة في عينيهما سحابات حبلى بأصوات الهاربين من مزامير الاستعباد، ضجيج طفولي يداعب الشرايين المدربة على الطاعة، الرقاص الخديوي والقردان والديشي، اطلقوا ابتسامات اللقاء، يتحسسون في خوف شديد جوانبهم.

- مرحبا بالجميع نحن هنا للدفاع عن مصالح الموظفين، لا يمكن ان يستمر الاستخفاف والقمع والتعسف والشطط في استعمال السلطة والتنقيلات التعسفية، نحن في دولة الحق والقانون. نعم تعرضنا للغدر والحصار والاقتطاع من الراتب الشهري والحرمان من الترقية لكننا لم نركع...نسامح هؤلاء الذين طعنوا في نوايانا واهدافنا المشروعة...نمد اليهم ايدينا لنشكل جبهة موحدة للدفاع عن حقوقنا الدستورية.

تعالت التصفيقات والشعارات النارية، خرجت من النوافذ والشقوق ، عانقت الازقة والدكاكين القريبة، الاحتجاج في المجتمع القمعي سفر نحو المجهول، النضال الجماهيري اخذ في الانقراض سيصبح تراثا كما امجاد الصعلكة، اجهزة الهاتف لا تكف عن الرنين، ثمة من ينقل الاخبار طازجة بالنقل المباشر، الهواتف الذكية ضربت عرض الحائط خدمات الجواسيس الصغار والمتلصصين، توالت الشكاوى والتظلمات القاسية حد البكاء، لحظات مشرقة من البوح وجبال من الاحتقار، تكبر مشاعر الغضب في النفوس، محاكمة حقيقية للفسدة والمفسدين في الادارة، ثمة موظفة اجهشت في البكاء، انهمر من الفم المرتجف قمة الوضاعة والحقارة في الادارة البورديل، تنبش في خبايا طعنات الكرامة، علقت على المسامع محاولات استدراجها الى الشقق الحمراء، الرقاص الخديوي يشتعل حرجا، يشيعها بنظرات مستعطفة يبتلع الريق بصعوبة، يبحث في جمهرة الزملاء عن القيمة المفقودة، عيون غاضبه تحدجه بشراسة، تسحقه، ترميه بسهام الامتعاض، نظرات مفعمة بشحنات عالية من الرغبة في الخلاص، اعتلى المنصة عامل مقهور لا يملك في الحياة سوى رصيدا من العفة والقناعة، اطلق كحات في الهواء شرب كوب ماء، سنين والعامل محروم من البسة واحذية الاعمال الموسخة، العمال اقنان في ضيعة القايد الدانكي، المسؤول الاول السابق ضعيف الشخصية، تعانق مع الخطيئة وقرب قطاع الطرق، والألم ذئب يجثو على الصدور لكنهم لا يستطيعون العواء، الدانكي يا سادة يا كرام شر لابد منه، نفخوا في جلده محترفو النصب وتجار الذمم، صدق انه خليفة العصر و سلطان المنطقة المنكوبة، بايعه الفسدة والخونة سيدا عظيما ، اشتروا منه صكوك النهب والرقي الاجتماعي، يعشق التحكم عشقا متهورا، خالي من الوعي مثقل بالتفكير السطحي وضمور العقل. في عقده الثالث حكى تجربته مع التزوير وقلب الحقائق، خيروه بين التطبيع مع الفساد او التطويح به الى جماعة بعيدة، المنفى الاجباري، استجار بالنقابة فبيع بكبش وظرف مالي، لا يملك سوى دمع بارد وغصة، مشنوق بحبال الفتوة وعبارات قدحية، ارتفعت شعارات حارقة تدين المزورين عند انفجار كمشة الالغام، الموت للخونة و المتعاونين مع الاصنام ، الموت للسفاحين، ترفع شارات النصر المدهونة بزيت النضال المقدس،( إذا الشعب يوما اراد الحياة **فــلا بد ان يستجيب القدر---ولابد لليل ان ينجلي **ولابد للقيد ان ينكسر) رحم الله ابو القاسم الشابي ،يعلم من قبره الموتى الصراخ للانعتاق من الاسر ومعانقة الحرية، خارج الباب ثمة رجال امن وسلطة وجواسيس يلتقطون ذبذبات الكلام، الاحتجاج السلمي معرض للرياح المفخخة، في الانتظار دائما حرس النوايا، الدولة البوليسية مرعوبة من التنوير، تسكب لهيب العصا في جبة العصيان، في القلاقل تتساوى الرؤوس والرتب، لا فرق بين موظف نافذ وموظف في الدرك الاسفل من السلالم سوى بقضم الشعارات والصراخ، ثمة سائق عربة للأكلات الخفيفة يطرد بعيدا، الملاعين افسدوا يومه، يدفع العربة ويترك ورائه سحابة الدخان، جماهير غفيرة تستوقفها السيارات الموشومة الرابضة على مقربة من المقر، ينتظرون نتائج التحاليل في مختبرات شد الحبل، ليحبسوا العاصفة في حدقات العيون ، سطر البرنامج النضالي التصريف على دفعات.


