أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زهير الخويلدي - الانسان العامي بين الاعتقاد الديني والتفكير الفلسفي















المزيد.....

الانسان العامي بين الاعتقاد الديني والتفكير الفلسفي


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 6615 - 2020 / 7 / 11 - 12:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


" الاعتقاد هو العملية الذهنية المجربة من شخص يصدق أطروحة أو فرضية ، حتى يعتبرها حقيقة ، بغض النظر عن تأكيدها أو دحضها من طرف الوقائع . في الغالب تكون المعتقدات يقينية دون دليل"
يظل الانسان في حياته اليومية حائرا بين تصديق الخرافة والشعوذة والمعارف المشتركة واتباع النور الفطري وصوت الضمير وبين الرجوع الى العلوم الثقافية والتربية الجمالية وقيادة نفسه بالحكمة العقلية. من اليسير على الانسان الوقوع في الاعتقاد سواء تعلق الأمر بالمعتقدات الغيبية أو بفرضية وجود عالم آخر في الكون ولكن من الصعب ممارسة التفكير في هذه الاعتقادات لظنه أنها حقائق ثابتة من منظور الحس المشترك ولكونها من مسلمات العقل الميتافيزيقي الذي قدم بشأنها الكثير من الحجج الكوسمولوجية والنفسية والأنطولوجية وربما التشكيك فيها قد يؤدي الى انهيار النسق القيمي وتفكك المرجعية الروحانية. عند الانسان العامي لا يمثل الاعتقاد مشكلة فهو كثيرا ما يستسلم للعلوم النقلية ويخضع لسلطان الرأي وينقاد للأحكام المسبقة ويطمئن للبديهيات والمسلمات الجاهزة ويعول على الأقوال الموروثة في الحياة اليومية وفي المقابل يقتصر على التفكير في ايجاد حلول للحاجات المباشرة وإشباع ضرورات الحياة ويجد مشقة كبيرة عند ممارسة التفكير بشكل نقدي حر ولما يُعمِلُ العقل بصفة شخصية وقد يقاد اليه بالإكراه. كما تتشكل هذه العلاقة البديهية بين الانسان العامي والاعتقاد بحكم التقليد والميراث وبسبب الخضوع لسلطة الماضي والاحتكام الى معايير الأصول والخوف من الابحار في المجهول والجزع من التحرك في الفراغ ونتيجة الوقوع في شخصنة الأفكار وتقديس الشخصيات واستحواذ ثنائية التمنع والتكليف على ذهنية البشر والجهل بالأسباب الحقيقية التي تتحكم في افعال المرء والقوانين العلمية التي تتحكم في الظواهر الطبيعية. لكن ماهي الأشكال المختلفة للاعتقاد؟ كيف تحدد الفلسفة مفهوم الاعتقاد؟ ألا يوجد بعد نفسي في الاعتقاد؟ وما العلاقة بين الاعتقاد والتفكير؟ هل يمنع الاعتقاد الراسخ ممارسة المرء للتفكير النقدي الحر؟ والى أي مدى يشتغل التفكير العلمي الموضوعي على تفكيك شبكة المعتقدات وإلغاء الارتباط النفسي للبشر بحبالها؟
يمكن تمييز ثلاث أنواع من المعتقدات: المعتقدات الواقعية (أحكام الواقع) ، المعتقدات الإلزامية (القيم الأخلاقية) والمعتقدات المختلطة أو الغامضة (الأحكام القيمة ، والمعتقدات الدينية و الفلسفية وما إلى ذلك).
الإعتقاد في الفلسفة هو حقيقة الإيمان ، أي أخذ شيء ما حقيقيًا أو واقعيًا ، أو التصديق أو الاقتناع التام بأنه صحيح أو أنه موجود. ثمة أمثلة كثيرة من الاعتقادات الفلسفية: مستقبل أكثر إشراقا ، تقدم غير محدد.
الاعتقاد في الدين هو التصديق بما جاء في النص من تصورات ووقائع وأوامر ونواهي وأحكام ووصايا والإيمان بحقيقة رؤية القيامة والثقة في المروي من التقاليد المتبعة وقبول الخضوع لكل جزء من التعاليم.
إذا كان الإيمان هو تلقي الحقيقة التي كشف عنها الله الأول والثالث ، فإن الإعتقاد على العكس من ذلك هو تجربة دينية لا تزال تبحث عن الحقيقة المطلقة وبالتالي محرومة من الموافقة على ما وقع الكشف عنه.