العدسات مصوبة على الدانكي المهزوم، القهقهات في المكاتب والدهاليز تصيب بالقرف والجنون، حاول التقرب من وسعيد لتشكيل قوة اقتراحية، المسؤول الاول يبتلع كل شيئ، اشترى عمارات واراضي فلاحية، باسم بناء مسجد يذكر فيه اسم الله مارس الشحاذة، يقف صاغرا امام بيوت الاعيان، باسم المركز يستغل سيارات الشعب لجلب الاثاث الفاخر من مدن الشمال، ضبطت دورية امنية السائق في يوم عطلة اسبوعية ، فتشوه ووجدوه يمارس التهريب، ليس في مهمة ادارية، تفجرت الفضيحة واشتغلت حرارة الهاتف، اخلي سبيل السائق والمربكة، تتشابه الاسماء في ارصفة الهموم والمحن، لكن محن المناضل المبدئي غير محن من انتزع منه صنبور الارتواء، يغربل بالأذنين التظلم ويصغي، الرقاص الخديوي مرسول الفساد والقهر والاضطهاد ، يطمح لضرب عصفورين بحجر واحد، يدرك بالحس محاولات تشويه الإيقاع ، لا يمكن التحالف مع خائن الامانة، تهوى المطارق على عصابة الدانكي، اصبح تابعا متملقا بعضا من السلطة المسحوبة، المسؤول الاول خبير محنك في تعبئة الريح في القوارير وبيعها بالكلام المغلف بالآيات والاحاديث، لم يترك حصصا للتنفس واستنشاق الهواء النقي ، جياد القافلة متعبة تعاني الضمور، سطا عليها محترفون في منتصف الطريق، تقوضت اركان الاقطاعية وتقلصت المساحة الى اصغر من حديقة في حي شعبي، اقتلعت جذور التمدد بالتعليمات المشددة، طلوا بالذل والاهانة كل الصور المعلقة في المكتب، سحقوا الأحلام الكبيرة المحنطة في جرار عتيقة، السفن تحطمت قبل ان يغتسل من غبار الطحن والفرم، وحيدا يمضغ الفراغات، الهاتف لم يعد يرن كما في السابق، لا صوت ولا نباح ولا جرس ولا طرقات على الباب. انفرطت من حوله الجمعيات، تلاشى المقاول وقارع الطبل، يرى فجوة في القلب الكسير، يفتح النوافذ ليتنسم ليعب الهواء النقي ، ازال ربطة العنق ورماها على الكنبة، التفكير في الماضي مجرد عتبة للاختناق والتفسخ ، عصا السلطة تهشمت فوق غصون الشرايين، معلق في الانتظار مثل التمائم في المقابر المهجورة، لم تعد تسمع وقع الخطوات في الادراج، يدخل متسللا ويخرج متسللا، صام الاحاديث خوفا من صعقات الفراغ، المسؤول الاول خاط له جلبابا على المقاس، منع عنه التدخل في الاقسام والمصالح، لا صفقات ولا طلبيات بدون تأشيرة افقية، ما اقبح الحصار وما اقبح القصاص، القاضي عاجز عن مؤازرة وتعضيد الابن المصاب بالإحباط، يخاف ان يرتكب الحماقة ويضيع المستقبل، يتحلل في العروق الجفاء والتبرم، تصحو الدماء المخدرة على ضجعة العطلة السنوية، حماية لسلطة مهددة بالإفلاس، اغلق الهاتف ونام في حضن الام مهزوما مكسر الى شظايا.

انس لمغمدي تورط في ملفات عقارية كثيرة، الروائح العطنة الخارجة من القسم ازكمت الانوف، التحقيقات تطارده بمعية زعيم العصابة الاسبق الفشلاوي ، شكايات الابتزاز والتسويف والمماطلة عجلت بالاقتلاع، يستقبل الديشي المنصب الجديد بالفرحة العارمة.

- مبروك المنصب الجديد

- الله يجعل البركة في المسؤول الاول

- دير لينا حفلة..

- ما قلتو غير الموجود

يختفي كبير الكهنة رودانو، انقلب السحر على الساحر، الصمكة فرطت في العرض والشرف وخرجت تندب الحظ، ابعدت من ديوان المسؤول الاول بأمر من الزوجة التي تخاف على البعل شر الشابات المسربلات بالوقاحة والوضاعة، الراكبات أمواج الزمهرير، يشعلن النيران بابتسامة، ان كيدهن لعظيم، اجبرته على التخلص من الكواعب، لم يترك بالجوار سوى نساء هرمات مثخنات بالوعكات ، تهدد بإفشاء الاسرار والاستغلال الجنسي، اليد المرتعشة ممسكة بالقنابل الانشطارية، ضعفت الحبال وقطعت الاوصال، نهلوا من الحوض وتبدد الوعد، الصمكة حيط قصير اذاة للتفريغ، تشهق بكل السقطات والكبوات والزمن الذي نهش اللحم، تقتحم مكتب وسعيد ذارفة دمعا مذرارا، بركيكة والبستاني متأهبان لافتراس شفة متعطشة دوما للعناق ، جميع الذين رمي بهم الى المزبلة يسرعون الى وسعيد طلبا للنجدة، خط النجدة دائما مفتوح في وجه الجميع، تبكي وتقضم الاظافر من شدة الارتباك الممزوج بالغضب المهيض، لم يسبق ان تكلمت في حضرة الغاضبين والناقمين والحاجزين تذاكر التصادم، قطعت أجنحة السرية بمقص السخرية والهزل، البستاني يربت على الكتف، انفرجت الاسارير وتاهت في قراءة خطوط المصائب، بركيكة يسب ويلعن الانتهازيين، ظل صامتا ينتظر ان تفقس الصمكة عن شيئ جديد، ينفخ دخان السيجارة في السقف، فكر ان الدانكي ردم كل المحيطين في حفر عميقة، يخرجون منها حاملين الجروح والندبات، تضاءل مفعول المنوم في الاشلاء، عاشت مدللة في مشيمة التقلبات وفي ورم الرياح، يحضر الرقاص الخديوي على عجل يلوي العجيزة، فاته لهاث أوردة برسائل مشفرة وواضحة، الهاتف يرن في الحقيبة الوردية، في حجم ورقة دفتر التمارين، تفتح السحاب بعصبية، العقروشة تامرها بالانصراف بالسرعة القصوى من برميل البارود، التصادم مع المسؤول الاول اكثر خطورة، جمعت عطرها، عرقها، دموعها، هرولت الى الخارج.
جاء الخبر عبر شريط فيديو، الدانكي في كامل الاناقة، يمشي بخطوات وئيدة، اصوات الدفوف والمزامير تصم الاذان، يتحرك منشرحا مكتظا باللهيب والثلج، عقد القران على شابة من علية القوم، الدانكي يمشي مزهوا يداه تحتضن يد الزوجة المعلقة لبسمة عريضة، الدانكي يرقص على انغام الموسيقى الصاخبة، الزوجة في القفطان الاصفر اشبه بالدبور، الصحافة المشاكسة تناولت ادق تفاصيل العرس الباذخ المقام في فندق خمسة نجوم، عرس اشبه بحكايات الف ليلة وليلة، بكت شاشا على كراس الدهشة يومها بحرقة والم، تنضاف الى يقين الخاسرين، فشلت في اختيار العشيق في هواء فاسد، اندبحت الفراشات في القفص الصدري، تمددت على السرير وقررت النوم بدون عشاء، طارت لسنوت فوق جسر المستحيل، تعيد الشريط مرارا وتكرار، العروس من مستواه الاجتماعي وفي مثل سنه، في القاع جرح متقيح لن يندمل، لاحت امامها صورة الصمكة حين تعاركتا على من يفوز بالهدية الدانكي، اقسمت انه سيتركها مثل الجيفة، نبوءة الصمكة تحققت، في البدء جاءت مكتظة بالشهوات والاحلام العابرة للمجرات، عابقة بشهقة الاغنيات لامسة همس الخطى، احتشدت في العروق البراكين ، سرى مغص عنيف في الامعاء راودتها رغبة في التقيؤ، الخروج الى الشارع والصراخ حتى تتمزق الحبال الصوتية، احست بدمعة حارقة تسري على الوجنات، عمرا تجعد في الاسرة كورقة في راحة طفل، خمسة سنوات عاشا مثل زوجين لم يبق سوى عقد القران، خمسة سنوات من الانتظار والحلم، فات الاوان لجلد الذات وتأنيب الضمير، القوس اشتد وانطلق السهم.
تهاوت اقطاعية الدانكي بعد اشهر من حفلة الزواج الباذخة، الحركة الانتقالية لرجالات السلطة القت به الى غياهب المراب، المسؤول الاول تنفس الصعداء بعد رحيل الدانكي لكنه لم يغضب عن رحيل الملايير ، خلص من زيز افسد اكثر مما اصلح، اخرست الاقلام المأجورة وحملة الابخرة، تفتت عصابة الدانكي وذابت في لمح البصر، عندما تسقط دعامة الخيمة تسقط باقي الاعمدة.تلاشت جمهرة الصراصير في الهواء، حتما ستولد كوكبة اخرى من بطون الجهل والفقر، ظل وسعيد شامخا متمترسا في الخندق يبحث عن المظلومين لاشعال الشمعة وانارة الطريق، في الجهة الاخرى لا زال الاعلام المشاكس يحمل الازميل لهدم اصنام الشمع، يمشي في الطرقات والازقة مرفوع الراس وضمير مرتاح، ادى الرسالة بامانة واستحق استراحة مح