الاعتقاد هو الذي الشعور النفسي الذي يجعلنا نصدق بأن ما نراه هو الحقيقة ونوافق على ما يرتبط بذلك وإعطاء الفضل لكل ما يترتب عنه دون اثبات أو تحقق ودون حتى الاعتراف بمنطق المحاولة والتريث.
لماذا يحتاج الناس إلى الإيمان بشيء ما ؟ والى أي مدى يظل الاعتقاد أمرا ضروريا في الحياة الانسانية ؟
نحن بحاجة إلى الاعتقاد حتى لا نلتزم بما هو نسبي، ولنرى ما وراء حدود ما هو معروف ، ومثبت ، ومفترض. لذلك من الضروري ألا يؤمن المرء بالفضول الفكري الذي لا فائدة منه في مغامرة المعرفة.
لكن هل يوجد من لا يعتقد في أي شيء؟ الا يجوز الاعتقاد في اللااعتقاد؟ ولما ثمة من لا يؤمن بأي شيء؟
هناك فرق بين الريبيين الذين يعلقون الحكم دون نفي أو اثبات حول الحقيقة والوجود ويعتبرون الانسان هو مقياس الأشياء والدهريين الذين ينكرون الوصول الى الحقيقة وبلوغ معنى الوجود وتعريف القيمة .
لا يمكن اكتشاف "معنى" الاعتقاد الشائع إلا عن طريق ممارسة التفكير من أجل معرفة تعاقب تسلسلها واستبدلناها أيضًا في تسلسل ضمن السياق الذي يشكل الثقافة التي تم استخراجه منها ، أي جملة الرموز.
في السياق تقف وراء العزوف عن التفكير والاستسلام للتقاليد والوقوع في آفة الاعتقاد جملة من العوامل:
- الجهل المركب ونقص المعرفة
- الخوف من العالم الخارجي
- القصور الذاتي والعجز الهيكلي
- الوصاية للغير والتبعية للسلطة
- الاستبداد السياسي والقهر الاجتماعي
ما المقصود بالتفكير؟ ما الفرق بين التفكير العامي والتفكير المشترك؟ ومتي يصير التفكير الشخصي تفكيرا فلسفيا؟ وكيف يستطيع التفكير الحد من سلطة الاعتقاد على المعرفة؟ وهل يمكن للمرء ممارسة التفكير دون الوقوع في المسلمات؟ ولماذا يتوجه العقل الى ما يسبق التفكير وغير المفكر فيه واللامفكر؟
التفكير ينطوي على جهد حقيقي ويحتاج إلى قوة التركيز والمثابرة والرياضة الروحية والتمارين الذهنية والتسلح بالجرأة والجسارة والإرادة ؛ اذ لا يمكن لعقلنا المفكر أن يفعل أي شيء آخر في نفس الوقت.
من البديهي أن اجراء التفكير هو التوقف عند شيء معين بغية التأمل فيه وتقليبه على جميع جوانب وجوده وفحصه بالتفصيل والتنقيب داخل مغاوره والتعمق في جوهره والإحاطة بتضاريسه ومعرفة تغير أحواله.
لا يكون التفكير الابداعي ممكنا للإنسان إلا اذا احتفظ بملاحظاته وتأملاته حيث قد يحتاج اليها ويخوض تجربة الحوار العقلاني مع الذوات المفكرة الأخرى ويستثمر طاقة الخيال الخلاق وقدرته على التوقع.
ان التفكير الذاتي هو التأمل الشخصي المنطقي الذي يُبني على مشكلة ويعلن عن خطة في المقدمة ويتم تنظيم الأسئلة وفقًا لمخطط حجاجي معلوم وانجاز تحليل بواسطة جملة من النصوص وبعض المرجعيات.
من هذا المنطلق تتوفر جملة من الشروط المساعدة على التفكير:
- ممارسة الدهشة التساؤلية واستثمار الاستغراب وحالة التعجب أم عظمة الوجود
- الشك في كل شيء والتغريد خارج السرب ومخالفة السائد والسير ضد المالوف
- الانخراط في تجربة النقد المزدوج في مجالات الثقافة والفن والمجتمع والسياسة
- الالتزام بالقيم الكونية والتسلح بالشجاعة الوجودية والمغامرة والتضحية والايثار.
أما التأمل الفلسفي فهو انعكاس نقدي لمبادئ المعرفة ومقولات الذهن في بنية العقل لإضفاء المعنى على الوجود بشكل عام. بينما التفكير النقدي هو مفهوم يستخدم في الفلسفة وعلم التربية لتعيين موقف نقدي تجاه أي بيان أو معلومات بالإضافة إلى القدرة الفكرية التي تسمح للمرء أن يفكر بشكل صحيح ، لاستخلاص استنتاجات غير سابقة لأوانها. ان القدرة على التفكير هي أفضل ما يميز الإنسان عن البقية ، وهي التي تسمح لحضارتنا أن تتطور وللإنسانية بأن تتمكن من التمييز بين الحقائق والأوهام وبين الخير وللشر.
على هذا النحو الهدف من الفلسفة هو التوضيح المنطقي للفكر. فالفلسفة ليست عقيدة بل نشاط وتهدف إلى جعل الأفكار واضحة ومحددة بشكل صارم ، إذا جاز التعبير ، فهي ليس أنساق غامضة بل تزيل كل التباس وتكمن أهمية التفكير الفلسفي في الحياة في كون الفلسفة تشكل الإطار الذي يمكن للإنسان من خلاله فهم العالم والعمل على حياته وتوفر له أدوات اكتشاف الحقيقة وتشجعه على استخدام عقله لتحسين وجوده.
خلاصة القول أن الفلسفة لها العديد من النقاط المشتركة مع الأنشطة البشرية الأخرى التي ، مثلها ، تقدم تأملات أو تصقل مفاهيم عامة تؤثر على وجودنا وأفعالنا ، ووجود العالم والمعنى الذي يمكننا إعطاؤه.
لقد ميز كانط بين الاعتقاد والمعرفة ورأى بأن الإعتقاد هو الفعل الشخصي المتمثل في اعتباره حقيقة ؛ إذا كان لأسباب موضوعية ، يطلق عليه الاقتناع ؛ لأسباب ذاتية فقط ، الإقناع. لذا فإن محك الإيمان موجود في الشيء الذي يوافق عليه الجميع. يمكن فقط الاقتناع بالحق الذييجب أن تحتفظ به لنفسك . الاقتناع له ثلاث درجات: الرأي ، الإيمان ، المعرفة. يدرك الرأي العام قصوره الذاتي والموضوعي ؛ الإيمان يدرك أنه حازم ذاتيًا ، ولكنه غير كافٍ من الناحية الموضوعية ؛ المعرفة تدرك أنها ذاتية وموضوعية. في الرياضيات ، ليس هناك مجال للرأي ولا للإيمان. في الميتافيزيقيا ، ليس هناك سوى مكان للإيمان ، وهو شكل من أشكال التواضع للعقل ، وكذلك الثقة الحميمة المطلقة. لا يستخدم الاعتقاد لإثبات وجود كائنات الميتافيزيقيا ؛ لكن أشياء الميتافيزيقا يمكن أن تلجأ إلى الاعتقاد ، وتفشل في أن تكون جزءًا من المعرفة. في حين الأخلاق ، من ناحية أخرى ، تجبر الجميع على الاعتقاد بجملة من المسلمات وتتمثل في الحياة المستقبلية وفي وجود إله وبأنفسهم الباقية بعد الفناء الجمي ، وبأنهم أحرار عند طاعتهم للواجب. لكن من يقدر على الفعل في الحياة دون ممارسة التفكير؟ وهل يستقيم التفكير دون المرور المثمر بالفلسفة؟
كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التأسيس المنهجي للعلم الحديث من طرف فرانسيس بيكون
- دولة القانون والمجتمع المدني بين هيجل وماركس
- اسهام التجربة في المفهوم الفلسفي لجيل دولوز
- اختراع السياسة الحيوية من طرف ميشيل فوكو
- في تناقض واجب قول الحقيقة مع الحق في الكذب
- تحولات العقل الفلسفي بين الأسطورة والعلم
- حوار مع ألبرت كامو حول الثقافة والسياسة
- كانط والجماليات الحديثة: الفن والجمال والحكم الذوقي
- ايريك فروم والتدرب على المحبة
- وجاهة ادانة الاستعمار وشرعية طلب الاعتذار
- أرسطو وإعادة الاعتبار للفن
- مسارات التحرر في الفلسفة المعاصرة
- مفارقات الفن عند أفلاطون
- حوار مع أندريه كونت سبونفيل حول كوفيد19
- حوار مع جورجيو أغامبين حول السياسة الحيوية
- الفلسفة الملتزمة والشأن العمومي
- في الدلالة الفلسفية للفن
- جماليّات البيت العتيق
- قراءة آلان باديو للوضع الوبائي الراهن
- أحاديث موريس مرلوبونتي وتجربة الحوار


المزيد.....




- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زهير الخويلدي - الانسان العامي بين الاعتقاد الديني والتفكير الفلسفي