انتهت يوم 10-07-2020



#الحسان_عشاق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بولحية ولد رقية
- فلفول كبير المفسدين
- كلب الحزب
- صرخات المنسي
- رواية ( الولي الطالح بوتشمعيث)
- الشكام
- مول الشفنجة
- حفيان الراس
- راقص الأعراس
- رواية ( الفانوس والاقزام السبعة )
- الحكومة الخفية او الدولة العميقة في المغرب
- مؤشرات متعددة على نهاية حزب العدالة والتنمية المغربي
- دفاعا عن استقلالية القضاء وليس دفاعا عن الصحافي بوعشرين
- الحملة الشعبية المغربية لمقاطعة منتجات استهلاكية والحملات ال ...
- مقاطعة شعب المغرب منتجات استهلاكية وتخاذل الحكومة
- استمرار القمع والاعتقال بمدينة الحسيمة المغربية الوجه الاخر ...
- استمرار الحراك الاجتماعي بالحسيمة وباقي المدن المغربية وفشل ...
- اعذرونا اخواننا في الريف لقد ماتت الرجولة والكرامة في اهل زم ...
- مجلس اليزمي يمنح شهادة حسن السيرة لوزارة الداخلية المغربية ف ...
- ملايير تصرف على مجلس اليزمي بالمغرب للدفاع عن توجهات القصر


المزيد.....




- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحسان عشاق - رواية اقطاعية القايد الدانكي